المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌حرف النون وقال مؤيدية الكامل سلّت صوارِمها من الأجفان … فسطت على الآساد - ديوان ابن نباتة المصري

[ابن نباتة]

الفصل: ‌ ‌حرف النون وقال مؤيدية الكامل سلّت صوارِمها من الأجفان … فسطت على الآساد

‌حرف النون

وقال مؤيدية

الكامل

سلّت صوارِمها من الأجفان

فسطت على الآساد والغزلان

وتبسَّمت عن لؤلؤٍ متمنع

حتَّى بكيت عليه بالعقيان

غيداء أستجلي البدور لوجهها

إذ ليس حظِّي منه غير عيان

تركية للقان ينسب خدُّها

واصبوتي منه بأحمر قاني

خدٌّ يريك تنعماً وتلهباً

يا من رأى الجنات في النيران

ومحاسن تزهو وتخلف عهدها

وكذا يكون الروض ذا ألوان

كالجنة الزهراء إلا أنَّ لي

من أدمعي فيها حميماً آن

يحمي نعيم خدودها أن يحتنى

أو ما سمعت شقائق النعمان

ترنو لواحظها إلى عشَّاقها

فتصول بالأسياف في الأجفان

ويهزُّ حلو قوامها مرج الصبا

هزَّ الكماة عواليَ المرَّان

إن صدَّها عني المشيب فطالما

عطفت شمائِلها بما أرضاني

وبلغت ما لا سوّلته شبيبتي

وفعلت ما لا ظنَّه شيطاني

وجنيتُ من ثمر الذنوب تعمداً

لما رأيت العفو حظّ الجاني

وحلبت هذا الدهر أشطر عيشه

فوجدت زبدتها متاعاً فاني

وسبرت أخلاق الكرام فلم أجد

في الفضل للملك المؤيد ثاني

ملكٌ ترنَّحت المنابر باسمه

حتى ادَّكرنَ معاهد الأغصان

بادي الوقار إذا احتبى وحبا الندى

أبصرت سير السيل من نهلان

قامت بسؤدده مآثر بيته

وعلى العماد إقامة البنيان

ص: 483

قسماً بمن أعلى وأعلن مجده

وأفاض أنعمه بكلِّ مكان

ما حاد عني الفقر حتى صحت في

مدحي أنا بالله والسلطان

فوجدت للنعماء ملء مآربي

ووجدت للأوصاف ملء لساني

ومدحت من نشرت مدائح مجده

ذكري فلو لم يعطني لكفاني

ملكاً أبرّ على الأولى متأخراً

عنهم كبسم الله في العنوان

تعب الأنامل لا يغبّ نواله

إنَّ العلى والمجد للتعبان

أعطى وقد منع الغمام وأرشدت

آراؤه والنجم كالحيران

واعتادت الهيجاء منه غضنفراً

سار من اليزنيَّ في خفَّان

تتألف العقبان فوق رماحِه

إلفَ الحمام على غصون البان

ويصحّ علم الكيمياء وسيفه

فترى اللجين يعود كالعقيان

ويقول فيض فعاله ومقاله

مرج النهى بحرين يلتقيان

يا مشتري سلع الثناء بماله

هنئت مرتبة على كيوان

صانت يداك عن الأنام وسائلي

وثني حماك عن البلاد عناني

فمحوت إلَاّ من ثناك خواطري

ونفضت إلَاّ من نداك بناني

وتركت مدح العالمين وذمّهم

وشغلت عن هذا الندى في شاني

وأقمت متصل الرجاء بواحدٍ

لم يختلف في الفضل منه اثنان

متسلسل الكلمات في أوصافه

متقيداً بصنائع الإحسان

لا يعدم الدهر الأخير بدائعاً

تنهال بين سماحةٍ وبيان

أكتال بالمكيال فضل هباته

وأبيحه الأمداح بالأوزان

وقال فيه أيضاً

الطويل

ألا من لمسلوب الفؤاد رهينه

معنى بمحجوب الوداد ضنينه

أخو شجنٍ يرعى النجوم كأنما

تعلق أعلى هدبه بجبينه

تجلده شكّ إذ لام لائمٌ

ولكن فرط الوجد عقد يقينه

وفي قلبه داءٌ دفين من الأسى

فلا غروَ أن يبكي لأجل دفينه

وظبي له في أسرة الترك نسبة

وفي الهند معنى من مضاء جفونه

ص: 484

من الطالبي كتم الغرام صبابة

وأحسن بمكتوم الغرام مصونه

كتمت الهوى في عشقه متفلسفاً

فأصبح عشقي قائلاً بكمونه

وعاينت في خدَّيه خطّ عذاره

فأقسمت في صحف الجمال بنونه

يحن لي قلبي فلله من رأى

حمًى يتبع الغادين رجع حنينه

هو الحبُّ يحلو فيه للمرء دمعه

ويطربه في الليل صوت أنينه

برغميَ طرف غاب عنه عزيزه

فعوضه ماء البكا بمهينه

روى عن معين الدمع طرفيَ فاسمعوا

حديث جوى قلبي عن ابن معينه

وإني جلدٌ في ممارسة الهوى

مدلٌّ بمهديِّ الولاء أمينه

يقوم بنصري في الصبابة عون من

أقام ابن أيوبٍ عماداً لدينه

مليكٌ تولَّى الفضل بعد ضياعه

وهذَّب هذا الدهر بعد خبونه

ومدَّ يميناً يعذر البحر والحيا

إذا حلفا يوم الندى بيمينه

أخو صدقاتٍ تقدر المدح قدره

فما يشتري في المدح غير ثمينه

إذا جلب الناس الثناء لبابه

فما جلبوا إلَاّ لباب زبونه

وما ذاك شحًّا بالثناء وإنَّما

سجية فياض الغمام هتونه

شجٍ بالعلى والعلم والبأس والندى

فلله ما أحلى حديث شجونه

له منزل تهوي المقاصد نحوه

هويَّ حمام الأيك نحو وكونه

تدفق طوفان الندى بجنابه

فأمست مطايا الوفد مثل سفينه

إذا طلب الملك المؤيد معسرٌ

رأى بشره في وجهه كضمينه

عجبت لبشر ضامن الوجه إذا غدا

يطالبه عافي الندى بديونه

وأروع يهتزّ الزمان لأمره

وما الطود أرسى جانباً من سكونه

إذا حاول الفعل الجليل وجدته

بلا قده في المعضلات وسينه

عزيمة من لا يصعب الجد في العلى

عليه كأنَّ الجد بعض مجونه

كثير السرى ما بين مشتجر القنا

فيالك ليثاً سائراً في عرينه

يلاقي العدى يوم الوغى متبسِّماً

كأنَّك قد لاقيته بخدينه

وتلهيه في الهيجاء رنَّة قوسهِ

إذا وترٌ ألهى امرأً برنينه

ولو شاء أغناه عن الجيش ذكره

ورُبَّ حسامٍ هازم بطنينه

ص: 485

أيا مالكاً أغنى عن الغيث جوده

وأغنته حومات الوغى عن حصونه

بك ارتدَّ مشكوّ الزمان عن الأذى

وأطلق أبناء المنى من سجونه

وقد كان ذا همزٍ يحاذر فانتهى

إلى مدِّه بعد الإباء ولينه

وكم لك عندي من ندًى يفضل الثنا

ويحلف أن الشعر غير قرينه

إذا قلت قد قابلته بقصيدةٍ

بدا غيره مستظهراً بكمينه

فدونك مدحاً من قريحة مادحٍ

يقابل أبكار الصِّلاة بعونه

رأى أنَّك البحر الذي طاب ورده

فجاءك من نظم القريض بنونه

وقال أيضاً يمدحه

الكامل

أُخفي الأسى ولسان دمعي يعلنُ

وأرى الدّمى ترنو إليَّ فأُفتن

وتظل تعدي الغانيات مدامعي

فمدامعي كعهودها تتلوَّن

بأبي التي أسكنتها في خاطرِي

وسرت فسار مع النزيل المسكن

لمياء لي دينٌ على ميعادها

مع أنَّ قلبي عندها مسترهن

تبدي اللآلئ منطقاً وتبسماً

فكأنَّ فاها للآلي معدن

ويلومني فيها خليٌ ما درى

الشمس أم تلك المليحة أزين

يا لائمي انظر حسن تلك وهذه

وادفع ملامك بالتي هي أحسن

كيف التصبر عن سعاد وحسنها

كالفضل في الملك المؤيد بين

ملك على عهد المعالي ثابت

لكنه في فضله متفنن

بينا يرى بحر العلوم إذا به

بحر الندى فحديثه متشجّن

ظعن الكرام الأولون وأقبلت

أيَّامه فكأنهم لم يظعنوا

لم يبقَ لولا جوده ومديحنا

مالٌ يكال ولا مقالٌ يوزن

من أين للآمال مثل مقامه

ألروض أفيح والغمائم هتن

نعم الملاذ لمن يلوذ بظله

من شرِّ ما يخشى وما يتحصّن

خذ عن عواليه أحاديث الوغى

فحديثها عن راحتيه يعنعن

شرف القتيل بسيفه فقتيله

في الجوّ ما بين الحواصل يدفن

وتطابقت أفعاله لعفاته

فالكيس تهزل والحقائب تسمن

ص: 486

كرم كفيض السيل إلَاّ أنه

لا مانع السقيا ولا متأسن

وعلاً يموت به الحسود تحسراً

فكأنَّه بثيابه متكفنُ

ما ضرَّ معشر حاسديه لو أنهم

فطنوا لسرّ الله فيه وأذعنوا

الله قدَّر في العزائم أنهم

يتحارفون وأنه يتسلطن

يا ابن الملوك إذا دعاهم مقترٌ

لانوا وإن دعيت نزال اخشوشنوا

نسب كصدر الرمح إلا أنه

عند المحامد ليس فيه مطعن

لله دهرك إنه الدهر الذي

سيءَ الكفور به وسرّ المؤمن

شيدت بإسماعيل أركان العلى

فإليه يلتجئ الرجاء ويركن

ودعا ندى ابن عليّ كلّ مودةٍ

حتَّى استوى الشيعيّ والمتسنن

فليعذر المدَّاح فيه فإنهم

بالعجز عن أدنى المدى قد أيقنوا

عنت القرائح عن بلوغ صفاته

وتسترت خلف الشفاه الألسن

وقال أيضاً يمدحه

السريع

لا تسألوا في الحبّ عن شاني

فقد كفى تعبير أجفاني

هويت من طلعته روضة

ففاضت العين بغدران

غصن من البان إذا ما انثنى

أبصرت فيه ألف بستان

أشبهت في حبيه ورق الحمى

فكلنا نبكي على البان

بالروح أفدي وجنتي مالكٍ

كأنَّه من حور رضوان

فرَّ عن الجنات من تيهه

وعذَّب الصبّ بنيران

ظبيٌ إلى القاني له نسبةٌ

واحرباً من خدِّه القاني

تقول لي نشطة أعطافه

ضلَّ الذي بالرمحِ حاكاني

حلوانِ من عطفيّ قد أينعا

فكيف تحكيها بمران

يا فارغ الفكرة من شقوتي

يعينني من فيك أشقاني

لا وندى ابن الأفضل المرتجى

لا نكثت بيعة أشجاني

ذاك الذي أنقذني جوده

من مخلب الدهر فأحياني

ص: 487

ولم يزل تنويه تنويله

حتَّى حمى وجهي وأغناني

قالت لآمالي يداهُ انفذي

لا تنفذي إلا بسلطان

أفضى لإسماعيل بيت العلى

فشاد منه أيّ أركان

مؤيد تفصح يوم الوغى

في مدحه ألسن خرسان

ذو راحة في البذل تعبانة

وما العلى إلا لتعبان

تجني على المال فتجني الثنا

يا حبَّذا المجنيّ والجاني

تجري على كفَّيه نظم الرجا

ما بين سيحانٍ وجيحان

أكرم به في الدهر من أوحدٍ

لم يختلف في فضله اثنان

لو أن للبدر سنا مجده

ما روّع البدر بنقصان

ولو دعاه حيّ عدوان ما

رماهُم الدهر بعدوان

للدين والدنيا جمال به

كأنه روحٌ لجثمان

يلقاك من علياه أو علمه

بملء أبصارٍ وأذهان

باسط كفيه لطلَاّبه

فهو الورى وهي البسيطان

له إذا حاولت نهب اللهى

خزائن ليست بخزَّان

للجود في أموالها مثلما

في قصتيْ عبس وذُبيان

أصبحت من غلمان أبوابه

والسعد من جملة غلماني

أطوي على محض الوَلا مهجتي

وأنشر المدح بتبيان

فكلُّ أمداحيَ في فضله

أبيات سلمان وحسان

يا ربّ هبه عمر نوحٍ فقد

جاء من الجود بطوفان

وقال أيضاً يمدحه

الطويل

إذا ظفرت يوماً بقربكُم المنا

فلست أبالي من تباعد أو دنا

ولعت بعشقي فيكُم فتأكدت

معانيه فاستولى فأصبح ديدنا

ولما جنى طرفي رياض جمالكم

جعلتم سهادي في عقوبة من جنى

أجيراننا إن عفتم السفح منزلا

وأخليتموا من جانب الجزع موطنا

فقد حزتم دمعي عقيقاً ومهجتي

غضاً وسكنتم من ضلوعيَ منحنى

ص: 488

وأرسلتُم طيف الخيال لمقلةٍ

إذا ما أتاها استصحب السهد ضيفنا

وكم فيكُم يوم الوداع لشقوتي

هلالٌ سما غصنٌ زها رشأٌ رنا

إذا شمت تحت الحاجبين جفونه

أرى السحر منها قاب قوسين أو دنا

أما والذي لو شاء قصَّر بينكم

فلم يتعب الطيف المردَّد بيننا

لقد خلقت للعشق فيكم جوانحي

كما خلق الملك المؤيد للثنا

مليكٌ له في العلم والجود همةٌ

ترى المال في الإقتار والعيش في العنا

بنى رتباً قد أعرب المدح ذكرها

فيا عجباً من معرَبٍ كيف يبتنى

وأولى الندى حتى اقتنى الحمد مخلصاً

فأكرم بما أولى وأعظم بما اقتنى

وجلى ثغور الأرض من قلح العدى

ولم لا وقد جرَّ الأراك من القنا

يكاد يعد النبل في حومة الوغى

أقاحاً وأطراف الأسنة سوسنا

أخو فعلاتٍ تصرف الروع بائناً

إلى كلماتٍ تنفث السحر بيننا

لئن أجريت ذكرى المعادن إنني

أرى أرضه للعلم والجود معدنا

خليليَّ هذا من حماةٍ محله

فعوجا على الأرض التي تنبت الهنا

فلا جلّقٌ بالسهم تمنع قاصداً

ولا حلب الشهباء تلبس جوشنا

غنيت بجدواه فأطربني السرى

ولا عجبٌ أن يطرب المرء بالغنا

ولا عيب فيه غير أني قصدته

فأنستنيَ الأيام أهلاً وموطنا

تعلمت أنواع الكلام برفده

فأصبحت أعلا الناس شعراً وأحسنا

إذا قيل من ربّ المكارم في الورى

أقلْ هو أو ربّ القريض أقلْ أنا

وقال في الأفضل بن المؤيد

وكان يلقب صغيرا بالمنصور

الوافر

مليّ الحسن حالي الوجنتين

متى يقضي وعود الوصل ديني

أبثك إنّ عاذليَ المعنى

رآك بعين حبٍّ مثل عيني

فحاكى قلبه قلبي خفوقاً

وحكمت الهوى في الخافقين

لمثل هواك تجنح كل نفسٍ

وتسفح كلّ ناظرة بعين

صددت فما الأسى عندي بقلٍّ

ولا دمعي بدون القلتين

ص: 489

ولا جلد على إنكار دهرٍ

رمى قلبي الوحيد بفرقتين

مضى المحبوب ثم مضى شبابي

وأيّ العيش يصلح بعد ذين

