المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الباب الرابع والعشرون: الدعوة إلى الإسلام والحياة الطيبة في الدنيا ولأخرة - دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب سلفية لا وهابية

[أحمد بن عبد العزيز الحصين]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌تمهيد

- ‌الباب الأول: المد والجزر في حياة المسلمين

- ‌الباب الثاني: الإسلام يتحدث عن ذاته بأبطاله في التاريخ

- ‌الباب الثالث: مفهوم البطولة في الإسلام

- ‌الباب الرابع: الإمام محمد بن عبد الوهاب والدعوة المباركة

- ‌الفصل الأول: حياة الإمام محمد بن عبد الوهاب ونشأته

- ‌الفصل الثاني: وفاة الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله

- ‌الفصل الثالث: عقيدة الإمام وفكره

- ‌الباب الخامس: نماذج من منهجه في الدعوة إلى العقيدة السلفية

- ‌الفصل الأول: الأنموذج الأول حق الله على العباد وحق العباد على الله

- ‌الفصل الثاني: الأنموذج الثاني فصل التوحيد ومايكفر الذنوب

- ‌الفصل الثالث: الأنموذج الثالث من حقق التوحيد دخل الجنة بغير حساب

- ‌الفصل الرابع: الأنموذج الرابع الخوف من الشرك

- ‌الفصل الخامس: الأنموذج الخامس الدعاء إلى شهادة أن لا إله إلا الله

- ‌الفصل السادس: الأنموذج السادس تفسير التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله

- ‌الباب السادس: فيما قاله أحفاد الإمام محمد بن عبد الوهاب في إعتماده على الكتاب والسنة

- ‌الباب السابع: مؤلفات الإمام رحمه الله

- ‌الباب الثامن: طبيعة الدعوة

- ‌الباب التاسع: التمهيد للدعوة

- ‌الباب العاشر: نور التوحيد وبأس الحديد يصنعان الأبطال

- ‌الباب الحادي عشر: الدرعية والتلاحم العظيم بين الإمام محمد بن عبد الوهاب والأمير محمد بن سعود

- ‌الباب الثاني عشر: تأسيس الدولة السعودية الأولى

- ‌الباب الثالث عشر: الحملة المصرية على نجد

- ‌الباب الرابع عشر: تأسيس الدولة السعودية الثانية

- ‌الباب الخامس عشر: الإمام تركي بن عبد الله محرر نجد ومؤسس الدولة الثانية

- ‌الباب السادس عشر: الدولة السعودية الثالثة الحالية

- ‌الباب السابع عشر: شخصية الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود وخصائصه

- ‌الباب الثامن عشر: افتراءات وشبهات حول دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب "رحمه الله

- ‌الفصل الأول: الفرية الأولى الإمام محمد بن عبد الوهاب ادعى النبوة

- ‌الفصل الثاني: الفرية الثانية زعموا أن دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب من الخوارج

- ‌الفصل الثالث: الفرية الثالثة زعموا أن دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب تكفير الناس

- ‌الفصل الرابع: الفرية الرابعة الإمام محمد بن عبد الوهاب وانتقاض الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌الفصل الخامس: الفرية الخامسة زعموا أن دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب منع الإستشفاع بالرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌الفصل السادس: الفرية السادسة الإمام محمد بن عبد الوهاب هدم القباب على القبور ونهى عن شد الرحال لزيارتها

- ‌الفصل السابع: الفرية السابعة زعموا أن دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب إنكار كرامات الأولياء

- ‌الفصل الثامن: الفرية الثامنة زعمو أن حديث نجد قرن الشيطان

- ‌الفصل التاسع: الأدلة النبوية الصريحة على أن العراق مطلع الفتن وقرن الشيطان

- ‌الفصل العاشر: أقوال الصحابة على أن العراق مطلع قرن الشيطان

- ‌الفصل الحادي عشر: أقوال التابعين على أن العراق مطلع قرن الشيطان

- ‌الفصل الثاني عشر: أقوال الأئمة والمحدثين على أن العراق قرن الشيطان

- ‌الفصل الثالث عشر: الفرية التاسعة تسميتهم بالوهابية

- ‌الفصل الرابع عشر: الفرية العاشرة موقف الإمام محمد بن عبد الوهاب من دولة الخلافة العثمانية

