المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌حرف الميم وقال يمدح رسول الله صلى الله عليه وسلم الكامل أوجز مديحك - ديوان ابن نباتة المصري

[ابن نباتة]

الفصل: ‌ ‌حرف الميم وقال يمدح رسول الله صلى الله عليه وسلم الكامل أوجز مديحك

‌حرف الميم

وقال يمدح رسول الله صلى الله عليه وسلم

الكامل

أوجز مديحك فالمقام عظيم

من دونه المنثور والمنظوم

من كانَ في سور الكتاب مديحه

ماذا تساور فكرةٌ وتروم

جبريل راوي نصّه الأحلى وفي

ورق الجنان كتابه مرقوم

قل يا محمد تفصح الأكوان عن

حمدٍ كأنَّ مزاجه تسنيم

بدرٌ تألَّق فالطريق محجَّة

لذوي الهداية والصراط قويم

حرست بمولدِه السماء من الذي

أصغى زماناً فالنجوم رجوم

وتشرَّفت أرضٌ بموطئِ نعلهِ

وسمت حصاها فالرجوم نجوم

وخبت بهِ نيران فارس آية

يدري بها من قبل إبراهيم

لو لم يكن في صلبِهِ ما بدَّلت

نيرانه فرجعنا وهي نعيم

وكفى لأمَّته بذاك بشارة

أن سوفَ تخمد في الجنان جحيم

هي آية أولى ووسطى تقتضي

في الحشر أخرى والشفيع كريم

ونبوَّةٌ شفت القلوب وبينت

إن الكتاب كما رأيت حكيم

يا صفوة الرسل الذي لولاه لم

يثبت على حدِّ المقام كليم

كلَاّ ولا سكن الجنان أبٌ ولم

ينهض إلى الروح المسيح رميم

الله قد صلَّى عليك فكلّ ذي

مجدٍ لمجدِك دأبه التسليم

ودعاكَ في الذكر اليتيم وإنما

أسنى الجواهر ما يقال يتيم

سبقت مناقبكَ السراة ومن سرى

فوقَ البراق فسبقه محتوم

أنتَ الإمام وربّ كلّ رسالة

يوم الفخار وراءك المأموم

ص: 428

أنتَ الختام لهم وأنتَ فخارهم

وبمسكِه فليفخر المختوم

أنت الغياث إذا الصحائف نشرت

وبدا جنا الجنَّات والزَّقوم

يوم الفرار من الصديق فما لذي

صحب سوى العرق الصبيب حميم

والخلق شاخصة لجاهِ مشفع

فرد الجلال لشأنهِ التعظيم

بمقامكَ المرفوع يخفض ذنبنا ال

منصوب إنَّ رجاءَنا المجزوم

يا أيُّها البحر المطهَّر إنَّنا

طلَاّب حوضكَ يوم تسعى الهيم

سادت بكَ الصلوات ما أسرى بنا

للصبحِ أشهب والظلام بهيم

وقال يمدح السلطان الأفضل ويعزيه بوالده المؤيد

الطويل

هناءٌ محا ذاك العزاء المقدَّما

فما عبس المحزون حتَّى تبسَّما

ثغور ابتسامٍ في ثغور مدامعٍ

شبيهان لا يمتاز ذو السبق منهما

نردّ مجاري الدمع والبشر واضح

كوابل غيثٍ في ضحى الشمس قد همى

سقى الغيث عنّا تربة الملك الذي

عهدنا سجاياه أبرّ وأكرما

ودامت يد النعمى على الملك الذي

تدانت له الدنيا وعزّ به الحمى

مليكان هذا قد هوى لضريحه

برغمي وهذا للأسرّة قد سما

ودوحة ملك شادويٍّ تكافأت

فغصن ذوَى منها وآخر قد نما

فقدنا لأعناق البرية مالكاً

وشمنا لأنواع الجميل متمما

إذا الأفضل الملك اعتبرت مقامه

وجدت زمان الملك قد عاد مثلما

أعاد معاني البيت حتَّى حسبته

بوزن الثنا والحمد بيتاً منظّما

وناداه ملك قد تقادم إرثه

فقام كما ترضى العلى وتقدَّما

تقابل منه مقلة الدهر سؤدداً

صميماً وتنضو الرأي عضباً مصمما

ويقسم فينا كل سهم من الندى

ويبعث للأعداء في الرّوع أسهما

كأنّ ديار الملك غاب إذا انقضى

به ضيغمٌ أنشابهُ الدهر ضيغما

كأنَّ عماد البيت غير مقوَّضٍ

وقد قمت يا أزكى الأنام وأحزما

نهضت فما قلنا سيادة معشر

تداعت ولا بنيان قومٍ تهدَّما

أما والذي أعطاك ما أنت أهله

لقد شاد من علياك ركناً معظّما

ص: 429

وقد أنشر الإسلام بالخلف الذي

تمكّن في عليائه وتحكما

فإن يك من أيوب نجمٌ قد أنقضى

فقد أطلعت أوصافك الغرّ أنجما

وإن تك أوقات المؤيد قد خلت

فقد جددت علياك وقتاً وموسما

عليه سلام الله ما ذرّ شارق

ورحمته ما شاء أن يترحما

هو الغيث ولى بالثناء مشيعاً

وأبقاك بحراً للمواهب منعما

لك الله ما أبهى وأبهرَ طلعةً

وأفضل أخلاقاً وأشرف منتمى

بك انبسطت فيك التهاني وأنشأت

ربيع الهنا حتَّى نسينا المحرّما

وباسمك في الدنيا استقرّت محاسنٌ

وبأسٌ كما يمضي القضاء محتما

وفضلٌ به الألفاظ للعجز أخرست

وعزٌ به قلب الحسود تكلما

أعدتَ حياة المقتربين وقد عفت

فأنت ابن أيوبٍ وإلاّ ابن مريما

وجددتَ يا نجل الفضائل والعلى

من الدين علماً أو من الجود معلما

يراعك يوم السلم ينهل ديمة

وسيفك يوم الحرب ينهل في الدّما

وذكر ندى كفيك يدني من الغنى

ولثم ثرى نعليك يروي من الظما

لك الملك إرثاً واكتساباً فقد غدا

كلا طرفيه في السيادة معلما

ومثلك إما للسرير منعماً

يثوب وإما للجواد مطهما

ولما عقدنا باسم علياك خنصراً

رأينا من التحقيق أن يتحتما

أيا ملكاً قد أنجد الناس عزمه

فأنجد مدح الناس فيه وأتهما

سبقت لك المدّاح قدماً وبادرت

يدا كلمي فاستلزمت منك ملزما

لياليَ أنشي في أبيك مدائحاً

وفيك فأروي مسند الفضل عنكما

وأغدو بأنواع الجميل مطوّقاً

فأسجع في أوصافه مترنما

وأستوضح العلياء فيك فراسة

بملكك لا أعطى عليها منجّما

فعشْ للورى واسلم سعيداً مهنئاً

فحظّ الورَى في أن تعيش وتسلما

وسر في أمان الله قدماً بفضله

أسرّ الورَى مسرًى وأيمن مقدما

أعدت زمان البشر والجود والثنا

إلى أن ملأت العين والأنف والفما

ص: 430

وقال قاضوية نجمية في ابن خضر

الطويل

فديت محيًّا في مسائله ينمي

فخدّ إلى بدرٍ ولحظ إلى سهم

ولله قلب في الصبابة والجوى

أضلته أحداق الحسان على علم

وقفت على مغنى الأحبة نادباً

لما أبلت الأيام منه ومن جسمي

وقدّم دمعي قصة في رسومه

فوقّع فيها الوجد يجري على الرسم

فيا لك دمعاً من وليّ صبابة

سقى الأرض حتَّى ما تحنّ إلى الوسم

يقولون حاذر سقم جسمك في الهوى

ومن لي بجسم تلتقيه يد السقم

عشقت على خدّيك حرف عذارها

فلم يبق ذاك الحرف مني سوى الاسم

إذا فتن الألباب حسنك ساذجاً

فما حاجة الخدّ البديع إلى الرّقم

ألم يكفك اللحظ الذي صال وانتشى

فلم يخل في الحالين من صفة الإثم

ومبتسم فيه اللآلي يتيمة

وليس على أسلاكه ذلة اليتم

يصدّ بلا ذنب عن الصبّ ظلمه

لقد صحّ عندي أنه بادر الظلم

سقى المطر الغادي صبايَ وصبوتي

فما كنت إلا في ليالٍ وفي حلم

وحيى دياراً بالنقا ومرابعاً

بنيت بها هيف القدود على الضم

زمان على حكمي تولت هباته

ولكنها ولت فزالت على رغمي

وأمّلت من إنعام أحمد مسلياً

فناجيت وجه النجح من صحة الوهم

وراح رجائي يضرب الفأل موقناً

وقامت قوافي الشعر تنظر في النجم

إذا لم تجد قاضي القضاة ظماءها

فأيّ امرئٍ يروي بنائله الجمّ

إمام علي عن غاية المدح مجده

إلى أن حسبنا المدح فيه من الذمّ

فلم يكفه أن أذهب الفقر بالندى

عن الناس حتَّى أذهب الجهل بالعلم

ترى الوفد والسادات من حول شخصه

كما تشخص الأبصار للقمر التم

تقبل أطراف البساط ثغورهم

ويقصر ثغر الشهب عن طرف الكم

عجبت لمن يردي بهيبته العدَى

ويسطو سطاه كيف يوصف بالحلم

ومن يهمل الجاني ويحلم حلمه

على كلّ جانٍ كيف يوصف بالعزم

يدلّ لديه المخطئون بجرمهم

لما أظهروا من شيمة العفو بالجرم

ص: 431

ويدعو إليه المعتفين ثناؤهُ

كما يستدلّ الطالب الرّوض بالشمّ

له قلم مدّ البيان عنانه

وجال فقلنا فارس النثر والنظم

تعوّد أن ينشي فتنتج نشوة

إلى أن ظنناه قضيباً من الكرم

وفوّق منه الشرع سهم إصابة

فلا غَرْوَ إن أضحى به وافر السهم

إذا لاح بين الرفع والخفض شكله

رأيت القضايا كيف تنفذ بالجزم

إليك ثناها الفضل من كلّ وجهةٍ

وسار ثنا علياك في العرْب والعجم

لئن ظنّ ساعٍ أن ينالك في العلى

لقد حقّ عندي ذلك الظنّ بالرّجم

أيا ابن السراة المالئين فجاجها

ردًى وندًى يوم الكريهة والسّلم

دعوتك لا أدلي إليك بشافعٍ

ولا سببٍ إلا بسؤددك الضخم

وخفت على قصدي سواك من الورَى

فألفيته من جود كفك في اليمّ

وإني وذكري ما حويت من الثنا

كمن رام تعداد القطار التي تهمي

وماذا يقول اللفظ في النجم واصفاً

وحسبك أن الله أقسم بالنجم

وقال يهنئ بالقدوم من الحج

الطويل

ليهن بنو الآمال أنك قادم

لك السعد والإقبال عبدٌ وخادم

أرى العمر إلا يوم قربك باطلاً

كأنيَ بين الناس بعدك حالم

ويظمأ طرفي للقا وهو مدامعٌ

فيا لك ظامٍ وهو في الماء عائم

سقى الغيث عيساً للحجاز ركبتها

كما ركبت ظهر الرياح الغمائم

وحملتها عبء العلوم فمن رأى

قواعد شرع حملتها قوائم

ولما حللتَ البيتَ كاد مقامُه

للقياك يسعى فهو للسعي قائم

وأذكرته في الوفد وفد قديمه

لأنك للأموال في الجود هاشم

يطوف بك المعترّ بعد طوافه

ويلثم بعد الركن كفك لاثم

إلى أن ملأت الحجر بالبيت والورى

لهذا كراماتٌ وهذا مكارم

وعدتَ إلى أوطان يثرب غانماً

وفي كلّ أرضٍ من نداك مغانم

فعاد إلى علم المدينة مالكٌ

وعاد إلى جود البداوة حاتمُ

وكادت تبارينا دمشق بشجوها

إليك وقد تشجى الرّبى والمعالم

ص: 432

لئن أوحشتها منك ربوة سؤدد

لقد أوحشتها من نداك المقاسم

فوافيتها والعيش مقتبل الهنا

وعزمك مبرور وسرحك سالم

تشير لرؤياك الغصون بأنملٍ

وتفترّ من عجبٍ عليها الكمائم

وتهتزّ أعواد المنابر فرحةً

فهل رجعتْ للعهد وهي نواعم

وما هي إلا غابُ مجدٍ توطنت

مساكنه أشبالكم والضراغم

وعظتم وقد أحصيتمُ درجاتها

كما صدحت فوق الغصون الحمائم

إليك جلال الدين أصبحت العلى

وسلَّم أعراب الورَى والأعاجم

إذا ريم خير أو تعرّض حادث

روى نافع عن شيمتيك وعاصم

سبقت إلى الفضل السراة فما لهم

من الجهد إلا أن تعضّ الأباهم

وجُدتَ على داني الديار ونازح

كأن المداني للبعيد مساهم

فما فات رزق من تنبه للسرى

ومن يتمنى رزقه وهو نائم

لك القلم الراقي سحائب أنمل

تريك رياض الخطّ وهي بواسم

إذا هزّ في يوم الخطوب فعامل

وإن هزَّ في يوم الخطاب فعالم

علوتَ إلى أن جئتَ بالشهب منطقاً

يضيءُ به سارٍ وينهلّ شائم

وسكّنت من جور الزمان محرّكاً

لأنك بالأفعال في الفضل جازم

ونفّقت قولي وهو في الدهر كاسدٌ

وحققت ظني وهو في الخلق واهم

ونبهت من قدري الذي طال واعتلى

وأقدار قوم في التراب رمائم

وكم مدحة لي فيك عاجلها الغِنى

كما نثرت فوق العروس الدّراهم

قطعت بها أيدي وأرجل حاسدٍ

كما تتلوّى في الصعيد الأراقم

من اللاء تسري في دجى من مدادها

وتجلى كما تجلى النجوم العواتم

فخذها صناع اللفظ من متأخرٍ

مضى زمن عن مثلها متقادم

مشوّقة الميمات يحسن رشفها

فيحلف إلا أنهنَّ مباسم

علينا اجتهاد القول فيك وما على

أخي الجهد أن تقضى الحقوق اللوازم

لئن كلفتْ علياك فكرة مادحٍ

وفاء معانيها لحسنك ظالم

وقال ولم ينشد

الطويل

بكيت بأجفان المحبّ المتيم

فدع ما بكت قبلاً جفون متمم

ص: 433

وهيج شوقي في الدجى صوت طائر

فقل في فصيح شاقه شوق أعجمي

ورُبَّ عذول لست أفهم قولهُ

وإن كنت عين السامع المتفهّم

فإن شاء فليسكت وإن شاء فليقم

إلى حيث ألقت رحلها أمّ قشعم

مطيل يرجي أن تحلّ عقودنا

فيا عجباً من ناقض الحبل مبرَم

ويا حرباً مما غدوت بلحظه

