المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الثانينصوص السلف في حكاية الإجماع المتيقن على إثبات علو الله تعالى بذاته على خلقه - الأشاعرة في ميزان أهل السنة

[فيصل الجاسم]

فهرس الكتاب

- ‌تقريظ

- ‌تقريظ الشيخ / أ. د. سعود بن عبد العزيز الخلف

- ‌تقريظ الشيخ / أبو عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان (الأردن)

- ‌تقريظ الشيخ / أ. د. محمد أحمد لوح (السنغال)

- ‌تقريظ الشيخ / د. أحمد شاكر الجنيدي (مصر)

- ‌تقريظ الشيخ / أ. د. أبو عمر عبد العزيز النورستاني (باكستان)

- ‌مقدمة

- ‌الباب الأولذكر أصول أهل السنة والجماعة في باب أسماء الله وصفاته وبيان مخالفة الأشاعرة لها

- ‌تمهيد

- ‌[تعريف أهل السنة والجماعة وبيان أوصافهم]

- ‌[مخالفة الأشاعرة لأهل السنة في مصدر التلقي]

-

- ‌الفصل الأولفي إثبات أن صفات الله الواردة في الكتاب والسنة على الحقيقة لا على المجاز

- ‌[أساس دعوة الرسل: التعريف بالمعبود]

- ‌[الأصل في الكلام: الحقيقة]

- ‌[الخطاب نوعان]

- ‌[الطرق التي يُعرف بها مراد المتكلم]

- ‌[عدم تنازع الصحابة في الصفات]

- ‌المبحث الأولدلالة الكتاب والسنة على أن صفات الله الواردة في الكتاب والسنة على الحقيقة

- ‌المبحث الثانيالآثار الواردة عن السلف في كون صفات الله محمولة على الحقيقة:

- ‌فرع: في تقرير هذا الأصل من كلام أبي الحسن الأشعري

- ‌المبحث الثالثبيان مخالفة الأشاعرة للسلف في هذا الباب والرد على شبهاتهم فيه

- ‌[بطلان إنكار حقائق الصفات لله]

- ‌[صحة إطلاق لفظ "بذاته" و"حقيقة" والجواب على من استنكرها]

- ‌فرع في إبطال شبهتهما في هذا الباب:

- ‌[إثبات لوازم الصفة مع نفي حقيقتها تناقض]

- ‌الفصل الثانيفي إثبات علم السلف بمعاني صفات الله تعالى، وجهلهم بكيفيتها وحقيقة ما هي عليهوبيان معنى قولهم في الصفات: (بلا كيف) وقولهم: (لا تُفسّر)

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأولآثار السلف الدالة على أن صفات الله معلومة المعنى مجهولة الكيفية

- ‌[معنى إمرار الصفات بلا تكييف]

- ‌[معنى قول الإمام مالك "الاستواء معلوم

- ‌[نعت الجهمية لأهل السنة بالمشبهة: دليل على إثبات معاني الصفات]

- ‌المبحث الثانيبيان مخالفة الأشاعرة للسلف في هذا الباب والرد على شبهاتهم فيه

- ‌[بطلان دعوى التفويض عن السلف وأنه يعود إلى التأويل]

- ‌[بيان معنى قول بعض السلف عن الصفات: "بلا معنى

- ‌[معنى قول السلف عن أخبار الصفات "أمروها كما جاءت بلا كيف

- ‌[بطلان دعوى أن نفي الكيفية هو نفي للمعنى]

- ‌[الجهل بكيفية الصفة لا يستلزم الجهل بمعناها]

- ‌[بطلان استدلالهم بحديث "عبدي مرضت فلم تعدني

- ‌[قاعدة السلف فيما يُنفى عن الله]

- ‌[معنى المكر والاستهزاء والنسيان في حق الله تعالى]

- ‌فرع في منشأ ضلال الأشاعرة في هذا الباب

- ‌[لا يُعلم عن أحد من السلف أنه جعل آيات الصفات من المتشابهات]

- ‌الفصل الثالثفي تقرير أن السلف كانوا يجرون نصوص صفات الله على ظاهرها

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأولآثار السلف الدالة على وجوب إجراء نصوص الصفات على ظاهرها

- ‌فرع: في تقرير كون صفات الله على ظاهرها من كلام أبي الحسن الأشعري

- ‌المبحث الثانيبيان مخالفة الأشاعرة للسلف في هذا الباب

- ‌الفصل الرابعفي تقرير أن السلف مجمعون على تحريم تأويل الصفات وإخراجها عن ظاهرها، وعلى وجوب الكف عن ذلك

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأولنصوص أئمة السنة الدالة على تحريم التأويل بإخراج نصوص الصفات على ظاهرها

- ‌المبحث الثانيبيان مخالفة الأشاعرة للسلف في هذا الباب

- ‌الفصل الخامسفي بيان اطراد قاعدة السلف في الصفات في وجوب إمرار الجميع على الظاهر بلا تأويل، لا يفرقون بين صفة وأخرى

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأولنصوص السلف الدالة على إطراد قاعدتهم في الإثبات في جميع الصفات

- ‌المبحث الثانيبيان مخالفة الأشاعرة للسلف في هذا الباب والرد على شبهاتهم فيه

- ‌[بطلان تفريق الأشاعرة في الإثبات بين الصفات العقلية السبعة وبين غيرها]

- ‌الفصل السادسفي بيان أن إثبات الصفات لله تعالى لا يستلزم التشبيه بخلقهوأنه لا يلزم في حق الخالق ما يلزم في حق المخلوق

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأولآثار السلف الدالة على أنه لا يلزم من صفات الله ما يلزم من صفات المخلوق

- ‌المبحث الثانيبيان مخالفة الأشاعرة للسلف في هذا الباب والرد على شبهاتهم فيه

- ‌[بطلان دعوى استلزام الجسمية في إثبات الصفات]

