الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكثيرٌ مما ذكره أبو الفضل التميمي مخالف لمعتقد الإمام أحمد الثابت عنه، كما نقل عنه نفي الجسم والجوارح والتركيب ونحو هذه الألفاظ، وقد كانت طريقة الإمام أحمد وأمثاله من الأئمة أنهم لا يطلقون هذه الألفاظ لا نفياً ولا إثباتاً، بل يقولون إثباتها بدعة كما أن نفيها بدعة، وإنما يلتزمون ما جاء في الكتاب والسنة من صفة الله تعالى.
قال الإمام أحمد: (ولا يبلغ الواصفون صفته، ولا نتعدى القرآن والحديث، فنقول كما قال، ونصفه بما وصف به نفسه، ولا نتعدى ذلك)(1) اهـ.
[المصادر التي تمكن من خلالها معرفة عقيدة الإمام أحمد]
ومن المعلوم أن عقيدة الإمام أحمد إنما تؤخذ مما ذكره بلفظه، لا مما فُهم من كلامه، ومصادرها متنوعة:
المصدر الأول: ما كتبه وسطره بنفسه ككتاب "الرد على الجهمية والزنادقة"، وكرسائله إلى أصحابه كرسالته إلى مسدد، ورسالته إلى عبدوس بن مالك العطار، ورسالته إلى الحسن بن إسماعيل الربعي، ورسالته إلى محمد بن يونس السرخسي، وغيرها من رسائله المنقولة عنه بالإسناد الثابت.
المصدر الثاني: مما صح عنه من كلامه وألفاظه المنقولة عنه، كما عند الخلال في "السنة" وفي "الأمر بالمعروف والنهي عن
(1) سبق تخريجه حاشية 32.
المنكر" وفي غيرها من كتبه، وكذلك ما نقله ابنه عبد الله في كتاب "السنة" وفي مسائله عن والده، وما نقل في مرويات "مسائل الإمام أحمد" كرواية أبي داود، ورواية ابن هانئ، ورواية صالح بن الإمام أحمد، وكذلك "مسائل الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه" برواية الكوسج، وككتاب "الورع" للمروذي، وكذلك ما نُقل عنه في الكتب المسندة في السنة ككتاب "خلق أفعال العباد" للبخاري، وكتاب "شرح أصول اعتقاد أهل السنة" للالكائي، وكتب ابن منده، وكتب ابن بطة، و"الشريعة" للآجري، و"إبطال التأويلات" للقاضي أبي يعلى وغيرها من كتبه.
الأمر الثاني: أنه ليس في شيء من الكتب الذي ذكرناها شيء من هذه الألفاظ لا نفياً ولا إثباتاً.
بل الثابت عن الإمام أحمد إنكاره على الجهمية نفي لفظ الجسم، وامتنع من الموافقة على نفيه، كما هو ممتنع عن إطلاق إثباته، كما جرى في مناظرته لأبي عيسى برغوث وغيره من نفاة الصفات في مسألة القرآن في محنته المشهورة لما ألزمه بأن القول بأن القرآن غير مخلوق مستلزم أن يكون الله جسماً، فأجابه الإمام أحمد بأنه لا يدري ما يريد القائل بهذا القول، فلا يوافقه عليه، بل يعلم أنه أحد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد.