المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الثانينصوص السلف الدالة على إثبات الحرف والصوت في كلام الله تعالى - الأشاعرة في ميزان أهل السنة

[فيصل الجاسم]

فهرس الكتاب

- ‌تقريظ

- ‌تقريظ الشيخ / أ. د. سعود بن عبد العزيز الخلف

- ‌تقريظ الشيخ / أبو عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان (الأردن)

- ‌تقريظ الشيخ / أ. د. محمد أحمد لوح (السنغال)

- ‌تقريظ الشيخ / د. أحمد شاكر الجنيدي (مصر)

- ‌تقريظ الشيخ / أ. د. أبو عمر عبد العزيز النورستاني (باكستان)

- ‌مقدمة

- ‌الباب الأولذكر أصول أهل السنة والجماعة في باب أسماء الله وصفاته وبيان مخالفة الأشاعرة لها

- ‌تمهيد

- ‌[تعريف أهل السنة والجماعة وبيان أوصافهم]

- ‌[مخالفة الأشاعرة لأهل السنة في مصدر التلقي]

-

- ‌الفصل الأولفي إثبات أن صفات الله الواردة في الكتاب والسنة على الحقيقة لا على المجاز

- ‌[أساس دعوة الرسل: التعريف بالمعبود]

- ‌[الأصل في الكلام: الحقيقة]

- ‌[الخطاب نوعان]

- ‌[الطرق التي يُعرف بها مراد المتكلم]

- ‌[عدم تنازع الصحابة في الصفات]

- ‌المبحث الأولدلالة الكتاب والسنة على أن صفات الله الواردة في الكتاب والسنة على الحقيقة

- ‌المبحث الثانيالآثار الواردة عن السلف في كون صفات الله محمولة على الحقيقة:

- ‌فرع: في تقرير هذا الأصل من كلام أبي الحسن الأشعري

- ‌المبحث الثالثبيان مخالفة الأشاعرة للسلف في هذا الباب والرد على شبهاتهم فيه

- ‌[بطلان إنكار حقائق الصفات لله]

- ‌[صحة إطلاق لفظ "بذاته" و"حقيقة" والجواب على من استنكرها]

- ‌فرع في إبطال شبهتهما في هذا الباب:

- ‌[إثبات لوازم الصفة مع نفي حقيقتها تناقض]

- ‌الفصل الثانيفي إثبات علم السلف بمعاني صفات الله تعالى، وجهلهم بكيفيتها وحقيقة ما هي عليهوبيان معنى قولهم في الصفات: (بلا كيف) وقولهم: (لا تُفسّر)

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأولآثار السلف الدالة على أن صفات الله معلومة المعنى مجهولة الكيفية

- ‌[معنى إمرار الصفات بلا تكييف]

- ‌[معنى قول الإمام مالك "الاستواء معلوم

- ‌[نعت الجهمية لأهل السنة بالمشبهة: دليل على إثبات معاني الصفات]

- ‌المبحث الثانيبيان مخالفة الأشاعرة للسلف في هذا الباب والرد على شبهاتهم فيه

- ‌[بطلان دعوى التفويض عن السلف وأنه يعود إلى التأويل]

- ‌[بيان معنى قول بعض السلف عن الصفات: "بلا معنى

- ‌[معنى قول السلف عن أخبار الصفات "أمروها كما جاءت بلا كيف

- ‌[بطلان دعوى أن نفي الكيفية هو نفي للمعنى]

- ‌[الجهل بكيفية الصفة لا يستلزم الجهل بمعناها]

- ‌[بطلان استدلالهم بحديث "عبدي مرضت فلم تعدني

- ‌[قاعدة السلف فيما يُنفى عن الله]

- ‌[معنى المكر والاستهزاء والنسيان في حق الله تعالى]

- ‌فرع في منشأ ضلال الأشاعرة في هذا الباب

- ‌[لا يُعلم عن أحد من السلف أنه جعل آيات الصفات من المتشابهات]

- ‌الفصل الثالثفي تقرير أن السلف كانوا يجرون نصوص صفات الله على ظاهرها

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأولآثار السلف الدالة على وجوب إجراء نصوص الصفات على ظاهرها

