المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الصَّوْت المسموع من النَّاطِق فَلَو قَالَ هَذَا الصَّوْت أَو صوتي - دقائق التفسير - جـ ٢

[ابن تيمية]

فهرس الكتاب

- ‌فصل

- ‌‌‌‌‌فصل

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل وَأما لبن الْميتَة وأنفحتها فَفِيهِ قَولَانِ مشهوران للْعُلَمَاء

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل فِي عُقُوبَة الْمُحَاربين بَين وقطاع الطَّرِيق

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌قَالَ الشَّيْخ الْإِسْلَام رحمه الله

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل فِي بطلَان الِاسْتِدْلَال بالمتشابه

- ‌فصل فِي ادِّعَاء النَّصَارَى أَن الْقُرْآن سوى بَين الْأَدْيَان

- ‌ فصل فِي كَفَّارَة الْيَمين

- ‌ فصل فِي معنى روح الْقُدس

- ‌فصل عِيسَى عبد الله وَرَسُوله

- ‌معنى التوفي

- ‌فصل فَسَاد قَول النَّصَارَى فِي أَن الْمَسِيح خَالق

- ‌الرَّد عَلَيْهِم

- ‌فصل

- ‌فَصِلَ

- ‌فصل

- ‌لَا أحب الآفلين

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل فِي ذَبَائِح أهل الْكتاب

- ‌فصل

- ‌ فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌ فصل

- ‌ فصل

- ‌فَصْل

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌فصل عرض لما تضمنته السُّورَة

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌وَسُئِلَ رحمه الله

- ‌ فصل

- ‌فصل

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌فصل

- ‌وَقَالَ شيخ الْإِسْلَام رَحمَه الله تَعَالَى

- ‌ فصل

- ‌فصل

- ‌سُئِلَ شيخ الْإِسْلَام

- ‌فصل

- ‌فصل وَأما قَوْله تَعَالَى {إِن الَّذين سبقت لَهُم منا الْحسنى} الْآيَة فَمن سبقت لَهُ من الله الْحسنى فَلَا بُد أَن يصير مُؤمنا تقيا فَمن لم يكن من الْمُؤمنِينَ لم تسبق لَهُ من الله الْحسنى لَكِن الله إِذا سبقت للْعَبد مِنْهُ سَابِقَة اسْتَعْملهُ بِالْعَمَلِ الَّذِي يصل بِهِ إِلَى تِلْكَ السَّابِقَة كمن سبق

- ‌فصل وَأما قَول الْقَائِل مَا لنا فِي جَمِيع أفعالنا قدرَة فقد كذب فَإِن الله تَعَالَى فرق بَين المستطيع الْقَادِر وَغير المستطيع وَقَالَ {فَاتَّقُوا الله مَا اسْتَطَعْتُم} وَقَالَ تَعَالَى {وَللَّه على النَّاس حج الْبَيْت من اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} وَقَالَ تَعَالَى {الله الَّذِي خَلقكُم من ضعف ثمَّ

- ‌ فصل

- ‌فصل

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌فصل

- ‌سُئِلَ شيخ الْإِسْلَام فَقيل لَهُ

- ‌ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌فصل

الفصل: الصَّوْت المسموع من النَّاطِق فَلَو قَالَ هَذَا الصَّوْت أَو صوتي

الصَّوْت المسموع من النَّاطِق فَلَو قَالَ هَذَا الصَّوْت أَو صوتي بفلان صَالح أَو فَاسق فسد الْمَعْنى

وَكَانَ بَعضهم يَقُول لَفْظِي بِالْقُرْآنِ مَخْلُوق فَرَأى فِي مَنَامه وضارب يضْربهُ وَعَلِيهِ فَرْوَة فأوجعه بِالضَّرْبِ فَقَالَ لَهُ لَا تضربني فَقَالَ أَنا مَا أضربك وَإِنَّمَا أضْرب الفروة فَقَالَ إِنَّمَا يَقع الضَّرْب عَليّ فَقَالَ هَكَذَا إِذا قلت لَفْظِي بِالْقُرْآنِ مَخْلُوق فالخلق إِنَّمَا يَقع على الْقُرْآن يَقُول كَمَا أَن الْمَقْصُود بِالضَّرْبِ بدنك واللباس وَاسِطَة فَهَكَذَا الْمَقْصُود بالتلاوة كَلَام الله وصوتك وَاسِطَة فَإِذا قلت مَخْلُوق وَقع ذَلِك على الْمَقْصُود كَمَا إِذا سَمِعت قَائِلا يذكر رجلا فَقلت أَنا أحب هَذَا وَأَنا أبْغض هَذَا انْصَرف الْكَلَام إِلَى الْمُسَمّى الْمَقْصُود بِالِاسْمِ لَا إِلَى صَوت الذاكر وَلِهَذَا قَالَ الْأَئِمَّة الْقُرْآن كَلَام الله غير مَخْلُوق كَيْفَمَا تصرف بِخِلَاف أَفعَال الْعباد وأصواتهم فَإِنَّهُ من نفى عَنْهَا الْخلق كَانَ مبتدعا ضَالًّا

