الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشيخ علي الليثي:
المتوفى سنة 1313هـ-1896م
نشأته وحياته:
هو، الشيخ "علي" بن "حسن" بن "علي"، ولد في بولاق مصر سنة 1236هـ، وتوفي والده وهو حدث يافع، فانتقلت به أمه إلى جهة الإمام "الليث"، فكان يطلب العلم بالأزهر، ثم يعود إليها للمبيت بها، وظل على ذلك بضع سنين، ثم قدم إلى مصر الشيخ "السنوسي الكبير" قاصدا الحج، فاتصل به وحج معه، ولما رجع "السنوسي" إلى مصر لم يدعه، بل استصحبه إلى "جغبوب"، ولبث بها مدة يطب العلم ويفيد حتى فارق "السنوسي"، وعاد إلى مصر فاتصل بوالدة "عباس باشا" الوالي، فألحقته بوظيفة متواضعة في القصر، وازدلف إلى الأمير "أحمد باشا رفعت" بن "إبراهيم باشا الكبير"، فأدناه منه ومكنه من تقليب النظر في خزانة كتبه، فأفاد منها سعة أفق وخصب مادة.
ومن الطريف أن سفره إلى المغرب كان سببا في اتهامه بمعرفة الكهانة، والعرافة حتى إذا ولي "سعيد باشا" على مصر أمر بنفي هؤلاء الذين يحتالون على الناس إلى السودان، فكان المترجم من بينهم، وقد ظل بالسودان حتى عفا الخديو عنه، فعاد إلى مصر.
وقد طارت شهرة "الليثي" وذاع صيته، وعرف بحضور البديهة وحسن المنادمة، فلما ولي "إسماعيل باشا" على مصر قربه إليه، واتخذ منه ومن الشيخ "علي أبي النصر المنفلوطي" نديمين يستمتع بشعرهما، ويستطيب حديثهما.
فلما عزل "إسماعيل" وخلفه "توفيق" درج على ما كان عليه سلفه من إيثار "الليثي"، وإجلاله واصطفائه حتى إذا شبت الثورة العرابية كان "الليثي" بين من خاضوا غمارها، وأججوا جمراتها، ولكن "توفيقا" شمله بعفوه وصفح عن زلته، وهش له إذا تبرأ بقصيدته التي يقول في مطلعها:
كل حال لضده يتحول
…
فالزم الصبر إذ عليه المعول
بل إنه بعد أن تبرأ من الفتنة العرابية، وأبان عذره في مسايرة العرابيين زاد قربا من نفس "توفيق"، وأحله مكانة ترمقها الأبصار، وترنو إليها العيون فقد شيد لنفسه قصرا "بحلوان"، وكان يتردد عليه مرتين في كل شهر، فيركب من حلوان سفينة بخارية تقله إلى ضيعة "الليثي""شرق اطفيح"، فيؤاكله ويقيم عنده، ومن ثم
عني "الليثي" بهذه الضيعة، فغرس بها أطيب الكروم والأشجار، وأقام بها قصرًا أنيقا يكون للأمير وأتباعه نزلًا.
وقد كانت هذه الضيعة مقصد الأدباء، وكعبة للشعراء والعلماء يجدون فيها غذاء للروح والجسد من ثمار، وفاكهة وطيب مفاكهة، وقد كان مسرفا في كرمه حتى أن ضيفانه ليقيمون عنده أيامًا وأشهرًا.
ولما نزل بمصر "السلطان برغش" ملك "زنجبار" انتدبه الخديو "إسماعيل" لمرافقته ومجالسته، فاتراح السلطان لخلقه، وخفة روحه وعذوبة حديثه، حتى إنه لما عاد إلى بلاده كان يمنحه الهدايا الفاخرة كل عام مما تمتاز به هذه البلاد من عنبره وغيره، فيكون لأصدقاء "الليثي"، وخلطائه من هدايا السلطان نصيب.
