المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌حرف الياء وقال مؤيدية مجزوء الرمل لا وخمر بابليَّه … في ثنايا لؤلؤيَّه لا - ديوان ابن نباتة المصري

[ابن نباتة]

الفصل: ‌ ‌حرف الياء وقال مؤيدية مجزوء الرمل لا وخمر بابليَّه … في ثنايا لؤلؤيَّه لا

‌حرف الياء

وقال مؤيدية

مجزوء الرمل

لا وخمر بابليَّه

في ثنايا لؤلؤيَّه

لا رقى سفح دموعي

في هوى تلك الثنيَّه

ربع سلواني خراب

وشجوني عامريَّه

حرَبي من ذات حسن

باسمٍ تبكي البريَّه

غادة يروي لماها

عن صحاحٍ جوهريَّه

من بيوت الترك ترمي

عن قسيٍّ عربيَّه

رحلَّتني عن سلوي

بلغاتٍ فارسيَّه

لستُ أرضى يا عذولي

في هواها بالتقيَّه

ولقد أبذل روحي

في معانيها السنيَّه

لم أخف في عبلة السا

ق وفاها العنبريَّه

لا ولا أخشى من الدن

يا عواديها الجريَّه

حجبتني يد إسما

عيل عن كلِّ بليَّه

ملك أغنى عن السح

بِ بجدواه المليَّه

حاتميِّ الكف يثني

من أذى الدهر عديَّه

معرق الآباء باهي الش

خص وضَّاح السجيَّه

قد رعى الله ببقيا

ملكه هذي الرعيَّه

حبَّذا بحر بكفَّي

هِ الأماني والمنيه

ذو حسامٍ يكشف الخط

ب برؤياه المضيَّه

ص: 561

عادل يقسم في نا

زلة قسم السويَّه

شرَّف الأسياف حتَّى

سمِّيت بالمشرفيَّه

ويراع ناحل الجس

م له نفس قويَّه

ساهر في ظلم الخ

ير لتأمين البريَّه

جامع في الجودِ والع

لم صفات كوكبيَّه

هكذا تبنى المعالي

بمزايا هندسيَّه

يا مليكاً خصَّه الل

هـ بأوصافٍ سنيَّه

لك عندِي صدقات

وإفادات خفيَّه

تقتضي المدح وإن كا

نت عن المدحِ غنيَّه

فابْق مخدوم السجايا

بتحايا عنبريَّه

واصل الملك بأسبا

بِ السعود الأبديَّه

وقال ولم ينشد

المتقارب

أوجهك أم جنَّة عاليَة

قطوف لرائيها دانيه

ومبسمك العذب أم بارقٌ

تحثُّ سحائب أجفانيه

بروحيَ مالكة للحشا

دموعيَ من حلقِها جاريه

ووالية قد كدِّرت بالجفا

حياتي فيا ليتها القاضيه

معذّبة القلب في حبِّها

لتهنك عيشتك الراضيه

لأرخص دمعي غداة السرا

تأرِّج أنفاسك العاليه

فلله رائحة من شذاكَ

حياتيَ من أجلِها غاديه

غنَّيت بحسنك عن واصفٍ

وما كلُّ غانيه غانيه

ووافقني في طريق الردى

حسام لواحظك العاديه

وشقّ السهاد سما مقلتي

فيومئذ أضلعي واهيه

وزادت جنوني ذات الدلال

وليسَ المدامع بالرَّاقيه

ورُبَّ عذول على حبِّها

عصيت ملامته الناهيه

ص: 562

فقالَ وأحنقَ في غيظِهِ

أقوم فقلت إلى الهاويه

أطيع وقد قالَ لي باطلاً

وأين سلويَ والواشيه

فقدتك ناصية للوشاة

فاًنَّك كاذبة خاطيه

أرى الحبّ يا صاحبي خلَّة

تدلُّ على رقِّة الحاليه

فدع قلبي الصبّ يغشى الردى

وتقتله الفئة الباغيه

ذكرتُ الشباب وأقمارهُ

جوانح للمَّة الدَّاجيه

وروضاً كأنَّ سقاه المدام

تبتري سواقيه الجاريه

تولَّى الزمانُ بهذا وذا

فلم يبقَ ساقٍ ولا ساقيه

وطوَّح بي الدهرُ في غربةٍ

صُليت بنيرانِها الخاميه

كأنيَ خارج خط استواء

فما ليَ في ظلِّها زاويه

طروسيَ ناشرة فضلها

وبالجوعِ لي مهجة طاويه

أضيع وقد ضاعَ من منطقي

شذا ما بدا قبل في الباديه

عسى كرم الأفضل المرتجى

يوقع في قصَّتي الشاكيه

مليك له سورٌ في الثنا

تظلُّ السراة لها جافيه

وبأس تبيت عيون الجرا

ح لهيبته في الوغى داميه

وإيضاح رأي بنحوِ العلى

قضاياه شافية كافيه

وعفو يقول لساري الذنو

ب إلى جبلِ الحلم يا ساريه

ولفظ يقرِّط أسماعنا

بما لا رأت مثله ماريه

وجود ينقص جود الحيا

موازين أنعمه الوافيه

فخذْ من قواعد أكياسه

ودعْ لندى حاتم الماشيه

له الله من سائر المكرما

ت وأطواد سؤدده راسيه

متيَّمة بالعلى نفسهُ

وعين السهى تحتها ساهيه

وحاكمة بين حسَّاده

وقصَّادِه يدهُ الساميه

فهاتيك خائفة بأسها

وهذي لأنعمها راجيه

تظلّ على العسر أقلامه

فتأخذه أخذة رابيه

سمعنا محاسن قوم ولا

كمثل محاسنه البادِيه

ص: 563

من القومِ تمحى نجوم السما

وآثار سؤددهم باقيه

رياض محامدهم غضَّة

والسحب عوارفهم هاميه

أأزكى الورَى أسرة برّه

وأسعدهم همَّة عاليه

إليك بعثتُ وفود الرجا

ووجَّهت همَّتيَ القاصيه

وأمَّلت برّك دون الورَى

زمان يديْ عنهمُ نائيه

دعاني سواك لعين النوال

فقلت على عينك الرَّاقيه

وكانَ المؤيد ثمَّ انْقضى

فأيَّدَ مطالبي العانيه

وخذها عقلة مدح على

بني الشعر رتبتها عاليه

بحقِّ الركوب لمن قالها

على عنق الضِّدِّ بالغاشيه

يتيمة فكر امرئٍ يرتجي

كفالة أيامه الماضيه

وقال في محيي الدين بن فضل الله

البسيط

بدا وقامته تختال بالتِّيه

فأيُّ شمس على رمحٍ تحاكيه

وقمتُ أذكره بالظبيِ ملتفتاً

فقالَ لي طرفهُ من غير تشبيه

أغنّ يبعد مشتاقاً ويرشقهُ

باللَّحظِ فهو على الحالين يرميه

ما للذي فتنت قلبي محاسنهُ

أضحى يعذِّب روحي وهي تفديه

وما لعاذل قلبي في محبَّته

تعبان يدخل فيما ليسَ يعنيه

ألفاظه الريح لكن في الحشا لهب

وربَّما كانَ مرّ الريح يُذكيه

والقلب قد أشكر الله الحبيب بهِ

فما الملام على حالي بمخليه

لا يختشي بيت قلبي غزوَ لائمه

فإنَّ للبيتِ ربًّا سوف يحميه

يا ثاني العطف من تيهٍ ومن غضبٍ

حتَّى كأنيَ قلت الغصن ثانيه

خفض قلاك وعلَّلني بوعدِ لقا

وخلّ عمري يقضي في تقاضيه

وابعث خيالاً تراني منه في جدلٍ

فالروح تثبته والجسم ينفيه

هيهات طال سهادي في هواك فلا

طيف أراه ولا سقم أواريه

أحيي اللياليَ تِسهاداً فيا لفتىً

يميته الليل حزناً وهوَ يحييه

لو كانَ للَّيلِ سلطان كما زعموا

لكانَ ينصف جفني من تشكِّيه

ص: 564

سقياً لوصلك والأيام عاطفة

تردُّ دمع المعنَّى من مآقيه

وصل تكنَّف روحي بعد ما جهدت

كمل تكنَّف دين الله محيِّيه

حامي حمى الملك بالأقلام مشرعة

على المنى والمنايا حول واديه

لو ألقيت كعصا موسى على حجرٍ

نفجَّر الماء من أقصى نواحيه

جاءت بيحيى معاليه مبشراً

فصدَّقت يده بشرى معاليه

يدٌ بأصلِ نداها فرع كلّ ندى

كالبحر ناقلة عنهُ سواقيه

سارت وراءَ خباها السحب وادعة

لا تأخذ الماء إلا من مجاريه

يا محسن الظنّ هذا نحو أنعمه

بمفرد الفضل قد نادى مناديه

يمَّم مغانيَهُ بالقصدِ محتكماً

إنَّ الغنى اشْتقَّ فينا من مغانيه

ذاك الذي يستمدُّ النيل أنعمه

فما الأصابع إلا من أياديه

حوت كنانة سهماً من براعته

لا تعرف اليمن إلا حينَ تحويه

بكفٍّ زاكي السجايا إن برى قلماً

يكاد ينطقُ تمجيداً لباريه

ذو السؤدد المحض لا طود يجاذبه

ثوب الوقار ولا نجم يساميه

ماضي شبا العزم كم حالٍ به علقت

تعلُّق الحال من فعلٍ بماضيه

في بيت فضلٍ على الجوزاء مرتفع

تعنو القصائد عن أدنى مبانيه

لم ندرِ ما فيه من وصفٍ فنحصره

وصاحب البيت أدرَى بالذي فيه

بيت ليحيى من الفاروق متَّصل

بخٍ لماضيه من بيتٍ وباقيه

قلْ للذي نهضت للمجدِ همَّتهُ

ضاهى السماك ويحيى لا يضاهيه