هما هجرَا على رغمي فأرخ

حديث تلهفي بالهجرتين

بروحي عاطر الأنفاس ألمى

رشيق القدِّ ساجي المقلتين

يهزُّ مثقفاً من معطفيه

ومن جفنيه يجذب مرهفين

له خالان في دينار خدٍّ

تباع له القلوب بحبتين

وحول نقا سوالفه عذارٌ

كما شعرت نقوش في لجين

أظلّ إذا نظرت لوجنتيه

أنزّه في النقا والرقمتين

فيا لله من غصنٍ فريدٍ

وفي خدَّيه كلتا الجنتين

أما وحباب مبسمه المفدّى

على معسول كأس المرشفين

لقد عذُبت موارده ولكن

ندى المنصور أحلى الموردين

ندى ملك له في الملك خد

وجد فهو عدل الشاهدين

يمدُّ بساعدين إلى المعالي

ويتعب في النوال براحتين

كثير السعي في شرف ومجدٍ

قليل الشكو من ضجرٍ وأين

كأنَّ هواه في حبّ العطايا

يطالبه بدِين لا بدَين

إذا ما أشرقت خدَّاه بشراً

فعوّذها بربّ المشرقين

وإن حمل السلاح ليوم حربٍ

فقل في الليث ماضي الماضغين

يهشّ السيف في يمناه عجباً

ويبسم بالهنا سن الرّديني

ورُبَّ طلوب حلمٍ قد دعاه

فعاد بهين الأخلاق لين

بأروع ناصريِّ الذكر ما في

رواية فضله مثقال رين

يصيح للفظ مادحه بأذنٍ

وينعم من خزائنه بعين

ويجمع بالثنا والأجر دنيا

وآخرة فيرضي الضرَّتين

على حين الشبيبة في اقتبالٍ

وفرع الملك زاهي المعطفين

يقلّ لذكره الإقبال قدماً

وكيف يقاس ذو زين بشين

فلا تتبع لتبع ذكر جور

ودعنا من رعونة ذي رعين

أقام محمدٌ للفضل شرعاً

محا ما كان من شكٍّ ومين

ص: 490

ورادف حسن خَلق حسن خُلق

فلم يقنع بإحدى الحسنيين

كذا فليبقَ في أُفق المعالي

ووالده بقاء الفرقدين

أصوغ له مدائح لم يصغها

على سيف العلى نجل الحسين

وأطلق فيه ألفاظاً تسامت

على ألفاظ رهن المحسنين

وقال أيضاً فيه

الرمل

بأبي مائسة يثني على

قدِّها بان النقا إذ تنثني

نطقت وابتسمت عن جوهرٍ

ياله في فمها من معدن

فاسْقني صرف الحميا أطلساً

معها يوم اللقا لا مع دني

درَّةٌ أو زهوةٌ أو زهرةٌ

فاجتبي أو فاجتلي أو فاجتني

وامتدح من آل شادٍ ملكاً

طاهر السرِّ كريم العلن

أفضل المنعت والذَّات فقل

وانظم الأبيات فيه وأنثني

وأدع من يدع لقا أمداحنا

وهو عنها بأياديه غني

ملك لولا حماه الرحب ما

جلب الشعر بأغلى ثمن

تقتني الجوهر أملاك الردى

وهو للألفاظ منا يقتني

عاقني الفخر عن السعي فيا

حسدي للطرس إذ يسبقني

قف بباب الملك الأفضل يا

طرسيَ الماثل واشرح شجني

سيِّدي بعد نداك المرتجى

لا تسل عن حاليَ الممتحن

أنا والجارية القفحاء في

حال جوع مخرس للألسن

قد عرانا من طوانا زمنٌ

ما عهدنا مثله من زمن

ولقد تشكو فما أفهمها

ولقد أشكو فما تفهمني

غير أنِّي بالجوى أعرفها

وهي أيضاً بالجوى تعرفني

وإلى بابك أنهينا الرجا

وهو أوْلى باتِّصال المنن

دمت ذا إقبال سعدٍ خادمٍ

وندى كفّ إلينا محسن

وقال في السلطان حسن بن محمد بن قلاوون

البسيط

العيد أنت وهذا عيدنا الثاني

ما للهنا عن قلوب الخلق من ثاني

ص: 491

عيدانِ قد أطربا ملكاً فراسلها

بمطرباتٍ من الأقلام عيدانِ

فاهْنأ به وبألفٍ مثله أمماً

وأنتما في بروجِ السعد إلفانِ

مفطّراً فيه أكباد العدَاة كما

فطرت أفواهَ أحبابٍ بإحسانِ

في عمر نوح لأن الفال أفهمنا

لما أتى جودك الأوفى بطوفانِ

تجرِي بأمداحك الأقلام نافذة

بالمبدعات لأسماعٍ وآذانِ

يا ناصر الدِّين والدنيا لقد نفذتْ

أقلام مدحك في الدنيا بسلطانِ

مقام ملكك في عزٍّ ومنتسب

كسرى بنسبته من آل ساسانِ

فضلته بأوانينٍ ومعدلةٍ

زادت فكيف بتوحيدٍ وإيمانِ

لك المفاخر في عجمٍ وفي عربٍ

وهيبة الملك في إنسٍ وفي جانِ

فلا حسود لشان قد بلغت فقد

عظمتَ عن حاسدٍ فيه وعن شاني

وهل يقايس بهرام الزمان بمن

علا على قدر بهرامٍ وكيوانِ

وهل يماثل بالنعمان ذو خدمٍ

له على كلّ بابٍ ألفُ نعمانِ

دانت لك الخلق من بدوٍ ومن حضر

وفاضَ جودك في قاصٍ وفي داني

هذي المدائن من أقصى مشارقها

لمنتهى الغرب في طوعٍ وإذعانِ

والسدّ تسرح أسراب الوحوش به

بالأمنِ ما بين آسادٍ وغزلانِ

لا تقطع الطرق عن سارٍ إلى بلدٍ

إلا منازه أنهار وغدرانِ

إن يسم سلطان مصرٍ في حمى بلدٍ

تزجف على أنَّها آذان حيطانِ

كأنَّ جودك قد قالتْ سوابقه

الأرض ظلِّي وكلّ الناس ضيفانِ

نعم لك الملك موروث ومكتسب

وفى وزاد فنعم البانُ والباني

زادت أياديك عن حدِّ القياس فما

ألفاظ قسٍّ وما ألفاظ سحبانِ

لو تسأل الشهب عن علياء أسرته

ألفيته جازَ عنها منذ أزمانِ

محمد قد نشا في حجره حسنٌ

وقصر الحظّ بي عن لفظ حسَّانِ

ولكنه بالوَلا والنظم أرشدني

حتى لحقت بحسَّانٍ وسلمانِ

له بشعريَ إمساكٌ بمعرفةٍ

وفي البسيطة تسريحٌ بإحسانِ

وأمسك الضعف نطقي برهة فرقى

بالمدحِ منظر ما قد كانَ أولاني

ضعفٌ تضاعف في فكري وفي بدني

حتَّى تحيف إسراري وإعلاني

ص: 492

وعطلتني عن الأوزانِ أنظمها

مدحاً وما عطلت جدواه ميزاني

إن أمتدحه بشعري أو بكسوته

فسوف تمدحهُ في التربِ أكفاني

كفَّان في الجودِ جادتْ لي جوائزها

وكانَ خير سماع الشعر كفاني

وقدمتني على الأقران ذو نعم

حتَّى جدعت به أنف ابن جدعانِ

وقالَ قوم بما قد نلت تقدمة

فقلت مذ أمر السلطان ديواني

وقال وزيرية

الخفيف

كيفَ قاسوا قدَّ الحبيب بغصنٍ

ذاك يجنى وذا على الناسِ يجني

كيفَ حاكوا ألحاظه بحسامٍ

وهي تفري حدّ الحسام بجفن

حبذا عاطر اللمى والثنايا

فاتر المقلتين حلو التجني

كلما هزَّ بالمعاطف ريحاً

قرعت أنمل الصبابة سني

يا خضوعي هلَاّ سوى الحب حتَّى

كان جود الوزير يدفع عني

أبسطُ العالمين بأساً وجوداً

يوم يفني العدَاة أو يوم يغني

والذي راحتاه تسري ليسرٍ

يرتجى نفعها ويمنى ليمن

كلّ يوم له في الفضل معنى

ساحباً ذيله على ألفِ معنِ

وسخاء على العفاة بتبرٍ

في زمانٍ لم يسخَ فيه بتبنِ

إن أردنا الهدى فأنوار شمس

أو أردنا الندى فأنواء مزنِ

أعربت ذكره مباني علاه

فعجبنا لمعرب اللفظ مبني

وثنى للعلى عزائم أضحت

فوق ما يطنب البليغ ويثني

وحمى الملك حين جرَّد فيه

همة تجعل الجبال كعهنِ

فمعاديه في سوآء جحيمٍ

ومواليه في جنَّات عدنِ

يا وزيراً إلى حماه لجأنا

فلجأنا من الخطوب بحصنِ

وحبانا مال الصّلات بكيلٍ

فجلبنا له المديح بوزنِ

حبذا خلعة كعرضك بيضا

ء بها ابيضَّ للعدى كلّ جفنِ

فوق خضراء كالرياض رواءً

جملتها شمائل ذات حسنِ

يا لها من شمائلٍ قائلاتٍ

ليسَ تحتَ الخضراء أكرم مني

ص: 493

لا عدت بابك السعود فإنا

قد وجدناه غاية المتمني

وقال كمالية

الطويل

بكيت وما يجدي البكاء على العاني

وتثبت كفِّي للأحبَّة أشجاني

كأنَّ زماني خاف لحناً فلم يكن

ليجمع بين الساكنين لأوطاني

وقالوا عفت حسبان ممن تحبه

كأن لم تكن شمس الكمال بحسبان

فقلت لجفنيَّ البعيد كراهما

قفا نبكٍ من ذكرى ديارٍ وجيران

أأحبابنا أعدَا تغير عهدكم

دموعي فأمست مثلكم ذات ألوان

وقد كان يكفي أولٌ من صدودكم

فما للنوى ينشي صدودكمُ الثاني

وممَّا شجاني أن جفنيَ ساهرٌ

على كلّ فتَّان اللواحظ وسنان

تعشقته لا قول فيه لعاذلٍ

لديَّ ولا في حسنه الفرد قولان

إذا جالَ فكرِي في لماه وخده

تنزهت ما بين العذيب ونعمان

ولو نظرت عيني لغير جماله

لكان إذاً إنسانها غير إنسان

شغلت بذكراه ومدح محمدٍ

فيا لك من حسن لديَّ وإحسان

لعمري لقد حلَّ الكمال بغايةٍ

من الفضل ترمي الفاضلين بنقصان

إمام أقامته الفضائل واحداً

فلم يختلف في فضله الباهر اثنان

تأخَّر عن عصرِ الكرام وفاقهم

فكانَ وكانوا مثل بسمٍ وعنوان

وجهَّز جيش العسر من طالبي الندى

فلابن عليٍّ في الورى وصفُ عثمان

إلى جبلٍ من حلمه يقرع الثنا

إذا غاص من جدواه في فيض طوفان

فتى العلم والنعماء يرجى ويفتدى

وفي بابه للجود والعلم بحران

فوائدهُ للوفدِ مثل سحابةٍ

وأنعمه كالتابعين بإحسان

وفي كفِّه الغصن الذي كلما جرى

على صفحاتِ الطرس جاء ببستان

يراعٌ له في كلِّ معضلةٍ سطاً

تعلمها في الغاب من أسد خفَّان

وأروع أخبى للأئمة منصباً

يرقّ ويزهى حين يبكي الجديدان

فللشافعيِّ السائر الذكر بهجة

فتى حنبلٍ فيها ومالكُ سيان

وقد أشرقت خدَّا ابن ثابت فرحة

فهنَّ بلا شكٍّ شقائق نعمان

ص: 494

سحبت ذيول الفضل واللفظ للورى

فكنت على الحالين أشرف سحبان

وأتعبت نفساً للمعالي كريمةً

وليس العلى والمجد إلَاّ لتعبان

إليكَ رعاكَ الله مدحة واصلٍ

يحاشيكَ أن تلقى المديح بهجران

منظمةً من كلِّ بيتٍ كأنَّه

لإفراط ما ضمَّ الولا بيت سلمان

حلا بك في شعبان مرّ حديثها

وقالَ الورى هذي حلاوة شعبان

وقال جلالية في القزويني

الخفيف

يا بروقاً على ربى يبرين

أيّ بيض أغمدتَ بين جفوني

نحرت نصلك الكرى فلهذا

سالَ من مقلتي دمٌ من شجوني

وحكت رونق الثغور إلى أن

ضحكت بالبكا ثغور العيون

آه للثغر والفم العذب أمسى

منهما العقل بين ميم وسين

وغرير ما زلت ألقى الهوى في

هِ بدمعٍ وافٍ وصبر خؤون

ما عذولي في حبِّه برشيدٍ

لا ولا رأيُ ناصحِي بأمين

وديارٌ من الأحبَّة أقوت

فصداها لبعدهم كالأنين

درست فهي لا تُبين إلَاّ

بالأسى تستفزُّ قلب الحزين

أو أرى في أراكها ضوء ثغرٍ

كلَّما ضلَّ رسمها يهديني

معهد طالما نعمت وعيشي

مستماح اليدين غير ضنين

بغصونٍ من أرضه كقدودٍ

وقدود من أهله كغصون

وجنان الخلود يفتح منها الل

ثم صدغاً يظلّ كالزرفين

كنت فيها أثرى الأنام من الصب

وة واللهو والصبا والجنون

بين راحٍ من الأباريق مك

يول ولفظ من الغنا موزون

ذاك عيش مضى عزيزاً فلا غرْ

وَلعينٍ تبكي بماءٍ معين

ووجوه مثل الدنانير قد عا

لجها دهرها بصرف المنون

قد رماني بضرّ أيوب منها

كلّ خدٍّ بصدغهِ ذي النون

ثم زالَ الصبا ومن كانَ يصبي

وشجوني كما علمت شجوني

لستُ أسلو تلك المحاسن حتَّى

يتسلى الندى جلال الدين

ص: 495

ملتقى القصد مرتقى المدح مهوى ال

رفد غيث الولي غيظ القرين

بحر فقه وإن تشأ فابن بحرٍ

في ضروب البيان والتبيين

وخطيب يكفي الخطوبَ بلفظ

يستميل الصخور بالتليين

ساجع يورق المنابر ميساً

فتلذّ الأسجاع فوقَ الغصون

وإمام المحراب يشهد علمٌ

حازهُ أنه إمام الفنون

وسريّ ضاهى الهلال ارْتفاعاً

وضياء بعزمه المستبين

ساور الفرقدين عنه إلى أن

أسلماه وتله للجبين

ضاع مدحٌ يهدى لغير علاه

ضيعة البكر في يد العنين

فعلت راحتاه في كلّ عسرٍ

مثل فعل المضاف في التنوين

كل يوم فتوَّةٌ وفتاوٍ

منقذات الجهول والمسكين

قسماً بالضحى لديه من البش

رِ وبالليلِ من يراعٍ أمين

إنَّ نظم المديح فرضٌ علينا

كلّ يوم لعزمه المسنون

شبه الناس جوده بالغوادِي

كاشْتباه الهلال بالعرجون

هكذا يفخر المحاول فخراً

ليس حسن الوجوه كالتحسين

شرفٌ في تواضعٍ واحْتمال

في اقْتدارٍ وهيبةٌ في سكون

لجأ الفضلُ من علاه لطودٍ

مشمخرٍّ سامي المنال ركين

ويراع قد كانَ مرباه قدماً

في عرينٍ يسقى بغيثٍ هتون

فلهذا في الجودِ حاكَى حبا الغي

ث وحاكى في البأسِ أسد العرين

فيه سحر يبين عنا شكوكاً

أيّ سحرٍ كما رأيت مبين

ووقى كلّ آمرٍ جلب القص

لمغناه غير ما مغبون

من أناسٍ سادوا وشادوا معالي

هم بشدٍّ عند الفعال ولين

مثل بيضٍ من الظّبا رونقاً في

صفحاتٍ وحدّه في متون

ملكوا راية البيان وحلُّوا

عنق الدهر بالكلام الثمين

أيُّها العالم الذي حصَّن الدِّ

ين بأوراقِ كتبه في حصون

أمر الله أن تسود ويزهى

حينك المجتلى على كلّ حين

فابْق سامي المحلّ هامي العطايا

