المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تقريظ الشيخ / أ. د. سعود بن عبد العزيز الخلف - الأشاعرة في ميزان أهل السنة

[فيصل الجاسم]

فهرس الكتاب

- ‌تقريظ

- ‌تقريظ الشيخ / أ. د. سعود بن عبد العزيز الخلف

- ‌تقريظ الشيخ / أبو عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان (الأردن)

- ‌تقريظ الشيخ / أ. د. محمد أحمد لوح (السنغال)

- ‌تقريظ الشيخ / د. أحمد شاكر الجنيدي (مصر)

- ‌تقريظ الشيخ / أ. د. أبو عمر عبد العزيز النورستاني (باكستان)

- ‌مقدمة

- ‌الباب الأولذكر أصول أهل السنة والجماعة في باب أسماء الله وصفاته وبيان مخالفة الأشاعرة لها

- ‌تمهيد

- ‌[تعريف أهل السنة والجماعة وبيان أوصافهم]

- ‌[مخالفة الأشاعرة لأهل السنة في مصدر التلقي]

-

- ‌الفصل الأولفي إثبات أن صفات الله الواردة في الكتاب والسنة على الحقيقة لا على المجاز

- ‌[أساس دعوة الرسل: التعريف بالمعبود]

- ‌[الأصل في الكلام: الحقيقة]

- ‌[الخطاب نوعان]

- ‌[الطرق التي يُعرف بها مراد المتكلم]

- ‌[عدم تنازع الصحابة في الصفات]

- ‌المبحث الأولدلالة الكتاب والسنة على أن صفات الله الواردة في الكتاب والسنة على الحقيقة

- ‌المبحث الثانيالآثار الواردة عن السلف في كون صفات الله محمولة على الحقيقة:

- ‌فرع: في تقرير هذا الأصل من كلام أبي الحسن الأشعري

- ‌المبحث الثالثبيان مخالفة الأشاعرة للسلف في هذا الباب والرد على شبهاتهم فيه

- ‌[بطلان إنكار حقائق الصفات لله]

- ‌[صحة إطلاق لفظ "بذاته" و"حقيقة" والجواب على من استنكرها]

- ‌فرع في إبطال شبهتهما في هذا الباب:

- ‌[إثبات لوازم الصفة مع نفي حقيقتها تناقض]

- ‌الفصل الثانيفي إثبات علم السلف بمعاني صفات الله تعالى، وجهلهم بكيفيتها وحقيقة ما هي عليهوبيان معنى قولهم في الصفات: (بلا كيف) وقولهم: (لا تُفسّر)

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأولآثار السلف الدالة على أن صفات الله معلومة المعنى مجهولة الكيفية

- ‌[معنى إمرار الصفات بلا تكييف]

- ‌[معنى قول الإمام مالك "الاستواء معلوم

- ‌[نعت الجهمية لأهل السنة بالمشبهة: دليل على إثبات معاني الصفات]

- ‌المبحث الثانيبيان مخالفة الأشاعرة للسلف في هذا الباب والرد على شبهاتهم فيه

- ‌[بطلان دعوى التفويض عن السلف وأنه يعود إلى التأويل]

- ‌[بيان معنى قول بعض السلف عن الصفات: "بلا معنى

- ‌[معنى قول السلف عن أخبار الصفات "أمروها كما جاءت بلا كيف

- ‌[بطلان دعوى أن نفي الكيفية هو نفي للمعنى]

- ‌[الجهل بكيفية الصفة لا يستلزم الجهل بمعناها]

- ‌[بطلان استدلالهم بحديث "عبدي مرضت فلم تعدني

- ‌[قاعدة السلف فيما يُنفى عن الله]

- ‌[معنى المكر والاستهزاء والنسيان في حق الله تعالى]

- ‌فرع في منشأ ضلال الأشاعرة في هذا الباب

- ‌[لا يُعلم عن أحد من السلف أنه جعل آيات الصفات من المتشابهات]

- ‌الفصل الثالثفي تقرير أن السلف كانوا يجرون نصوص صفات الله على ظاهرها

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأولآثار السلف الدالة على وجوب إجراء نصوص الصفات على ظاهرها