- ‌فرع: في تقرير كون صفات الله على ظاهرها من كلام أبي الحسن الأشعري

- ‌المبحث الثانيبيان مخالفة الأشاعرة للسلف في هذا الباب

- ‌الفصل الرابعفي تقرير أن السلف مجمعون على تحريم تأويل الصفات وإخراجها عن ظاهرها، وعلى وجوب الكف عن ذلك

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأولنصوص أئمة السنة الدالة على تحريم التأويل بإخراج نصوص الصفات على ظاهرها

- ‌المبحث الثانيبيان مخالفة الأشاعرة للسلف في هذا الباب

- ‌الفصل الخامسفي بيان اطراد قاعدة السلف في الصفات في وجوب إمرار الجميع على الظاهر بلا تأويل، لا يفرقون بين صفة وأخرى

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأولنصوص السلف الدالة على إطراد قاعدتهم في الإثبات في جميع الصفات

- ‌المبحث الثانيبيان مخالفة الأشاعرة للسلف في هذا الباب والرد على شبهاتهم فيه

- ‌[بطلان تفريق الأشاعرة في الإثبات بين الصفات العقلية السبعة وبين غيرها]

- ‌الفصل السادسفي بيان أن إثبات الصفات لله تعالى لا يستلزم التشبيه بخلقهوأنه لا يلزم في حق الخالق ما يلزم في حق المخلوق

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأولآثار السلف الدالة على أنه لا يلزم من صفات الله ما يلزم من صفات المخلوق

- ‌المبحث الثانيبيان مخالفة الأشاعرة للسلف في هذا الباب والرد على شبهاتهم فيه

- ‌[بطلان دعوى استلزام الجسمية في إثبات الصفات]

- ‌ تحرير معنى الجسم

- ‌[الكلام حول العقيدة المنسوبة للإمام أحمد لأبي الفضل التميمي]

- ‌[المصادر التي تمكن من خلالها معرفة عقيدة الإمام أحمد]

- ‌[مخالفة الأشاعرة لعقيدة التميمي المنسوبة للإمام أحمد]

- ‌الفصل السابعفي بيان حقيقة التشبيه المنفي في صفات الله عند السلف

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأولنصوص أئمة السنة في بيان حقيقة التشبيه المنفي عن الله

- ‌المبحث الثانيبيان مخالفة الأشاعرة للسلف في هذا الباب

- ‌الباب الثانيذكر الأدلة على إثبات بعض الصفات التي خاض فيها الأشعريان بالتحريف والتعطيل

- ‌تمهيد

- ‌الفصل الأولفي ذكر الإجماع على علو الله تعالى على خلقه بنفسهوأنه تعالى فوق العرش بذاته

- ‌المبحث الأولتنوع دلالات الكتاب والسنة في إثبات علو الله تعالى بذاته على خلقه

- ‌المبحث الثانينصوص السلف في حكاية الإجماع المتيقن على إثبات علو الله تعالى بذاته على خلقه

- ‌المبحث الثالثبيان مخالفة الأشاعرة للسلف في هذا الباب

- ‌[بيان نفي الأشاعرة لعلو الله تعالى وقولهم في هذا الباب بما يمتنع بداهة]

- ‌الفصل الثانيفي جواز السؤال عن الله تعالى بـ أين؟ والرد على من أنكر ذلك

- ‌المبحث الأولدلالة السنة على جواز السؤال عن الله تعالى بأين

- ‌المبحث الثانينصوص السلف الدالة على جواز السؤال عن الله بـ: أين

- ‌المبحث الثالثبيان مخالفة الأشاعرة للسلف في هذا الباب

- ‌الفصل الثالثإثبات أن الله تبارك تعالى يتكلم بحرف وصوت مسموعوأن كلامه لا يشبه كلام المخلوقين

- ‌المبحث الأولالأدلة من الكتاب والسنة على إثبات الحرف والصوت في كلام الله تعالى

- ‌المبحث الثانينصوص السلف الدالة على إثبات الحرف والصوت في كلام الله تعالى

- ‌المبحث الثالثبيان مخالفةالأشاعرة للسلف في هذا الباب والرد على شبهاتهم فيه

- ‌[موافقة الأشاعرة للجهمية في إنكار الحرف والصوت]

