الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خلل وَلَا يفْتَقر إِلَى حِسَاب بِخِلَاف الِاجْتِمَاع فَإِنَّهُ أَمر خَفِي يفْتَقر إِلَى حِسَاب وَبِخِلَاف الشَّهْر الشمسي لَو ضبط
وَأما السّنة الشمسية فَإِنَّهَا وَإِن كَانَت طبيعية فَهِيَ من جنس الِاجْتِمَاع لَيْسَ أمرا ظَاهرا للحس بل يفْتَقر إِلَى حِسَاب سير الشَّمْس فِي الْمنَازل وَإِنَّمَا الَّذِي يُدْرِكهُ الْحس تقريب ذَلِك فَإِن انْقِضَاء الشتَاء وَدخُول الْ
فَصْل
الَّذِي تسميه الْعَرَب الصَّيف ويسميه غَيرهَا الرّبيع أَمر ظَاهر بِخِلَاف محاذاة الشَّمْس لجزء من أَجزَاء الْفلك يُسمى برج كَذَا أَو محاذاتها لإحدى نقطتي الرَّأْس أَو الذَّنب فَإِنَّهُ يفْتَقر إِلَى حِسَاب
وَلما كَانَت البروج اثْنَي عشر فَمَتَى تكَرر الْهِلَالِي اثْنَي عشر فقد انْتقل فِيهَا كلهَا فَصَارَ ذَلِك سنة كَامِلَة تعلّقت بِهِ أَحْكَام ديننَا من المؤقتات شرعا أَو شرطا إِمَّا بِأَصْل الشَّرْع كالصيام وَالْحج وَإِمَّا بِسَبَب من العَبْد كالعدة وَمُدَّة الْإِيلَاء وَصَوْم الْكَفَّارَة وَالنّذر وَإِمَّا بِالشّرطِ كالأجل فِي الدّين وَالْخيَار والأيمان وَغير ذَلِك
فصل
{أَلا إِن أَوْلِيَاء الله لَا خوف عَلَيْهِم وَلَا هم يَحْزَنُونَ}
و {أَوْلِيَاء الله} هم {الَّذين آمنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} كَمَا ذكر الله تَعَالَى فِي كِتَابه وهم قِسْمَانِ المقتصدون أَصْحَاب الْيَمين والمقربون السَّابِقُونَ
فولي الله ضد عَدو الله قَالَ الله تَعَالَى {أَلا إِن أَوْلِيَاء الله لَا خوف عَلَيْهِم وَلَا هم يَحْزَنُونَ الَّذين آمنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} وَقَالَ تَعَالَى {إِنَّمَا وَلِيكُم الله وَرَسُوله وَالَّذين آمنُوا الَّذين يُقِيمُونَ الصَّلَاة وَيُؤْتونَ الزَّكَاة وهم رَاكِعُونَ وَمن يتول الله وَرَسُوله وَالَّذين آمنُوا فَإِن حزب الله هم الغالبون} وَقَالَ تَعَالَى {لَا تَتَّخِذُوا عدوي وَعَدُوكُمْ أَوْلِيَاء} وَقَالَ {وَيَوْم يحْشر أَعدَاء الله إِلَى النَّار فهم يُوزعُونَ} وَقَالَ {أفتتخذونه وَذريته أَوْلِيَاء من دوني وهم لكم عَدو} وَقد روى البُخَارِيّ فِي صَحِيحه عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول الله تَعَالَى من عادى لي