إنَّ السيادة قد نضَّت سوالفها

لواحد العصر يصبيها وتصبيه

مقسم الدين والدنيا على شيمٍ

قد أتْعبت في المعالي من يجاريه

أيامهُ للعلى والمجد قائمة

وللعفاف وللتقوى لياليه

ما زالَ يعمل آراء وأدعية

حتَّى اسْتوى الملك في أعلى صياصيه

واسْتوثق العدل في الدنيا فليسَ بها

جانٍ سوى راتع في الروضِ يجنيه

يا من له الفضل باديه وحاضرهُ

ومن لهُ القصد دانيه وقاصيه

دين الرجا قد تناهت لي مطالبهُ

على الزمانِ ولكن أنتَ قاضيه

أدعوك دعوة شاكي الحال معتقد

أن ليسَ غيركَ بعد الله يشكيه

ص: 565

إن لم تراع برأيٍ منك مقصده

يا ابن السراة فقل لي من تراعيه

في نظرةٍ منك تأميلي ومفترجي

ولفظة منك تنويلي وتنويهي

أقول والدمع قد سارتْ ركائبهُ

إلى حماكَ وقد طافتْ أمانيه

هذا نباتيُّ لفظٍ يشتكي عطشاً

لعلَّ أفقك بالأنواء يسقيه

نعم وهذا مقالٌ داثرٌ فعسى

يا من له قلم الإنشاء تنشيه

وقال علائية في ابن فضل الله

الطويل

تبسّم عن حلو الرضاب شهيّه

روينا صحيح الحسن عن جوهريّه

وأقبل وضّاح السنا متبسماً

فأفصح عن قمريه قمريه

وغنَّى وقد مالت به نشوة الصبا

نديمي ماس الغصن في سندسيّه

فلم أر أحلى منه غصناً ترنمت

على ورق الديباج وُرق حليّه

وبدراً له في العرب والترك نسبة

دعتني إلى داني الهوى وقصيّه

يهزّ عليّ الرمح من علويةٍ

قواماً ويرمي السهم من فحقيه

ويسكر عقلي خدّه بمدامةٍ

سقاها لغيثي من إنا عسجديه

فيا لك من دينار خدٍّ قد انتمى

يحاكيه من حسنى إلى يوسفيه

تطلبت بالإخلاص في الحب عدنه

وتبَّت يد العذَّال في لهبيّه

وإني لتصفو لي المدامة باسمه

ولائم سمعي فيه مثل صفيّه

وصبرني الواشي فيا لمصبر

قتيل بمسنون اللحاظ مشيه

وكيف يلذّ الصبر عن ثغر باسمٍ

جرى الريق بالذكرى على سكريّه

نأى ولمن لم يألف العشق غادر

فما عذر عذريّ الغرام وفيّه

وإن فاتني ماء الحياة بثغره

فكم نصبٍ لاقيت من دون ريه

ورُبّ مدام بيننا قد أدارها

بنان مداميّ اللماء عليّه

غزاني بخديه بياض وحمرة

فويلاه من قيسيه يمنيّه

وآهاً على سرّ الصبا بظلامه

فلا كانَ شيب فاضح بنقيه

ولا قيدت عن مصر قافية الحيا

ولا عطّلت أبياتها من رويه

هويت من الآثار آثار عمرها

ومن بيت فضل الله عليّه

ص: 566

وزير ملوك شدَّ بالرأي إزرهمُ

وحاتم دهر كفَّ بأس عديه

وصاحب تدبيرين عن فاضليّه

تحدَّثت العليا وعن أفضليه

بكف روت أقلامه عن تميرها

وزند روت آراؤه عن وريه

وذو النسب المرفوع عن محبوبه

إلى عمريّ المنتمى عدويه

وذو القلم الخطيّ إما بدرجه

وإما بما يختال من سمهريه

يراع بتأثير الحروف حمى الحمى

فكان ابتداء النصر من إلفيّه

سطا في الوغى حدًّا وأينع في الندَى

فلله جاني فرعه وجنيه

وصاغ بديعاً حفَّه بمكارمٍ

فلم تخل في الحالين من ذهبيّه

براحة من أولى الورَى كل راحة

بما سار من سرّ العطا وجليه

ويمنى لها في الحظ والجود والتقى

ملأت صفات لم تحد عن وليه

إذا استخدمت مداحها استخدموا لها

بديع الثنا من محضه عربيّه

ترقى ابن فضل الله في الفضل غاية

قضت ذلَّ شانيه وعزّ صفيه

فيا فوز قوم آمنوا تحت رقه

ويا ويح من لا آمنوا برقيه

هو البحر في تيَّاره وحيائه

أو السيل في إروائه وأتيه

إذا قيل من أسمى جلالاً ونسبة

حلفنا لوصفيه على عمريه

إذا سار سار النصر تلو يراعه

وإن حلّ حلّ الفضل صدر دنيه

إذا حفّ في نادي السعود بقومه

فما البدر في بيت السما بكفيّه

علوتم به يا آل يحيى بشامخ

إلى أن نظرتم للسها من عليّه

فإن شئتمُ ورد الغمام بأفقكم

أطلتم خيال المستقي لركيّه

أخا العلم والعلياءِ علّمت منطقي

غرائب من ساري الكلام سريه

بإنشائك المهدي إلى العقل نشوة

وإن كانَ من طهر المقال زكيّه

وشعر بكرنا قبله متنبئاً

وكدنا نقول الآن شعر نبيّه

بمعجز نظم الدرّ غير منقَّب

وإخراج ما أعيى الورَى من جنيّه

نشرت قريضي بعد ما قد طويته

وأغديته بعد امتناع طويّه

وقد كانَ عافي البيت أنشد رسمه

هو الربع جارته دموع وليّه

إلى أن أعاد العطف لي منك عاتياً

بشعريَ طلَاّعاً على معنويّه

ص: 567

يفوح على رغم العدى عنبريه

ويخبر آرائ الرضا عن بريّه

أتى لك ما محض العلى وسميها

فخذ من حداقيّ الثنا عيشميه

وعش يا ابن يحيى ذا حياة سعيدة

وعيشٍ هنيّ المستطاب مريه

تقابلك الأعوام ذا في قدومه

بسعد وذا بالحمد عنه مضيّه

كأن هلال العام زورق قادم

عليك بمملوك الثناء مليّه

فهنئته ألفاً وألفاً ومثلها

إلى أن يتيه العقل في عدديّه

لكل امرئٍ والاك حظُّ سعيده

وكلُّ امرئٍ عاداك حظُّ شقيه

وقال ولم ينشد

الخفيف

جاءت العاذلات شيئاً فريا

وظمئنا إلى لقاكَ فريّا

يا قريباً من المحبِّ بعيداً

وعذاباً إلى المحبِّ شهيّا

وغزالاً لناظريه فتورٌ

تركا القلب كالزناد وريّا

غلب الصبر في هوى ناظريه

وضعيفان يغلبان قويّا

وعلى وجنتيه نارٌ أراني

إن تسلَّيتُ عن هواها شقيّا

يا خليليّ عندها خلِّياني

أنا أولى بوجنتيه صليّا

أنا أدري بأنَّ لي من سناها

في الجبينِ طالعاً قمريّا

لا أدري حينَ حلَّ عقرب صدغ

سفر القلب في هواها رديّا

بأبي غصن معطفيه على القر

بِ وفي البعدِ جانياً وجنيّا

ويتيم من لؤلؤِ الثغر حلوٌ

راح في مثله الرشيد غويّا

ذو ابْتسامٍ بالسهدِ أرمدَ عيني

مع أنِّي اكْتحلتهُ لؤلؤيّا

تارةً في بضائعِ الحسنِ يأتي

جوهريًّا وتارةً سكَّريّا

فتنة الحسن فوقَ خدَّيه لا تب

رح قيسيّ رأيه يمنيّا

أنظم الشعر وهو يبسم عجباً

ولهذا أتى به جوهريّا

عامريًّا من التغزُّل فيه

ومن المدحِ بعده قرشيّا

حبَّذا من قريش في الشامِ فرع

أبطحيّ أكرم به بهنسيّا

ص: 568

شمس عليا عمَّت منافعها الخ

لق قريباً من الورَى وقصيّا

وكريمُ زاكي الأصول هززنا

منه للمكرماتِ فرعاً زكيّا

فإذا ما دعى رسول رجاء

فضل أبوابه دعى خزرجيّا

وإذا ما سقى نداهُ نباتي

طابَ مدحي في الحالتين رويّا

كم سبرنا لهُ تقىً ونوالاً

فوجدنا في الحالتينِ وليّا

كم ثناءً والى لعلياه مدحاً

حسناً في الورَى وقدراً عليّا

ومعانٍ يحيى لها فلقد أو

تي حكم الفخار فيها صبيّا

تالياً في العلى وزيراً شهدنا

هـ لآمالنا وفيًّا حفيّا

قالَ إحسانهُ تهنُّوا نوالاً

وزكاة منه وكانَ تقيّا

حبَّذا تلو ذاك شمساً تلونا

مدح أيامه جليلاً جليّا

خطبته مناصب الدِّين والدن

يا كما قد نرى فكانَ الكفيّا

عن تفاريق يمنه فاسأل الجا

مع تسئل لسان صدق عليّا

يا له في الورَى فتىً قرشيًّا

عمَّ بالخيرِ جامعاً أمويّا

ورئيساً نجا ذوو القصد لما

قرَّبت منها الملوك نجيّا

ورأوا عزمه لدينٍ ودنيا

شافياً كافياً غنيًّا مليّا

سائرات أقلامه يوم حفظ

وعطاءً على الصراطِ سويّا

فترى الحقّ كالصباح رواءً

وترى الخير كالغمام رويّا

وترى اليراع يجري بجودٍ

وبيان جواده العربيّا

صانَ وجهي عن الورَى بأيادٍ