قتيل الأسى ما بين نصل ولهذم

شهيداً ترى لي فوق وجنته دماً

روائحه للمسك واللون للدم

روائح يعبقن الملا فكأنها

لذكر علاء الدين في الطيب ينتمي

رئيس حوى فضل المكارم شخصه

كما حوت الألفاظ أحرفَ يعجم

روى الشعر أخبار الندى عن بنانه

ونص أحاديث التقى كل مسلم

وصحّت أسانيد السيادة والنهى

عن الأذن عن عين البصير عن الفم

لئن حاط مصراً والشآم برأيه

لقد حاط أوطان الحطيم وزمزم

كأنَّ فجاج الأرض مما تنوّرت

بأوصافه الحسنى منازل أنجم

له راحةٌ صلى الحيا خلف جودها

وأذعن فانظر للمصلّي المسلّم

عجبت لها في الجود تظلم ما لها

وتلك أمان الخائف المتظلّم

إذا خطّ فوق الطرس سهم يراعه

طربت لتخطيط الرداء المسهَّم

فأحسن بذاك الطرس في كلِّ ناظر

وأعصم بذيَّاك اليراع وأكرم

عدا السمر أن تحكي سطاه وبأسَه

فهنَّ متى ما يقرع السنّ تندم

ووفّر سعي البيض في حومة الوغى

فنام إذاً في جفنه كلّ مخدَم

لك الله ما أزكى وأشرف همةً

وأفصح رأياً في الزمان المجمجم

جمعت الندى والزهد والبأس والحجى

فجدْ وتورّع وامنع الضيم واحلم

وجزت بميدان العبادة غايةً

تذكرنا يوم السباق ابنَ أدهم

ولما شكونا من جمادى زماننا

فضلت على نوء الربيع المحرّم

وأنت الذي لو ملَّك البدر كفّه

لأنفقتَه في القاصدين كدرهم

إلى بابك الأعلى قصائد مادحٍ

تتيه على وشي الربيع المنمنم

ضربت إليك الرمل سعياً وربما

ضربنا عليك الرّمل عند المنجّم

وكنت إذا عين الزمان توسمت

وجدتك أقصى ناظر المتوسم

ص: 434

بقيتَ مدى الأيام تخدم بالهنا

وكل صناع اللفظ صائبة الرمي

يشيب وليد الشعر دون مرامها

ويرتدّ عن إدراكها فكر مُسْلم

تقدم حسن المدح حسن مكارم

لديك وكان الفضل للمتقدّم

وقال أيضاً

البسيط

قاضي القضاة بيمنى حكمه القلم

يا ساريَ القصد هذا الباب والعلم

هذا اليراع الذي تجني الفخار به

يدُ الإمام التي معروفها أمَمُ

إن آلم الحكم فقد الذاهبين فقد

وافى الهناء فزال اللبس والألمُ

ولىّ عليّ ووافى بعد مشبهه

كالسّيل أقبل لما ولّت الدّيم

لا يبعد الله أيام العلاء فما

يقضي حقوق ثناها في الأنام فمُ

ويمنع الله بالراقي لرتبته

فقد تشابهت الأخلاق والشّيمُ

معْيي المماثل في علمٍ وفيض ندًى

فالسحب باكية والبحر ملتطمُ

وكاتم الصدقات الغرّ تكرمةً

للمرء لو كانَ عرف المسك يكتتم

وافى الشآم وما خلنا الغمام إذاً

بالشام ينشأ من مصرٍ وينسجم

آهاً لمصرٍ وقد شابت لفرقته

فليس ينكر أن يعزى لها هرم

تقاسمت بعد رؤياه الأسى ودرت

أن البلاد لها مثل الورَى قِسم

وأوحش الثغر من مرأى محاسنه

فما يكاد بوجه الدهر يبتسم

ينشي وينشد فيه الثغر من أسفٍ

بيتاً تكاد له الأحشاء تضطرم

يا من يعزّ علينا أن نفارقهم

وجْداننا كل شيء بعدكم عدم

يزهو الشآم بمن فارقت طلعته

وا حرّ قلباه ممن قلبه شبم

نعم الهدى ونجوم الليل حائرة

والمجتدى وزمان المحل محتدم

أقسمت بالمرسلات السمر في يده

لقد تهيّب منها الأبيض الخدِم

وقائل أسرت مسراه قلت له

نعم المنام الذي أبصرتَ والحلم

لو لم تنم لم تحاول في العلى طرقاً

زلّت بنجم الثريَّا دونها القَدَم

كل الفصول ربيعٌ في منازله

وكل أشهرنا في بابه حرُمُ

يا واثق الظن في علياه عش أبداً

وأنت معتضدٌ بالسعد معتصم

ص: 435

ورُمْهُ إن طاشت الأيام أو بخلت

فالحلم والجود في ناديه مقتسم

هنالك الطود إلا أنه رجل

في كفِّه البحر إلا أنه كرم

حبر طباق المعالي فيه متضحٌ

فالمال مفترق والمجد ملتئم

وللجناس نصيب من مناقبِه

فالفضل والفصل والأحكام والحكم

ما يرفع الظن طرفاً في مكارمه

إلا وعزم الرجا بالنجح منجزم

لبشره وارتياح المكرمات به

مقدّمات عليها تنتج النعم

قالت مناقبه العليا وما أفكت

هذا التقّي النقّي الطاهر العَلم

أهلاً بمحتكم الآراء فاصلها

والقاصدون على جدواه تحتكم

كانَ الزمان لنا حرباً نخادعه

فاليوم أُلقيَ فيما بيننا السلم

وكان مغنى العلى عطلاً فقام به

ركنٌ تطوف به العليا وتستلم

يا حاكماً ما رصدنا نجم مقدمه

إلا انجلت عن ليالي قصدنا الظلم

حدوتَ لي أملاً من بعد ما عرفت

نفسي عن الناس إن ضنوا وإن كرموا

وكان منطقيَ العربيّ ممتنعاً

عن الأنام فلا عرب ولا عجم

مالي وللشعر في حيٍّ وفي زمنٍ

سيَّان فيه حسام الهند والجلم

حتَّى إذا أشرقت علياك عاطية

رأيت عقد القوافي كيف ينتظم

هدمتَ بيت الغنى مما تجود به

فاهنأ بأبيات مدحٍ ليس تنهدم

ما بعد علياك يحيي واصفٌ كَلِماً

وليت لو وسعت أوصافك الكلم

لا عطّلت منك دنيانا ولا فقدت

نسيم أنفاسك الأرواح والنسم

وقال في قاضي القضاة ابن العديم

السريع

صيرني في كلِّ وادٍ أهيم

من حظّ قلبي منه هاءٌ وميم

مبخل يشبه ريم الفلا

وأطول شجوي من بخيل كريم

لم أنس في حبه كم ليلةٍ

خلّفني أرعى دجاها البهيم

نظرت في أنجمها نظرةً

فقال لي جسميَ أني سقيم

شوقاً لمن لست على حبّه

بصالح لكنّ قلبي كليم

بدر على غصنٍ جديد الحيا

فخلّ عرجون الهلال القديم

ص: 436

وأقسم بواو القسم الصدق من

صدغيه أن ليس له من قسيم

ولا تخلني سامعاً لومةً

أعوذ بالله السميع العليم

في شرعة البين وحكم الأسى

جفنٌ نزوحٌ وغرامٌ مقيم

وثابت الودّ لديغ الحشا

يأتي إلى الله بقلبٍ سليم

يا روضة تجني بألحاظها

فتجتني حرّ الشقا من نعيم

كن كيفما شئت وعن مهجتي

فلا تسل عن حال أهل الجحيم

ما الشمس إلا وجهك المجتلى

وما الحيا إلا ندى ابن العديم

كمال دين الله من غيثه

قد ألحق النائي بخصب المقيم

لا يسأل القاصد عن بابه

إلا سنا النشر وطيب الشميم

ماذا لقينا في حديث الثنا

من مجده المتّضح المستقيم

الناطق الواصف في خجلة

بالعجز والساكت عين الأثيم

ذو طلعة في البشر كم ناظرت

بدراً فأمسى خدّه كالّلطيم

وهمة في الفضل كم جاورت

غيثاً فولّى غيمه كالهزيم

قاضٍ قضى العدل ولكنه

قضى على المال قضاء الغريم

ما فطمت من كرم كفّه

من قبل ما أدرك سنّ الفطيم

جاء النهى يسأل ميلادَهُ

فبشّروه بغلامٍ حليم

لا عيب فيه غير نعمى يدٍ

يمشي شذا أنفاسها بالنسيم

من معشر سادوا وساسوا الورَى

ببأس قاسٍ وبجدْوَى رحيم

مثل النجوم الزهر كم مهتدٍ

بها من الناس وكم من رجيم

تطوّف الأشعار من حولهم

فائزةً ما سعيها بالذميم

وخير ما طاف لنسك العلى

بيتٌ نظيمٌ حول بيتٍ عظيم

يا عمر الخير لقد نبهت

منك المعالي طرف راعٍ حكيم

لا زلت ذا ذكرٍ كثير السُّرى

بكلّ أرض وندى لا يريم

كم عادنا منك ندًى مشهرٌ

لواحظ المدح وأمنٌ منيم

وكم رأيناك لمربى الثنا

أباً فجئناك بدرٍّ يتيم

ص: 437

وقال ولم ينشد

الخفيف

ربّ عيشٍ نصبت كأس مدامِهْ

ومليحٍ ضممت غصن قوامِهْ

تائه أقنع الهلال افتخاراً

أنه قد غدى مثال لثامه

عربيّ إلى كنانة معزا

هُ ولكن لحاظه من سهامه

ضائع العين كلّ سهران فيه

ضيعة القاف في حروف كلامه

هبّ في جامه كخمرةِ فيهِ

وسقاني فوهُ كخمرة جامِه

وجفاني بعد اللقاء فيا نا

ر فؤاد المحب بعد سلامه

ويح صبّ يخفي بكمّيه دمعاً

وهو كالزهر لاح في أكمامه

سحرته العيون سحر ابن محمو

د بنفث البيان من أقلامه

الرئيس الذي به غنيَ النا

س عن الغيث وارتقاء غمامه

وثقوا أن غدوا ضيوفاً لإبرا

هيمَ أن النجاح حول مقامهْ

لم يقيسوا الحيا بجدواه لكن

بشروه من الحيا بغلامهْ

أكمل العالمين فضلاً فما نس

أل ربَّ العباد غير دوامه

أيّ حرّ لو لم تفضّل ذووه

لكفتْه في الفضل نفس عصامهْ

وجوادٍ لو لم يعمّ سخاه

لحبا من صلاته وصيامه

وبليغ لو قام أهل المعاني

قال أسنى من قولهم في منامهْ

فاض فيض الغمام في الجود لا قص

د مديح الغنى ولا خوف ذامّهْ

وحمى الدين إذ سما فله الفض

ل على كلّ سامِ دهرِ وحامه

ما روى الناس في التواريخ قدماً

ما روَوْا للسّماح في أيامهْ

عدّ بالخنصر المقدم إذ أو

ضح وجه البيان من إبهامه

ودَرى المدح عجزه عنه لكن

خاف عنه الكتمان من آثامه

يا رئيساً نرجو به أدب الدّه

ر لأنَّا نراه من خُدَّامهْ

دم هنيئاً بألف صومٍ وفطرٍ

مسعد في اقتباله وانصرامهْ

من غدا طاهراً كطهرك فينا

كانَ كلّ الشهور شهر صيامهْ

أو غدا جائداً كجودك فينا

كانَ كل الأوقات أعياد عامهْ

ص: 438

فاز حرٌّ أمسيت مغزَى رجاه

وزمان أصبحت صدر منامهْ

وقال رحمه الله تعالى في ابن صصري

البسيط

بكيت ليلاً بوجدي وهي تبتسم

حتَّى تقايس منثور ومنتظم

دمع يجاوب مسراه تبسمها

كالروض يضحك حيث الغيث ينسجم

لا كنتَ يا قلبُ كم تصبيك غانيةٌ

يعدي أخا اللحظ من ألحاظها السقم

أحسن بها ظبية بالسفح تمنعها

أسد الكماة لها من اسمها أجم

عدمت لبيَ من وجدٍ بها وكذا

جفنيَّ فالآن لا حلمٌ ولا حلُمُ

وأغيد لم أخف فيه الذنوبَ ولا

جرى على خده من عارضٍ قلمُ

يصان حتَّى كأن الخمر ما حرمت

إلا لكيلا تحاكي ريقه الشبمُ

ما اهتزّ كالغصن في أوراق بردته

إلا تساقط من أجفانيَ الغَيم

كانت غواية قلبي في محبّته

مجهولة السّبل لا هادٍ ولا علم

يسلو الشجيّ ولفظي كله غزل

ويستفيق وقلبي حشوه ألمُ

فالحبّ عندي وإن طال الملام به

كالجود عند ابن مصري مشرع أمَم

حتَّى إذا صغت في قاضي القضاة حُلا

مدحٍ تطهر فكرٌ بارعٌ وفمُ

أندى البرية والأنواء باخلة

وأسبق الخلق والسادات تزدحم

حبر تجاوز حدّ المدح من شرفٍ

كالصبح لا غرّة تحكى ولا رئم

لكنها نفحاتٌ من مدائحه

تكاد تحيى بها في رسمها الرّمم

مجوّد الهمّ للعلياء إذ عجزت

عنها السراة وقالوا إنها قسم

تصنّعوا ليحاكوا صنع سؤدده

يا شيب كم جهد ما قد يكتم الكتم

يمضي الزمان وما خابت لديه يدٌ

سعياً إلى المجد لا زلت به قدمُ

رام الأقاصيَ حتَّى حازها ومضى

تبارك الله ماذا تبلغ الهمَمُ

لا يطرد المحل إلا صوب نائِله

ولا يجول على أفكاره الندَمُ

في كلّ يوم ينادي جود راحتهِ

هذا فتيّ الندى لا ما ادّعى هرم

يمّمْ حماه ودافع كلّ معضلةٍ

مهيبة الحرم تعلم أنه حرم

وأحسن ولاء أياديه فما سلفت

عزيمة بولاء النجم تلتزم

ص: 439

واسعد بمن حاطت الإسلام همته

حتَّى تغاير فيها العلم والعلَم

نعم الملاذ لمن أوْدَتْ به سنة

شهباء آثارها في عينه حُمَمُ

لو أنَّ للدّهر جزأً من محاسنهِ

لم يبق في الدهر لا ظلم ولا ظلم

قالت أياديه للقصّاد عن كثبٍ

ما أقرب المجد إلا أنها همَمُ

مما أناف به للمجد إنَّ له

عُرفاً يرى فرص الإحسان تغتنم

والمجد لا تنثني يوماً معالمه

إلا إذا راح مبنى المال ينهدمُ

وللسيادة معنًى ليس يدركه

من طالب الذكر إلا باحثٌ فهِمُ

فليت كل بخيل ينثني بطراً

فداء نعل فتى أودى به الكرم

تستشرف الأرض ما حلّت مواطنه

كأنما الوهد في آثاره أكم

لمعشرٍ هم لمن ولاهمُ نعمٌ

هنيئة ولمن عاداهمُ نقمُ

تفرق المجد في الأحياء من قدمٍ

والمجد في تغلب العلياء ملتئم

الطاعنين وحرّ الحرب ملتهب

والمطعمين وحرّ الجدب ملتهم