وليا فقد بارزني بالمحاربة وَمَا تقرب إِلَيّ عَبدِي بِمثل أَدَاء مَا افترضت عَلَيْهِ وَلَا يزَال عَبدِي يتَقرَّب إِلَيّ بالنوافل حَتَّى أحبه فَإِذا أحببته كنت سَمعه الَّذِي يسمع بِهِ وبصره الَّذِي يبصر بِهِ وَيَده الَّتِي يبطش بهَا وَرجله الَّتِي يمشي بهَا فَبِي يسمع وَبِي يبصر وَبِي يبطش وَبِي يمشي وَلَئِن سَأَلَني لأعطينه وَلَئِن استعاذني لأعيذنه وَمَا ترددت عَن شَيْء أَنا فَاعله ترددي عَن قبض نفس عَبدِي الْمُؤمن يكره الْمَوْت وأكره مساءته وَلَا بُد لَهُ مِنْهُ
وَالْوَلِيّ مُشْتَقّ من الْوَلَاء وَهُوَ الْقرب كَمَا أَن الْعَدو من الْعَدو وَهُوَ الْبعد فولي الله من وَالَاهُ بالموافقة لَهُ فِي محبوباته ومرضياته وتقرب إِلَيْهِ بِمَا أَمر بِهِ من طاعاته وَقد ذكر النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا الحَدِيث الصَّحِيح الصِّنْفَيْنِ الْمُقْتَصِدِينَ من أَصْحَاب الْيَمين وهم المتقربون إِلَى الله بالواجبات والسابقين المقربين وهم المتقربون إِلَيْهِ بالنوافل بعد الْوَاجِبَات
وَذكر الله الصِّنْفَيْنِ فِي سُورَة فاطر والواقعة وَالْإِنْسَان والمطففين وَأخْبر أَن الشَّرَاب الَّذِي يرْوى بِهِ المقربون بشربهم إِيَّاه صرفا يمزج لأَصْحَاب الْيَمين
وَالْوَلِيّ الْمُطلق هُوَ من مَاتَ على ذَلِك فَأَما إِن قَامَ بِهِ الْإِيمَان وَالتَّقوى وَكَانَ فِي علم الله أَنه يرْتَد عَن ذَلِك فَهَل يكون فِي حَال إيمَانه وتقواه وليا لله أَو يُقَال لم يكن وليا لله قطّ لعلم الله بعاقبته هَذَا فِيهِ قَولَانِ للْعُلَمَاء وَكَذَلِكَ عِنْدهم الْإِيمَان الَّذِي يعقبه الْكفْر هَل هُوَ إِيمَان صَحِيح ثمَّ يبطل بِمَنْزِلَة مَا يحبط من الْأَعْمَال بعد كَمَاله أَو هُوَ إِيمَان بَاطِل بِمَنْزِلَة من أفطر قبل غرُوب الشَّمْس فِي صِيَامه وَمن أحدث قبل السَّلَام فِي صلَاته فِيهِ أَيْضا قَولَانِ للفقهاء والمتكلمين والصوفية
والنزاع فِي ذَلِك بَين أهل السّنة والْحَدِيث من أَصْحَاب الإِمَام أَحْمد وَغَيرهم وَكَذَلِكَ يُوجد النزاع فِيهِ بَين أَصْحَاب مَالك وَالشَّافِعِيّ وَغَيرهم لَكِن أَكثر أَصْحَاب أبي حنيفَة لَا يشترطون سَلامَة الْعَاقِبَة وَكثير من أَصْحَاب مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد يشْتَرط سَلامَة الْعَاقِبَة وَهُوَ قَول كثير من متكلمي أهل الحَدِيث كالأشعري وَمن متكلمي الشِّيعَة ويبنون على هَذَا النزاع أَن ولي الله هَل يصير عدوا لله وَبِالْعَكْسِ وَمن أحبه الله وَرَضي عَنهُ هَل أبغضه وَسخط عَلَيْهِ فِي وَقت مَا وَبِالْعَكْسِ وَمن أبغضه الله وَسخط عَلَيْهِ هَل أحبه الله وَرَضي عَنهُ فِي وَقت مَا على الْقَوْلَيْنِ