- ‌فرع: في تقرير كون صفات الله على ظاهرها من كلام أبي الحسن الأشعري

- ‌المبحث الثانيبيان مخالفة الأشاعرة للسلف في هذا الباب

- ‌الفصل الرابعفي تقرير أن السلف مجمعون على تحريم تأويل الصفات وإخراجها عن ظاهرها، وعلى وجوب الكف عن ذلك

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأولنصوص أئمة السنة الدالة على تحريم التأويل بإخراج نصوص الصفات على ظاهرها

- ‌المبحث الثانيبيان مخالفة الأشاعرة للسلف في هذا الباب

- ‌الفصل الخامسفي بيان اطراد قاعدة السلف في الصفات في وجوب إمرار الجميع على الظاهر بلا تأويل، لا يفرقون بين صفة وأخرى

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأولنصوص السلف الدالة على إطراد قاعدتهم في الإثبات في جميع الصفات

- ‌المبحث الثانيبيان مخالفة الأشاعرة للسلف في هذا الباب والرد على شبهاتهم فيه

- ‌[بطلان تفريق الأشاعرة في الإثبات بين الصفات العقلية السبعة وبين غيرها]

- ‌الفصل السادسفي بيان أن إثبات الصفات لله تعالى لا يستلزم التشبيه بخلقهوأنه لا يلزم في حق الخالق ما يلزم في حق المخلوق

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأولآثار السلف الدالة على أنه لا يلزم من صفات الله ما يلزم من صفات المخلوق

- ‌المبحث الثانيبيان مخالفة الأشاعرة للسلف في هذا الباب والرد على شبهاتهم فيه

- ‌[بطلان دعوى استلزام الجسمية في إثبات الصفات]

- ‌ تحرير معنى الجسم

- ‌[الكلام حول العقيدة المنسوبة للإمام أحمد لأبي الفضل التميمي]

- ‌[المصادر التي تمكن من خلالها معرفة عقيدة الإمام أحمد]

- ‌[مخالفة الأشاعرة لعقيدة التميمي المنسوبة للإمام أحمد]

- ‌الفصل السابعفي بيان حقيقة التشبيه المنفي في صفات الله عند السلف

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأولنصوص أئمة السنة في بيان حقيقة التشبيه المنفي عن الله

- ‌المبحث الثانيبيان مخالفة الأشاعرة للسلف في هذا الباب

- ‌الباب الثانيذكر الأدلة على إثبات بعض الصفات التي خاض فيها الأشعريان بالتحريف والتعطيل

- ‌تمهيد

- ‌الفصل الأولفي ذكر الإجماع على علو الله تعالى على خلقه بنفسهوأنه تعالى فوق العرش بذاته

- ‌المبحث الأولتنوع دلالات الكتاب والسنة في إثبات علو الله تعالى بذاته على خلقه

- ‌المبحث الثانينصوص السلف في حكاية الإجماع المتيقن على إثبات علو الله تعالى بذاته على خلقه

- ‌المبحث الثالثبيان مخالفة الأشاعرة للسلف في هذا الباب

- ‌[بيان نفي الأشاعرة لعلو الله تعالى وقولهم في هذا الباب بما يمتنع بداهة]

- ‌الفصل الثانيفي جواز السؤال عن الله تعالى بـ أين؟ والرد على من أنكر ذلك

- ‌المبحث الأولدلالة السنة على جواز السؤال عن الله تعالى بأين

- ‌المبحث الثانينصوص السلف الدالة على جواز السؤال عن الله بـ: أين

- ‌المبحث الثالثبيان مخالفة الأشاعرة للسلف في هذا الباب

- ‌الفصل الثالثإثبات أن الله تبارك تعالى يتكلم بحرف وصوت مسموعوأن كلامه لا يشبه كلام المخلوقين