والشائدين على كيوانَ بيت عُلاً

تسعى النجوم بمغناه وتسْتَلم

من كلّ أروع سامٍ طرف سؤدده

أغرّ قد ناولته الراية البهمُ

مضوا وأحمد زاهي المجد مقتبل

كالروض أقبل لما ولّت الدّيم

يا مانحي منناً من بعدها مننٌ

ما شأنها منك لا عيٌّ ولا سأمُ

ومظهراً ليَ في دهر يمجمج بي

كأنما أنا حرفٌ فيه مدّغمُ

شكراً لفضلك ما غنّت مطوّقة

وما تتاوح غبّ الوابل السّلم

لله برّك ما أحلى تكتّمه

في الخلق لو كانَ عُرفُ المسك يكتتم

وافى وقد حذّر الحسّاد من حنقٍ

أن يبصروه فلما أبصروه عموا

وطالما كنت والأيام في رهجٍ

فاليوم ألقيَ فيما بيننا السّلم

وفتية أنت أحظى من رجايَ بها

يفنى الثراء وتبقى هذه الكلم

يا باغيَ المجد لا والله ما بلغت

معشار سعيك هذي العرب والعجم

وحسّدٍ خفقت أحشاؤهم حنقاً

كأنها بيد الأحزان تلطمُ

أستهكم بثناء فيك غاظهمُ

غيظ البزاذين لما عضت اللجم

أهواك للشيم اللاتي خصصت بها

إذا تخيرت الأفعال والشيم

ص: 440

ما زاد في قول واشٍ غير طيب ثناً

كندّ يعبق حيث الجمر يضطرم

حاشاك حاشاك أن تلقاك شائبةٌ

وأن تطرق في أفعالك التّهم

هم حدّثوني فما صدّقت ما نقلوا

وأوهموني فما حققت ما زعموا

فليهن مجدك إذ يعلو وقد سفلوا

وليهن رأيك إذ يزكوا وقد أثموا

أما الشآم فقد أغنيت قاصده

حتَّى اشتكتك الفلا والأينق الرّسم

لولاك للطائفين العاكفين به

لم يبق ركنٌ من النعمى وملتزم

خذها عروساً وبكراً بنت ليلتها

أسيلة الخدّ في عرنينها شمم

لولا أياديك ما ضمّت على أملٍ

يدٌ ولم ينفتح لي بالثناء فم

نوعاً من الشعر لا يدعى سواك له

إن المدائح كالعليا لها قيم

هوت إلى لثمه الأفواه مسرعة

كأنما كل ميم فيه مبتسم

فهنأ الله عافٍ أنت نجعته

وخائفاً بك في اللأواء يعتصم

ليشكرنّك مني الدّهرَ أربعةٌ

نفسٌ وروحٌ ولحمٌ نابتٌ ودم

وقال علائية في ابن فضل الله

البسيط

رمى حشايَ ويا شوقي إلى الرامي

لحظٌ برامة من ألحاظ آرام

رهنت في الحبّ نومي عند ناظره

لما اقترضت لجسمي منه أسقامي

أفدي الذي كنت عنه كاتماً شجني

حتَّى وشى نبت خدّيه بنمام

ممنّع الوصل كم حالمت من شغفٍ

عدايَ فيه وكم عاديت أحلامي

ظلمت خدّيه بالألحاظ أجرحها

وحسن خدّيه ظلاّم لظلاّم

وما لبست به من أدمعي خلعاً

إلا ووشيُ دمي فيها كأعلام

يا ليت شعري وقلبي فيه ممتحنٌ

ماذا على عذّلي فيه ولوّامي

لا تخش من عاذلٍ قد جا يحاورني

يا سالبي في الهوى حلمي وأحلامي

وحقّ عينيك ما لي في محبتها

سمعٌ لعين ولا ذالٍ ولا لام

ولا لفكريَ من شمسٍ ومن قمر

سوى جبيني في صبحي وإظلامي

سقياً لمعهد أنسٍ كانَ يسند لي

بوجهه الطلق عن بشر ابن بسّام

ص: 441

حيث النسيم يجر الذّيل من طربٍ

والزهر يرقص من عجبٍ بأكمام

والنهر طرسٌ تخطّ الريح أسطره

والقطر يتبع ما خطّت بإعجام

والكأس في يد ساقيها مصوَّرة

تضيء من حول كسرى ضوء بهرام

قد أسرجت وعدت للهمّ ملجمة

فهي الكميت بإسراجٍ وإلجام

أنشى بها العيش ينمو من محاسنه

ما ليس يحصره الناشي ولا النامي

وأجتلي كأسها والشمس ما جُليت

ولا ترشف منها الشرق في جام

شهور وصلٍ كساعاتٍ قد انقرضت

بمن أحبّ وأعوامٌ كأيام

ولّت كأنيَ منها كنت في سنةٍ

ثمّ انبرت ليَ أيامٌ كأعوام

مقلقلاً بيد الأيام مضطرباً

كأنما استقسمت مني بأزلام

قد حرَّمت حالتي طيب الحياة بها

كأن طيبَ حياتي طيبُ إحرام

هي المقادير لا تنفكّ مقدمة

وللحجى خطراتٌ ذات إحجام

أما ولي حالةٌ عن مرةٍ نقلت

لأنقلنّ بها عن عزم همّام

ورُبّ شائمة عزمي ومرتحلي

إلى حمى مصر أشكو جفوة الشام

قالت وراءَك أطفالٌ فقلت لها

نعم ونعمى ابن فضل الله قدَّامي

لولا عليّ ابن فضل الله ما استبقت

سفائن العيس في لجِّ الفلا الطامي

لعاقد خنصر المدَّاح يوم ثنا

وموضح الجود فيهم بعد إبهام

ربّ السيادة في إرثٍ ومكتسبٍ

فيا لها ذات أنواعٍ وأقسام

سدْ يا عليّ بن يحيى كيف شئت فما

في فرعك المجتنى والأصل من ذام

وارفع إلى عمرٍ إسناد بيتك في

فضلٍ وفصلٍ وتقديمٍ وإقدام

بيت تسامى إلى الفاروق منصبه

فكاتبته العلى بالمنصب السامي

منظم طاب حتَّى تمّ مفخره

فكم إلى طيّب يعزى وتمّام

إسمٌ حروف المعالي فيه واضحة

وكلّ عالٍ سواكم حرف إدغام

لو طاولتكم نجوم الأفق ما بلغت

قوادم النسر منكم ترب أقدام

بأول الحال منكم أو بآخره

يراكم الله تأييداً لإسلام

إما بأرماح أقلامٍ لكم عرفت

لياقة الحدّ أو إرماح أقلام

تحمون سرى الهدى بدأً ومختتماً

وتنهضون بإنعام وإرغام

ص: 442

منكم عليٌّ نماه للعلى عمرٌ

فحبذا ثمرات المغرس النامي

ندبٌ سما وحمت ملكاً براعته

فداً له الناس من سامٍ ومن حام

محسّن الخلق والأخلاق تألفه

عقائل الفضل عن وجدٍ وتهيام

من أجل ما عقد المدّاح خنصرهم

عليه ميز من جلي نجا تام

لا عيب فيه سوى علياء حالته

عن صف ما شئت من عيٍّ وإفحام

تدري سرائر نجوانا عوارفه

إما بصائب فكرٍ أو بإلهام

لو أن للبحر جزأً من مكارمه

ألقى على الطرق درًّا موجه الطّامي

جارى حياه بحار الأرض يوم ندى

ويوم علم فروّى غلة الظامي

فالبحر يزبد من غيظٍ يخامره

والبرق يضحك من عجز الحيا الهامي

والعدل يغمض جفن السيف في دعةٍ

من بعد ما كانَ جفناً دمعه دامي

أما الملوك فقد أغنى ممالكها

تصميم منطقه عن حد صمصام

ذو اللفظ علّمت المصغي فصاحته

قولَ المدائح فيه ذات إحكام

فلو مزجتَ أباريق المدام به

ما رجّعت صوت فأفاءٍ وتمتام

يا فاضلاً لو رنت عين العماد له

لبات يخفق رعباً برقه الشامي

غطّى ثناك على عبد الرحيم فما

ترنو لأنجمهِ أبصار أفهام

وقد طوى نظمك الطائيّ منهزماً

لما برزت بأطراسٍ كأعلام

ليخبر الملك في يمناك عن قلمٍ

صان الأقاليم عن تخبير مستام

أشدّ من ألف في الكفّ يكرع من

نون وأمنع يوم الرّوع من لام

تغاير الوصف في يوم العطاء به

والناس ما بين مطعانٍ ومطعام

وراثة لك يا ابن السابقين علاً

في بثِّ مكرمةٍ أو حسم آلام

كأنَّ أهل العلى جسمٌ ذووك له

هامٌ وأنت يمين العين في الهام

إن كنت في الوقت قد أوفيت آخرهم

فإنك العيد وافى آخر العام

شكراً لأوقات عدلٍ قد أنمت بها

عين الرّعايا فهم في طيب أحلام

وأنجمٍ خدمت علياك فهي إذاً

نعم الجواري التي تدعى بخدَّام

أبحت يا صاحب السرّ النوال وقد

منعت ما خيف من ظلمٍ وإظلام

وأنجدتنا على الأمداح منك لُهًى

إلى الورَى ذات إنجادٍ وإتهام

ص: 443

خذها منظمة الأسلاك معجزة

بالجوهر الفرد فيها كلّ نظّام

مصرية بين بيوت الفضل ما عرفت

فيها نسبة جزّار وحمَّام

أنت الذي أنقذتني من يدي عدمي

آلاؤه ومحت بالبرِّ إعدامي

فعش مع الدهر لا إبرام في سبب

لما نقضت ولا نقضٌ لإبرام

ودم لحمدٍ وآلاءٍ ملأت بها

جهاتيَ الستّ من جاهٍ وإنعام

فواضل عن يميني والشمال ومن

فوقي وتحتي ومن خلفي وقدّامي

وقال قاضوية نجمية

الطويل

يدافعني الغيران عن طيب لثمها

فيقنعني لثم التذكر لاسمها

محجبة أبكي ليالي وصلها

بشهبي وحمري وهي تبكي بدهمها

بكيت بلوَّامي عليها وعذَّلي

ولا وصل إلا بين وهمي ووهمها

وصنو أبٍ قد صانَ نقطة خالها

فيا حرباً من خالها ثم عمّها

ويا عجباً حيث اللآلي يتيمة

بفيها وما يبدو بها ذلُّ يتمها

وحيث أرى من جفنها السهم قاتلاً

وما غرضي إلَاّ ملاقاة سهمها

بروحيَ من لا خارجٌ غير ردفها

ثقيلاً ومَن لا باردٌ غير ظلمها

أما وجراحي خدّها ثم أدمعي

لقد وقعت عين المحبّ بجرمها

ودرّ بكائي حين يبسم ثغرها

لقد لاح فرقٌ بين نثري ونظمها

نأى فنأى عنِّي الكرى وتغيبت

فلا طيب أحلامي ولا فضل حلمها

وأفردت بالآلام فيها وقاسمت

لواحظها ما بين سقمي وسقمها

كأنِّيَ ما نزَّهت طرفي ببيضةٍ

إليها ولا روَّيت قلبي بضمِّها

ولا ظنَّنا الواشون حرفاً مشدَّداً

لتوثيق جسمي في العناق وجسمها

يدايَ على الحسناءِ قفلٌ مؤكّدٌ

بآثارِ لثمٍ مثل آثار ختمها

زمان غوايات الصبابة والصبا

أغرّ بنعماها وألهو بنعمها

وليل شباب أيقظ الشيب مقلتي

لديه وكانت في غيابةِ حلمها

وطاوعت نصَّاحي ويا رُبَّ مأثم

قضيت على رغمِ النهى قبل رغمها

وما الشيب إلا كالحسام مجرَّداً

لتعجيل أدواء الضلال لجسمها

ص: 444

تباركَ من أردَى ضلالاً برحمةٍ

وزيَّن آفاق المعالي بنجمها

إمامٌ إذا عاينت سنة وجهه

حكمت على تلك الفخار بعلمها

تهلَّل إذ طارحته بمدائحِي

تهلّل وسميِّ البروق بوسمها

حفيٌّ بطلَاّب الفضائل والندى

فلله ما حيّ عيّها بعدَ عدمها

وفاصل أحكام القضاء بفطنةٍ

كأن سرار الشهب من فتح فهمها

إذا اخْتصمَ الأقوام ضاءَ بفكرةٍ

يقول ضياء الصبح لست بخصمها

ولا عيبَ فيه غير إسراف أنعمٍ

ترى عزمها في الجودِ غاية غنمها

يجانس بالفتوى الفتوَّة جائداً

ويعرب عن فصل الأمور بحزمها

إذا زعماء القوم همَّت بشأوهِ

فقد طلبت شأو النجوم بزعمها

فديناه ندباً زادَ في شأو بيته

إذا نقصت ذات البيوت بجرمها

وقاضي قضاة تعرب الخلق مدحه

فتعجز حتَّى عربها مثل عجمها

فيمدحه حتَّى النسيم بعرفه

وتصغي له حتَّى الجبال بصمّها

له همَّة إن شئت غالية الثنا

فشمها وإن شئت الفخار فشمّها

على حين مسودُّ المفارق حالك

فكيف إذا ضاءَ المشيب بفحمها

وأقلام رشدٍ يتبع الرشد خطّها

ويعمل أنواع الثناء برسمها

يقيم على العادين حدًّا بحدِّها

ويهدي إلى العافين عزًّا بعزمها

وتكتب في حالي نداها وسطوها

بدرياقها طوراً وطوراً بسمِّها

مسدَّدة المرمى مقسَّمة الحيا

فلا زالَ للإسلام وافر سهمها

بكفِّ كريمٍ يملأ العلم والقرى

لديه قلوب الطالبين بشحمها

فتى الدِّين والدُّنيا ينير ظلامها

بكوكبها العالي ويلوي بظلمها

سليل عماد الدِّين إنك بعده

مصاعد ما همَّ الزمان بلثمها

تطوف بمغناه وفود مقاصد

محمّلة جدوى يديه لهمِّها

لتمكين رَجواها وتأمين رَوْعها

وتأثيل نعماها وتفريج غمّها

فما الشهد أحلى من صنائع فضله

ولا المسك أذكى من تضوع كتمها

وما روضة بالحزنِ مخضلَّة الربى

مكاثرة زهر النجوم بنجمها

ص: 445

يجرُّ لديها عاطر الريح ذيلهُ

وتخطر فيها المزهرات بكمّها

بألطفَ من أخلاقِهِ عند شيمِها

وأعطر من أخباره عند شمّها

لجأت إليه والحياة مريرةٌ

فعرَّفني إحسانه حلوَ طعمها

وكنت على قصدِي من الناسِ خائفاً

فألقيته من راحتيه بيمّها

وما هوَ إلَاّ النجم جاورته فلا

مخافة من كلِّ العداة وكلمها

أتمَّت حلا مرآه حليَة حبره

فلا عدِمت منه العلى بدرَ تمّها

وقال بهائية سبكية

السريع

إلى مَ العشق واللاّئمة

خواطري شاعرة هائمهْ

في كلِّ نادٍ أصبحت صبوتي

ناثرة ودمع عيني ناظمهْ

مفطَّر المهجة في حبِّ من

عيني من النوم بها صائمهْ

يسوم سعر الوصل من سامَهُ

لم ترع في الحبِّ لها سائمهْ

وأهيف كالرمح أعطافه

عادلة مع أنّها ظالمهْ

تلوم في ناعسِ أجفانِه

لائمةٌ عن صبوتي نائمهْ

