الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
قَالَ شيخ الْإِسْلَام
الْحَمد لله رب الْعَالمين قَالَ الله تَعَالَى {حرمت عَلَيْكُم الْميتَة وَالدَّم وَلحم الْخِنْزِير وَمَا أهل لغير الله بِهِ والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وَمَا أكل السَّبع إِلَّا مَا ذكيتم}
وَقَوله تَعَالَى {إِلَّا مَا ذكيتم} عَائِد إِلَى مَا تقدم من المنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وأكلية السَّبع عِنْد عَامَّة الْعلمَاء كالشافعي وَأحمد بن حَنْبَل وَأبي حنيفَة وَغَيرهم
فَمَا أَصَابَهُ الْمَوْت قبل أَن يَمُوت أُبِيح لَكِن تنَازع الْعلمَاء فِيمَا يذكى من ذَلِك فَمنهمْ من قَالَ مَا تَيَقّن مَوته لَا يذكى كَقَوْل مَالك وَرِوَايَة عَن أَحْمد
وَمِنْهُم من يَقُول مَا يعِيش مُعظم الْيَوْم ذكي
وَمِنْهُم من يَقُول مَا كَانَت فِيهِ حَيَاة مُسْتَقِرَّة ذكي كَمَا يَقُوله من يَقُوله من أَصْحَاب الشَّافِعِي وَأحمد
ثمَّ من هَؤُلَاءِ من يَقُول الْحَيَاة المستقرة مَا يزِيد على حَرَكَة الْمَذْبُوح وَمِنْهُم من يَقُول مَا يُمكن أَن يزِيد على حَيَاة الْمَذْبُوح وَالصَّحِيح أَنه إِذا كَانَ حَيا فذكي حل أكله وَلَا يعْتَبر فِي ذَلِك حَرَكَة مَذْبُوح فَإِن حركات الْمَذْبُوح لَا تنضبط بل فِيهَا مَا يطول زَمَانه وتعظم حركته وفيهَا مَا يقل زَمَانه وتضعف حركته وَقد قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم
مَا أنهر الدَّم وَذكر اسْم الله عَلَيْهِ فَكُلُوا فَمَتَى جرى الدَّم الَّذِي يجْرِي من الْمَذْبُوح الَّذِي ذبح وَهُوَ حَيّ حل أكله
وَالنَّاس يفرقون بَين دم مَا كَانَ حَيا وَدم مَا كَانَ مَيتا فَإِن الْمَيِّت يجمد دَمه ويسود وَلِهَذَا حرم الله الْميتَة لاحتقان الرطوبات فِيهَا فَإِذا جرى مِنْهُ الدَّم الَّذِي يخرج من الْمَذْبُوح الَّذِي ذبح وَهُوَ حَيّ حل أكله وَإِن تَيَقّن أَنه يَمُوت فَإِن الْمَقْصُود ذبح وَمَا فِيهِ حَيَاة فَهُوَ حَيّ وَإِن تَيَقّن أَنه يَمُوت بعد سَاعَة فعمر بن الْخطاب رضي الله عنه تَيَقّن أَنه يَمُوت وَكَانَ حَيا جَازَت وَصيته وَصلَاته وعهوده وَقد أفتى غير وَاحِد من الصَّحَابَة رضي الله عنهم بِأَنَّهَا إِذا مصعت بذنبها أَو طرفت بِعَينهَا أَو ركضت برجلها بعد الذّبْح حلت وَلم يشترطوا أَن تكون حركتها قبل ذَلِك أَكثر من حَرَكَة الْمَذْبُوح وَهَذَا قَالَه الصَّحَابَة لِأَن الْحَرَكَة دَلِيل على الْحَيَاة وَالدَّلِيل لَا ينعكس فَلَا يلْزم إِذا لم يُوجد هَذَا مِنْهَا أَن تكون ميتَة بل قد تكون حَيَّة وَإِن لم يُوجد مِنْهَا مثل ذَلِك وَالْإِنْسَان قد يكون نَائِما فَيذْبَح وَهُوَ نَائِم وَلَا يضطرب وَكَذَلِكَ المغمي عَلَيْهِ يذبح وَلَا يضطرب وَكَذَلِكَ الدَّابَّة قد تكون حَيَّة فتذبح وَلَا تضطرب لِضعْفِهَا عَن الْحَرَكَة وَإِن كَانَت حَيَّة وَلَكِن خُرُوج الدَّم الَّذِي لَا يخرج إِلَّا من مَذْبُوح وَلَيْسَ هُوَ دم الْمَيِّت دَلِيل على الْحَيَاة وَالله أعلم