‌فصل

وَأما قَول الْقَائِل تَقولُونَ إِن الْقُرْآن صفة الله وَإِن صِفَات الله غير مخلوقة فَإِن قُلْتُمْ أَن هَذَا نفس كَلَام الله فقد قُلْتُمْ بالحلول وَأَنْتُم تكفرون بالحلولية والاتحادية وَإِن قُلْتُمْ مغير ذَلِك قُلْتُمْ بمقالتنا

فَمن تبين لَهُ مَا نبهنا عَلَيْهِ سهل عَلَيْهِ الْجَواب عَن هَذَا وَأَمْثَاله فَإِن منشأ الشُّبْهَة أَن قَول الْقَائِل هَذَا كَلَام الله يَجْعَل أَحْكَامه وَاحِدَة سَوَاء كَانَ كَلَامه مسموعا مِنْهُ أَو كَلَامه مبلغا عَنهُ

وَمن هُنَا تخْتَلف طوائف من النَّاس

طَائِفَة قَالَت هَذَا كَلَام الله وَهَذَا حُرُوف وأصوات مخلوقة فَكَلَام الله مَخْلُوق

وَطَائِفَة قَالَت هَذَا مَخْلُوق وَكَلَام الله لَيْسَ بمخلوق فَهَذَا لَيْسَ كَلَام الله

وَطَائِفَة قَالَت هَذَا كَلَام الله وَكَلَام الله لَيْسَ بمخلوق وَهَذَا ألفاظنا وتلاوتنا فألفاظنا وتلاوتنا غير مخلوقة

ومنشأ ضلال الْجَمِيع من عدم الْفرق فِي الْمشَار إِلَيْهِ فِي هَذَا فَأَنت تَقول هَذَا الْكَلَام الَّذِي تسمعه من قَائِله صدق وَحقّ وصواب وَهُوَ كَلَام حَكِيم وَكَذَلِكَ إِذا سمعته من ناقله تَقول هَذَا الْكَلَام صدق وَحقّ وصواب وَهُوَ كَلَام حَكِيم فالمشار إِلَيْهِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَاحِد وَتقول أَيْضا إِن هَذَا صَوت حسن وَهَذَا كَلَام من وسط الْقلب ثمَّ إِذا سمعته من النَّاقِل تَقول هَذَا صَوت حسن أَو كَلَام من وسط الْقلب فالمشار إِلَيْهِ هُنَا لَيْسَ هُوَ الْمشَار إِلَيْهِ

ص: 192

هُنَاكَ بل أَشَارَ إِلَى مَا يخْتَص بِهِ هَذَا من صَوته وَقَلبه وَإِلَى مَا يخْتَص بِهِ هَذَا من صَوته وَقَلبه وَإِذا كتب الْكَلَام فِي صفحتين كالمصحفين تَقول فِي كلم فهما هَذَا قُرْآن كريم وَهَذَا كتاب مجيد وَهَذَا كَلَام الله فالمشار إِلَيْهِ وَاحِد ثمَّ تَقول هَذَا خطّ حسن وَهَذَا قلم النّسخ أَو الثُّلُث وَهَذَا الْخط أَحْمَر أَو أصفر والمشار إِلَيْهِ هُنَا مَا يخْتَص بِهِ كل من المصحفين عَن الآخر

فَإِذا ميز الْإِنْسَان فِي الْمشَار إِلَيْهِ بِهَذَا وَهَذَا تبين الْمُتَّفق والمفترق وَعلم أَن من قَالَ هَذَا الْقُرْآن كَلَام الله وَكَلَام الله غير مَخْلُوق أَن الْمشَار إِلَيْهِ الْكَلَام من حَيْثُ هُوَ مَعَ قطع النّظر عَمَّا بِهِ وصل إِلَيْنَا من حركات الْعباد وأصواتهم وَمن قَالَ هَذَا مَخْلُوق وَأَشَارَ بِهِ إِلَى مُجَرّد صَوت العَبْد وحركته لم يكن لَهُ فِي هَذَا حجَّة على أَن الْقُرْآن نَفسه حُرُوفه ومعانيه الَّذِي تعلم هَذَا القارىء من غَيره وبلغه بحركته وصوته مَخْلُوق من اعْتقد ذَلِك فقد أَخطَأ وضل

وَيُقَال لهَذَا هَذَا الْكَلَام الَّذِي أَشرت إِلَيْهِ كَانَ مَوْجُودا قبل أَن يخلق هَذَا القارىء فَهَب أَن القارىء لم تخلق نَفسه وَلَا وجدت لَا أَفعاله وَلَا أصواته فَمن أَيْن يلْزم أَن يكون الْكَلَام نَفسه الَّذِي كَانَ مَوْجُودا قبله يعْدم بِعَدَمِهِ وَيحدث بحدوثه فإشارته بالخلق إِن كَانَت إِلَى مَا يخْتَص بِهِ هَذَا القارىء من أَفعاله وأصواته فالقرآن غَنِي عَن هَذَا القارىء وموجود قبله فَلَا يلْزم من عدم هَذَا عَدمه وَإِن كَانَت إِلَى الْكَلَام الَّذِي يتعلمه النَّاس بَعضهم من بعض فَهَذَا هُوَ الْكَلَام الْمنزل من الله الَّذِي جَاءَ بِهِ جِبْرِيل إِلَى مُحَمَّد وبلغه مُحَمَّد لأمته وَهُوَ كَلَام الله الَّذِي تكلم بِهِ فَذَاك يمْتَنع أَن يكون مخلوقا فَإِنَّهُ لَو كَانَ مخلوقا لَكَانَ كلَاما لمحله الَّذِي خلق فِيهِ وَلم يكن كلَاما لله وَلِأَنَّهُ لَو كَانَ سُبْحَانَهُ إِذا خلق كلَاما كَانَ كَلَامه كَانَ مَا أنطق بِهِ كل نَاطِق كَلَامه مثل تَسْبِيح الْجبَال والحصى وَشَهَادَة الْجُلُود بل كَانَ كَلَام فِي الْوُجُود وَهَذَا قَول الحلولية يَقُولُونَ

وكل كَلَام فِي الْوُجُود كَلَامه

سَوَاء علينا نثره ونظامه

وَمن قَالَ الْقُرْآن مَخْلُوق فَهُوَ بَين أَمريْن إِمَّا أَن يَجْعَل كل كَلَام فِي الْوُجُود كَلَامه وَبَين أَن يَجعله غير مُتَكَلم بِشَيْء أصلا فَيجْعَل الْعباد الْمُتَكَلِّمين أكمل مِنْهُ وَشبهه بالأصنام والجمادات والموات كالعجل الَّذِي لَا يكلمهم ولايهديهم سَبِيلا فَيكون قد فر من إِثْبَات صِفَات الْكَمَال لَهُ حذرا فِي زَعمه من التَّشْبِيه فوصفه بِالنَّقْصِ وَشبهه بالجامد والموات

وَكَذَلِكَ قَول الْقَائِل هَذَا نفس كَلَام الله وَعين كَلَام الله وَهَذَا الَّذِي فِي الْمُصحف هُوَ عين كَلَام الله وَنَفس كَلَام الله وأمثال هَذِه الْعبارَات هَذِه مفهومها عِنْد الْإِطْلَاق فِي فطر الْمُسلمين أَنه كَلَامه لَا كَلَام غَيره وَأَنه لَا زِيَادَة فِيهِ وَلَا نُقْصَان فَإِن من ينْقل كَلَام غَيره

ص: 193

ويكتبه فِي كتاب قد يزِيد فِيهِ وَينْقص كَمَا جرت عَادَة النَّاس فِي كثير من مكاتبات الْمُلُوك وَغَيرهَا فَإِذا جَاءَ كتاب السُّلْطَان فَقيل هَذَا الَّذِي فِيهِ كَلَام السُّلْطَان بِعَيْنِه بِلَا زِيَادَة وَلَا نقص يَعْنِي لم يزدْ فِيهِ الْكَاتِب وَلَا نقص وَكَذَلِكَ من نقل كَلَام بعض الْأَئِمَّة فِي مَسْأَلَة من تصنيفه قيل هَذَا الْكَلَام كَلَام فلَان بِعَيْنِه يَعْنِي لم يزدْ فِيهِ وَلم ينقص كَمَا قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم نضر الله امْرأ سمع منا حَدِيثا فَبَلغهُ كَمَا سَمعه