سابق المجد دائم التمكين

ص: 496

واجْتل البكر من ثنائيَ لا تحتا

ج من واصفٍ إلى تزيين

أنت أولى يا بحر علمٍ وبرّ

كل وقت بمثل هذي النون

سلكت راحتاك ما اسْتصعب النا

س من الجودِ والعلى في الحزون

أصل كلّ الأنام ماءٌ ولكن

أنت من رائقٍ وهم من أجون

وقال علائية في ابن فضل الله

السريع

مقسّم الخاطر ولهانه

مخبرٌ عن شانهِ شانه

تكلمت مهجته بالأسى

وعبرت بالحال أجفانه

بالروحِ أفدِي أغيداً قد بدا

يخطُّ فوق الخدِّ ريحانه

عادٍ على نوم الورى ناهبٌ

وهو ثقيل الجفن وسنانه

يحمي شقيق الروض في خدِّه

وبالقنا يحجب نعمانه

واهاً له خدًّا حكى جنةً

وخاله الأسود جنَّانه

أضحى معاذاً من سلوّي فما

يزال يضني القلبَ فتَّانه

يا واعداً من بُعدِه بالردى

يكفي من الواعد هجرانه

تجني بساتين البرايا وقد

جنى على رآئيك بستانه

وعاذل مقلته لا ترى

والصبّ لا تسمع آذانه

يجهل جهل الثور في عذله

فخلّه يطلقُ فدَّانه

ما أكتم القلب لتبريحه

وقد توارت منه نيرانه

قلبت يا قلبي زنداً فما

يضره للنارِ كتمانه

إن كان حزني من رضاها جرى

فمن سرور القلب أحزانه

وجيرة في القلب أسكنتهم

فارتحل البيت وسكانه

وأصبح المغرم قد فاته

مكانه منهم وإمكانه

إذا دعَا خادم شجوٍ إلى

دمعٍ جرَى في الحالِ مرجانه

فقلبه في مصر مستودعٌ

وفي أقاصي الشام جثمانه

ص: 497

أغصّه النيل بدمعِ الأسى

ومرَّرتْ ذكراه حلوانه

وشيبت أيدي النوى شعره

وشاقه الدير وشعرانه

حيث الصّبا تركض أفراسه

وتقنص الآرام فرسانه

من كلِّ ريمٍ قد تشوّقته

من قبلِ أن تشتاق أوطانه

أبداه بالذكرِ فأعجب لمن

يبدأ بالساكنِ بنيانه

لمنطق من ذكره حسنه

ومن علاء الدِّين إحسانه

أنا أميرُ الشعر في وصف ذا

ومدح ذا رُتّب ديوانه

فازت يدا من بعلي الندى

تعلق يمناه وأيمانه

ذو السر والبر فيا حبَّذا

أسراره الطهر وإعلانه

والمرتقي علياء يعشو إلى

كتابه في الأوج كيوانه

ورتبة في الأفقِ قد رجَحت

من قبل أن يرصد ميزانه

للدين والدنيا عليهِ سناً

يعرب عن فحواه عنوانه

فحبَّذا لمادحيه الندى

وأنعمُ الله ورضوانه

الشعر فيك ملك قابل

وقابل في الغير شيطانه

لوعدِه من كرمِ ذكرِه

حتى إذا وفى فنسيانه

كأنَّما البحر له راحة

وهذه الأنهر خلجانه

كأنَّما ألفاظه روضةٌ

وهذه الأطراس غدرانه

زهت رياض الملك من حين ما

هزَّت من الأقلامِ أغصانه

وطوَّق الخلق بإنعامه

فرجَّعت بالحمدِ ألحانه

لطائفِ البيت الذي لم يزل

لطائف الآمال أركانه

كلّ امرئٍ سلمانه بالوَلا

وكلّ مهدِي المدح حسَّانه

من معشرٍ هم في الندى سحبه

وفي ظلام الخطب شهبانه

إلى فتى الخطَّاب ساميّهم

تفننُ الفضل وأفنانه

من عمر نور التقى والعلى

إلى عليّ آل برهانه

فأنتَ ذو النورين من ذا وذا

عليّه أم أنتَ عثمانه

يا شائد البيت النظيم الذي

على التقى أسَّس بنيانه

ص: 498

يا صاحبَ اللفظ فريداً بهِ

فهو على الحالين سحبانه

يا راشق الرأي السديد الذي

أنفذه بالسعدِ سلطانه

يا ذا اليراع المجتلي بارقاً

وفي فجاج الأرض هتانه

مجانس يحيى العلى والردى

خطابهُ الحلو وخطبانه

في يدك البيضاء يوم الوغى

يلتقم الأهوال ثعبانه

وفي الندى يا نوح عمر العلى

يلتهم الأموال طوفانه

كالذَّابل الخطيّ لكنَّه

في البرّ أو في الخصب ريَّانه

ما لبس من لاقاه يوم الوغى

دروعه بل هي أكفانه

لو لم ينبه جفنه كالئاً

ما غمضت للسيفِ أجفانه

لو لم يحرر قوله مفصحاً

ما صممت في الروع خرسانه

لو لم يصغ جوهر إدراجه

ما أزهرت بالمدحِ تيجانه

يا صاحب الهيبة أليَّة

حيث الرجا تفهق غدرانه

يا صاحب الرأفة والعطف لا

نسيم نعمانٍ ولا بانه

يا سيِّدي دعوة ذي حالةٍ

أحالها الدهر وعدوانه

تفليسه في الشام بعد الغنى

يقضي بأن القلب حرَّانه

فارقَ أولاداً وأهلاً وما

تحمَّلت للبين أظعانه

ذو الفقر في أوطانه نأيه

وذو الغنى في النأي أوطانه

ضاقَ به إلَاّ إليك الفضا

وحثَّه حاشاكَ حرمانه

فالدهر لونٌ واحدٌ عنده

طرًّا وعند الناس ألوانه

سقياكَ يا من في يدِي فضلهِ

سيحان داعيه وجيحانه

ودونك الأجر الذي قبله

سريع هذا الفضل عجلانه

هذا وذا البحر أتى درَّه

وجاء للمعدنِ عقيانه

وقال شهابية في ابن فضل الله

الطويل

سرى والدجى كالصدر بالهمِّ ملآن

خيالٌ بقلبي منه كالشهب أشجان

فنفَّر عن طرفي الكرَى وأعادَ لي

رسيس غرام وانْقضى وهو غضبان

ص: 499

على حين لم ينضب من النجم قطرة

ولا فاض للظلماءِ للفجرِ طوفان

ولا شفق الأصباح ماء وقهوة

ولا الطير في دوح على العود مرنان

يخيل لي طرفُ المليحة حسنها

لو أن الكرى فيه على الحسنِ إحسان

بروحي من شطَّت فحجبت النوى

شقائق خدَّيها وأقفر نعمان

كأن لم يكن نعمان للغيد منبتاً

فيا حبَّذا قضبٌ لديهِ وكثبان

ويا حبَّذا قضبٌ من البانِ حملها

لذي الثغر تفَّاح وذي الضمّ رمَّان

وكم قيل في البستان غصنٌ وهذه

معاطفها تجلى وفي الغصنِ بستان

وغيداء أمَّا ردفها فهوَ مشبع

رويّ وأما خصرها فهو عريان

وما كنتُ أدري قبل فتك جفونِها

بأن السيوف المشرفية أجفان

ومن عجب محض الأعاريب جاده

تجوع على غِلَاّتهِ وهو شبعان

وأعجب من ذا أنَّ في فمِها الطلا

وإنِّي إلى تلكَ المليحة نشوان

ليَ الله قلباً لا يزال تهيجه

إلى الحبِّ أوطارٌ قدُمنَ وأوطان

أجيراننا بالشعبِ سُقياً لعهدكم

وإن كانَ عهداً حظّنا منه أشجان

ولا زالَ عقد المزْن درًّا بداركم

يفصله من قادح الشوق مرجان

تذكِّرني الأشواق فيكم غزالةً

تفرّ حياً منها إلى البيدِ غزلان

فتاة رأى اللَاّحي عليها مدامعِي

فقال رياضٌ قلت إنَّ وغدران

فبعتُ لها روحِي أتمّ تبايعٍ

فيا حبَّذا لم ذا تفرّق أبدان

ولم أنس مسرى شمسها وهي طلعة

يحفُّ بها شهب الوغى وهو خرصان

إذا هبَّ تلقاء الهوادِج سحرةً

هواءٌ حثا في وجهه الترب غبران

يذبّ كما ذبّ ابن يحيى عن العلى

فلا الأنس دان من حماها ولا الجان

أعمّ الورى جوداً وأبرع منطقاً

فقل في سحاب الجود تزجيه سحبان

ففي صدره الدهناء حلماً إذا اجْتنى

وكفاهُ سيحانٌ علينا وجيجان

يجود وقد أرسَى الوقار بعطفهِ

كما دفع السيل العرمرم ثهلان

ويقضِي على أموالِه فيمينه

على منبع السلسال أوْطف هتَّان

إذا جاءَ بالوجناء كالبيت حاتم

فمن جود مولانا قلاعٌ وبلدان

ص: 500

ومن جودِ مولانا علاً ومناصبٌ

وعلمٌ لنظَّام الثناء وتبيان

ولا عيبَ في نعمائهِ غير أنَّها

لأعناق أحرار البريّة أثمان

ولا عيبَ أيضاً في بديعِ كلامهِ

سوى أنَّه بالحسِ للناسِ فتَّان

خطاب كذوْب الشهد في فمِ ذائقٍ

ولكنه في مهجة الضدّ خطبانُ

رقيق فما الصهبا لديه ذكية

وجزل فما الرمح المدرَّب ملسان

مضى وبدا عبد الرَّحيم وأحمد

فلله آثارٌ كرُمنَ وأعيان

ولله من لفظِ ابن يحيى وفضله

علينا مدَى الأيَّام روحٌ وريحان

وزيرٌ له الحسنى صفاتٌ وكاتبٌ

عليهِ لأوضاع السيادة عنوان

محيط الندَى بالعالمين كأنَّما

لهُ الأرض دارٌ والبرية ضيفان

وكافل أمر الملك حتَّى كأنما

هو الروح والملك المحرّك جثمان

وبالغها في مرتقى المجد رتبةً

تلظّى ولم يظفر بها قبل كيوان

له قلمٌ يجدي ويردي به العِدى

فلله طعَّام اليراعة طعَّانُ

تعلّم سطو الأسد في كرمِ الحيا

زمان سقته السحب والدار حفان

إذا قالَ صاغ الدّر لفظاً وأنعما

كما شهدت أجياد قوم وأذهان

فأسطره نحو الدَّراري سلالمٌ

وإلَاّ فنحو الدّر في البحر أشطان

ويا رُبّ جيش نقعه ونضالهُ

دخان تراعيه الوحوش ونيران

تظلّ به العقبان آلفة القنا

كأنهما وُرْقُ الحمائم والبان

كأنَّ الثرى خدّ من الدمّ مشرق

إذا ما التقى الصفان والخيل خيلان

تلقفت ذاك النضو جمع سلاحه

كما في اليدِ البيضاء للقف ثعبان

يصرّفه البحر الذي البحر كفه

وأنمله أنهار رزقٍ وخلجان

من القوم حلوا كل آفاق دولة

فهم في سماء العزّ والرأي شهبان

ألم ترهم كالشهب لما علوا حموا

ولما حموا أضاؤوا ولما أضوا رانوا

لعدلهمُ صلح الضراغم والظبا

وبين الندى والوفر عبسٌ وذبيان

يرجّح ما بين الكواكب فضلهم

ومن أجل هذا للكواكب ميزان

جمعتم بين الفاروق ما افترق العلى

ونظمتمو أحوالها وهي شدّان

لعمري لقد طبتم وطابت محاتدٌ

وطابت لكم يا زبدة الفضل ألبان

ص: 501

وحسبك يا فرع السيادة والعلى

فنونٌ أضاءت في الفخار وأفنان

تجمَّع في أوصافك اللطف والسطا

كأنَّك في أثنا ثنا حرّ نيسان

وسرّ فقد أحيت محياك آخذاً

كتاب العلى بل سرّ جدك عدنان

رأتك نظير العين في الناس دولة

على رأسِها من صوغ لفظك تيجان

لقد شاءَ ربُّ الناس تفضيل قدرهم

كأنَّك فيهم يا أخا العين إنسان

وإنَّك يا عين الملوك شهابهم

إذا زاغَ في أفقِ المهالك شيطان

وإنَّك للبحرِ الذي كله وفاً

وكلّ حصى شطَّيه في النَّقد عقيان

بدأت بخير طالَ دون تمامه

لحظّي وللأيَّام عدوٌ وعدوان

ودافعني الديوان عن متوفرٍ

ولي فيكَ يا أوفى الخليقة ديوان

فقمْ في ذرى العليا قيام عنايةً

سيمضي بها أزمان ذكرٍ وأزمان

ودونكَ مني كل مشرقة الثنا

لها الأفق مغنى والأهلة جيران

منظمة من كلِّ بيت بودّكم

ففي كلِّ بيت للموالاة سلمان

ولا عيبَ فيها غير راحة نظمها

وحاسدها ذاك المنكل تعبان

يحاول نظماً مع مثاقيل نظمه

كأنَّ يراعاً في الأناملِ قبَّان

وقال وزيرية

الكامل

أرأيت نهج الحق كيف يبين

ومطالع الوزراء كيف يكون

والدّرّ كيف يغيب في أدراجه

ويعاود التقليد وهو ثمين

والعضب يعرف قدره وعناءه

إن سلّ أو غمضت عليه جفون

لله أيّ بشارة سيَّارةٍ

قرت عيونٌ عندها وظنون

دعت الوزارة أن يعود لشملها

كفءٌ فقال لها الزمان أمين

ما زالَ داجٍ أفقها حتَّى بدا

من حضرة القدس السنا المكنون

وسرى الوزير إلى البلادِ كما سرى

للجدب منبجس الغمام هتون

وتلقفت إفك الغواة يراعةٌ

ألقت عصاها في الأمورِ يمين

محمرَّةٌ فكأنها مخضوبة

ممَّا تقدّ من العدى وتبين

حلفت فبرَّت أن ستكشف ما دجى

ولنعم مخضوب البنان يمين

ص: 502

أعظمْ بهاتيك اليراعة إنها

حصنٌ لأقطار البلاد حصين

تفدِي لقاصدها وتحفظ سرح ما

وَلِيَتْ فتبذل ما تشا وتصون

كم أطربت سمعاً لرافعِ قصةٍ

فكأنَّ رجعَ صريرها تلحين

ولكم جنت حرباً لطالب فتنة

فكأنَّ صفَّ سطورها صفَّين

نشأت بغيل الأسد يرضعها الحيا

فلذاك تقسو تارةً وتلين

يا حبَّذا باب الوزير وحبَّذا

بالقاصدين جنابه المشحون

يلقاك من نور المهابة حاجبٌ

لكنَّه بنواله مقرون

وأغرُّ لا يشكو النزيل ببابه

ضرراً ولا يتظلَّم المسكين

فرضت مواهبه وأرهف عزمه

فتوافق المفروض والمسنون

ذو راحة من برّها وعقابها

من كلِّ شارقة مُنى ومنون

تجري بما نفعَ الورى أقلامها

فكأنَّها بحرٌ وهنَّ سفين

وتنال ما أعيى الرجال كأنَّها

جدٌّ وأبناء الزمان مجون

أمعيد سرح الملك يزهى شأنه

من بعدِ ما مرَّت عليه سنون

ألله جارك ما أبرّ شمائلاً

تعنو الخطوب لأمرها فتهون

جنَّ الذي يبغي مقامك في العلى

ويروم شأوك والجنون فنون

وفعائلاً تمضي إرادتها إذا

ما صاحب الأفعال قد والسين

لا زالَ بابك ظله فوق الرجا

ونزيله التأييد والتمكين

وفرتْ مواهبه ورقّ مديحه

فتشابه المكيول والموزون

وقال يعاتبهم على البخل بجاههم

البسيط

أعدَى بغيركُم دمع المحبينا

حتَّى تلوَّن يوم البين تلوينا

يا هاجرين بلا ذنبٍ سوى شجنٍ

بين الجوانح لا ينفكّ يشجينا

لا تسألوا ما جرى من فيضِ أدمعنا

فيكم وما قد جرى من غدركم فينا

أمَّا الرجاء فما راعيتموه لقد

