المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌حرف الكاف وقال مؤيدية الطويل تصرّمت الأيام دون وصالكِ … فمن شافعي في - ديوان ابن نباتة المصري

[ابن نباتة]

الفصل: ‌ ‌حرف الكاف وقال مؤيدية الطويل تصرّمت الأيام دون وصالكِ … فمن شافعي في

‌حرف الكاف

وقال مؤيدية

الطويل

تصرّمت الأيام دون وصالكِ

فمن شافعي في الحب يا ابنة مالكِ

فكان الكرى يدني خيالك وانقضى

فلا منك تنويلٌ ولا من خيالكِ

رويدك قد أوثقت بالهمِّ مهجتي

عليك فماذا يُبتغى بملالك

أفي كلّ يوم لي إليكِ مطالبٌ

ولكنها محفوفةٌ بمهالك

وغيرانَ قد مدّ الحجب من الظبا

وقد كان يكفيه حجابُ دلالك

فتنت بخالٍ فوق خدِّكِ صانه

أبوك فويلي من أبيكِ وخالك

وعاينت منك الشمس بعداً وبهجةً

فيا عجباً من واثقٍ بحبالك

هجرتِ وما فاز المحبّ بزورةٍ

فديتك زُوري واهجري بعد ذلك

لك الله قلباً كلما جرّ طرفه

إلى الحسن ألقى عروة المتماسك

تأبط شراً من أذى الوجد وانثنى

كثير الهوى شتى النوى والمسالك

قفي تنظريه في لظى البيد تابعاً

سراك وإلا في رماد ديارك

سقى الله أكناف الديار هوامعاً

تبيت بها الأزهار غرّ المضاحك

كأنَّ ندى الملك المؤيد جادها

فأسفر نوَّار الربى عن سبائك

مليكٌ إلى مغناه تستبق المنى

مسابقة الحجاج نحو المناسك

له شيمٌ تحصي المدائح وصفها

إذا أحصيت زهر النجوم الشوابك

وفي الأرض أخبار له ومآثرٌ

تسير سرَى الأسماء بين الملائك

حمى الأرض من آرائه وسيوفه

بكل مضيءٍ في دجى الخطب فاتك

وسكّنها حتى لو اختار لم تمس

غصون النقا تحت الرياح السواهك

ص: 359

ولما جلا الملك المؤيد رأيه

جلا ظله الممدود وهج الممالك

مهيب السطا هامي العطا سابق العلى

جليّ الحلا كشَّاف ليل المعارك

تولى فيا عجز الأكاسرة الأولى

وجادَ فقلنا يا حياء البرامك

وشاركه العافون في ذات ماله

وليس له في مجدِه من مشارك

كريمٌ يجيل الرأي فعلاً ومنطقاً

فلا يرتضي غير الدراري السوامك

كعوب القنا عجباً براحته التي

يروِّي نداها مشرعات طوالك

إذا هزَّ منها الملك كعباً مثقفاً

فيا لك من كعبٍ عليه مبارك

وإن جرَّ في صوبِ الثغور رؤوسها

جلت قلح الأعدا جلاء المساوك

ولله من أقلام علمٍ بكفِّه

سوالب ألباب الرجال سوَالك

كأنَّ معانيها كواعب تنجلي

على حبكِ الإدراج فوق آرائك

كأنَّ بياض الطرس بين سطورها

أياديه في طيِّ السنين الحوالك

أمسدي الأيادي البيض دعوة ظافر

لديك على رغم الزمان المماحك

عطفت على حالي بنظرة سائرٍ

وقد مدَّ فيها الدهر راحة هاتك

فدونك من مدحِي اجتهاد مقصر

تداركت من أحواله شلوَها لك

تملكه الهمّ المبرح برهةً

إلى أن محى رضوان صولة مالك

وقال فيه أيضاً

البسيط

لثمت ثغر عذولي حين سماك

فلذّ حتَّى كأني لاثم فاك

حبًّا لذكراك في سمعي وفي خلدي

هذا وإن جرحت في القلب ذكراك

تيهي وصدِّي إذا ما شئت واحْتكمي

على النفوسِ فإن الحسن ولَاّك

وطولي من عذابي في هواك عسى

يطول في الحشرِ إيقافي وإياك

في فيكِ خمرٌ وفي عطف الصبا ميد