- ‌ تحرير معنى الجسم

- ‌[الكلام حول العقيدة المنسوبة للإمام أحمد لأبي الفضل التميمي]

- ‌[المصادر التي تمكن من خلالها معرفة عقيدة الإمام أحمد]

- ‌[مخالفة الأشاعرة لعقيدة التميمي المنسوبة للإمام أحمد]

- ‌الفصل السابعفي بيان حقيقة التشبيه المنفي في صفات الله عند السلف

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأولنصوص أئمة السنة في بيان حقيقة التشبيه المنفي عن الله

- ‌المبحث الثانيبيان مخالفة الأشاعرة للسلف في هذا الباب

- ‌الباب الثانيذكر الأدلة على إثبات بعض الصفات التي خاض فيها الأشعريان بالتحريف والتعطيل

- ‌تمهيد

- ‌الفصل الأولفي ذكر الإجماع على علو الله تعالى على خلقه بنفسهوأنه تعالى فوق العرش بذاته

- ‌المبحث الأولتنوع دلالات الكتاب والسنة في إثبات علو الله تعالى بذاته على خلقه

- ‌المبحث الثانينصوص السلف في حكاية الإجماع المتيقن على إثبات علو الله تعالى بذاته على خلقه

- ‌المبحث الثالثبيان مخالفة الأشاعرة للسلف في هذا الباب

- ‌[بيان نفي الأشاعرة لعلو الله تعالى وقولهم في هذا الباب بما يمتنع بداهة]

- ‌الفصل الثانيفي جواز السؤال عن الله تعالى بـ أين؟ والرد على من أنكر ذلك

- ‌المبحث الأولدلالة السنة على جواز السؤال عن الله تعالى بأين

- ‌المبحث الثانينصوص السلف الدالة على جواز السؤال عن الله بـ: أين

- ‌المبحث الثالثبيان مخالفة الأشاعرة للسلف في هذا الباب

- ‌الفصل الثالثإثبات أن الله تبارك تعالى يتكلم بحرف وصوت مسموعوأن كلامه لا يشبه كلام المخلوقين

- ‌المبحث الأولالأدلة من الكتاب والسنة على إثبات الحرف والصوت في كلام الله تعالى

- ‌المبحث الثانينصوص السلف الدالة على إثبات الحرف والصوت في كلام الله تعالى

- ‌المبحث الثالثبيان مخالفةالأشاعرة للسلف في هذا الباب والرد على شبهاتهم فيه

- ‌[موافقة الأشاعرة للجهمية في إنكار الحرف والصوت]

- ‌الفصل الرابعإثبات صفة اليدين لله تعالى على الحقيقة لا على المجاز

- ‌المبحث الأولتنوع دلالات الكتاب والسنة على إثبات صفة اليدين لله تعالى

- ‌المبحث الثانينصوص السلف في إثبات صفة اليدين لله تعالى حقيقة

- ‌المبحث الثالثبيان مخالفة الأشاعرة للسلف في هذا الباب

- ‌الفصل الخامسإثبات صفة النزول لله تعالى على الوجه اللائق به من غير تشبيه ولا تكييف

- ‌المبحث الأولتنوع دلالات السنة في إثبات صفة النزول لله تعالى

- ‌المبحث الثانينصوص السلف في إثبات صفة النزول لله تعالى على الحقيقة

- ‌المبحث الثالثبيان مخالفة الأشاعرة للسلف في هذا الباب

- ‌الباب الثالثبطلان ورود التأويل في صفات الله عن أحد من السلف

- ‌تمهيد

- ‌دعاوى التأويل الوارد عن السلف والجواب عليها

- ‌أولاً: دعوى تأويل ابن عباس رضي الله عنه للكرسي:

- ‌ثانياً: دعوى تأويل ابن عباس رضي الله عنه لمجيء الرب عز وجل:

- ‌ثالثاً: دعوى تأويل ابن عباس رضي الله عنه للفظ (الأعين)

- ‌رابعاً: دعوى تأويل ابن عباس رضي الله عنه للفظ (الأيد):

- ‌خامساً: دعوى تأويل ابن عباس رضي الله عنه لقوله تعالى {الله نور السموات والأرض}:

- ‌سادساً: دعوى تأويل ابن عباس رضي الله عنه لنصوص (الوجه):

- ‌سابعاً: دعوى تأويل ابن عباس رضي الله عنه للفظ (الساق):

- ‌ثامناً: دعوى تأويل ابن عباس رضي الله عنه للفظ (الجنب):

- ‌تاسعاً: دعوى تأويل مجاهد والضحاك والشافعي والبخاري للفظ (الوجه):

- ‌عاشراً: دعوى تأويل الثوري للاستواء:

- ‌الحادي عشر: دعوى تأويل الإمام مالك لصفة النزول:

- ‌الثاني عشر: دعوى تأويل الإمام أحمد مجيء الله تعالى:

- ‌الثالث عشر: دعوى تأويل البخاري لصفة الضحك:

- ‌خلاصة الفصل:

- ‌الباب الرابعتبرئة أئمة السنة من فرية الانتساب إلى الأشعرية والكلابية

- ‌تمهيد

- ‌فصلذكر بعض من نسبوا إلى الأشعرية وبيان براءتهم منها

- ‌خلاصة الفصل:

- ‌الباب الخامسبيان أن الكلابية والأشعرية فرقتان مباينتان لأهل السنة والجماعة

- ‌الفصل الأولفي بيان كون الكلابية ليسوا من أهل السنة والجماعة

- ‌المبحث الأول: بيان حقيقة الخلاف بين الإمام أحمد وابن كلاب وأنه كان جوهريا حقيقيا