كمثل ما لامت بها في التقى

في الجودِ بعض النيَّة الراغمهْ

أوفى الورَى علماً وأسماهمُ

إلى العلى عزماً وأبهى سِمهْ

ذو الأصل والفرع له نسبة

جليسة في دستها قائمهْ

فريد وقت بفريد الثنا

قد جليت أوقاته الباسمهْ

سبكيَّة التبر سبيكية

أوصافه في المدحِ في اللاّزمهْ

لله ما أغناه في حالتي

جدوى وفتوى للعلى قاسمهْ

كلتاهما للطالبي غوثة

في الفقه والجهل يدٌ حاسمهْ

أقلامنا في طرسِ إمداحه

تجرُّها جارية خادمهْ

دنيا وأخرى كلّمت ذاته

فحبذا المبدأ والخاتمهْ

أبا البقا هنأت طول البقا

بنعمة سابغة دائمهْ

وسؤدد مكّنت أسبابه

بعزمة عاملة عالمهْ

ووصلة زاكية بالرفا

وبالبنين ابْتدرت باسمهْ

ص: 446

رقت على زاهر أفق الهدى

زهراء في أنجمها الناجمهْ

عقيلة الأنصار حكَّامهم

لا برحت علياهمُ حاكمهْ

نبت عليٍّ بعلا قومها

تعيش أجسادهم فاطمهْ

رافعة في ظلِّهم بيتها

بكسرِ أعدائهم جازمهْ

وقال رحمه الله تعالى

الخفيف

مدمعٌ سائلٌ لغير رحيمِ

وإعنائي من سائل محروم

ونثار من البكى مستفاض

في الهوى من لقاءِ ثغرٍ نظيم

صادَقَ الخدّ واسْتحمَّ به الجس

م فآهاً من الصديق الحميم

ليت شعري أهكذا كلّ صبّ

أم كذا حال حظِّيَ المقسوم

يجرح القلب وهو عدل عن الح

بِّ ويقضي الغرام وهو غريمي

حربي من مهفهف القدّ ألمى

أوقعَ القلب في العذابِ الأليم

قائم الخصر قاعد الردف أمري

فيهِ ما بين مقعدٍ ومقيم

وعدهُ مثل خصره من جفاءٍ

باطنيٌّ يقول بالمعدوم

لي على روض جدّه كلّ يومٍ

أدمعٌ مستهلَّةٌ كالغيوم

لا تلم عاشقاً بكى بعد روضٍ

كبكاء الوليد بعد نسيم

حطَّم الوجد ركن دمعي وطافت

لوعتي بين زمزمٍ والحطيم

ورمتني من العيونِ سهامٌ

ذات نصلٍ كما ترى مسموم

بين مرأى فمٍ وطرَّة شعرٍ

فهيَ لا شكّ بين سينٍ وميم

يا لها من سهامِ لحظٍ كستني

برد سقمٍ محرَّر التسهيم

وفمٌ بارد المراشف لكن

كبدي منه في سواءِ الجحيم

برخيمِ الألفاظ صير حظِّي

مثل حظّ الأسماء بالترخيم

ودجى طرَّة تسلَّمت القل

ب فأمسى منها بليلِ السليم

ذات صدغٍ دنا له مسك خالٍ

فحسبناه نقطة تحت جيم

ورقيم من العذار ثناني

ساهراً طول ليلتي بالرقيم

خطَّ ريحانه على ماءِ خدٍّ

كادَ يجري في نضرةٍ ونعيم

ص: 447

ما تذكّرت ذا وهذاك إلَاّ

بتُّ بين المشروب والمشموم

ربَّ ليلٍ قد همت فيه بظبيٍ

قربه لي أشهى من التَّهويم

باللّمى والطلا سعى فسقاني

من كلا الساعيين بالخرطوم

حيث وجه الزمان عندِيَ هشّ

ونبات الشباب غير هشيم

يا زمان الصبا سقتك الغوادِي

أينَ كأسي وروضتي ونديمي

عن جمالِ الوجوه قصّر شجوي

وثنائي يهوى جمال العلوم

سيدٌ وابن سيدٍ هامَ حمدِي

فيهما بالكريمِ وابن الكريم

وإمامٌ محرابُ أفكاره الطر

س وكلُّ الأنام مثل الأميم

بشِّروا بيته الذي طالَ قدراً

بغلامٍ في العالمين عليم

ذو كلامٍ تجمَّع الجوهر الفا

خر فيهِ وذلّ قدر اليتيم

أينَ عبد الحميد من نثرِهِ الجز

ل الذي قد كساه ثوب الذميم

أينَ نظم السعيد منه ومن قوَّ

ةِ ما خطَّه ابن العديم

ذاك خطّ أغضى ابن مقلةَ عنه

يوم فخرٍ إغضاء غير حليم

زاحف بين أسطرٍ وطروسٍ

لسطا عسكرين زنجٍ وروم

صغت من حلاك يا ابن عليٍّ

طوق مجدٍ على الفخارِ مقيم

وأدارت يمناكَ لي كأس درجٍ

كلن فيها المزاج مع تنسيم

يلتقيها لفظ المصلِّين عجباً

ويمدُّون راحة التَّسليم

ليسَ فيها عيبٌ سوى أنّني بال

عجز عنها شكوت شكوى الظليم

حين ولَّى زمان لفظي وجفَّت

أيكتي وانْثنى هبوب نسيمي

ورأيت الألفاظ أولاد فكرٍ

نفَّرتها عنِّي وجوه همومي

فغدا الفكر في التغابن عجزاً

وهيَ عنه في غاية التحريم

نقَّصت قوَّتي عن المدحِ فاصْفح

في نظامي عن خجلة التتميم

واكْتم السرّ عن معائب فاهت

فسروري في سرِّها المكتوم

وقال في علاء الدين ابن غالب

الكامل

ربع لعزَّة صامتٌ لا يفهم

وقلوبنا في رسمِهِ تتكلَّم

ص: 448

لو لم تعف حماه غرّ سحائبٍ

تهمى لعفَّته مدامع تسجم

وعلى البكى فلقد يروق كأنما

قطع الغمام عليه برد معلم

ما أنسَ كم ليل عليه قطعته

بالوصلِ تعذرني عليه اللّوم

حيث الجرَّة فيه شكل سبيكة

قد جرَّبت فالبدر منها درهم

وضجيعتي جود بحكمِ جفائها

ولقائها يشقي المحبّ وينعم

حوراء إلَاّ أنها قد أسكنت

قلبي الذي تبلّته وهو جهنم

لو لم تكن روضاً لما كانت إذا

هطلت غيوث مدامعي تتبسَّم

يا قلب هذا شعرها وجفونها

فاصْبر إذا زحفَ السواد الأعظم

ما الشمس أشرف بهجة منها ولا

صوب السحائب من عليّ أكرم

بحرٌ تعلمنا المديح صفاته

فعقوده منه عليه تنظّم

متيقّظ الآراء تحسب أنه

كلُّ الأمور لديه غيباً يُعلم

ومسدَّد الحركات ينهلّ الندى

وتخيِّم العلياء حيث يخيّم

جزل العطا والبأس حينَ خبرته

كالسيفِ حينَ يروق ثمَّ يصمم

تجني فيحلم بعد ما جاورته

حتَّى تظنّ لديه أنك تحلم

رفق كما انْحلّت خيوط غمامةٍ

فإذا سطا نزلَ القضاء المبرم

نطقَ الزمان به وكلٍّ مفاخر

كلمٌ على لسنِ الزمان مجمجم

انظر لحبوته وأنعمه تجد

من جانبي رضوى سيولاً تفعم

لا عيب فيه سوى تسلّط جوده

فالمال من نفحاته يتظلم

لله ما بلغت مساعيه وما

جمعت من المجد الذي لا يرغم

كرم تصلي السحب خلف صلاته

لكنها للعجز عنه تسلم

وثناً يقيد بالمدائح ذكره

فتراه ينجد في البلاد ويتهم

عبق الشذا تحكيه زهر كمائم

في الروض إلا أنها تتكلم

وفضائل لذّت وعزّ مرامها

فكأنها شهدٌ يذاق وعلقم

من كلّ ساجعة السطور كأنما

همزاتها وُرْقٌ بها تترنم

وقصيدة غرّاء تعلم أنه

قد غادر الشعراء ما يُتردم

وتواضع كالشمس دانٍ ضوءها

والقدر أرفع أن ينال ويكرم

ص: 449

يممه يا راجيه تلقَ خلاله

تسدى بها حلل الثناء وترقم

يرجى فيعطي فوقَ كلّ رغيبة

وتطيش ألباب الرجال فيحلم

وإذا دعى الداعي نزال وجدتهُ

بالرأيِ يطعن واليراع فيهزم

قلمٌ له في كلِّ يومٍ كريهة

أنباء يجري في جوانبها الدّم

نادى سواد النفس لما أفصحت

كلماته أنا عبد من يتفهّم

وجرت بحكمته يدٌ من تحتِها

أبداً يدٌ من فوقها أبداً فم

يا ابن الذين لهم سناً بهر الورَى

وعلاً نبجّل ذكرها ونعظم

شرفٌ ولكن بالهلالِ متوَّج

فوقَ السماء وبالسماك مخيم

يفدِي ربيع نداك مثرٍ كفّه

أبداً جمادى أو نداه محرَّم

قرم تعيّس للمديحِ إذا شدا

فكأنه عند المديح مذمم

أنت الذي لجأت إليه مدائحي

أيام لا وزرٌ ولا مستعصم

أغنيتني عمَّن إذا مدح امرؤ

لم يفرحوا وإذا هجا لم يألموا

خذها إليك بديهة عربيّة

ما نالَ غايتها زياد الأعجم

شابَ الوليد لعجزِهِ عن مثلها

وارْتدَّ عن نظم القوافي مسلم

وقال علائية في ابن فضل الله

الوافر

قوامك تحت شعرك يا أُمامه

لحسنك حاملٌ علمَ الإمامهْ

أما وصراط فرقٍ مستقيمٍ

لقد قامت عليَّ به القيامهْ

بروحي منك قدًّا هزَّ رمحاً

فسلَّ الجفن أيضاً حسامهْ

وخدّ شاهدٌ بدمي وإلا

بأن وراه من ريق مدامهْ

يشفّ من الإضاءة عن رحيقٍ

تخال الخال من مسكٍ ختامهْ

تأخر يا غلام وخلّ خالاً

ينادمني على خدِّ الغلامهْ

لشامته يقول إذا أديرت

عليّ مدام ريقته بشامهْ

ألذّ بظلمها لي حيث لذّت

به فأفرّ من كشف الظلامهْ

إلى أسد لها نسبٌ ولكن

محاسنها إلى آرام رامهْ

أطعت بها الغواية والتصابي

وعاصيت النَّصيحة والملامهْ

ص: 450

وقلت لعاذلي لا كيد يمشي

لمثلك في هوايَ ولا كرامهْ

زمان اللهو مبرور الليالي

ووجه الأنس وضَّاح الغمامهْ

ورب حمامة سجعت فهاجت

خفايا مهجةٍ لي مستهامهْ

فما ورق الحمامة حين أبدت

خفا شجني سوى زرق اليمامهْ

لقد حاكيتها وجداً وحيداً

عليه لحية النعمى وسامهْ

فما يبلى جوايَ ولا أنادي

عليّ لي ولا طوق الحمامَهْ

سقى دنيا عليّ كما سقاني

فواصل كفّه صوب الغمامهْ

وزير ما ترى الفضل بن يحيى

سواه ولا الحسين ولا قدامهْ

عيان الفضل دع خبر ابن قيس

ورأس الجود دع كعب بن مامهْ

تعالى الله ما أندى حياه

لدى رجوَى وما أوفى ذمامهْ

بدا ويدُ الزّمان قد استطالت

فأخمد ظلمه ومحا ظلامهْ

ووفى الملك ما شرطت عليه

تكاليف الكفالة والزّعامهْ

وداعي الجود يروي عن رباحٍ

وداعي اليأس يروي عن أُسامهْ

وكأس الحمد في يمناه يملا

بممزوج اللّطافه والشهامهْ

وملك صلاح دين الله يزهو

بأفضل فاضل فيه إقامهْ

فأمَّا أصله فإلى قريشٍ

وأمَّا سرّه فإلى كتامهْ

له قلم تقسّم ريقتاه

شهاد فم المحاول أو سمامهْ

مكين في الندى والبأس إما

لهامٍ في المصالح أو لهامهْ

وما الّلامات تحمي الجيش إلا

إذا ما خطَّ فوق الطرس لامهْ

وما الروض النضير له نظير

إذا أدراجه مزجت كلامهْ

وما الدّرّ اليتيم ربيب بيت

إذا لم يعتمد يوماً نظامهْ

علاء الدِّين ما أشهى للثمِي

ثرى قدميكَ أجعلهُ لثامهْ

أتيتُ الشام بعد سنين جدبٍ

فكان العام حين أغثت عامهْ

وواليت الندى مالاً وجاهاً

إلى أن جانس الكرم الكرامهْ

وعدتَ عزيز مصرَ وكلّ مصرٍ

سعيداً في الترحُّل والإقامهْ

وقالوا سارَ قلبكَ يوم سارت

ركائبه فقلت مع السَّلامهْ

ص: 451

ففي دارِ البوار الآن شخصي

وقلبي الآن في دار المُقامهْ

إليكَ أبو الخلائف من قريشٍ

سؤال سامه أملي وحامهْ

أذكّر جودك الوعد المبدَّا

وقد أخمدت من سغبي ضرامهْ

جعلت الجسم منِّي بيت لحمٍ

وزدت وظائفي أيضاً قمامهْ

وما أدري أتوقيعي بمصرٍ

وإلَاّ بالشآمِ فلن أُسامهْ

إلى التوقيع قد طرب اسْتماعي

وحارَ دقيق فكرِي في العلامهْ

وقال رحمه الله تعالى

الطويل

تفهَّمه قلبي الشجيّ فهاما

ولم يره طرف الغبيّ فلاما

وعرفني بالحبِّ في خدِّ عارض

بدا ألِفاً ثم اسْتدارَ فلاما

بروحيَ رشيق المقلتين إذا رنا

رمى في فؤاد المستهام سهاما

جعلتُ دموع العينِ جاريةً له

وصيرت قلبي في هواه غلاما

من الغيدِ حسبي ورد خدَّيه نزهة

وريقته يا حسرتاه مداما

يقولُ حلالٌ خمر ريقي وليتهُ

سقاني بهِ كأساً وكانَ حراما

لئن تمَّ عشقي في ملاحتهِ لقد

تعشَّقت بدراً في الملاح تماما

وعذَّبني ذاك المليح بنارِهِ

فكانَ عذاب القلب فيهِ غراما

ووالله لا أصغيت فيهِ لعاذلٍ

ولو ذابَ جسمي لوعةً وسقاما

فأزداد في الحبِّ انْتساباً لعامرٍ

إلى أن أزيد العاذلين ملاما

يقولون أعدتك السقامَ جفونه

فقلتُ ومن أعدى الجفون سقاما

ومن مزجَ الغصن الرطيب بعطفه

فكانَ مزاج المعطفين قواما

تناوحت العشَّاق إذا ماسَ قدّه

فيا لك غصناً في الهوى وحماما

إذا خاطبتي في هواهُ عواذلي

مضيتُ على حالي وقلت سلاما

كما خاطبَ العذَّال جود محمدٍ

فأعرض عنهم واسْتهلَّ غماما

رئيسٌ على التحقيق قالت صفاته

لنقَّاده ذا ما يخالط ذاما

سمونا لمدحِ المفضَّلين وإنما

لأمثالهِ في الفضلِ لن يُتسامى

ص: 452

وآلت معانينا إلى مسكِ ذكره

فكانت لذكرِ الأكرمين ختاما

أخو العلم والتقى تقدَّم فيهما

فكانَ امرأً للمتَّقين إماما

يقضون للملكِ النهار فإن دجى