غرّت بدوركُم آمالَ سارينا

كيف السبيل إلى إنصاف قصتنا

إذ خصمنا في سبيلِ الحكم قاضينا

يجني علينا ويجني للأسى ثمراً

شتَّان ما بين جانيكم وجانينا

ص: 503

كونوا كما شئتموا نأياً ومقترباً

إنْ لم تكونوا من الدنيا كما شينا

إنَّا وإن غدرت فينا عهودكُم

من الذين همُ للعهدِ راعونا

في قبلة العشق أو ميدان حليته

نحن المصلون أو نحن المجلّونا

لا يقبس الوجد إلا من جوانحنا

ويستقي الدَّمع إلا من مآقينا

حمرٌ مدامعنا صفرٌ مناظرنا

سودٌ مذاهبنا بيضٌ نواصينا

لو كانَ في الألف منا واحد فدعوا

مَنْ عاشقٌ ظنهم إياه يعنونا

منذ اشْتغلنا بتكرار الغرام بكم

لم ينس خوف دروس العهد ماضينا

لكنكم وجلال الله يكلؤكم

تسترفضون جميلاً من توالينا

وتصرفون لأقوام عنايتكم

عنَّا وما قصرت عنكم مساعينا

هي الحظوظ فعشْ منها بما وهبت

ولا تقل عالياً عزمي ولا دونا

يعنى بذا دون هذا مع تماثله

وقسْ على ما تراه السين والشينا

همنا فإن يسلُ عن أسداء أنعمه

كفّ الفلان فإنَّ الدهر يسلينا

لله درّ فلان الدِّين من رجلٍ

يسرّ دنيا ويرضى بالتقى دينا

فتى يضاعف أثمان الرجاء لمن

سعى له ويراه بعدُ مغبونا

جذلان تحذف جمع المال راحته

حذف الإضافة في الأسماء تنوينا

نستمنح المال مكيولاً بأنعمه

وننظم القول في علياه موزونا

ويصبح المدح إلَاّ في مناقبه

كالبكر زوَّجها الأهلون عنينا

نعم الملاذ بجاهٍ أو نوال يدٍ

في حادثِ الدهر يحمينا ويروينا

كادت عطاياه أن تبقى معطلة

لأن نائلها لم يبق مسكينا

وكادَ من لطف ألفاظٍ محررةٍ

يردّ سائله المفتنّ مفتونا

يا جائل الطرف في السادات قف بحمى

من ليس يحتاج تعريفاً وتبيينا

لسنا نسميه إجلالاً وتكرمةً

وقدره المعتلي عن ذاك يغنينا

شمه تجد حاجباً من نور طلعته

لكنه لم يزل بالنجحِ مقرونا

وآمراً بنوال القاصدين فما

يزال فيهم رشيد الرأي مأمونا

تريك أقلامه في بحر راحته

فلكاً بما ينفع الآمال مشحونا

كأنَّها وهيَ بالألفاظِ مطربةٌ

قضبٌ تجيد عليها الوُرق تلحينا

ص: 504

في كفّ أبلج يلقى الجود مفترضاً

لدى علاه وحدّ العزم مسنونا

له نجومٌ من الآراء نعرفها

بصحة السعد لا حدساً وتخمينا

وفكرة ذات ألفاظ منوّرة

يكاد سامعها يجني البساتينا

من مبلغ العرب عن شعري ودولته

إنَّ ابن عبَّاد باقٍ وان زيدونا

حبرتها فيها زهراء المعاطف من

أغلى وأنفس ما يهدي المجيدونا

إذا رأيت قوافيها وطلعته

فقد رأت مقلتاك البحر والنونا

كأن ألفاظها في سمع حدسِها

كواكب الرجم يحرقن الشياطينا

يا ماجداً فاز بادينا وحاضرنا

به وأنجح قاصينا ودانينا

إن كانَ يزداد شيءٌ بعد غايته

فزادك الله في العلياءِ تمكينا

وقال كمالية

البسيط

تحملوا من رياض الحسن أفنانا

فأرسلت أدمع العشَّاق غدرانا

وهيَّجوا يوم سلعٍ من بلابلنا

لما أمالوا من الأعطاف أغصانا

عربٌ جلوا بظباهم من خدودهم

شقائقاً ومن الأبدانِ نعمانا

حلّو الفلا وعطت أجيادهم ورنوا

حتَّى أقاموا مع الغزلان غزلانا

واسْتوطنوا عقدات الرمل واحْتملوا

بين المآزر من يبرين كثبانا

ما كنت قبل تلافي من جفونهمُ

أظنُّ أن من الأسياف أجفانا

ولا تخيلت معنى السحر عندهمُ

حتَّى تقلَّب حبل الشعر ثعبانا

قالوا حكى الليل ما ضمته خمرهمُ

حتَّى نضوا فإذا بالفرقِ قد بانا

من أين لليل أصداغٌ معقربة

تردِي النفوس وتحييهنَّ أحيانا

وأينَ للبدرِ ألحاظٌ مفترة

يضرمنَ في مهجاتِ الناس نيرانا

كنَّا وكانَ لنا عيشٌ وأعقبنا

شجوٌ فيا ليت لا كنَّا ولا كانا

يا ساكني السفح لا ألجى تلونكم

فهذه أدمعي قد حلن ألوانا

أستغفر الله لم يذهب وفاً وندى

وفي الأنام كمال الدِّين مولانا

المالئ العين بشراً والأكف لهى

والقلب أبّهة والسمع تبيانا

والمانح المال مكيالاً لكثرته

والمستمدّ من الأمداح أوزانا

ص: 505

فاق الكرام على تقديم عصرهُم

فكانَ بسملةً والقوم عنوانا

وزاد فضلاً على فضلِ الجدود مضوا

فكان فاتحةً والقوم قرآنا

إذا تمثل أهل المجد همته

خرُّوا لعزَّتها صمًّا وعميانا

أكرم بها همم شبت عزائمها

فخلّ ما نقلوا عن معن شيبانا

صان الحمى بجيوشٍ من مهارقه

لما أقلَّ من الأقلام خرصانا

وزاد في رتب العلياء منزلةً

تلقى إذا عطشت للسحب أشطانا

ذاك الذي زاد من تبيان أوَّله

إذا تخيَّفت الأبناء بنيانا

كأنَّ راحته الحسنى وأنمله

بحرٌ يمدُّ إلى العافين خلجانا

يا من ركبت نجوم السعد أقصده

وما ركبت إليه الناس بُعرانا

شكراً لنعماك إن وفى حديث ثرى

شكر الرياض سفوح الودق هتانا

إنِّي سألت ندى كفيك ريَّ صداً

وما سألت ندى كفيك طوفانا

فاحْبس هباتك عني إنني رجلٌ

أخاف بغياً على نفسي وعدوانا

واغلق لهاك وإن زفت حدائقها

فحسبيَ الودّ جنَّات ورضوانا

أمَّرت شعري على الأشعار قاطبةً

حتى اتخذت لشعري فيك ديوانا

وعزّ قولي ولم أقصد بوافده

إلَاّ العزيز ولم أبذله مجَّانا

وقد تكثر حسَّادِي وأورثهم

نفاق لفظيَ في نادِيك أحزانا

فارْحم عداتي فإني قد رحمتهمُ

مما أرى منهمُ في الشامِ حرَّانا

تشكو العناء وما تعنو له فكري

فلا لحى الله إلَاّ قلب أشقانا

ودُمْ مدى الدهر تخزي شائناً ركدت

به الهموم وتعلو في الورى شانا

ما خفتُ في المدحِ من ذنبٍ أقارفه

فإنَّ في مدحِك المقبول غفرانا

وقال قاضوية

الطويل

أخا اللوم لا تتعب لساناً ولا ذهنا

ملامك لا لفظٌ لديه ولا معنى

بروحيَ وضَّاح المحاسن أغيد

رشيق أغار البدر والظبي والغصنا

من الترك في خدَّيه للحسن روضة

ولكنَّها تجني علينا ولا تجنى

وللحظ منه سنّةٌ عربيَّة

ألم تره في الحربِ قد كسَّر الجفنا

ص: 506

إذا قام يروي حاجباه وطرفه

ترى السحر منه قاب قوسين أو أدنى

تحجبه عنا الأسنَّة والظبا

وأفتك منها لحظ من حجبت عنَّا

وتمنع رمحاً بينها من قوامه

ولكنَّه لا جرحَ فيها ولا طعنا

فتى الحسن هلاّ أنت للصبّ عاطف

فتجمع ما بين المحاسن والحُسنى

غلا الجوهر الأعلى بثغرك فلتَفُضْ

مدامع لا تكون على العرض الأدنى

حكى الخلق من قاضي القضاة بخلقِه

فهذا حوى حسناً وهذا حوى حسنى

كريمٌ لنا في فعله ومقاله

سحاب الغِنى المنهل والروضة الغنَّا

يقاسمنا في كلِّ يومٍ جميله

فنثر العطا منه ونثر الثنا منَّا

أخو صدقاتٍ يحبس المنّ جودا

على أنَّها في الجودِ لا تحسن المنَّا

رأى الفكر إعراب الثنا فيهِ كلَّما

بناه إلى أن صارَ في معربٍ يبنى

وأقسم أن لا شيء كالغيث في الندى

فلمَّا رأى جدوى أنامله اسْتثنى

وما فيه من عيب سوى أنَّ عنده

أيادٍ تعيد الحرّ في يده قنَّا

دعاني على بعد المنازل جوده

وجدَّد لي نعمى وأنجح لي ظنَّا

ومجد يردّ السائدين به سدًى

وعلم يردّ المفصحين به لكنَا

لياليَ وَدَّعت المؤيد والثنا

وفارقت أوقات الغِنى منه والمغنا

وزايل نظم الجوهر الفضل منطقي

وأعوزني من قوتي العرضَ الأدنى

أيا جائداً بالتبرِ في حالِ عسرةٍ

لنا لم نكد من طرفها نجد التّبنا

فعلت فلو وفى تطوّلك الثنا

لقلَّت أفانين الثناء وطوّلنا

وأفحمتنا في البرّ حتَّى كأنَّنا

لدى البرّ ما رمنا المقال فأفصحنا

إذا نحن قابلنا صلاتك بالثنا

تكدَّس من هنّا علينا ومن هنّا

وحقك ما ندري أإجراء ذكرنا

بفكرك أم هذا العطاء لنا أهنا

هو الرفد يتلو الودّ طابَ كلاهما

كما حملت للمحل روحِ الصبا المزنا

كذا أبداً تزهى العلى بجلالها

فلله ما أسرى فخاراً وما أسنا

فيا ليت شعري كيف ألقى بواحدٍ

من الشكر مثنى من أيادِي الندى مثنى

على ذكرك العالي بنا كلّ معربٍ

ثناه فيا لله من معربٍ يبنى

ص: 507

وقال قاضويه نجمية في ابن صصري

وقد اقترح عليه هذا الوزن والقافية

المجتث

وهارب من رضوان

أوقعني في النيران

والحسن شيء فتَّان

وللشجونِ أفنان

جلَّ صنع الرحمن

خالق قدّ الأغصان

يحمل السوسبان

الجيد فيه السوسان

والصدر فيه الرمَّان

عيناي منه عينان

والليل عندِي ليلان

يا ويحَ قلبي الهيمان

تصيدته الغزلان

بين اللوى فعسفان

وكلمته الأجفان

بمثل ما في الأجفان

واقتاده بأرسان

الشعر حبلٌ فتان

والفرق فيه قد بان

مثل الهدى في الطغيان

أين طريق السلوان

ألردف عبل ريان

فيه النَّقا والنعمان

والخصر واهٍ ظمآن

تغيب فيه العينان

كأنه في الأعكان

سرّ طواه نسيان

والقدّ لدن نشوان

لين وفيه ليَّان

واعجباً يا غطفان

حلون مثل المرَّان

مَنْ لفؤادِي الولهان

أرق جفني وسنان

ينهب نوم السهران

منفرد في الأزمان

كأحمد في الأعيان

قاضي القضاة المعوان

على الزمان إذا مان

نعم ملاذ اللهفان

أبلج طهر الأردان

من دنس الأدران

لا ضرع ولا وان

أتعبه ذو الشان

في الكرم والإحسان

ص: 508

إن الرئيس تعبان

لراحتيه بحران

وقال ضدّ سجلان

جم الغمام الهتَّان

من دون ذاك الإمكان

فالطّلّ رشح البحران

والبرق نار الشنان

يا معملاً بالقيعان

كل أمون مدعان

تقطع خيط الظلمان

لذ بحماه القصَّان

وطفْ بتلك الأركان

واسكن فروع ثهلان

وادْع كريماً يقظان

عن الملام كسلان

وللعفاة عجلان

وبالثناء شبعان

وهو إليه جوعان

يغني ويضني الجوان

كفاجر في نيسان

ألفاظه وسحبان

وحكمه ولقمان

ومجده وكيوان

بين النجوم إلفان

لم يختلف في ذا اثنان

وماله في خذلان

قد قتلَته كفان

أكياسه كالأكفان

هذي العطايا الحسان

لا جفنة في عنان

فاق وفاء القينان

شيوخهم والشبان

كالبحر بين الخلجان

والليث بين الذئبان

سيَّان شأو الفرسان

حيث العلوم ميدان

جريُ سواه بهتان

والعدوُ معه عدوان

ذو قلم في التبيان

بادِي السنا والبرهان

يفرُّ عنه الشيطان

معلّم من خَفَّان

بأس هزبر غوثان

وجود غيم ملآن

إذا قسا وإذا لان

وكلّ شيء إدمان

طروسه كالغدران

وخطه كالريحان

ولفظه كالمرجان

لفظ عليّ التبيان

ما ظمئته الأذهان

لا إنسها ولا الجان

ص: 509

لولا التقى والإيمان

لقيل فيه قرآن

إيهٍ فذاك الإنسان

إنسان كل إنسان

إنَّ الغمام المنَّان

يجودنا في الأحيان

ووجهه كالغضبان

وأنتَ دون إبَّان

دائم صوب جذلان

ما المنعمان سيَّان

كادَ نداك الطوفان

يعطي العطا من لا كان

كل الأنام ضيفان

نزَّاعهم والقطَّان

ما لثراك أكنان

رفقاً لشدّ ما هان

لكَ الثناء المرنان

بين حداة الركبان

يشيب معن شيبان

ويجدع ابن جدعان

لولا عطاك الطنان

به دمشق تزدان

كانت كبعض البلدان

لا عَلمٌ ولا بان

مع أنَّ فيها سكان

مرعى ولا كالسعدان

يكتنفاه السعدان

سرّ زكا وإعلان

ما لسناه كتمان

صبح أضاء الأكوان

يثني عليه العصران

من معشر ذوي شان

شمّ الأنوف غرَّان

مجتمعين وحدان

حلوا محلّ الجان

من الكرام الشجعان

طابوا وطابَ الأصلان

مخاثراً وألبان

أبناؤهم والولدان

مثل كعوب العيدان

أقدارهم في أوطان

لها البروج جدران

والنيرات جيران

يكاد يأتي العطشان

إلى السحاب أشطان

يا شارباً بأثمان

من عرفه والعرفان

مدحاً يحلّي الآذان

حيث الزمان خوَّان

ووجهه كالصوَّان

يبيع مثليَ مجَّان

والشعر بين الخلان

ص: 510

كالشمس بين العميان

تمل مدحاً قد زان

روض العلى بأكوان

شقائِقاً وحوذان

ما لفصيح ذبيان

شقيقه في النعمان

خدمة بعض الغلمان

نظّم فيك ديوان

في كلِّ حرفٍ حسَّان

وكلّ بيتٍ سلمان

واهنأ بعيد الرضوان

وانْحر ضحاياكَ الآن

أعادِياً وقربان

وابْقَ فكلُّنا فان

ذا قوّة وسلطان

لا تخش ضدّ معيان

يكيد كيد السَّرحان

إنَّ النجوم أعوان

لك العلى والرجحان

وللأنام النقصان

ما دام فيها ميزان