- ‌الفصل الرابعإثبات صفة اليدين لله تعالى على الحقيقة لا على المجاز

- ‌المبحث الأولتنوع دلالات الكتاب والسنة على إثبات صفة اليدين لله تعالى

- ‌المبحث الثانينصوص السلف في إثبات صفة اليدين لله تعالى حقيقة

- ‌المبحث الثالثبيان مخالفة الأشاعرة للسلف في هذا الباب

- ‌الفصل الخامسإثبات صفة النزول لله تعالى على الوجه اللائق به من غير تشبيه ولا تكييف

- ‌المبحث الأولتنوع دلالات السنة في إثبات صفة النزول لله تعالى

- ‌المبحث الثانينصوص السلف في إثبات صفة النزول لله تعالى على الحقيقة

- ‌المبحث الثالثبيان مخالفة الأشاعرة للسلف في هذا الباب

- ‌الباب الثالثبطلان ورود التأويل في صفات الله عن أحد من السلف

- ‌تمهيد

- ‌دعاوى التأويل الوارد عن السلف والجواب عليها

- ‌أولاً: دعوى تأويل ابن عباس رضي الله عنه للكرسي:

- ‌ثانياً: دعوى تأويل ابن عباس رضي الله عنه لمجيء الرب عز وجل:

- ‌ثالثاً: دعوى تأويل ابن عباس رضي الله عنه للفظ (الأعين)

- ‌رابعاً: دعوى تأويل ابن عباس رضي الله عنه للفظ (الأيد):

- ‌خامساً: دعوى تأويل ابن عباس رضي الله عنه لقوله تعالى {الله نور السموات والأرض}:

- ‌سادساً: دعوى تأويل ابن عباس رضي الله عنه لنصوص (الوجه):

- ‌سابعاً: دعوى تأويل ابن عباس رضي الله عنه للفظ (الساق):

- ‌ثامناً: دعوى تأويل ابن عباس رضي الله عنه للفظ (الجنب):

- ‌تاسعاً: دعوى تأويل مجاهد والضحاك والشافعي والبخاري للفظ (الوجه):

- ‌عاشراً: دعوى تأويل الثوري للاستواء:

- ‌الحادي عشر: دعوى تأويل الإمام مالك لصفة النزول:

- ‌الثاني عشر: دعوى تأويل الإمام أحمد مجيء الله تعالى:

- ‌الثالث عشر: دعوى تأويل البخاري لصفة الضحك:

- ‌خلاصة الفصل:

- ‌الباب الرابعتبرئة أئمة السنة من فرية الانتساب إلى الأشعرية والكلابية

- ‌تمهيد

- ‌فصلذكر بعض من نسبوا إلى الأشعرية وبيان براءتهم منها

- ‌خلاصة الفصل:

- ‌الباب الخامسبيان أن الكلابية والأشعرية فرقتان مباينتان لأهل السنة والجماعة

- ‌الفصل الأولفي بيان كون الكلابية ليسوا من أهل السنة والجماعة

- ‌المبحث الأول: بيان حقيقة الخلاف بين الإمام أحمد وابن كلاب وأنه كان جوهريا حقيقيا

- ‌[بيان أن خلاف الكرابيسي مع الإمام أحمد يختلف عن اختلاف ابن كلاب معه]

- ‌[الكلام حول الكرابيسي وحقيقة خلافه مع الإمام أحمد]

- ‌المبحث الثانينصوص العلماء في مخالفة الكلابية والأشعرية لأهل السنة ولطريق السلف

- ‌[بطلان دعوى أن جميع المالكية والشافعية والحنفية أشاعرة أو ماتريدية]

- ‌الفصل الثانيفي إثبات صحة كتاب الإبانة المطبوع للأشعري وبيان بطلان كونه قد تلاعبت به الأيدي

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأولالجواب على الأمر الأول الذي استدلا به على دخول التحريف في كتاب "الإبانة

- ‌المبحث الثانيالجواب على الأمر الثاني الذي استدلا به على دخول التحريف في كتاب "الإبانة

- ‌[إجماع السلف على أن لله عينين]

- ‌المبحث الثالثالجواب على الأمر الثالث الذي استدلا به على دخول التحريف في كتاب "الإبانة

- ‌المبحث الرابعافتراءات وطعون محمد زاهد الكوثري في الصحابة والأئمة

- ‌الفصل الثالثفي إثبات المرحلة الأخيرة لأبي الحسن الأشعري وهي مرحلة العودة إلى السنة