- ‌المبحث الأولالأدلة من الكتاب والسنة على إثبات الحرف والصوت في كلام الله تعالى

- ‌المبحث الثانينصوص السلف الدالة على إثبات الحرف والصوت في كلام الله تعالى

- ‌المبحث الثالثبيان مخالفةالأشاعرة للسلف في هذا الباب والرد على شبهاتهم فيه

- ‌[موافقة الأشاعرة للجهمية في إنكار الحرف والصوت]

- ‌الفصل الرابعإثبات صفة اليدين لله تعالى على الحقيقة لا على المجاز

- ‌المبحث الأولتنوع دلالات الكتاب والسنة على إثبات صفة اليدين لله تعالى

- ‌المبحث الثانينصوص السلف في إثبات صفة اليدين لله تعالى حقيقة

- ‌المبحث الثالثبيان مخالفة الأشاعرة للسلف في هذا الباب

- ‌الفصل الخامسإثبات صفة النزول لله تعالى على الوجه اللائق به من غير تشبيه ولا تكييف

- ‌المبحث الأولتنوع دلالات السنة في إثبات صفة النزول لله تعالى

- ‌المبحث الثانينصوص السلف في إثبات صفة النزول لله تعالى على الحقيقة

- ‌المبحث الثالثبيان مخالفة الأشاعرة للسلف في هذا الباب

- ‌الباب الثالثبطلان ورود التأويل في صفات الله عن أحد من السلف

- ‌تمهيد

- ‌دعاوى التأويل الوارد عن السلف والجواب عليها

- ‌أولاً: دعوى تأويل ابن عباس رضي الله عنه للكرسي:

- ‌ثانياً: دعوى تأويل ابن عباس رضي الله عنه لمجيء الرب عز وجل:

- ‌ثالثاً: دعوى تأويل ابن عباس رضي الله عنه للفظ (الأعين)

- ‌رابعاً: دعوى تأويل ابن عباس رضي الله عنه للفظ (الأيد):

- ‌خامساً: دعوى تأويل ابن عباس رضي الله عنه لقوله تعالى {الله نور السموات والأرض}:

- ‌سادساً: دعوى تأويل ابن عباس رضي الله عنه لنصوص (الوجه):

- ‌سابعاً: دعوى تأويل ابن عباس رضي الله عنه للفظ (الساق):

- ‌ثامناً: دعوى تأويل ابن عباس رضي الله عنه للفظ (الجنب):

- ‌تاسعاً: دعوى تأويل مجاهد والضحاك والشافعي والبخاري للفظ (الوجه):

- ‌عاشراً: دعوى تأويل الثوري للاستواء:

- ‌الحادي عشر: دعوى تأويل الإمام مالك لصفة النزول:

- ‌الثاني عشر: دعوى تأويل الإمام أحمد مجيء الله تعالى:

- ‌الثالث عشر: دعوى تأويل البخاري لصفة الضحك:

- ‌خلاصة الفصل:

- ‌الباب الرابعتبرئة أئمة السنة من فرية الانتساب إلى الأشعرية والكلابية

- ‌تمهيد

- ‌فصلذكر بعض من نسبوا إلى الأشعرية وبيان براءتهم منها

- ‌خلاصة الفصل:

- ‌الباب الخامسبيان أن الكلابية والأشعرية فرقتان مباينتان لأهل السنة والجماعة

- ‌الفصل الأولفي بيان كون الكلابية ليسوا من أهل السنة والجماعة

- ‌المبحث الأول: بيان حقيقة الخلاف بين الإمام أحمد وابن كلاب وأنه كان جوهريا حقيقيا

- ‌[بيان أن خلاف الكرابيسي مع الإمام أحمد يختلف عن اختلاف ابن كلاب معه]

- ‌[الكلام حول الكرابيسي وحقيقة خلافه مع الإمام أحمد]

- ‌المبحث الثانينصوص العلماء في مخالفة الكلابية والأشعرية لأهل السنة ولطريق السلف

- ‌[بطلان دعوى أن جميع المالكية والشافعية والحنفية أشاعرة أو ماتريدية]

- ‌الفصل الثانيفي إثبات صحة كتاب الإبانة المطبوع للأشعري وبيان بطلان كونه قد تلاعبت به الأيدي