وأيادٍ غيَّرن حالي الزريّا

فأنا اليوم والزمان بخير

ها كأن السعيد كانَ شقيّا

جنَّة من دمشق نرتعُ فيها

ولنا الرزق بكرةً وعشيّا

يا كريماً يخفي أياديهِ لو كا

نَ شذا المسك والصباح خفيّا

أصلح الباطن افْتقادك والظا

هر إذ كنت جائعاً وعريّا

فابْقَ ما شئت كيف شئت مرجى

مستفاض النعمى سنيًّا سريّا

يلتقيكَ الثنا ويزداد طيباً

مثلما يلتقي الرياض الوليّا

ص: 569

وقال ولم ينشد

نبه الملك عزمك العمريا لمهماته ونام هنيا

ودعا وجهك السعيد فما كا

نَ حمى مصر بالدعاء شقيّا

أنتَ بين السادات كالذهب الخا

لص لا غَرْوَ أن يرى مصريّا

أنتَ أولى مدير ومشير

قرَّبته الملوك منها نجيّا

أنتَ ترعى الأمور والله يرعا

كَ فلا زلت راعياً مرعيّا

حبَّذا منكَ للسيادةِ كفؤٌ

وافر الفضل والثناء وفيّا

عرف الملك منه أصلاً عريقاً

بين أوطانه وفرعاً عليّا

وحوى من علاه كوكب رأيٍ

طالع السعد بكرةً وعشيّا

ناظراً ساهراً على الملك يدري

كيف يهدي له المرام الخفيّا

إن أردنا التقى لديه أو الجو

د وجدنا في الحالتينِ وليّا

باهر المطلعين رأياً ومرأًى

حبَّذا الفضل لامعاً ألمعيّا

حاملاً في مواطنِ السلم والحر

ب يراعاً يردِي الزمان الردِيّا

قلماً جائلاً إذا خطَّ حرفاً

حمدَ الناسُ رمحه الخطّيّا

يانع الغصن كلَّما هزَّه أس

قطَ مال البلاد منه جنيّا

يا رئيساً دعا الزمان لهُ الوف

د وقال الرجاء حثُّوا المطيّا

دامَ للقاصدين شخصكَ غوثاً

وغماماً للواردين رويّا

قالَ إحسانهُ تهنُّوا نوالاً

وزكاةً منه وكانَ تقيّا

وقال يرثي الملك المؤيد رحمه الله تعالى

البسيط

ما للندى لا يلبِّي صوت داعيه

أظنَّ أنَّ ابن شاد قامَ ناعيه

ما للرجاءِ قد اشْتدَّت مذاهبه

ما للزمانِ قد اسْودَّت نواحيه

ما لي أرى الملك قد فضَّت مواقفه

ما لي أرى الوفد قد فاضت مآقيه

نعى المؤيدُ ناعيه فيا أسفي

للغيثِ كيف غدت عنَّا غواديه

واروعتا لصباحٍ عند رؤيته

أظنُّ أنَّ صباح الحشر ثانيه

ص: 570

واحسرتاه لنظمِي في مدائحه

كيفَ اسْتحالَ لنظمي في مراثيه

أبكيه بالدُّرِّ من جفني ومن كلمي

والبحر أحسن ما بالدُّرِّ أبكيه

أروي بدمعِي ثرى ملك له شيمٌ

قد كانَ يذكرها الصَّادِي فترويه

أذيل ماء جفوني بعدهُ أسفاً

لماء وجهي الذي قد كانَ يحميه

جادٍ من الدمعِ لا ينفكُّ يطلقهُ

من كانَ يطلقُ بالإنعامِ جاديه

ومهجة كلَّما فاهت بلوعتها

قالت رزيَّة مولاها لها إيه

ليتَ المؤيد لا زالت عوارفه

فزاد قلب المعنَّى في تلظِّيه

ليت الحمام حبا الأيام موهبةً

فكانَ يفني بني الدنيا ويبقيه

ليتَ الأصاغر تفدى الأكبرون بها

فكانت الشهب في الآفاقِ تفديه

أعزز عليَّ بأن ألقى عوارفه

ملءَ الزمان وإنِّي لا ألاقيه

أعزز عليَّ بأن تبلى شمائله

تحتَ التراب وما تبلى أياديه

أعزز عليَّ بأن ترعى النجوم على

سرحٍ من الملك قد خلَاّهُ راعيه

هلاّ بغيرِ عماد الدِّين حادثة

ألقت رداه وأوهت من مبانيه

هلاّ ثنى الدهر غرباً عن محاسنِهِ

فكان كوكب سعدٍ في لياليه

ترى درى الدهر مقدار الذي فقدت

من فيضِ أدمعه أحوال أهليه

ترى درى الدهر ما معزى سماحته

فجاءَ مهجته في زيِّ عافيه

لا أعتب الزمن المودي بسيِّدهِ

يكفيه ما قد تولَّى عنه يكفيه

لهفي وهل نافعي لهفي على ملكٍ

بات الغمامُ على الآفاقِ يبكيه

لهفي وهل نافعي لهفي على ملكٍ

كسى الزمان حداداً من دياجيه

لهفي على الملك قد أهوت سناجقه

إلى التراب وقد حُطَّت غواشيه

لهفي على الخيلِ قد وفَّت صواهلها

حقّ العزا فهو يشجيها وتشجيه

لهفي على ذلك السلطان حينَ قضى

من الحمام عليهِ حكمُ قاضيه

لهفي عليهِ لممتار ومطَّلب

بالمالِ يقريه أو بالعلم يقريه

لهفي عليهِ لجودٍ كانَ يعجبه

فيه الملام كأنَّ اللَّوم يغريه

لهفي عليهِ ابن عليّ من ذخائرِهِ

إلا ثناً أضحتْ الدنيا تواليه

لهفي عليهِ لحلمٍ كانَ يبسطهُ

على العفاةِ ومدحٍ كانَ يجنيه

ص: 571

كانَ المديح له عرساً بدولتِهِ

فأحسن الله للشعرِ العزا فيه

كانَ الفقير إذا أمرَ الزمان بغى

عليه قامَ إلى السلطانِ يُنهيه

كانَ المؤيد في يومي ندى وردَى

غيثاً لراجيه أو غوثاً للاجيه

تروى صحاح القضايا عن براعتِهِ

والنصر في الحربِ يروي عن عواليه

من للعلومِ وللأعلامِ ينشرها

وللوغَى ورداء الخوف يطويه

من للكسيرِ من الأهوالِ يجبرهُ

وللطريدِ من الأيامِ يأويه

من للتصانيفِ أمثال الكواكب في

ليلِ المداد لساري الفكر يهديه

مضَى وقد كانَ عضباً للزمانِ فيا

لهفي على مغمدٍ في التربِ ماضيه

لو أمكنَ الصبر عنهُ ما أنستُ به

فكيفَ والحزنُ من أحشاي ينعيه

آهاً لأحمر دمعٍ بعد أشهبه

أجراهُ حتَّى لقد أفناه مجريه

أفنى المؤيد تبر الدمع من بصرِي

وتلكَ عادته في التبرِ يفنيه

كيفَ السلوُّ وحولِي من صنائعه

ما يمنع الصخر من أدنى تسلّيه

هذي حماة أغصَّ الهمُّ وادِيها

وطاوعَ الحزن فيه دمع عاصيه

كأنَّه اسْتشعر الأحزان من قدمٍ

فللنواعيرِ نوح في نواحيه

هذي المنازل والدنيا معطلة

كأنها اللفظ خالٍ من معانيه

جادَ الحيا قبرهُ الزاكي فلا برحت

سحائب العفو والرضوان تسقيه

نعم السحائب تسقي صوب وابلها

نعم الضريح ونعم المرء ثاويه

مهنَّأ بجنانِ الخلد دانيه

ونحنُ نصلى بنارٍ من تنائيه

من كانَ يتعب في المعروف راحته

فهو المنى بترحيبٍ وترفيه

يا آل أيوب صبراً إنَّ إرثكمو

من اسم أيوب صبر كانَ ينجيه

هي المنايا على الأقوامِ دائرة

كلٌّ سيأتيه منها دورُ ساقيه

هيَ المقادير هذا الأصل تنزعه

بعد النموِّ وهذا الفرع تنميه

كأنني بسليلِ المكرمات وقد

سعى بحقِّ تراث الملك ساعيه

محمد وهو اسمٌ عنه مشتهر

ولى به بيت إسماعيل ينشيه

يا ناصر الدِّين أنتَ الملك قد قرأت

علائم الملك فيه عين رائيه

ومن أبيكَ تعلَّمت الثباتَ فما

تحتاج تذكُّر أمراً أنتَ تدريه

ص: 572

لا تخشَ بيتكَ أن يلوِي الزمان بهِ

فإنَّ للبيتِ ربًّا سوفَ يحميه

وقال في السبعة السيارة

البسيط

لو أنَّ شكوى الأسى يا عزّ يغنيه

لكانَ بثّ لسان الدمع يكفيه

فيا له دمع عين كلّ غاديه

لا تأخذ الماء إلَاّ من مجارِيه

كأنَّ جود علاء الدِّين صارَ لهُ

رواية فهو يرويها وترويه

ذو اللفظ والفضل لو قالَ البحار طمت

قالت فواضله من غير تشبيه

يا من أطارح منك البيت أسكنهُ

آوي إليه كما أرضى وأنشيه

ما أحسن البيت من نعماك أسكنهُ

بكلِّ بيتٍ من الأمداح يعنيه

مثلي ومثلك يدرِي فضل ذاك وذا

وصاحب البيت أدرَى بالذي فيه

وقال يعزي بطفلة

الوافر

إمام المسلمين تعزّ عمَّن

فقدت وعش تفدى بالبرايا

ودم لمدائح وصفا أجور

لك المرباع منها والصفايا

فقيدتكَ التي صغرت كبير

قضاء عزائها بينَ القضايا

فيا لك طفلةٌ من بيتِ علم

عليها قد تطفَّلت المنايا

ويا لك زهرة من دوحِ قومٍ

سرت بجدودها مسرى البجايا

يقد وضعَ الأسى دمعاً عليها