مسا الليل باتوا سجَّداً وقياما

وأضحى لسرِّ الملك صدراً قد انْتقى

له مستقرًّا في الورَى ومقاما

سقى الغيث مثوى الصاحب الشرف الذي

عهدنا به عهد النوال ركاما

وغرّ المعالي أخجلت كلّ سالفٍ

من القومِ كانوا للأمور قواما

تنادِي نظام الملك أسلاكَ فضله

إليكَ فما كلّ النظام نظاما

لنعم الفتى أبقى لروضِ نباته

شميماً وأوهى الدَّهر منه شماما

ونعم سبيل المكرمات محمد

إذا ما ذكرنا ناسلاً وإذا ما

بدا مثل ما يبدو الصباح فخاره

فزيّل من ظلم الزمان ظلاما

وعالَ بإذن الله أبناء آدم

وحام بآفاقِ الفخار وساما

بليغ الندَى والنطق تلقاه فيهما

فريداً وتلقى المكرمات نواما

له قلمٌ إن ماسَ كانَ لمعتفٍ

حياةً وإلا للعدوِّ حماما

يمجّ شهاداً تارةً لوليِّه

ووقتاً لشانيه يمجّ سماما

قرين الفتاوى والفتوَّة لم يذق

بليل مداد بين ذاكَ مناما

تسهَّد في حفظ المماليك جفنهُ

وفي كلِّ جفنٍ قد أنام حساما

بكفّ كريم الرَّاحتين مؤمَّل

فيا لك برقاً في الندَى وغماما

ويا لكَ في النطق البليغ قدامة

وفي طيرانِ الذكرِ عنهُ قداما

شكوتُ لهُ ظلم الزمان وإنَّما

إلى سيدٍّ برٍّ شكوتُ غلاما

فردَّ الزمان الجهمَ عنِّيَ خاضعاً

فتى ليسَ غيم الظنّ فيهِ جهاما

وجدَّد من جدواه ما لا نسيتهُ

ولم يبقَ من عند الزمان مراما

وألبسني بيضاء ردّ ضياؤها

لدى حاسدٍ حتَّى اسْتحال ضراما

أمدُّ يدي في كلِّ يومٍ لذيلِها

فآخذ من جورِ الشتاء ذماما

ومذ علقت منها بناني بعروةٍ

شدَدت لطرفِ القول فيه حزاما

فلا زالَ ممدوحاً إذا ما وصفته

زحمت المعاني المائلات زحاما

ص: 453

أولد مع فقدِ الصبا جوهر الثنا

يتيماً وأولاد الشيوخ يتامى

وقال يهنئ بقدوم من الحج الشريف

الطويل

قدوم كما حيى قدوم غمام

وعوْد إلى الأوطانِ عوْد حسام

فهذا على الروَّاد أكرم حاتم

وهذا على الإسلام خير محامي

لك الله من سارٍ إلى أربٍ سُرى

هلالٍ إلى أن غارَ بدر تمام

دعاكَ إلى أرضِ الحطيم تذكّر

وغيرك مشغول الهوى بحطام

فلله وفر من حلالٍ بذلتَه

على بلدٍ زاكي المحلِّ حرام

وما هيَ إلَاّ همَّةٌ تغلبيَّةٌ

تروم من العلياء كلّ مرام

حوَت أمد الدنيا من المجدِ وانْبرت

تشقّ إلى الأخرى صنوف زحام

وما ضرَّ ركباً كنت نجعة أهله

تعذّرُ زادٍ أو صروفُ غمام

فوالله ما برق البشاشة خلّبٌ

لديك ولا غيم الندَى بجهام

يطوف بك الحجَّاج في كلِّ منزلٍ

إذا ذعرتهم سحبه بفطام

كأنهمُ قبل الوصول تعجَّلوا

طواقهمُ في كعبةٍ ومقام

إذا ذكروا الركنَ اليمانيَّ يمَّموا

مواهب ركنٍ للعفاة شآم

كريم الثنا يجدِي الركاب كأنه

لنفحته قد حلَّ دار سلام

لقد ظفرت منكم قسيّ ظهورها

لدى عرض البيدا بخيرِ سهام

وأحسن بها حيث الزمان يروعها

نشاطاً كأن النصل ثنيَ زمام

تمدُّ جناحيْ ظلّها في هجيرةٍ

فتحسبها في البيد خيط نعام

إذا خلعت وجه الفلا بمناسمٍ

تفاءل حادِيها بنيل مرام

إلى أن أتت أرض المقام كأنها

من البشر فيها بشّرت بمقام

ويمّم هاتيك المناسم أروعٌ

تهمّ على أعطافه بسلام

إذا هو ولَّى قبلة البيت وجهَهُ

فيا فضل محرابٍ وفضل إمام

حلفت بما ضمَّ المحصَّب والصفا

وبالبدن في لبَّاتهنَّ دوامي

لطابت على علياه طيبة دوره

غدت لمساعي حجّه كختام

وجئت جلال المصطفى منك قائماً

بشرعته الغرّاء خير قيام

ص: 454

وعدت إلى الأوطانِ مقتبل الهنا

يمدّ إليك السعي رأس غلام

وشرفت أرضاً قد وطئت كأنما

وهادُ الشرى منها فروع أكام

وتشرح أرض الشام فيك غرامها

بضعفِ نسيم أو حنين حمام

وما أرقت حتَّى سريت كأنما

مقامكَ فيها كانَ طيف منام

بقيت على أولادِ آدم منعماً

وعن كلِّ سام قد علوت وحام

وقال علائية

السريع

أعيذ ريم الترك بالرّوم

والصدغ مع فيه بحاميم

ميم فمٍ يسكرني ذكره

فيا لها سكرة خرطوم

وحاء صدغ قد تأملتها

فيا لها بالخال من جيم

وناعس الأجفان ما همّ في

هواه لي جفنٌ بتهويم

كلم قلبي وسماعي فما

ألذّ في الحالين تكليمي

يا سقمي من سقم أجفانه

زدني ويا لائمتي لومي

تسنمي سمعي ثم اجعلي

مزاج ذكراه بتسنيم

قبلة ذاك الوجه في مثلها

صلاة أشجاني وتسليمي

وخدّه المشرق قد صحّ في

عذراه المعوجّ تقويمي

ما عمل في الحبّ خاف على

كتاب حسنٍ فيه مرقوم

قد رسم الحسن عليه فما

أقرأه إلا بمرسوم

كم لثمة لي فيه قد عجّلت

سكري بمشمولٍ ومشموم

وضمّة للقدّ كم قابلتْ

منصوب أشواقي بمضموم

حتَّى إذا الشيب تلثمته

ودّعت مضمومي وملثومي

وعارض الباسم لما نأى

منثور أجفاني بمنظوم

يا زمن الوصل سقاك الحيا

ودمع أشواقي بمركوم

ما كنت إلا بارقاً أتعبت

عقباه من دمعي بمسجوم

أين سهام العيش مقسومة

وأين في الألفاظ تسهيمي

وأين أوطان الغنى والهنا

وأين إقدامي وتقديمي

ص: 455

وأين لا أين بلى أشرقت

نجوم سعدي قبل تنجيمي

نعم وهذا خادمي اليمن قد

أقبل إذ أقبل مخدومي

حلّ عليّ بجسمي خائف

فحلّ أمنٌ بعد تحريم

ويمم الشام فأغصانه

أناملٌ نحو الهنا تومي

وقلت إيهٍ يا رجائي إلى

ذي كرمٍ يلفى وتكريم

إلى حياً جاء إلى رائدٍ

فالآن تروى غلة الهيم

إلى عليّ الاسم والفعل وال

ألفاظ والرتبة والحيم

ذو كرم ما هو إلا القنا

مركوزة حول الأقاليم

ساع بتتويج ملوك الهدى

وباسط البرّ بتعميم

في راحة الجود تعبانة

بنائل في الخلق مقسوم

تمنى بليغ فهمَ الملك من

جدوى عليه خير مفهوم

دان لنا وهو بعلياء لا

يرقى إليها بالسلاليم

كأنما ألفاظه جنة

تجل عن لغو وتأثيم

كأنما طلعته نير بد

ر الدّجى منها كملطوم

لا عيب فيه غير نفس لها

في جمع مجد حرص منهوم

يقول رائيه لإمداحه

حومي على أفق العلى حومي

وفطّري أكباد أنداده

وعن سوى إمداده صومي

كل مسمى كرم حازه

بكافه والراء والميم

لولا ابن فضل الله ما استجمعت

فرائد الفضل لتنظيم

ينمي به المدح إلى أسرةٍ

ما دهر داعيهم بمذموم

عن عمر الفاروق يروونه

تراث تمجيد وتعظيم

ناهيك منهم بإمام مضى

وقائل بالعدل مأموم

مثل إمام عادل قبله

من درك الأدناس معصوم

يا ابن الأولى تخلق مدّاحهم

من مسك ذكراهم بمختوم

يا كاسراً بالرأي جيش العدى

تكسير ماضي الفعل مجزوم

يا صاحب السرّ وفي ذكره

للمسكِ سرٌّ غير مكتوم

ص: 456

عطفاً على ميتٍ من الفقر قد

أصبح في حالة مرحوم

منطبخ الأحشاء بالهمِّ لا

يزال في حلّة مغموم

قد أفسدت فاقته ذهنه

فهو معافى مثل محموم

راتبه مجهول أمرٍ وما

معلومه أيضاً بمعلوم

يسري برجليه سرى سائل

بسائلٍ للدَّمع محروم

وربَّما جاع على أنه

في همَّةٍ في زيِّ مطعوم

والبعد عن بابكم ظالم

وهذه قصة مظلوم

لا زلت ملثوم الثرى شائداً

أركان جدٍ غير مثلوم

في الصومِ والفطرِ أخا غبطةٍ

وموسم بالعزِّ موسوم

وقال قاضوية تاجية سبكية

المنسرح

الحمد لله على إنعامه

واصل للدين فضل حكَّامه

من والدٍ في العلى ومن ولدٍ

قد جاء عن علمه وأعلامه

لو لم يكن في علومه ملكاً

ما زيدَ تاجاً شعار أيامه

مراتب الشرع أو علائمه

قد توّجت باسمه وأقلامه

ليت العلائي تاج مصر رأى

ذا التاج في مصر وفي شامه

مكلَّل الوصف بالفرائد من

صاغة حلى القريض نظَّامه

وابن عليّ عالٍ لنجمٍ سما

فهو على الأفق تاج بهرامه

عربي محض العلى عمائمه

تيجان أخواله وأعمامه

ينفح عن راحتيه نشر ندى

كأنما الزهر حشو أكمامه

ذو البيت حجّ الرجا إليه ومن

عسفان دهر ميقات إحرامه

إلى حمى علمه وأنعمه

لكلِّ سامي الطلاّب مستامه

لطالب الجود ملء رغبته

وطالب العلم ملء أفهامه

وشائع الاسم عند خنصره

وسامع الفضل عند إبهامه

حسبك بين الأنصار تبصر من

دعا لنصر قديم إقدامه

عبية خير الورَى التي سلمت

من بيت ذي قولة ومن ذامه

ص: 457

أقلام أثباتهم كأنصلهم

حمى لدين الهدى وإسلامه

عليّ يا ذا الفقار من قلمٍ

يقدّ قد العادي بأرغامه

دمْ واحداً للعلوم يعجبه

من التصانيف أنس أحلامه

تسخو لنا بالعيان وابن دقي

ق العيد طيف يسخو بألمامه

مباركاً حيث كانَ حامله

عيون غيد فتور إسقامه

في كلِّ يومٍ له وليل دجى

سباق صوامه وإقدامه

كأن جنح الدجى يمدُّ يداً

من الثريَّا للمسِ أقدامه

نعم وهنئت دهر سيدنا

قاضي قضاة الزمان حكَّامه

مثلك في نسكه وسؤدده

مطهَّر في جميع أقسامه

أحكامه الزهر وهي واصلة

بالحق أيدي أسباب إعظامه

الله وهَّاب عبده شرفاً

وفره فيه قسم قسَّامه

وأسرة جانسوا إذا حكموا

إكراه عدل القضا بإكرامه

يا آل سبك الخلاص مجدهم

نطقتم الشعر بعد إفحامه

أحلامكم قد زكت وحاسدكم

بين كرى همِّه وأوهامه

نام وسرتم شتَّان حينئذ

ما بين أحلامكم وأحلامه

غايات قوم مبدا سريّكم

في رتب الفضل بيت أقوامه

يهدى له المدح في نفائسه

والذخر من درّه نجا تامه

وما عسى ذوي المديح تحمل من

طيبه في الثنا وتمامه

إلى سريٍّ فاق السراة وما

زيد نبات الفلا كقلَاّمه

ما الروض يروي شذا النسيم لنا

صحائحاً من حديث نمامه

أعبق من ذكره ولا عبق المس

ك المسمَّى أقلّ خدَّامه

ولا حيا السحب في تراكمها

بالودق تسخو طلال تسجامه

عن ابن عبَّاسها الدجون روت

والبرق يروي عن ابن بسَّامه

أسمح منه بما حوته يده

في يومهِ والسحاب في عامه

ولا بحار الطوفان طائفة

كالبحر في صدره وأكمامه

ولا ولا أو يعود قائلها

من بعد إفصاحه كتمتامه

ص: 458

خذها نباتيَّة المدائح من

جائد فكر القريض همامه

سابق مدَّاحكم وأجدرهم

بأن تبدا إعدام إعدامه

لا زالَ مهدِي اليتيم من درر ال

مدح يراكم ثمال أيتامه

سام وحام الثنا لكم صحفاً

وجاءَ في سامه وفي حامه

وقال يعزي قاضي القضاة نجم الدين ببعض حرمه

البسيط

يفدي كرام الحمى منكم كرائمه

ويعبق الروض إن ولَّت كمائمه

يا آل تغلب لا يغلب تصبّركم

صرف الزمان ولا تذهب عظائمه

ليس النَّفائس ممَّا تأسفون بها

ولا التثبّت منقوض عزائمه

ولا تلوم ولو فاضت جفونكم

على المصاب الذي انْقضت حوائمه

فأكرم الدمع ما سحَّت بوادره

من الوفاء وما انْهلَّت سواجمه

إنا إلى الله من رزء براحلةٍ

بكى لها الحرم الأقصى وقادمُه

وبئر زمزم قد هاجت مدامعها

وبيت وائل قد ماجت دعائمه

إن لم تزاحم بأولاها لها نسباً

فقد غدت بمساعيها تزاحمه

قريبة كلّ عن أوصاف رتبتها

سجع الفتى وهو منشي القول ناظمه

وأوحشت صدر محراب بفقد حلاً

كأنها دمعة ممَّا تلازمه

ما خصَّ مأتم أهليها بل اتّفقت

في كلِّ بابٍ من التقوى مآتمه

فلو بكت سور القرآن من أسفٍ

لانْهلَّ جفن النسا ممَّا تكاتمه

ولو أطافت بنات النعش لابْتدرت

تنافس النَّعش فيها أو تساهمه

ولو درى القبر من وافاه لاحْتفرت

من السرور بلا كفّ معالمه

إن يغدُو روضاً فقد أرسى بجانبه

غيث الدُّموع وقد جادت غمائمه

وهبَّ من طيِّ مثواه نسيم ثناً

يودّ نشر الغوالي لو يُقاسمه

وزيد في الحورِ ذي حجبٍ ممنَّعة

يمسي ورضوان في الجنَّات خادمه

مضى لأخصب من أوطانه وقضى