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأولالجواب على الأمر الأول الذي استدلا به على دخول التحريف في كتاب "الإبانة

- ‌المبحث الثانيالجواب على الأمر الثاني الذي استدلا به على دخول التحريف في كتاب "الإبانة

- ‌[إجماع السلف على أن لله عينين]

- ‌المبحث الثالثالجواب على الأمر الثالث الذي استدلا به على دخول التحريف في كتاب "الإبانة

- ‌المبحث الرابعافتراءات وطعون محمد زاهد الكوثري في الصحابة والأئمة

- ‌الفصل الثالثفي إثبات المرحلة الأخيرة لأبي الحسن الأشعري وهي مرحلة العودة إلى السنة

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأولسياق الأدلة على إثبات المرحلة الثالثة الأخيرة للأشعري

- ‌المبحث الثانيالرد على ما أورده نفاة المرحلة الأخيرة

- ‌[الجواب على عدم إيراد كثير ممن ترجم له من أصحابه وغيرهم المرحلة الأخيرة]

- ‌المبحث الثالثأسباب انتقال الأشعري لمذهب أهل السنة وتركه للطريقة الكلابية

- ‌الفصل الرابعبيان مخالفة متأخري الأشاعري للأشعري ولكبار أصحابه

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأولنصوص أئمة أصحاب الأشعري في إثبات الصفات لله تعالى والمنع من تأويلها

- ‌المبحث الثانيبيان بطلان أن يكون للأشعري قولان في الصفات وبيان خطأ من حكى عنه ذلك

- ‌[قيام أهل الحديث بمن فيهم الخليفة ضد الأشعرية في القرنين الرابع والخامس]

- ‌[أسباب انتشار المذهب الأشعري في القرنين السادس والسابع]

- ‌[بطلان تقسيم أهل السنة لثلاثة طوائف]

- ‌[أكثر تأويلات متأخري الأشاعرة هي عين تأويلات قدماء الجهمية]

- ‌[التهويل بادعاء أن تضليل الأشعرية يستلزم تضليل الأمة]

الفصل: ‌تقريظ الشيخ / أ. د. سعود بن عبد العزيز الخلف

‌تقريظ الشيخ / أ. د. سعود بن عبد العزيز الخلف

رئيس قسم العقيدة في كلية الدعوة وأصول الدين بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة

ورئيس جمعية العقيدة في المملكة العربية السعودية

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله محمد وعلى آله وصحبه وسلم،

وبعد،،،

فقد اطلعت على كتاب " الأشاعرة في ميزان أهل السنة نقدٌ لكتاب (أهل السنة الأشاعرة شهادة علماء الأمة وأدلتهم) " تأليف الأخ الفاضل: فيصل بن قزار الجاسم.

وقد استعرضته وتصفحته من أوله إلى آخره، وقرأت منه في مواطن عديدة وكنت أحب أن أقرأه كاملاً الاأن انشغالي وضيق الوقت حال دون ذلك، وقد ألفيته كتابا قيماً، أبان فيه صاحبه وفقه الله وجزاه الله خيرا عن موضوعه المتعلق بالأشاعرة، وما ادعاه بعض الأشاعرة من دعاوى عريضة تتعلق بما يعتقدان ويقولان به

ص: 19

ويثنيان به على المذهب الذي ارتضياه لنفسيهما، واعتقدا ما يعتقد الأشاعرة في الله تعالى، أعني الكلام في صفات الله تعالى، وادعيا أن الأشاعرة هم أهل السنة.