وقال في ابن اليزدي

الخفيف

من عذيري من الطَّلا والأغاني

وليالٍ مرَّت على حلوان

ذهبت بالذي ملكت من الما

ل كأنيَ سبكة في القناني

ونديم يسعى بكأسيهِ مسعى

قمر التّم حوله الفرقدان

أهيف قسمت لواحظه السو

د زكاة الغنى على الغزلان

يتثنى وحليه يتغنى

هل سمعت الحمام في الأغصان

وغوانٍ تغني عن الطيب والح

لي لهذا تسمى الملاح غواني

ضاربات الدفوف في جيشِ لهوٍ

طاعنات الهموم بالعيدان

يا نديميّ في المدام فداءٌ

لكما في المدامة العاذلان

خلقا البيت بالكؤسِ سروراً

واشْرباها صفراء كالزعفران

واسْقياني فإن اشْتكيت داءً

فاسْقياني إن شئتما تشفياني

وإذا ما قتلت بالراح سكراً

فادْفناني في بعض تلكَ الدِّنان

وانْضحا من دمِي عليهِ فقد كا

ن دمِي من نداه لو تعلمان

جدّدا لي عيشاً على السفحِ قدماً

أيّ عيشٍ مضى وأيّ مكان

ص: 511

ذاكَ دهرٌ كأنَّني كنتُ فيه

بين حال الوسنان واليقظان

أحتسي الراح لا بكيلٍ وأعطي

كرماً ذا وذا بلا ميزان

وأعاني العيش الهنيّ وأهنى ال

عيش يا صاح عيشةُ النشوان

مستريحاً من حرفتي أدبي الغ

ضّ وعقلي في مثل هذا الأوان

إثن عني يا دهر نارك إنِّي

لحمى الأحمديّ ثاب عناني

الكبير الذي تُعلم نعمى

كفه الناس سحرَ هذا البيان

قاتل المال بالنوال فما أك

ياس أمواله سوى أكفان

جار حتى ظنَّ الغريب ندى كفّ

يه هزؤاً بالمقتر اللهفان

وتعدى الكرام سبقاً إلى أن

قيل ماذا في قدرة الإنسان

همَّة جازت السماك وفي عق

ل الأعادِي وحالها دبران

وندًى شبَّ ذكره فنسينا

ما سمعناه عن فتى شيبان

وفخار ما بين عرضٍ عزيزٍ

قد تربت وبين مال مهان

وجواد إذا اجْتبى وحبا الما

ل فقل في السيول من ثهلان

فاطْلب رفده إذا كنت ممَّن

يرتقي كائناً على كيوان

ذاك قدرٌ نائي المكان ولكن

ذاك رفدٌ لطالب الرّفد داني

ومحل سامي السماك إلى أن

حررته كواكب الميزان

شمْ نداه وذهنه الصفو واحْذر

من عوادِي الطوفان والنيران

أيّ ذهنٍ وأيّ برٍّ وحامٍ

كله قد حلا لذوق الجاني

وكلام لو قلد الغيد عقداً

فرَّطت في قلائد العقيان

قسما من طروسه الغرّ بالنو

ر ومن نفس خطها بالدّخان

إنَّها كالظباء في أعين الخل

ق ومثل الشنوف في الآذان

من نظام يعشو له الأعشيان

ونثارٍ يعنو له العبدان

ويراع بكفِّه هو عندي

قصب السبق حازه والرهان

خطه والكلام حلوان لكن

هو يوم الوغى من المرَّان

ما رأينا كريقه يبرئ الس

مّ إذا اهتزَّ وهو كالثعبان

يا جواداً أنشى المدائح معنًى

بنوالٍ يريك معنًى ثاني

ص: 512

ربَّ ليلٍ قد خضته لك بحراً

متعب الحوت واقف السرطان

ونهار كأنما الآل فيه

مرهفٌ في الوغى بكفِّ جبان

واثق الوعد من طرابلس الشا

م بجودٍ حيث التقى البحران

مهدياً من مدائحِي لك عذراً

لها في القريض رفعة شان

لم يحكّ وشيها ابن أبي سل

مى لرب المكارم ابن سنان

لا ولا قال في القريض شقيقاً

لحلاها زياد في النعمان

من حسانٍ لديَّ لم تهد إلَاّ

لفلانٍ من الورى وفلان

فتهنى بها فربَّ كريمٍ

قبلنا عدَّ مثلها في التهاني

وابْقَ حتَّى يبلى الجديدان من طو

لِ نواءٍ ويلتقي الخافقان

ليَ ذكر سارٍ بودك في الخل

قِ فلو لم تجد عليّ كفاني

وقال علائية في ابن فضل الله

الكامل

جسمي أبو ذرّ الضنا فذروني

أروي لأحبابي حديثَ شجوني

يا أيُّها اللّوام دينكُم لكم

في الصبرِ عن ليلى ولي أنا ديني

مذ فاحَ في ليلايَ مندل عشقتي

أنا تابعٌ في الحبِّ للمجنون

يومي على ليلايَ عامٌ كاملٌ

الصيف قلبي والشتاء جفوني

أفدِي التي بالخالِ جانب صدغها

أنا مقسمٌ بالنون والتنوين

في خدِّها ذهبٌ أنادي غوثه

يا أيُّها المصري يا ذا النون

وبسين طرَّتها وواقد خدّها

طال التعلل بين قد والسين

أغدو على المفروض من وجدٍ ومن

حدّ الجفا أمسي على المسنون

وهويتها كالروض يزهو حسنها

ما شاءَ فهيَ كثيرة التَّلوين

وأبيعها روحي فيا لك روضة

ليست بفضلِ ربيها تشريني

وأظلُّ من إعسار مصطبرِي ويا

عجباً لها في ربقة المسجون

حبُّ ابنة العشرين صيَّر قاطع الست

ين في عقدٍ من التسعين

أسري كما أمرت سريّ فكم على

رأسي وهامي بالضنا تبريني

يا ليل ما بصق المشيب بعارضي

إلَاّ لذلِّي في هواكِ وهوْني

ص: 513

لا تعجلي في قتلِ مثلي إنَّني

عبدٌ مليت فأخِّريه لحين

أنفقتُ ماضي العمر فيك صبابةً

وعليك أنفق ما بقي فدعيني

ما مثل أغزالي لحسنك ولا

مثل امْتداحِي في علاء الدِّين

هذا وحظِّي في الصبابةِ والولا

بالصدِّ حظّ البائس المسكين

جهد المقلّ دموعه فتأمّلا

في صفو شعري دمعة المحزون

ماذا يقولُ تغزلي في زينة

بدوية تغني عن التزيين

وتقولُ غرّ مدائحي لمحاسنٍ

علويةٍ تعلو على التحسين

أمَّا عليٌّ فهو عين سيادةٍ

لم يفتقر أصلاً إلى تعيين

ذو العدل لا تخلو الممالك منه في

جون الغمائم في السنون الجون

والعدل كم من رايةٍ بيضاء قد

قامت بصبحٍ من سناه مبين

والجود من جاهٍ ومالٍ شاملٌ

لا مانع الجدوى ولا الماعون

مجدِي الأنام قريبهم وبعيدهم

حتَّى طعام فقيرهم في الصيني

أمَّا علاهُ وبشرهُ فكلاهما

بلغ الهلال وتله لجبين

وللفظة عمرية عمرية

بين البيان تجول والتبيين

في بحر يمناه منافع للورى

تجرِي بقلكِ يراعه المشحون

ولفضلهِ في كلِّ مقصد قاصدٍ

كم من يسارٍ واصلٍ ليمين

جمعت إلى جزل القديم بعفوها

لطف الحديث وجاوزت بفنون

يقضي بسعدِ نجومها من لا درَى

فلكاً بلا حدس ولا تخمين

لا يرهب التربيع طالع حسنها

ويجلّ جوهرها عن التثمين

بمباحث قد ناضلت بنواقدٍ

وفوائد قد غازلت بعيون

ويراعة إن قلت يقريني العطا

فلقد يقول بعلمها يقريني

بيمين متَّصل العلى حلف الورى

أن لا مثيل له بكلِّ يمين

سبَّاق سعيٍ في العلى ومكارمٍ

بذل لعونٍ في النَّدى ومعين

فالفضل مقتبلٌ بغير معارضٍ

والمجد منفردٍ بغير قرين

يا سيد السادات دعوة خادم

نظَّام أسلاكٍ بغير خدين

يا ابن الأولى نقلُوا أحاديثَ الهوى

عن غير خلق الله عن جبرين

ص: 514

يا ابن الخلائف من عديٍّ حقّه

ميراث عدلٍ دائم التَّمكين

ألله في متكشّف الأحوال بل

ميت بسوء الحال غير دَفين

عادَ الذين رجوتُ صحبتهم غداً

فتقسَّمت فيمن أحب ظنوني

وعدوا على ضعفي وضعف بنيّ ما

رحموا ضرورتهم ولا رحموني

وتخيَّفوا رزقي الزَّهيد وما رثوا

عندِي لجوع قبائلٍ وبطون

ولخاطِري كسرُوا ولكن كلما

ظفروا بلحمِي مأكلاً جبروني

حتَّى لقد حمُّوا سلاح خزائن

قال الرجاء بمثله ذبحوني

قطعوا الوصول وعوَّضوا غيري وما

جاروا ابن عمهمُ ولا ظلموني

يا مقطعاً قلبي وقاطع عادتي

من عاجل التأميل والتأمين

إن كنت في الأمداحِ فلاحاً لكم

فأمر بتعويني وبالتضمين

وتلقّ بالإقبالِ كلّ نظيمةٍ

عَلِقَتْ بحبلٍ من ولاكَ متين

غنَّى بها الشادي وأعرب نظمها

فزهت على التعريب والتلحين

وقال مجيبا للأديب شمس الدين بن سمنديار

وقد سأله الاجازة

الكامل

عرفت بخدَّام البكا أجفانه

إن غابَ لؤلؤه أتى مرجانه

باكٍ يرى كتم الغرام وإنما

عن شانه أضحى يعير شانه

حثّ التفرُّق دمعه فتشكَّلت

أشكاله وتلوَّنت ألوانه

شوقاً كما حكم الفارق لمالكٍ

ولى ولكن عندنا نيرانه

ولربَّما منح الرضا واليوم لا

وأبيكَ مالكه ولا رضوانه

بأبي مغيث العين قدس جمالهُ

لا عين عاشقهِ ولا سلوانه

ورقيم حاشية العذار وكلّ ذي

حسنٍ بحاشية الفتى غلمانه

خطّ على الخدِّ الشريق فحبذا

ياقوت ذاك الخطّ أو ريحانه

ما مثله في الحسنِ إلَاّ خطّ ذي

نظمٍ تأنَّق في البيان بنانه

حسَّان بيت قريضه حتَّى إذا

ذكر الولاء فإنه سلمانه

نعم الفريد زهت لديَّ فنونه

في الناظمين وأزهرت أفنانه

ص: 515

إن قيل إنَّ سمنديار لشخصه

نسبٌ فللعرب الخلاص لسانه

مستبدع الألفاظ قد حصلت على

رجحانها وعلوّها أوزانه

قل يا محمد فيه يسمع فنُّه

قولاً يطول إلى السهى كيوانه

ها قد أجزتك طوع أمرك إن تجز

إن الرفيع تجيزه أدوانه

إن كنت سلطان القريض فإنه

لولاك لم ينفذ إذاً سلطانه

أعلام طرسك حيث سار وقصره

من بيتك المعمور أو بستانه

أمّرت في الأشعار شعرك حاكماً

متصرِّفاً في أمرها ديوانه

وقال يرثي زوجته

الطويل

هجرت بديع القول هجر المباين

فلا بالمعالي لا ولا بالمعاين

وكيف أعاني سجعة أو قرينة

وقد فقدت مني أجلُّ القرائن

ثوت في مهاوي التراب كالتبر خالصاً

فحققت أن الترب بعض المعادن

فوالله ما أدري لحسن خلائقٍ

تسحّ جفوني أم لخلقِ محاسن

دفنتكَ يا شخص الحبيب وقد بدا

لعينك حالي قلت إنك دافني

كلانا على الأيام باكٍ وإنما

أشدّ البلا بين الحشا كلّ كامن

إلى الله أشكو يوم فقدك إنه

عليَّ ليوم الحشر يومُ التغابن

وكنت أخاف البين قبلك والنوى

فأصبحت لا آسي على أثر بائن

كأنك بادرت الرحيل تخوُّفاً

عليَّ من الحسنِ الذي هو فاتني

فديتك من لي من سناك بلمحةٍ

وينزل بي من بعدها كلّ كائن

أأنسى قواماً أتقفَ الحسنُ رمحهُ

فما فيه من عيب يعدّ لطاعن

ووجهاً حكى عن حسنهِ كلّ مقمر

ولحظاً روى عن طرفهِ كلّ شادن

فوا أسفاً حتى أوسّد في الثرى

ويدني الرَّدى منَّا مقيماً لظاعن

ويا ليت شعري في القيامة هل أرى

محاسنها ما بين تلك المواطن

رشاقة فذاك القدّ فوقَ صراطه

ودينار ذاكَ الخدّ بين الموازن

سقتك غوادِي المزْن إنيَ ظامئٌ

إلى الترب طوعاً للزمان المحارن

ص: 516

شكوت زماناً خانَ بعد أحبَّتي

وبالغ في العدوى وبثّ الضغائن

فلو طابَ ليَ طابت حياتِي بعدهم

وكنت ألاقيهم بطلعة خائن

وقال وسئل أجازة الأول

مجزوء الكامل

وعد الفتى بلسانه

دَينٌ على إحسانِهِ

حقّ عليه وفاؤه

في وقته ومكانِهِ

مطل الفتى عار وحا

شاكَ من تبيانه

سيما إذا ما كان في المعه

ود من إمكانه

والسعد من خدَّامه

والنجح من أعوانه

واليمن تابع قصده

والجود طيُّ بنانه

والمستحق الزيّ لا

يعني الكريم بشأنه

يشكو له ظمأً ولا

يلوي على ظمآنه

حتى يقول بغيظه

أوَّاه من عدوانه

هذا الصغار بعينه

وبعونه وعيانه

وقال مضمنا أبيات المتنبي

الطويل

لنجم هلال الدَّولة الحسن عسكر

حوى كلّ قاصٍ في الجمال وداني

فيا جفنه الماضي وأحمر خدّه

رفيقك قيسي وأنت يماني

ويا حسنه الغازي نصرت على العدى

ولو كانَ من أعدائك القمران

ويا خصره من دون ردفيهِ إنما

على البعد ترمي دونه الثقلان

ألا ليتَ شعري إذا حكى الخصر ضمه

وكانا على العلَاّتِ يصطلحان

وكافور جسم فيه للحسن ثروةٌ

فليس الغواني عندهُ بغواني

قضى الله يا كافور إنك أوَّل

وليس يقاضٍ أن يرى لك ثاني

وكم عاشقٍ يا ظبي خلفت قلبه

مُعار جناح محسن الطيران

دليل الحشا لما نظرتَ قتلته

بأضعف قرن في أذلِّ مكان

فيا لك من قلبي وطرفي تنتحي

على غير منصورٍ وغير معان

ص: 517

وما لك تعني بالصوارم والقنا

وقدّك طعَّانٌ بغير سنان

وقال ولم ينشد

المتقارب

حوَيت ذُرا المجد لما حويت

فنون العلوم وأفنانها

وصغت المعاني كزهر النجوم

فبوَّأك السعد كيوانها

ومرتبة الدّست أقررتها

ولا زلت يا عين إنسانها

إذا ما مددت لحاظ اليراع

أنمتَ السيوف وأجفانها

وأذكرت مصر الثنا الفاضليّ

وأخفت دمشقك نيسانها

وأرضيت في الخلق خلَاّقهم

وفي دولة الملك سلطانها

فأعظم بها دولة قدَّمت

ك فآنست في الفضلِ أعيانها

وأعطى لك الشعر ديوانه

وحمَّلت بالنثر ديوانها

أقول مع الاختصار الذي

تحسن للنفس بنيانها

تهنّ السيادة يا صدرها

وملك العلا يا سليمانها

وقال يعزي بطفل غرق

السريع

أقسمت ما رزءك مما يهون

يا غارقاً حتى بدمعِ العيون

وواجب يا فرع نوح الورى

عليك من قبل حمام الوكون

وإنما قومك شهب الهدى

في الأجرِ من صبرهم يرغبون

صبراً بني الأنصار عن كوكبٍ

قد سهرتْ شوقاً إليه الجفون

وغصن علمٍ في رُبى سؤدد

قد مات بالماءِ خلاف الغصون

لهفي على ذاك الهلال الذي

شقت له السحب ثياب الدّجون

لهفي على دينارِ خدٍ له

عاجله الدهر بصرفِ المنون

وغيضت على العلياء في حالتي

غيظٍ وغيضٍ وطمت من شجون

إنا إلى الله فقد كانَ ما

خاف أبو تمامها أن يكون

هذا على أن اللقا بيننا

مقترب الآماد فالأمر دون

إن منع الغياب أن يقدموا

لنا فأنا لهم مقدمون

ص: 518

عزاء مولانا وتسليمه

فكل خطب قد عداه يهون

ما سخنت فيها عيون الورى

حتى تجليت فقرت عيون

فلا خبا شخصك عن معشرٍ

إلى العلى بالنجمِ هم يهتدون

وقال في السبعة السيارة

الطويل

فتور على أجفانها وفتون

تريك معاني الحسن كيف تكون

محجبة ما خلت قبل جفونها

على كبدِي إنَّ السيوف جفون

أخاف فأبكي بعدها قبل وقته

فيا لعيون دمعهنَّ عيون

ويا عاذلاً يقسو عليَّ وما رأى

ثرى لمحة من وجهها وتلين

لقد كنت ذا قلب كقلبك عاقل

فجنَّ لليلى والجنون فنون

وطال حديث الناس عن شجني بها

فقد صحَّ لي إن الحديث شجون

ألا من لصبٍّ من جفاه وشجوه

شكى السقم حتَّى ما يكادُ يبين

وقال في الناصر حسن وقد أمر أن ينسخ له ديوانه

البسيط

أأحبابنا داركم والعيش نعمان

والسفح دمعي ودار القلب حران

أشكو اشتياقاً وما بالوصل من قدم

كأن وصلي لفرط الحب هجران

وربما رمت أن أشكو السهاد إلى

عدل المنام وقلت النوم سلطان

كم في ملوك الورى فضل ومعرفة

كانوا ومثلك في ذا النحو ما كانوا

إن يمضِ كسرى فكم إيوان معدلة

لديك قد زانه يمن وإيمان

أمَّرت شعريَ يا خير الملوك على

أشعار قومٍ فلي أمرٌ وديوان

وقال علائية

البسيط

بي من بني الترك ساجي الطرف وسنان

ما الصبّ منه معاذٌ وهو فتَّان

بي ضيق العين صانوه فقلت لهم

سمّ الخياط مع المحبوب ميدان

له من الحسن فنٌّ لا نضير له

وللعلا في العلى فنٌّ وأفنان

البحر علماً وجوداً جانسا صفة

فحبذا منه سيحان وجيحان

ص: 519

والوارث الفضل ممنوعٌ لسؤدده

مع العلوّ على السادات رجحان

يا سيِّداً جمعت لي من عوارفهِ

نعمى وعليا فأسرارٌ وإعلان

غلام بيتك في بيتي ثناً ووَلاً

كما يسرك حسان وسلمان

وقال فيه

الوافر

تناسبت المحاسن يا لبينا

فخلنا من بياض يدٍ جبينا

رنيدة وقتها سمنت بلطف

فما أشهى رنيدا أو سمينا

يطالب صدغها والخال قلبي

كأنَّ عليَّ للحبشان دينا

كما طالبت جودك يا ابن يحيى

وكم أجدى وكم أسدى إلينا

علاء الدِّين دمت لنا ملاذاً

وغوثاً إن أقمنا أو نأينا

لبست من السيادة ثوب فضلٍ

تعوَّد ذيله عطفاً علينا

ردين يقول ثناً وأجرٌ

ألا حييت عنا يا ردينا

وقال وزيرية

ظبيٌ تبسم عن درٍّ ومرجان

وكان يكفي على الخدَّين مرجاني

آسٌ ووردٌ دعا خدَّام دمعيَ إذ

لباهما لؤلؤي قدماً ومرجاني

كما دعا جود مولانا الوزير رجا

لباه ذو فضةٍ تجري وعقيان

وزير مصر التي قالت وما كذبت

أنت العزيز رفيعاً فوق أجفاني

وذو الخصيبين من ذكر ومن قلمٍ

وذو الفخارين من اسمٍ ومن شان

فليهنه العيد إذ هنى بطلعته

عيداً وهنى جميع الناس عيدان

في رفعةٍ تحسنُ الأعراب أن تره

يرفع له الشأن أو يكسر له الشاني

وقال في برهان الدين بن جماعة خطيب القدس

قبل أن يلي القضاء

الكامل

من لي بها في التركِ ينسب خدّها

فيقال في الأوصاف خدٌّ قاني

يا نار مالك قلبي العاني لقد

أحرقت قلب شقائق النعمان

في وصفها أو في ثنا ابن جماعة

أضحى فريداً في القريض مباني

ص: 520

برهان دين الله قد أثبته

وجدان معنى الجود في الأزمان

قل للذي أفتى الورى أن لا فتى

ظهر الدَّليل عليهِ بالبرهان

كثرت معاني الفضل منك وجددت

نعماك للأجواد معنًى ثاني

فخدّ الثنا باقٍ بقاء فتًى يرى

إن الثراء وكلّ شيء فان

وقال في دار

الطويل

بنوا وسكنَّا ثم نبني ويسكنوا

وحرَّكنا هذا الزمان ويسكن

وما البيت إلَاّ قبر حيّ فحقّه

يحسّن في أوضاعه ويزيّن

يذكره الجنات طيب مقامه

فيدأب في تحصيلها كيف يمكن

فيا لك من دنيا لآخرةٍ دعتْ

ويا لكَ بيتاً يمنُه متبين

معجّل نعمى حيث شكو مؤمل

وأنى يوفي دينه المتدين

إلهي كم حسَّنت للحيّ منزلاً

فمنزلة الثاني بعفوك أحسن

وما أنا من عفو الكريم بآيسٍ

وحسبي إني واثق الظَّنّ مؤمن

وقال في الناصر حسن

الطويل

لها من جبين البدر أو قامة الغصن

محاسن قد تجني علينا ولا نجني

فإن يكُ غصناً ثانيَ العطف مثنياً

فتلك كما نثني وفوق الذي نثني

وإن يجر شعر الأقدمين بمدحةٍ

لغيرك سلطاناً فأنت الذي تغني

وإن نحسن الأمداح نظماً فإنها

على حسن السلطان مقبلة الحسن

له دولة فاقت على كلِّ دولةٍ

وخدَّام ملكٍ من بشيرٍ ومن يمن

فبشرى لهم والعالمين عواقباً

لأهل الهنا تبقي وأهل الشقا تفني

وحسب الهنا منَّا طبيب ومادح

ومن مثل هذين الحليمين في الفنّ

وقال وقد أهدي جاحقا فملئ صحنه حلواء

البسيط

العبد يهدى على مقداره وعلى

مقدار ساداتها تسدي يد المنن

قالت صحون حلاوات لجاحقه

هذي المكارم لا قعبان من لبن

يا صاحب السيف من ذهنٍ تزان به

لقد فخرت على سيف ابن ذي يزن

ص: 521

وقال ملغزا

الخفيف

أيّ شيء يا سيدي يبلغ النا

س ويصطادهم بكلّ مكان

وهو ذو حافرٍ يسير ويسري

كلّ وقت وليس كالحيوان

ملحد لا يزال في شرعة الدِّي

ن وإن كانَ ليس بالإنسان

وقال كمالية

الوافر

كمال الدين عشت لنا ملاذاً

تصوَّغ عن شمائله المعاني

وقعت على الجواد وأنتَ غيث

وقمت مسلماً خصب الجنان

فأيقنت الورى خصباً وقالوا

وقوع الغيث من خصب الزمان

وقال ملغزا

السريع

يا سيدي قل ليَ ما اسمٌ وإن

تشأ فقل كيف وما شئت كان

يشيب في أوَّل أوقاته

وهو على هذا شهيّ العيان

يخفى عن العاقل لكنه

إن رامه الذاكر في الحال بان

وقال وقد قبض رفيقاه النفقة دونه من يعقوب الصيرفي

الكامل

قل للرفيقين اللذين كلاهما

في طيبِ وقت قد علاني يمنه

شتَّان ما بيني وبين صفاتكم

يعقوب عندكم وعندي حزنه

وكتب إلى ابن حجلة مضمنا

الطويل

وفارقني من طارَ بي قبل فرخه

وكنتُ لديه في أعزّ مكان

تغطيت عن دهرِي بظلِّ جناحه

فعيني ترى دهري وليس يراني

وقال ولاموه في جلوسه دون ابن براق

الكامل

قسماً بفضلِك إنه الفضل الذي

أبداً أعيش بيمنه وبمنّه

إني لا أذكر من براق مودّة

أرضى الجلوس بها لدى نعلِ ابنه

ص: 522

وقال وكان يلتقي مع قطب الدين في موضع في الجامع

يسمى السفينة

المتقارب

وقالوا أتهجر قطب العلى

حلا يوم جمعتك المستبينه

فقلت هو البحر في فضله

فما ألتقيه سوى في السفينه

وقال مجونا

الطويل

تغيّب مملوكي الذي قد هويته

وخلَّف إيري للهموم يعاني

وما نافعي تحت الدّجى نصب فيئتي

وقد حيل بين العير والنَزَوان

وقال جوابا عن لغز في أنف

البسيط

لأنف حاسدك الرغم الطويل فقد

ظهرت يا ابن عليّ مظهراً حسنا

ما ذلك اللغز إلَاّ روضة أنف

تفاءل القلب فيه للحسودِ فنَا

وقال وأهدى عصافيرا وصحنا

الكامل

هنئت مقدمك الذي هنئته

مع أن عيشي بالجفا غير الهني

بالرغم مني أن أعدّ هدية

أتقاصها شيء وليس تعدني

وكتب لفخر الدين شيخ السلامية وقد ولي الحسبة

الخفيف

هنأ الله حسبة بك حلَّت

وسرى برّها لقاصٍ وداني

وتعالت إلى السماءِ إلى أن

نظرت في الذِّراع وفي الميزان

وقال في أمين الدين بن عبد الحق

الكامل

يا منْ تحكم في المصالح رأيه

فتوضَّحت فيها مطالع يمنه

قسماً لقد تبعت بيمن ضجيعها

أحكام عبد الحقّ أحكام ابنه

وقال في سليمان

المنسرح

أوتيتَ يا أرجح الأنام نهى

فضائلاً في الورى لها شان

فصل خطابٍ وحكمةٍ بهرت

فأنت داود أم سليمان

ص: 523

ومن مقطعاته قوله

البسيط

تعجَّب الناس في صمتي وقد ذكرت

سلمى وقالوا تسلَّى قلب هيمان

وحارَ دمعي في عيني فقال فتىً

أقسمت بالقدسِ ما ذي عين سلوان

إن أفقرتنيَ من صبرِي المهى فندا

قاضي القضاة عن السادات أغناني

للعلم والجود تاج إن أصغ مدحاً

فكم هداني إلى درٍّ وهاداني

وفي الولا والثنا كم قلتُ في مدحِي

ما بيت سلمان هذا بيت حسَّان

فليهنه العيد في عزٍّ وفي نعم

وللأنام بهِ والعيِ عيدان

لا فرقَ بين ضحايا أو عدًى نحرت

فإنَّ أعداه والأنعام سيَّان

ــ

البسيط

أشعت حبِّيَ في القاصي وفي الدَّاني

وفي عذوليَ قد أطلقت فدَّاني

ثارَ إليَّ بلومٍ لا يلائمني

فصحّ لي إنما في العقل ثوران

ازْداد في حسن حبِّي إن عذلت جوى

كأنني من عليّ يوم إحسان

قاضٍ له شاهد إرث ومكتسبٍ

في الفضلِ يا حبَّذا قاضٍ وعدلان

يا قادماً وبليغ الجود يقدمه

فضلٌ وشهرهما أيضاً ربيعان

في الكسوة اليوم إن لم ألق مقدمه

فكم بأمثالها في الجود لاقاني

إن كانَ يحكيك إنسان به ملئت

عيني فلا ملئت عيني بإنساني

ــ

الكامل

بأبي على عين الحبيبة حاجب

لكنه بصبابتي مقرون

لو شامه حتَّى الجنيد لراقه

من حرفها بجبينها ذا النون

حبِّي لها حبّ العلى لتقيها

لم يدر لاحَ أينا المفتون

ذو النسك والخلع التي قرت بها

وتقرّ جنَّات لنا وعيون

يا سيد الوزراء لا مستثنياً

من كانَ من أمثالِهم ويكون

شرفت صفاتك عن مثيلٍ منهمُ

وإذا بجعفر عند بحرك دون

إن كانَ للخلفاءِ مثلٌ يلتقى

في الشامِ أين مراحل المأمون

ــ

البسيط

يا طائراً بالحمى يشدو على فتن

طوَّقت أنت رقاب الناس بالمنن

كأنها عن وزير الملك مخبرة

عن جابرٍ عن عطا عن سعد عن حسن

ص: 524

يهوى المعالي ولا يهوى ثراء يدٍ

كأنه النبع طلَاّعاً على القنن

يا خاتم الوزراء الأكرمين ويا

عزيز مصرٍ ويا سارٍ على السنن

حجبت عزَّا وتوقيراً وما حجبت

عنَّا أياديك في سرٍّ ولا علن

إن خانني الزمن المعروف في سببٍ

وخانني زمنٌ في الحلّ والقطن

فقد شفاني دوا نعماكَ منشدة

هذا بذاك ولا عتبٌ على الزمن

ــ

الكامل

ألحبٌّ مفروضٌ عليَّ لغادةٍ

من لحظها أصبو إلى المسنون

فيها التغزُّل والمديح أصوغه

لأخي الوزير بلؤلؤٍ مكنون

أهلاً بأيام الوزير وصنوه

فكلاهما للملكِ خير أمين

بيت الوزارة لا يزال معرّفاً

بأمين ملكٍ في العلى ومكين

قالَ الثناءُ لبشرهِ ولعرضه

عجْ بالنقا يا سعد سَعد الدين

ما كلُّ من هنى بعيدٍ بابُه

بالسعدِ مَنْ بلقائِه حيُّوني

بمعجَّل المكيول من إنعامه

ومن المدائح فيه بالموزون

ــ

جنَّ الدُّجى واشتقتُ حسنك

وقرعت يا ذا العدل سنَّكْ

يا عاذلي في الحبِّ أو

يا ليل سهدِي ما أجنّكْ

عشقي كجود ابن العد

يم فخلّ في السلوان ظنَّكْ

قاضي القضاة أخا التّقى

لا يعدم الطّلاّب مَنَّكْ

أكَّدت فني في الثنا

ءِ وفي النَّدى والعلم فنّكْ

فالناس تعلم أنني

في النَّظمِ أو في الفضلِ أنّكْ

فلأشكرنَّك ما حَييتُ

وإن أمتْ فلتشكرنَّكْ

ــ

الطويل

وآنسة قد فرَّق الدهر بيننا

فلله قلبي ما أحنّ وما أحنى

إلى حاجبيها صارَ قلبي صبابة

وقلبيَ منها قاب قوسين أو أدنى

وأكَّد طول النأي والعسر حيرتي

بتسع شهورٍ قد خلت كلّها حزنا

فهل لي إلى الباب العلائي قصة

تملك لفظِي أو يدَي أملي وزنا

من النظم لولا وجود معنٍ رأيته

هنالك ما لاقيتُ لفظاً ولا معنى

وآنست ما قد قالَ غيريَ شاكياً

ومثليَ من غنى ومثلك من أغنى

ص: 525

وذو صنعةٍ فاسْتخدموني لصنعتي

برزقي وإلا فارزقوني مع الزمنى

ــ

الخفيف

سألتني مثيلة القمرين

كيفَ حالي فقلت يا مثل عيني