فَقَوله فَبَلغهُ كَمَا سَمعه لم يرد بِهِ أَنه يبلغهُ بحركاته وأصواته الَّتِي سَمعه بهَا وَلَكِن أَرَادَ أَنه يَأْتِي بِالْحَدِيثِ على وَجهه لَا يزِيد فِيهِ ولاينقص فَيكون قد بلغه كَمَا سَمعه فالمستمع لَهُ من الْمبلغ يسمعهُ كَمَا قَالَه صلى الله عليه وسلم وَيكون قد سمع كَلَام رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَمَا قَالَه وَذَلِكَ معنى قَوْلهم هَذَا كَلَامه بِعَيْنِه وَهَذَا نفس كَلَامه لَا يُرِيدُونَ أَن هَذَا هُوَ صَوته وحركاته وَهَذَا لَا يَقُوله عَاقل وَلَا يخْطر ببال عَاقل ابْتِدَاء وَلَكِن اتِّبَاع الظَّن وَمَا تهوى الْأَنْفس يلجىء أَصْحَابه إِلَى القرمطة فِي السمعيات والسفسطة فِي العقليات

وَلَو ترك النَّاس على فطرتهم لكَانَتْ صَحِيحَة سليمَة فَإِذا رأى النَّاس كلَاما صَحِيحا فَإِن من تكلم بِكَلَام وَسمع مِنْهُ وَنقل عَنهُ أَو كتبه فِي كتاب لَا يَقُول عَاقل أَن نفس مَا قَامَ الْمُتَكَلّم من الْمعَانِي الَّتِي فِي قلبه والألفاظ الْقَائِمَة بِلِسَانِهِ فارقته وانتقلت عَنهُ إِلَى المستمع والمبلغ عَنهُ وَلَا فارقته وحلت فِي الْوَرق بل وَلَا يَقُول أَن نفس مَا قَامَ بِهِ من الْمعَانِي والألفاظ هُوَ نفس المداد الَّذِي فِي الْوَرق بل ولايقول أَن نفس أَلْفَاظه الَّتِي هِيَ أصواته هِيَ أصوات الْمبلغ عَنهُ فَهَذِهِ الْأُمُور كلهَا ظَاهِرَة لَا يَقُولهَا عَاقل فِي كَلَام الْمَخْلُوق إِذا سمع وَبلغ أَو كتب فِي كتاب فَكيف يُقَال ذَلِك فِي كَلَام الله الَّذِي سمع مِنْهُ وَبلغ عَنهُ أَو كتبه سُبْحَانَهُ كَمَا كتب التَّوْرَاة لمُوسَى وكما كتب الْقُرْآن فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ وكما كتبه الْمُسلمُونَ فِي مصاحفهم

وَإِذا كَانَ من سمع كَلَام مَخْلُوق فَبَلغهُ عَنهُ بِلَفْظِهِ وَمَعْنَاهُ بل شعر مَخْلُوق كَمَا يبلغ شعر حسان وَابْن رَوَاحَة ولبيد وأمثالهم من الشُّعَرَاء وَيَقُول النَّاس هَذَا شعر حسان بِعَيْنِه وَهَذَا هُوَ نفس شعر حسان وَهَذَا شعر لبيد بِعَيْنِه كَقَوْلِه

أَلا كل شَيْء مَا خلا الله بَاطِل

وَمَعَ هَذَا فَيعلم كل عَاقل أَن رُوَاة الشّعْر ومنشديه لم يسلبوا الشُّعَرَاء نفس صفاتهم حَتَّى حلت بهم بل وَلَا نفس مَا قَامَ بأولئك من صفاتهم وأفعالهم كأصواتهم وحركاتهم حلت بالرواة والمنشدين فَكيف يتَوَهَّم متوهم أَن صِفَات الْبَارِي كَلَامه أَو غير كَلَامه فَارق ذَاته وَحل فِي مخلوقاته وَأَن مَا قَامَ بالمخلوق من صِفَاته وأفعاله كحركاته وأصواته هِيَ صِفَات الْبَارِي حلت

ص: 194

فِيهِ وهم لَا يَقُولُونَ مثل ذَلِك فِي الْمَخْلُوق بل يمثلون الْعلم بِنور السراج يقتبس مِنْهُ المتعلم وَلَا ينقص مَا عِنْد الْعَالم كَمَا يقتبس المقتبس ضوء السراج فَيحدث الله لَهُ ضوءا كَمَا يُقَال أَن الْهوى يَنْقَلِب نَارا بمجاورة الفتيلة للمصباح من غير أَن تَتَغَيَّر تِلْكَ النَّار الَّتِي فِي الْمِصْبَاح والمقرىء والمعلم يقرىء الْقُرْآن وَيعلم الْعلم وَلم ينقص مِمَّا عِنْده شَيْء بل يصير عِنْد المتعلم مثل مَا عِنْده