وقد طلعت شجون من ثنايا

ولم أعرف لها اسماً ولكن

أقول الآن فاطمة الرزايا

وقال لزومية

السريع

أعربت يا مقلتي الغافيه

عن زورةٍ كافيه شافيه

طيف كرى ما زال إلا غدت

ما الشرط للأحزان ما النافيه

كما نفت وافر خوف الورَى

عافية من سيِّدي وافيه

قاضي قضاة الدِّين ما شهبه

خائفة القطع ولا خافيه

ذو العلم والجدوى التي شردت

محلاً وجهلاً عينها الصافيه

ماذا جرى للخلقِ خوفاً على

مهجته من أدمعٍ طافيه

فالآن أحزان الورَى قد عفت

فالحمد لله على العافيه

ص: 573

وقال تاجية

الخفيف

لستُ أنسَى ابْتسامها اللؤلؤيا

ملبساً خدِّي الدموع حليا

وخدوداً حمريَّة اللون أشكو

من جفاها وناظراً مستحيا

لشذور الأغزال مع مدح تاج الد

ين أصبحت صائغاً جوهريَّا

إنَّ عبد الوهاب قاضي قضاة الدي

ين أوفى الورَى ندى أو نديَّا

هبة للعلى من الله ما زا

لَ لدى النسك والعطاء وليَّا

يا إماماً تهوي الغمائم من خل

ف عطاياه سجَّداً وبكيَّا

ما فقدنا أما خلَفتَ جنايا

كانَ للمعتفي وكانَ تقيَّا

وقال ملغزا

الخفيف

يا إماماً له مقام سنيّ

وثناء في الخافقين وفيّ

ما اسم شيء فيه لقوم طعام

ولكلِّ الورَى بخمسيهِ ريّ

وهو مستضعف العيان ولكن

فيه للسامعين بأس قويّ

لا تقل لي في اللّغز بالفتح ريب

فهو لغزٌ إذا نظرت جليّ

سائر الذكر إن عكست وإن أس

قطت حرفاً كذاك منه السريّ

وقال لزومية

المنسرح

يا محسناً إن أساءَ الزمانُ وإن

مزّق حال الفتى فمر فيه

ينشد من ودِّك الجميل ومن

مدحكَ في صدرِهِ وفي فيه

أرضى لمن غابَ عنكَ غيبتهُ

فذاكَ ذنبٌ عقابه فيه

وقال وكتب به على حياصة

المتقارب

تعشقته غصناً ناضراً

يميل به السكر من ناظريه

تحجب دون القنا شخصه

فصفرة لونيَ شوقاً إليه

وكم ذا أدور على خصرهِ

وما وقعت ليَ عينٌ عليه

وقال في الاقتباس بديها

الرجز

سألت قلبي عن ذوي العشق وعنْ

ما أوْتيته منْ فنون الحسن ميْ

فقالَ لي إنِّي وجدتُ امرأة

تملكهم وأوتِيت منْ كلِّ شيْ

ص: 574

وقال في صغير صلى التراويح

الوافر

لقد أدَّى تلاوته ووفى

قراءته لمولانا بنيّ

صغيرٌ وهو إذ يتلو كبيرٌ

فما أدرِي بنيّ أو أبيّ

وقال في شاعر أحضر إليه قصيدة

المتقارب

عجبتُ لها مدحة ضاع لي

شذاها وإن لم يكن في وفيْ

فضاعت ولكن على أوجهٍ

ثلاث لديَّ ومنِّي ومنْ

وقال مع قصيدة نبوية وأخرى علوية

الطويل

ومخدومة أتبعت مدح نبيها

بخادمة أتبعتها بوليِّها

لعلَّك يا جاه الشفيع محمد

توصِّي بها عطف الوصيِّ عليّها

ومن مقطعاته قوله

مجزوء الرمل

يا وزيراً شملَ الآفا

ق بالنعمى الحفيّه

قالَ تنويركَ في الجا

معِ للشهبِ حكيه

أنجمي عندك سعد

وقناديل مضيّه

كيفَ لا وهي بنورِ الل

هـ أعمال زكيّه

ــ

السريع

ليسَ يخشى من نجمِ سعدٍ سقوطا

من رأى قاضي القضاة عليّا

سارَ قاضي القضاة للشامِ غيثاً

فله الله سارياً وسريَّا

إن وجدنا وسميّ جدواهُ في الدن

يا وجدنا في الدين منه وليَّا

قالَ إحسانهُ تهنُّوا نوالاً

وزكاةً منهُ وكانَ تقيَّا

ــ

السريع

يا مليكاً يجبر قصَّادهُ

جبراً له الله مكافٍ عليه

شكراً لها في الجودِ مخفية

يبسط ضيف الباب فيها يديه

إذا أتته وهوَ في صحبهِ

صارَ مضافاً ومضافاً إليه

ــ

مخلع البسيط

الحمد لله كلّ وقت

بقربِ مخدومنا هنيّ

هنَّى دمشق وساكنيها ال

غيث والقادم الوفيّ

ص: 575

إن جاءَ وسميّها سريعاً

فالآن قد جاءَها الوليّ

ــ

الوافر

بأيمن طالع مسرى وزير

نوال يداه للآمالِ محيا

فيا ليتَ البرامك عاينوه

وأنعمه تعمُّ الخلق سقيا

فينضب جعفر ويعوز فضل

ويبلى خالد ويموت يحيى

ــ

الخفيف

يا سراة الأنصار تاج بينكم

لرؤوس الأنساب أدنى حليّ

ما أراه إلا أبا نصر وقت

مالك ناصر لقصدي الجليّ

فهو قاض ومالك وأبو نص

ر وعبد الوهَّاب وابن عليّ

ــ

الطويل

تقول المعالي لابن يحيى عليّها

ومن كعليّ في معاليهِ أو يحيى

إذا كنت يوماً ذا نبات غرستهُ

فعاهد ولا تهمل نباتك بالسقيا

يفح لك ريحان الثنا من نسيمه

ويدعو فيرضي زهرة الدين والدنيا

ــ

الخفيف

ومليح إذا نظرت إليه

قلت أملك له الملاح رعايا

فيه للناظرين حسن وملح

فهو يشوي به كبود البرايا

ــ

الخفيف

لامني الفتح إذا عزمت على النأ

ي فقالت ضروراتيَ إيه

أنت دفنتَ النوى كما زعموا

فها أنا عن دمشق أنويه

ــ

السريع

يا علويّ الذكر كم نعمة

إليَّ من بابك مهديَّه

إن لم يكن في الدست حظِّي فلي

من جودِكَ الراتب زبديَّه

ــ

المتقارب

فديت فتى يده بالحيا

وجبهته من حياءٍ نديَّه

يسافرُ قصدِي إلى بابِهِ

فمنه المكان ومنه الهديَّه

ــ

المتقارب

شكوت صديقاً ونافقته

بشكوى فيا خسر عمري لديه

نهاري الجميع دعاء له

وليلي الجميع دعاء عليه

ــ

الخفيف

بأبي فاتر اللّواحظ ألمى

جاءَ فيه العذول شيئاً فريَّا

غلب الصبر في هوى ناظريه

وضعيفان يغلبان قويَّا

ــ

ص: 576

الخفيف

يا وزير العليا دعاء محبّ

راحَ للعشرِ إذ أشرت إليه

ما يبالي إذا بكى من هوان

وافْتقار إذا ضحكتَ عليه

ــ

الكامل

ومبادلين بدمعتين حلاهما

هذا لهذا قائم بولائهِ

كالبحر تمطره السحاب وما لها

منٌّ عليه لأنَّها من مائِهِ

ــ

الكامل

شكراً لها يا سيدي من نعمةٍ

بلغت من التأميل فوق المنتهى

لا زال مدحك كلّ شهر روضة

يعزى لمصرَ وكلّ شيءٍ منتهى

ــ

المتقارب

وصلت المدام وذات اللمى

زمان الصبا والليالي الشهيَّه

فيا لك من طيب عيشٍ قطع

ت بشربِ العجوز ورشف الصبيَّه

ــ

الطويل

أتيت لمصر في كتاب شفاعة

إلى ولدٍ من والدٍ مورث العليا

فيا لكتاب جاءَ من عند ميت

لحيٍّ فقال السعد لبَّيك يا يحيى

ــ

الكامل

وبمهجتي رشأ يميس قوامه

فكأنَّه نشوان من شفتيهِ

شغف العذار بخدِّه ورآه قد

نعست نواظره فدبَّ عليهِ

ــ

الطويل

رأيت فتىً من بابِ دارك طالعاً

فأذكرني بيتاً قديماً شجانيا

خليليَ لا والله لا نترك البكا

إذا علمٌ من أرضِ نجدٍ بدا لِيا

ــ

الكامل

بهتَ العذولُ وقد رأى ألحاظها

تركيَّة تدع الحليم سفيها

فثنَى الملام وقال دونكَ والأسى

هذي مضايق لست أدخلُ فيها

ــ

المجتث

كم قائل إذ رآني

أسعَى لأندَى البرِيَّه

عطية منه تبغي

فقلتُ ألف عطيَّه

ــ

الخفيف

فوض الجامع السعيد لمن يد

عى له فيه بالضحى والعشيّ

لا عجيب إن خصَّه دون قوم

أمويٌّ يعزى إلى قرشيّ

ــ

الكامل

للعبدِ عندكمُ رسوم مكارم

إن أقصيت فنداكمُ يدنيها

وكفاكمُ أنَّ الغيوث إذا همت

تمحو الرسوم وغيثكمُ ينسيها

ــ

ص: 577

مخلع البسيط

مرآتكَ العقل كلّ وقت

تريكَ من نفسِكَ الخفايا

فلا تحكِّم هواك فيها

إنَّ الهوَى يصدئ المرايا

ــ

السريع

يا سيدي عطفاً على عصبةٍ

أفكارهم للقمحِ محميَّه

قد طبخت بالشوقِ أكبادهم

فيا لها طبخة قمحيَّه

ــ

مجزوء الرمل

يا رسولي لصبي

مائس مثلَ صبيه