زمن الليل والنهار تلاه

زمنٌ في اللسان والركبتين

غير أنَّ الدُّعاء والمدح للسلط

ان مني على كلا الحالتين

ذاكَ مرمى وذاكَ رفعاً إلى الل

هـ وللملك نصب عين اليدين

ولأقلام صاحب السرّ والأنظ

ار والاحتجاب في الخافقين

من يكن ذا صناعة عرفت أو

زمن خيفٍ لم يضع بين ذين

دامَ رأي العلى متى برّ رأياً

يؤتِهِ الله أجره مرتين

ــ

البسيط

حاشا لوعدك أن يلويه نسيان

وحسن وجهك أن يعدوه إحسان

يا من وقفت عليه العين ساهرة

أقسمت لا صدّ عيني عنك إنسان

فيك التغزُّل والمدح المنظم في

محمدٍ فلشعرِي في الورى شان

كافي المناصب في سرٍّ ومشتهرٍ

فحبَّذا منه إسرار وإعلان

تهنّ بالعيد يا عيد العفاة ولا

زالت بسؤددك الأمداح تزدان

عمرت بيت ولاءٍ فيكَ أو مدَحٍ

حتَّى كأنِّي سلمانٌ وحسَّان

يجلّ ديوان مدحٍ أنت صاحبه

كما يجلّ بمدحِي فيك ديوان

ــ

الكامل

في خدِّه وعذاره الفتَّان

عوّذ سناه بزخرفٍ ودخان

واسْتجل وجنته ربيعاً أوَّلاً

جاءَ العذار لها ربيعاً ثاني

ومعاطفاً تحكي يراع محمدٍ

غصناً عليه جوامع البستان

شيخ الشيوخ إمامها وبليغها

في عنفوان شبيبة الشيبان

يا من مباديه نهاية معشرٍ

في العلم والحسنات كالإحسان

هنئت عيد النحر تنحر شائناً

وتعيش ممتدحاً رفيع الشان

في رفعةٍ وسيادةٍ وسعادةٍ

وزهاوةٍ وإفادةٍ وتهاني

ــ

البسيط

أفدِي التي كلما حلّيتها صفة

كادت مراشف ذكراها تحلّيني

تقلي محبًّا وتشوي قلبه وندى

تاج الشريعة يدنيني وينشيني

ص: 526

لا يعدم المدح من قاضي القضاة لهىً

لا يدّعي حصرها نظم الدواوين

بقيَّة القوم مع قرب النجوم لهم

همّ بمالِ اليتامى والمساكين

في رتبتي علمهم والجود ثم لهم

فرط العلوّ ورجحان الموازين

ناسبت في كلِّ عامٍ من عوارفه

مواسمَ الفضل أرويها وترويني

ألعصر أقرأ تعويذاً لحاسده

من شرِّ حاسدها والعصر تقريني

ــ

البسيط

قلْ للإمام الذي لولا عواطفه

ما كانَ في الشام لي عن مصر سلوان

أيام طمويه لي مستنزهٌ أنقٌ

وللمبشر قلب الصبّ حلوان

فإن يكن بدمشق اليوم لي وطنٌ

فكلّ أرضٍ لمدحي فيك أوطان

وإن يكن قد بكى جفن السحاب فقد

بكى من البرد لي أنفٌ وأجفان

فهل ببعض الفراجي اليوم تعتق لي

عتيقة لي بها في العمر أزمان

أميل خوف ازْدحام الناس تحطّمها

كأنني مثل بعض الناس سكران

لا زلت يا كعبة المعروف تمنحني

من كسوةٍ لي بها في المدح أركان

ــ

الرمل

دع هلالاً لاحَ أو غصناً تثنى

وامْتدح مفرد وقت ما تثنى

في حمى الشام وفي الدنيا له

نعمٌ زائدةٌ تخجل معنى

حبَّذا تجنيس ألفاظ الثنا

حسناً عنكم وإحساناً وحسنى

يا أميراً ناصر المنتمي

حبَّذا بيت العلا والمدح معنى

ونعم شكراً لها من نعمٍ

بوركت حتى أكلنا ولبسنا

قلتُ للجوع وللعري معاً

آل فضل الله يمحو السوء عنا

رُبَّ أيدٍ من علا أيديهمُ

أصلح الباطن والظاهر منا

ــ

البسيط

يا سيد الوزراء العادلين لقد

صيرت في منزلي للجوع إحسانا

لكن بنيَّ وإن كانوا ذوي عذرٍ

ليسوا من الصبرِ في شيءٍ وإن هانا

كأن ربك لم يخلق لمسغبةٍ

سواهم من جميع الناس إنسانا

قد طيروني وإن أخَّرت مطلبهم

طاروا إليكَ ذرافاتٍ ووحدانا

فأمر بما طلبوا لا شان بابكُم

بنوا للقيطة من ذهل ابن شيبانا

ــ

ص: 527

الوافر

سقى صوب الغمام زمان وصلٍ

قضينا فيه للأشواق دينا

وقابلنا بدور في غصونٍ

طوالع فاجْتلينا واجْتنينا

فما أصغت لداعي القرب أذنٌ

إلى أن مدَّ داعي البين عينا

فأمسينا كأنَّا ما افْترقنا

وأصبحنا كأنَّا ما الْتقينا

ــ

الوافر

شدَا شدْوَ الحمام وماسَ غصنا

غني الحسن يطرب إن تغنى

فريدٌ وهو فتَّان التثني

فيا لله من فردٍ تثنى

بغطفٍ مثل منطقه رشيق

ولفظ يعجب الأسماع لحنا

وشكل معرب عن كلّ حسنٍ

وخصر مثل جسمي فيه مضنى

فما أشهى محيَّا منه زاهٍ

ولحظاً ما رمى قلباً فأسنا

وما أشهى عذاراً قد سباني

بحرفٍ جاء في حسنٍ لمعنى

ــ

المجتث

فريد حسنٍ تجافى

هلاّ شفعتَ بحسنى

يا ليت شعري لمعنىً

جفوت أم لا لمعنى

أسهرتني وعذولي

على هواك معنى

ليلي وعاذل مثلي

هذا وذا ما أجنى

ــ

الكامل

قاضي القضاة بعثت لي شهب السما

ونجومها وأردتَ رفعةَ شاني

بالخلعة الزرقاء تتلو الفضة ال

بيضاء ذات الحسن والإحسان

أما برقع سهيل أمسى طالعي

قدراً وأما طالع الميزان

يا نائباً للشرعِ في أحكامه

أنا نائبٌ في الشكرِ عن حسَّان

ــ

مجزوء الكامل

لا يعدم العافون يُمنكْ

في كلّ مقصدهم ومنّكْ

فالشهب تعلم أنك ال

عالي سنا والسحب أنّكْ

صيرت فني في المدا

ئح إذ جعلت الجود فنّكْ

فلأشكرنَّك ما حيي

تُ وإن أمت فلتشكرنّكْ

ــ

مجزوء الكامل

ماذا على ذي الحسن لو

أفضى إلى إحسانه

ملكَ الملاح كما ترى

والكلّ من غلمانه

ص: 528

يرنو ويشرق حسنه

في ناظري ولهانه

فهو الغزالة والغزا

ل بعينه وعيانه

ــ

الكامل

يا فاضل الدنيا دع المصريّ قد

أخملتَ ذكر الفاضل النيساني

قسماً لأنت أحقّ بالقولِ الذي

قال السعيد لعظم ذاك الشَّاني

أخذتْ بمجلسك المهابة حقّها

فترى البريء لديه مثل الجاني

فلو استطعتُ نقلتُ من ديوانه

هذا الثنا فرضاً على ديواني

ــ

الطويل

على اليُمن والنُّعمى قدومك إنه

قدوم الحيا الساري إلى كلّ ظمآن

وعودك للأوطان من مصر فائزاً

بملكٍ ومن أرض الحجاز بغفران

حلفت بدهرٍ أنت غوث عفاته

لقد نفذت فيه العفاة بسلطان

ــ

المتقارب

فديتكَ من كلِّ ما تختشي

وعشتَ وصنوك كالفرقدين

عن الحال يا سيدي لا تسل

ولا عن طبيبي المقلّ اليدين

بطبِّ أبقراط وافى إليَّ

وراح ولكن بخفيّ حنين

ــ

السريع

يا خير من ينبي على جوده

كفٌّ ومن يثني عليه لسان

قد طالَ إصغائي إلى مخبر

عن راتبي فامْنن جزيت الجنان

إنَّ الثمانين وبلغتها

قد أحوجت سمعي إلى ترجمان

ــ

الطويل

وحقّك لولا دلقي الصوف مكرما

وشاشي لما اخْترت التحرُّك من هنا

ولكنني قاسيت بينهما أذًى

تنوَّع في مكروهه وتفنَّنا

وقد كنت عصفوراً بشاشي مالحا

فأصبحت عصفوراً بدلقي مطجنا

ــ

الرمل

عذَّبوني في هواها عذَّلي

ونهوني زائداً والقلب مفتون

ثم قالوا أنتَ مجنونٌ بها

قلت مجنون ومجنون ومجنون

إن يكُ عشقي مفروضاً على

مهجتي إن لذاك اللحظ مسنون

ــ

البسيط

إن البراغيث قد باتت تشيبني

فبتُّ أحيي الدجى نسكاً وإيمانا

فلو رأيتهُم يستخرجون دمِي

رأيت أكثر خلق الله عدوانا

ص: 529

ضحوا بأشمط عنوان السجود بهِ

يقطِّع الليل تسبيحاً وقرآنا

ــ

المجتث

من منصفي من أناسٍ

فيهم تحيَّر ذهني

لا درهماً وزنوه

وحاولوا الشرّ مني

وهل سمعتم بشعرٍ

يأتي على غير وزنِ

ــ

البسيط

لو آذتنيَ عذَّالي بحربهمُ

إذ في التكاريش أصبحت هيمانا

إذاً لقام بمصرِي معشر حشن

عند الحفيظة إنْ ذو لوثةٍ لانا

قومٌ إذا الإيرُ أبدى ناجذيه لهم

طاروا إليه ذرافاتٍ ووحدانا

ــ

الكامل

يثني عليك لسان حالي في الورى

أضعاف ما يثني عليك لساني

قسماً لقد أخجلت معنى في الندى

بعوارفٍ لك قد أتتْ بمعان

ورفعت في أفق العلى أزماننا

يا تاجه رأساً على الأزمان

ــ

البسيط

يا من به ارْتوت الآمال بعد ظموا

ومرَّ تحت صفيح اللَّحد ريان

لله يمن بلادٍ أنت ناظرها

فحبَّذا ناظرٌ فيها وإنسان

أحييت موتى الأماني بعد ما دفنت

فقل لنا أنت عيسى أم سليمان

ــ

الوافر

عتبت ابن الوكيل وشكّ ظني

فأعتبني وعادَ إلى اليقين

وقالَ نواله هيهات يشكو

ذوو الإقتار من عهدِي المتين

وماذا يبتغي الشعراء مني

وقد جاوزت حدّ الأربعين

ــ

مجزوء الوافر

بروحي سيداً ما كا

نَ للسّادات يُحْوِجُني

بلطفِ النّظم أُبهِجُه

وبالإحسانِ يُبْهِجُني

ففي بيتٍ أفرّجه

وبستان يفرّجني

ــ

السريع

عشْ يا رفيع الذكر والشان

في خلعٍ مجمَّلة التباني

ما فتحتُ يوماً على مثلكم

في مثلها مقالة ذي شان

تكسِي فتكسوني تبعاً لها

فكلّ من هنَّاك هنَّاني

ــ

ص: 530

الخفيف

يا ملاذ الأنام هنَّاك الل

هـ بعيدٍ مبارك ميمون

لا تسلني عن حال عائلتي في

هـ فإني من أمرهم في جنون

ليس غيري في البيتِ قطعة لحمٍ

فتفضَّل من قبل أن يأكلوني

ــ

مجزوء الكامل

لا تنس رسم العيد في العي

د الذي يختال حسنا

واهْنأ به وعلى الحقي

قة فهو أولى أن يهنى

وانْحر عداتك والضحا

يا وافْنهم قرنا فقرنا

ــ

الكامل

حبسوه لا بجريمةٍ لكنهم

بخلوا على لحظ العيون بحسنه

رشأٌ يجور مع اعْتدال قوامه

فينا ويفتك مع حداثة سنه

يا سائلي عن يوسفٍ هو يوسفٌ

كلّ القلوب بأسرها في سجنِه

ــ

الخفيف

سرْ على اليُمن والسعادة يا من

شيَّد الله في المعالي مكانه

أنت سهمٌ لله ما كانَ يخلى

منه أوطان مصر وهي كنانه

ــ

مجزوء الكامل

ألله ينصر من وقى الإس

لام من خوفٍ وأمَّن

والله يرحم من درَى

هذا الدعا فيمن فأمّن

ــ

الطويل

لعمري لقد جردت في القدس عزمة

معربة الأوصاف عالية المبْنى

يشيّد بعد المسجد الطهر سوقه

فقد شَمِل الأقصى نوالك والأدنى

ــ

البسيط

فديت صيَّادة في البحر لاهيةً

بحسنها وعن السلوان تلهيني

تصيدني مثل صيد الحوت محرقة

لي بالقلا فهي تقليني وتشويني

ــ

مجزوء الكامل

لما تبدى في الحنين

تحاربت كبدِي وعيني

فاعْجب لها من غزوةٍ

جاءت ببدرٍ في حنين

ــ

الكامل

يا هاجرين ترفَّقوا بمتيمٍ

ذي مدمعٍ سارٍ ووجدٍ قاطن

لسع الجفاء حشاه وهو يرومكم

حقًّا لقد أمسى سليم الباطن

ــ

مخلع البسيط

رأيت في جلّقٍ غزالاً

تحار في حسنه العيون

ص: 531

فقلتُ ما الاسم قال موسى

قلت هنا تحلق الذقون

ــ

المجتث

قالت ووفرة شعري

شابت وسائر ذقني

قدَّام عينك هذا

فقلتُ من خلف أذني

ــ

البسيط

زادت محاسن سلطان الورى حسن

إسماً وفعلاً وفاق السرّ والعلن

وقيل أحسنها ماذا فقلت لهم

وما محاسن شيء كله حسنُ

ــ

البسيط

عذراً لجاجتي المهدي لأنعمكم

يا خجلتي منه في سرٍّ وفي علن

لكل قاصر علم عنه لمحته

رأيٌ يفرق بين الماء واللبن

ــ

الوافر

سعيت لباب سلطان البرايا

ودمع الشوق ملءُ المقلتين

فإن يكُ قد حظى مني حضوراً

فما دمعِي بدون المقلتين

ــ

الخفيف

قالَ لي الصّحب ما نباتك يا

منتسباً قلت لا تغمُّوني

بوعد محمود إذ أعيش به

علمتُ أني نبات كمُّون

ــ

السريع

ومفرد الحسن تعشقته

فكانَ حتَّى مفرد العين

تقولُ للعشَّاقِ ألحاظه

ما يضرب الله بسيفين

ــ

الخفيف

لذْ بشيخِ الشيوخ يوم رجاءٍ

والْتجئْ واهْنأ ميامن منّه

والْقَ منه الصَّفا فما هو ممَّن

يتولى عن مادحيه بركنه

ــ

الكامل

إيري يحاربني وعبدي منشدٌ

الرأي قبل شجاعة شجعان

قدَّام تلك وخلف هذا دأبه

هي أوَّلٌ وهي المحل الثاني

ــ

المجتث

أجابَ مدحي مليحٌ

قفايَ بالصَّفع يعني

فما تكلمت لكن

سكتّ من خلف أذني

ــ

الوافر

لبست من المدائِح ثوب مجدٍ

قد انْقطعت عوارفه علينا

لها ردنان من نظمٍ ونثرٍ

ألا حييت عنا يا رُدَينا

ــ

ص: 532

السريع

مولايَ نور الدِّين لي نسوة

في مالح الأكل لها محنه

يصمن عن قصدي ولكن إذا

سألت عن قصدٍ لها صِحنه

ــ

الكامل

إن السراج رفيقنا مع خيره

تعساه شرّ مبيناً متبين

صدقَ الذي قد قالَ في أمثاله

إنَّ السراج على سناه يدخّنُ

ــ

الطويل

لعمري لقد أفحمت بالفضل منطقي

وقد كنت ذا نطقٍ وفضل بيان

وحركت ميزاني فأثنى لسانه

فما زلت مشكوراً بكلّ لسان

ــ

مخلع البسيط

أشكو إلى الله ما أقاسي

من شدَّة الفقر والهوان

أصبحت من ذلَّةٍ وعري

ما فيَّ دافٍ سوى لساني

ــ

المنسرح