- ‌[بيان أن خلاف الكرابيسي مع الإمام أحمد يختلف عن اختلاف ابن كلاب معه]

- ‌[الكلام حول الكرابيسي وحقيقة خلافه مع الإمام أحمد]

- ‌المبحث الثانينصوص العلماء في مخالفة الكلابية والأشعرية لأهل السنة ولطريق السلف

- ‌[بطلان دعوى أن جميع المالكية والشافعية والحنفية أشاعرة أو ماتريدية]

- ‌الفصل الثانيفي إثبات صحة كتاب الإبانة المطبوع للأشعري وبيان بطلان كونه قد تلاعبت به الأيدي

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأولالجواب على الأمر الأول الذي استدلا به على دخول التحريف في كتاب "الإبانة

- ‌المبحث الثانيالجواب على الأمر الثاني الذي استدلا به على دخول التحريف في كتاب "الإبانة

- ‌[إجماع السلف على أن لله عينين]

- ‌المبحث الثالثالجواب على الأمر الثالث الذي استدلا به على دخول التحريف في كتاب "الإبانة

- ‌المبحث الرابعافتراءات وطعون محمد زاهد الكوثري في الصحابة والأئمة

- ‌الفصل الثالثفي إثبات المرحلة الأخيرة لأبي الحسن الأشعري وهي مرحلة العودة إلى السنة

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأولسياق الأدلة على إثبات المرحلة الثالثة الأخيرة للأشعري

- ‌المبحث الثانيالرد على ما أورده نفاة المرحلة الأخيرة

- ‌[الجواب على عدم إيراد كثير ممن ترجم له من أصحابه وغيرهم المرحلة الأخيرة]

- ‌المبحث الثالثأسباب انتقال الأشعري لمذهب أهل السنة وتركه للطريقة الكلابية

- ‌الفصل الرابعبيان مخالفة متأخري الأشاعري للأشعري ولكبار أصحابه

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأولنصوص أئمة أصحاب الأشعري في إثبات الصفات لله تعالى والمنع من تأويلها

- ‌المبحث الثانيبيان بطلان أن يكون للأشعري قولان في الصفات وبيان خطأ من حكى عنه ذلك

- ‌[قيام أهل الحديث بمن فيهم الخليفة ضد الأشعرية في القرنين الرابع والخامس]

- ‌[أسباب انتشار المذهب الأشعري في القرنين السادس والسابع]

- ‌[بطلان تقسيم أهل السنة لثلاثة طوائف]

- ‌[أكثر تأويلات متأخري الأشاعرة هي عين تأويلات قدماء الجهمية]

- ‌[التهويل بادعاء أن تضليل الأشعرية يستلزم تضليل الأمة]

الفصل: ‌المبحث الثانينصوص السلف في حكاية الإجماع المتيقن على إثبات علو الله تعالى بذاته على خلقه

‌المبحث الثاني

نصوص السلف في حكاية الإجماع المتيقن على إثبات علو الله تعالى بذاته على خلقه

ولما كانت نصوص السلف من الصحابة والتابعين ومن بعدهم كثيرة جداً قد ذكرها من صنف في هذا الباب ممن سبق ذكرهم، أحببت أن أنقل فقط نصوص من حكى الإجماع المتيقن على إثبات صفة العلو لله تعالى علواً حقيقياً، بمعنى أن الله تعالى فوق خلقه بذاته، وأنه مع علوه لا يخفى عليه شيء من أمر بني آدم، وأنها فطرة فطر الله الخلق عليها.

- إمام أهل الشام عبد الرحمن بن عمر أبو عمرو الأوزاعي (157 هـ)

قال: (كنا والتابعون متوافرون نقول: إن الله تعالى فوق عرشه، ونؤمن بما وردت به السنة من صفاته)(1) اهـ.

(1) رواه البيهقي في الأسماء والصفات (ص515).

ص: 430

- سعيد بن عامر الضبعى أبو محمد البصرى (208 هـ)

ذُكر عنده الجهمية فقال: (هم شر قولاً من اليهود والنصارى، قد اجتمع اليهود والنصارى وأهل الأديان مع المسلمين على أن الله فوق العرش، وقالوا: هو ليس عليه شيء)(1) اهـ.

- الإمام الحافظ ابن راهويه إسحاق بن إبراهيم الحنظلي (238 هـ)

قال الذهبي: (قال أبو بكر الخلال أنبأنا المروذي حدثنا محمد بن الصباح النيسابوري حدثنا أبو داود الخفاف سليمان بن داود قال: قال إسحاق بن راهويه: "قال الله تعالى: {الرحمن على العرش استوى} طه5، إجماع أهل العلم أنه فوق العرش استوى ويعلم كل شيء في أسفل الأرض السابعة"

قال الذهبي: اسمع ويحك إلى هذا الإمام كيف نقل الإجماع على هذه المسألة كما نقله في زمانه قتيبة المذكور) (2) اهـ.

- قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف الثقفى (240 هـ)

قال الذهبي: (قال أبو أحمد الحاكم وأبو بكر النقاش

(1) نقله عنه شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (5/ 52) وفي درء التعارض (2/ 261) وعزاه لابن أبي حاتم في الرد على الجهمية، وأورده الذهبي في العلو (ص158).

(2)

أورده الذهبي في العلو (ص179) وعزاه للخلال.

ص: 431

المفسر واللفظ له حدثنا أبو العباس السراج قال سمعت قتيبة بن سعيد يقول: "هذا قول الأئمة في الإسلام والسنة والجماعة: نعرف ربنا في السماء السابعة على عرشه، كما قال جل جلاله: {الرحمن على العرش استوى} طه5".

قال الذهبي: وكذا نقل موسى بن هارون عن قتيبة أنه قال: نعرف ربنا في السماء السابعة على عرشه.

