الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وليس لهذا أصل ولا إسناد، لا عن ابن عباس ولا عن الحسن البصري، ولا ذكره أحد من المصنفين من أهل الرواية.
ثالثاً: دعوى تأويل ابن عباس رضي الله عنه للفظ (الأعين)
زعم الأشعريان أن ابن عباس رضي الله عنه تأول العين لله تعالى، فقالا: (قال تعالى: {واصنع الفلك بأعيننا} الطور 48، قال ابن عباس رضي الله عنه: بمرأى منا
…
).
والجواب أن يقال:
أولاً: أن هذا الأثر ليس بثابت عن ابن عباس رضي الله عنه، فإن البغوي ذكره بغير إسناد، والثابت عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال في قوله:{واصنع الفلك بأعيننا} هود37: بعين الله (1).
وقال عطاء: عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله عز وجل {تجري بأعيننا} القمر14، قال: أشار بيده إلى عينيه (2).
وهذا صريح منه في إثبات العينين لله تعالى.
وهذا هو المعروف عن السلف، فقد صح مثله عن أبي عمران الجوني، وقتادة، ومطرف، وخالد بن معدان، وأبو نهيك، وغيرهم.
(1) رواه ابن أبي حاتم (6/ 2026) وابن جرير (12/ 34) والبيهقي في الأسماء والصفات (ص396).
(2)
سبق تخريجه حاشية 15.
ثانياً: أن هذا الأثر - على فرض ثبوته - ليس من التأويل في شيء، وإنما هو من التفسير باللازم، إذ أنه من المعلوم أن الله تبارك وتعالى يبصر ويرى ما يصنعه نوح عليه السلام، وما يكيده به قومه، فقال له مسلياً: إنك تحت نظرنا، وبمرأى منا، فلا تخف، وليس هذا من تأويل العينين في شيء، ولا من صرف اللفظ عن ظاهره.
إنما يصح التأويل الذي يزعمانه إذا لم يُثبت لله تعالى عين.
ومعلوم لكل عاقل أن نوحاً عليه السلام لم يكن في نفس عين الله تعالى، فذات الله ليست محلاً للمخلوقات، تعالى الله عن ذلك، وإنما المراد الحفظ والكلاءة.
بل ثبوت اللازم ثبوت الملزوم. كما لو قال قائل في قوله تعالى: {إنني معكما أسمع وأرى} طه46، أي: أنتما في حفظي ورعايتي، لكان صحيحاً، وليس هذا تأويلٌ للرؤية أو السماع، بل هو إثبات لهما لثبوت لازمهما.
قال الدارمي في رده على المريسي: (وأما تفسيرك عن ابن عباس في قوله: {فإنك بأعيننا} الطور 48، أنه قال: بحفظنا وكلاءتنا، فإن صح عن ابن عباس في قوله:{فإنك بأعيننا} الطور 48، أنه قال: بحفظنا وكلاءتنا، فإن صح قولك عن ابن عباس فمعناه الذي ادعيناه، لا ما ادعيت أنت، يقول: بحفظنا وكلاءتنا بأعيننا، لأنه لا يجوز في كلام العرب أن يوصف أحد بكلاية إلا