وَلِهَذَا يُقَال فلَان ينْقل علم فلَان وينقل كَلَامه وَيُقَال الْعلم الَّذِي كَانَ عِنْد فلَان صَار إِلَى فلَان وأمثال ذَلِك كَمَا يُقَال نقلت مَا فِي الْكتاب وَنسخت مَا فِي الْكتاب أَو نقلت الْكتاب أَو نسخته وهم لَا يُرِيدُونَ أَن نفس الْحُرُوف الَّتِي فِي الْكتاب الأول عدمت مِنْهُ وحلت فِي الثَّانِي بل لما كَانَ الْمَقْصُود من نسخ الْكتاب من الْكتب ونقلها من جنس نقل الْعلم وَالْكَلَام وَذَلِكَ يحصل بِأَن يَجْعَل فِي الثَّانِي مثل مَا فِي الأول فَيبقى الْمَقْصُود بِالْأولِ مَنْقُولًا مَنْسُوخا وَإِن كَانَ لم يتَغَيَّر الأول بِخِلَاف نقل الْأَجْسَام وتوابعها فَإِن ذَلِك إِذا نقل من مَوضِع إِلَى مَوضِع زَالَ عَن الأول

وَذَلِكَ لِأَن الْأَشْيَاء لَهَا وجود فِي أَنْفسهَا وَهُوَ وجودهَا الْعَيْنِيّ وَلها ثُبُوتهَا فِي الْعلم ثمَّ فِي اللَّفْظ المطابق للْعَمَل ثمَّ فِي الْخط وَهَذَا الَّذِي يُقَال وجود فِي الْأَعْيَان وَوُجُود فِي الأذهان وَوُجُود فِي اللِّسَان وَوُجُود فِي البنان وجود عَيْني وَوُجُود علمي ولفظي ورسمي وَلِهَذَا افْتتح الله كِتَابه بقوله تَعَالَى {اقْرَأ باسم رَبك الَّذِي خلق خلق الْإِنْسَان من علق اقْرَأ وَرَبك الأكرم الَّذِي علم بالقلم علم الْإِنْسَان مَا لم يعلم} فَذكر الْخلق عُمُوما وخصوصا ثمَّ ذكر التَّعْلِيم عُمُوما وخصوصا فالخط يُطَابق اللَّفْظ وَاللَّفْظ يُطَابق الْعلم وَالْعلم هُوَ المطابق للمعلوم

وَمن هُنَا غلط من غلط فَظن أَن الْقُرْآن فِي الْمُصحف كالأعيان فِي الْوَرق فَظن أَن قَوْله {إِنَّه لقرآن كريم فِي كتاب مَكْنُون} كَقَوْلِه {الَّذِي يجدونه مَكْتُوبًا عِنْدهم فِي التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل} فَجعل إِثْبَات الْقُرْآن الَّذِي هُوَ كَلَام الله فِي الْمَصَاحِف كإثبات الرَّسُول فِي الْمَصَاحِف وَهَذَا غلط إِثْبَات الْقُرْآن كإثبات اسْم الرَّسُول هَذَا كَلَام وَهَذَا كَلَام وَأما إِثْبَات اسْم الرَّسُول فَهَذَا كإثبات الْأَعْمَال أَو كإثبات الْقُرْآن فِي زبر الْأَوَّلين قَالَ تَعَالَى {وكل شَيْء فَعَلُوهُ فِي الزبر} وَقَالَ تَعَالَى {وَإنَّهُ لفي زبر الْأَوَّلين} فثبوت الْأَعْمَال فِي الزبر وَثُبُوت الْقُرْآن فِي زبر الْأَوَّلين هُوَ مثل كَون الرَّسُول مَكْتُوبًا عِنْدهم فِي التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل وَلِهَذَا قيد سُبْحَانَهُ هَذَا بِلَفْظ الزبر والكتب زبر يُقَال زبرت الْكتاب إِذا كتبته وَالزَّبُور بِمَعْنى

ص: 195

الْمَزْبُور أَي الْمَكْتُوب فالقرآن نَفسه لَيْسَ عِنْد بني إِسْرَائِيل وَلَكِن ذكره كَمَا أَن مُحَمَّدًا نَفسه لَيْسَ عِنْدهم وَلَكِن ذكره فثبوت الرَّسُول فِي كتبهمْ كثبوت الْقُرْآن فِي كتبهمْ بِخِلَاف ثُبُوت الْقُرْآن فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ وَفِي الْمَصَاحِف فَإِن نفس الْقُرْآن أثبت فِيهَا فَمن جعل هَذَا مثل هَذَا كَانَ ضلاله بَينا وَهَذَا مَبْسُوط فِي مَوْضِعه