فما تثنيك إلَاّ من ثناياك

وما بكيت لكوني فيك ذا تلفٍ

إلَاّ لكون سعير القلب مأواك

بالرغم إن لم أقل يا أصل حرقته

ليهنك اليوم إنَّ القلب مرعاك

يا أدمعاً ليَ قد أنفقتها سرَفاً

ما كانَ عن ذا الوفا والبرّ أغناك

ويا مديرة صدغيها لقبلتها

لقد غدت أوجهُ العشَّاق ترضاك

ص: 360

مهما سلونا فلا نسلو ليالينا

ومهما نسينا فلا والله ننساك

نكادُ نلقاك بالذكرى إذا خطرت

كأنما اسمك يا سُعدى مسمَّاك

ونشتكي الطير نعَّاباً بفرقتنا

وما طيور النوى إلَاّ مطاياك

لقد عرفناك أياماً وداومنا

شجو فيا ليت أنَّا ما عرفناك

نرعى عهودك في حلٍّ ومرتحلٍ

رعيَ ابن أيوب حال اللائذ الشاكي

العالم الملك السيَّار سؤددهُ

في الأرضِ سير الدراري بين أفلاك

ذاك الذي قالت العليا لأنعمه

لا أصغر الله في الأحوال ممساك

له أحاديثٌ تغني كلّ مجدبةٍ

عن الحياء وتجلي كلّ أحلاك

ما بين خيط الدجى والفجر واضحةً

كأنها دُرَرٌ من بين أسلاك

كافاك يا دولة الملك المؤيد عن

برُّ البريَّة من للفضل أعطاك

لك الفتوَّة والفتوى محرَّرة

لله ماذا على الحالين أفتاك

أحييتِ ما ماتَ من علمٍ ومن كرمٍ

فزادك الله من فضلٍ وحيَّاك

من ذا يجمِّع ما جمَّعت من شرفٍ

في الخافقين ومن يسعى كمسعاك

أنسى المؤيد أخبار الأولى سلفوا

في الملكِ ما بينَ وهَّابٍ وفتَّاك

ذي الرأي يشكي السلاح الجمّ حدّته

لذاك يسمَّى السلاح الجمّ بالشاكي

والمكرمات التي افترَّت مباسمها

والغيث بالرعدِ يُبدِي شهقةَ الباكي

قلْ للبدور استجني في الغمام فقد

محا سنا ابن عليّ حسنَ مرآك

إن ادّعيت من البشرِ المصيف بهِ

غيظاً فقد ثبتت في الوجهِ دعواك

يا أيُّها الملك المدلول قاصده

وضدّه نحو ستَّار وهتَّاك

لو أدركتك بنو العبَّاس لانتصرت

بمقدمٍ في ظلامِ الخطب ضحَّاك

مظفر الجدّ من حظٍّ ومن نسبٍ

مبصرٌ بخفيّ الرشد مِدْراك

وحَّدته في الورى بالقصدِ وارتفعت

وسائلي فيه عن زيغٍ وإشراك

ما عارضت يدُ أمداحِي مواهبهُ

إلَاّ رجعت بصفوِ المغنم الزاكي

إنَّ الكرام إذا حاولت صيدهمُ

كانت بيوت المعالي مثل إشراك

سقياً لدنياك لا كفّ بخائبةٍ

فيها لديك ولا وصفٌ بأفَّاك

من كان في خيفةِ الإنفاق يمسكها

فأنت تنفقها من خوف إمساك

ص: 361

وقال بيدمرية

البسيط

طيفٌ تصيدته والليل محتبك

من حلية الشهب أو من شعره الحبك

بين الذوائب تمشي في حبائلها

يا حبَّذا الظبي أو يا حبَّذا الشرك

عجبت من لائمٍ هتكي على قمر

الشمس منه على الحيطان تنهتك

محجب لا يراه العاذلون ولا

أصغى إليهم وإن برُّوا وإن أفكوا

فليتهم نظروه واستمعت لهم

وخلَّصونيَ من جفنيه واشتبكوا

أبكي وعاذليَ التعبان يطلبني

أسلو فيأخذني من عقلِهِ الضحك

وكيف أسلو هوى بدرٍ رضيت بأن

أشقى به وهو في اللّذَّات منهمك

لو يعلم الترك أهلوه بأنيَ قد

شبَّهته البدر ما أبقوا ولا تركوا

أمير حسنٍ كما قلنا أمير تقىً

في الشامِ وهو على شهبائه ملك

سيف الملوك وكافيهم إذا منحوا

يوم العطاء ويوم البؤس إن فتكوا