وَالتَّحْقِيق هُوَ الْجمع بَين الْقَوْلَيْنِ فَإِن علم الله الْقَدِيم الأزلي وَمَا يتبعهُ من محبته وَرضَاهُ وبغضه وَسخطه وولايته وعداوته لَا يتَغَيَّر فَمن علم الله مِنْهُ أَنه يوافي حِين مَوته بِالْإِيمَان وَالتَّقوى فقد تعلق بِهِ محبَّة الله وولايته وَرضَاهُ عَنهُ أزلا وأبدا وَكَذَلِكَ من علم الله مِنْهُ
أَنه يوافي حِين مَوته بالْكفْر فقد تعلق بِهِ بغض الله وعداوته وَسخطه أزلا وأبدا لَكِن مَعَ ذَلِك فَإِن الله تَعَالَى يبغض مَا قَامَ بِالْأولِ من كفر وفسوق قبل مَوته وَقد يُقَال أَنه يبغضه ويمقته على ذَلِك كَمَا ينهاه عَن ذَلِك وَهُوَ سبحانه وتعالى يَأْمر بِمَا فعله الثَّانِي من الْإِيمَان وَالتَّقوى وَيُحب مَا يَأْمر بِهِ ويرضاه وَقد يُقَال أَنه يواليه حِينَئِذٍ على ذَلِك
وَالدَّلِيل على ذَلِك اتِّفَاق الْأَئِمَّة على أَن من كَانَ مُؤمنا ثمَّ ارْتَدَّ فَإِنَّهُ لَا يحكم بِأَن إيمَانه الأول كَانَ فَاسِدا بِمَنْزِلَة من أفسد الصَّلَاة وَالصِّيَام وَالْحج قبل الْإِكْمَال وَإِنَّمَا يُقَال كَمَا قَالَ الله تَعَالَى {وَمن يكفر بِالْإِيمَان فقد حَبط عمله} وَقَالَ {لَئِن أشركت ليحبطن عَمَلك} وَقَالَ {وَلَو أشركوا لحبط عَنْهُم مَا كَانُوا يعْملُونَ} وَلَو كَانَ فَاسِدا فِي نَفسه لوَجَبَ الحكم بِفساد أنكحته الْمُتَقَدّمَة وَتَحْرِيم ذبائحه وَبطلَان إِرْثه الْمُتَقَدّم وَبطلَان عباداته جَمِيعهَا حَتَّى لَو كَانَ قد حج عَن غَيره كَانَ حجه بَاطِلا وَلَو صلى مُدَّة بِقوم ثمَّ ارْتَدَّ كَانَ عَلَيْهِم أَن يُعِيدُوا صلَاتهم خَلفه وَلَو شهد أَو حكم ثمَّ ارْتَدَّ لوَجَبَ أَن تفْسد صلَاته وَحكمه وَنَحْو ذَلِك وَكَذَلِكَ أَيْضا الْكَافِر إِذا تَابَ من كفره لَو كَانَ محبوبا لله وليا لَهُ فِي حَال كفره لوَجَبَ أَن يقْضِي بِعَدَمِ أَحْكَام ذَلِك الْكفْر وَهَذَا كُله خلاف مَا ثَبت بِالْكتاب وَالسّنة وَالْإِجْمَاع
وَالْكَلَام فِي هَذِه الْمَسْأَلَة نَظِير الْكَلَام فِي الأرزاق والآجال وَهِي أَيْضا مَبْنِيَّة على قَاعِدَة الصِّفَات الفعلية وَهِي قَاعِدَة كَبِيرَة
وعَلى هَذَا يخرج جَوَاب السَّائِل فَمن قَالَ إِن ولي الله لَا يكون إِلَّا من وافاه حِين الْمَوْت بِالْإِيمَان وَالتَّقوى فالعلم بذلك أصعب عَلَيْهِ وعَلى غَيره وَمن قَالَ قد يكون وليا لله من كَانَ مُؤمنا تقيا وَإِن لم تعلم عاقبته فالعلم بِهِ أسهل
وَمَعَ هَذَا يُمكن الْعلم بذلك للْوَلِيّ نَفسه وَلغيره وَلكنه قَلِيل وَلَا يجوز لَهُم الْقطع على ذَلِك فَمن ثبتَتْ ولَايَته بِالنَّصِّ وَأَنه من أهل الْجنَّة كالعشرة وَغَيرهم فعامة أهل السّنة يشْهدُونَ لَهُ بِمَا شهد لَهُ بِهِ النَّص وَأما من شاع لَهُ لِسَان صدق فِي الْأمة بِحَيْثُ اتّفقت الْأمة على الثَّنَاء عَلَيْهِ فَهَل يشْهد لَهُ بذلك هَذَا فِيهِ نزاع بَين أهل السّنة وَالْأَشْبَه أَن يشْهد لَهُ بذلك هَذَا فِي الْأَمر الْعَام