- ‌الباب التاسع عشر: موقف سليمان بن عبد الوهاب من دعوة أخيه الإمام محمد بن عبد الوهاب

- ‌الباب العشرون: هل رجع سليمان بن عبد الوهاب عن ضلالته

- ‌الباب الواحد والعشرون: أثر دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب في العالم الإسلامي

- ‌تمهيد

- ‌الفصل الأول: الشام

- ‌الفصل الثاني: العراق

- ‌الفصل الثالث: اليمن

- ‌الفصل الرابع: مصر

- ‌الفصل الخامس: المغرب

- ‌الفصل السادس: الجزائر

- ‌الفصل السابع: ليبيا

- ‌الفصل الثامن: تونس

- ‌الفصل التاسع: السودان

- ‌الفصل العاشر: دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب نبراس يقتدى بها

- ‌الباب الثاني والعشرون: وقفة مع أفكار المتصوفة

- ‌الباب الثالث والعشرون: الإمام محمد بن عبد الوهاب وثناء علماء ومفكري الشرق والغرب عليه

- ‌الفصل الأول: ثناء علماء ومفكري الشرق

- ‌الفصل الثاني: ثناء علماء ومفكري الغرب

- ‌الباب الرابع والعشرون: الدعوة إلى الإسلام والحياة الطيبة في الدنيا ولأخرة

الفصل: ‌الباب الرابع والعشرون: الدعوة إلى الإسلام والحياة الطيبة في الدنيا ولأخرة

‌الباب الرابع والعشرون: الدعوة إلى الإسلام والحياة الطيبة في الدنيا ولأخرة

الدعوة إلى الإسلام ولحياة

الطيبة في الدنيا والآخرة

إن الإسلام هو الدين الأزلي الجامع الذي تواترت رسالات الأنبياء على إظهاره، فكانوا دعاة دين واحد. وشرائع متعددة تعاقبت، فكان لكل قوم هاد، ولكن قوم شرعه ومنهاج حتى ختم الله تبارك وتعالى بالرسالة المحمدية المصدقة لدعوات الأنبياء الأولين، عليهم السلام. هذه الرسالة السمحة تخاطب الناس كافة، وهي صالحة لكل زمان ومكان، رسالة جمعت فأوعت، واتسعت فأرشدت كل جنبات الحياة، إن نشرها والدعوة إليها واجب على أبناء الإسلام، حتى يخرج الناس من الظلمات إلى النور وينعموا بمنهج الله تعالى الذي ينظم الحياة ويوجهها ويصونها ويأخذ الناس بحكم رب الناس ملك الناس إله الناس، كي يوفر لهم الحياة الطيبة المبنية على قاعدة الإيمان الخالص، والعمل الصالح، قال تعالى:{مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (النحل:97) ، ولا يمكن أن يكون عمل صالح إلا بإيمان خالص، وبغير القاعدة التوحيدية الصحيحة، لا يمكن أن يقوم بناء إسلامي سليم، لذلك لا بد من حمل لواء الدعوة الإسلامية الصحيحة، وعلى جميع المسلمين أن يستشعروا عبوديتهم لله وحده لا شريك له، فينسوا أنفسهم في سبيله، ويتذكروا أخوتهم الإسلامية التي جمعت المهاجرين والأنصار، ووحدت قلوب المسلمين الأولين بعروة الله الوثقى، وهي: القرآن الكريم الذي عصمه الله من التحريف والتزييف، وجعله مصدقاً لما بين يديه من الكتب الإلهية ومهيمناً عليها، وخاتماً لها، هذا الكتاب الفاصل بين الحق والباطل، وبين المعروف والمنكر وبين الأثرة والأنانية.

ص: 467

جاء الوعد الحق بأن الباطل زهوق، وأن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده الصالحين، وفيه تبيان الصراط المستقيم والشعائر الإلهية التي تدعو الفرد للفضيلة، وتوجهه نحو الحياة التي تقوم على العدالة والإخاء.

فالصلاة:

تجديد للصلة بالله عز وجل، وترسيخ لمعاني الالتزام بالحق، ونهي عن الفحشاء والمنكر.