نحن بلقياه إن نفنى بفرقته

كأنما نحنُ يا بحر الندى سمك

قالوا امتدحه فقلت العيّ معذرة

قالوا فخذ من حلاه الدرّ ينسلك

أمداحه من عطاه أو فضائله

كأنَّ أمداحه من تبره سبكوا

ذو الجود والبأس كم يحيى ببيِّنةٍ

من حيٍّ أو يهلك الأعدا بما هلكوا

يظنُّ من طار خوفاً من مهابته

أنَّ النجوم عليه في الدجى شبك

وفي النهار يرى خيلاً يضاعفها

كأنَّ ظلّ المذاكي خلفها رمك

فالشام كالحرم المأمون طائره

فيه الأماني وفيه البرّ والنسك

نعمٌ وفي حلبٍ فاضت مراضعها

جدوى خوارزم كالأنواء تعترك

والغيث يهمل لا محلٌ ولا سغبٌ

والأمن يشمل لا خوفٌ ولا دَرَك

إن جادَ فالمزن في العافين منسفحٌ

أو جالَ فالدَّمُ في العادين منسفك

ودولة الناصر السلطان زاهرةٌ

وللسعودِ على أمصارِها برك

كانت عدى الملك كالثعبان فاصطَلحوا

وبعضهم كان كالبرغوث فانْفركوا

إذا تفرزنَ في الطاغين بندقهم

فرأسه بتراب الحتف ينمعك

كسرى من الدولة الشهباء منكسرٌ

قِدماً وقيصر بالتقصير مرتبك

ص: 362

فالأمن يعمر منها فوقَ ما تعبوا

والرُّعب يردع عنها فوقَ ما فتكوا

وأنت نجل ذوي ملك لخدمته

قد قدَّموا منه في الأرواح ما ملكوا

أنت البداوة في التركِ الأولى نشأوا

مع الضراغم في الأغيال تشترك

خيولهم في الوغى للبيض راكضةٌ

وفي جفان القِرى كالبُدنِ تبترك

محمرَّة في العطا آلاف ما وهبوا

كأنهم لدمِ الأكياس قد سفكوا

يا من بحبلِ ولاه أو مواهبه

ومن بمسكِ ثناه فاز ممتسك

جبراً لها مدحة لولاك ما انسلكت

نظماً به سار قوم أية سلكوا

كم مثلها قلت في روض الشباب وكم

قد قال غيري فبانَ الزهر والحسك

قصرت نظميَ إلا أنه نخبٌ

وطوَّل الناس إلَاّ أنهم لبكوا

وما تقضت لبانات لطائفةٍ

قالت حلاوة ألفاظي لقد علكوا

فليعذر الآن مغلوب بعائلةٍ

ليس السكوت بمجديهم ولا الحراك

تدور في أحرف الألفاظ هامتهُ

وما يدور على حرفٍ لهم حنك

أموتُ حزناً إذا عاينت حالهمُ

وما بيَ الموت إلا هذه الترك

خلَّصت رزقهم من كيدِ كائدهم

وغبت عنهم فلا والله ما تركوا

ولي خصومٌ ولست الآن شاكيهم

لكنهم في غدٍ يدرون أينَ شكوا

لا زالَ حظُّك من دنيا وآخرةٍ

ميسراً وحظوظ الناس تعترك

يجرِي بسؤددك الوضَّاح كلّ ثنا

كأنما هو نجمٌ والثنا فلك

وقال في الشهاب محمود

الطويل

أمنزلَ سعدى بالعذيب سقاكا

مُلثُّ الحيا حتى يبلّ صداكا

صدىً كلما أدعو أجابَ كأننا

خلقنا على أطلالها نتشاكى

وربع محا ركض الجنائب رسمه

وجوم غوادي المرزمين دِرَاكا

وقفت أنادي الصبر في جنباته

ألا أينَ مغناها وأين غناكا

كأني بكثرِ الهمِّ أختم في الثرى

رهينة قلبٍ لا يحشّ فكاكا

يعزُّ على المشتاق يا طلل النقا

بلاه على حكم النوى وبلاكا

وما عن رضىً خفَّ القطين ثنيَّة

فأثبت في جسمي الضنا ومحاكا

ص: 363

وطيفٌ سرى للشامِ من أرضِ بابل

لأبعدت يا طيف الحبيب مدَاكا

وذكرتني العهد القديم على الحمى

رعى الله أيام الحمى ورَعاكا

فديتك طيفاً لا يذكر ناسياً

ولكن يزيد المستهام هلاكا

تصيَّدته والأفق مقتبل الدجى

