الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال ابن حجر في الفتح معلقاً: (قلت: ولم أر ذلك في النسخ التي وقعت لنا من البخاري)(1) اهـ.
ثانياً: أن هذا معارض للمعروف من عقيدة البخاري، من كونه على طريق شيوخه كالإمام أحمد وإسحاق وأبي عبيد وغيرهم من أئمة السلف، يثبت الصفات لله تعالى كما جاءت على ظاهرها، لا يتعرض لها بتأويل ولا غيره.
وسيأتي تقرير معتقد البخاري في الباب الرابع.
خلاصة الفصل:
يتبين لنا مما سبق أمور:
الأمر الأول: أنه لم يثبت حرف واحد من التأويل عن السلف رحمهم الله، وهذا يؤكد ما سبق تقريره من أن السلف مجمعون على بطلان التأويل والمنع منه في صفات الله تعالى، وأن الواجب فيها إجراؤها على ظاهرها، مع نفي التشبيه والتكييف عنها.
الأمر الثاني: بطلان دعوى الأشعريين في ثبوت التأويل عن السلف، وبه ينهدم الأصل والركن الثاني من الأركان التي قام عليها كتابهما، حيث زعما أن السلف دائرون في صفات الله تعالى بين التفويض والتأويل، فإذا بطل ما زعموه من التفويض كما سبق تقريره في الفصل الثاني من الباب الأول، ثم بطل ما زعموه من التأويل هنا،
(1) فتح الباري (8/ 501).
صار الكتاب مبنياً على أساس من الباطل.
الأمر الثالث: يتبين أيضاً ضعف ما لدى الأشعريين من الحجة، حيث أنهما أُلجئا إلى مثل هذه الروايات المنكرة أو التي لا أصل عن الصحابة والسلف، فلم يجدا فيما صح عن السلف ما يؤيد دعواهما.
فأي عقيدة هذه التي لا نجد لتقريرها -بعد طول البحث والتنقيب- إلا المنكرات والبواطيل؟!!
وصدق الدارمي إذ يقول في أمثال هؤلاء: (فقلت: إن أفلس الناس من الحديث وأفقرهم فيه الذي لا يجد من الحديث ما يدفع به تلك الأحاديث الصحيحة المشهورة في تلك الأبواب إلا هذا الحديث -لحديث باطل استدل به الجهمية على إنكار نزوله تعالى-، وهو أيضاً من الحديث أفلس، لأن هذا الحديث لو صح كان عليه لا له، فالحمد لله إذ ألجأتهم الضرورة إلى هذا وما أشبهه، لأنهم لو وجدوا حديثا منصوصاً في دعواهم لاحتجوا به لا بهذا، ولكن حين أيسوا من ذلك وأعياهم طلبه تعلقوا بهذا الحديث المشتبه على جهال الناس ليروجوا بسببه عليهم أغلوطة)(1) اهـ.
(1) الرد على الجهمية (ص99).