وإذ قضى "إسماعيل" تقلص العطف الكريم الذي كان "الليثي" في ظلاله، وانقبض "عباس" عنه، ولم يكن "لليثي" من خصب جنابه بعض ما كان له من "إسماعيل"، فعكف على ضيعته يشتغل زرعها، ويدمن الاطلاع في مكتبته الضخمة التي ما زال يضم إليها من الأسفار النادرة، وأمهات الكتب الأدبية ما طبع منها، وما نسخ حتى كان من أوفى الخزانات، وأحفلها علما وأدبا، ولم يزل كذلك إلى أن تآمرت عليه العلل، فناء بها أشهرا حتى قضى في العاشر من شعبان سنة 1313هـ، فانطوت به صفحة من الأنس والصفاء، وطول المتاع.
منادمته:
كان "الليثي" خفيف الروح، عذب الحديث، حسن المحاضرة، سريع
البديهة، مواتي الجواب، معروفا بطيب السمر ورقة المنادمة حتى أطلق عليه "سيد الندماء".
والمنادمة فن دقيق يعتمد على مواهب وفطر خاصة، ويحتاج في تناوله إلى لباقة وكياسة، وتفطن إلى مواطن النكتبة وموقعها من النفوس، وتفرس فيما يطيب من القول، ويلذ لسامعه، هذا إلى سرعة البديهة، والحذق في معرفة الطبائع والبصر بمختلف الأخلاق، وتمييز كل موقف من صاحبه، والتملؤ من أدب المفاكهة والإلمام بما يهش له السامع في شتى أحواله، وما يرفه به عن نفسه إذا غشيها الملال.
على أن النديم قد تحاك حوله الدسائس لتصرف عن جمال نكتته، وتصد عن التبسم والبشاشة له، وقد يرتصد له بعض الخبثاء، فيفسد عليه غرضه بالتصريح أو بالإيماء، فإذا لم يكن حاضر البديهة، ومواتي الجواب لبقا في الأخذ بالشيء والإنصراف عنه، قادرًا على أن ينتقل من حديث إلى حديث، ومن مقام إلى مقام فشل في جر السرور، والمفاكهة الذي يهيئه، ويشرق الأنس منه.
وقد كان ذلك من مواهب "الليثي" في منادمته، فإنه ليجمع إلى طلاقة لسانه، وفيض خاطره وحلاوة حديثه، وحسن بصره بمواطن الحديث، وتهديه إلى ما يحسن أن يأخذ به من القول، وما يدع روائع من الأدب، وأطايب من البيان يصرفها في كل مجلس، ويديرها في كل مناسبة، ويعرضها إذا استشرقت لهما الأسماع، واهتزت لها العواطف والوجدانات، فيملأ النفوس أنسا وراحة والقلوب -بهجة ولذة.
ولا نحسب أن من شعراء الجيل الحاضر شاعرا يمثل مدرسة الندماء، كما كان يمثلها الشيخ "علي الليثي" الذي ارتقى في هذه الصناعة حتى نادم "إسماعيل""وتوفيقا"، وبقي من نوادره، ودعاباته ما يذكره المتأدبون والمعنيون بأخبار القصور حتى في أقصى الصعيد1.
1 شعراء مصر وبيئاتهم للعقاد ص103.
وقد بلغ من شغف "إسماعيل" به أن أعد له، ولصاحبه الشيخ "علي أبو النصر المنفلوطي" قاعة خاصة بديوانه يجلس بها كأنه أحد رجال القصر الذين توكل إليهم أعمال، كما قلنا من قبل أن "توفيقا" كان ينزل بضيعته حبا لمنادمته، وإيثارًا لمفاكهته.
ولم يؤثر فيما تقل إلينا عن نوادر "الليثي"، ونكاته أنه فرط في كرامته، أو أغضى على هيبته على ما تتحيف به هذه الصناعات من أقدار، فقد ظل "عالما" من علماء الأزهر لم تجرح هذه الصناعة كبرياءه، ولم تتدل به إلى ما يتدلى إليه المضحكون والممالثون.
وقد خلف "الليثي" من نوادره وأدبه الضاحك الباسم ما فيه أبلغ المتع واللذاذات، وما هو في هذا الأدب الرقيق غرة وجمال، ولكن ذهب أشتانا لم يعن بجمعه، أو يخلد بإيثاره، وكان في مثله لوحواه كتاب ما تستروح به نفوس، وتبتهج به صدور، وتتبدد كآبة ويذهب ملال.