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأولسياق الأدلة على إثبات المرحلة الثالثة الأخيرة للأشعري

- ‌المبحث الثانيالرد على ما أورده نفاة المرحلة الأخيرة

- ‌[الجواب على عدم إيراد كثير ممن ترجم له من أصحابه وغيرهم المرحلة الأخيرة]

- ‌المبحث الثالثأسباب انتقال الأشعري لمذهب أهل السنة وتركه للطريقة الكلابية

- ‌الفصل الرابعبيان مخالفة متأخري الأشاعري للأشعري ولكبار أصحابه

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأولنصوص أئمة أصحاب الأشعري في إثبات الصفات لله تعالى والمنع من تأويلها

- ‌المبحث الثانيبيان بطلان أن يكون للأشعري قولان في الصفات وبيان خطأ من حكى عنه ذلك

- ‌[قيام أهل الحديث بمن فيهم الخليفة ضد الأشعرية في القرنين الرابع والخامس]

- ‌[أسباب انتشار المذهب الأشعري في القرنين السادس والسابع]

- ‌[بطلان تقسيم أهل السنة لثلاثة طوائف]

- ‌[أكثر تأويلات متأخري الأشاعرة هي عين تأويلات قدماء الجهمية]

- ‌[التهويل بادعاء أن تضليل الأشعرية يستلزم تضليل الأمة]

الفصل: ‌المبحث الثانينصوص السلف الدالة على إثبات الحرف والصوت في كلام الله تعالى

‌المبحث الثاني

نصوص السلف الدالة على إثبات الحرف والصوت في كلام الله تعالى

وأما أقوال الأئمة فكثيرة منها:

- محمد بن كعب القرظى (120 هـ)

قال: (قالت بنو إسرائيل لموسى عليه السلام: بما شبهت صوت ربك عز وجل حين كلمك من هذا الخلق؟ قال: شبهت صوته بصوت الرعد حين لا يترجع)(1) اهـ.

- أبو عصمة نوح بن أبي مريم المروزي (173 هـ)

قال أبو تميلة: (سمعت أبا عصمة وسئل: كيف كلم الله عز وجل موسى تكليماً؟ قال: مشافهة)(2) اهـ.

- وائل بن داود التيمي أبو بكر الكوفي (الطبقة السادسة من الذين عاصروا صغار التابعين)

قال في قول الله عز وجل: {وكلم الله موسى تكليما} النساء164، قال:«مشافهة مراراً» (3).

قلت: وقد قال الجوهري: (المشافهة الكلام من فيك إلى فيه).

- إمام أهل السنة أحمد بن حنبل (241 هـ)

قال عبد الله: (سألت أبي رحمه الله عن قوم، يقولون: لما كلم الله عز وجل موسى لم يتكلم بصوت؟ فقال أبي: بلى إن ربك

(1) رواه عبد الله في السنة (1/ 284) والنجاد في الرد على من يقول القرآن مخلوق (ص35) والآجري في الشريعة (ص317).

(2)

رواه ابن أبي حاتم في التفسير (4/ 1120) وابن جرير (6/ 29) وعبد الله في السنة (1/ 286) والنجاد في الرد على من يقول القرآن مخلوق (ص37) وابن بطة في الإبانة (2/ 317 - 318).

(3)

رواه ابن أبي حاتم في التفسير (4/ 1120) والنجاد في الرد على من يقول القرآن مخلوق (ص37) وعبد الله في السنة (1/ 285).

ص: 473

عز وجل تكلم بصوت هذه الأحاديث نرويها كما جاءت.

وقال أبي رحمه الله: حديث ابن مسعود رضي الله عنه "إذا تكلم الله عز وجل سمع له صوت كجر السلسلة على الصفوان"، قال أبي: وهذا الجهمية تنكره.

وقال أبي: هؤلاء كفار يريدون أن يموهوا على الناس، من زعم أن الله عز وجل لم يتكلم فهو كافر، ألا إنا نروي هذه الأحاديث كما جاءت) (1) اهـ

وقال أبو بكر الخلال: حدثنا محمد بن علي قال: حدثنا يعقوب بن بختان قال: (سئل أبو عبد الله عمن زعم أن الله عز وجل لم يتكلم بصوت؟

قال: بلى يتكلم سبحانه بصوت) (2) اهـ.