تخال النجوم الزهر فيه شباكا

إلى أن تيقَّظنا على أرجٍ كما

بذكر شهاب الدين يفتح فاكا

إمامٌ إذا هزَّ اليراع مفاخراً

به الدهر قال الدهر لست هناكا

وقالت له العليا فداك ذوو العلى

وإن قلَّ شيء أن يكون فداكا

وقال زماني ما تضرُّ إساءتي

إذا استغفرت لي في الآثام يداكا

لكَ الله ما أزكَى وأشرف همَّةً

وأنجح في كسب العلوم سراكا

علوتَ فأدركتَ النجوم فصغتها

كلاماً ففقت القائلين بذاكا

وحزتَ معاني القول من كلِّ وجهةٍ

فأبق علينا نبذةً لثناكا

وحكتَ رقيق اللفظ منفرداً به

وقد قيل إن الروض حاكَ فحاكى

وجاوزت صوب الغيث في حلية الندى

فعبس لما جزته وتباكى

ولو لم تكن للجودِ في الناس آية

لما كانَ منهلّ الغمام تلاكا

متى تتميَّز مادحوك ولم تقل

من الوصفِ إلا ما تقول عداكا

تجاوزت أشتات المساعي إلى العلى

وزدت فأعيى الواصفين سناكا

وحقّك ما فوقَ البسيطة لاحقٌ

فقصر رعاكَ الله بعض خطاكا

مدحتكَ لا أبغي ثراءً بذلته

إليَّ ولكن رفعة بثراكا

بعيشك إلا ما تأمَّلت صفو ما

منحتك من ودِّي بعين رضاكا

فأقسمُ ما ضمَّت كحبّك أضلعي

ولا اسْتنشقت روحي كنشر هواكا

أكاد أطيق السيل أدفع صدره

ولا أدَّعي أني أطيق جفاكا

ومن ذا الذي يدري حُلا ما أقوله

سواكَ ومن يدري سوايَ حلاكا

تخذتك أنساً حين أوحشتْني الورى

وقلت لراءي المستقيم هناكا

يجدّد لي ذكرى كمالك نقصهم

كأنيَ من كلِّ الأنام أراكا

فلا وحماكَ الرَّحم لا بتّ مهدياً

حقائق أمداحِي لغير حماكا

بلى ربَّما آنست في الفكر فترةً

فجرَّبت فكري في مديحِ سواكا

ص: 364

وقال بدرية في ابن فضل الله

الطويل

خليليّ من مصر قفا نبك في السَّبك

على عيشنا بالنيلِ في فلك الفلك

على مصر والهفي على مصر لهفة

يصحُّ بها قلبي المشوق على السبك

ويا طربي فيها إلى سود أعينٍ

على مثلها في كلِّ داجيةٍ أبكي

أعاذلتي ما أنت منِّيَ في الهوى

ولا أنا في أنساب هذا الهوى منك

تشكُّ سهام اللحظ قلبي بالأسى

وقلبك خالٍ من سهامٍ بلا شكّ

بكم آل فضل الله طافت مقاصدِي

وتمَّ على نجح الرجا بكمُ نسكي

رفضت الورى لمَّا علقت حبالكم

ونزَّهت دين الحبّ فيكم عن الشرك

وستر فؤادِي أن أقلام بدركم

سرورٌ لذي ودٍّ وغيظٌ لذي محك

لأقلام مولانا ثناً متضوّعٌ

فهل هي في الكافور تكتب بالمسك

وما هي إلا القضب إمَّا موائساً

وإمَّا مواضي الحدّ تحمي حمى الملك

إذا ما دعاها الدهر يا عزَّة الهدى

بذا فدعاها السطو يا ذلَّة الشرك

إذا أتبعت ألفاظها بصريرها

طربنا لأقوال البلاغة في هنك

إذا ما اليدُ البيضاء ألقت عضالها

تلقف صنع الحقّ صنع ذوي الإفك

وإن لم تكن موسى فإنَّ محمداً

كثير الأيادِي البيض في الظلم الحلك

نعمٌ إنَّها في كفِّه قصب العلى

بسفنٍ وتحملن العلى ضخمة السمك

دقاق تحملن الجليل وتشتكي

إليها فلا تشكو ولكنها تشكي

تربَّت بآكام الأسود ترابها

مواقع سحب ما نداها بمنفكّ

فجاءت تحاكي الأسد والسحب سطوة

وجوداً وللحاكي فحار على المحكي

مسخَّرةٌ تجري بما ينفع الورى

