المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الشيخ حسن قويدر الخليلي: - الأزهر وأثره في النهضة الأدبية الحديثة - جـ ٣

[محمد كامل الفقي]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الثالث

- ‌تابع الأزهر والنشر

- ‌الشيخ عبد العزيز البشري

- ‌أزهريون لغويون أدباء

- ‌مدخل

- ‌الشيخ حسن قويدر الخليلي:

- ‌الشيخ عبد الهادي نجا الإبياري:

- ‌الشيخ حسين المرصفي:

- ‌الشيخ حمزة فتح الله:

- ‌الشيخ سيد المرصفي:

- ‌الشيخ حسين والي:

- ‌الشعر في العصر الحديث

- ‌مدخل

- ‌شعراء الأزهر والتجديد في الشعر:

- ‌الثورة على الأوزان الشعرية:

- ‌نظر علماء الأزهر إلى الشعر:

- ‌الصبغة العامة في شعر الأزهريين:

- ‌شعراء الأزهر

- ‌مدخل

- ‌السيد إسماعيل الخشاب:

- ‌الشيخ حسن العطار:

- ‌السيد على درويش المصري

- ‌الشيخ محمد شهاب الدين المصري:

- ‌السيد علي أبو النصر المنفلوطي:

- ‌الشيخ علي الليثي:

- ‌الشيخ عبد الرحمن قراعة:

- ‌الأزهريون أساتذة شعراء العصر

- ‌مدخل

- ‌المرصفي والبارودي:

- ‌الشيخ البسيوني وشوقي:

- ‌الشيخ محمد عبده وحافظ:

- ‌قراعة وعبد المطلب:

- ‌خاتمة:

- ‌الفهارس

- ‌فهرست الجزء الأول

- ‌فهرست الجزء الثاني

- ‌فهرست الجزء الثالث

- ‌أهم مراجع البحث:

الفصل: ‌الشيخ حسن قويدر الخليلي:

‌الشيخ حسن قويدر الخليلي:

المتوفى سنة "1362هـ-1845م".

نشأته وحياته:

هو، "حسن بن علي قويدر" كان مولده بمصر سنة 1204هـ، وأصل أسرته من المغرب، استوطن أحد أفرادها "الخليل" من بلاد فلسطين، واشتهرت ذريته هناك بالمغاربة، ثم نزح منها إلى "مصر" والده "علي" في تجارة وأقام بها، ووهب المترجم فلما بلغ أشده ألحقه والده بالأزهر لطب العلم فيه، فتلقى العلوم والآداب على كبار شيوخه، وجلة أساتذه من أمثال الشاعر الناثر "الشيخ حسن العطار"، والشيخ "إبراهيم الباجوري"، فتخرج عليهم في اللغة وعلومها والأدب وفنونه، ولا سيما الأول الذي كان من أنبه الأزهريين في الأدب شأنا، وأبعدهم في فنونه صيتا، وكان "لقويدر" رغبة فطرية في الأدب، وهوى للغة وعلومها ومعرفة خفاياها، واكتناه دقائقها فبرع في ذلك وجود، وأنشأ الفصول ونظم الشعر وحرر الرسائل، ودارت بينه وبين كتاب العصر محاورات، ومراسلات وأمه الناشئون من عشاق الأدب والشعر، فأفادوا منه ونشروا فضله.

ولم يعرف أن "قويدرًا" شغل منصبا أو زوال عملا حكوميا، ويظهر أنه كان عزوفا عن الوظائف وقيودها فلم يسع لها، وربما واتته دون عناء لو انصرف لها، ولكنه كان يتجر فيما أورثه والده من المال شركة مع بعض السوريين الذين كانوا يرسلون إليه بضاعة سورية، ويرسل إليهم أخرى مصرية.

ولم تكن التجارة لتشغله عن العلم والأدب، فنال منهما حظا وافرا وأعطاهما فراغ وقته، فصنف الكتب وشرح المؤلفات.

ص: 23

وكان رحمه الله جوادًا سخيًّا يبذل كثيرا مما يفد إليه من ربح تجارته الوارفة الظلال، كما كان عفيفا أمينا يرعى الود ويصون لسانه عن الخوض فيما يؤذي الناس، اللهم إلا إذا استفزه الدفاع عن نفسه، فإن له إذ ذاك لشأنا كما فعل مع "عاقل أفندي" في رسالة "الأغلال والسلاسل".