والصوم: زيادة على ما فيه من أسرار، تحمل للصبر على الشدائد، والمشاق، وتطويع للرغبات والشهوات.

والزكاة:

عبادة مالية توظف الأموال الوثروات في سبيل التكافل الذي أمر به الإسلام، ومشاركة المعسري في ثروة الميسور، بجزء معلوم للسائل والمحروم.

والحج:

عبادة كبرى تجمع بين المادة والروح احتفاء بتوحيد الله عز وجل، ورمزاً لوحدة أمة الإسلام، والتقائهم حول رب واحد، ودين واحد وقبلة واحدة.

والإسلام الصحيح وحده هو القادر على رفع الإنسان إلى القمة الشاهقة بغرس التوحيد الخالص والإيمان الصادق في قلبه، ليتمكن من تأدية واجب الأمانة التي كلفه الله تعالى به بلا وساطة ولا وسيط.

ص: 468

ومن هنا كان لهداية الإسلام أسلوب قويم، وأن مفتاح الإصلاح في الإسلام هو التوحيد، فالدعوة الإسلامية تبدأ بغرس الإيمان في قلب الإنسان، وتجعل المؤمنين مراقبين لله عز وجل، في أقوالهم وأفعالهم وحركاتهم وسكناتهم، وهؤلاء الأفراد الذي تزودوا بصحوة التوحيد والعقيدة هم اللبنات التي تعمر الحياة، وتنظم المجتمع، فتجربة الإنسان عبر التاريخ الإسلامي للأهواء والبدع قد باءت بالفشل، سواء كانت صوفية أو عقلانية1، بعيدة عن الكتاب والسنة.

وما على أبناء الإسلام وخصوصاً بعد أن مرت الأمة بتجارب مريرة -إلا أن يكرسوا جهودهم من أجل العودة بالمسليمن إلى الإسلام الصحيح، والسير خلف العلماء الصالحين القادرين على قيادة الناس بالكتاب والسنة بما وهبهم الله تعالى من قوة روحية ومعنوية، هؤلاء العلماء الملتزمون قولاً وعملاً بمبادئ الإسلام- يعتبرون مسؤولين مسؤولية كاملة أمام الله عز وجل والأمة جميعاً، عن تبصير الناس بدين الحق، وتحت قيادتهم، يمكن للمسلمين في أنحاء الأرض أن يقيموا المجتمع الإسلامي المتحد القادر على تطيبق رسالة الله الشاملة، والقضاء على كل نظام لا تتفق أسسه مع مضمون "لا إله إلا الله محمد رسول الله"، وشريعتها الإسلامية التي يجب على كل دولة إسلامية تطبيق مبادئها، وجعلها مناراً يهتدي بنوره الحاكم والمحكوم على السواء، في المجال التربوي والاجتماعي والاقتصادي والسياسي، والعسكري، واتخاذ الخطوات العملية لتضامن المسلمين، وإزالة التناقضات بينهم، تحقيقاً لقوله تعالى:

1 يقصد بها القوانين والأنظمة الغريبة عن الإسلام وأحكام الشريعة الغراء التي تم فرضها على الأمة في زمن الهزيمة والضعف مثل القانون الفرنسي والسويسري وما يسمى بالاشتراكية. راجع كتابنا "المسلمون بين الشريعة الإسلامية والقوانين الوضعية" للمؤلف.

ص: 469

{وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ} (المؤمنون:52) .

ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها، فأولها صلح بالاعتماد في شؤونهم كلها على الكتاب والسنة، وعلينا نحن إذا أردنا حياة العزة الإسلامية سابغة، أن نتعاون على البر والتقوى فيما بيننا، ونجتمع على تعاليم ربنا، وهدى نبينا صلى الله عليه وسلم، ونتحاب في الله عز وجل، ونرجع عند الاختلاف إلى الله والرسول، تنفيذاً لقوله عز وجل:

{فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} (النساء: 59) .