خذْ متى شئت ثيابي

وارْم في حلقي عشيه

ــ

الوافر

علوت اسماً ومقداراً ومعنى

فيا لله من حسن حليّ

كأنَّكم الثلاثة ضرب خيط

عليّ في عليّ في عليّ

ــ

السريع

يا سيدي دعوة من نفسِهِ

محصورة في بيدق الحاشيه

ينهي إلى همَّتك المشتكى

وإنَّما يشكو إلى العاليه

ــ

السريع

أصبحت من بعد خمولي الذي

قد كانَ مسموماً ومرئيَّا

أعملُ في الأيامِ ما أشتهي

لأنَّني أصبحتُ بدريَّا

ــ

المتقارب

رأينا تواقيع تاج الزمان

وفيها من الفضلِ معنى جليّ

بنسكٍ وجودٍ وحفظ أجاد

فقلتُ الثلاثة حظّ الوليّ

ــ

الوافر

تهنّ بعوده عيداً سعيداً

وعشْ ما شئتَ يا كهف البرايا

نحرتَ بهِ جميع عداكَ فانْحر

قروناً آخرين من الضَّحايا

ــ

الرمل

رب مولى مال عني بعد ما

كانَ بالإحسانِ ميَّالاً إليَّ

فاضل سلمت في الدهر له

ليته سلم في الحين عليَّ

ــ

الوافر

برغمِي أن أهاديكم بمعنى

دقيق في مقابلة العطايا

فيا خجلي ويا عُتبي لدهرٍ

إذا وصل الدَّقيق إلى الهدايا

ــ

الخفيف

بأبي أنتِ حلوة الرِّيق لكن

أنا من لسعة الجفا في بليَّه

فيكِ شهد وفيكِ لسع فرفقاً

بشجيٍّ أمسى وأنتِ خليَّه

ــ

ص: 578

الوافر

فديتك أيُّها الرَّامي بقوسٍ

ولحظٍ يا ضنا جسدِي عليه

لقوسكَ نحو حاجبكَ انْجذاب

وشبه الشيء منْجذبٌ إليه

ــ

الوافر

أخا الخصر الدَّقيق فدتكَ روحِي

نعم وفدتْ ملاحتك البرايا

عسى تهديه لي ضمًّا ومنْ لي

بأن يصل الدَّقيق إلى الهدايا

ــ

البسيط

قالوا وقد زدتني برًّا وتكرمةً

يا خير من لندَى كفّ أناديهِ

ماذا قبضت نهار العشر قلتُ لهم

قبضتُ ميقاتَ موسى من أياديهِ

ــ

الوافر

بمقدمِكَ السعيد قد اسْتنارت

دمشق وبشرت بسنا عليّ

وقد كانتْ إلى الوسميِّ تهفو

فأغناها الوليّ عن الوليّ

ــ

وقال رحمه الله مخمسا

الطويل

حيينا فإنَّا في رضى حبِّهم متنا

وصحَّ لقانا بالغيوبِ فما غبنا

وقلنا وقد جاء البشير فبشَّرنا

أحبَّتنا صدُّوا وقد علموا أنَّا

متى بعدنا عن جنابهمُ عدنا

بعدنا عياناً والقلوب على المنى

منى القلب لا تخلو لديها من الجنا

فيا حبَّذا الأحباب والبين بينَنا

منعنا جناهم فاغْتديْنا بأنَّنا

مدى الدهر ما لذنا بغير ولا عذنا

لها نعم ملء الأيادِي مباحةٌ

لها راحتا جود وللبحر راحةٌ

ومهما عرتنا من صدودِ إجاحةٌ

لنا برحاء القرب في البعدِ راحةٌ

وقد مسَّنا ضرّ فكيفَ ولو أنَّا

سقى جفنيَ البسَّام سفح المقطم

وحامَ عليها نوء دمع ومهزم

فكم في حماهم من شجيِّ القلب مغرم

وكم من ذراهم من مشوَّق متيَّم

يودُّ دنوّ الحين منه إذا حنا

وكم مستهام صادح بحنينه

دفين الأسى يبكي لأجل دفينهِ

وكم ذي بكى يروي عن ابن معينهِ

وكم ذي سقامٍ مشعر بأنينهِ

وما شعروا من ضعفِهِ أنَّه أنَّا

ص: 579

وكم ثمَّ من أغصانِ غيد ثنينا

إلى العهدِ لا تلوي من الوعدِ بيننا

ورُبَّ ظباً عارضننا ورميننا

وأعين عين رُعْننا ورعيْننا

بما أخذتْ منَّا وما صرفتْ عنَّا

علونَ وأظهرنَ الجمال مثابةً

تخال لها عندَ الشموس قرابة

ولم تُبق من أرواح قومٍ صبابة

تجافيننا حتَّى فتنا صبابة

ولا طفْننا حتَّى سلمنا وما كدْنا

يجنُّ سواد الليل لي بعد قربكم

ويضحي نهاري باسماً عند عتبكم

فلله ليل ما أجنّ لصبِّكم

سلو إن شككتم في جنوني بحبِّكم

نهاري إذا أضحى وليلي إذا جنىّ

نهاري بأخبار الرضا يتبسَّم

وليلي إلى روح الرجا يتنسَّم

وجوهر روحي منكم يتقسَّم

تبشِّرني الألطاف بالقرب منكم

فصدريَ ما أفضى وعيشيَ ما أهنا

وما أحسن الدنيا نعيماً ومنسكا

بدولة سلطان محا شكوَ من شكا

بمطلب جود لم يخف منه مهلكا

فسهَّل للدنيا وللدين مسلكا

وأسبلَ أذيال النجاح فأسبلنا

فيا رُبَّ أيد دولة الملك الذي

روى حسن الأوصاف عن عرفها الشذي

لقد أخذت في ملكها خير مأخذ

بسهميْ ثناء أو دعاءٍ منفذ

ترى الفوز منه قابَ قوسين أو أدنى

مليك وجدنا بابه الرحب معدنا

لكسب الثنا والأجر والملك موطنَا

فجاءَ الرجا من كلِّ ناحيةٍ بنا

وفاضت بحور الشعر بالمدحِ والهنا

على بابِهِ حتَّى سبَحنا وسبَّحنا

وزدنا به من رائق العيش صفوهُ

وجوَّز من بعد التحرُّج زهوهُ

ولما رأينا الجدّ بالجودِ لهوهُ

ركبنا المطايا والسوانح نحوهُ

فيا بحر قد صارتْ سوابحنا سُفنا

جرينَ بنا كالسفن جري السوابح

إلى بابِ قصرٍ سافر النجْح سافح

ص: 580

سوائر من غادٍ إليه ورائح

عمرنا وعمَّرنا بيوت المدائح

فلله حسنى ما عمَرْنا وعمَّرنا

مليك له في اسم وفعل بنصرِهِ

عوائد من سرِّ الجميل وجهره

ولما نصرنا في الحروب بذكرِهِ

قصرنا على كسب الغنى باب قصره

فيا حبَّذا القصر المشيَّد والمغْنى

لنا ملكٌ قد كمَّل الله فضله

فخوله ملك البسيطة كلّه

بحدٍّ وجمع جمَّع الفضل شمله

هو البحر إلا أنَّنا سمكٌ له

بلقياه نحيى أو بفرقته نَفنى

مبادِيه في العلياء غايات من مضى

من الحائزين الملك يَعْنُو له القضا

له صارم عزم وحزم قد انْتضى

فهو حاكم بالعدلِ في وصفه رضا

وكم معرب يبني وكم شرف يبنى

يحقُّ لشعري أن يطيش نباته

سروراً بسلطانٍ وفت لي صِلاته

ومدح تسامت كلّ يومٍ رواته

إلى روض قولٍ باكرت زهراته

وأعذرهُ لو طاشَ والإنس والجنا

لذكركَ يا أوفى الملوك الأكارم

عفا طلل من ذكر معنٍ وحاتم

كأنَّك عنهم قد ختمت بخاتمٍ

فحاتم طيّ ما له بشر باسم

ومعن فلا لفظ يحسّ ولا معنى

لعمريَ لو كانوا نجوماً ترفَّعت

وأحملها ضوء الصباح فأقلعت

ممدَّحة يوم النوال تورَّعتْ

وكانوا بحاراً في زمانٍ توزَّعت

ندامى كأنَّا في أحادِيثِهم خضنا

إلى أن تجلَّت طلعة ناصريَّة

جلتْ دولة من ملكها قاهريَّه

مليَّة أبيات العطا قادريَّة

وكان عطا معن القرى نادريَّه

وأنت القرى أعطيتَ والكنز والمدنا

فلا زالَ للإسلامِ ملكاً وناصراً

وللمالِ والأعدا مبيداً وقاهراً

ولا زالَ كلّ الناس أصبحَ شاعراً

يقيم لوزني شعره البرّ وافراً

وما كانَ ذو وفر يقيم لنا وزنا

ص: 581

وحقُّكَ لا أنسى ببابِك ثروتي

مرتَّبة في حالِ ضعفي وقوَّتي

ولا قلتُ ما قالَ ابن جرح لعسرتي

أذو صنعة فاسْتخدِموني لصنعتي

برزقي وإلا فارْزقوني مع الزّمنى

وقال في الأراجيز يمدح قاضي القضاة تقي الدين السبكي

مضمنا الملحة

الرجز

صرفت فعلي في الأسى وقولي

بحمدِ ذي الطُّول الشديد والحول

يا لائماً ملامه يطول

إسمع هديت الرشد ما أقول

كلامك الفاسد لست أتَّبع

حدّ الكلام ما أفاد المستمع

أفدي غزالاً مثلوا جماله

في مثل قد أقبلت الغزاله

ما قالَ مذ ملَّك قلبي واسترقّ

كقولهم ربَّ غلامٍ لي أبق

للقمرين وجهه مطالع

فهي ثلاث ما لهنَّ رابع

لأحرف الحسن على خدّيهِ خط

وقال قول إنَّها اللام فقط

داني المزار يحذر الضنين

عليهِ مثل بان أو يبين

كتمته والحسن ليسَ يجتلى

والاسم لا يدخله من وإلى

منفرد بالحبِّ في دار الهنا

مثاله الدار وزيد وأنا