فهذا قتيبة في إمامته وصدقه قد نقل الإجماع على المسألة، وقد لقي مالكاً، والليث، وحماد بن زيد، والكبار، وعمّر دهراً، وازدحم الحفاظ على بابه، قال لرجل أقم عندنا هذه الشتوة حتى أخرج لك عن خمسة أناسى مائة ألف حديث) (1) اهـ.

- أبو زرعة الرازي عبيد الله بن عبد الكريم القرشى المخزومى (264 هـ)

- الحافظ أبو حاتم الرازى محمد بن إدريس بن المنذر الحنظلى (277 هـ)

قال أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم: (سألت أبي وأبا زرعة عن مذاهب أهل السنة في أصول الدين، وما أدركا عليه العلماء في جميع الأمصار، وما يعتقدان من ذلك؟

(1) العلو (ص174).

ص: 432

فقالا: «أدركنا العلماء في جميع الأمصار حجازاً، وعراقاً، وشاماً، ويمناً، فكان من مذهبهم:

فذكرا أموراً إلى أن قالا: وأن الله عز وجل على عرشه بائنٌ من خلقه كما وصف نفسه في كتابه، وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم بلا كيف، أحاط بكل شيء علما {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} الشورى11) (1) اهـ.

- عبد الله بن مسلم بن قتيبة أبو محمد الدينوري (276 هـ)

قال: (والأمم كلها عربيها وعجميها تقول: إن الله تعالى في السماء ما تُركت على فطرها ولم تُنقل عن ذلك بالتعليم.

وفي الحديث إن رجلا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأمة أعجمية للعتق، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أين الله تعالى؟ فقالت: في السماء، قال: فمن أنا؟ قالت: أنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال عليه الصلاة والسلام: هي مؤمنة، وأمره بعتقها -هذا أو نحوه) (2) اهـ.

- الإمام العلامة الحافظ الناقد عثمان بن سعيد الدارمي (280 هـ)

قال: (وقد اتفقت كلمة المسلمين أن الله تعالى فوق عرشه، فوق سماواته)(3) اهـ.

(1) رواه اللالكائي (1/ 176 - 177).

(2)

تأويل مختلف الحديث (ص252 - 253).

(3)

الرد على المريسي (1/ 340).

ص: 433

وقال: (وقد اتفقت الكلمة من المسلمين والكافرين أن الله في السماء، وحدوه بذلك إلا المريسي الضال وأصحابه)(1) اهـ.

- إمام الأئمة محمد بن إسحاق بن خزيمة (311 هـ)

قال: (باب ذكر البيان أن الله عز وجل في السماء كما أخبرنا في محكم تنزيله وعلى لسان نبيه عليه السلام، وكما هو مفهوم في فطرة المسلمين، علمائهم وجهالهم، أحرارهم ومماليكهم، ذكرانهم وإناثهم، بالغيهم وأطفالهم، كل من دعا الله جل وعلا: فإنما يرفع رأسه إلى السماء ويمد يديه إلى الله)(2) اهـ.

- الإمام أبو بكر محمد بن الحسين الآجري الشافعي (360 هـ)

قال: (والذي يذهب إليه أهل العلم: أن الله عز وجل سبحانه على عرشه فوق سماواته، وعلمه محيط بكل شيء ..... ) إلى أن قال: (فإن قال قائل: فإيش معنى قوله: ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم الآية التي بها يحتجون؟ قيل له: علمه عز وجل، والله على عرشه وعلمه محيط بهم وبكل شيء من خلقه، كذا فسره أهل العلم والآية يدل أولها وآخرها على أنه العلم

) إلى أن قال: (باب ذكر السنن التي دلت العقلاء

(1) المرجع السابق (1/ 228).

(2)

التوحيد (ص110).

ص: 434

على أن الله عز وجل على عرشه فوق سبع سماواته وعلمه محيط بكل شيء لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء) (1) اهـ.

- أبو عبد الله عبيد الله بن محمد العكبري الحنبلي ابن بطة (384 هـ)

قال: (وأجمع المسلمون من الصحابة والتابعين وجميع أهل العلم من المؤمنين أن الله تبارك وتعالى على عرشه، فوق سماواته، بائن من خلقه، وعلمه محيط بجميع خلقه، لا يأبى ذلك، ولا ينكره إلا من انتحل مذاهب الحلولية.)(2) اهـ.

- الإمام المقرئ المحدث أبو عمر أحمد بن محمد الطلمنكي (429 هـ)

قال: (وأجمع المسلمون من أهل السنة على أن معنى قوله: {وهو معكم أينما كنتم} الحديد4، ونحو ذلك من القرآن: أن ذلك علمه، وأن الله فوق السموات بذاته مستو على عرشه كيف شاء) اهـ.

وقال أيضا: (قال أهل السنة في قوله {الرحمن على العرش استوى} طه5،: أن الاستواء من الله على عرشه المجيد على الحقيقة لا على المجاز)(3) اهـ.

(1) الشريعة (ص300).

(2)

الإبانة (3/ 136).

(3)

سبق تخريجه حاشية 67.

ص: 435

- الحافظ أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني (430 هـ)

قال الحافظ أبو نعيم فى كتابه "محجة الواثقين ومدرجة الوامقين": (وأجمعوا أن الله فوق سمواته، عالٍ على عرشه، مستوٍ عليه لا مستول عليه كما تقول الجهمية)(1) اهـ.

وقال الذهبي: (قال الحافظ الكبير أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد الأصبهاني مصنف حلية الأولياء في كتاب الاعتقاد له: "طريقتنا طريقة السلف المتبعين للكتاب والسنة وإجماع الأمة ومما اعتقدوه أن الله لم يزل كاملا بجميع صفاته القديمة .... إلى أن قال: وأن الأحاديث التي ثبتت في العرش واستواء الله عليه يقولون بها ويثبتونها من غير تكييف ولا تمثيل، وأن الله بائن من خلقه والخلق بائنون منه، لا يحل فيهم ولا يمتزج بهم، وهو مستو على عرشه في سمائة من دون أرضه.