وَأما خَواص النَّاس فقد يعلمُونَ عواقب أَقوام بِمَا كشف الله لَهُم لَكِن هَذَا لَيْسَ مِمَّن
يجب التَّصْدِيق الْعَام بِهِ فَإِن كثيرا مِمَّن يظنّ بِهِ أَنه حصل لَهُ هَذَا الْكَشْف يكون ظَانّا فِي ذَلِك ظنا لَا يُغني من الْحق شَيْئا وَأهل المكاشفات والمخاطبات يصيبون تَارَة ويخطئون أُخْرَى كَأَهل النّظر وَالِاسْتِدْلَال فِي موارد الِاجْتِهَاد وَلِهَذَا وَجب عَلَيْهِم جَمِيعهم أَن يعتصموا بِكِتَاب الله وَسنة رَسُول صلى الله عليه وسلم وَأَن يزنوا مواجيدهم ومشاهدتهم وآراءهم ومعقولاتهم بِكِتَاب الله وَسنة رَسُوله وَلَا يكتفوا بِمُجَرَّد ذَلِك فَإِن سَنَد الْمُحدثين والمخاطبين الملهمين من هَذِه الْأمة هُوَ عمر ابْن الْخطاب وَقد كَانَت تقع لَهُ وقائع فيردها عَلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَو صديقه التَّابِع لَهُ الْآخِذ عَنهُ الَّذِي هُوَ أكمل من الْمُحدث الَّذِي يحدثه قلبه عَن ربه
وَلِهَذَا وَجب على جَمِيع الْخلق اتِّبَاع الرَّسُول وطاعته فِي جَمِيع أُمُوره الْبَاطِنَة وَالظَّاهِرَة وَلَو كَانَ أحد يَأْتِيهِ من الله مَالا يحْتَاج إِلَى عرضه على الْكتاب وَالسّنة لَكَانَ مستغنيا عَن الرَّسُول صلى الله عليه وسلم فِي بعض دينه وَهَذَا من أَقْوَال المارقين الَّذين يظنون أَن من النَّاس من يكون مَعَ الرَّسُول كالخضر مَعَ مُوسَى وَمن قَالَ هَذَا فَهُوَ كَافِر
وَقد قَالَ الله تَعَالَى {وَمَا أرسلنَا من قبلك من رَسُول وَلَا نَبِي إِلَّا إِذا تمنى ألْقى الشَّيْطَان فِي أمْنِيته فَينْسَخ الله مَا يلقِي الشَّيْطَان ثمَّ يحكم الله آيَاته وَالله عليم حَكِيم} فقد ضمن الله للرسول وَلِلنَّبِيِّ أَن ينْسَخ مَا يلقِي الشَّيْطَان فِي أمْنِيته وَلم يضمن ذَلِك للمحدث وَلِهَذَا كَانَ فِي الْحَرْف الآخر الَّذِي كَانَ يقْرَأ بِهِ ابْن عَبَّاس وَغَيره وَمَا أرسلنَا من قبلك من رَسُول وَلَا نَبِي وَلَا مُحدث إِلَّا إِذا تمنى ألْقى الشَّيْطَان فِي أمْنِيته