على يدِه فانظر إلى البحرِ والفلك

مؤمَّرةٌ تسري إلى حومة الوغى

ومن أسودٍ في أبيضٍ علم الرّنك

مسدَّدة الأفعال والبأس والندى

مثقفة الآراء في الأخذِ والترك

فأحسن بها في الطرس هيفا كحيلة

تريك قدود العرب مع ثقل الترك

وأعجب لها كالنبل تنكي وتارةً

تحصّن من وقع النبال التي تنكي

وبالظلِّ منها وهو ظلُّ يراعةٍ

تمرُّ على الدنيا ستوراً من الهتك

ص: 365

هي الألفات المائلات بكفِّه

على أنها اللامات في المعرك الضنك

قصار تحاماها الرماح طويلةٌ

نواحل يستشفى بها الحال من وعك

وأقسم ما الشهب المنيرة في السما

إذا كتبت يمناه أرفع من تلك

يدكُّ الحيا دوراً وفي سحبها حياً

ينجِّي ديار المقترين من الدَّكّ

ويعلو على تبر السبائك حظّها

فإن شئت حاكي بالسبائك أو احكي

وكم قلمٍ ما مرَّ تلوَ دواته

وهنَّ لتدبير الممالك في دنك

أمامك يا ممتازها ومشيرها

طريقان شتى من نجاةٍ ومن هلك

تلاعب بالأبطال إن قصدوا الفنا

كأنَّ الوغى منها يلاعب بالدّك

فلا برحت بدرية النصر والعلى

مؤملة النعماء مرهوبة الفتك

لها أسطرٌ مثل السيوف لدى الوغى

وترميلها في صحفها من دم السفك

ولو نوزعت في فخرها قال ربها

نعم في يدي هذا الفخار وفي ملكي

ولو أنَّ سيفاً فاتحاً فكّ غمده

يصور عليها عاجل الفكّ بالفكّ

عوارفها كالمزن دائمة البكا

وأدراجها كالزّهر دائمة الضحك

أنظّم درّ الوصف من نظمها لها

وليس لألفاظي سوى رقّة السلك

وقال تاجية في ابن خضر

الكامل

يا بارقاً من نحو بشر باسمه

أذكرتني عهد الهوى المتروكا

وحكيت إيماض الثغور فلا تسل

عن خافقٍ من أضلعٍ تحكيكا

خذ من دموع العين جارية فقد

خلفت قلبي للأسى مملوكا

وعهدته للحبّ بيتاً سالماً

فعلامَ يتركه الأسى منهوكا

إيهاً فقد شفيَ ابن خضر فلم يدع

قلباً ولا جداً لنا موعوكا

تاج العلى والعلم والكرم الذي

أضحى له تبر الثنا مسبوكا

والواضح الفضل الذي لم يلق في

علياه لا لبساً ولا تشكيكا

والطاهر النسب العريق فحبذا

أصلٌ وفرعٌ في العلى يرضيكا

أبناء بيتٍ ما رأت عين الثنا

شيئاً لهم في الفضل لا وأبيكا

يا ابن العلى أحيا مقام علائهم

متوحّداً لا يقبل التشريكا

ص: 366

يا من بكفي جاههِ ونوالهِ

أحبا وأحيا الخامل الصعلوكا

الله بالبرِّ المعجّل والشفا

ستر الزمان وحالنا المهتوكا

لا زال مثلي كلّ شاكر نعمةٍ

يدعو بطول بقاك أو يدعوكا

لك في الأولى حظّ وفي طرق العلى

قدَمٌ وكفٌّ يحسنان سلوكا

وقال يرثي قاضي القضاة نجم الدين

البسيط

يا طالب الجود لا تتعب أمانيكا

فقد تغيب نجمٌ كان يهديكا

ويا فتى القصد يروي عن غمام يدٍ

فلك الذي كان ترويه ويرويكا

إنا إلى الله من دهياء قد جعلت

معنى التصبر بين الناس متروكا

وحسرة ثنت الأجفان جارية

والقلب تحت أسار الحزن مملوكا

آهاً لفقدك نجم الدين من رجلٍ

لو أن آهاً تروّي غلّتي فيكا

أرعى النجوم لعلي أن أراك بها

لا بالثراء وقبل أن أراعيكا

وأسكب الدّمع محمرًّا كأنيَ قد

أجريت ذائب ما أعطيت مسبوكا