وأخرج أبو بكر الخلال عن المروذي قال: (سمعت أبا عبد الله وقيل له: أن عبد الوهاب قد تكلم وقال: من زعم أن الله كلم موسى بلا صوت فهو جهمي عدو الله وعدو الإسلام، فتبسم أبو عبد الله وقال: ما أحسن ما قال عافاه الله)(3) اهـ.

(1) رواه عبد الله في السنة (1/ 280 - 281).

(2)

طبقات الحنابلة (1/ 415).

(3)

نقله شيخ الإسلام ابن تيمية في شرح الأصفهانية (64) وفي درء التعارض (2/ 39) وفي الفتاوى الكبرى (5/ 165) وعزاه إلى حرب الكرماني في مسائل أحمد وإسحاق.

ص: 474

وقال أبو يعلى: (وقد نص أحمد في رواية الجماعة على إثبات الصوت)(1) اهـ.

وقال في كتابه "الرد على الجهمية والزنادقة" في باب بيان ما أنكرت الجهمية من أن يكون الله كلم موسى: (قال أحمد رضى الله عنه فلما خنقته الحجج قال: إن الله كلم موسى، إلا أن كلامه غيره. فقلنا: وغيره مخلوق؟ قال: نعم. فقلنا: هذا مثل قولكم الأول، إلا أنكم تدفعون عن أنفسكم الشنعة بما تظهرون. وحديث الزهري قال: "لما سمع موسى كلام ربه قال: يا رب هذا الذي سمعته هو كلامك؟ قال: نعم يا موسى هو كلامي، إنما كلمتك بقوة عشر آلاف لسان، ولي قوة الألسن كلها، وأنا أقوى من ذلك، وإنما كلمتك على قدر ما يطيق بدنك، ولو كلمتك بأكثر من ذلك لمت.

قال: فلما رجع موسى إلى قومه قالوا له: صف لنا كلام ربك؟ قال: سبحان الله وهل أستطيع أن أصفه لكم. قالوا: فشبِّهه؟ قال: هل سمعتم أصوات الصواعق التي تقبل في أحلى حلاوة سمعتموها فكأنه مثله) (2) اهـ.

(1) المسائل والرسائل المروية عن الإمام أحمد بن حنبل في العقيدة (1/ 303).

(2)

الرد على الجهمية والزنادقة (ص132).

ص: 475

وقال أبو الفضل التميمي في اعتقاد الإمام أحمد -وهو الذي يعتمد عليه الأشعريان في نقل معتقده-: (وكان يقول: إن القرآن كيف تصرف غير مخلوق، وأن الله تعالى تكلم بالصوت والحرف)(1) اهـ.

- الإمام الحافظ الحجة محمد بن إسماعيل البخاري (256 هـ)

قال: (وإن الله عز وجل ينادي بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب، فليس هذا لغير الله عز وجل ذكره.

قال أبو عبد الله: وفي هذا دليل أن صوت الله لا يشبه أصوات الخلق، لأن صوت الله جل ذكره يُسمع من بعد كما يسمع من قرب، وأن الملائكة يصعقون من صوته، فإذا تنادى الملائكة لم يصعقوا.

وقال عز وجل: {فلا تجعلوا لله أندادا} البقرة22، فليس لصفة الله ند، ولا مثل، ولا يوجد شيء من صفاته في المخلوقين) (2) اهـ.

(1) طبقات الحنابلة (2/ 296).

(2)

خلق أفعال العباد (ص137).

ص: 476

- إمام أهل السنة والجماعة في عصره أبو محمد الحسن بن علي البربهاري (329هـ)

قال: (والإيمان بأن الله تبارك وتعالى هو الذي كلم موسى بن عمران يوم الطور، وموسى يسمع من الله الكلام بصوت وقع في مسامعه منه لا من غيره، فمن قال غير هذا، فقد كفر بالله العظيم)(1) اهـ.

- شيخ الإسلام الحافظ أبو إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري الهروي (481 هـ)

قال منكراً على الأشاعرة نفيهم للحرف والصوت: (ثم قالوا: ليس له صوت ولا حروف .. )(2) اهـ.