أهواه لدن القوام منعطفاً

يسلّ من مقلتيه سيفين

وهبت قلبي له فقال عسى

نومك أيضاً فقلت من عيني

ــ

الرمل

سيدي شكراً لنعماك التي

داركنا حين أعيى أمرنا

كم تدللنا لمن نقصده

وبنعماك تهذَّب قدرنا

ــ

الوافر

أمولانا الوزير دعاء عبدٍ

تبدَّل في بلادكُم فصنْهُ

ولا تعطي العطا إلَاّ هنيئاً

إذا كانَ العطا لا بدَّ منهُ

ــ

السريع

جفاني الدّرهم من بعدكم

فبينكم يفضي إلى بينه

والذّهب المذكور لي مدّة

ما وقعت عيني على عينه

ــ

الكامل

ومصاحب تلقاه عند عيوبه

خلداً بلا بصرٍ به يتبينُ

فإذا بدا عيب الصديق وجدته

فهداً جميع الجسم منه أعينُ

ــ

يا رُبَّ لصٍّ ناهبٍ

وهو من الحسن ملء عيني

يرنو إلى سرب الظبا لحظه

فيسرق الكحل من العين

ــ

الوافر

لقد عدناكُم لمَّا ضعفتم

ولا والله ما وافيتمونا

ص: 533

أقيموا في ضناكم أو أفيقوا

فإن عدنا فإنا ظالمونا

ــ

الكامل

ظلم الزمان فما ألمتُ بظلمه

شيئاً وصادف طائراً متوطنا

وغدا يهدِّدني بمحزن خطبه

هيهات يدري الحزن من عرف الهنا

ــ

المتقارب

نأت عن محبِّيه أعطافه

وأمسوا إلى الطيف يستطلعون

فهاهمُ قيامٌ لفرط الأسى

قليلاً من الليلِ ما يهجعون

ــ

مجزوء الكامل

لهفي على فرسي الذي

أضحى قريح المقلتين

يكبو وأملك رقّه

فمعثرٌ في الحالتين

ــ

الرمل

سيدي أصبحت مقروح الحشا

وبشيِّ اللحم في ذا اليوم عان

زخرف الألفاظ قد أرسلته

فعسى تملأ بيتي بالدُّخان

ــ

السريع

حملتُ قلبي فيك ما لم يكن

يحمله قلب وجثمان

وعدت تعباناً لحملي له

وحامل الحامل تعبان

ــ

الطويل

وقالوا أحاطت ذقنه بخدوده

ووجدك لا ينفكُّ يذكر حسنه

فقلت نعم ضيفٌ بقلبيَ نازل

أعظِّم مثواه وأكرم ذقنه

ــ

البسيط

يا مشتكي الهمّ دعه وانْتظر فرجاً

ودار وقتك من حينٍ إلى حين

ولا تعاندْ إذا أصبحت في كدرٍ

فإنما أنت من ماءٍ ومن طين

ــ

الطويل

وأغيد جارت في القلوب فعاله

وأسهرت الأجفان أجفانهُ الوسنى

أجلْ نظراً إلى حاجبيه ولحظه

ترى السحر منه قاب قوسين أو أدنى

ــ

الطويل

يقولون لي رفقاً بجفنِك في البكا

فقلتُ لهم هيهات يتركني حزني

سأبذل جفني بعد سيفٍ فقدته

إذا السيف أودى فالعفاء على الجفن

ــ

المنسرح

كل فعال العلاء يعجبني

كأنني بالعلاء مفتون

يحمضُّ بالمطلِ حلو موعده

فوعده سكَّرٌ وليمون

ــ

ص: 534

فداً لابن ريَّان الكرام فإنه

أخو منن يروي بها كلّ ظمآن

إذا جالَ فكري في تسرُّع جوده

تقول القوافي إنه من سليمان

ــ

السريع

تبسَّم الشيب بذقن الفتى

يوجب سحّ الدَّمع من جفنه

حسب الفتى بعد الصبا ذلَّة

أن يضحك الشيب على ذقنه

ــ

الرمل

قال لي خلِّي تزوَّج تسترح

من أذى الفقر وتستغني يقينا

قلتُ دع نصحك واعْلم أنني

لم أضع بين ظهور المسلمينا

ــ

الرمل

رُبَّ نحويّ بدَا في خدِّه

عارض كاللام ما أعلى وأسنى

قلت ما هذا السواد المنتحى

قال حرف جاء في الحسن لمعنى

ــ

الخفيف

سادتي ما كان أجمع شملي

فأصاب ذلك الشمل عين

يا لها عين رقيبٍ أصابت

فمتى أبصرها وهي غين

ــ

الطويل

يقولون من وطئ النساء خف العمى

فقلت دعوا قصدي فما فيه من شين

إذا كانَ شفر العين دون محلها

فعندي أنا الأشفار خير من العين

ــ

الكامل

بشرى شمائلكم بطلعة كوكبٍ

يومي إليه بالسعود بنانها

إنَّ المنابرَ أورقت بأكفّكم

فتكاثرت من نسلِكم أغصانها

ــ

الخفيف

كلّ شهرٍ لنا هلالٌ جديدٌ

مبرز للفناء كلّ مصون

يقرأ الناظر المفكّر فيه

فوق طرس السماء نون المنون

ــ

المنسرح

وصاحبي ساءني تعشقته

لشاحب الوجنتين حوران

لو كنت في الليل ناظراً لهما

قلت شهاب في ظهر شيطان

ــ

الطويل

كذا أبداً تزهى العلى بجلالها

فلله ما أسرى فخاراً وما أسنى

رأى فضله أن يجعل الحال بيننا

فوضع الندى منه ووضع الدعا منَّا

ــ

الكامل

مولايَ دعوة من رمته عداته

بملاءةٍ وهو الشقي بدينه

ص: 535

إن كانَ يملك من نضارٍ حبَّة

فالله يسبك عينها في عينه

ــ

الرمل

ليت شعري كم أشكو الأذى من

فلان عن فلان عن فلان

كنت أرجو سنداً لي فإذا

هو عن فقري صحيح وهواني

ــ

السريع

شكرتُ لابن المحسنيّ الندى

والحمد لله على أنني

عوّضت في بابِك يا سيدي

بالنعم المرْبي على المحسن

ــ

البسيط

لهفي على فاتر الأجفان منعطف

أضحى يكايد غزلاناً وأغصانا

قاست ذوائبه بالليل حسّده

حتى نضى فإذا بالفرقِ قد بانا

ــ

مخلع البسيط

طحَّانكم قد زهى جمالاً

فلا يطاق السلوّ عنه

ودقَّ خصراً فليت شعري

بكم يباع الدَّقيق منه

ــ

الخفيف

قلَّ عوني على الزمان فأصبح

تُ صبوراً على مراد الزمان

حابس اللفظ واليراع عن النا

سِ فلا من يديَّ ولا من لساني

ــ

الطويل

لنا ملك قد قاسمتنا هباتهُ

فنثر العطا منه ونثر الثنا منَّا

يذكرنا أخبار معنٍ بجودِه

فننثني له لفظاً وينشي لنا معنى

ــ

الطويل

سقى الجدَثَ العزِّيّ صوب غمامة

ويا ليت تأويه الغداة يعاين

فيبصر وجهاً في الورى زانَ خاله

وعهدِي بأن الخال للوجه زائن

ــ

الطويل

أمستخبراً بالشامِ عن كنه حالتي

ألم ترني مستبشراً بعد أحزاني

وقد كنت أرعى النجم همًّا وخيفةً

فها أنا قد أمسيتُ والنجم يرعاني

ــ

البسيط

شكراً وأجراً لما أوليت من نعمٍ

في عسرةٍ أظلمت فيها مطالعنا

أقسمت لولا نداك المستهلّ لما

كانت عقيقتنا إلا مدامعنا وقال أيضاً:

ــ

الكامل

يا من يقول البدر أو شمس الضحى

كمعذبي لأكيد القمرين

أبوجه ذاك ووجه تلكَ تُقيسه

قسماً لقد أخطأت من وجهين

ــ

ص: 536

الكامل

نسبوه حسناً للهلال وعينه

للظبي تنسب لا رميت بعينه

فإذا بدا فإلى هلالٍ أصله

وإذا رنا فهو الغزال بعينه

ــ

الطويل

تبدَّت وقد أخفاني السقم وانْبرت

على حكمها عيناي منهملان

يحجبها دمعي وحجبني الضنا

فلست أرى ليلى وليس تراني

ــ

الطويل

وصافي الولا والجسم مقتبل الرضا

عريّين قد أمَّنت بيني وبينه

توثق شخصي في العناق بشخصِه

فما تدخل الأثواب بيني وبينه

ــ

الخفيف

من معيني على دقيقة خصرٍ

فاحْتيالي مضاعفٌ أشجاني

أحسنت كي تزيد في الصدِّ همِّي

فهي مذمومة على الإحسان

ــ

السريع

لا حبذا شيبٌ بشعري ولا

شيب بقلبي أفد يا عيني

ما كنت بالتائب عن صبوتي

طوعاً فقد تبت بشيبين

ــ

مجزوء الخفيف

هام بالركن هائم

عدَّلوا فرط حزنه

فعصى كلّ عاذلٍ

وتولَّى بركنه

ــ

الطويل

تغيب مملوكي الذي قد هويته

وخلَّف إيري للهموم يعاني

وما نافعي تحت الدجى فمنيتي

وقد حيل بين العير والنزوان

ــ

الكامل

لك يا نديمي في التألف خطوةً

فاعْهد لها إن أعوز الإمكان

واصْطد بها العنقاء فهي حبالة

واقْتد بها الجوزاء فهي عنان وقال أيضاً:

ــ

أجران حمَّام الشآ

م تسمَّعي لي لفظتين

لا تذكري أحواض مص

ر فأنت دون المقلتين

ــ

مجزوء الكامل

إمنع وصالك يا فلا

ن فلستُ منكَ ولستَ مني

قد كانَ وجهك في الورى

لمعاً فقد صار ابن جني

ــ

الطويل

تعوَّدت من نعماك أحسن عادة

فأقْبلت أرجو منك عادة إحسان

ص: 537

وجئت ما عندي سوى نصف درهم

ولكنه يا سيدي نصفه الثاني

ــ

الكامل

أحبب بها ناعورة كم حدَّثت

بلسان ماءٍ والحديث شجون

حنت فباطنها قلوبٌ كلّه

وبكت فظاهرها الجميع عيون

ــ

الطويل

بروحي من أضحى له الحسن عسكراً

حوى كلّ قاصٍ في الجمال وداني

فيا لحظه الماضي وأحمر خدّه

رفيقك قيسيّ وأنت يماني

ــ

الكامل

أحنت معاطفي السنون وغيرت

عند الغواني ما بها المتبينا

إيهٍ لعهدك يا زمان البان من

عطفي وآهاً يا زمان المنحنى

ــ

البسيط

كم صار مثل دبيب النمل لي كلمٌ

من الهوان صغيراً بين أقراني

حتى وفى لي صديق قال حاسده

كبرت يا نمل أو صرت السليماني

ــ

الطويل

وقفت على ورديِّ لفظٍ مبشرٍ

بما سوف من أنواعه الزهر يلقاني

فيا حبذا في شهرِنا من رياضِه

أوائل وردٍ في أواخر شعبان

ــ

الطويل

فداك من الأسواء كل مؤمَّل

ملأت يديه النوال وعينه

وذي فكرٍ أودعتها مبدع الثنا

ولو لم يكن فيك الثنا ما وعينه

ــ

المتقارب

قصدتُ حماك أرجي الغنى

وأشكو من العسر داءً دفينا

فما كانَ بيني وبين اليسار

سوى أن مددتُ إليكَ اليمينا

ــ

المتقارب

إذا البلغاء نحَوْا غايةً

فهم بضيائكَ يسترشدون

فأحسن بهم في دياجي السطور

قياماً وبالنجم هم يهتدون

ــ

الطويل

أصمُّ حديث القرن يا روق مسمعي

بتأخيره يا حابسين الندَى عنِّي

فلا تجعلوني في العفاةِ نعامة

غدت تبتغي قرناً فعادت بلا أذن

ــ

الكامل

نزّهت وعدك أن أذكِّرك الوفا

يا من نداهُ لمن رجاه ضمين

يا من إذا مزج الدعاء له الولا

قال الرجا في الحالتين أمين

ــ

ص: 538

المتقارب

ألا يا وزير الملوك البليغ

ويا من له قلم الصَّنعتين

أحاشيكَ تَنْسى وصول المحال

فيغدو محلاًّ على الصيغتين

ــ

الخفيف

إن في نائب الشآم اعتباراً

للبرايا ما بين عالٍ ودون

كانَ أرغون شاه فاجأ الذب

ح فأمسى شاه بلا أرغون

ــ

السريع

يمنى إمام الوقت قد أنشأت

من يمنكَ لي عادات إحسان

فإن أكن بالعشر هنأته

فإنه بالخمس هنَّاني

ــ

السريع

جلوسنا ما بين أيديكم

منصب إعزازٍ وإمكان

والعزل في العام له روعة

فكيف في اليوم وفي الثاني

ــ

البسيط

يا فاضلاً حمدت منه مودّته

وحسن إصغائه للمادحِ اللّسن

عندِي عقود ثناً لم ترج جائزة

فهل لجيدك في عقدٍ بلا ثمن

ــ

السريع

ربَّ مليح حسن صورته

قالوا وقد أصبح ذا ذقن

لحيته قطَّعت ذقنه

قلتُ من الأذن إلى الأذن

ــ

الكامل

ينسى الفتى إحسانه فيما مضى

خوف امتنان لا يليق بمحسن

وأراك زدت معي على هذا الثنا

فنسيت إحساناً مضى ونسيتني

ــ

الكامل

شغلَ الكبار من الرعيَّة فكرهم

في شأنهم فكبارنا كصغارنا

ألرفق موسى الزمان بنا فقد

حلقت ذقون صغارنا وكبارنا

ــ

البسيط

قلْ للوزير ابن تاج الدين يا سنداً

وفى ببرِّيَ باديه وباطنه

شعري وقلبي بيتا مدحةٍ وولاً

حاشاكَ تهدم بيتاً أنت ساكنه

ــ

مجزوء الرمل

يا كريم الأب والصه

ر نسا في حرمين

حجّ في المملوكِ يا من

عاشَ بين العلمين

ــ

الكامل

راموا سلوِّي حيث لاحت نقطة

في عين ظبي لا رميت بببنه

ص: 539

هيهات أصرف عن هواه بنقطةٍ

هذا الصغار بعينه وبغينه

ــ

الكامل

إنَّ اللّديغ هو السليم كما رَوَوْا

ولكن بقلبي أيّ لدغٍ كامن

ولعاذلي طمعٌ بصبري عنكم

أنا والعذول إذاً سليما الباطن

ــ

المنسرح

شكراً لقاضي القضاة نجم علا

هدى رجائي له وهاداني

عددتُ أوصافه وأطعمني

حلوَى فحلّيته وحلَاّني

ــ

الطويل

أقول وقد جاء الغلام بصحنِهِ

عقيب طعام الفطر يا غاية المنى

بعيشك قل لي جاءَ صحن قطايفٍ

وبحْ باسمِ من تهوى ودعني من الكُنى

ــ

الكامل

نفَّثت بنو الشام الدما وتتابعوا

للموت من طاغِ ومن مسكين

حلَّ القضاء بهم ووالى قهرهم

فالكلُّ مذبوح بلا سكين

ــ

المنسرح

ويحي من الحظِّ كم أحاوله

في دهرِنا وهو حائدٌ عنِّي

يظنُّني عاقلاً كما زعموا

فهو على الظنِّ نافرٌ عنِّي

ــ

الطويل

لعمري لقد أحييت للشعرِ خاطري

وقد كانَ ما بين الأنام كفاني

وأصبح لي ذكرٌ بمدحِك سائر

فلو لم تجد لي بالنوال كفاني

ــ

الرجز

أشكو إليكَ حالة قد أوقعت

محسوب هذا العمر في طول العنا

يتطَّلب المال ولا يناله

لا راحة الفقر ولا عيش الغنى

ــ

الطويل

لوى صدغه كالنون من فوق وجنةٍ

تسعّر ناراً في حشى كلّ مفتون

وناديته ما اسمُ الفتى قال يونس

فآمنت في عشقي بيونس ذي النون

ص: 540