وَالْمَقْصُود هُنَا أَن نفس الموجودات وصفاتها إِذا انْتَقَلت من مَحل إِلَى مَحل حلت فِي ذَلِك الْمحل الثَّانِي وَأما الْعلم بهَا وَالْخَبَر عَنْهَا فَيَأْخذهُ الثَّانِي عَن الأول مَعَ بَقَائِهِ فِي الأول وَإِن كَانَ الَّذِي عِنْد الثَّانِي هُوَ نَظِير ذَلِك وَمثله لَكِن لما كَانَ الْمَقْصُود بالعلمين وَاحِدًا فِي نَفسه صَارَت وحدة الْمَقْصُود توجب وحدة التَّابِع لَهُ وَالدَّلِيل عَلَيْهِ وَلم يكن للنَّاس غَرَض فِي تعدد التَّابِع كَمَا فِي الِاسْم مَعَ الْمُسَمّى فَإِن اسْم الشَّخْص وَإِن ذكره أنَاس متعددون ودعا بِهِ أنَاس متعددون فَالنَّاس يَقُولُونَ إِنَّه اسْم وَاحِد لمسمى وَاحِد فَإِذا قَالَ الْمُؤَذّن أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله أشهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله وَقَالَ ذَلِك هَذَا الْمُؤَذّن وَهَذَا الْمُؤَذّن وَقَالَهُ غير الْمُؤَذّن فَالنَّاس يَقُولُونَ إِن هَذَا الْمَكْتُوب هُوَ اسْم الله وَاسم رَسُوله كَمَا أَن الْمُسَمّى هُوَ الله وَرَسُوله

وَإِذا قَالَ {اقْرَأ باسم رَبك} وَقَالَ {اركبوا فِيهَا بِسم الله} وَقَالَ {سبح اسْم رَبك الْأَعْلَى} وَقَالَ {بِسم الله} فَفِي الْجَمِيع الْمَذْكُور هُوَ اسْم الله وَإِن تعدد الذّكر والذاكر فَالْخَبَر الْوَاحِد عَن الْمخبر الْوَاحِد من مخبره وَالْأَمر الْوَاحِد بالمأمور بِهِ من الْآمِر الْوَاحِد بِمَنْزِلَة الِاسْم الْوَاحِد لمسماه هَذَا فِي الْمركب نَظِير هَذَا فِي الْمُفْرد وَهَذَا هُوَ وَاحِد بِاعْتِبَار الْحَقِيقَة وَبِاعْتِبَار اتِّحَاد الْمَقْصُود وَإِن تعدد من يذكر ذَلِك الِاسْم وَالْخَبَر وتعددت حركاتهم وأصواتهم وَسَائِر صفاتهم

وَأما قَول الْقَائِل إِن قُلْتُمْ إِن هَذَا نفس كَلَام الله فقد قُلْتُمْ بالحلول وَأَنْتُم تكفرون الحلولية والاتحادية فَهَذَا قِيَاس فَاسد مِثَاله مِثَال رجل ادّعى أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم يحل بِذَاتِهِ فِي بدن الَّذِي يقْرَأ حَدِيثه فَأنْكر النَّاس ذَلِك عَلَيْهِ وَقَالُوا إِن النَّبِي صلى الله عليه وسلم لَا يحل فِي بدن غَيره فَقَالَ أَنْتُم تَقولُونَ إِن الْمُحدث يقْرَأ كَلَامه وَإِن مَا يقرأه هُوَ كَلَام النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَإِذا قُلْتُمْ ذَلِك فقد قُلْتُمْ بالحلول وَمَعْلُوم أَن هَذَا فِي غَايَة الْفساد

وَالنَّاس متفقون على إِطْلَاق القَوْل بِأَن كَلَام زيد فِي هَذَا الْكتاب وَهَذَا الَّذِي سمعناه كَلَام زيد وَلَا يستجيز الْعَاقِل إِطْلَاق القَوْل بِأَنَّهُ هُوَ نَفسه فِي هَذَا الْمُتَكَلّم أَو فِي هَذَا الْوَرق وَقد نطقت النُّصُوص بِأَن الْقُرْآن فِي الصُّدُور كَقَوْل النَّبِي صلى الله عليه وسلم استذكروا الْقُرْآن فَلَهو أَشد نفلتا من صُدُور الرِّجَال من النعم فِي عقلهَا وَقَوله الْجوف الَّذِي لَيْسَ فِيهِ شَيْء من

ص: 196

الْقُرْآن كالبيت الخرب وأمثال ذَلِك وَلَيْسَ هَذَا عِنْد عَاقل مثل أَن يُقَال الله فِي صدورنا وأجوافنا وَلِهَذَا لما ابتدع شخص يُقَال لَهُ الصُّورِي بِأَن من قَالَ الْقُرْآن فِي صدورنا فقد قَالَ بقول النَّصَارَى فَقيل لِأَحْمَد قد جَاءَت جهمية رَابِعَة أَي جهمية الخلقية واللفظية والواقفية وَهَذِه الرَّابِعَة اشْتَدَّ نكيره لذَلِك وَقَالَ هَذَا أعظم من الْجَهْمِية وَهُوَ كَمَا قَالَ