وحقيقة الأمر أن الأشاعرة خالفوا أهل السنة وخاصة المتأخرون منهم مخالفة جذرية في مسألة الصفات، وذلك لأنهم بنوا قولهم فيها على قول المعتزلة، لايغادرون من قولهم شيئاً في الأصول، فقرروا ما قرره المعتزلة من أن معرفة الله عقلية، واستدلوا لإثبات وجود الله تعالى بدليل الحدوث أو الامكان، ولما كانوا أتعبوا أنفسهم في إثباته، أعني تقرير وجود الله تعالى ظنوا أنهم فازوا بفرس السبق في هذا المسلك، فراحوا يحافظون على هذا المسلك بكل وسيلة، لأنه عندهم الطريق الوحيد لإثبات وجود الله تعالى، وهو الدليل الذي يقيمون به الحجة على ملاحدة بني آدم المنكرين لوجود الله تعالى، مع أنه دليل فاسد ومسلك كاسد لم يستدل به الأنبياء ولا أهل العلم والدين من الصحابة ومن سلك منهجهم.

أقول لما وصلوا إلى هذه النتيجة - على ضلع- بهذا الدليل راحوا يبطلون كل ما يتعارض معه ويردونه ولا يقبلونه، بل يذمون من قبله أو أخذ به لأنه في الحقيقة على زعمهم سيهدم أصلهم الذي أثبتوا به وجود الله تعالى، فبناءً عليه قرروا أن الله تعالى لا يجوز أن يوصف بصفة تدل على الحدوث أو الجسمية، فأبطلوا جميع الصفات الاختيارية الفعلية كالاستواء والنزول والكلام والرحمة والغضب

ص: 20

والمجئ والاتيان وغير ذلك، ثم أبطلوا جميع الصفات التي تدل في زعمهم على الجسمية لأن الجسمية دليل على الحدوث أيضاً، فأبطلوا وصفه جل وعلا بالوجه واليد والقدم والعين والاصبع وسائر ما وصف الله به نفسه، ووصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم متذرعين مرة بالتأويل، ومرة بالتفويض، والأدهى من ذلك والأمر أنهم تجرأوا فقعدوا القواعد لإبطال الاستدلال بشئ من النصوص الشرعية على الصفات التي ينكرونها كما فعل الرازي في كتابه تأسيس التقديس فصاروا بذلك من غلاة النفاة المعطلة لصفات الله تعالى، لهذا صار الأشاعرة على قولين ظاهرين:

قول متقدميهم كالحارث المحاسبي وابن كلاب والأشعري في مذهبه المتوسط والباقلاني، الذين يثبتون الصفات الذاتية، وبعض الصفات الفعلية.

وقول متأخريهم الذين ينفون سائر الصفات الفعلية وسائر الصفات الذاتية إلا ما يسمونه الصفات العقلية: وهي: الحياة والعلم والإرادة والقدرة والكلام والسمع والبصر، على تفصيلات عديدة عندهم في مسألة السمع والبصر، حيث يرجعها بعضهم إلى العلم، أما الكلام فهم متفقون على نفي الحرف والصوت، مما يجعل إثباتهم لصفة الكلام دعوى لامعنى لها، بل ويصبح من لوازمها التي لا مفر لهم منها هو القول بخلق القرآن.

ص: 21

ومن هنا فإن الأشاعرة لا يمكن أن يكونوا من أهل السنة في باب الصفات، كما أنهم في الإيمان مرجئة، وفي أفعال العباد قاربوا مذهب الجبرية، ومع ذلك فهم أقرب الفرق إلى أهل السنة فهم أقرب من المعتزلة والجهمية ومن الرافضة والزيدية وغيرهم.

وقد انبرى لكشف تلبيس من يلبس منهم على من لايعرف حقيقتهم بدعوى أنهم من اهل السنة أخونا الشيخ فيصل بن قزاز الجاسم، في هذا الكتاب القيم، وأبطل دعواهم من جميع الوجوه، وقد استند في ذلك إلى الأدلة الدامغة من كلام الله تعالى، ومن أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم والتي ثبت أن الأشاعرة لايثبتون مدلولها.

كما نقل عن أئمة أهل السنة وعلمائها إثباتهم للصفات كما وردت في الكتاب والسنة وأنها على الحقيقة تثبت لله تعالى من غير تحريف ولا تأويل ولا تشبيه ولا تكييف.

كما أثبت بما لايدع مجالاً للشك أن السلف ليسوا مؤولة وليسوا مفوضة.