قال الذهبي: فقد نقل هذا الإمام الإجماع على هذا القول ولله الحمد وكان حافظ العجم في زمانه بلا نزاع جمع بين علو الرواية وتحقيق الدراية) (2) اهـ.

(1) نقله عنه شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (5/ 60).

(2)

العلو (ص243).

ص: 436

- الشيخ الإمام الحافظ أبو نصر عبيد الله بن سعيد السجزي (444 هـ)

قال في كتاب "الإبانة": (وأئمتنا كسفيان الثوري، ومالك بن أنس، وسفيان بن عيينة، وحماد بن زيد، وحماد بن سلمة، وعبد الله بن المبارك، وفضيل بن عياض، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن إبراهيم الحنظلي، متفقون على أن الله سبحانه بذاته فوق العرش، وأن علمه بكل مكان)(1) اهـ.

- شيخ الإسلام الإمام أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني (449 هـ)

قال: (ويعتقد أصحاب الحديث ويشهدون أن الله عز وجل فوق سبع سماواته، على عرشه، كما نطق به كتابه .. ) إلى أن قال: (وعلماء الأمة وأعيان الأئمة من السلف رحمهم الله لم يختلفوا في أن الله على عرشه، وعرشه فوق سماواته)(2) اهـ.

- الإمام العلامة حافظ المغرب أبو عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر الأندلسي القرطبي المالكي (463 هـ)

قال: (وفيه دليل على أن الله عز وجل في السماء على العرش

(1) سبق تخريجه حاشية 102.

(2)

عقيدة السلف وأصحاب الحديث (ص44).

ص: 437

من فوق سبع سموات كما قالت الجماعة، وهو من حجتهم على المعتزلة والجهمية في قولهم إن الله عز وجل في كل مكان وليس على العرش

-ثم سرد الأدلة) (1) اهـ.

وقال: (ومن الحجة أيضا في أنه عز وجل على العرش فوق السموات السبع: أن الموحدين أجمعين من العرب والعجم إذا كربهم أمر أو نزلت بهم شدة رفعوا وجوههم إلى السماء يستغيثون ربهم تبارك وتعالى، وهذا أشهر وأعرف عند الخاصة والعامة من أن يحتاج فيه إلى أكثر من حكايته، لأنه اضطرار لم يؤنبهم عليه أحد، ولا أنكره عليهم مسلم)(2) اهـ.

وقال: (معاني هذا الحديث -أي حديث الجارية- واضحة يستغنى عن الكلام فيها، وأما قوله: أين الله؟ فقالت: في السماء، فعلى هذا أهل الحق لقول الله عز وجل لتأويل قول الله عز وجل {الرحمن على العرش استوى} طه5، ولم يزل المسلمون في كل زمان إذا دهمهم أمر وكربهم غم يرفعون وجوههم وأيديهم إلى السماء رغبة إلى الله عز وجل في الكف عنهم)(3) اهـ.

(1) التمهيد (7/ 129 - 131).

(2)

المرجع السابق (7/ 134).

(3)

المرجع السابق (8/ 80).

ص: 438

- الإمام الحافظ أبو جعفر محمد بن أبي علي الحسن الهمذاني (531 هـ)

قال الذهبي: (قال محمد بن طاهر: حضر المحدث أبو جعفر الهمذاني في مجلس وعظ أبي المعالي فقال: كان الله ولا عرش، وهو الآن على ما كان عليه، فقال أبو جعفر: أخبرنا يا أستاذ عن هذه الضرورة التي نجدها: ما قال عارف قط يا الله إلا وجد من قلبه ضرورة تطلب العلو، ولا يلتفت يمنة ولا يسرة، فكيف ندفع هذه الضرورة عن أنفسنا، أو قال: فهل عندك دواء لدفع هذه الضرورة التي نجدها، فقال: يا حبيبي ما ثم إلا الحيرة، ولطم على رأسه ونزل، وبقي وقت عجيب، وقال فيما بعد: حيرني الهمذاني)(1) اهـ.

- الإمام الحافظ أبو القاسم إسماعيل بن محمد التيمي الطلحي الأصبهاني (535 هـ)

قال: (وزعم هؤلاء -أي منكروا العلو الحسي-: أنه لا يجوز الإشارة إلى الله سبحانه بالرؤوس والأصابع إلى فوق، فإن ذلك يوجب التحديد.

(1) نقلها شيخ الإسلام ابن تيمية في نقض التأسيس وساق أسانيدها (ص30) وأوردها الذهبي في العلو (ص259) وفي السير (18/ 474).

ص: 439

وقد أجمع المسلمون أن الله هو العلي الأعلى، ونطق بذلك القرآن في قوله:{سبح اسم ربك الأعلى} الأعلى1.

وزعموا: أن ذلك بمعنى علو الغلبة لا علو الذات. وعند المسلمين أن لله عز وجل علو الغلبة، والعلو من سائر وجوه العلو، لأن العلو صفة مدح، فثبت لله تعالى علو الذات، وعلو الصفات، وعلو القهر، والغلبة.) (1) اهـ.

- أبو الوليد محمد بن أبي القاسم أحمد بن رشد الحفيد القرطبي (605 هـ)

قال في كتاب "مناهج الأدلة في الرد على الأصوليين": (القول في الجهة: وأما هذه الصفة فلم يزل أهل الشريعة في أول الأمر يثبتونها لله سبحانه حتى نفتها المعتزلة، ثم تبعهم على نفيها متأخروا الأشعرية كأبي المعالي ومن اقتدى بقوله، وظواهر الشرع تقتضي إثبات الجهة ..... إلى أن قال: وجميع الحكماء قد اتفقوا على أن الله تعالى والملائكة في السماء كما اتفقت جميع الشرائع على ذلك)(2) اهـ.