لا يختشي ملاعب الظنون

والأمر مبنيٌّ على السكون

في خدِّه التبريّ هانَ نشبي

وقيمة الفضَّة دون الذهب

فاصْرف عليها ثروةً تستام

فما على صارفِها ملام

وانْفق له دينار من ضنٍّ وشح

ولا تبل أخفّ وزناً أم رجح

وإن رأيت قدّه العالي فصف

وقف على المنصوبِ منه بالألف

والعارض النونيّ ما أنصفته

وإن تكن باللام قد عرفته

في مثله انظم إن نظمت محسناً

وإن ذكرت فاعلاً منوَّنا

واهاً لها بحرفِ نونٍ قد عرف

كمثل ما تكتبه لا يختلف

ص: 582

يأتي بنقطِ الخال في إعجام

وتارةً يأتي بمعنى اللام

دونكَ إن عشقتهُ بين الورَى

معظماً لقدره مكبرا

وإن ترد وجنته المنيرة

فصغر النار على نويره

كم ومتى جادلت فيه من عذلٍ

ولا حتَّى ثم أو وأم وبل

حتَّى تولَّت أوجه العذَّال

وأقبلَ الغلام كالغزال

للحظهِ المسكر فعل يطرب

مفعولهُ مثل سقى ويشرب

فلا تلم عويشقاً فيه تلف

ولا سكيران الذي لا ينصرف

لا تلح قلبي في الهوى فتتعبا

وما عليكَ عتبهُ فتعتبا

جسمي وذاكَ الخصر والجفن الدنف

هنَّ حروف الاعتدال المكتنف

بجفنِهِ نادى الهوى يا للشجي

وكلُّ ياءٍ بعد مكسورٍ تجي

يا جفنهُ الناصب فيه فكري

ونصبهُ وجرُّه بالكسر

إن قيل للظبيِ هنا إلمام

فاكْسر وقل ليقم الغلام

ويا مليحاً عنهُ أخّرت القمر

إمَّا لتهوان وإمَّا لصغر

كرِّر فما أحلى لسمعي السامي

قولك يا غلام يا غلامي

وارْفق بمضناك فما سوى اسمه

ولا لغير ما بقى من رسمه

فقد حكى العداة بالوقوف

فاعْطف على سائلك الضعيف

أفقرت في الحسنِ الغواني مثلما

قالوا حذامي وقطامي في الدما

فافْخر بمعنى لحظكَ المعشوق

في كلِّ ما تأنيثهُ حقيقي

يا لكَ لحظاً بسعاد أزرى

وجاءَ في الوزنِ مثال سكرى

حتَّى اسمه منتقص لمنْ وعى

كما يقال في سُعاد يا سُعا

يا واصفاً أوصاف ذيَّاك الصّبا

تمَّ الكلام عنده فلينصبا

هيهات بلْ دع عنكَ ما أضنى وما

وعاص سبَّاب الهوى لتسلما

وحبر الأمداح في عليّ

قاضي القضاة الطاهر التقيّ

بكلِّ معنى قد تناها واسْتوى

في كلمٍ شتى رواها من روى

باكر إلى ذاكَ الحما العالي وصفْ

إذا درجت قائلاً ولم تقفْ

دونكَ والمدح ذكيًّا معجبا

نحو لقيت القاضيَ المهذَّبا

ص: 583

ذو الجود والعلم عليه أرسى

وهكذا أصبحَ ثمَّ أمسى

فاضْرع إلى قارٍ لقاء نافع

واقْرع إلى حامي حماه المانع

يقول للضيفِ نداه حب وهل

ومثله ادْخل وانْبسط واشْرب وكل

إذا ظفرت عندهُ بموعدٍ

يقول كم مال أفادته يدي

له يراع كم له في خطرهِ

حماية منظومة مع درَّه

في الجود والبأس وفي العلمِ وفي

ذلكَ منسوب إليه فاعْرف

فقولهم أبيض في الهبات

كقولهم أحمر في الصفات

شم حدّه يوم الندَى والبأس

فإنَّه ماضٍ بغير لبس

لله ما أليَنهُ عند العطا

وما أحدّ سيفه حين السطا

يهزّه ذو الرفع في العلاء

والجزم في الفعلِ بلا امْتراء

حبر له يثني الثناء قصدهُ

وخلفهُ وإثرهُ وعنده

إن قالَ قولاً بين الغرائبا

وقام قسّ في عكاظ خاطبا

وإن سخا أتى على ذي العددِ

والكيل والوزن ومذروع اليدِ

معطَّل السمع من العذَّال

فحالهُ مغير بحال

الفضل جنس بيته المهنى

ونوعه الذي عليه يبنى

سامَ بهِ أهل العلا جميعاً

وادْفع ولا ردًّا ولا تفريعا

وإن ذكرت أفق بيتٍ قد نما

فانْصب وقل كم كوكباً يحوي السما

بين نظيم المجد والعلاء

عند جميع العرَبِ العرباء

يقرُّ من يأتي له أو اقْترب

وكل منسوب إلى اسمٍ في العرب

تقول مصر في علاه الواجبه

كقول سكَّان الحجاز قاطبَه

أبنية الأنصار طلَاّع الفنن

وزادَ مبنى حسنه أبو الحسن

جار إذا ما امْتدَّت الأيادِي

تقول هذا طلحة الجواد

إذا اجْتليت في العطا جبينهُ

أو اسْتشرت للرجا يمينه

تقول قد خلتُ عنه تولى راحل

وواقف بالبابِ أضحى السائل

فياض سيب في الورَى فلم يقل

في هبةٍ يا هب مَن هذا الرجل

ص: 584

قال لهُ الشرع امْض ما تحاوله

وأقْض قضاء لا يردّ قائله

وأنتَ يا قاصدهُ سرْ في جددْ

واسع إلى الخيرات لقّيت الرّشد

إن تكتحل سناه تلقى الرشدا

وأين ما تذهب تلاق سعدَا

فافْخر به سحب الحيا إن صابا

واسْتوتْ المياه والأخشابا

ولا تقل كانَ غماماً ورحل

كانَ وما انْفكَّ الفتى ولم يزل

باب سواه اهْجر عداك عيب

وصغِّر الباب فقل بويب

هذا الذي يفعل فينا الطولا

فقدم الفاعل فهو أولى

جود به أنسى أحاديثَ المطر

فليسَ يحتاج لها إلى خبر

مثل الهبا فيه كلام العذَّل

والريح تلقاء الحيا المنهل

وبحر شعر خضتهُ لذكرهِ

وغصت في البحرِ ابْتغاء درِّه

حتَّى ملا عيني نداه عينا

وطبتُ نفساً إذ قضيتُ دينا

دونكها معسولة الآداب

ممزوجة بملحةِ الإعراب

مضى بها الليل مضيِّ الأنجم

وبات زيدٌ ساهراً لم ينم

فافْتح لها باب قبول يجتلى

وإن تجد عيباً فسدّ الخللا

لا زلتَ مسموع الثنا ذا مننِ

جائِلة دائرة في الألسن

ما لعداك راية تقام

وليس غير الكسر والسلام

وقال وسماها مصائد الشوارد

الرجز

أثنى شذا الروض على فضلِ السحب

واشْتملت بالوشي أرداف الكُثب

ما بين نورٍ مسفر اللثام

وزهر يضحك في الأكمام

إن كانت الأرض لها ذخائر

فهيَ لعمري هذهِ الأزاهر

قد بسطتها راحة الغمائم

بسط الدنانير على الدراهم

أحسن بوجه الزمن الوسيم

تعرف فيهِ نضرة النعيم

وحبَّذا وادِي حماة الرَّحب

حيثُ زهى العيش بهِ والعشب

أرض السناء والهناء والمرح

والأمن واليُمن ورايات الفرح

ذات النواعير سقاة التربِ

وأمَّهات عصفه والأبّ

ص: 585

تعلَّمت نوح الحمام الهتَّف

أيام كانت ذات فرعٍ أهيفِ

فكلّها من الحنينِ قلبُ

لا سيَّما والماء فيها صب

لله ذاكَ السفح والوادِي الغرد

والماء معسول الرضاب مطَّرد

يصبو لها الرائي ويهفو السامع

ويحمد العاصي فكيفَ الطائع

إذ نظرت للربى والنهر

فارْوِ عن الربيع أو عن جعفرِ

محاسن تلهي العيون والفكر

ربيع روضات وشحرور صفر

أمام كلّ منزلٍ بستان

وبين كل قرية ميدان

أما رأيت الوُرق في الأوراق

جاذبة القلوب بالأطواق

فبادر اللذَّة يا فلان

واغْنم متى أمكنك الزَّمان

ولا تقل مشتى ولا مصيفُ

فكل وقتٍ للهنا شريف

كلّ زمانٍ يتقضَّى بالجذلْ

زمان عيش كيفما دارَ اعْتدلْ

أحسن ما أذكر من أوقاتِهِ

وخير ما أبعث من لذَّاته

برُوزنا للصيدِ فيهِ والقنص

وحورنا من مرِّه أحلى الفُرَصْ

وأخذنا الوحشَ من المسارب

وفعلنا بالطيرِ فوقَ الواجب

لما دنَا زمان رمي البندق

سرنا على وجهِ السُّرور المشرق

في عصبة عادلة في الحكم

وغلمة مثل بدور التمّ

من كلِّ مبعوثٍ إلى الأطيارِ

تظله غمامة الغبارِ

وكلّ معسول الشباب أغيد

منعطف عطف القضيب الأملد

قد حمدَ القوم بهِ عقبى السفر

عند اقْتران القوس منهُ بالقمر

لولا حذار القوس في يديهِ

لغنَّت الورق على عطفيه

في كفِّه محنيَّة الأوصال

قاطعة الأعمار كالهلال

زهراء خضراء الإهاب معجبه

ممَّا ثوت بين الرياض المعشبه

فاغرة الأفواه للأطيار