فَإِن الْجَهْمِية لَيْسَ فيهم من يُنكر أَن يُقَال الْقُرْآن فِي الصُّدُور وَلَا يشبه هَذَا بقول النَّصَارَى بالحلول إِلَّا من هُوَ فِي غَايَة الضَّلَالَة والجهالة فَإِن النَّصَارَى يَقُولُونَ الْأَب وَالِابْن وروح الْقُدس إِلَه وَاحِد وَإِن الْكَلِمَة الَّتِي هِيَ اللاهوت تدرعت الناسوت وَهُوَ عِنْدهم إِلَه يخلق ويرزق وَلِهَذَا كَانُوا يَقُولُونَ إِن الله هُوَ الْمَسِيح ابْن مَرْيَم وَيَقُولُونَ الْمَسِيح ابْن الله وَلِهَذَا كَانُوا متناقضين فَإِن الَّذِي تدرع الْمَسِيح إِن كَانَ هُوَ الْإِلَه الْجَامِع للأقانيم فَهُوَ الْأَب نَفسه وَإِن كَانَ هُوَ صفة من صِفَاته فالصفة لَا تخلق وَلَا ترزق وَلَيْسَت إِلَهًا والمسيح عِنْدهم إِلَه وَلَو قَالَ النَّصَارَى إِن كَلَام الله فِي صدر الْمَسِيح كَمَا هُوَ فِي صُدُور سَائِر الْأَنْبِيَاء وَالْمُؤمنِينَ لم يكن فِي قَوْلهم مَا يُنكر

فالحلولية المشهورون بِهَذَا الِاسْم من يَقُول بحلول الله فِي الْبشر كَمَا قَالَت النَّصَارَى والغالية من الرافضة وغلاة أَتبَاع الْمَشَايِخ أَو يَقُولُونَ بحلوله فِي كل شَيْء كَمَا قَالَت الْجَهْمِية أَنه بِذَاتِهِ فِي كل مَكَان وَهُوَ سُبْحَانَهُ لَيْسَ فِي مخلوقاته شَيْء من ذَاته وَلَا فِي ذَاته شَيْء من مخلوقاته وَكَذَلِكَ من قَالَ باتحاده بالمسيح أَو غَيره أَو قَالَ باتحاده بالمخلوقات كلهَا أَو قَالَ وجوده وجود الْمَخْلُوقَات أَو غير ذَلِك

فاما قَول الْقَائِل إِن كَلَام الله فِي قُلُوب أنبيائه وعباده الْمُؤمنِينَ وَإِن الرُّسُل بلغت كَلَام الله وَالَّذِي بلغته هُوَ كَلَام الله وَإِن الْكَلَام فِي الصَّحِيفَة وَنَحْو ذَلِك فَهَذَا لَا يُسمى حلولا وَمن سَمَّاهُ حلولا لم يكن بتسميته لذَلِك مُبْطلًا للحقائق وَقد تقدم أَن ذَلِك لَا يَقْتَضِي مُفَارقَة صفة الْمَخْلُوق لَهُ وانتقالها إِلَى غَيره فَكيف صفة الْخَالِق تبارك وتعالى وَلَكِن لما كَانَ فِيهِ شُبْهَة الْحُلُول تنَازع النَّاس فِي إِثْبَات لفظ الْحُلُول ونفيه عَنهُ هَل يُقَال إِن كَلَام الله حَال فِي الْمُصحف أَو حَال فِي الصُّدُور وَهل يُقَال كَلَام النَّاس الْمَكْتُوب حَال فِي الْمُصحف أَو حَال فِي قُلُوب

ص: 197

حافظيه وَنَحْو ذَلِك فَمنهمْ طَائِفَة نفت الْحُلُول كَالْقَاضِي أبي يعلى وَأَمْثَاله وَقَالُوا ظهر كَلَام الله فِي ذَلِك وَلَا نقُول حل لِأَن حُلُول صفة الْخَالِق فِي الْمَخْلُوق أَو حُلُول الْقَدِيم فِي الْمُحدث مُمْتَنع