ونقل عن أئمة السنة باستفاضة ما يؤيد ذلك، بل ذكر عنهم ما يدل على أنهم يحرمون التأويل ويرفضونه ويعتبرونه من باب تحريف كلام الله تعالى، كما يرفضون التجهيل المسمى التفويض، لأنه إبطال لدلالة كلام الله تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم في أعظم عقيدة وأخطر مسائل الدين ألا وهي صفات الله تعالى، المرتبط بها يقيناً

ص: 22

معرفة الله تعالى المعرفة الصحيحة، والتي ينبني عليها عبادته جل وعلا والإيمان به.

كما بين فضيلة الشيخ فيصل بما لايدع مجالاً للشك ما يلبس به بعض المتحذلقين من الأشاعرة ممن يحاولون أن يدعموا دعوى الأشاعرة في التأويل ببعض النقول الشاذة المعزوة إلى بعض السلف يزعمون أن فيها تأويلاً.

فسبحان الله ما أعجب الهوى كيف يفعل بأصحابه - يترك ذاك الكم الهائل من النصوص والتصريحات المثبتة للصفات على منطوق الكتاب والسنة إلى كليمات أكثرها لايصح، أو يكون لها معنى غير ما زعم المستدل بها على التأويل، وصدق الله إذ يقول {فأما الذين فى قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منهم ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله} .

كما جعل خاتمة الأبواب نقوله عن أئمة السنة في ذمهم للأشعرية وأنهم ليسوا من أهل السنة، وذلك لما ثبت عنهم من الابتداع في باب الصفات، وأنهم أرادوا تنزيه الله تعالى بالطريقة التي ينزه بها الجهمية الله تعالى، فوقعوا في شر مما فروا منه، فبدل أن يثبتوا إلهاً ورباً وخالقاً له صفات الجلال والكمال جعلوه تبارك وتعالى أبكم لا يتكلم وجماداً لايتحرك ليس له وجود، لا داخل العالم ولا خارجه ولا فوقه ولا تحته، ولا يحب مؤمناً ولا يرضى

ص: 23

عنه ولا يغضب على كافر ولا يكرهه، ليس موصوفا بالرحمة، مع أن كل ما يرى من آثار رحمته تبارك وتعالى، فأين هذا الكلام الهراء الذي ليس فيه توقير للرب جل وعلا، ولا يوصل إلى ذلك مما يثبته السلف له جل وعلا من صفات الكمال والجلال وفق ما أخبر الله تعالى، وأخبر به نبيه صلى الله عليه وسلم.

فلأخينا الشيخ فيصل الجاسم الدعوات أن الله تبارك وتعالى يبارك في جهوده، ويجزيه خيراً عن أهل السنة، حيث انتصر للحق وأبان عن تلبيسات الملبسين وتقريرات المفسدين وتجهيلات الجاهلين، وقوم ما اعوج من كلامهم، وثقف ما مال من دعواهم في مسألة الصفات، متأسياً في ذلك بمن تقدم من أهل العلم الكبار، الذين ردوا على المبتدعة من الجهمية والمعتزلة في مسألة الصفات، وكذلك من خص من أهل العلم الأشاعرة بالرد كالسجزي رحمه الله في إثبات الحرف والصوت، وكالقاضي أبي يعلى رحمه الله في إبطال التأويلات، وكشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في إبطال قاعدة المتكلمين العقلية في كتابه درء تعارض العقل والنقل، وكذلك نسفه لقواعد الرازي الكلامية الفاسدة في كتابه نقض تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية، وغيرهم كثير.

وعليه فأقول: إن أخانا الشيخ فيصل الجاسم قد أجاد وأفاد في كتابه هذا، ونسأل الله أن يسلك بنا وبه سبيل العلماء الصالحين،

ص: 24

المدافعين والذابين عن سنة سيد المرسلين، وأن يجعل ذلك في ميزان حسناته وأن يوفقه لكل خير وفلاح، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم

وكتبه

سعود بن عبد العزيز الخلف

أستاذ العقيدة في كلية الدعوة وأصول الدين

بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة

18/ 1/1428هـ

ص: 25