وحينئذ تمتد أمواج الحق لتبدد ظلام الباطل، فينبلج نور الفجر معلناً عن يوم جديد تشرق فيه أشعة الإسلام، لتكشف زيف جيوش الظلام، ويهتف هادي التوحيد "شعارنا الوحيد: إلى الإسلام من جديد"، فتجدد الآمال وتمتلئ المساجد بالركع السجود كباراً وصغاراً، رجالاً ونساء، مثلما كانت عليه أيام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضوان الله عليهم، وتعج قاعات المحاضرات في الجامعات والمدارس والجمعيات بمن يستمع الذكر والحكمة بآذان صاغية، وقلوب واعية متيقناً بأن المستقبل للإسلام، وأن دولة الخلافة على منهاج النبوة لا بد آتية لا ريب فيها، وترتفع الهامات والرؤوس وتتطهر النفوس مستعلية بالإيمان على الدنيا، وأصحابها وعلى الباطل وأعوانه، وتنحني رؤوس الموحدين لله رب العالمين إيذاناً بأن جيلاً قرآنياً سلفياً صالحاً قد ولد من جديد بعاطفة إيمانية تأبى إلا أن تفرض نفسها، ً وتبرز وجودها، وتبرهن على حياتها وحيويتها، لأنها ليس من صنع البشر، ولكنها من صنع الله عز وجل، الذي ألف بها بين عباده الصالحين:

ص: 470

{لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (الأنفال: 69) .

وبهذه الوحدة الإيمانية لن تغلب هذه الأمة، ولم تقهر، ولن تهتز حتى ولو تألبت عليها الأمم، واجتمع عليها أهل الأرض جميعاً، وقد حقق الله تعالى لهذه الأمة في ماضيها المجيد، وسيحقق لها في مستقبلها السعيد شريطة أن يرفض كل مسلم كل مظاهر الجاهلية، وجميع أشكال العقائد الأرضية، والنظم البشرية في سائر مناحي الحياة، ويعتقد أنه لا خلاص إلا بالانخراط تحت لواء التوحيد، وتسليم الأمة وجهها لله عز وجل امتثالاً لأمره.

{ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً} (البقرة: 208) .

عند ذلك تقوم دولة الإسلام العالمية وتعلو كلمة الله عز وجل، فتغشى وجوه المنافقين والمشركين قترة سوداء، لأنهم ربطوا مصيرهم بغير الإسلام، وأعطوا ولاءهم لغير الله، وسلموا قيادهم لأعوان "ماركس، ولينين وسارتر وفرويد"، ومن دعاء الإلحاد والإباحية، ولدعاة المهاترات والسخافات، والقيل والقال من الشيوعيين واليساريين والقوميين والعلمانيين، وعند ذلك تكون الساحة للإسلام وأبنائه، تملؤها أفواج العابدين المخلصين، وجموع المزكين المجاهدين، وأحفاد "أبي بكر" و"عمر" و"عثمان" و "علي"، ولا يبقى للباطل وجود بيننا بارتفاع صوت الحق مدوياً:

{وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً} (الإسراء:81) .

وتولي أذناب الصليبية والإباحية الأدبار من عمالنا الإسلامي: {كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ. فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ} (المدثر:51) ، وتضيق بهم الأرض بما رحبت، وتلفظهم

ص: 471

البشرية جزاء عبثهم بها قروناً كثيرة، فلا يجديهم شرق ولا غرب، وتلعنهم الجن والإنس بما نقضوا من عهود الله تعالى ومواثيقه، عند ذلك تتفجر شرايين اليهود والنصارى والمشركين والمنافقين غيظاً على ما يعاينونه من عزة الإسلام وقوة أتباعه، وخذلان الباطل، وتنكيس أعلامه خاصة وهم يشاهدون راية التوحيد والإيمان ترفرف فوق "رومية" عاصمة أهل الصلبان، والتي هي اليوم مقراً لباب الفاتيكان، وتأمل معي هذا الأثر الصحيح: عن أبي قبيل: كنا عند عبد الله بن عمرو بن العاص وسئل أي المدينتين تفتح أولاً القسطنيطينية أو رومية؟ فدعا عبد الله بصندوق له حلق، قال: فأخرج منه كتاباً، قال: فقال عبد الله: بينما نحن حول رسول الله صلى الله عليه وسلم نكتب إذ سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي المدينتين تفتح أولاً أقسطنطينية أم رومية؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مدينة هرقل تفتح أولاً يعني القسطنطينية1.