وقد كانت وفاته في شهر رمضان سنة 1262هـ، فرثاه الشعراء وبكاه الأدباء، ومنهم تلميذه الشاعر المشهور "محمود صفوت الساعاتي" الذي زعموا أنه رأى قويدرًا" في منامه قبل وفاته بثلاث ليال ميتا، فانتبه قائلًا:

رحمة الله على حسن قويدر فحسب

جملها فكان تاريخا لسنة وفاته1

648 11066 118 320

والساعاتي هو الذي رثاه بقوله:

بكت عيون العلا وانحطت الرتب

ومزقت شملها من بعدك الكتب

ونكست رأسها الأقلام باكية

على القراطيس لما ناحت الخطب

ويقول فيه أيضا:

قالوا قضى حسن المناقب فارثه

فأجبتهم ومدامعي تتحدر

لا أستطيع رثاء من لمصابه

أضحى لساني في فمي يتعثر

نثره:

نثر الشيخ "حسن قويدر" يجري مجرى الصنعة، ويبدو عليه أثر التعمل والتكلف، ويلتزم الجناس فلا يفلت منه، وليس بعجيب أن يكون أدبه كذلك وأن يكون طابعه الزخرف والطلاء، وقد كان ذلك أدب العصر، وطريقته الملتزمة على أنه تلميذ "الشيخ حسن العطار"، وثمرة من ثماره، وكان "العطاء" أستاذه ممن يلتزمون السجع في رسائلهم، ويولعون بالصنعة في كتابتهم، وكتاب "إنشاء العطار" على ذلك شهيد.

1 أعيان البيان للسندوبي ص18.

ص: 24

ولكن "قويدرًا" رغم متابعته للعصر ومسايرته لأستاذه غير ممعن في التعقيد، ولا مفرط في الاستغلاق، بل إن نثره أقرب -على قيوده وتكلفه إلى الوضوح والرصانة.

نموذج من نثره:

ومن نثره ما قاله في خطبة شرحه لكتاب

"ومن شغفي بتلك العرائس الخواطر، حملتني بواعث الخواطر على أن أكتب عليها شرحا، وأبني على دعائمها صرحا، وأشد نطاق البلاغة لها كشحا فوقفت على أقدامي مترددا في تأخري وإقدامي

وشددت نطاق العزم، وتقلدت بصارم الحزم، وقومت سنان يراعي، وبسطت في حومة هذا الميدان باعي، وإني لأرى التوفيق يقوم أمامي -والعناية تقود زمامي".

شعره:

شعر "قويدر" يميل إلى الزخرف والطلاء، ولكنه يتفاوت قوة وضعفا حسب إغراقه في التكلف، أو لطفه في تناوله، "وكلما كان أكثر تعملا كان أكثر تعقيدا، وهو غير ملتزم طريقة واحدة، ولا نهجا واحدا.

فمن شعره الذي يميل إلى السهولة، ولا يغرق في المحسن والصنعة، ما قاله ناصحًا.

يا طالب النصح خذ مني محبرة

تلقى إليها على الرغم المقاليد

عروسة من بنات الفكر قد كسيت

ملاحة ولها في الخد توريد

كأنها وهي بالأمثال ناطقة

طير له في صميم القلب تغريد

احفظ لسانك من لغظ ومن غلط

كل البء بهذا العضو مرصود

واحذر من الناس لا تركن إلى أحد

فالخل في مثل هذا العصر مفقود

بواطن الناس في ذا الدهر قد فسدت

فالشر طبع لهم والخير تقليد

ص: 25

هذا زمان لقد سادت أراذله

قلنا لهم: هذه أيامكم "سودوا"

ويقول في شرحه على منظومة "العطار"

منظومة الفاضل العطار قد عبقت

منها القلوب بريا نكهة عطره

لو لم تكن روضة في النحو يانعة

لما جنى الفكر منها هذه الثمرة

في ظلمة الجهل لو أبدت محاسنها

والليل داج أرانا وجهه قمره

قالوا جواهر لفظ قلت: لا عجب

بحر البلاغة قد أهدى لنا درره

فأنت ترى أن تخفيفه من المحسنات البديعة أكسب شعره طلاوة، ولم ينفر الذوق منه، أو تتصرف النفس عنه.

ومما قاله وأسرف في الجناس فيه قوله:

فشمر الغصن عن الساق وقد

جرد سيفا لرقابهم وقد

وقال جمري بكلامكم وقد

أنا الذي أشبه أعطافا وقد

أحملكم وتجهلون قدري

"فقد" دارت كلمة "وقد" في هذه الأشطر خمس مرات بالواو وبغيرها، فكانت حرفا مقرونا بالواو في الشطر الأول، أما قوله:"وقد" في الشطر الثاني، فيحتمل أن يكون اسما بمعنى النار واقعا صفة لسيفًا أي سيفًا وهو النار لرقابهم، وأن يكون فعلا بمعنى اتقد أي سيفا اتقد، وقوله بكلامكم "وقد" محتمل أيضا المعنيين أي جمري نار أو اتقد، وقوله في الشطر الرابع: أشبه أعطافا، وقد جاءت فيه هذه الكلمة على معناها الحرفي مع الاقتران بالواو، وقد الأخيرة جزء من قدر المضاف إلى ياء المتكلم.

فقد أرهق الشاعر نفسه وشعره بهذه الكلمة التي وضعها خمس مرات في خمسة أسطر وضعا مختلفا فيه تهافت عبث بالمعنى وعقده، وتكلف ذهب بجمال الشعر وأفسده.

ولقويدر مزدوجات افتن في صياغتها، وبرع في نظمها إلا أنها محتملة كثيرًا

ص: 26

من التكلف موسومة بالنزعة العلمية في غير موضع، ومنها قوله:

رأيت بدرا فوق غصن مائس

يخطر في خضر من الملابس

ويسحل العقل بطرف ناعس

وهو بشوش الوجه غير عابس

كأن ماء الحسن منه يجري

خاطرت لما أن رأيته خطر

وحار فكري في بها ذاك الحور

وقلت: لا والله ما هذا بشر

ومن بشمس قاسه أو بقمر

فليس عندي بالقياس يدري

وكلمة القياس هنا من مصطلح علم المنطق الذي تأثر الشاعر به.

فلفظه العذب لقلبي قوت

كأنه الدر أو الياقوت

وسحره إلى السهى "مثبوت"

يعجز عن مثاله هاروت

وهو الحلال من صنوف السحر

الحسن شيء ما له مثيل

وكل وجه حازه جميل

والنفس دائما له تميل

وصاحب العز له ذليل

في قيد أسر نهيه والأمر

والنهي والأمر كلاهما من مصطلح علم النحو كما ترى، وشعره متفرق لم يجمع في ديوان.

آثاره العلمية والأدبية:

للشيخ "حسن قويدر" آثار لغوية قيمة ومؤلفات أدبية جليلة، غير أن كثيرًا من هذه الثروة القيمة لا يزال مخطوطا لم يطبع، وكثير منها عبثت به الأيام، فحرمت الانتفاع به الأفهام والأقلام -ومن أهم هذه المؤلفات:

ص: 27

نيل الأرب في مثلثات العرب:

وهو كتاب جليل جمع فيه المؤلف ما يثلث من الألفاظ العربية بالحركات نظمه في أرجوزة حسنة السبك محكمة النظم يقول في مطلعها:

يقول من أساء واسمه حسن

لكن له ظن بمولاه حسن

فكم لمولاه من منن

بالعد لا تدخل تحت الحصر

وهي سهلة الحفظ واضحة غير معقدة، وبهامشها فوائد قيمة فيها غنية لكل أديب، طبعت بمصر سنة 1302، وفي صدرها ترجمة للمؤلف بقلم الأستاذ "محمد فني"، وترجمت هذه المثلثات إلى اللغة الإيطالية بقلم "فيتو" المستعرب وطبعت الترجمة في بيروت1.

ويقول في مقدمتها:

جمعت فيها الكلمات اللاتي

تكون في الشكل مثلثات

أبدأ بالمفتوح ثم آتي

بالضم لكن بعد ذكر الكسر

ثم يقول:

رتبتها كمعجم على الولا

معتبر اللباب حرفا أولا

بذا أتت غريبة في الوضع

يعشها كل رقيق الطبع

وعدد أبياتها 221 بيتا.

ومن مؤلفاته شرح منظومة العطار:

وهي منظومة في النحو أستاذه الشيخ "حسن العطار"، وقد شرحها

1 تاريخ آداب اللغة العربية لجورجي زيدان ج4 ص258.

ص: 28

هو شرحا دقيقا قيما، والمنظومة مشهورة يتداولها أبناء الأزهر.

وله كتاب يسمى "زهر النبات في الإنشاء والمراسلات" غير مطبوع.

وشرح على مزدوجته البديعة غير مطبوع أيضا، ويقال: إنه كان واقعا في مائة ونيف كراسة ذهبت بها الأيام1.

هذا عدا شعره المتفرق ومزودجته المطبوعة المتداولة بين الأدباء.

1 أعيان البيان للسندوبي ص18.

ص: 29