طالبة لهنَّ بالأوتار

كأنَّها حولَ المياه نون

أو حاجب بما تشا مقرون

لها نبات بالمنى مغدوقة

من طيبةٍ واحدة مخلوقة

ص: 586

سامعة لما تشير الأمّ

مع أنَّها مثل الحجار صمّ

واهاً لها من شهب تخطف

شاهرة بالعزمِ وهي تقذف

كأنَّها والطيرُ منها هارب

خلفَ الشياطين شهاب ثاقب

حتَّى نزلنا بمكانٍ مونق

إخوان صدقٍ أحدق بالملّق

فيا لهُ في الحسنِ من محلٍّ

مراد جدّ ومراد هزل

للطيرِ في مياههِ مواقع

كأنَّها من فوقه فواقع

فلم نزل في منزل كريم

نروي حديث الرمي عن قديم

حتَّى طوى الأفق رداء الورس

والْتقمَ المغرب قرص الشمس

وذرّ مسك الليل من فرقِ الأفق

واتَّشحت خود السماء بالنطق

وابْتدرَ القومُ إلى المراصد

من ساهرِ الليل التَّمام ساهد

بينا الطيور في مداها سائره

إذا هم من عينه بالساهره

كالليث يسطو كفه بأرقم

والبدر يرمي في الدجى بأنجم

وأقبلت مواكبُ الطيور

على طروسِ الجوِّ كالسطور

فحبَّذا السطور في المهارق

منقوطة الأحرف بالبنادق

من كلِّ تمّ حقّ أن يسمي

ضياؤه المشرق بدر التمّ

تخالهُ من تحتِ عنقٍ قد سجا

طرَّة الصبح تحتَ أذيال الدجى

وكلّ حيّ حسن الوسامه

كأنَّه في أفقهِ غمامه

تتبعه أوزَّة دكناء

من دونها لفلفة غرَّاء

تقدّمها أنيسة ملوَّنه

تابعة من كلّ وصفٍ أحسنه

يجني بها الآكل خير ما جنى

وأحسن المأكول ما تلوَّنا

ورُبَّما مرَّ لديها حبرج

كأنَّه على نضارٍ يدرج

وانْقضَّ من بعض الجبال النّسر

له بأبراج النجوم وكرُ

مغبرُّ الخلق شديد الأيدي

يبني على الكسرِ حروف الصيدِ

وكلّ كركيّ عجيب السير

كأنَّه طيف خيال الطير

ما بينَ أحشاء الظلام يسري

من أرضِ بغداد لأرض مصرِ

يحثّ مسراه عقاب كاسره

خافضة لحظ الطيور ناصبه

ص: 587

إذا مضت جملتها المعترضه

تواصلت خيوطها المنقرضه

وأبيض الغيم يسمَّى مرزما

كم بات مثل نوئه منسجما

يحثُّ غرنوقاً شهيّ المجتلى

مقدَّماً على الغرانيق العلى

وكلُّ صوع مبهت المفاجي

كالبرقِ يخطو فوقَ ليلٍ داجي

وأبيض مثل الغمام يسجم

وكيف لا يسجم وهو مرزمُ

يحفُّه شبيطرٌ قويّ

في ملَّة الأطيار موسويّ

هذا وكم ذي نظر ممتاز

ينعت في الواجب بالعُنَّاز

أسوده ذو غرَّة في الصدر

كأنه نور الهدى في الكفرِ

فلم تزل قسينا الضَّواري

تصيبها بأعين النظَّارِ

حتَّى غدت دامية النحور

ساقطة منها على الخبيرِ

كأنها وهي لدينا وقّع

لدى محاريب القيسّ ركَّعُ

وأصبحت أطيارنا قد حصّلت

قلا تسل بأيّ ذنبٍ قتلت

مُستتبعاً وجه العشا وجه السحر

وكلّ وجه منهما وجه أغَر

يا لك من صيدٍ مقرّ العين

يرضي الصحاب وهو ذو وجهين

لم نرضَ ما وفى من الأماني

حتَّى شفعناه بصيدٍ ثاني

صيد الملوك الصيد بالكواسر

والخيل في وجهِ الصباح السافرِ

ذاك الذي تصبو له الجوارح

فهي إلى طلاّبه طوامح

واثقة بالرزق حيث كانا

تغدو خماصاً وتجي بطانا

سرنا على اسم الله والمناجح

نعومُ في الأقطارِ بالسوابح

خيل تحاذي الصيد حيث مالا

كأنها أضحت له ظِلالا

تسعى لها قوائم لا تتبع

وكيف لا وهي الرياح الأربع

رائقة المنظر زهراء الغرر

كأنها الروضات حيّت بالزهر

من أحمر للبرق عنه خبر

يشهدُ أن الحسن حقًّا أحمرُ

وأصفر الجلدة كالدينار

يسرُّ كفّ الصائد الممتار

وأشهب كالسهم في انْقضاضه

وصفحة الطرس في ابْيضاضه

ماضي السباق أظهر اللباس

ناهيك من سهمٍ ومن قرطاس

ص: 588

وأخضر مثل سنا العيش النضر

يطوي الفلا وكيف لا وهو الخضر

وأدههمٌ سادَ على الجيادِ

وهكذا السواد في السواد

تحفُّنا من فوقها غلمان

كأنهم لدوحِها أغصان

تركٌ تريك في سناء الملبس

كواكباً طالعة في الأطلسِ

منظومة الأوساط بالسلاحِ

من كلِّ سهمٍ رجل النجاح

وكلّ عضب ذرب المقاطع

يحرّف الهام عن المواضع

على يدِ الزائر منهم زاده

من كلِّ باز قرم فؤاده

قد كتبت في شكلِهِ حروف

تقري بما يقرى به الضيوف

فالمنسر الأشفى بحال جيما

والعين تجلى بالنضارِ ميما

دان لمن يتلوه خير جمّ

سهم إذا حبرته أو شهم

وكلُّ شاهينٍ شهيِّ المرتمى

كبارقٍ طار وصوب قد همى

بينا تراهُ ذاهباً لصيده

معتصماً بأيده وكيده

حتَّى تراهُ عائداً من أفقِهِ

ملتزماً طائره في عنقِه

أفلحَ من كانَ على يسراه

حتى غدت حاسدة يمناه

تلك يدٌ لا تعرف الإعسارا

لأجل ذا قد سمِّيت يسارَا

وكلُّ صقر مسبل الجناح

مواصل الغدوّ والرَّواح

ذو مقلةٍ لها ضرام واقد

تكادُ تشوي ما يصيد الصائدُ

كأنما المخلب منه منجل

لحصدِ أعمار الطيور مرسل

عيش ذوي الصيد به عيش رخيّ

يصلحُ أن يدعى وكيل المطبخ

يا حبَّذا طيور جدّ ولعبْ

تهوي إلى الأرضِ وللأفق تثبْ

من سنقر عالي المدا والشانْ

معظم الأخبار والعيانْ

كأنه خليفة قد أقدما

يفسد في الأرضِ ويسفكُ الدما

يصعدُ خلفَ الرزق ليس بمهله

كأنه من السما يستعجله

ومن عقابٍ بأسها مروّع

كأنها للطيرِ جنٌّ تفزع

كم جلبت لطائرٍ من همن

وكم وكم قد أهلكت من قرن

وحبَّذا كواسر الكواهي

عديمة الأنظار والأشباه

ص: 589

مخصوصة بالطرد القويم

حدباً كظهر الذنب الركيم

ذاك لعمري حدبٌ للرائي

يعدل ملك القلعة الحدباء

هذا وقد تجهَّزت أعدادٌ

تجمعها الكلاب والفهاد

من كلِّ فهدٍ عنتريّ الحمله

إذا رأى شخص مهاة عَبله

مبارك الإقبال والإعراض

مستقبل الحال بنابٍ ماض

كأنه من حدِّه كنابه

قد أحرق الأنجم في إهابه

له على مسائل الجفون

خطّ لبعض الألفات الجون

ما أبصر المبصر خطًّا مثله

وكيف لا والخطّ لابن مقله

وكلُّ منسوب إلى سلوق

أهرت وثَّاب الخطا مشوق

طاوي الفؤاد ناشر الأظافر

يا عجباً منه لطاوٍ ناشرِ

يعضُّ بالبيض ويخطو بالقنا

ويسبق الوهم لإدراك المنى

كالقوس إلَاّ أنه كالسهم

والغيم يجلو عن شهاب رجم

إذا ترآى بقر الوحش انْدفع

كأنه المرِّيخ في الثور طلع

قاصرة عن طرفِ يداه

مشروطة برجلِهِ أذناه

لو أمكن الشمس التي تجلى له

ما سمِّيت من خوفها غزاله

يشفعه بكلِّ غورٍ غار

مغالب الصيد على الأوكار

يكاد يبغي سلَّماً إلى السما

أو نفقاً في الأرضِ حيثُ يمَّما

واهاً لها من أكلُبٍ طوارد

معربة عن مضمر المصائد

قد بالغت من طمعٍ في كسبها

ففتَّشت عن أنفسٍ لم تخبها

حتَّى إذا تمَّت بها الأمور

حفَّت بنا لصيدِها الطيور

ما بين روضات صمدنا نحوها

ودور آفاق ملكنا جوّها

واسْتقبلت أطيارها البزاة

معلمة كأنها عزاة

فلم تزل تسطو سطا الحجَّاج

على الكراكيّ أو الدرَّاج

إذا نحت سائرة محلِّقة

عادت بها كمضغة مخلّقه

حتى غدت تلك الضواري صرعى

مجموعة لدى التراب جمْعا

كأن أقطار الفلاة مجزره

أو روضة من الدماءِ مزهره

ص: 590

كأنَّ صرعى وحشها كفار

الموت عقبى أمرها والنار

للمرء فيها منظرٌ أحبّه

يملأ من لحمٍ وشحمٍ قلبه

لله ذاكَ المنظر المهنى

إنّ معان عن ذراه عدنا

قد ملئت من ظفر أيدينا

وقد شكرنا الفضل ما حيينا

