المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌حرف العين المهملة - ديوان ابن نباتة المصري

[ابن نباتة]

الفصل: ‌حرف العين المهملة

‌حرف العين المهملة

وقال يمدح رسول الله صلى الله عليه وسلم

الكامل

يا دارَ جيرتنا بسفح الأجرع

ذكرتك أفواه الغيوث الهمَّع

وكستك أنواءُ الربيع مطارفاً

موشيةً بسنا البروق اللمَّع

تتحلَّب الأنواء فيك على الرّبى

بسحائبٍ تحنو حنوّ المرضع

فلكلّ قطرة وابلٍ فمُ زهرةٍ

مفترّةٍ عن باسمٍ متضوّع

تزهى لوامع ربعها وربيعها

بمنوّر في الحالتين منوّع

فعسى يعود الحيّ فيك كما بدا

في خير مرتادٍ وأخصب مرْبع

عهدِي بسفحِك مرتعاً لأوانسٍ

كم في محاسنها لنا من مرتع

من كلّ دائرة القناع على سنا

بدرٍ يراغم بدر كلّ مقنّع

شقَّ الأسى قلبي الصريع فيا له

بيتاً أبت سكناه غير مصرّع

بالنازعات ومهجتي عوّذتها

وحجبتها بالمرسلاتِ وأدمعي

آهاً لعهد الرقمتين وعهدها

لو أنَّ عهدهما قريبُ المرجع

ولطيفها كم هاجَ لوعةَ بينها

فالويل إن أهجع وإن لم أهجع

بانت سعادُ فليتَ يومَ رحيلها

فسح اللقا فلثمت كعبَ موَدعي

وضممت بدر ركابها فعساه أن

تُعديه رقةُ قلبيَ المتوجّع

إني وإن لم أقض نحبي بعدها

فليقضينّ بكايَ حق الأربع

ولأختمنّ بموضعِ التقبيل ما

ضمّ الثرى من قلبيَ المستودع

وأحمّل الهمّ الذي حملته

نجباً تقيس ليَ الفلا بالأذرع

من كلِّ حرفٍ وفقها للساكني

تلك الرّبوع وعطفها للموضع

ص: 290

مشتاقة تسري بمشتاقٍ كما

رجع المدامع وجنة المسترجع

كادت من الذكرى تطير نسوعها

وتقوم من صدري حواني الأضلع

ولقد يذكرني حنين سواجعٍ

بالقلب كم هاجت على غصن معي

شتَّان ما بيني وبين حمامةٍ

صدحت فمن مسترجعٍ ومرَجَّع

غصني بعيدٌ عن يديّ وغصنها

ضمت عليه أنامل المستمتع

لا طوْقَ لي بالصبر عنه وطوْقها

بالزّهر بين مدبَّجٍ وموشّع

إن لم تعرني للحنين جناحها

فلقد أعرت حد الركاب مسمعي

يطفو بنا عند النجود مديدها

طلاّعة ويسيل عند البلقع

حتى إذا شمنا لطيبةَ معلماً

عجَّلت قبل الحجّ طيب تمتعي

ونزلت عن ظهر المطية لاثماً

وجه الثرى فرحاً بنثر الأدمع

وإذا المطيّ بنا بلغْنَ محمداً

فلها رعايةُ خير حقٍّ قد رُعي

ولها بآثارِ المناسمِ في السرى

شرفٌ على شرف البدور الطلّع

يا زائد الأشواق زائر قبره

سلّم على خير البرية يسمع

والجأ إلى الحرم الذي جبريل من

زوَّارِه من ساجدين وركّع

بين الملائك والملوك تزاحمٌ

من حول منهله اللذيذ المكرَع

فوفودها من أرضها وسمائها

في مطمحٍ يسعى إليه ومطمع

تدعو منازله سراة وفوده

لجناب من في ليلة الإسرا دُعي

حتى تقلد بالرِّسالة حافظاً

ضَوَّاع نشر الفضل غير مضيَّع

وترٌ يقال له غداً قلْ يُستمع

يا خيرَ مشفوعٍ وخير مشفَّع

كان الورى في حيرةٍ حتى أتى

بجليّ أخبارٍ دعاها من يعي

شرع الهدى ووصفت شارع فضله

أكرمْ بفضليْ مشرعٍ ومشرع

من سفح عدنان التي شرفت به

من ذلك الشرف القديم المهيع

بطباعه يزكو فكيف بطابعٍ

لثبوت أعناء على المتطبع

ألف الندى حتى بدا في كفه

نبع الزّلال فيا له من منبع

والبدر شقّ لقربه متهللاً

والجذع حنّ لبعده بتفجّع

والشمس شاهدةٌ بأنَّ غمامةً

كانت تظلّل من سواء المطلع

ص: 291

شهدت بإمكانٍ له ومكانةٍ

وعلى كمثل الشمس فاشهد أو دع

والوصف ملتمع النجوم يجل أن

يحصى وإن شئت الحديث فألمع

واذكر ببدر طلعةً نبويةً

من مفردٍ يسمو ابنَ عشرَ وأربع

ما البدر في كبد السما كسناه في

قلبِ الخميس ولا بصدر المجمع

تفدي البدورُ بيوم بدرٍ وجهه

ما بين معشره البدور الطلّع

المعرقين سماحةً وحماسةً

يوم الفخار دُعوا ويوم المفزع

من كلِّ مفترسٍ الليوث بثعلب

من رمحه في صدر كلّ مسبّع

وقضيبْ سيفٍ إن يهزّ تساقطت

ثمراتُ هامٍ كانَ منه لتبّع

ورثوا الشجاعة والعلى يروونها

قرشيةً عن غالبٍ ومجمَّع

وبه اهتدوا فتتابعوا في نصره

من طائعٍ وافى إليه ومهطع

حتى إذا صلّى الحسام بطوعهم

صلَّت رؤوس عدًى بغير تطوع

حمدوا الوغى في حبِّ أحمدهم فما

يتفيأون سوى الطوال الشرع

هذا وكانوا يتقون به إذا

حميَ الوطيس فيتقون بأشجع

بأشدّ من شهد الوغى وأرقّ من

وقعت عواطف حلمه في موقع

بكليل جفنٍ عن معائب مخطئٍ

وحديد سيفٍ في فؤاد مدرّع

بالمجتدي في يسره وخصاصة

والمجتلي في حلّةٍ ومرَفَّع

ذو المعجزات الباقيات وحسبه

سوَرٌ مسوَّرةٌ تصدّ المدعي

هديت قروم ذوي الفصاحة قبلها

وتقاعسوا عنها لأوَّل منزع

كم مدّعٍ نظماً يحاول حيه

في سورة منها فيسلى مدّعي

قال الكلاميون صرفة خاطر

قلنا ونثرة كوكب متشعشع

يا سيدَ الخلق الذي مدَحته من

آي الكتاب فواصلٌ لم تقطع

ماذا عسى المدحُ الطهور يدير من

كأس الثنا بعد الكتاب المترع

بعد الحواميم التي بثنائها

هبطت إليك من المحلّ الأرفع

من كل حرفٍ عن سواك بمدحها

ورقاء ذات تعزّزٍ وتمنّع

أرجو لفهمي بامتداحك يقظةً

من غفلتي وشهادةً في مصرعي

وإليك أشكو صدر حالٍ ضيقٍ

بالمؤلماتِ وحال همٍّ مولع

ص: 292

وتذللاً في الخلق بعد تعززٍ

وتحيراً في الأمر قبل توقع

حتى كأنَّ العقلَ ليس بعاقلٍ

إياك أن تعي بأمرٍ مفضع

إن تستبنْ لك حيلة في الأمر لا

تعجزْ وإنْ لم تستبن لا نجزع

ولقد أراعي الصبر فيما أشتكي

من مؤلمٍ والصبر بعض تجزعي

شيبت حياتي ثم شابت لمتي

في غير ذخرٍ للمعاد مجمّع

فالرأس مشتعلٌ بشيبٍ أبيضٍ

والقلب مشتعلٌ بشيبٍ أسفع

ومع المشيب ففي من سنّ الصبى

جهلٌ وضرسُ غوايةٍ لم يقلع

أوَّاهُ من سنٍ وأسنانٍ مضت

في فعليَ العاصي وقولي الطيّع

سنٌّ علا كبراً وسنّ قد هوى

تلفاً ولسنٌ إن يؤخر يفزع

وتشاغلي فيما يضر وحسبه

لو لم يضرّ بأيّه لم ينفع

همَّان من دنيا وآخرةٍ فيا

للحيرتين بمعضل وبمُضلع

وبلية الإنسان منه وإنما

بك يا شفيع المذنبين تشفعي

سارت إليك صلاةُ ربك ما سرت

لحماك ناجيةُ المحبّ الموضع

وتوسَّلت بك مدحةٌ سيارةٌ

سيرَ النجوم من ابتداءِ المطلع

ونظيمة من طيّب الكلمِ الذي

لسوى مقامك في الورى لم ترفع

عوَّذتُ من عين الحسود عيونها

من حرف مطلعها بحرف المقطع

وتخذتها عيناً ترَوّيني غداً

وترى لذي الدارين منجاً منجعي

إن كنتُ حساناً بمدحك نائباً

فسناك أرشده وقال ليَ اتبع

سجعت لك المداح في طرق الهدى

والمكرمات ومن تطوّق يسجع

وقال مؤيدية

الطويل

أجبت منادي الحب من قبل ما دعا

فإن شئتما لوماً وإن شئتما دَعا

ليَ الله قلباً صير الوجد شرعةً

وجفناً قريحاً صير الدمعَ مشرعا

كنافة لحظٍ خلفتني من الهنا

قَصِيًّا وفكري للهموم مجمَّعا

وسالف عهدٍ بالعقيق ذكرته

فعاد بدُرّ المدمعين مرصّعا

يخوفني بالسقم لاحٍ وليت من

عنانيَ أبقى فيّ للسقم موضعا

ص: 293

بَليت فلو رامتنيَ العين ما رأت

ولو أنَّ فكري عارض السمع ما وعى

ورُبَّ زمانٍ كان لي فيه مالكٌ

حبيبٌ سعى منه الفراق بما سعى

فلما تفرقنا كأني ومالكي

لطول اجتماع لم نبتْ ليلةً معا

من الغيد لو كان الملاح قصيدة

لكان سنا خدّيه للشمس مطلعا

أدار عليّ الدمع كأساً وطالما

أدارَ عليّ البابليّ المشعشعا

كأن التلاقي كان وفراً تسرعت

أيادي ابن شادٍ فيه حتى تضعضعا

إذا لم يكن للغيث في العام نجعة

فحسبك بالملك المؤيد منجعا

مليك أعاد الشعر سوقاً بدهره

فجئت إلى أبوابه متبضعا

ووالله لولا باعثٌ من مديحه

لأصبح بيتُ الشعر عندي بلقعا

أتَعذَلُ أقلامُ المدائح إن غدت

له سجداً لا للأنام وركّعا

فدت طلعة البدر المنير أبا الفدا

وإن كان أعلى من فداها وأرفعا

ألم ترَ أنا قد سلونا بأرضهِ

مراداً لنا في أرض مصرَ ومرتعا

إذا ابن تقيّ الدِّين جاد نباته

علينا فلا مدّت يدُ النيل أصبُعا

أما والذي أنشى الغمام وكفّه

فجادَ وقد ملَّ السحاب فأقلعا

لقد سُمعت للأوَّلين فضائلٌ

ولكنَّ هذا الفضلَ ما جازَ مسمعا

سحاب كما ترجى السحائب حفَّلاً

وبأسٌ كما تنضى الصواعق لمعا

وعلم ملأنا صحفه من فنونه

فكانت على الأيامِ برداً موشعا

وذكرٌ له في كلِّ قلبٍ محبَّةٌ

على ابن عليّ يعذر المتشيِّعا

له الله ما أزكاه في الملك نبعة

وأعذب في سقيا المكارم منبعا

هو الملك أغنى ماء وجهي وصانهُ

فإن تقصر الأمداح لم يقصر الدّعا

غدت كلّ عامٍ لي إليه وفادةٌ

فيا حبَّذا من أجل لقياه كلّ عا

تطوَّقت تطويقَ الحمامِ بجودِه

فلا عجبٌ لي أن أحوم وأسجعا

قضى الله إلَاّ أن يقومَ لقاصدٍ

بفرض فإن لم يلقَ فرضاً تطوَّعا

حلفت لقد ضاع الثنا عند غيره

ضياعاً وأمَّا عنده فتضوَّعا

ص: 294

وقال فيه أيضاً

الطويل

سرى طيفها حيثُ العواذل هُجَّع

فنمّ علينا نشرهُ المتضوع

وباتَ يعاطيني الأحاديث في دجىً

كأنَّ الثريَّا فيه كأسٌ مرَصَّع

أجيراننا حيى الربيع دياركُم

وإن لم يكن فيها لطرفيَ مربع

شكوت إلى سفحِ النقا طول نأيكُم

وسفحُ النقا بالنأي مثلي مروَّع

ولا بدَّ من شكوى إلى ذي مروءةٍ

يواسيك أو يسليك أو يتوجَّع

فديت حبيباً قد خلا عنهُ ناظرِي

ولم يخلُ منه في فؤاديَ موضع

مقيم بأكنافِ الغضا وهيَ مهجةٌ

وإلا بوادِي المنحنى وهي أضلع

أطالَ حجازَ الصدِّ بيني وبينه

فمقلته الحورا ودمعي ينبع

لئن عرضت من دون رؤيتهِ الفلا

فيا رُبَّ روضٍ ضمَّنا فيه مجمع

محلّ ترى فيه جوامعَ لذَّةٍ

بها تخطب الأطيار والقضب تركع

قرأنا بهِ نحو الهنا فملابس

تجرّ وأيدٍ بالمدامة ترفع

وقد أمنتنا دولةٌ شادَوِية

فما نختشِي اللأوا ولا نتخشَّع

مدائحها تمحو الآثام ورفدها

يعوّض من وفر الغنى ما نضيع

رعى الله أيامَ المؤيد إننا

وجدنا بها أهل المقاصد قد رُعوا

مليكٌ له في الجودِ صنعٌ تأنَّقت

معانيه حتى خلتهُ يتصنَّع

وعلياء لو أنَّا وضعنا حديثها

وجدنا سناها فوق ما كانَ يوضع

مُذال الغنى لو حاولت يدُ سارق

خزائنه ما كانَ في الشرعِ يقطع

أرانا طباقَ المال والمجد في الورى

فذلك مبذولٌ وهذا ممنَّع

وجانس ما بين القراءة والقرى

فللجود منه والإجادة مطلع

توقَّد ذهناً واسْتفاضَ مكارماً

فأعلم أن الشهبَ بالغيث تهمع

وصان فجاجَ الملك عدلاً وهيبةً

فلا جانبٌ إلَاّ من الروضِ مرتع

عزائم وضَّاح المحامد أروعٌ

إذا قيل وضَّاح المحامد أروَع

تفرق أحمال النّضار يمينه

لمَّا راح بالسمر الطوال يجمَّع

ولا عيبَ في أخلاقه غير أنه

إذا عذلوه في الندى ليس يرجع

له كلّ يوم في السيادة والعلى

أحاديثَ تملي المادحين فتبدع

ص: 295

إذا دَعتِ الحربُ العوانُ حسامه

جلا أفقها والرُّمح للسن يقرع

وإن مشت الآمال نحو جنابه

رأت جود كفَّيه لها كيفَ يهرع

فلا تفتخر من نيل مصر أصابع

فما النيل إلا من يمينك أصبع

أيا ملكاً لما دعته ضراعتي

تيقنت أن الدهر لي سوف يضرع

قصدتك ظمآناً فجدت بزاخرٍ

أشقّ كما قد قيل فيه وأذرع

وفي بعض ما أسديت قُنعٌ وإنما

فتىً كنت مرمى ظنّه ليس يقنع

لك الله ما أزكى وأشرف همةً

وأحسن في العلياء ما تتنوع

مديحك فرضٌ لازمٌ لي دينه

ومدح بني العليا سواكَ تطوّع

وقال يمدح الأفضل ابن المؤيد

الخفيف

لا وعيش اللقاء ما لدموعي

وقفةٌ بعد وقفةِ التَّوديع

يا لها باللقا ليالٍ تولَّت

باصْطِباري ومهجتي وضلوعي

وربوعاً كانت من الأنسِ تزهو

فرعى الله عهد تلكَ الربوع

ونجوماً من الأحبَّة سارت

يا ترى هل لسيرِها من رجوع

كلُّ حسناء صيرت بيتَ قلبي

بيتَ شعرٍ يُقام بالتَّقطيع

مثلما مثَّلوا صنيعَ ابن أيو

ب بجودِ البرامك المصنوع

ما سمعنا للأفضل الفرد ثانٍ

حبَّذا في ثنائنا من بديع

شادَوِيّ المقام يأوي علاه

بمحلٍّ على السماك رفيع

ذو ندًى كاملٍ ومجدٍ مديدٍ

ووفاً وافرٍ وعزّ سريع

وسجايا كالرَّوض تبسم كالزَّه

ر وبأس يبلي الظُّبا بالنجيع

من ملوكٍ تفقهوا في حمى المل

ك فردّ وللأصل فضل الفروع

ونضوا في حماه هيبة ملكٍ

يستردّ العاصي مردّ المطيع

يا أخا العلم والمكارم والبا

س وجمع الثنا وبثّ الصنيع

يا مليكاً سقى نداه نباتاً

زاكياً زرع حمده في الزروع

وصلتني النعمى ولم تسرِ عيسي

بفلاةٍ ولم تشدّ نسوعي

كرماً منك سوف تتلو التواري

خ ثناه على رؤوس الجميع

ص: 296

لكَ منِّي الدُّعا ونظم القوافي

فأعرها لا زلتَ فكرَ السميع

وابقَ للمادحين منصوب ذكرٍ

بحديثِ المكارم المرفوع

وقال كمالية في ابن الزملكان

البسيط

هدَّدتموا بالضنا من ليسَ يرتدع

هيهات لم يبقَ فيه للضنا طمع

صبًّا تحجب عن عذَّاله سقماً

فاعْجب لمن بعوادِي الضرّ ينتفع

أحبابنا كم أقاسي بعدكم جزعاً

لو كانَ ينفعني من بعدكم جزع

حمَّلتمُ العين يا أشهى العيان لها

من أدمع وسهاد فوق ما تسع

ماءٌ من الجفنِ يغني روح واحدةٍ

كأنما السمّ حقًّا فيه منتقع

يا منعمين بطيفٍ بعد فرقتهم

دعوا التهكم أين الأعين الهجع

كلفتموني مواريثَ الذين قضوا

من الغرامِ فهل للوصلِ مرتجع

وعاذلٍ فيكُم تعبان قلت له

إن كنت أعمى فإني لستُ أستمع

يخادعُ السمعَ والأحشاء قائلةٌ

غيري بأكثر هذا الناس ينخدع

ليتَ الثغور جلت برقاً له فرأى

سحائب الدمع وجداً كيفَ تنهمع

وربّ ظالمةٍ ما عند مقلتها

لفارشِ الخدّ إلَاّ السيف والنطع

يشكو كما يتشكَّى خصرها سغباً

وجارهُ الرّدف قد أودى به الشبع

كأنما ينقل البين المشتّ لها

دمي فتحمرّ خدَّاها وأمتقع

حثَّت لوشك النوى عيساً تحبّ سرًى

لكنها للأسى بين الحشا تضع

وخادعتنيَ من عرفِ الحمى سحراً

بالريح والعاشق المسكين ينخدع

كفى دلالك إن الصبر طاوعني

وإن قلبيَ من كفَّيك منتزع

لا تبتغي كلماتي اليوم في غزلٍ

فهنَّ لابن عليّ في الثنا شِيَع

والمانح الجزل لا منٌّ ولا ملك

والمانع السرح لا خوفٌ ولا جزع

علا عن المدح حتَّى ما يهش له

كأنما المدح في أوصافِه قزَع

يممْ حماه إذا ما خفت ضائعةً

فبابه بالندى كالصدر متسع

وقلْ لحاسدِه المغرور مت كمداً

ذاك الجناب صفاه ليسَ ينصدع

هيَّا لك الكرم الطائيّ مفترق

للناسِ والسؤدد القيسيّ مجتمع

ص: 297

بابٌ لبذلِ اللهى في كلّ نائبة

مجرَّبٌ وندًى في الجدب منتجع

وسيد بالمعالِي الغرّ مؤتلفٌ

بالحمدِ مشتغلٌ بالمجدِ مطَّلع

جمُّ المناقب يلقى العسر من يدِه

في المحل ما لقيت من علمه البدَع

لو لم يكن نجمه كالسيف منصلطاً

ما راحَ كلّ قرين وهوَ منقطع

يهوى المعالي وأبكارَ الكلام فما

يزال يفرع أعلاها ويفترع

فتوَّةٌ وفتاوٍ لا نظيرَ لها

كأنه في الندى والحكم مخترع

وأنعمٌ قربت عن همَّةٍ بعُدت

كالشمس يدنو سناها حينَ ترتفع

لا عيبَ في لفظه المنظوم جوهرُه

إلَاّ نوافثُ فيها للنهى خدَع

جُنَّ الغمام الذي حاكى مكارمه

أما تراه على وجه الثرى يقع

وقالت السمر من يلقى يراعته

منا فأمست كما قد قيل تقترع

صحَّت إمامة أقلامٍ براحتِه

فأصبحت بخبير الخير تلتفع

تسوَدّ نِقْساً وتجلو كلّ داجيةٍ

فهل هيَ الليل داج أم هي الشمع

يا أشرفَ الخلق أخلاقاً مطهَّرةً

وأفضل الناس إن طاروا وإن وقعوا

إن الجماهيرَ قد ذلَّت رقابهُم

إلى كمالك واسْتوفاهمُ الهلع

لا تسمعنَّ حديثَ القوم في شرفٍ

حديثُ غيرك موضوعٌ ومتضع

وعصبة تدعي علماً وقد جهلت

أنشقت آنافها نكباء تجتدع

حاكوك شخصاً ولكن ما حكوا رشداً

إن المساجد تحكي شكلها البيع

وجحفل لجبّ تطفو غواربه

كأنما تبّع في أثره تبع

ردَّت رداه سهامٌ من دعائك لا

بيضٌ حدادٌ ولا خِطّيةٌ شرع

يا ابن الكرام الأولى في كلّ مكرمةٍ

إن فاخروا فخروا أو قارعوا قرعوا

لا في اليسارِ مفاريحٌ إذا بلغوا

غايات مجدٍ ولا في أزْمة جزع

كم نالَ سعيهمو جدّ فما بطروا

فيه وكم نالهم دهرٌ فما خضعوا

من كلّ أروع للأقلام في يدِه

وللظُّبا في الوغى والسلم مطلع

تزداد والرمح في جنبيه سوْرَته

كأنما زيدَا في أضلاعه ضلع

وملجأ العلم في أوطانه لفتىً

للجودِ والبأس فيه الشهد واللسع

من مبلغٌ عنِّيَ الأهل الذين نأوا

إني نزيلك لا فقرٌ ولا فزع

ص: 298

مطوَّق بهباتٍ ساجعٌ بثناً

ينسي الأوائل ما جادوا وما سجعوا

لي بالجنا الحلو في ناديك مرتفقٌ

وبالندى الغمر مصطاف ومرتبع

نعمَ الفتى أنتَ لا تحنو على نشبٍ

كفَّاه يوماً ولا تبقي ولا تدع

أجديت حالي ولم تسمع شكايته

من بعد ما ضنَّ أقوامٌ وقد سمعوا

وجادَ فكري بنوعٍ من مدائحه

وللمساكين أيضاً بالندى ولع

بحثت عن وصفك الزاكي فنائله

مسلمٌ ومدى علياك ممتنع

ما زلت ترتجع النعمى إليَّ إلى

إن خلت أن شباب العمر مرتجع

وقلت للخاطبِي مدحي بذكرِ ندى

غيري بأكثر هذا الناس ينخدع

وقال في قاضي القضاة محمد

الكامل

كفّ الملامة عن حشا المتوجع

واتْرك مضرَّته إذا لم تنفع

أتخال أني للملامة سامع

لا والذي قد سد عنها مسمعي

والنازعات فإنها من مهجتي

والمرسلات فإنها من أدمعي

لا كان نشر العاذلين بضائع

عندي ولا عهد الهوى بمضيع

أنا مستدل بالسقام على الأسى

فإن استطعتَ بفقه عذلك فامنع

ما العذل قرآن ولا أنا جلمد

فأظل منه كخاشع متصدع

بأبي غزالاً ضاق بي وسع الفضا

في الحب وهو من الحشا في مربع

صرع الأسود بمقلة نجلاء إن

تلمح صوارمها بجفن تقطع

القلب موضعه وقد عطفت له

جمل الأسى فأصخ لعطف الموضع

وارفض ملامي في البكى متوالياً

وأقرأ على أهل المحبة مصرعي

لزم الأسى قلبي كما لزم الثنا

قاضي القضاة أبا المناقب أجمع

ذاك الذي حكمت علاه بعلمها

لا بالحظوظ ولا بقول المدعي

متفرد قال الزمان لفضله

فوفى المقال وصح عقد المجمع

من ذا يضاهي الشمس حسن فضيلة

وبها قوام العالم المتنوع

لله أي فضائل مأثورة

يوم الفخار وأي لفظ مبدع

وسداد رأي لا تخاف صفاته

لكن متى يخدعه عاف يخدع

ص: 299

درت به حلب لطالب رسلها

وحنت على العافي حنو المرضع

بشراك يا وطناً تقادم عهده

بحمى العواصم لا بسفح الأجرع

هبطت بمغناك العلوم وإنما

هبطت إليك من المحل الأرفع

وغدا مقرك بالفضائل واللهى

ماضي الشريعة مستفاض المشرع

زاهى على غرر البلاد وأهلها

بأغر وضَّاع الخلائق أروع

أضحت معرضة كرائم ماله

فلو انتحاها سارق لم يقطع

نعم الملاذ لطالبيه فطالب

علماً وطالب نائل متبرع

ما البحر إلا علمه ونواله

لو كانَ طافي الدّرّ حلو المكرع

لو تنطق الشهباء قالَ مقامها

قل يا محمد كلّ فخر يسمع

يا قدوة العلماء عشْ مترقياً

وأخْفض بأمرك ما تحاول وارفع

قسماً لقد رجعت بي الدُّنيا إلى

مغناك بعد النأي أحسن مرجع

ردّ الرَّجاء إليَّ قربك حبَّذا

شمس ترد من الرَّجاء ليوشع

لله كم لك من يدٍ مأثورة

عندِي وكم لكَ من ندى متسرع

قالت لأنعمك الغزار قصائدي

هذا نباتيّ المدائح فازرعي

وقال شهابية في ابن فضل الله

الطويل

أما ونجوم الحسن أعيى طلوعها

لقد بليت أجسادَنا وربوعها

لقد سيرت تلك النجوم يدُ النوى

فهلا كتسيار النجوم رجوعها

تركت جمادى كلّ عين قريرةٍ

وقد جرَّ أذيال السيول ربيعها

وأعددت أجفاني منازلَ للبكى

فولى وما يدرِي الطريق هجوعها

فدىً للغواني مسلمٌ فتكت به

وحلّ لهاتيك العيون صريعها

أساكنة بالجزع إن مدامعي

سيرضيك منها بالعقيق نجيعها

أبت لي دموعِي أن أماكس في الهوى

فحسنك يشريها وجفني يبيعها

وأسهرت أجفاني وإن كنت ساهراً

ومحترقاً في الغيد لولا شموعها

ليَ الله نفساً لا يخفُّ نزاعها

إليكَ وروحاً لا يكفُّ نزوعها

وأغيد فتَّان اللواحظ فاتك

يروق حشا عشَّاقه ويروعها

ص: 300

سعى بالحميّا في نشاوى تهافتت

عليها بأيدٍ ما تكاد تطيعها

فيا لكَ من ألباب قوم تنكَّرت

مصانعها منها وأقوت ربوعها

أخادِع آمالي بكأسٍ وشادنٍ

وقد يقتضي آمال نفسٍ خدوعها

وقد أشتكِي همِّي إلى أريحيةٍ

ولوعِي بأكناف الحمى وولوعها

تكاد من الذكرى إذا ما تنفسَّت

تناثر من شجوٍ عليها نسوعها

وتسعدني الورقاء منها نواحها

بغصنٍ ومن أجفان عيني هموعها

تطوقت من جود ابن يحيى كطوقها

فلله أطواق اللهى وسجوعها

أخو الكلمات الغرّ تندِي غمامها

وينفح ريَّاها وتزكو زروعها

وذو الدّوحة العلياء أرست أصولها

وطابت مجانيها وطالتْ فروعها

بحور اللهى والعلم فيهم بسيطها

وكاملها منهم وعنهم سريعها

إذا أسرة الفاروق قامتْ لمفخرٍ

أقرَّت لعلياها السراة جميعها

تصول وتحمي شرعةً نبويةً

فأسيافها منهم ومنهم دروعها

ألم ترَ علياهم بطلعة أحمدٍ

كما نض عن عبق الرياض سريعها

على يدِه البيضاء آي يراعةٍ

ينعم جانيها ويشقى لسيعها

معوّد سحر البيان فبينما

تروق ذوي الألباب أمست تروعها

فرائد لا ترضى ابن عبَّاد عبدها

ويعلو على وصف البديع بديعها

لئن حفظت مصرٌ وشامٌ برأيه

لقد حفظت بطحاؤها وبقيعها

وقد بثّ فيها العدل حتى بأمنها

مها الرمل تمسي والهزبر ضجيعها

ربيب العلى والعلم تفديك مهجة

تضلع من خلفي فداك رضيعها

أفدتَ يدي وفراً ونطقي بلاغةً

لفضليك يعزى صنعها وصنيعها

وفرّجت بالنعماء حالي وفكرتي

وقد ضاقَ بالأنكادِ عني وسيعها

وأمّن يا ربّ السيادة والتقى

برجواك خوف الرحلتين وجوعها

ومثلك من أسدى لمثلي أنعماً

تسرّ وآفاق البلاد تذيعها

فخذْها بتفويف الثنا كلّ حلةٍ

لها من مقاماتِ المقالِ رفيعها

لأنجمها وصل السعود بذكرِكم

إذا أنجمٌ أخنت عليها قطوعها

وهنئت بالأعوامِ يصفو جديدها

عليك بإقبالٍ ويطوى خليعها

ص: 301

مدى الدهر في علياءٍ تبهر أعيناً

فما لمحات العين إلَاّ ركوعها

وقال شمسية في ابن التاج اسحاق

الطويل

يخيل لي برقٌ من الثغر لامع

فيسبقه غيثٌ من الجفنِ هامع

ويرفع طرفي للصبابة قصةً

فتجرِي على عاداتهنَّ المدامع

بروحِيَ من قالَ الرقيب لحسنهِ

على كلّ حين من وصالك مانع

ومن كلّ يومٍ في هواها متيمٌ

يموت ولوَّامٌ عليه تنازع

تدافعني فيها الوشاة عن الأسى

وما لشهودِ الدمع والسقم دافع

وذي عذلٍ في الحبّ لا هو ناظرٌ

إلى حسن من أهوى ولا أنا سامع

مضى في الهوى قيس وقد جئتُ بعدهُ

فها أنا للمجنون في الحبِّ تابع

تذكّرني الورقاء بالرّمل معهداً

فهل نجم أوقاتي على الرّمل طالع

وتشدو على عيدانها فتثير لي

كمائن وجدٍ ضمنتها الأضالع

وذكرى شهابٍ كانَ لي من ورائِه

إلى مالكٍ لي في الصبابة شافع

وأوقات أنسٍ بين شادن وشادنٍ

كما اقْترح اللذّات راءٍ وسامع

وكأس لغيري أصفر من نضارها

ولي من لمى المحبوب للهمِّ فاقع

تعوَّضت عنها بارْتشاف مديرها

كما حرّمت منها عليَّ المراضع

وقضيتها أوقات لهوٍ كأنما

عفا الدهرُ عنها فهوَ يقظان هاجع

زمان الهوى والفوْدُ أسود حالكٌ

وعصر الصبى والعيش أبيض ناصع

إذا ابْيضَّ مسود العذار فإنما

هوَ الصبح للّذّات بالليلِ قاطع

لعمري لقد عادَ النعيم لفاقدٍ

وقد طلعت للشامِ نعم المطالع

وزارة شمسيّ الثنا يعتلى بهِ

محلّ ويدنو نوره والمنافع

هنيئاً لأفق الشام يا شمسَ مصره

بأنك بالتدبير للشام طالع

وأنك لا كالشمس ظلّك سابغٌ

ولكن لأهل الزيغ وقدك قامع

وأنَّ نماء الخلق والرزق لم يزل

إلى الشمسِ عن إذنٍ من الله راجع

وأنك يا موسى لذو القلم الذي

تهشّ به أهل الحيا وتدافع

عصاً لبلادِ الشام فيها مآرب

ومن يدك البيضاء فيها صنائع

ص: 302

فراعنة الكتاب عن ظلمنا ارجعوا

فقد جاء موسى والعصا والقوارع

وذو الهيبة اللاتي بها يزع الورى

وما ثمّ إلا خوفك الله وازع

إذا المرء خافَ الله خافت من اسمِه

أسود الفلا والعاديات الرواتع

لنعم الوزير الباسط اليد أنعماً

وأدعية للملك جذلان وادع

أخو الزّهد والتدبير إما تهجّدٌ

وإما يراع ساجد الرأس راكع

ولو لم يجدنا غيث جدواه جادَنا

بفضلِ دعاه شائع الغيث ذائع

تقصر أفكار العدى عن خداعهِ

ويخدعه في الجودِ من لا يخادع

أنا ابن كثيرٍ في رواية جوده

ومن كلّ بأسٍ عاصم ثم نافع

يقوم مقام النيل في مصر فضلهُ

إذا جرَّت الأقلامَ تلك الأصابع

ويغني عن الأنواء في الشامِ عدلُهُ

وعدل الفتى للخصبِ نعم المزارع

أتانا وقد ضنَّ السحاب بقطرةٍ

فجادَ وأجدى نيله المتدافع

ولما وجدنا للثراء زيادةً

علمنا بأن الشام للخير جامع

كذا فليدبر دولةً ورعيَّةً

وزيرٌ لجمع المال والجود بارع

ألم ترني من بعد ذلٍّ وفاقةٍ

بظلّ نداه والعناية راتع

ألم ترني في طوق نعماه ساجعاً

ولا عجبٌ إنَّ المطوّق ساجع

وسابق ظنِّي لا الوسائل قدمت

ولا قرَّبتني من حماه الشفائع

وعجّل معلومي وما كنت واصلاً

إلى ربعه والشهر للشهر رابع

وأصلح منِّي ظاهراً ثم باطناً

فلا أنا عريانٌ ولا أنا جائع

إليك ابن تاج الدين درّ مدائح

بداية مهديها إليك بدائع

وإني وإن باكرتُ بالمدح منشداً

لداعٍ بأستار الأجنة ضارع

نباتيّ لفظ قد حلا وتكررت

إليكَ بهِ للأنام المطمع

وقد كانَ من حيث الإضاعة ضائعاً

فها هو من حيث التضَّرع ضائع

تقول رياض المزهرات لزهرِه

بلينا وما تبلى النجوم الطوالع

لك الله في كلّ الأمور مؤيد

يمدّك بالدهرِ الذي هو طائع

ولا ترفع الأيام ما أنت خافض

ولا تخفض الأيام ما أنت رافع

ص: 303

وقال جمالية في ابن حجلة عند قدومه من الحجاز

الطويل

تذكر جرعاء الحمى فتجرعا

كؤس الأسى بالدمعِ راحاً مشعشعا

وفارق جيران الغضا غير أنه

به أودع القلب الشجيّ وودَّعا

يكرِّر لثم الترب حتَّى كأنه

يحاول ختماً للذي فيه أودعا

فأدمعهُ قد صرنَ ألفاظ شجوه

وألفاظه من رقَّةٍ صرنَ أدمعا

أقولُ وقد راجعت بالشام ذكرهم

ألا قاتلَ الله الحمام المرجعا

يذكرني عهد العقيق كأنه

بلؤلؤِ دمعي صارَ عقداً مرصَّعا

عسى كلّ عام زورة لمفارق

فيا حبَّذا من أجل لمياء كلّ عا

إمام الهدى والعلم هنئت مقصداً

سعيداً وعوداً بالقبولِ ومرجعا

يطوف ويسعى للإمام الذي سعى

وطاف بذيَّاك الحمى وتمتَّعا

تكاد ستور البيت تجذب برده

لعرفان محمود الشمائل أروعا

لعمري لقد سرّ المقام وأهله

بزورة أوفى الزائرين وأورعا

فإن ملأ الإحسان كمّ مجاور

فقد ملأ الحجر المحامد والدعا

وهنئ أفق الشام رجعة نير

مليٍّ بإسعاد الرعيَّة والرعا

تحييه أغصان البلاد كأنما

هوت سجداً نحو الأمام وركَّعا

وتلثم حتى مبسم الغيث في الثرى

بدور لآثار الركائب مطلعا

لك الله ما أتقى وأنقى سريرة

وأرفع قدراً في الأنامِ وأنفعا

وأكرم في الأنساب والفضل جمة

وأشرف في الدنيا وفي الدين موضعا

وأندى يداً لو أورقت عود منبر

لما عجب الرائي وإن قيل أينع

كرامات من مدّت يداً دعواته

ظلالاً إلى أن عمَّت الناس أجمعا

إليك خطيب الشام لابن خطيبها

براعة مدح كانَ برّك أبرعا

مديحك فرض لازم لي فطالما

بدأت فأسديت الجميل تطوّعا

وقال شمسية في ابن حميد

السريع

كفُّوا حديث العذل عن مسمعي

فأين من يعقل أو من يعي

يا عاذلي في الحسن إن كنت لم

تبصر فإني منك لم أسمع

ص: 304

لا تزد القلب على شجوِه

إن كنت لا تأرق لي فاهجع

أنا الذي يروي حديث الأسى

مسلسلاً في الحبِّ عن مدمعي

واعجبي في الحبِّ أشكو الجفا

من ساكنٍ في منحى أضلعي

إن شئت يا بدر الدجى إن بدا

فاطْلع وإن شئت فلا تطلع

وأنتِ يا أغصانَ بانَ النقا

إذا تثنى فاسجدي واركعي

لا آخذ الله ليالي اللقا

فإنها أصل الأسى الموجع

لو نسيت عينايَ إنسانها

ما نسيت ليلى على الأجرع

وغفلة الواشين عن وصلنا

ونحنُ كالواجد في مضجع

يا مقلتي بالوصلِ قرّي ويا

مدائحي في ابن حميد ارْتعي

شمسٌ ينادى ذكره سرّ ويا

طرف الأعادي خاسئاً فارْجعي

مستحكم الرأي ولكن متى

نخدعه باغي نشبٍ يخدع

يزدحم اللثم على كفِّه

تزاحم البهم على المكرع

إذا بدا أبصرْتَ حسَّاده

من مهطع الرأس ومن مقنع

آراء عمرٍو ولهى حاتمٍ

وحلو قيسٍ وذكا الأصمعي

جننت يا غيثُ متى شئت أن

تحكِي أيادِيه فطِرْ أوقَع

ذاك الذي عمَّ جدى برّه

وأنت في الموضع والموضع

أصبحَ لا حرز لأمواله

فلو عدا السارق لم يقطع

تهبّ نعماه وبأساؤه

من سجسجٍ طوراً ومن زعزع

لطافة حفَّت بها هيبةٌ

كالسيف ذو الرّونق والمقطع

وهمَّة علياء تعبانة

أيّ ربى في المجدِ لم تقرع

لو أنَّها ألفت هلال السما

مكان شسع النعل لم تقنع

وأنمل تحنو على معدمٍ

تحنن الثدِي على المرضع

وليسَ يعيى جودها ذا غنىً

جود الحيا في الجدول المترع

شم فضله واللفظ وانْظر إلى

صوبِ الغوادِي والحمى الممرع

نظمٌ ونثرٌ في عقولِ الورى

كالخمر أو كالسحر أو أصنع

لا غَرْوَ إن تسكر شمسية

لموعةٌ تصدر عن ألمع

ص: 305

ذو قلم يجني الغنى والفنا

من شهده أو سمّه المنقع

ينهلّ منه القصد في منجحٍ

ويلجأ الجيش إلى منجع

أيّ ردينيّ بغى حربه

من ندمٍ للسنِّ لم يقرع

يا سابق الناس لشأوِ العلى

من حاصرٍ باقٍ ومن مرتع

كأنما يسلك في مجهلٍ

وأنتَ في متّضح مهيَعي

تهنَّ بالحجِّة مقبولة

فائزة المقصد والمرجع

والحجر المدنى إليه يداً

بأكرم الحالك والأصنع

وانعم ودُمْ واسمعْ معاني الثنا

على قصور الخلق واسْتمتع

جلت معاليك على واصفٍ

حتى غدا المادح كالمقدع

وأبعدت عن حاسدٍ كائدٍ

أينَ السهى من مقعد أقطع

وأبعدت علياك لي في الندى

فجبتها بالكلم المبدع

ورد نعماك إليَّ الرَّجا

فأنتَ شمسي والرَّجا يوشعي

وقال يرثي والدة ناصر الدين كاتب السر بدمشق

الطويل

أذاتَ الحجى إن الحجاب ليمنع

عن اللفظ حتى في رثائك يسمع

ولكنَّ تطويقي لهىً ناصرية

تحث على أني أنوح وأسجع

ولم لا وقد أبصرته متحرّقاً

بفرقة حبّ راحلٍ ليسَ يرجع

أيسرع لي بالمالِ جوداً ولا أرى

بماءِ جفوني جائداً أتسرَّع

وأما دموعي بالبكاء كأنها

على صحن خدِّي من دمِ القلب تهمع

لقد عمَّنا ما خصَّه من رزيةٍ

بأمثالها تدمي الجفون وتدمع

رزية من كانت له أصل بهجة

وكلّ بهيج ضمنها يتفرَّع

فما ليَ لا أرثي تقاها وفضلها

وأرثي له والقلب حرَّان موجع

وأندب للمحراب قنديل غرَّةٍ

بنورِ التقى طول الدجى يتشعشع

وأندب للمعروف والبرّ راحةً

ترى راحة تعبانها حين ينفع

وأندبها للتربِ من حجب العلى

وديعة أستار إلى عدن تودع

وأندبها لليومِ صوماً وللدجى

صلاةً وأذكاراً ونسكاً يوزَّع

ص: 306

وللبيت بيت الفضل كدر صفوه

وللبيت من ذات الصفا حين يهرع

فيا لكَ من بيتٍ جديدٍ بكى لها

وبيتٍ عتيقٍ نحوها يتطلَّع

ويا لكَ من حزنٍ يتجدَّد عندنا

بهِ حزن يعقوب الذي كادَ يقلع

وحزن أخٍ قد جاورته كرامة

لها وإلى بيتِ الكرامات ينزع

وحزن كبار أو صغار تتابعوا

أسوداً وغزلاناً تسير وتتبع

هو الموت كأساً من حميّا حمامها

ومن حسراتٍ قبلها تتجرَّع

وصرف لأرواح البريَّة ناقدٌ

على أنه في أخذ نقديه مجمع

وسبع ليال دائراتٍ على الورى

بنوع افتراس فيهمو ليس يشبع

ألا في سبيل الله نقد عزيزةٍ

تولَّت وأبقت لاعج الحزن يرتع

سلامٌ ورضوانٌ عليه ورحمةٌ

وروحٌ وريحانٌ وخمرٌ منوَّع

على جهةٍ إن قيل ستّ فإنها

عليها من الستّ الجهات تفجع

يعزّ عليها نار حزنٍ تمسّه

وتلك بجنَّات العلى تتمتَّع

ولو بلغت ما مسَّه من مصابها

لكادت به في جنَّة الخلد تجزع

وما رحلت حتى رأت فيه كلماً

تمنَّت فليس من حمام تروع

ولو خيِّرت لم ترضَ إلَاّ بقاءَه

ونقلتها فليهنها القصد أجمع

وكم مرَّةٍ فدَّاه بالنفسِ نطقها

فقد صحَّ ما كانت له تتوقَّع

وشيعها بالبرِّ زاداً تسنناً

فلله منه سنَّة وتشيّع

تهنَّ بنو نعش لمطلع نعشها

نعم وبنات النعش أيَّان تطلع

وما هيَ إلَاّ روعةٌ من رزيةٍ

ولكنْ لها ثبت العزائم أروع

بليغ عرفنا صنعة اللفظ عندهُ

فما قدرُ ما في وعظه يتصنَّع

سقى لحدها الروضيّ غيث كأنه

نداه علينا وارفٌ وممرَّع

وخفف عن أحشاه وهجاً لو أنه

سحائب ضيف عن قريب تقشع

طمعنا بحدس في رجوع مفارق

وفي غير من قد وارت الأرض يرجع

وإن منع الماضون من سعيهم لنا

فإنا عن المسعى لهم ليس نمنع

ص: 307

وقال يطلب فرسا من البريد

مخلع البسيط

هل لكَ يا أرفع البرايا

في قريةٍ شأنها رفيع

قد أحوجت عبدك الليالي

لسفرة أمرها فظيع

لم يستطع مكترى حمار

فكيف للملك يستطيع

هذا وفي حظِّه نزول

نعم وفي رجله طلوع

ليس له طاقة ليجري

إلَاّ إذا فاضت الدموع

فاجْعل له في الأنام شأد

بفرس سوقها بديع

إذا تسمى الجواد بحراً

فبحرها في الفلا سريع

ودمْ مدى الدهر في أمان

يفديكَ أبناؤه الجميع

فحبذا رفدك المعنى

وحبَّذا وقتنا المريع

شهر وفضل وجود كف

ثلاثة كلها ربيع

وقال في السبعة السيارة

السريع

تسلسلت في خدِّيَ الأدمع

معربةً فاعجبْ لما يسمع

قد رجع الدّمع إلى غرْبه

وعن غزال الشرق لا أرجع

حبِّي له حبُّ عليّ العُلى

وفيهما المخلص والمقطع

في ذا وذا وصفي ومدحي فما

للغير في شعريَ مستمتع

يا من يهنى العيد والز

مان والناس به أجمع

زِدْ كلّ يومٍ في العلى رفعةً

وليصنع الحسَّاد ما يصنعوا

عيشك والقدر كما تشتهي

تخفض هذاك وذا ترفع

وقال في سيدنا الحسين رضي الله عنه

المنسرح

أصبحت لم أخشَ للزَّمان أذىً

وشافعيّ الزَّمان لي شافع

حيَّتك قاضي القضاة من مدحٍ

نجوم حمدٍ سعيدة الطالع

وجاءَ قدر الإمام سيدنا الح

سين صوبٌ من الرّضا هامع

ذاك الحسين الذي مضى فأنا

لا هو ظامٍ إلى اللقا جائع

ص: 308

ذاك الذي كنت من عوارفه

أسند عن عاصمٍ وعن المنى نافع

مباشروا الجامعِ الذين همُ

صبحي ولكن على المنى مانع

لولا نداك العميم يشملنا

ما كان بيني وبينهم جامع

وقال علائية وقد أطلق له راتبه من الغلة

الكامل

جاءَ البشير بها فقلتُ لدرّه

لفظاً وفضلاً شنف الأسماعا

سمراء إلَاّ أنها حنطيَّة

تروي عطاشاً للقا وجياعا

وكريمة الأنساب أصدقها الندى

كفؤاً إذ أمر القريض أضاعا

يا آل فضل الله دمتم في الثنا

والأجر كنزاً للعفاة مشاعا

يسقى نداكم من نباتيّ الثنا

زرعاً يغاث فيعجب الزّرّاعا

تؤمرون قصائدي من بعد ما

كابدت من حالي الضعيف ضياعا

كم ضيعةٍ للحال كانت قطعة

فغدت بضيعة غلةٍ أقطاعا

وقال تاجية سبكية

الوافر

نعم ليَ وقفة لا للدموع

على تلك المنازل والرّبوع

لجيران العقيق أفضت دمعي

مناسبة بمحمرّ النجيع

وفي تاج الزمان نظمت درّاً

فيا لله من عقدٍ بديع

كريم الوصف والأنساب قالت

أضف لسنا الأصول سنا الفروع

كذا قاضي القضاة مدا الليالي

محلّى التاج بالنظم الرفيع

لقد طلعت علينا من سناه

نجومُ اليمن بالخصب المريع

نداه وفصلنا والشهر فيه

ربيعٌ في ربيعٍ في ربيع

وقال نورية يهنئ بالقدوم من الحجاز الشريف

الطويل

على اليمن والنعمى قدوم أحبّةٍ

تخبّ بهم عيسُ الرّكاب وتوضع

لركبهم المصريّ قلبي هدية

على أن دمعي بالمسرّة ينبع

أمولايَ نورَ الدين هنئت حجةً

زَكا لكمُ فيها مسيرٌ ومرجع

أتمت مساعيك الزّكية نسكها

وما فاتنا من جود كفّك منجع

ص: 309

فإن فازَ مولانا بحجٍّ أتمه

فها نحن في نعمائه نتمتّع

وإن لم يكن في وقفةٍ جمعيّة

فها نحن فيكم بالهنا نتجمّع

مدائحنا فيكم وفي مثل بيتكم

فروضٌ وفي بعض الأنام تطوّع

وقال يرثي صغيرا ولد له ومات

الوافر

برغمي أن شرعت له رثاءً

ولم ألزمْ بتهنئةٍ شروعا

وليدٌ كان يا أسفي حبيباً

أبى تسيارُ كوكبه رُجوعا

وما قلبي إذاً حجرٌ فيسلو

هلالاً قبل ما اكتمل الطلوعا

فيا ولدي تولد حزن قلبٍ

فعمّ أصول بيتك والفروعا

ومسّ عيونَ من فارقت شرٌّ

فأصبح كلّ إنسانٍ جزوعا

أما والجاريات بصحن خدّ

بكت والموريات ورت ضلوعا

لقد أطفأ شميعة نور بيتٍ

ردًى كم مثلها أطفأ شموعا

وقال ملغزا

مجزوء الرمل

يا إماماً لم يزل في الفض

ل ذا كف صناعي

باهر قولاً وفعلاً

في عيان وسماع

ما اسم ذي حجم لطيف

بين أيدي القوم ساعي

ناحل أصفر من

غير سقام وارتياع

وهو مصري ومطب

وع لذيذ الاجتماع

وهو في الخط خماس

ي وفي اللفظ رباعي

وقال ومن خطه نقلتها

الطويل

يقولون تبكي والديار قريبة

إذا بعدت أوطانهم كيف تصنع

دعوا مقلتي العبرى تجود بمائها

عسى أن حزن من الجفن يوضع

وثقت بتنكيد الفراق فأسبلت

جفوني وعجلت الذي أتوقع

وما هي إلا مهجة ذاب شطرها

فسالت بها من فوق خدي أدمع

وعما قليل ينفذ البين سهمه

فلا مهجة تبقى ولا دمع يهمع

ص: 310

وقال فيما يكتب على النرد

السريع

عملت للمولى الذي ذاته

على فنون الفضل مجموعه

روضة نرد كم هزار بها

نغمته في الطاس مسموعه

إن كان للشطرنج منصوبة

فرتبتي في الحسن مرفوعه

وقال لمن وقع من فوق بغلته

الكامل

للبغلة الشهباء عذر بين

إذ قيل قد وقعت ووصف جامع

هي كوكب حملت مطالع نير

بين التقى والفضل نعم الطالع

فمن المسرة فهي نسر طائر

ومن المهابة فهي نسر واقع

وقال يصف بستانا

الكامل

يا منزل ابن عليّ حيتك الصبا

وسقى مرابعك الغمام الهامع

صفت بك الأغصان صف جماعة

والغصن إما قائمٌ أو راكع

ورقى لديك الطير منبر أيكة

فعلمت أنك للمسرّة جامع

وقال وهو نوع من البديع لم يسبق إليه سماه ربح المقايضة

الكامل

سل عن مقاميَ والرؤوس حوائمٌ

تحت العجاجة والنسور وقوع

والمرهفات على الجسوم شوابك

حتى كأنّ المرهفات دروع

هل أكشف الغمى ووجهي مسفرٌ

فأروق عادية الوغى وأروع

وقال ملغزا

مخلع البسيط

تفترس الناس في هواها

مالكة للقلوب تدعو

مليحة حجبت وشاعت

فخاب طرسٌ وفاز شمع

عجيبة الإسم قيل خمسٌ

وقيل ستٌّ وقيل سبع

وقال وقد أنشد لرئيس بيتين من نظمه فادعى الصفدي أنهما لغيره

الخفيف

وصديق أنشدته ليَ بي

تين حوت في الصداع معنًى بديعا

ص: 311

فادّعاها لأجنبيٍّ ولو كا

ن ادّعاها لخاف أمراً شنيعا

فقلت ليسا لهُ ولا ليَ تعزى

واسترحنا من الصداع جميعا

والبيتان هما قوله

الوافر

تحمل حيث كنت صداع قصدي

فقصد سواك ما لا يستطاع

إذا ما كنت للرؤساء رأساً

فلا تنكر إذا حصل الصداع

وقال وقد باع صديق له يسمى شفيعا

واشترى غيره فشكى أخلاقه وكان يسمى بديعا

الكامل

دَع من شفيعٍ صحبةً ما أذنبت

واهنأ بمحبوبِ الجمال بديع

وإذا الحبيبُ أتى بذنبٍ واحدٍ

جاءت محاسنه بألفِ شفيع

وقال فيما يكتب على مرملة

المتقارب

عملتْ لمن جود أقلامه

ربيع ومنطقه بارع

إذا طلع الخطّ رمّلته

فيا حبَّذا الرّمل والطالع

ومن مقطعاته قوله

الطويل

لئن ضاع مثلي عند مثلك إنني

لعمر المعالي عند غيرك أضيع

متى تنجع الشكوى إذا أنا لم أجد

لديك اعتناءً غير أنك تسمع

وما كان صعباً لو مننت بلفظة

تردّ بها عني الخطوب وتردع

وقلت امرؤ للشكر والأجر قابلٌ

وللبرِّ فيه والصنيعة موضع

ومغترب عن قومه ودياره

أساعده والله يعطي ويمنع

سأصبر حتى تنتهي مدة الجفا

وما الصبر إلا بعض ما أتجرع

عسى ظلمة الحيّ التي قد تعرضت

سحابة صيفٍ عن قريب تقشع

على أنني راضٍ بما أنا صانع

وصول الولا لو أنني أتقطّع

حبست لضيق الرزق حبس حمامة

فها أنا فيكم بالمدائح أسجع

وأصبح فكري كالعبير سواده

إذا نفحته جذوةٌ يتضوّع

ص: 312

شاب فود الصبّ حزناً مثل ما

همّ بالهجر حبيب ودّعه

يا لشيب عم وجهاً فبكى

كيف لا يبكي لشيبٍ قنّعه

يا لقلبٍ مودعٍ سرّ الأسى

ودّع الصبّ وماذا أوْدَعه

يا عليًّا لست أنسى برّه

وهو لا ينسى مديحاً يسمعه

سيدي كنْ غوثَ ألفاظي فقد

أصبحوا من شامهم في مضيعَه

حسرتي مع ذا ومع ذا فأنا

معهمُ مع بعدهم في معمَعه

غير أني قائلٌ قولَ فتى

كضّه صدّ فأبدى جزعه

لا تهني بعد ما أكرمتني

فشديدٌ عادةٌ منتزَعه

وابقَ ذا الفضلين فضلاً حازه

وارث العليا وفضلاً جمّعه

واهنَ بالعيد وألفٍ مثله

في سناءٍ أو هناءٍ أو دَعه

ــ

السريع

قل لوزير الملك يا من له

عزائم مثل الظُّبا تقطع

يا زارعاً مني النبات الذي

يعجب بالأمداح من يزرع

هُنئتها يا سيدي خلعةً

قلوب أعداك بها تخلع

بيضاء كم طرف عدًى بيضت

حتى تمنى أنه يقلع

من فوق خضراء سقى روضها

غيثُ أياديك التي تهمع

قالت وقد راق لها منظرٌ

كالبدرِ من أزرارها يطلع

زدْ كل يومٍ في العلى رفعةً

وليصنع الحاسد ما يصنع

عش لعفاةٍ طُوّقوا بالندى

فالكلّ في دوحِ الثنا يسجع

الدهر نحوي كما ينبغي

يدري الذي يخفض أو يرفع

ــ

الطويل

حلفت لها بالعادِيات دموعي

وبالمورِيات النار وهي ضلوعي

لئن كان من قد لامني غير مبصر

محاسنها إني لغيرُ سميع

محجّبةٌ تفترّ عن مبسمٍ كما

ينظّم في أزكى الأنام بديعي

فريد العلى والعلم والحلم والتّقى

فيا لفريدٍ حائزٍ لجميع

يضوع قريضي في الورى بامْتداحه

وما جوده لي في الورى بمضيع

أصوغ بسيطاً في الثناءِ وكاملاً

على وافرٍ من جوده وسريع

ص: 313

ولا عيب في إحسانه غير أنني

شرهت فما لي اليوم وصف قنوع

بشهر ربيعٍ قد أتيتُ مهنئاً

وكلّ زماني منه شهر ربيع

فلا زالَ من خدَّام مدحي لفضله

صوابي ونجحي مقبلاً وشفيعي

ــ

الخفيف

كتم الحبّ جهده فأزاعه

مدمع زاد قسمه فأشاعه

ليسَ لي من ذوي الملاحة إلا الد

مع قامت به عليّ الشناعه

أمرَتني الأشجان أمر الندى لاب

ن عليّ فقلت سمعاً وطاعه

دام قاضي القضاة بحر علوم

وندى عمَّ سنَّة وجماعه

من هبات الوهَّاب في الخلق تبقى

طول دهر وفي العدى سمّ ساعه

ليس فيه عيب سوى فرط جود

قد نهانا عن مستحب القناعه

علمتنا نعماه وصف علاه

فلها الفضل بالغنى والبراعه

ــ

البسيط

لله طرف الغداة قد همعا

وحملته الليالي فوقَ ما وسعا

بين السّهاد وبين الدمع مقتسم

فيكم فما جفَّ من شوقٍ ولا هجعا

يخادع الشوق طرفي عن مدامعه

إن الكريم إذا خادعته انْخدعا

ويقتضي الهمّ تسهادِي فيا حرباً

من قاتلين على إنسانيَ اجتمعا

سحقاً ليوم النوى ماذا رمى بصري

حتَّى اسْتهلَّ وماذا بالحشا صنعا

وقائلٌ ما الذي أبكاكَ قلت له

شخصٌ رمى بالنوى طرفي فقد دمعا

ــ

مجزوء الكامل

قل للإمام محمد

ذي الفضل والكرم المذاع

يا صاحب القصد الجمي

ل يحف بالأمر المطاع

حاشاك أن تنسى له ال

كتاب ذا حال مضاع

في الطرس من فرجيّتي ال

بيضاء أكتب بالرّقاع

ــ

الطويل

ألا ربّ ذي ظلم كمنت لحربه

فأوقعه المقدار أيّ وقوع

وما كانَ لي إلَاّ سلاح تهجد

وأدعية لا تتّقى بدروع

وهيهات أن ينجو الظلوم وخلفه

منصّلة أطرافها بدموع

مريشة بالهدب من جفن ساهر منصلة أطرافها بدموع

ــ

ص: 314

المديد

يفوت عياني مشهد من جمالِكم

فيجمع طرفي والمدامع جامع

هوىً مطمعٌ إنسان عيني وإنما

تقطَّع أعناق الرّجال المطامع

بروحيَ من نظمت في خصرها الثنا

فرحت وفي لا شيءَ نظمي ضائِع

وأودعتها قلبي وصبريَ والكرى

وحكم الهوى أن لا تردُّ الودائع

ــ

الطويل

أيا تاجَ دين الله شكراً لأنعمٍ

أجبتَ بها راجيك من قبل ما دعا

وأبقيتها تستنطق الخلق بالثنا

وتشهد بالأجر الملائك أجمعا

وإن قصرت عن بارعِ الحمد قدرتي

فوالله ما قصَّرت عن نافع الدعا

ــ

الطويل

لقد قنعت رجواي من قبل ما رأت

شهاب العلى والعلم في الشام يطلع

فلمَّا رأتك الآن أسفر وجهها

وأقسم لا والله لا تتقنَّع

فما الغيث إلَاّ من بنانك قطرة

وما الغيث إلَاّ من يمينك أصبع

ــ

السريع

قل لوزير الملك يا من به

تروي بلاد الشام عن نافع

حاشاك أن تروي النبات الذي

كم ارْتوى من غيثك الهامع

وحقُّ إنعامك يا مالكي

مالي سوى عطفك من شافع

ــ

الكامل

هنئت بالأعوام تلبس بردها

متجدّداً ويماط عنك خليع

في نعمةٍ جزمت بأنك خافضٌ

قدرَ الحسود وقدرُك المرفوع

قد أعجبت فيها الشهور وأعشبت

للقاصدين فكلّهنّ ربيع

ــ

الكامل

ناعورةٌ نشأت على عهد الأسى

مثلي فما تنفكّ ذات توجع

كانت قضيباً قبلَ ذلك يانعاً

في أيكةٍ نبتت بإثرة موضع

ناحَ الحمام بها وأبكاني الأسى

فتعلمت نوح الحمام وأدمعي

ــ

الطويل

وناعورةٌ كانت قضيباً فأصبحت

إلى القضبِ شوقاً كالحمامة تسجع

شكوتُ لها ضرّ الغرام وحالها

كحالي بكاءً أو حنيناً يرجع

ولا بدَّ من شكوى إلى ذي مروءةٍ

يواسيك أو يسليك أو يتوجّع

ــ

الطويل

أمين العلى والعلم هنئت حجَّةً

وعوْداً لديه الأجر والذكر أجمع

ص: 315

وقصداً سعيداً لم تضع فيه ثروةً

وما ضاع إلَاّ نشرها المتضوّع

تمتَّع مولانا بعمرة حجَّةٍ

وها نحنُ في نعمائه نتمتَّع

ــ

الكامل

في كلّ يومٍ خلعة بدرية

طلعت بها الآمال أشرف مطلع

قالت للابسها سعادة نطقه

قل يا محمد في الممالك أودَع

الفضل إرثكَ والمهابة والنهى

فافْخر وأوقع بالعداة ووقع

ــ

السريع

يا تاج دين الله كم نعمةٍ

لنعمةٍ بين الورى تتبع

عشْ لعفاةٍ طوّقوا بالندى

فالكلّ في دوحِ الثنا يسجع

عيشك والقدر كما ترتضي

يخفض هذاك وذا يرفع

ــ

الكامل

هنئت بالعيدِ السعيدِ وحبَّذا

لبقاء شملك بالهنا مجموع

في رفعة وسعادة ما برّها

في الخلقِ مقطوع ولا ممنوع

ولحالنا المكسور يدعو برّك ال

منصوب يا من قدره مرفوع

ــ

السريع

قاضي قضاة الدين دمْ في علىً

لا تلحن الأيام في رفعها

وانظرْ بنعماك إلى حالِ ذي

ضرورة يعجز عن دفعها

قد أدبرَ الصوم ولي مقلة

ما نظرت قط سوى دمعها

ــ

الخفيف

عش مهنًّا بألف عامٍ وعيد

بين جزم من الأمور ورَفع

يا إماماً إن هان قدرِي فلي من

خمس بمناك عائدات بنفع

حبَّذا عشرنا ويا حبَّذا الخم

س ولو أنها بنفع وصفع

ــ

الكامل

تتوارد المدَّاح في أوصافكُم

يا آل فضل الله نظماً مبدعاً

مسكيَّة الأقلام في أطراسها

بين القصائد سجداً أو ركعاً

إن قصَّرت في مدحةٍ مع بذلها

جهداً فلا والله ما قصرَ الدّعا

ــ

الطويل

أيا ملكاً فاقَ الكرام وفاتهم

أما آنَ أن تحظى لديكَ ذرائعِي

أيحسن بعدِي عن بلادك بعد ما

عرفت بقولٍ في صفاتك بارع

وما أسَفي إنَّ الثواء يفوتني

ولكن لقدرٍ عند غيرك ضائع

ــ

ص: 316

الوافر

أيا ملك الشجاعة والمعالي

ونشر العلم والحسب الرفيع

قدومك هذه الأيام فيه

جناس مذكر كتب البديع

كريمٌ ثمَّ فصلٌ ثمَّ شهرٌ

ربيع في ربيع في ربيع

ــ

الكامل

يا من تبيَّنت السيادة أنه

في الناسِ ملء عيونها وسماعها

ما بالوسائلِ فضل رأيك يقتضي

إنَّ الشموس منيرة بطباعها

ــ

الطويل

قدمت أميراً في بني الدهر آمراً

على الدهرِ يصغي سامعاً ويطيع

ولا عجب للشهر وافقَ مقدماً

فكلّ زمان في حماك ربيع

ــ

الطويل

وعيشك لولا سقم جسمي والبكى

لما كانَ سرِّي في هواكَ بذائع

لئن لم يسر في بحر شعري فقد سرى

بأشعار سقمي في بحورِ مدامعي

ــ

البسيط

يا ناصب القدّ عالي الحسن مرتفع

فالحبّ ما بين منصوب ومرفوع

جوارحي وكتابي قد نهبتهما

ففي يديك على الحالين مجموعي

ــ

الطويل

سلت مهجة قد كان صدعها الأسى

فلا آخذ الله الأسى بصدوعها

وعيناً على حالي بعاد وجفوة

عفا الله عمَّا قد جرى من دموعها

ــ

الطويل

وقائلة لي بعد ما شابَ مفرقي

وفكري في تيه الشبيبة يرتع

أترجع عن لهو الصبا بملامةٍ

فقلت ولا والله بالشيب أرجع

ــ

المتقارب

وناعورة قسمت حسنها

على ناظرٍ وعلى سامع

وقد ضاع نشر الربى فاغْتدت

تدور وتبكي على الضائع

ــ

الكامل

أحسن بها ناعورة في روضةٍ

عن جعفر يروي الهناء ربيعها

هذا وليس يعدّ موج دموعها

وتعد من فرط السقام ضلوعها

ــ

الكامل

نعتوك حقًّا بالإمام لما حوت

علياك من نسكٍ وعلم بارع

وأعنت أرباب المقاصد شافعاً

لهم فأهلاً بالإمام الشافع

ــ

ص: 317

الطويل

وزير التقى هل أنت في العشر عاطف

على فاقتي بين الورى وخضوعي

وما العشر إلا العسر في كل حالة

ولكنني نقطته بدموعي

ــ

السريع

يا سائلي عن حظ خطي وقد

أهملت في كتاب هذي البقاع

معلومي الثلث ويا ليته

ورسميَ النسخ وثوبي الرقاع

ــ

المنسرح

قد أفقرتني غيداء واصلة

فدمع عينيّ غير مقطوع

وكنت أبكي من الغرام بها

فصرت أبكي منها من الجوع

ــ

الخفيف

يا إمام التقى مضى ربع عامٍ

من وصولي ولم يصل ليَ ربع

سنة إن غفلت عنيَ فيها

كسرتني وكيف لا وهيَ سبع

ــ

الخفيف

يا مديدَ النوال دعوة راجٍ

حثّه جودك البسيطُ السريع

لا نبالي إن قيل شهر جمادى

كل شهر براحتيك ربيع

ــ

الطويل

صحاب قصدنا عن لقاهم منافعاً

فلم نرَ شيئاً من وجوه المنافع

رَجا شافع نسج المودّة بيننا

ولا خيرَ في ودّ يكون بشافع

ــ

الخفيف

أصبروا للرقاع أكتب فيها

كلّ يومٍ حوائجي وصداعي

واحسبوا أنها كما حكم الده

ر عراة تسمى بذات الرقاع

ــ

الرمل

سيدي إن الذي أوصل لي

فقده من ظنه أن يمنعا

سلم المعلوم شهراً واحداً

ثمّ ما سلم حتى ودّعا

ــ

البسيط

يا جاعل الجامع المعمور منتظراً

محاسناً منه في الأوصاف مبتدَعه

تركت للشوق حرًّا في جوانحنا

فلا خلا منك لا صفّ ولا جمعه

ــ

الكامل

صف مكرمات وزير مصر عزيزها

فالفخر ثم الفخر حيث يشاع

فإذا حسبت فعنده القلم الذي

شهد الحساب بأنه نفّاع

ــ

الكامل

أكرم بأوقات لنا شمسية

ما ضرّ وفق زمانها تربيع

ص: 318

عدَلت وعدّلت الزمان فكلها

في المكرمات وفي الشهور ربيع

ــ

الطويل

بروحي مهاة تفضل الشمس مطلعاً

وتسكنُ أحشاءَ الأديب المروَّع

وقد صرعت قلبي وشقّته فاعجبوا

لبيت لها في الحالتين مصرّع

ــ

الرجز

ما انقطع المملوك عن ترداده

وأنت تدري أن ذاك ممتنع

فالحمد لله على علمك يا

مولايَ إني بشرٌ لا ينقطع

ــ

الوافر

ترى هل يبلغ المخدوم أني

لدى الكتّاب في حالٍ مضاع

أرجّي درهم المعلوم ثلثاً

وأكتب في ثيابي بالرّقاع

ــ

مجزوء الكامل

أشكو لفضلك حرفة

مالي بها مستمتع

أحوال معلومي تسو

ء وصاحب لا ينفع

ــ

المتقارب

جوابٌ أتانيَ في ساعة

يدلّ على نفث أصل اليراعه

ومن عجب الدّهر أني به

تلذّذت مع أنه سمّ ساعه

ــ

الطويل

بكيت على لقيا أناسٍ وددتهم

وإن كان لا ضري يعدّ ولا نفعي

وإن قيل دون القلتين مكانه

فما فيّ دون القلتين ولا دمعي

ــ

مخلع البسيط

يا شيخ علم وشيخ علم

فمن عيانٍ ومن سماع

رفعت قدري عطاً ولفظاً

يا سيدي أحمد الرفاعي

ــ

السريع

نوالك السعديّ يا سيدي

أرجو على عاداته مربعه

لي أشهر أربعة أخرت

فحظي المشؤوم بالأربعه

ــ

الكامل

أفدي صديقاً كنت وهو بغيظه

متطارحين من الكلام بديعه

ما زالت الحساد تسعى بيننا

حتى تناكرنا الكلام جميعه

ــ

الكامل

أفدي سطوراً من كتابك أقبلت

بعد الجفاء وآذنت برجوع

قبّلتها فاحمرّ نقش حروفها

فكأنني رمّلتها بدموعي

ــ

ص: 319

المتقارب

ولما رنت ليَ ألحاظه

رفعت بتكبيري الصوت رفعا

فيا لك في الحسن من أغيد

تبدّى غزالاً فكبرت سبعا

ــ

المتقارب

بعثت به واثقاً أن لي

شفاعة ذي أمل نافع

ولا شيء أحسن من مالك

تجود يداه على شافع

ــ

مخلع البسيط

جبين سلطاننا المرجى

مبارك المطلع البديع

يا بهجة الدهر إن تبدى

هلال شعبان في ربيع

ــ

الطويل

تأخرت عنكم يا بنيَّ ويا أبي

وما أنا إلاّ البعض ماضٍ جميعه

وعود نباتيّ مني يرتجي بقا

وقد مات منه أصله وفروعه

ــ

الوافر

ألا يا رُبّ خلٍّ أرتجيه

كما يرجى من الوثن انتفاع

رميت بودّه وصدَفت عنه

فلا ودّ لديّ ولا سواع

ــ

الكامل

لهفي لشعرٍ بارعٍ نظمته

تحتاج بهجته لرفدٍ بارع

دٌرٌّ يتيمٌ قد تضوّع نشره

يا من يرق على اليتيم الضائع

ــ

الوافر

أبثك يا أخا العلياء أني

سئمت من الليالي كم تروع

أما ينفك قدري في نزول

ببلدتكم وفي جسمي طلوع

ص: 320