فما على الدمع لو كفَّت سوائمه

هو الحمام الذي خفَّفْت قدرته

فكيفَ تنكر أمراً أنت عالمه

لا يفتأ الليل أن ترمى كواكبه

نبلاً ولا الصبح أن تنضى صوارمه

ص: 459

بينا الفتى رافع الآمال خافضها

إذ انْتحى من صروف الدهر حازمه

إن يمس ربعك قد راعت نواعيه

فطالما صدحت أنساً حمائمه

وإن يكن بيت صبري قد ألمَّ به

عديّ دهرٍ فقد سلاّه حاتمه

لا تجزعنَّ أبا العبَّاس من خطرٍ

عداك فالوقت باكي الفكر باسمه

وذاهب بات طرف الخير ذا سهرٍ

عليه وهو قرير الطرف نائمه

ما ضرَّه في مطاوي الأرض منزلةً

وأنت دافنه والله راحمه

وقال يرثي

البسيط

بكى لك العاليان القدر والهمم

والماضِيانِ سنانُ الرأي والقلم

والوقت أغيد في أعطافِه ميد

والعز أصيد في عرنينه شمم

والعقل يثني عليه الركب وا أسفاً

للعقل يثني عليه الأينق الرّسم

والفضل ما بين موروثٍ ومكتسب

فحبذا هو نعتٌ لازم وسم

يا غائباً أظلمت دار لغيبته

وهكذا البدر تدجو بعده الظلم

يا من يعزُّ علينا أن نفارقهم

وجداننا كلُّ شيءٍ بعدكم عدم

رحلتَ عن عادميْ صبرٍ وما قدروا

أن لا تفارقهم فالراحلون همُ

من للرئاسة فيها الجدّ أجمعه

وللسياسة فيها الصفح والنّقم

من للوقارِ أمام الحجب يحجبه

وللفخار أمام الشهب يبتسم

من للسطور على صحف معذرة

تكاد بالقلبِ قبل الثغر تلتثم

من للحمى كفّ سارٍ كف قاصده

سرًّا وجهراً فلا عُرب ولا عجم

مضى وغير عجيبٍ أن يقال مضى

فإنما هو عضبُ الملَّة الخذِم

نحْ يا حمام مع الباكي على غصنٍ

رطبٍ وقف بحمىً لم يعفه القِدم

أذكرتنا فقد يحيى يا محمده

وللجراح على آثارها ألم

ماذا تركت لأرض الشام من أسفٍ

إذا تذكّرت الأنسابُ والشيم

ماذا تركت بمصر من حقيقِ جوىً

يا ذا الشبيبة حتَّى آذها الهرم

لهفي على واجدٍ في العزمِ منفرد

كانت تقرّ لمسعى سعده الأمم

لهفي على قلم يهتزّ ثابته

في مهرق خافق الأعلام قد علموا

ص: 460

عطَّلتَ هذا وهذا إذ رحلت وقد

خاب الرجاء فلا بانٌ ولا علم

لهفي على أسطرٍ سار البريد بها

تحت الظلام وفيها الكلم والكلم

والخيل والليل والبيداء شاهدة

والضرب والطعن والقرطاس والقلم

لهفي على بيت فضلٍ كانَ من زنة

في الشملِ وهو كبيت الشعر منتظم

رماه بالنقص والأحزان حرف ردى

مغير فهو منقوص ومنثلم

لهفي على البدرِ منكم يا بني عمر

لا تستطيع نداه الأنجمُ الخدم

هوت معاليه حيث العمر مقتبلٌ

والسعد جار وأكناف العلى حرم

والوجه ريَّان من ماءيْ حياً وضياً

حتَّى يكاد على الأعطاف ينسجم

ما زال للسرِّ قبر في جوانحه

حتَّى أتى القبر والأسرار تزدحم

بمثله يفخر الملك العقيم على

ماضٍ وأن النسا عن مثله عقم

عمري لقد صرخ الناعون في رجبٍ

فأسمعَ النوح شجواً من به صمم

وبالغ الحزن فينا ثمَّ صبرنا

أن الطريق إلى أحبابنا أمم

مضى الأنام على هذا وساق بهم

حادِي الردى وسنمضي نحن إثرهم

والمرء في الأصل فخار ولا عجب

إن راحَ وهو بكفِّ الدهر منحطم

وللمنيَّة فخّ من هلال دجى

شهب البزاة سواء فيه والرخم

قل للذي هزمت شحاً كتائبه

هل فاته من جيوش الموت منهزم

سقا ضريحك رضوانٌ ولا برحت

تنهلُّ نافعة في تربكَ الدّيم

حتَّى تنوّر أرض أنت ساكنها

نوراً ونوراً ويزهى القاع والأكم

ودامَ للناسِ باقي البيت ينشده

إذا سلمتَ فكل الناس قد سلموا

وقال في السبعة السيارة

البسيط

سقا زمان الصبا يا منزل الهرم

دمٌ من الدمع أو دمعٌ من الدِّيم

يا نيل مصر ودمعي لا يحلّ بكما

عهد الوفاءَين من جارٍ ومنسجم

كراحتيْ علم الدين الأمير إذا

لاقى الرَّجا بمضيّ البشر مبتسم

ذو الرأي والعزم والهيجاء مسبعة

والعلم والحلم والمعروف والكرم

وفارس الجيش كالعنوان تقدمه

والصَّف كالسطر والخطيّ كالعلم

ص: 461

أكرم به وأبيه قبله فلقد

توارثا شيماً ناهيك من شيم

نصرتُ في حرب أيامي بهم فأنا

في جنَّةٍ تحت ظل السيف والقلم

وقال لزومية

مجزوء الكامل

بانت سعاد حقيقةً

منِّي وما رعت العصم

وشقيت بالأولاد بع

ضهمُ لكلِّي قد قصم

لولا ندى قاضي القضا

ة لواثق القصد انْفصم

هنئت شهراً بامْتدا

حك فيه قد سمعَ الأصم

يا من به لاذ الفق

ير من الفواقر واعْتصم

يا ذا الرغائب من نوا

لك لا أصوم ولم أصم

خصمى من الأولاد جا

ر وأنت أولى من خصم

وقال وقد أقام بمصر في أول قدومها في يسرة

وأولاده بدمشق في عسرة

الكامل

أصبحت بعد تطاول الأيام

قلبي بموضع قالبي بالشام

إن متُّ من حزنٍ فإن بنيّ قد

ماتوا بشامهمُ من الإعدام

يا للوزيرين اللذان هما هما

لا ترحماني وارْحما أيتامي

من لي بحملهمُ على عيني فما

لي نحوَ حملُهمُ على أقدامي

فيكون جبركما لقلبي جبرهم

فهمُ على كلِّ الوجوه عظامي

يا عصمةً لأرامل وثمال أي

تام بقيتم عصمة الإسلام

أقسمت لولا جاهكم ونوالكم

أصبحت لا خلفي ولا قدَّامي

وقال في الجناب الشهابي ابن فضل الله يهنئه بعيد النحر

الكامل

يا ابن الأولى اتّخذوا السماء مطامحاً

لغريمهم ونجومها خدَّاما

لله أنتَ فما أبرّ مكارماً

للشائمين وما أجلّ مقاما

أنتَ الذي أحيى المآثر بعد ما

أمست عظام المأثرات عظاما

ص: 462

نعم الشهاب إذا تمرَّد ماردٌ

من عسرة لاقى لديك حماما

لك هوَّة تسع الفضاء ورتبة

لا تستطيع لها النجوم مراما

ومكارم ما لاح بشرك بارقاً

إلَاّ اسْتهلَّت للوفودِ غماما

وفضائل في الروض أودع نشرها

فترى النسيم لسائل نماما

ذلَّت لعزَّتها الفرائد في الحلى

عجزاً ولا عجبٌ لذلّ يتامى

ويراعة حمر الإهاب كأنها

ألفٌ تقد إذا غضبت اللاّما

وتواضع كالشمس دانٍ ضوءها

والقدر أرفع رتبةً ومراما

هي عادة من فضل بيتكم الذي

خُلقت مناقبه الحسان تماما

سبحان من عمَّ البلاد ببرِّكم

في كلِّ معضلةٍ وخصَّ الشاما

هنئت بالعيد السعيد ودمت ذا

قدرٍ توقل ما اشْتهى وتسامى

قالت صفاتك للأنام دعوا العلى

ذا ما يخالف في البريَّة ذاما

وغدا الغمامُ يخاطب الكرم الذي

يجود فقلنا للغمامِ سلاما

قال وكتب بها لعماد الدين ابن القيسراني

عند قدومه من حلب إلى دمشق

السريع

أهلاً وسهلاً بك من قادمٍ

له المعالي والأيادي الجسام

قد ساقك الله إلى جلّق

لما درى حاجتها للغمام

يا من تسقى غوادي الحيا

ويدرأ البأس ويشفى السقام

لا تلم الدهر على نقلةٍ

فقد تنقَّلت لأشهى مقام

وحيثما يمّمت من منزلٍ

فإنه الدنيا وأنت الأنام

وقال يعزي بصغير

الطويل

تصبر فإن الأجر أسنى وأعظم

ورأيك أهدى للتي هي أقوم

وكم جاز فرط الحزن للمرء لم يفد

فما بالنا لا نستفيد ونأثم

وإنيَ عن ندب الأحبَّة ساكت

وإن كانَ قلبي بالأسى يتكلم

أعزيك في غصنٍ ذوى قبل ما ارْتوى

وقامت به وُرْق الثنا تترنَّم

ص: 463

على مثل هذا عاهد الدهر أهله

وصال وتفريق يسرّ ويؤلم

وإن منع الغيَّاب أن يقدموا لنا

فإنا على غيابنا سوف نقدم

وقال ملغزا

الطويل

أبن ليَ بيضاء حلت لواطئٍ

بغير نكاحٍ تستحلُّ به الحما

على أنها ذات العبادة والتقى

تروّق للدنيا وللدين كلّ ما

وتنمى بلا ثانٍ لها عن فخارها

إلى سادةٍ يا طيب فخر ومنعما

وأحرفها خمس فإن أسقطوا لها

ثلاثاً غدت عشراً إذا المرء أعجما

إذا عرضت أعمالها كلّ ليلة

على ربِّها صلَّى عليها وسلَّما

وقال لزومية

البسيط

نعم الإمام الذي بالخصبِ شملها

ممالكاً وأناسيًّا وأنعاما

يا واحد العصر إنْ علماً وإنْ كرماً

هنئت بالدهرِ إنْ شهراً وإنْ عاما

وبالأهلَّة أمثال الشفاه دنت

للثم كفّ تعمُّ الخلق إنعاما

تهدِي السعود إلى بحر العلوم فما

يلام زورقها في البحرِ إن عاما

لا زلت بالحال أهنا ما أكون به

وقبلها كنت للأحوال أنعى ما

وقال ملغزا

المنسرح

يا فاضلاً قد عنى لرتبته

جالب درّ الثنا وناظمه

ما اسم نحيف بال كأن على أحشائه صبوة تلازمه

يبكي على الوصلِ وهو واجده

وليسَ يبكيهِ وهو عادمه

قل فيه ما شئت إن حذفت وإن

حرَّفت يا من لسنا نقاومه

حكى الشيخ جمال الدين بن نباتة أن بعض عمال عمر بن الخطاب

رضي الله عنه قال شعرا منه:

الخفيف

اسقني شربة ألذُّ عليها

واسْقِ بالله مثلها ابن هشام

فبلغ ذلك عمر رضي الله عنه فعزله وأنكر عليه فقال يا أمير المؤمنين إن

ص: 464

لهذا البيت أخا وأنشده بديها:

عسلاً بارداً بماء سحاب

إنَّني لا أحبُّ شرب المدام

فأعجب أمير المؤمنين ورده إلى عمله قال فاقتبست أنا هذه الحكاية وقلت في رثاء الشيخ جمال الدين هشام النحوي رحمه الله تعالى:

الخفيف

يا وليًّا رجوته لوَلاه

عند دار الدنا ودار السلام

حبَّذا كوثر الجنان ورضوا

ن أناديه يا مضيف الكرام

إسْقني شربة ألذُّ عليها

واسقِ بالله مثلها ابن هشام

وقال وقد جعله الصاحب أمين الدين أمينا

على متحصل قمامه وأرسل له أضحية

الوافر

أمولانا الوزير تهنَّ عيداً

سعيداً وابْقَ ذا عزٍّ وعزم

ولا زالت هباتك بالضحايا

وبالأشغال قائمة برسمِي

تبلغني قمامة كلّ يوم

وتجعل فيه بيتي بيت لحم

وقال لزومية

السريع

يا سيداً صرَّف عنِّي العنا

بفعله المعرب أو باسمه

شكراً لجودٍ لازم للثنا

كدوم روح المرء مع جسمه

لولاه أصبحتُ فتىً شاعراً

يبكي من الجودِ على رسمِه

وقال يتقاضى قاضي القضاة أبي البقاء بيتا

البسيط

أبا البقاء أطال الله في نعم

لك البقاء وفضلاً ليس نعدمه

يا من له نسبٌ عالي السنا وحمًى

رحبٌ ومدح كوشي الروض نرقمه

ما أحسن البيت من علياك متسقاً

أثني عليه وآويه وأنظمه

وقال لزومية أيضاً

مجزوء الرمل

سادتي كم أتشكى

لحليّ يتغمَّمْ

ص: 465

صرت من وهميَ تيساً

للمراعي يتشمَّمْ

ما له في الشام مرعى

فدعوه يتقمَّمْ

وقال وقد سافر ابن شهاب محمود وقدم ابن مشكور في حلب

الرمل

كم تمسكت بممدوحين في

حلبٍ رفدهما لي ما عُدِم

فبمشكورين محمود مضى

وبمحمودين مشكور قُدم

وقال وقد أهدى شيئا من شعر الفاضل وابن سناء الملك

المتقارب

فضلت السعيد وأستاذه

بنظميهما وبنثريهما

وكانا عتيقي فخارٍ حويت

فكنت الأحقّ بإرثيهما

وقال يرثي جمال الدين بن هشام

الطويل

سقي ابن هشام في الثرى نوء رحمةٍ

تجرّ على مثواه ذيل غمام

سأروي له من سيرة المدح سيرةً

فما زلت أروي سيرة ابن هشام

وقال وقد أهدى أبلوج سكر

المتقارب

أيا سيدي إنني قد عييت

عن أن أشابه أهل الكرم

فأرسلته مثل نهد الشباب

وودّي لو كانَ مثل الهرم

وقال مما ينقش على طشت مطعم

الطويل

تشبهت بالغدران والروض حولها

فأصبحت ملهى الناظر المتوسم

وأنبتّ بالتطعيم أشجار فضة

ومن أحسن الأشجار كلّ مطعّم

وقال ملغزا

المنسرح

مولايَ ما اسمٌ لناحلٍ دنف

وما به لا أذًى ولا سَقم

لسان قومٍ فإن حذفت وإن

صحفت بعض الحروف فهو فم

وقال وأهدى حزاما

الطويل

نشرت لك الأعراب فيما طويته

من الودِّ يا أوفى الأنام ذماما

ص: 466

وأمسكت من ودي لعلياك عروةً

وأهديت للطرف الكريم حزاما

قال فقبله ثم أعرض عني كأن لم يعرفني فقلت:

المتقارب

جفاني الفلان لأنْ ظنني

بتلك الهدية أبغي مراما

فمن أجلها كفّ رجع الكلام

وكانت حزاماً فأضحت لجاما

وقال في ملقب بالقرد

المتقارب

أمولايَ شمس العلى قد ظهر

ت لآل الفلان بمجد صميم

وصفرت تصفير تحبيبهم

فكنت شميسهمُ من قديم

وقال وأهدي إليه مشمش

الطويل

أتاني بأمثال النجوم زواهرا

ندّى من عليّ ما نكرت سجومه

فلله ما أندى بجودٍ سماءه

وأسعد في كلِّ الأمور نجومه

وقال وأهدي له ابلوج سكر

المنسرح

شكراً لإحسانك البهيّ فما

أبدعه في صنائع الكرم

معناه معنى الشباب مقتبلاً

وشكله المستطيل كالهرم

وقال وقد سئل ذلك

الطويل

عجبت من الدنيا التي جل خطبها

وحارت قلوبٌ عندها وفهوم

فيا ليتها إذ لا تدوم تطيب أو

فيا ليتها إذ لا تطيبُ تدوم

وقال وأهدي إليه علم الدين شواء

البسيط

أشبعت أكباد أولادي وأعينهم

من الشوا ولقد كانوا ذوي قرم

حتَّى لقد حسدوا جيران بابكمُ

وقيل بشراكُم يا جيرة العلم

وقال وقد عملوا تقدير مصروف الجامع الأموي

السريع

يا حاكمي الجامع مهلاً فما

نيأس من ألطاف رب رحيم

بحوله نرفع أقداركم

ذلك تقدير العزيز العليم

ص: 467

وقال في سنة الطاعون بدمشق

الرمل

عج من العجب فهذي جلّق

أصبحت منه على حال ذميم

لم تزل بالعجب حتَّى ضربت

نفسها منه بطاعونٍ عظيم

وقال يهنئ برجب

الوافر

تهنّ بشهرك الميمون واعلم

بأنَّ نصيب حالي فيه هم

إذا قال الحلاوة قال عذراً

إليك فإنني شهرٌ أصمّ

ومن مقطعاته قوله

الطويل

أحبتنا لا عين سلوانَ عنكم

بأرض ولكن كلّ وادٍ جهنم

وما في شهور العالم بعدكُم هناً

فذا صفرٌ يدعى وهذا محرّم

فعودوا كما عاد الوزير لظامئٍ

دعا برّه المعهود فانهلّ يسجم

سلونيَ عن جود الوزيرين إنَّ لي

ثناً يبدئ الذكر الجميل ويختمُ

فهذا وزيرٌ عظّمته ممالكٌ

وهذا شهير الفخر قد قيل أعظم

رعيت ربيعيْ مصر والشام في حمى

وزرين كلٌّ في السيادة مسلم

وأذكرني القدر الشريف قمامةً

فقلت ودعني بعد ذا أتقمّم

ــ

السريع

تهنّ بالأعياد يا عيدها

في أفق فضل ومقامٍ كريم

فطراً لمن والاك نحراً لمن

عاداك ذا عدنٌ وهذا جحيم

أهدي لك المدح وأرجو به

من قرب أولاديَ درًّا يتيم

أيتمهم بعدي وإني على

بابك لاهٍ في جنان النعيم

يقول شعري كلما حفه

نداك في أوقات حالي الرميم

يا نجل محيي الدين سبحان من

أحيا بنعماك نباتي الهشيم

لا سمع للاّثم في حبكم

أعوذ بالله السميع العليم

ــ

السريع

قالوا وقد ملكت رقي غلام

عاشق هذا ما عليه ملام

يا غصن يا أهيف يا طفل يا

قاتل هذا الشيخ يا والسلام

ص: 468

يا جنة الخال على خدّه

ما أنت إلا شامة في الشآم

وأنت يا مادح سعد التقى

ما أنتما إلا فريدا الأنام

لشعر هذا فضل أيام ذا

يقول يا بشراي هذا غلام

لولاك سعد الدين لم يمح من

ظلم ذوي الأقلام عنا ظلام

لا زال مثل السرج في نصره

وسعده في فم باغٍ لجام

ــ

الكامل

من لي بها حسناء معرب حسنها

زاهٍ على الأعراب والأعجام

من يافث في حسنها أو فرعها

تلقاك في سام يصول وحام

كسطور شمس الدين طيّ طروسه

تسطو على الأعداء بالإعدام

تجني على الألحاد أو تجني الهدى

ثمراً على قضبٍ من الأقلام

ذو الملك في علمٍ يسرّ وأسرة

منقوشة بفوائد النظّام

قال الرجا سلم على أبوابه

تسلم وعيشك من أذى الأيام

فقضيت فرضاً كالصلاة مسلماً

ودخلت جنات الهنا بسلام

ــ

الوافر

كفى سرَدَ المشيب عليّ لامه

فردّي نبل لحظك يا أمامه

وكفي يا كريمة كيد حسن

فلا كيد العذول ولا كرامه

محى ظلم الهوى رشدي كما قد

محى قاضي الورَى ظلم الظلامه

رفيع التاج أزهر خزرجي

زكيّ الحلم مبرور الشهامه

لئن سجعت بمدح لهاه خلقٌ

لقد لبسوا بها سجع الحمامه

مضى ابن دقيق عيد والعلايا

ولكن جاءنا نجل الإمامه

كحشو الخشكنان له صفات

فما وصفي دقيقاً أو علامه

ــ

الكامل

حيتك غادية الحيا يا دار من

أهوى وحوّامٌ عليك المرزم

ما أنس إذ لحظ الأحبة ساحرٌ

والحب في طلب الوصال معزّم

عيش يضيءُ كما أضاء بتاجه

وجه القضايا فالمظالم تهزم

أنحى بني العلياء في حالاتهم

فالقدر يرفع والأوامر تجزم

يا حاكماً كم في العفاة لماله

كيسٌ يحل وكيس عدل يحزم

للجامع المعمور خمسة أشهر

ما لي وصول في الجرائد يخزم

ص: 469

فنظمتها وأخاف قولك مازحاً

هذي القصيد لزوم ما لا يلزم

ــ

الكامل

بجفونها وبفرعها يا مغرم

وافى بنصرتها السواد الأعظم

حتَّى مَ تشكو كسرةً من جفنها

وإلى متى من فرعها تتظلم

وأجل المديح فذاك أفلح مجتلى

مدحٍ وإن شئت العلوم فأعلم

يا حاكم الحكّام عرسي أزمعت

في النصف أن تشكو وأن تتحكم

قالت أما في نصف شعبانٍ لنا

شيء يذاق على مذاقته الفم

فأجبتها روحي فلا نِصفٌ لكم

إن لم يداركنا ولا ليَ درهم

ــ

الطويل

لمولودكم يا آل يعقوب أنجم

من اليمن لم تحتج لحدس منجّم

يسابقه قبل العقيقة مادحٌ

بجوهرةٍ من كل عقدٍ منظم

فهنئتُم بدراً أنار وإنما

بخفي حنينٍ عاد شانيكم العمي

لعمري لقد ضاءت نجابة طفلكم

فأكرم بكم أكرم لكم ثم أكرم

تبارك من في آل يعقوب باركت

إرادته ما بين آتٍ وأقدم

ففي أولٍ إرثٍ النبوة يوسف

على آخر إرث الوزارة ينتمي

تيممت أجواداً وفاضت بحوركم

فلم يبق عندي رخصة في التيمم

ــ

البسيط

لقد عرفتُ تجنّيها كما عرفت

يدُ الجواد ابن قطب الدين بالكرم

يا من تقلدت من إحسانه منناً

أحيت رجائي كما يرجو ذوو نعم

إن كانَ برّك أضحى ملءَ كلّ يدٍ

فأن شكرك والسؤَّال لا تلم

كذا تكون الكفاة السائدون فلا

منعٌ ولا جانبٌ للحقّ مهتضم

جند العساكر في جند يجهزه

ونعم جند الدّعا حُنْدس الظلم

ــ

الطويل

سقت بجوار الدّمع عني جوارياً

على تركها مني السلام ورومها

أوانس أن ينعم حشانا بقربها

لقد شقيت من بعدها بكلومها

وقد لقيت في الحبِّ ما لقيت عدى

لآلاءِ سيف الملك عاشت لشومها

تشاريف سيف الملك شاقت لناظر

فلله مرئى روضها وغيومها

ص: 470

رأى الناصر السلطان علياك تجتلى

فتحسن في زركاشها ورقومها

فواصل نعماها بملكٍ وواصلت

يداك على العافين فيض سجومها

فكم من عراةٍ جُوّعٍ يا أخا العطا

تحانت على أكبادها وجسومها

ــ

البسيط

يا فاتكاً خدّه لي شامتاً بدمي

في ألف حلّ من الشكوى وفي حرم

خصصّت فيك بسهدي والدموع كما

خصّ ابن جاديك بالتقوى وبالكرم

وبالجميلين من خَلقٍ ومن خُلقٍ

وبالجليلين من حكمٍ ومن حِكم

وبالسعادة في دنيا وآخرةٍ

وبالسّيادة في عُربٍ وفي عجم

ويا أخا الفضل في الدارين يجمعها

حمداً وأجراً ففز في ذا وذا ودُم

يا ظاهر القول والأفعال علَّمه

بالخير من علّم الإنسان بالقلم

جاورتُ مدحك بالمدح أحتوى علماً

فحبّذا أنتم يا جيرَة العلم

ــ

الرمل

بأي حالية إذ وصلت

ذكرها أعطف من مر النسيم

إسمها مع فعلها مع وصفها

ليَ ريحانٌ وروحٌ ونعيم

مثل أقلام علاء الدين إذ

قلدت من نفسها عقداً نظيم

صاحب الأسرار في تدبيره

للعُلى سرّ من الله عظيم

كرمٌ يرجى وبأسٌ يختشى

وثناً يسري وإحسانٌ يقيم

سيدي أذكر أطفالي إذا

قيل في الأغزال ذا درٌّ يتيم

أنا في نعماك لكن مهجتي

مثلهم في حال بعدٍ في جحيم

ــ

الكامل

قلبٌ بمصر وقالبٌ بالشام

مَنْ مبلغ قلبي ومصرَ سلامي

أخفي بكميَّ الدموع تلوّنت

فكأنها الأزهار في الأكمام

شوقاً أجدت عليه نثر مدامعي

وعلى عُلا قاضي القضاة نظامي

قاضي القضاة عليه يعقد خنصر

ويضيء وجه العلم من إبهام

يا وارث الأنصار عودة وفده

نصراً على الأعداء والإعدام

العيد قد حمل الهنا أعلامه

فتهنّ يا علاّمةَ الأعلام

وانحر بصحبته الضحايا والعدى

فالكلّ معدودٌ من الأنعام

ــ

ص: 471

بلغت في الحبِّ سن الطاعن الهرم

وما بلغت بسهدي مبلغ الحلم

لا وصل سعدى ولا الطيف الملم فيا

للقلب من ألمٍ باقٍ على ألم

أصبحت في الحب فرد الانتساب وفي

مدح الوزير فقل في المفرد العلم

أزكى الأكارم في خُبرٍ وفي خبرَ

وأرأس القوم من عرب ومن عجم

يا مذكري بكرام قد فقدتهُم

فكان أكرم وجدان على عدم

يا من يسائل عن مالي ويطلبني

وكلها حيلة منه على الكرم

جد لي بشيءٍ يحاكيني فإنيَ قد

أصبحت لولاكمُ لحماً على وضم

ــ

الوافر

لمصر مفاخر تقديم تاجٍ

على ميّ الإشارة في الكرام

حكاك اسماً ومعنًى وانتساباً

وعلامي أوفى من علامي

وما سمّاك هذا الاسم إلا

وليٌّ عارفٌ سر الأسامي

أبوك سقى الغمام أباك حتَّى

دعيت إذاً علياً في الغمام

لقد ظهرت كرامة ما رآه

إمام عن إمام عن إمام

وهذا أنت للمصرين تاجٌ

فريدُ في فريدٍ من نظام

جعلت السبعة الأبيات ستاً

تنادي كل يومٍ يا غلامي

ــ

المجتث

مشاهد القدس حيى

حماك صوبُ الغمامهْ

حتَّى أراني من مص

ر قد فتحت قمامهْ

قامت قيامة قوم

رأوا لقدري علامهْ

وظيفة قيل ما ذي

فقلت قول السلامهْ

قيامة عند قوم

وعند قوم قيامهْ

ــ

مجزوء الكامل

أفدي حبيباً ليس لي

في حسنه الفتان لائم

متنبهاً وكأنه

لفتور ذاك اللحظ نائم

أشكو ذوائبَ شعره

شكوى السليم إلى الأراقم

سبحان مالئ خدّه

تبراً وصائغ فيه خاتم

ــ

الطويل

نهنيك بل إنا نهني مناصباً

لشمسك يمحو عدلها كلّ مظلم

ص: 472

شكى حزنها قومٌ وفضلك منشدٌ

إذا طلعت شمس النهار فسلّم

وما هي إلا طلعة قرشية

سيشتد من أخبارها كلّ مسلم

وأقسم لولا أنت تردع معشراً

تهون عليهم حالة المتألم

لما نال كفي منهمُ نصف درهم

بلى نال قلبي منهم نصف درهم

ــ

الكامل

يا طرس قبّل راحةً شمسيّةً

تزهو بها وبمدحها الأيام

ذِلتَ الصحابة والصحابة لم تزل

بحراً لها متدفق وغمام

واعلم بأنك قد وصلت لموردٍ

ما بعده للواردين أوام

قد كلّلته شفاهُ لثمٍ دائرٍ

حتَّى كأنّ اللثم فيه لثام

واذكر ضرورة قائلٍ في شعره

قولاً مضى عامٌ عليه وعام

عرج على حرم الجراية منشداً

يا دار ما صنعتْ بكِ الأيام

إن لم تعجل غوث عائلتي بها

فكأنها وكأنهم أحلام

ــ

الكامل

هنئتها خلعاً مجددةً على

علياك بالإجلال والإعظام

بيض تخبر أن عيشاً أبيضاً

منها وأخضر كالربيع النامي

يتمسك الروض النضير بذيلها

متأرّجاً والزّهر بالأكمام

وتقيّ طرحتها عليك فحبّذا

غيث خلال الروض تحت غمام

ــ

الطويل

لنا ملك إن يممته ركابنا

وإن نتيمّم عاجلتنا المكارم

أفاض العطايا في مقيمٍ وراحلٍ

كما هطلت في الجانبين الغمائم

فسارٍ إلى النعماء يدرك ما اشتهى

وآخر يأتي رزقه وهو نائم

ــ

الكامل

يا أيها الملك الذي كلّ الرجا

والرّوع بين يراعه وحسامه

هنئت شهراً مثل طرف ساكت

يسعى به المخدوم نحو مرامه

جمع الثريا والهلال وإنما

وافى إليك بسرجه ولجامه

ــ

الكامل

هنئت بالعيد السعيد ودمت ذا

نعمٍ لها في القاصدين غمائم

لله ما أشهى بك الدنيا وما

أزكى زماناً أنت فيه سالم

ص: 473

ألشام منزلنا وأنت ملاذنا

دارٌ مباركةٌ وعزّ دائم

ــ

المنسرح

شكراً لقاضي القضاة ما طلعت

شمسٌ ومدّت سجوفها ظلَم

يبلغها شاكر الجميل كما

تبلغنا في جنابه النّعم

لفظٌ وفضلٌ كلاهما ذهبٌ

فكل أوقاته لنا كرم

ــ

الطويل

لجأتُ إلى الباب الجماليّ قاصداً

فقابل آمالي من السعد خادم

وفي العلمين الجائزين بخاطري

أوامر للقصد الجميل تلازم

فهذا بديوان الرسائل منتشٍ

وهذا بديوان المدائح ناظم

ــ

المجتث

كم قائلٍ إذ رآني

مفكراً في ملمّه

تسير في أيّ وادٍ

فقلت والغيث يمّه

من المزيريب أسري

أريد وادي فحمه

ــ

مجزوء الكامل

يا سيدي نفحات جو

دك لا يطاق لها اكتتام

لكن دراهم في يد

يّ بدت فقال ليَ الأنام

ما هذه فأجبتهم

صدقات سرٍّ والسلام

ــ

السريع

رأت بناتي حبّ جسمي الذي

من طرزه عندي أذًى مؤلم

فقلتُ ما تطريز هذا الأذى

فقلن هذا الحلط والبلغم

يا ربّ رحماك فمنك الشفا

من كلِّ ما يخفى وما يعلم

ــ

الوافر

إلى مدح ابن فضل الله أفضت

بيَ الأفكار واتّسق النظام

هيَ السحر الحلال له وأما

على حساده فهي الحرام

ــ

الكامل

لله ترخيم بجامع جلّقٍ

متجانس الترصيع والتعظيم

نظّمت يا كهف العفاة عقوده

فغدا المكان به كمثل رقيم

وازداد تحسيناً يخالف قول من

قد قال إن النقص في الترخيم

ــ

ص: 474

الكامل

هنئت بالعيد السعيد وهنئتْ

ببقائك الأعياد والأعوام

عيد يعود حماك ألف مثله

والبيض طوع يديك والأقلام

فانعم به واسق الضحايا والعدى

نحراً فإن جميعهم أنعام

ــ

مجزوء الرمل

سيدي دعوة شاك

من عيالٍ جور حكم

يطلبون الّلحم في العي

د وما يدرون همّي

وأخاف العيد يأتي

وأنا قطعة لحم

ــ

الكامل

يا سيد الوزراء دعوة لائذٍ

حاشاه في أيام جودك يحرَم

طلب الورَى متأخر عن قبضهم

فغدوت أنشد والمدامع تسجم

وقف الأسى بي حيث أنت فليس لي

متأخّر عنه ولا متقدم

ــ

المنسرح

جمال دين الإله أنقذَني

من عثرتي وانتقى ثنا كلمي

يسأل عزّي ويقتضي طلبي

وكل ذا حيلةٌ على الكرم

علَّمه الفضل في مناصبه

من علَّم الكاتبين بالقلم

ــ

المنسرح

شكراً لنجم العلاء كم مننٍ

قلدني عقدها وكم نعم

قلت وقد نوعت يداه على

حالي أنواعها من الكرم

أفدي إماماً حلّت صنائعه

بيتي وجيدي وشدتي وفمي

ــ

السريع

قالت أفي شعباننا ما لنا

نصف يحلينا كما تعلم

قلت لها موسى وزير التقى

يعلم أني رجلٌ معدم

إن لم يغثنا فاعلمي أنه

والله لا نصفٌ ولا درهم

ــ

المنسرح

يا سيداً لا زال ممتحناً

بحادثات الزمان من قدمه

من سلّمٍ قد وقعت وقعة من

زاد مقال الحاكمين في ألمه

رأس ورجل والضلع فهو كما

يقال من قرنه إلى قدمه

ــ

الرمل

لا تقيسوا ابن سناناً في الندَى

ما ابن أيوب قياس منخرم

فرقُ ما بينهما متضحٌ

أين من جود فتى جود هرِم

ــ

ص: 475

المتقارب

أيا صاحب النعم الباهرات

إليك بعثتُ مقالي النظيم

وأهديت منه يتيم العقود

وحاشاك تكسرُ قلب اليتيم

ــ

مجزوء الخفيف

لي صديقٌ يسوءني

ما يقاسي من الألم

كيف يخفى شجونه

وهي نارٌ على عَلم

ــ

الطويل

وأصهار سوءٍ ذو الدراسة بينهم

وذو الفقر مذمومٌ فإياك عنهمُ

فإن كنت تشكو الفقر فهي مصيبةٌ

وإن كنت تدري فالمصيبة أعظمُ

ــ

البسيط

يا رُب ضيفان قوم جلد هامته

جلد على الطارق الطاري من الأدم

إذا رأى الدلوَ فوق الرأس أنشده

ضيفٌ ألمّ برأسي غير محتشم

ــ

المجتث

لقد رحمنا بقومٍ

زهر الوجوه أثمّه

جماعة نسبة يا

لها جماعة رحمه

ــ

المجتث

شكى برحمة شيخ

ضعفاً يحرك وهمهْ

فقلت لا موت فيها

ما ذي حوائج فحمهْ

ــ

أحذ الكامل

الله سخّر لي وعائلتي

من خفّ بي الإكرام والكرما

حتَّى تلوت قبل رؤيتهم

يا ليت قومي يعلمون بما

ــ

السريع

لم أدر في المدّاح أن قد أتى

علاء دين الله نجل كريم

حتَّى رأيت الوفد طافوا به

وبشروه بغلامٍ عليم

ــ

الوافر

وغانية يوافقني إذا ما

صبوتُ لها ذووا العقل السليم

وأعذر أن بكيت على رياضٍ

بكاء البحتريّ على نسيم

ــ

البسيط

للصاحب العلميّ الذكر نور ثناً

أشهى وأشهر من نارٍ على علم

قالت تواقيعه أوقات جلسته

سبحان من علم الإنسان بالقلم

ــ

البسيط

قالت جرايةُ خبزٍ لي سأنقلها

في مصر من حرمٍ وافٍ إلى حرم

ص: 476

هل يعلم اللّحم أني بعد نقلته

ما سرتُ من علمٍ إلا إلى علم

ــ

الكامل

إن متّ من جوع بمصر فحسرة

إن مات أولادي بجوع الشام

قل للوزيرين الرفيع سناهما

لا ترحماني وارحما أيتامي

ــ

البسيط

أعمال برك في حلي امتداحك يا

عليّ سيارةٌ بين الأقاليم

في خنصر العدّ أو جيد الرجاء بها

خير القلائد أو خير الخواتيم

ــ

الطويل

إذا الله كافى منعماً عن مقصرٍ

فكافى شهاب الدين أحسن منعم

فكم طوق سنجابٍ سجعت بمدحه

فيا حسن طوق الساجع المترنم

ــ

الكامل

إن أخرتني عن مديحك فترة

فعلى رجائي فيك أن أتقدّما

أوقات سبقي أن أكون مصلياً

فعليّ أن أقضي صلاتي كلَّما

ــ

السريع

وأغيد ينهب أرواحنا

ووجهه كالروض بسام

تنمّ خدَّاه بقتل الورَى

فخدّه وردٌ ونمَّام

ــ

الوافر

عجبت لحاسدٍ أضناه أمري

وحملني لهذا الأمر همّه

كلانا فائض الأجفان مهما

بكى حنقاً بكيت عليه رحمه

ــ

أحذ الكامل

قلم العذار بوجنتيك جرى

وبسيف لحظك صان كل دم

فاحكم على كلِّ الأنام فقد

أصبحت رب السيف والقلم

ــ

الكامل

يا لحظه الفتّاك رفقاً بامرئٍ

يقضي عليه تيقظ ومنام

فإذا تنبه رعته وإذا غفا

سلت عليه سيوفك الأحكام

ــ

الطويل

تمتعت يا إيري بغانيةٍ لها

أمامٌ وخلفٌ وطيبٌ ملتقاها

حللت بهذا حلة ثم حلة

بهذا فطاب الواديان كلاهما

ــ

الخفيف

قالت البيض حين شبت تغزل

وترحَّل عن ودّنا بسلام

ما رأينا المشيب إلا كبلح

أبيض بارد قليل المقام

ــ

ص: 477

السريع

كسوتني خضراء ما نالها

من منعم غيري ولا سامها

يقبل الروض لديها الثرى

ويلثم الأزهار أكمامها

ــ

مخلع البسيط

يا من بإمداحه اشترينا

أموال كفيّه في الأنام

هانت عليك اللهى فأضحت

تباع في الناس بالكلام

ــ

الوافر

قَفا زيدٍ لقد جرّبت مني

أنامل كالسياط ذوات حوم

كأنك سيف زيد الخيل عندي

أحادثه يصقّل كل يوم

ــ

البسيط

عمري لقد زهت الأمصار حين محى

عليّ عنها دياجي الظلم والظَلم

إذا برى قلماً قالت ممالكها

يا بارئ النسم احرس باريَ القلم

ــ

الخفيف

يا كريماً قد طابق الإسم بالفع

ل وأنسى في الفضل كل قديم

لا تخف نبوة الحوادث فالله

كريمٌ يحب كل كريم

ــ

المجتث

إذا نظرت كتاباً

فاضت دموعي الهوامي

نعم فما الكتب عندي

إلا قبور الكرام

ــ

الطويل

أمولايَ لا زالت مساعيك للعلى

وكفك للجدوى ورأيك للحزم

مضى السلف الأزكى وأبقاك للندى

فلله ما أبقى الوليّ من الوسم

ــ

الكامل

يا سائلي عن رتبة الحليّ في

نظم القريض وراضياً بيَ أحكم

للشعر حلبان وذلك راجح

ولّى الزمان به وهذا قيم

ــ

الخفيف

زادنا في صيامنا الشاهد الميّ

ت حتَّى تغيّظ الإسلام

جرحوه فما تألم جرحاً

ما لجرحٍ بميت إيلام

ــ

مخلع البسيط

لجود قاضي القضاة أشكو

عجزي عن الحلو في صيامي

فالقطر أرجو ولا عجيبٌ

ألقطر يرجى من الغمام

ــ

ص: 478

الطويل

أهان وزير الشام قصديَ عندما

طلبت من الميراث بعضَ الدراهم

وقال اصرفوها لابن آدم كلها

فأيقنت أني عنده غير آدمي

ــ

المتقارب

دعاني صديقٌ لحمَّامه

فأوقعني في العذاب الأليم

كلامٌ يزيد وماء يقلّ

فبئس الصديق وبئس الحميم

ــ

السريع

لي قلمٌ بين دجى خطّه

يبيت ذا رَقْصٍ وذا زحمَه

يقول من يبصر أحواله

هذا هو الراقص في الظلمه

ــ

السريع

لا تنكر المعشوق في خدّه

دم الشهيد الصابر المغرم

فالريح ريح المسك من خده

كما ترى والَّلون لون الدَّم

ــ

الكامل

أفدي الذي عدمت له عينٌ فلم

تسحر وعينٌ سحرها لا يعدم

أصف العيون من الظباء لأجله

ولفرد عينٍ ألفَ عينٍ تكرم

ــ

الطويل

فديناك يا ابن الواسطيّ ممجداً

بأقلامه أو جائداً بمكارمه

فخاتم أهل الجود في بطن كفّه

وياقوت أهل الخط في فصّ خاتمه

ــ

السريع

إن صار سفري كالسعيد الذي

يسمى فمدحي كعبيد الرحيم

ياسين من حول رجائي فقل

سبحان من يحيي العظام الرميم

ــ

الكامل

أهواه معسول الرضاب منعماً

ولقد يعذبني الهوى بمنعّم

يا قلب هذا شعرهُ وجفونه

صبراً على هذا السواد الأعظم

ــ

الكامل

عيدٌ تعود بالهناء سعوده

فتهنّه في غبطة ودوام

وانحر بصحبته الضحايا والعدى

فالكلّ معدود من الأنعام

ــ

البسيط

مولاي هنئتَ فرداً في الشهور كما

في الناس فرداً دعاك العلم والكرم

إصغي إلى مدحٍ لي فيك سائرةٍ

قد أسمعت كلماتي من به صمًم

ــ

ص: 479

الطويل

تنسّك في شهر الصيام معذبي

وفي جفنه سيف على الناس عازم

فيا حرباً من فاتر الطرف فاتكٍ

يفطّر أكباد الورَى وهو صائم

ــ

الكامل

بأبي غزالاً جال في وجناته

ماء النعيم ولونه متعندم

لا غَرْوَ أن أهوى بوجنته إلى

زهر الشقيق فطالما حنّ لدم

ــ

الوافر

بروحي مقلة لك في فؤادي

وفي جسدي لها جرحٌ وسقمُ

توفّر لوعتي وتصيب قلبي

فلي منها على الحالين سهم

ــ

المتقارب

سرَوْ للشآم وغرب الجفون

تفطر منا بنار الهموم

ففي الشرق أحبابنا كالبدور

وفي الغرب أدمعنا كالنجوم

ــ

الطويل

بروحيَ تيّاهٌ يحلّل أدمعي

وكيف يحلّ الماء أكثره دم

بكت مقلتي العبرى وأسياف جفنه

من التيه في أغمادها تتبسم

ــ

الوافر

عذولٌ لست أسمع منه عذلاً

على غيداء مثل البدر تمَّا

له طرفٌ ضريرٌ عن سناها

ولي أذنٌ عن الفحشاء صمَّا

ــ

السريع

آهاً لشملٍ وقد وهى سلكهُ

وكان ذا دُرٍّ بعبد الرحيم

فليتني لاقيتُ منه الردى

وعاش ذاك الدّرّ درًّا يتيم

ــ

السريع

وقالع من جنتي خدّه

نبتاً به العشاق قد هاموا

يقول محتجاً إذا لمتهُ

لا يدخل الجنة نمام

ــ

السريع

محبوبتي دنيا جفت بعد ما

جادت وكانت نزهة الهائم

كانت مع الإير زمان الصّبا

وهكذا الدنيا مع القائم

ــ

الكامل

يا رُب كأس صاغها لي شادنٌ

نعم الصياغة في الزمان المعلم

فأخذتها كالتاج وهو مكلّلٌ

ورددتها مثل السوار بمعصم

ــ

الطويل

خليليَّ إن العام عام مبارك

فلا الفقر نخشاه ولا الفكر حائم

إذا نقط الغيث استدارت وأخصبت

فما هيَ في التحقيق إلا دراهم

ــ

ص: 480

المنسرح

باع صديقي لجام بغلته

ليشتري الخبز منه والأدما

فآهاً عليه راحت وظيفته

فهو على الحالين يأكل اللّجما

ــ

البسيط

لاح الإمام لطلاّب الّلهى علماً

وماس باناً على أدراجه القلم

فقل لمن سار للآمال يقصدها

يا ساريَ القصد هذا البان والعلم

ــ

الطويل

لئن جرحت خدّي فلانة مقلتي

لقد جرحاها بالدموع السواجم

شكى خدّها لحظي ولحظيَ خدّها

ولا ظالمٌ إلا ويبلى بظالم

ــ

البسيط

عش يا محمد في الدارين متصلاً

حمداً وأجراً وفز في ذا وذا ودُم

جاورت مدحك بالمدح احتوى علَماً

فحبذا أنتم يا جيرة العلم

ــ

الكامل

هنئت قاعة أنعمٍ وفضائلٍ

مسعودة بك يا إمام متممه

قد رخمت فسطت بعنق حسودها

يا حبَّذا الصيغتين مرخمه

ــ

السريع

قلت لإحسان وزير التقى

في مطلب الميراث لي مغنم

من بركة القطن لكتانها

فقال هذا طلبٌ ملجم

ــ

البسيط

يا سيدي يا فلان الدين لا برحت

سوائم القصد ترعى تحت ظلكم

كانت أياديكمُ قدماً تواصلنا

والآن أحوج ما كنا لوصلكم

ــ

السريع

قالت وإيري قد تراخى أما

يطبخ في منزلنا لحم

فقلت والمقصود قد بان لي

كفي ولا لحمٌ ولا عظم

ــ

المنسرح

شكراً لإيري الذي يبلغني

ما أتمنى من ساعة الحلم

قام دجى الليل طالباً غرضي

ونمت عن حاجتي ولم ينم

ــ

الخفيف

يا إمام التقى كذا كلّ عيدٍ

تتلقى هناً وتمنح نعمى

ونرى مجدك الحليّ وجدوَا

ك فتملا العيون شحماً ولحما

ــ

الخفيف

مذ أضامتني الليالي جفاني

كرم الإفتخار والإكرام

فتذكرت قول أحمد قدماً

لا افتخاراً إلا لمن يضام

ــ

ص: 481

السريع

قد سرّت الأمة والدين إذ

قالوا أتى السلطان نجلٌ كريم

فبشِّروها بمليك رضاً

وبشِّروه بغلام حليم

ــ

الطويل

تؤَخرني سادات دهري وقد دَرَوا

صفاتي وأنسابي التي هي أكرم

كأنهمُ قد خالفوا قول أحمدٍ

فما عندهم إلا النسيب المقدم

ــ

الكامل

يا سيدي أهلتني وأمرتني

بلزوم بابك في كتابٍ أرقم

فلزمت مع نسب الوَلاء فلا تقل

هذا كتاب لزوم ما لا يلزم

ــ

البسيط

قد أسرج الشيب في فودي وألجمني

عما أعانيه من نقضٍ وإبرام

فما التغافل عن شأن الرحيل إلى

دار البلى بعد إسراج وإلجام

ــ

الطويل

بروحيَ من في وجنتيه إذا بدا

محاسن تشقي ناظري وتنعم

يحدث بالجفن الذي يجرح الحشا

فأجفانه في الحالتين تكلم

ــ

المديد

يا سقيم الجفن أسقمني

وحلا في حبه ألمي

إن حكت عيناك لي جسداً

فلقد حاكت على السقم

ــ

المنسرح

يا مالكاً لا يخيب زائره

دعوة ضيف منقّح النظم

يبكي على رسمه ولا عجبٌ

لشاعرٍ إن بكى على رسم

ــ

الطويل

ولم أنس في رسم الأحبة موقفاً

أضفت به للجسم سقماً إلى سقم

وقد رفعت عينايَ قصة دمعها

فوقّع فيها الوجد يجري على الرسم

ــ

السريع

سكندريٌّ قلت لما بدا

في صحبه كالبدر في الأنجم

يا مانع الثغر وحقّ الهوى

إني لمشتاقٌ إلى اللّثم

ــ

الطويل

ظفرت على رغم الرَّقيب بطيفها

وقد طردت خلف الثريا النعائم

فيا لرقيبٍ ليس يرزق نظرة

وآخر يأتي رزقه وهو نائم

ــ

الطويل

وقفت على سفح الثنية باكياً

فكلّ مكانٍ بالثنية عند مُ

وأودعت قلبي في ثراها مقبلاً

كأني لهاتيك الودائع أختم

ص: 482