وَيحْتَمل وَالله أعلم أَن لَا يكون هَذَا الْحَرْف متلوا حَيْثُ لم يضمن نسخ مَا ألْقى الشَّيْطَان فِي أُمْنِية الْمُحدث فَإِن نسخ مَا ألْقى الشَّيْطَان لَيْسَ إِلَّا للأنبياء وَالْمُرْسلِينَ إِذْ هم معصومون فِيمَا يبلغونه عَن الله تَعَالَى أَن يسْتَقرّ فِيهِ شَيْء من إِلْقَاء الشَّيْطَان وَغَيرهم لَا تجب عصمته من ذَلِك وَإِن كَانَ من أَوْلِيَاء الله الْمُتَّقِينَ فَلَيْسَ من شَرط أَوْلِيَاء الله الْمُتَّقِينَ أَن لَا يَكُونُوا مخطئين فِي بعض الْأَشْيَاء خطأ مغفورا لَهُم بل وَلَا من شرطهم ترك الصَّغَائِر مُطلقًا بل وَلَا من شرطهم ترك الْكَبَائِر أَو الْكفْر الَّذِي تعقبه التَّوْبَة
وَقد قَالَ الله تَعَالَى {وَالَّذِي جَاءَ بِالصّدقِ وَصدق بِهِ أُولَئِكَ هم المتقون لَهُم مَا يشاؤون عِنْد رَبهم ذَلِك جَزَاء الْمُحْسِنِينَ ليكفر الله عَنْهُم أَسْوَأ الَّذِي عمِلُوا ويجزيهم أجرهم بِأَحْسَن الَّذِي كَانُوا يعْملُونَ} فقد وَصفهم الله بِأَنَّهُم هم المتقون والمتقون هم أَوْلِيَاء
الله وَمَعَ هَذَا فَأخْبر أَنه يكفر عَنْهُم أَسْوَأ الَّذِي عمِلُوا وَهَذَا أَمر مُتَّفق عَلَيْهِ بَين أهل الْعلم وَالْإِيمَان
وَإِنَّمَا يُخَالف فِي ذَلِك الغالية من الرافضة وَأَشْبَاه الرافضة من الغالية فِي بعض المشائخ وَمن يَعْتَقِدُونَ أَنه من الْأَوْلِيَاء فالرافضة تزْعم أَن الأثني عشر معصومون من الْخَطَأ والذنب ويرون هَذَا من أصُول دينهم والغالية فِي المشائخ قد يَقُولُونَ إِن الْوَلِيّ مَحْفُوظ وَالنَّبِيّ مَعْصُوم وَكثير مِنْهُم إِن لم يقل ذَلِك بِلِسَانِهِ وَقد بلغ الغلو بالطائفتين إِلَى أَن يجْعَلُوا بعض من غلوا فِيهِ بِمَنْزِلَة النَّبِي وَأفضل مِنْهُ وَإِن زَاد الْأَمر جعلُوا لَهُ نوعا من الإلهية وكل هَذَا من الضلالات الْجَاهِلِيَّة المضاهية للضلالات النَّصْرَانِيَّة فَإِن فِي النَّصَارَى من الغلو فِي الْمَسِيح والأحبار والرهبان مَا ذمهم الله عَلَيْهِ فِي الْقُرْآن وَجعل ذَلِك عِبْرَة لنا لِئَلَّا نسلك سبيلهم وَلِهَذَا قَالَ سيد ولد آدم لَا تطروني كَمَا أطرت النَّصَارَى عِيسَى ابْن مَرْيَم فَإِنَّمَا أَنا عبد فَقولُوا عبد الله وَرَسُوله
هَذَا تَفْسِير آيَات أشكلت حَتَّى لَا يُوجد فِي طَائِفَة من كتب التَّفْسِير إِلَّا مَا هُوَ خطأ فِيهَا
مِنْهَا قَوْله تَعَالَى {وَمَا يتبع الَّذين يدعونَ من دون الله شُرَكَاء} ظن طَائِفَة أَن مَا نَافِيَة وَهُوَ خطأ بل هِيَ اسْتِفْهَام فَإِنَّهُم يدعونَ مَعَه شُرَكَاء كَمَا أخبر عَنْهُم فِي غير مَوضِع فالشركاء يوصفون فِي الْقُرْآن بِأَنَّهُم يدعونَ لأَنهم يتبعُون وَإِنَّمَا يتبع الْأَئِمَّة وَلِهَذَا قَالَ {إِن يتبعُون إِلَّا الظَّن} وَلَو أَرَادَ النَّفْي لقَالَ إِن يتبعُون إِلَّا من لَيْسُوا شُرَكَاء بل بَين أَن الشّرك لَا علم مَعَه إِن هُوَ إِلَّا الظَّن والخرص كَقَوْلِه {قتل الخراصون}