وستكون رايات الجهاد ضد المشركين والكفرة وأصحاب البدع ترفرف في أنحاء العالم الإسلامي.

وستكون دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب ناصعة مهما عبث العابثون والمضللون والخرافيون وأذنابهم، وقد خيب الله أمل كبير القساوسة المجرم "الزويمر" الذي يقول وهو يتبجح:"لقد انتهت هذه الحركة كاملة، ولقد ثبت الآن أن وجودها السياسي كان مجرد تمثيلية رائعة"2، ولكن الله غالب على أمره،

1 أخرجه أحمد وصححه الحاكم ووثق الذهبي.

2 انظر: الجزيرة العربية مهد الإسلام –تأليف زويمر ص 191.

ويعلق سانت جون فلبي في كتابه الجزيرة العربية ص 160: والعجيب أن هذا التعليق ما زال باقياً –رغم أنه قيل بمناسبة تدمير الدرعية- في طبعة 1902 لكتاب زويمر مع أنها السنة التي استرد فيها الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن الرياض.

ص: 472

فهذه المملكة العربية السعودية وترى السلفية قائمة دينياً وسياسياً وثقافياً واقتصادياً، ومشرفة على البيتين، ومحاربة الدخلاء والمنافقين، وستظل السعودية بإذن الله الدولة الإسلامية الرائدة مهما حقد عليها الأعداء.

وإن ترابط الأسرتين الكريمتين. (آل سعود وآل الشيخ) دليل على صلة وثيقة منذ مائتين وثلاثين عاماً1.

وصدق الشاعر ابن عثيمين:

وأبناء شيخ المسلمين محمد

لهم فضل سبق طبق الأفق شائعة

هموا آزروكم حين لم يك ناصر

سوى ربكم والمرهق الحد قاطعه

على جدث ضم الإمام محمد

سحاب من الغفران ثج هوامعه

فإن رمت أن تأتي الهدى بدليله

فطالع بعين القلب ما ضم جامعه

على من مضى منكم ومنهم تحية

يجود بها جزل العطاء وواسعه

1 انظر: الدولة السعودية الأولى والثانية والثالثة والملوك الذين حكموها منذ ظهور الإمام محمد بن عبد الوهاب إلى يومنا الحاضر.

ص: 473

فأنتم وهم من رحمة الله للورى

فلا زلتمو ما صاحب النسر واقعه

دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب ليست ملكاً لبلد ولا وقفاً على أسرة أو قبيلة، بل للعالم الإسلامي بأسره، وعشيرته هم الموحدون المؤمنون في كل بقعة من عالمنا الإسلامي الكبير.

أما الحاسدون لهذه الدعوة وصاحبها وأتباعهم، فإننا نقول لهم كما قال الشاعر:

حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه

فالقوم أعداء له وخصوم

وقال أبو تمام:

وإذا أراد الله نشر فضيلة

طويت أتاح لها لسان حسود

لولا اشتعال النار فيما جاورت

ما كان يعرف فضل طيب العود

وكما قال الشاعر:

كناطح صخرة يوماً ليوهنها

فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل

ص: 474

ويقول آخر:

إذا أراد الله حتفاً بنملة

أتاها الله جناحين لها فأطارها

رحم الله سليمان بن سحمان إذا يقول:

ولو كل من يعوي يلقم صخرة

لأصبح صخر الأرض أغلى من الدر

والمثل العربي يقول: نبح الكلاب لا يضر السحاب.

وقبل أن نختم هذا الفصل أضع أمام الأخوة الردود النافعة على المعارضين لدعوة التوحيد لتكون نبراساً لطلبة العلم، الذين يريدون الحق وكشف الحقائق.

1-

تأسيس التقديس في كشف تلبيس داود ابن جرجيس عبد الله بن عبد الرحمن البابطين (ت1282هـ) .

2-

النبذة الشريفة النفسية في الرد على القبوريين، وكتاب الفواكه العذاب في الرد على من لم يحكم السنة والكتاب، تأليف محمد ابن ناصر بن معمر.