(1) الحجة في بيان المحجة (2/ 114).

(2)

نقله شيخ الإسلام ابن تيمية في درء التعارض (6/ 213) وفي نقض التأسيس (ص97)

ص: 440

- أبو محمد عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي (620 هـ)

قال: (إن الله وصف نفسه بالعلو في السماء، ووصفه بذلك رسوله خاتم الأنبياء، وأجمع على ذلك جميع العلماء من الصحابة الأتقياء والأئمة من الفقهاء، وتواترت الأخبار بذلك على وجه حصل به اليقين، وجمع الله عليه قلوب المسلمين، وجعله مغروزاً في طباع الخلق أجمعين، فتراهم عند نزول الكرب يلحظون السماء بأعينهم ويرفعون نحوها للدعاء أيديهم، وينظرون مجيء الفرج من ربهم، وينطقون بذلك بألسنتهم، ولا ينكر ذلك إلا مبتدع غال في بدعته، أو مفتون بتقليده واتباعه على ضلالته)(1) اهـ.

- أبو عبد الله محمد بن أحمد القرطبي (671هـ)

قال في شرح أسماء الله الحسنى: (وأظهر الأقوال ما تظاهرت عليه الآي والأخبار والفضلاء الأخيار: أن الله على عرشه كما أخبر في كتابه وعلى لسان نبيه بلا كيف، بائن من جميع خلقه، هذا مذهب السلف الصالح فيما نقل عنهم الثقات)(2) اهـ.

(1) إثبات صفة العلو (ص43).

(2)

نقله شيخ الإسلام ابن تيمية عنه في درء التعارض (6/ 258) وفي بيان تلبيس الجهمية (2/ 33) وفي مجموع الفتاوى (3/ 224) وفي نقض التأسيس (ص106) ونقله ابن القيم عنه أيضاً في اجتماع الجيوش الإسلامية (ص263).

ص: 441

وقال: (والأكثر من المتقدمين والمتأخرين أنه إذا وجب تنزيه الباري سبحانه عن الجهة والتحيز فمن ضرورة ذلك ولواحقه اللازمة عليه عند عامة العلماء المتقدمين وقادتهم من المتأخرين تنزيهه تبارك وتعالى عن الجهة، فليس بجهة فوق عندهم، لأنه يلزم من ذلك عندهم متى اختص بجهة أن يكون في مكان أو حيز، ويلزم على المكان والحيز الحركة والسكون للمتحيز، والتغير والحدوث. هذا قول المتكلمين.

وقد كان السلف الأول رضي الله عنهم لا يقولون بنفي الجهة ولا ينطقون بذلك، بل نطقوا هم والكافة بإثباتها لله تعالى كما نطق كتابه وأخبرت رسله، ولم ينكر أحد من السلف الصالح أنه استوى على عرشه حقيقة. وخص العرش بذلك لأنه أعظم مخلوقاته، وإنما جهلوا كيفية الاستواء فإنه لا تعلم حقيقته.

قال مالك رحمه الله: الاستواء معلوم - يعني في اللغة - والكيف مجهول، والسؤال عن هذا بدعة. وكذا قالت أم سلمة رضي الله عنها. وهذا القدر كاف، ومن أراد زيادة عليه فليقف عليه في موضعه من كتب العلماء.) (1) اهـ.

(1) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (7/ 140).

ص: 442

- الإمام الحافظ شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي (748 هـ)

قال: (قال عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي الحافظ في كتاب الرد على الجهمية: حدثنا أبي حدثنا سليمان بن حرب سمعت حماد بن زيد يقول: "إنما يدورون على أن يقولوا ليس في السماء إله" يعني الجهمية.

قلت: مقالة السلف وأئمة السنة بل والصحابة والله ورسوله والمؤمنون أن الله عز وجل في السماء، وأن الله على العرش، وأن الله فوق سماواته، وأنه ينزل إلى السماء الدنيا،

وحجتهم على ذلك النصوص والآثار.

ومقالة الجهمية أن الله تبارك وتعالى في جميع الأمكنة تعالى الله عن قولهم بل هو معنا أينما كنا بعلمه.

ومقال متأخري المتكلمين: أن الله تعالى ليس في السماء، ولا على العرش، ولا على السموات ولا في الأرض، ولا داخل العالم ولا خارج العالم، ولا هو بائن عن خلقه ولا متصل بهم، وقالوا: جميع هذه الأشياء صفات الأجسام والله تعالى منزه عن الجسم.

قال لهم أهل السنة والأثر: نحن لا نخوض في ذلك ونقول ما ذكرناه اتباعاً للنصوص وإن زعمتم، ولا نقول بقولكم، فإن هذه

ص: 443

السلوب نعوت المعدوم تعالى الله جل جلاله عن العدم، بل هو موجود متميز عن خلقه، موصوف بما وصف به نفسه من أنه فوق العرش بلا كيف) (1) اهـ.

وقال بعد نقله لكلام القرطبي: (وقال القرطبي أيضا في الأسنى "الأكثر من المتقدمين والمتأخرين يعني المتكلمين يقولون إذا وجب تنزيه الباري جل جلاله عن الجهة والتحيز فمن ضرورة ذلك ولواحقه اللازمة عند عامة العلماء المتقدمين وقادتهم المتأخرين تنزيه الباري عن الجهة فليس لجهة فوق عندهم، لأنه يلزم من ذلك عندهم أنه متى اختص بجهة أن يكون في مكان وحيز، ويلزم على المكان والحيز والحركة والسكون للتحيز والتغير والحدوث. "هذا قول المتكلمين"

قال الذهبي: نعم هذا ما اعتمده نفاة علو الرب عز وجل، وأعرضوا عن مقتضى الكتاب والسنة وأقوال السلف وفطر الخلائق، ويلزم ما ذكروه في حق الأجسام، والله تعالى لا مثل له، ولازم صرائح النصوص حق ولكنا لا نطلق عبارة إلا بأثر، ثم نقول لا نسلم كون الباري على عرشه فوق السموات يلزم منه أنه في حيز وجهة إذ ما دون العرش يقال فيه حيز وجهات، وما فوقه فليس هو كذلك، والله فوق عرشه كما أجمع عليه الصدر

(1) العلو (ص143).

ص: 444

الأول، ونقله عنهم الأئمة، وقالوا ذلك رادين على الجهمية القائلين بأنه في كل مكان محتجين بقوله:{وهو معكم} الحديد4، فهذان القولان هما اللذان كانا في زمن التابعين وتابعيهم وهما قولان معقولان في الجملة.

فأما القول الثالث المتولد أخيراً من أنه تعالى ليس في الأمكنة ولا خارجاً عنها، ولا فوق عرشه، ولا هو متصل بالخلق ولا بمنفصل عنهم، ولا ذاته المقدسة متحيزة ولا بائنة عن مخلوقاته، ولا في الجهات ولا خارجاً عن الجهات، ولا ولا، فهذا شيء لا يعقل ولا يفهم مع ما فيه من مخالفة الآيات والأخبار، ففر بدينك وإياك وآراء المتكلمين، وآمن بالله وما جاء عن الله على مراد الله، وفوض أمرك إلى الله ولا حول ولا قوة إلا بالله) (1) اهـ.

فرع: في تقرير أبي الحسن الأشعري لعلو الله تعالى على خلقه بذاته، وإبطال كونه لا داخل العالم ولا خارجه ولا حال فيه ولا محايث له

قال في كتابه الإبانة في فصل "ذكر الاستواء على العرش" بعد ذكر الآيات الدالة على علو الله تعالى على جميع خلقه: (وقال تعالى حاكياً عن فرعون: {يا هامان ابن لي صرحاً لعلي أبلغ الأسباب. أسباب السموات فأطلع إلى

(1) المرجع السابق (ص268)

ص: 445

إله موسى وإني لأظنه كاذبا} غافر36، فكذب فرعون نبي الله موسى عليه الصلاة والسلام في قوله إن الله عز وجل فوق السماوات. وقال عز وجل:{أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض} الملك16، فالسماوات فوقها العرش، فلما كان العرش فوق السماوات قال:{أأمنتم من في السماء} لأنه مستو على العرش الذي فوق السماوات، وكل ما علا فهو سماء، والعرش أعلى السماوات .. ) إلى أن قال: (ورأينا المسلمين جميعاً يرفعون أيديهم إذا دعوا نحو السماء؛ لأن الله تعالى مستو على العرش الذي هو فوق السماوات، فلولا أن الله عز وجل على العرش لم يرفعوا أيديهم نحو العرش، كما لا يحطّونها إذا دعوا إلى الأرض.

فصل: وقد قال قائلون من المعتزلة والجهمية والحرورية: إن معنى قول الله تعالى: {الرحمن على العرش استوى} طه5، أنه استولى وملك وقهر، وأن الله تعالى في كل مكان، وجحدوا أن يكون الله عز وجل مستوياً على عرشه، كما قال أهل الحق، وذهبوا في الاستواء إلى القدرة.

ولو كان هذا كما ذكروه كان لا فرق بين العرش والأرض السابعة) ..

ص: 446

ثم ساق الأدلة وأجاب عن شبهات المعتزلة وغيرهم ثم قال: (دليل آخر: قال الله تعالى: {يخافون ربهم من فوقهم} النحل50، وقال تعالى:{تعرج الملائكة والروح إليه} المعارج4، وقال تعالى:{ثم استوى إلى السماء وهي دخان} فصلت11، وقال تعالى:{ثم استوى على العرش الرحمن فاسأل به خبيرا} الفرقان59، وقال تعالى:{ثم استوى على العرش ما لكم من ولي ولا شفيع} السجدة4، فكل ذلك يدل على أنه تعالى في السماء مستو على عرشه، والسماء بإجماع الناس ليست الأرض، فدل على أنه تعالى منفرد بوحدانيته، مستو على عرشه استواء منزهاً عن الحلول والاتحاد.

دليل آخر:

قال الله تعالى: {وجاء ربك والملك صفا صفا} الفجر22، وقال تعالى:{هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة} البقرة210، وقال:{ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى فأوحى إلى عبده ما أوحى ما كذب الفؤاد ما رأى أفتمارونه على ما يرى ولقد رآه نزلة أخرى} إلى قوله: {لقد رأى من آيات ربه الكبرى} النجم (8 - 18)، وقال تعالى لعيسى ابن مريم عليه السلام:{إني متوفيك ورافعك إليّ} آل عمران55، وقال تعالى: {وما قتلوه يقينا

ص: 447

بل رفعه الله إليه} النساء158، وأجمعت الأمة على أن الله سبحانه رفع عيسى صلى الله عليه وسلم إلى السماء، ومن دعاء أهل الإسلام جميعاً إذا هم رغبوا إلى الله تعالى في الأمر النازل بهم يقولون جميعاً: يا ساكن السماء، ومن حلفهم جميعاً: لا والذي احتجب بسبع سماوات.) (1) اهـ.