- الإمام الحافظ أبو القاسم إسماعيل بن محمد التيمي الطلحي الأصبهاني (535 هـ)

قال في كتابه الحجة: (فصل: الدليل على أن القرآن منزل، وهو ما يقرأه القارئ خلافاً لمن يقول: كلام الله ليس بمنزل ولا حرف ولا صوت:

(1) شرح السنة (ص90).

(2)

ذم الكلام وأهله (5/ 136).

ص: 477

فإن قيل: المتكلم بحرف وصوت يحتاج إلى أدوات الكلام، فقل: عدم أداة الكلام لا يمنع من ثبوت الكلام، كما أن عدم آلة العلم لا يمنع من ثبوت العلم.

دليل أهل السنة: قوله تعالى: {حتى يسمع كلام الله} التوبة6، والمسموع إنما هو الحرف والصوت، لأن المعنى لا يُسمع ولا يُفهم. يقال في اللغة: سمعت الكلام وفهمت المعنى، فلما قال: حتى يسمع: دل على أنه حرف وصوت. .... ) (1) اهـ.

- الشيخ أبو البيان محمد بن محفوظ السلمي الدمشقي الشافعي اللغوي (551 هـ)

قال أبو المعالي أسعد بن المنجا: (كنت يوما عند الشيخ أبي البيان رحمه الله تعالى فجاءه ابن تميم الذي يدعى الشيخ الأمين، فقال له الشيخ بعد كلام جرى بينهما: ويحك الحنابلة إذا قيل لهم ما الدليل على أن القرآن بحرف وصوت، قالوا: قال الله كذا، وقال رسوله كذا، وسرد الشيخ الآيات والأخبار، وأنتم إذا قيل لكم: ما الدليل على أن القرآن معنى في النفس؟ قلتم: قال الأخطل: إن الكلام لفي الفؤاد، إيش هذا الأخطل نصراني خبيث بنيتم مذهبكم على بيت شعر من قوله وتركتم الكتاب والسنة)(2) اهـ.

(1) الحجة في بيان المحجة (2/ 479).

(2)

أورده الذهبي في العلو (ص260).

ص: 478

- أبو محمد عبد القادر بن أبي صالح الجيلاني (561 هـ)

قال في كتابه "الغنية" في القرآن: (هو كلام الله تعالى في صدور الحافظين وألسن الناطقين، في أكف الكاتبين وملاحظة الناظرين، ومصاحف أهل الإسلام، وألواح الصبيان، حيثما رؤي ووجد. فمن زعم أنه مخلوق أو عبارته، أو التلاوة غير المتلو، أو قال: لفظي بالقرآن مخلوق، فهو كافر بالله العظيم، ولا يؤاكل، ولا يُناكح، ولا يُجاور، بل يُهجر ويُهان

- ثم ساق الأدلة من الكتاب والسنة وأقوال سلف الأمة ثم قال:

فصل: ونعتقد أن القرآن حروف مفهومة، وأصوات مسموعة، لأن بها يصير الأخرس ةالساكت متكلماً ناطقاً، وكلام الله عز وجل لا ينفك عن ذلك، فمن جحد ذلك فقد كابر حسه وعميت بصيرته - ثم ساق الأدلة ثم قال: وهذه الآيات والأخبار تدل على أن كلام الله عز وجل صوت لا كصوت الآدميين، كما أن علمه وقدرته وبقية صفاته لا تشبه صفات الآدميين، كذلك صوته. وقد نص الإمام أحمد رحمه الله تعالى على إثبات الصوت في رواية جماعة من الأصحاب رضوان الله عليهم أجمعين خلاف ما قالت الأشعرية من أن كلام الله تعالى معنى قائم بنفسه، والله

ص: 479

حسيب كل مبتدع ضال مضل

) (1) اهـ.

- تقي الدين أبو محمد عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي الحنبلي (600 هـ)

(ونعتقد أن الحروف المكتوبة والأصوات المسموعة: عين كلام الله عز وجل لاحكاية ولا عبارة ..... ومن أنكر أن يكون حروفاً فقد كابر العيان وأتى بالبهتان. وروى الترمذي من طريق عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن

(1) نقله عنه ابن الألوسي في جلاء العينين (ص352 - 356).