نشير حول الملك المنصور

كالشهب حول القمر المنير

محمدٌ ناصر دين أحمد

الملك ابن الملك المؤيد

قالَ الأنام حظّه جليّ

قلتُ نعم وجدُّه عليّ

ذاكَ الذي ساما العلى صبيًّا

وجاءه من مهده مهديا

ناش على الحرِّ وتقليب المنن

كأنما مزجته من اللَّبن

بين حجور العلم والأعلام

تكنفه لواحظ الأقلام

محكم السطوة سحَّاح الديم

يأخذ بالسيفِ ويعطي بالقلم

لو لمس الصخر لفاض نهرا

أو صحب النجم لعاد بدرا

تختمت بيُمنه المكارمُ

فهو على كلِّ الوجوه حاتمُ

لا ظلم تلقى في حماه العالي

إلَاّ على الأعداء والأموال

أما ترى بالصيدِ فرط حبّه

تمرنا على اعتياد حربه

أما ترى الدينار منه خائفا

أصفر في كفِّ العفاة ناشفا

يا قاطعاً عرض الفلا وواصلاً

وقادماً يبغي العلا وراحلا

إذا تأمَّلت المقام الناصريّ

فاعْقد عليهِ أكرم الخناصر

ملك إذا حققته قلت ملك

قاضية بسعدِهِ أيدِي الفلك

كالبدر في سنائِهِ وتمِّهِ

والطود في وقاره وحلمه

تسجد إن لاحَ رؤوس العالم

وراثة قد حازها من آدم

ما ضرَّ من خيَّم في جنابه

أن لا يكون الشهد من أطنابه

مرأى يشفُّ عن فخارِ الأهل

ونسخة قد قوبلت بالأصل

جنابه عن جاره لا ينكب

وباب نجح للمنى مجرَّب

غنِيتُ في ظلالِهِ عن الورى

غنى نزيل المزن عن قصد القرى

ورحت عن نعماه بالتواتر

أروي أحاديث عطا وجابر

ص: 591

معتصماً بالكرمِ المؤيد

مصلي الحمد على محمد

قديم قصد وثناء أو هوى

ما ضلَّ سعيٌ فيهما ولا غوى

يزيد لفظي بهجةً ورونقاً

كأنه الخمرة إذ تُعتقا

حسبكَ منِّي في الثناءِ شاعرا

وحسب شعري قوَّة وناصرا

وقال موشحا

المنسرح

لهفي على غادةٍ إذا أسفَرتْ

غارَتْ وجوهُ الشموس واستترتْ

لها من السمر قامةٌ خطرَتْ

كم قتلت عاشقاً وكم أسرَتْ

إذا دعت للنهوضِ ميلها عطفا

كانَ سحر الجفون حملها ضعفا

في خدِّها شامةٌ معنبرةٌ

يا نعمةٌ بالشقيق مزهرةٌ

وكم لها في الشفاهِ جوهرةٌ

تحفُّها ريقةٌ معطَّرةٌ

من رامَ بالشهدِ أن يمثلها رشفا

فإنَّما رامَ أن يعسّلها وَصفا

تحكم في الناس عنسه وردا

حكم ابن أيوب في سطاً وندا

بين عفاةٍ له وبين عدا

ما يدٌ سمِّيت لديه يدا

وهيَ غمامٌ لمن تأمَّلها وطفا

سبحان من للعبادِ أرسلها لطفا

مؤيّدٌ في مُلا مراتبهِ

يتَّضح الملك في مناقبهِ

إذا طوى الأرض في كتائبِهِ

ثمَّ سقاها حيا مواهبهِ

أنبت أزهارها ودللها قطفا

من بعد ما كادَ أن يزلزلها خسفا

وغادة جاد سحر مقلتها

وراقَ للناسِ روض طلعتها

جنيتُ نارَ الأسى بجنَّتها

وصُحت من صبوتي بوجنتها

وجنَّة وردٍ تشكو النفوسُ لها لهفا

بياضُ م شمَّلها وقبَّلها ألفا

وقال أيضاً:

الرمل

زحفتْ بيضُ الظُّبا لما رنا

فتلقاها سريعاً مقتلي

ص: 592

عامريّ اللحظ طائيّ الفمِ

بارزٌ في حسنه كالصنمِ

قلتُ والقلب إليهِ ينتمي

لكَ قلبي عبدُ ودٍّ وأنا

فيكَ يا أشهلُ عبدُ الأشهلِ

آه ما أكثرَ فيكَ المللا

ما دنا شخصكَ حتَّى ارتحلا

ودعا الحادي وشدَّ الجملا

فاسْتشارَ البينُ عندِي فتنا

وغدا يوميَ يومَ الجملِ

أترى يرجعُ عيشي الناعمُ

ومقامي بالحميا قائمُ

والحيا بالبرقِ معطٍ باسمُ

كعمادِ الدين جمَّاع الثنا

أفضلُ الأمَّةِ نجلُ الأفضلِ

ملكٌ عمَّ الورى بالمننِ

وكفاهمُ مرتبات المحنِ

طاهر الأسرار شهمُ العلنِ

راقبَ الله وأسدى المننا

فهوَ الوسميّ فينا والولي

كرَمُ الأخلاق من مذهبهِ

والعلا والجودُ من مطلبهِ

يا أماني الوفدِ هنيتِ بهِ

الندى حيث الهدى حيث الثنا

فاجْتدِي أو فاجْتني أو فاجْتلي

وفتاةٍ أتمنَّى وصلها

وهيَ لا تألفُ إلَاّ بخلِّها

بهواها يا رسولي قلْ لها

علِّلي القلب بأرواح المنا

وعدي الصبَّ ودعي المطل

ص: 593

وقال أيضاً:

الوافر

إليَّ بكأسك الأشهى إليَّا

ولا تبخل بعسجدها عليَّا

معتقةٌ تدارُ على النداما

كأنَّ على ترائبها نظاما

من الرَّاح التي محت الظلاما

أضاءت وهي صاعدة الحميا

فقلتُ عصيرُ عنقودِ الثريَّا

أدرها بينَ ألحانِ وزُمرِ

على درّين من زهرٍ وقطرِ

كأنَّ حديثهُ في كلِّ قطرِ

حديث ندى المؤيد في يديَّا

يطيبُ روايةً ويضوعُ ريَّا

إلى الملك المؤيد سارَ مدحي

وخاضَ إلى حماهُ كلّ سمح

كما خاضَ النجوم طلوب صبح

فيا لندًى طوى الأقطار طيَّا

وأنشرَ حاتماً عندِي وطيَّا

حلفتُ ببشرِكَ الوضَّاح حقَّا

لقد فُقتَ الأنام علاً وسبقا

فرفقاً يا فتى العلياء رفقا

شويتَ جوانحَ القرناء شيَّا

فليتك لو لطفت بهنَّ شيَّا

وغانيةٍ يجنُّ بها الجنانُ

يضوع إذا تنفستِ المكانُ

خلوتُ بها وقد سمح الزمانُ

فألقيتُ الحيا عن منكبيَّا

وغافلتُ الرقيبَ وقلتُ هيَّا

وقال أيضاً:

موشح

حشًى من نارِ صدّكَ ذائبة

وتحسبها دموعاً ساكبه

ولم يفطنْ لها

سوى صبٍّ أقام على فرش السقام

ص: 594

درى ما قصَّتي

فحاكى لوعتي وجارى عبرتي

وبتنا كالحمائمِ في الحنين

وما يدري الحزينَ سوى الحزينِ

سباني بالفتور وبالفنونْ

غلامٌ شاهرٌ حدّ الجفونْ

على وجناتِهِ لامٌ ونونْ

يقولُ وصالُ مثلي لنْ يكونْ

فيا لكِ من جفونٍ ضاربه

بأمثال السيوف القاضبه

إذا ما سلَّها

أبادت في الأنام ويا لك من غلام

كحيل المقلة

شريف الوجنةِ ضنين العطفةِ

بكيتُ دماً بمرآه الضنينْ

كأني فيهِ من عيني ظعينْ

يعنفني النديمُ على التصابي

ويحلفُ لا يذوقُ لمى الحبابِ

رُوَيْدَكَ كيف أسلو عن شرابِ

وعن ساقٍ يطوف على الصحابِ

بكأسٍ للأنامل خاضبه

تحلُّ عُرَى النفوس التائبه

وتنقضُ حبلها فدع عنك الملام وبادرْ بالمدامْ

زمان اللذّة وخذ يا منيتي خضابَ القهوةِ

ولا تمدد إلى حلفٍ يمين

فما لخضيبِ كفٍّ من يمين

لها وصلي ولابن عليّ قصدي

تضيِّعُ ثروتي ونداهُ يجدي

مليكٌ طالعٌ في كلِّ حمدِ

تكادُ يمينهُ بالجودِ تعدي

إلى تلك اليمين الواهبه

تيمَّمُ كلُّ نفسٍ طالبه

وتأوي ظلّها على غيظ الغمام لدى عالم المقام

رفيعُ النسبةِ

نسيبُ الرفعةِ سعيدُ الطلعةِ

أغاثَ ندي يديه المعتفينْ

وأودَى بأسهُ بالمعتدينْ

ص: 595

بني أيوبَ حسبكمُ عمادا

أعادَ سناءَ بيتكمُ وزادا

كريمٌ كم قصدناهُ فجادا

وعُدنا قاصدين لهُ فعادا

ولاقينا لهىً متواثبه

جوائزنا عليها واجبه

ففتحنا اللهى بأنواع الكلامْ كأسجاع الحمامْ

فكم من منحةِ

محت من نزحةِ وكم من مدحةِ

لها في كلِّ سامعةٍ رنين

يكادُ بلحنِها يشدو الجنين

ومشغوفٍ إذا ما الليل جنَّا

تذكَّر وصلَ من يهوى فجنَّا

كذا من يعشقُ الأجفانَ وسنَّا

نهبنَ منامَ مقلتهِ فعنَّا

على صحبِ الجفون الناهبه

متى تهدى الضُّلوع اللاهبه

تركتني لأجلها إذا جنَّ الظلامْ جفا عيني المنامْ

وهاجتْ حسرتِي على تلكَ التي أباحتْ قتلتي

وما في دولةِ الأحبابِ أمينْ

فينظرُ في قلوبِ المسلمينْ

إلى هنا انتهى ديوان الشيخ جمال الدين بن نباته وقد طبع بعد مراجعته على النسخة التي في دار الكتب العربية الخديوية

ص: 596