وقال في "مقالات الإسلاميين" في ذكر من ضل في علو الله تعالى فذكر منهم من قال أن الله لا داخل العالم ولا خارجه ونحو ذلك: (وقال قائلون: .. ثم قال: وأنه ليس في الأشياء ولا على العرش إلا على معنى أنه فوقه غير مماس له، وأنه فوق الأشياء وفوق العرش ليس بينه وبين الأشياء أكثر من أنه فوقها

) إلى أن قال: (وقال أهل السنة وأصحاب الحديث: ليس بجسم ولا يشبه الأشياء وأنه على العرش كما قال عز وجل: {الرحمن على العرش استوى} طه5، ولا نقدم بين يدي الله في القول، بل نقول: استوى بلا كيف

) إلى أن قال: (وقالت المعتزلة أن الله استوى على عرشه بمعنى استولى.)(2) اهـ.

(1) الإبانة للأشعري (ص97 - 103).

(2)

مقالات الإسلاميين (1/ 284).

ص: 448

وقال في "رسالة إلى أهل الثغر" في الإجماع التاسع عشر في إثبات علو الله تعالى وأنه لا ينافي معيته لخلقه بالعلم: (وأنه تعالى فوق سماواته على عرشه دون أرضه، وقد دل على ذلك بقوله: {أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض} الملك16، وقال: {إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه} فاطر10. وقال: {الرحمن على العرش استوى} طه5، وليس استواءه على العرش استيلاء كما قال أهل القدر، لأنه عز وجل لم يزل مستولياً على كل شيء. وأنه يعلم السر وأخفى من السر، ولا يغيب عنه شيء في السماوات والأرض حتى كأنه حاضر مع كل شيء، وقد دل الله عز وجل على ذلك بقوله: {وهو معكم أينما كنتم} الحديد4، وفسر ذلك أهل العلم بالتأويل أن علمه محيط بهم حيث كانوا. وأنه له عز وجل كرسياً دون العرش، وقد دل الله سبحانه على ذلك بقوله: {وسع كرسيه السموات والأرض} البقرة255، وقد جاءت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى يضع كرسيه يوم القيامة لفصل القضاء بين عباده)(1) اهـ.

(1) رسالة إلى أهل الثغر (ص232 - 236).

ص: 449

فرع: في تقرير عبد الله بن سعيد بن كلاب لعلو الله تعالى على عرشه، وإبطال من زعم أنه ليس داخل العالم ولا خارجه ولا حال فيه ولا محايث له

قال: (ويقال لهم أهو فوق ما خلق؟ فإن قالوا: نعم، قيل: ما تعنون بقولكم إنه فوق ما خلق؟ فإن قالوا: بالقدرة والعزة، قيل لهم: ليس عن هذا سألناكم، وإن قالوا: المسألة خطأ، قيل: فليس هو فوق، فإن قالوا: نعم ليس هو فوق، قيل لهم: وليس هو تحت، فإن قالوا: ولا تحت أعدموه، لأن ما كان لا تحت ولا فوق فعدم، وإن قالوا: هو فوق وهو تحت، قيل لهم: فوق تحت وتحت فوق .... وقال أيضاً: (يقال لهم إذا قلنا الإنسان لا مماس ولا مباين للمكان فهذا محال، فلا بد من نعم، قيل لهم: فهو لا مماس ولا مباين، فإذا قالوا: نعم، قيل لهم: فهو بصفة المحال من المخلوقين الذي لا يكون ولا يثبت في الوهم، فإذا قالوا: نعم، قيل: فينبغي أن يكون بصفة المحال من هذه الجهة، وقيل لهم: أليس لا يقال لما ليس بثابت في الإنسان مماس ولا مباين؟

ص: 450

فإذا قالوا: نعم، قيل: فأخبرونا عن معبودكم مماس هو أو مباين؟ فإذا قالوا: لا يوصف بهما، قيل لهم: فصفة إثبات الخالق كصفة عدم المخلوق، فلم لا تقولون عدم كما تقولون للإنسان عدم إذا وصفتموه بصفة العدم، وقيل لهم: إذا كان عدم المخلوق وجوداً له فإذا كان العدم وجوداً كان الجهل علماً والعجز قوة) (1) اهـ.

وقال الذهبي في ترجمته: (وصنف في التوحيد وإثبات الصفات، وأن علو الباري على خلقه معلوم بالفطرة والعقل على وفق النص)(2) اهـ.

فرع في تقرير علو الله بذاته على خلقه من كلام الحاث المحاسبي

قال في كتابه "فهم القرآن": (وأن قوله: {على العرش استوى} طه5، {وهو القاهر فوق عباده} الآية الأنعام18، {أأمنتم من فى السماء} الملك16،

(1) نقله عنه شيخ الإسلام ابن تيمية في درء التعارض (6/ 120) وفي مجموع الفتاوى (5/ 318)

(2)

سير أعلام النبلاء (11/ 175)

ص: 451

{إذا لابتغوا إلى ذى العرش سبيلا} الإسراء42، فهذا وغيره مثل قوله:{تعرج الملائكة والروح إليه} المعارج4، {إليه يصعد الكلم الطيب} فاطر10، هذا منقطع يوجب أنه فوق العرش، فوق الأشياء كلها، منزه عن الدخول فى خلقه، لا يخفى عليه منهم خافية، لأنه أبان فى هذه الآيات أنه أراد أنه بنفسه فوق عباده، لأنه قال:{أأمنتم من فى السماء أن يخسف بكم الأرض} الملك16، يعنى فوق العرش، والعرش على السماء، لأن من قد كان فوق كل شىء على السماء فى السماء، .. ) إلى أن قال:({وقال فرعون يا هامان ابن لى صرحا لعلى أبلغ الأسباب أسباب السموات فأطلع إلى إله موسى} غافر36، ثم استأنف الكلام فقال {وإنى لأظنه كاذبا} فيما قال لى أن إلهه فوق .. )(1) اهـ.

(1) نقله عنه شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (5/ 65 - 70).

ص: 452