طرف من نوادره:
كان أحد الكبراء يفرغ بالمدية تفاحة ليشرب فيها، فانقصفت المدية خلال ذلك فرنا إلى "الليثي"، كأنما يطلب القول منه فإذا به يرتجل البيتين.
عزت على الندماء حتى أنهم
…
تخذوا لها كاسا من التفاح
ولدي اتخاذ الكأس منه بمدية
…
لان الحديد كرامة للراح
وهما آية على صفاء ذهنه وحضور بديهته، واستجابة الشعر له.
ودخل يوما معه الشيخ "علي أبو النصر المنفلوطي" على الخديو "إسماعيل"، وهو منقبض، وكان الرجلان طويلي القامة دميمي الخلقة فاحمي السواد، فلما أبصرهما "إسماعيل" أخذ يقلب فيهما الطرف، وينظر إلى طولهما وعرضهما فما أن رآه "الليثي" كذلك حتى شرع يقلب كفا على كف، فقال له "إسماعيل": ما بالك تفعل هذا؟ قال: "أفكر في أمر أقوله إذا صفح عنه مولاي مقدما" قال: "قد صفحت فقل" قال: "أراني أستغرب ما الذي أعجب به مولاي في
مدخنتين مثلي وزميلي هذا"، فضحك الخديو وسرى عنه.
ولما أمر "إسماعيل" أن يكتب على حجرات القصر لافتات تشير إلى وظيفة من فيها أشار "المهردار"، أحد كبار رجال القصر بأن يكتب على حجرة الشعراء التي كان "الليثي بها":{إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ} ، وإذ سأل الليثي عمن أشار بذلك قيل له أنه "المهردار"، فأراد أن ينتقم لنفسه فانتهز فرصة جلوسه مع الخديو، وحضور المهردار، وقال للخديو: إن حادثة وقعت لي اليوم فقال: ما هي فقال: صغتها زجلا، قال: ما هو؟، قال:
لي طاحونه في البلد
…
غلبت منها وعقلي دار
عقلت فيها الطور عصى
…
علقت فيها المهردار
ومر به كبير من رجال القصر فحياة تحية الغربيين بخفض رأسه، فلم يرقه ذلك فهر رأسه كمن يقول: لا فشكا الأول للخديو زراية "الليثي" به، فلما سأله الخديو عما صنع معه، قال: يهز رأسه كأنه يقول: تناطحني فقلت له: لا.
شعره:
خلف "الليثي" ديوان شعر ضخم لدى صهره الأستاذ "محمد سعودي" الخبير، ولكنه أبى أن يطبعه لعلم أهله، وخاصته بأن الشاعر لعن من يقوم على طبعه، ولعل "الليثي" فعل ذلك تحرجا من نشر ما عسى أن يكون قد تورط فيه كشأن أكثر الشعراء من دعابة، أو غلو في مديح أو ذم أو نحو ذلك، فلقد كان في الرجل تقية وورع، فهو يخشى حسابه على ما نظم، ولو كانت هذه الثروة الشعرية لشاعر غيره ممن يغربهم المظهر، والشهرة لجاز أن يحرص على طبع شعره وتدوينه، والمفاخرة به.
ولو تهيأ لنا الاطلاع على هذا الديوان، والتفرس فيما حواه من شعر، وفيما بين دفتيه من قصائد نظمها في أغراض مختلفة، وألوان متنوعة لاستطعنا أن ندرس شعره دراسة بحث، وتقص ولكن احتجاب ديوانه ألقى على شعره ستارا كثيفا من الغموض والإبهام، وجعل الحكم عليه مقرونا بالعناء، والجهد
وذلك مما دفعنا دفعا إلى مراجعة الصحف القديمة والمجلات المعاصرة له، وتتبع الكتب الأدبية المختلفة بما عساه أن يضم طرفا من شعره وجانبا من خبره، ونستطيع بعد أن تعبت أناملنا من التصفح والتقليب، وبعد العثور على جمهرة من قصائده المتنوعة أن نحكم على شعره جملة بأنه في المنزلة الوسطى من منازل الشعر1.
وكان القدر الأعظم من شعره في المدائح، فلقد اصطفاه "إسماعيل"، وخلع عليه لقب "شاعر الخديو" ولازمه ونادمه، كما أدناه "توفيق" وأحله مكانة من نفسه، وقد دعاه ذلك إلى أن ينظم فيهما مدائحه ملتمسا لها شتى المناسبات آية على ولائه ودليلا على وفائه، كما مدح المطصفين لهذين الأميرين من ذي جاه أو شفاهة أو حظوة لديهما، وكان "الليثي" حريصا في هذه المدائح وخاصة ما لإسماعيل وتوفيق على أن يجودها، ويكسوها حلة من الروعة وجمال الشعر، ولكنه على كل حال يدور فيها جميعا مع تباين أسبابها على معان متقاربة وطريقة متشابهة، فهو يبدأ بالغزل متأنفا في صوغه لينتقل منه إلى مدح الأمير حاشدا من معانيه، وألوانه ما شاء له الأسلوب، وما واتته القريحة واستتبع مدحه الأميرين الذي هو ثمرة لصلته بهما، وحدبهما عليه أن يقول مهنئا أو مواسيا، أو معزيا، فإن وفاءه الباعث على الإطراء والمديح هو نفسه الدافع على قرض الشعر في كل ما جل أو هان من مختلف المناسبات.
ولقد جهدت فيما تتبعته من الشعر كي أعثر على المنادمة في شعره، وأتبين أثر هذا الفن لأرى ما أبدع منه في نظمه، فلم يواتني منه شيء، فلعلها كانت منادمة مجلس وسمر يصورها حديثا يرويه، وقصة يسوقها ونكتة يرسلها ونادرة يفاكه بها، وبديهة مواتية لا تستلزم الشعر أسلوبا ولا أداة.
1 المفصل ج2 ص339.
نماذج من شعره:
مما قاله في عيد جلوس الخديو "عباس الثاني":
خل الملام فقلبي ليس بالسالي
…
يا عاذلا لج في لومي لتضلالي
دعني ووجدي وما ألقاه من وصب
…
أبيت أرعى الدياجي بائس الحال
ظننت لومك يثني قلب ذي شجن
…
هيهات لومك لم يخطر على بالي
أنا الوفي وقلبي ليس يشغله
…
عما عليه انطوى تنميق عذال
أرح فؤادك واحذر ما أكابده
…
أما نظرت إلى سقمي وإعلالي
دمع يسيل وقلب ذاب من كمد
…
وفكرة شتتها لوعة البال
عدتك حالي لا ذقت الهوى أبدًا
…
ولا رمتك اللواحي فيه بالقال
إلى أن قال:
قد قال لي القلب لكم حملتني نصبا
…
من الغرام وقد ضاعفت أثقالي
هلا التفت وألزمت اليراع بما
…
يخف عني به وجدي وبلبالي
فقلت: يا قلب صادفت المراد فذا
…
عيد جلوس الخديو المفرد العالي
عباس مصر الذي ضاءت بغرته
…
أرجاؤها وغدت روضا لحلال
صفو النفوس بتشريف النفوس بدا
…
كالبدر يعطي ائتناسا عند إهلال
فادخل بنا في تهانيه بموسمه
…
وإن تعاظم فاسلك نهج إجمال
ثم قال:
هذا الأبي الذي أمضت عزائمه
…
ما أوهن اللب من قول وأفعال
زند الشبيبة يوري رأي مكتهل
…
منه ويهدي لرشد عند تسآل
فيه لرائيه إيناس ومرحمة
…
وكم لراجيه منه نور آمال
فهذه أبيات تبتدئ بالغزل على عادة الشعراء، ثم تنتقل إلى ذكر الممدوح
بما شاع المدح به، وما ألف نظم الإطراء فيه، وهي وإن كانت أقرب إلى التوجيد في نظمها، وصوغها لا تحمل من روعة الشعر، والطابع الشخصي ما يسمو بصاحبها إلى مصاف المجيدين.