ص: 480

رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من قرأ حرفاً من كتاب الله عز وجل فله عشر حسنات)

ثم ساق الأدلة إلى أن قال: (وقول القائل: بأن الحرف والصوت لا يكون إلا من مخارج: باطل ومحال. قال الله عز وجل: {يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد} ق30. وكذلك قوله تعالى إخباراً عن السماء والأرض أنهما قالتا: {أتينا طائعين} فصلت11. فحصل القول من غير مخارج ولا أدوات)(1) اهـ.

- الحافظ عبد الرحمن بن أحمد بن رجب الحنبلي (795 هـ)

قال في رده على من أنكر على الحافظ عبد الغني المقدسي إثباته الصوت لله تعالى، وأن هذا مخالف لمعتقد الإمام أحمد: (وأما إنكار إثبات الصوت عن الإمام الذي ينتمي إليه الحافظ، فمن أعجب العجب، وكلامه -أي الإمام أحمد- في إثبات الصوت كثير جداً

-ثم ذكر الآثار عن الإمام أحمد-) (2) اهـ.

ومع هذه النصوص الصريحة من هؤلاء الأئمة، فإنه لم يُنقل عن أحد من السلف أنه قال: إن الله يتكلم بلا صوت، أو بلا حرف، ولا أنه أنكر أن يتكلم الله بصوت أو بحرف، كما لم يقل أحد منهم أن الصوت الذى سمعه موسى قديم، ولا أن ذلك النداء قديم، ولا قال أحد منهم: أن هذه الأصوات المسموعة من القراء هي الصوت الذى تكلم الله به، بل الآثار مستفيضة عنهم بالفرق بين الصوت الذى يتكلم الله به وبين أصوات العباد.

- الإمام القاضي علي بن علي بن محمد بن أبي العز الحنفي الدمشقي (792 هـ)

ذكر افتراق الناس في مسألة الكلام على تسعة أقوال فقال:

(1) عقائد أئمة السلف (98 - 104).

(2)

الذيل على طبقات الحنابلة (2/ 24).

ص: 481

(وتاسعها: أنه تعالى لم يزل متكلماً إذا شاء، ومتى شاء، وكيف شاء، وهو متكلم به بصوت يُسمع، وإن نوع الكلام قديم وإن لم تكن صورة المعين قديماً، وهو المأثور عن أئمة الحديث والسنة.)(1) اهـ.

وقد نقله ملا علي القاري في شرح الفقه الأكبر (2) بحرفه، ولم يتعقبه بشيء.

(1) شرح العقيدة الطحاوية (1/؟؟؟).

(2)

شرح الفقه الأكبر (ص83 - 84).

ص: 482

فرع: في تقرير أن الله تعالى يتكلم متى شاء وأن كلامه يسمع من ذاته تعالى، من كلام أبي الحسن الأشعري

قال في الإبانة في الباب الرابع "الكلام في أن القرآن كلام الله غير مخلوق": (دليل آخر: وقد قال الله عز وجل: {وكلم الله موسى تكليما} النساء164، والتكليم هو المشافهة بالكلام)(1) اهـ.

قال الجوهري: (المشافهة: المخاطبة من فيك إلى فيه).

وهذا ظاهر في أن أبا الحسن الأشعري يثبت أن الله تعالى شافه موسى عليه السلام، فخاطبه تعالى من ذاته، وأن موسى سمع كلام الله تعالى حينئذ، ولا يكون هذا إلا إذا حرفاً وصوتاً مسموعاً.

(1) الإبانة للأشعري (ص77).

ص: 483

فرع في تقرير أن الله يتكلم بحرف وصوت من كلام الحارث المحاسبي

أبو عبد الله الحارث بن أسد البغدادي المحاسبي (243 هـ)

قال الكلاباذي في الباب العاشر "اختلافهم في الكلام ما هو؟ ": (وقالت طائفة منهم: كلام الله حرف وصوت، وزعموا أنه لا يُعرف كلامه إلا ذلك، مع إقرارهم أنه صفة الله تعالى في ذاته غير مخلوق، وهذا قول حارث المحاسبي، ومن المتأخرين ابن سالم)(1) اهـ.

وهذا القول هو الذي رجع إليه في آخر حياته، بعد أن هجره الإمام أحمد وحذر منه بسبب دخوله في الكلام، ومشيه على طريقة ابن كلاب.

(1) التعرف لمذهب أهل التصوف (ص53).

ص: 484