3-

الصيب الهطال في كشف شبه ابن كمال: تأليف أحمد بن محمد الكثلاني.

4-

إيقاظ الوسنان على بيان الخلل الذي في صلح الإخوان: تأليف محمد بن ناصر الشريف التهامي اليمني (ت1283هـ) .

5-

القول الفصل النفيس في الرد على داود جرجيس: للشيخ عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الرحيم (1285هـ) .

ص: 475

6-

تأييد الملك المنان في نقض ضلالات دحلان: تأليف صالح بن محمد الشهري.

7-

صيانة الإنسان عن وسوسة دحلان: تأليف الشيخ محمد بن بشير السهسواني (ت1326هـ) .

8-

غاية الأماني في الرد على النبهاني: تأليف علامة العراق محمود شكري الألوسي (ت1342هـ) .

9-

الأسنة الحداد في الرد على علوي الحداد، وكشف غياهب الظلام عن جلاء الأوهام والرد على علي مختار أحمد المؤيد، والصواعق المرسلة الشهابية في الرد على الشبه الشامية، والرد على محمد عطا الكسم، والضياء الشارق في رد الشبهات المارد الحاذق، وتبرئة الشيخين الإمامين من تزوير أهل الكذب، والبيان المجدي لشناعة القول المجدي، وكل هذه الكتب من تأليف علامة نجد سليمان بن سحمان (ت1349هـ) .

10-

البيان والإشهار لكشف زيغ الملحد الحاج المختار: تأليف فوزان بن سابق السابق (ت1373هـ) .

11-

الصراع بين الإسلام والوثنية، وهو رد على محسن الأمين العاملي صاحب كشف الارتياب، وكتاب البروق النجدية في اكتساح الظلمات الدجوية، وكتاب الفصل الحاصم بين الوهابيين، ومخالفيهم، وكتاب الثورة الوهابية. كل هذه الكتب من تأليف عبد الله بن علي القصيمي.

12-

الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وكتاب نقض كلام المفترين على الحنابلة السلفيين، تأليف أحمد بن حجر آل علي آل بو طامي.

ص: 476

13-

دعايات مكثفة ضد الشيخ محمد بن عبد الوهاب: تأليف محمد منظور النعماني وهو من علماء الهند.

14-

الرسالة المكية في الرد على رسالة الرملية: تأليف الشيخ عبد الظاهر أبو السمح (ت1370هـ) .

15-

محمد بن عبد الوهاب مصلح مظلوم ومفترى عليه: تأليف مسعود الندوي الهندي (ت1373هـ) .

كل هذه المؤلفات التي تدافع عن عقيدة السلف الصالح، وتكشف زيغ أعداء الدعوة المباركة، وتدمر الباطل: وصدق رب العزة والجلال إذ يقول:

{وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ. إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ. وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ} .

أسأل رب العزة والجلال، رب العرش الكريم، أن يجعل هذا الكتاب خالصاً لوجهه الكريم، وأن يرحم الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب بما قام به من جهد عظيم في محاربة الشرك والبدع والخرافات التي لصقت بالدين، والدين منها براء، فجزاه الله عنا رحمة واسعة، وأن يدخله فسيح جنانه، إنه نعم المولى ونعم النصير، كما أسأله سبحانه وتعالى أن يعمنا برحمته ويشملنا بفضله وإحسانه، فيا أخي القارئ: إن هذا الكتاب قد أخذ مني من الجهد ما لا يخفى عليك، فأرجو من الله سبحانه وتعالى أن ينتفع به شعوب العالم الإسلامي شرقه وغربه، وأن يكون نبراساً يهتدي به كل ضال يبحث عن الهدى، وأن يكون نجماً يهتدي به كل باحث عن حقيقة التوحيد الخالص النقي، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن اتبعه وصار على نهجه إلى يوم الدين.

ص: 477

أموت ويبقى كل ما قد كتبته

فيا ليت من يقرأ كتابي دعا ليا

لعل الإله يمن بلطفه

ويرحم تقصيري وسوء فعاليا

بقلم

أبي عبد الله

أحمد بن عبد العزيز بن عبد الله الحصين

القصيم –بريدة

ص: 478