الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تقريظ الشيخ / د. أحمد شاكر الجنيدي (مصر)
أستاذ العقيدة الإسلامية
ونائب الرئيس العام لجماعة أنصار السنة المحمدية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الكبير المتعال، والصلاة والسلام على المصطفى المبعوث من ولد عدنان، وعلى آل بيته الطيبين الأطهار، وصحبه البررة الأخيار، ومن تبعهم بإحسان.
وبعد:
فإنه لمن دواعي سروري وغبطتي أن أشاهد وأقرأ بين الحين والآخر كتاباً علمياً يؤصل منهج أهل السنة والجماعة، ويدافع وينافح عن عقيدة سلف الأمة الصالحين، وذلك أن أهل الأهواء لا يكفّون عن نشر بدعهم على الناس بطرق ملتوية غريبة، فيها تحريف للنصوص، واستدلال بما لا يصح، والنقل عن أمثالهم ممن انحرفت بهم السبل، ولقد وجد هؤلاء في حياة أبي الحسن الأشعري مجالاً خصباً للترويج لبدعهم بسبب أن أبا الحسن الأشعري رحمه الله نشأ
على مذهب الاعتزال في بداية عهده، ثم انتقل إلى مذهب عبد الله بن سعيد بن كلاب القطان الذي كان يثبت بعض الصفات ويؤول الآخ، ثم ختم الله لأبي الحسن بالخير فانتقل إلى مذهب أهل السنة والجماعة، ومحّص طريقته بالرجوع إلى مذهب السلف الصالح، وقال بما قاله إمام أهل السنة من قبله العالم الرباني أبي عبد الله أحمد بن حنبل الشيباني، وقد ذكر كثير من أهل العلم أطوار أبي الحسن الأشعري، ومنهم الإمام الحافظ ابن كثير رحمه الله حيث قال:(ذكروا للشيخ أبي الحسن الأشعري ثلاثة أطوار: أولها: حال الاعتزال التي رجع عنها لا محالة، والحال الثاني: إثبات الصفات العقلية السبع وهي: الحياة والعلم والقدرة والإرادة والسمع والبصر والكلام، وتأويل الخبرية كالوجه، واليدين، والقدم، والساق، ونحو ذلك، والحال الثالث: إثبات ذلك كله من غير تكييف ولا تشبيه جرياً على منوال السلف، وهي طريقته في الإبانة التي صنفها آخراً).
ومع هذا التصريح والتوضيح لأطوار الأشعري إلا أن أصحابه والمنتسبين إليه لم يلتزموا بمنهجه الأخير الذي رجع فيه إلى مذهب السلف، وألف الكتب النافعة فيه كالإبانة، ورسالة إلى أهل الثغر، وغير ذلك، بل أنكر الكثير منهم ما كتبه في معتقده الأخير، وهو ثابت يقيناً له، وثبتوا وتبنوا المرحلة الثانية للأشعري التي فيها تأويلٌ لكثير من الصفات، وغيرها من المخالفات،
يقول الشيخ محب الدين الخطيب رحمه الله: (أما الأشعرية: أي المذهب الذي المنسوب إليه في علم الكلام فكما أنه لا يمثل الأشعري في طور اعتزاله، فإنه ليس من الإنصاف أيضاً أن يلصق به فيما أراد أن يلقى الله عليه، بل هو مستمد من أقواله التي كان عليها في الطور الثاني، ثم عدل عن كثير منها في آخرته التي أتمها الله عليه بالحسنى)(1).
وإن عجبي لا ينتهي بعد ذلك من قوم يزعمون أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا أشاعرة، فلا أدري هل يظن هؤلاء أن الأشعري سابق على الصحابة وتلقوا منه، أم أن الصحابة تأخروا إلى عصره وأخذوا عنه المعتقد؟!! إنني أترك القارئ الكريم أن يعرف بنفسه فساد هذا الكلام الذي لا يستحق أن يرد عليه إنسان.
وهذا الكتاب الذي كتبه الأخ الفاضل الباحث الأستاذ / فيصل بن قزار الجاسم من الكتب النافعة المفيدة التي تساهم مساهمة فعالة في بيان مذهب السلف الصالح في أسماء الله وصفاته، وبيان المعتقد الذي رجع إليه الإمام أبو الحسن الأشعري رحمه الله كل ذلك بالأدلة الواضحة، والنقول النافعة عن أئمة السلف الصالح، وما كتبه الأشعري نفسه،
(1) انظر تعليقه على المنتقى من منهاج الاعتدال (ص43).
وقد تمكن الباحث بتوفيق الله من توضيح ذلك وبيانه بسبب فهمه لمعتقد السلف الصالح، ووقوفه على كتبهم الكثيرة في مسائل العقيدة، وهي مبنية على الاستدلال بكتاب الله وصحيح سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما ورد عن الصحابة والتابعين من أهل القرون الفاضلة، كما تناول الباحث في هذا الكتاب مناقشة بعض المتعصبين للمذهب الأشعري في طوره الثاني، وقد نسبوا ذلك ظلماً وعدواناً إلى الصحابة والتابعين، وهذا أمر خطير، وفيه من الافتراء على الصحابة والسلف ما هو معلوم، وقد رد المؤلف عليهم رداً علمياً معتمداً -بعد فضل الله- على الأصول العلمية عند السلف، ولهذا كان موفقاًَ غاية التوفيق، مصيباً كل الإصابة، وقد كفى برده هذا كل منصف باحث عن الحقيقة محب للحق، وإنني أدعو كل أشعري بعد ذلك إلى الوقوف على معتقد الأشعري بعد رجوعه إلى مذهب السلف، لأنه ليس من الإنصاف أن ننسب إليه شيئاً رجع عنه وقال بغيره.
وقد سبق أن قرأت للمؤلف بعض الكتب الأخرى ككتاب (حقيقة الخوارج في الشرع وعبر التاريخ) وكتاب (كشف الشبهات في مسائل العهد والجهاد)، وهي كتب نافعة في بابها، مهمة في العصضر الحاضر الذي كثر فيه الخارجون وافترى المفترون، فجزاه الله خير الجزاء،
وأسأل الله عز وجل أن يجعل ما كتبه في ميزان حسناته يوم الدين، وأن ينفع به المسلمين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
كتبه
أ. د./ عبد الله شاكر الجنيدي
أستاذ العقيدة الإسلامية
ونائب الرئيس العام لجماعة أنصار السنة المحمدية