الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الأول
في إثبات أن صفات الله الواردة في الكتاب والسنة على الحقيقة لا على المجاز
[أساس دعوة الرسل: التعريف بالمعبود]
إن أساس دعوة الرسل هو التعريف بالمعبود سبحانه، ومعرفته تبارك وتعالى إنما تكون بمعرفة أسمائه وصفاته وأفعاله، التي تنبني عليها جميع المطالب الشرعية والمقامات السنية من حب المعبود ورجائه وتعظيمه وتمجيده، ولذلك فقد تنوعت الأدلة في بيان ما اتصف به المعبود سبحانه من جميل النعوت والصفات، وعظيم الفعال.
ولما كان هذا الأمر هو محور دعوة الرسل عليهم الصلاة والسلام، صار أظهر شيء في كتاب الله، وأعظمه بياناً، وأحسنه كلاماً هو ما يتعلق بهذا الباب العظيم.
والله عز وجل قد امتن على عباده بما أنزله عليهم من القرآن العظيم الذي جعله حجة على عباده، وآية على صدق دعوة نبيه، وهدى للناس في كل زمان ومكان، فأوضحه الله عز وجل أعظم توضيح ويسره للتدبر والتذكر، وتعرف به إلى عباده.
قال تعالى: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ} القمر17
وقال جل وعلا واصفاً كتابه: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} الزخرف3.
وبين الله عز وجل أنه أنزل كتابه باللسان العربي الواضح، ليُفهم عنه فقال {وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ. َنزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ. عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ. بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ} الشعراء195.
وبين ربنا تبارك وتعالى أنه أرسل الرسل ليبينوا للناس، لا ليُلغزوا ويوهموا.
فقال تعالى: {يُرِيدُ اللهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} النساء26
وقال: {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} النحل44
ومن المحال أن يكون القرآن موصوفاً بكونه مُبيناً، ثم يكون أعظم ما فيه وهو صفة الله عز وجل ونعته سبحانه خافياً لا يُهتدى إليه إلا بالتكلفات والتأويلات المخرجة له عن حقيقته. بل لا بد أن يكون واضحاً بيناً يسهل الاهتداء إليه، وفهم معناه.