ومما قاله في ليلة عرس:
لله ليلات أنس عن سنا سفرت
…
وبالمراد إلى أسمى حمى وصلت
كأنها ليلة القدر التي نزلت
…
فيها الملائك والدنيا بها ابتهجت
سرت بحسن صفاها مصر وازدهرت
…
يا طيب عين بمرآها قد اكتحلت
فما رأى مثلها الرائي فقد شرفت
…
في خير دار بها الأفراح قد رسمت
دار بسدتها الأمجاد واردة
…
مثل الظماء فكم علت وكم نهلت
إن شئت قل جنة أو جنة وجنى
…
فيها الغياث وفيها الغيث مذ نبتت
نعم سويداك أو سود العيون بما
…
يروح الفكر فاللذات قد حضرت
وارع المثاني وراع العنب ليب بها
…
فيوسف الحسن أعطاها الذي طلبت
إلى أن يقول:
ولا أصرح بالداعي ولي أمل
…
يشيده من حلى أوصافه كملت
فاهنأ فهذا القران السعد أرخه
…
شمس البهاء بمحمود الصفا اقترنت
...........................
…
400 39 100 202 1151
سنة 1892م.
فهذه مظاهر للحسن والسرور والأنس، والبهجة حشدها الشاعر حشدا ونظمها بصورة تقليدية لا أرى فهيا روحا للشعر العذب الرائع على أنه عنى فيها بالزخرف والطلاء، فأشار إلى الاقتباس في "ليلة القدر" التي نزلت فيها الملائك، وجنس بين "جنة" و"جنى" و"الغياث" و"الغيث"، و"سويداك" و"سواد العيون" و"ارع" و"راع"، وبذل لذلك شيئا من جهده وطلبه، ثم ختم أبياته بالتاريخ الذي فتن به معاصروه والسابقون عليهم، وحرص
عليه هو أيضًا، ومن ولوعه بالمحسنات البديعية، وتكلفها وسعيه لها ما قاله للشيخ "الإنباني" ينفي ما وشى به إليه.
نبئت أني قد ذكرت بحضرة
…
تسمو بكوكب عصره "الإنبابي"
وعذلت أن لم أهد ساحة مجده
…
غرر التهاني عذل من أنبابي
ولقد نبا بي عن سمو مقامه
…
عز المهابة وازدحام الباب
فغدوت أدعو الله أن يرقى إلى
…
أسمى المعالي في أعز جناب
كيما يعز الدين منه بناصر
…
وتقر عين الشافعي بمهاب
فبمثله الإسلام يظهر نوره
…
وتقوم حجته على المرتاب
لا زال شيخ المسلمين محجبا
…
بمهابة الإعزاز والإرهاب
حتى يقول العلم سدت مؤرخا
…
بولي الأزهر شيخه الإنبابي
....................
…
48 244 915 97
سنة 1304
فقد كلف بالتجنيس في قوله "الإنبابي" فأدارها غير مرة مما "نبا" بها، ووضها موضع القلق، كما شد الجناس في قوله "بمهابة" والإرهاب وختمه بالتاريخ كدأبه.
ومن أبياته الرقيقة ما قاله حين زارته سائحة أمريكية، وهو في ضيعته بالصف.
وزائرة زارت على غير موعد
…
غريبة دار تنتحي كل مورد
تبدى لنا وقت الظهيرة نورها
…
ونحن على روض زها بالتورد
من اللاء لم يدخلن مصر لحاجة
…
سوى رؤية الآثار في كل مشهد
لها في أميريكا انتساب ودارها
…
ببستن إذ تعزى لمسقط مولد
فحيت وقالت والمترجم بيننا
…
لنا: فاذنوا نحظى يروضكم الندي
فقلنا ونور البشر أزهر ببيننا
…
على الرحب والإقبال مشكورة اليد
ودارت أحاديث التساؤل بيننا
…
فجاءت بدر من حديث منضد
إلى أن قال:
عن البحر حدث إذ وردنا وقد غدا
…
بصفو يصافينا فيا طيب مورد
سفينتنا تعلو على فلك السما
…
بما حل فيها من شموس وفرقد1
هناك مراد العين والسمع والهوى
…
مع العفة العلياء في كل مقصد
فقمنا وودعنا القلوب فهل درت
…
بما نابنا عند الوداع الممهد2
1 الفرقد - نجم قريب من القطب الشمالي.
2 المعهد - المهيأ.