وَطَائِفَة أطلقت القَوْل بِأَن كَلَام الله حَال فِي الْمُصحف كَأبي إِسْمَاعِيل الْأنْصَارِيّ الْهَرَوِيّ الملقب بشيخ الْإِسْلَام وَغَيره وَقَالُوا لَيْسَ هَذَا هُوَ الْحُلُول الْمَحْذُور الَّذِي نفيناه بل نطلق القَوْل بِأَن الْكَلَام فِي الصَّحِيفَة وَلَا يُقَال بِأَن الله فِي الصَّحِيفَة أَو فِي صدر الْإِنْسَان كَذَلِك نطلق القَوْل بِأَن كَلَامه حَال فِي ذَلِك دون حُلُول ذَاته

وَطَائِفَة ثَالِثَة كَأبي عَليّ بن أبي مُوسَى وَغَيره قَالُوا لَا نطلق الْحُلُول نفيا وَلَا إِثْبَاتًا لِأَن إِثْبَات ذَلِك يُوهم انْتِقَال صفة الرب إِلَى الْمَخْلُوقَات وَنفي ذَلِك يُوهم نفي نزُول الْقُرْآن إِلَى الْخلق فنطلق مَا أطلقته النُّصُوص ونمسك عَمَّا فِي إِطْلَاق مَحْذُور لما فِي ذَلِك من الْإِجْمَال

واما قَول الْقَائِل إِن قُلْتُمْ إِن هَذَا نفس كَلَام الله فقد قُلْتُمْ بالحلول وَإِن قُلْتُمْ غير ذَلِك قُلْتُمْ بمقالتنا فجواب ذَلِك أَن الْمقَالة الْمُنكرَة هُنَا تَتَضَمَّن ثَلَاثَة أُمُور فَإِذا زَالَت لم يبْق مُنْكرا

أَحدهَا من يَقُول إِن الْقُرْآن الْعَرَبِيّ لم يتَكَلَّم الله بِهِ وَإِنَّمَا أحدثه غير الله كجبريل وَمُحَمّد وَالله خلقه فِي غَيره

الثَّانِي قَول من يَقُول إِن كَلَام الله لَيْسَ إِلَّا معنى وَاحِدًا هُوَ الْأَمر وَالنَّهْي وَالْخَبَر وَإِن الْكتب الإلهية تخْتَلف باخْتلَاف الْعبارَات لَا باخْتلَاف الْمعَانِي فَيجْعَل معنى التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل وَالْقُرْآن وَاحِدًا وَكَذَلِكَ معنى آيَة الدّين وَآيَة الْكُرْسِيّ كمن يَقُول إِن مَعَاني أَسمَاء الله الْحسنى بِمَعْنى وَاحِد فَمَعْنَى الْعَلِيم والقدير والرحيم والحكيم معنى وَاحِد فَهَذَا إلحاد فِي أَسْمَائِهِ وَصِفَاته وآياته

الثَّالِث قَول من يَقُول إِن مَا بلغته الرُّسُل عَن الله من الْمَعْنى والألفاظ لَيْسَ هُوَ كَلَام الله وَإِن الْقُرْآن كَلَام التالين لَا كَلَام رب الْعَالمين فَهَذِهِ الْأَقْوَال الثَّلَاثَة بَاطِلَة بِأَيّ عبارَة عبر عَنْهَا

واما قَول من قَالَ إِن الْقُرْآن الْعَرَبِيّ كَلَام الله بلغه عَنهُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَأَنه تَارَة

ص: 198

يسمع من الله وَتارَة من رسله مبلغين عَنهُ وَهُوَ كَلَام الله حَيْثُ تصرف وَكَلَام الله تكلم بِهِ لم يخلقه فِي غَيره وَلَا يكون كَلَام الله مخلوقا وَلَو قَرَأَهُ النَّاس وكتبوه وسمعوه وَقَالَ مَعَ ذَلِك إِن أَفعَال الْعباد وأصواتهم وَسَائِر صفاتهم مخلوقة فَهَذَا لَا يُنكر عَلَيْهِ

وَإِذا نفى الْحُلُول وَأَرَادَ بِهِ أَن صفة الْمَوْصُوف لَا تُفَارِقهُ وتنتقل إِلَى غَيره فقد أصَاب فِي هَذَا الْمَعْنى لَكِن عَلَيْهِ مَعَ ذَلِك أَن يُؤمن أَن الْقُرْآن الْعَرَبِيّ كَلَام الله تَعَالَى وَلَيْسَ هُوَ وَلَا شَيْء مِنْهُ كلَاما لغيره وَلَكِن بلغته عَنهُ رسله وَإِذا كَانَ كَلَام الْمَخْلُوق يبلغ عَنهُ مَعَ الْعلم بِأَنَّهُ كَلَامه حُرُوفه ومعانيه وَمَعَ الْعلم بِأَن شَيْئا من صِفَاته لم تفارق ذَاته فالعلم بِمثل هَذَا من كَلَام الْخَالِق أولى وَأظْهر وَالله أعلم

ص: 199