من لي بنفسٍ يكون الخطب قابلها

فكنت أفدي حمى العليا وأفديكا

مالي أناديك والنعمآء صامتة

وما عهدتك تلقي من يناديكا

هذا الغياب الذي قد كنت أحسبه

حتى أكاد قبيل الفقد أبكيكا

لهفي عليك لفضل ما تركت به

في القول فضلاً ولا في الخلق صعلوكا

لهفي عليك لبيت قد تحيّفه

عروض دهر فأضحى البيت منهوكا

لهفي عليك لأحكام مسدّدة

تدني إلى الغرض الأقصى مراميكا

لهفي عليك لآداب مهذبة

لحظاً يراعيك أو لفظاً يناجيكا

إن يفقد المستفيد العلم من كلم

ملكاً فقد فقدَ الصوفيّ تسليكا

من للفضائل تحلوها لهاك لنا

وللفواصل تجلوها مساعيكا

من للقصائد يستوفي موازنها

فيض الندى وهو من جدوى معانيكا

من للمعاني التي صيرت غايتها

للأسر عتقاً وللأحرار تمليكا

فمن يجاريك يعرف قدر ما فقدت

منك الأنام وقل لي من يجاريكا

قالوا السراة كثير حين تخبرهم

الآن يبصر من يسري مساريكا

ص: 367

ما كان ضرّ المنايا في تقلبها

لو تستبيح بني الدنيا وتخطيكا

يا غائباً ولُهى كفّيه حاضرة

مهما سلوت فلا والله أسلوكا

إني لأذكر للإحسان مرّ يدٍ

فكيف أنسى وقد حلّت أياديكا

وا خجلتا لمقامٍ قد حضرتُ به

وما سقاني بكاس الموت ساقيكا

وفى لك الجود لما صحّ ذيْنكما

نعم وما الخلّ إلا من يوافيكا

وأصبحت قضب الإسلام ناسكةً

شعثاً محاسنها تحكي مساويكا

كانت عواليَ يستكفي الزمان بها

ثم انقضت فروينا عن عواليكا

ما كنتَ إلا غماماً زال عن أفقٍ

من بعد ما كفّت الدنيا غواديكا

وطوْد حلم الهوى من بعد ما زحمت

وَكرُ السماء ونسريها معاليكا

تلقى أعاديك بالإحسان مبتسماً

حتى يكاد وليٌ أن يعاديكا

وتحمل الأمر قد أنضت فوادحه

صمّ الجبال ولكن ليس ينضيكا

لو شكّ طرف امرئٍ في الشمس طالعة

لم يبقَ في فضلك الوضَّاح تشكيكا

ولو حمى المرءَ من موت صنائعه

لأقبلت من فجاج الأرض تحميكا

هذي وفودك قد أمّت ثراك كما

أمّت بعين الندى قدماً معانيكا

قاموا يعزون فيك اليوم أنفسهم

وقمتُ في الجود والعليا أعزّيكا

أمرّ بالرّبع والأجفان تنشده

بليت يا ربع حتى كدت أبكيكا

كأنَّ بابك لم تحفل مواكبه

وبرق بشرك لم يحلب عزَاليكا

بعداً ليومك ما أبكى نواك وما

أحلى لمطّلب النعمى مجانيكا

حسّت دمشق وفاضت نفسها أسفاً

أما ترى محلها بالمحلِ مسفوكا

كانت أياديك من بين البلاد بها

ستراً فأصبح ذاك الستر مهتوكا

إذا شدا الطير شقَّ الزهر من أسفٍ

ثيابه فكأنَّ الطير يرثيكا

لا تبعدنَّ فلا لاقيت مغربةً

ولا سلكت طريقاً ليس مسلوكا

ولا انثنيت قصيّ الدار محتجناً

إلا وشخص بنيكَ الطهر يدنيكا

جادت ضريحك أخلاف الغمام ولا

زالت تجرّ ذيولاً فوق ناديكا

ما أنت ميتٌ وهذا الذكر منتشرٌ

وإنما نحن موتى من تناسيكا

ص: 368

وقال في أمير علي النائب

البسيط

قالوا أمير فقال العدل بل ملِك

قالت مخافته لله بل ملَك

نعم عليّ العلى دنيا وآخرة

والعقل يشهد والآثار والفلك

لو تسأل البدر أنبا عن سناه بلا

تكلُّفٍ وتجلى باسمه الحلك

فليهنَ شامٌ له من دأبه حلبٌ

حماه بأساً فلا بأس ولا دَرَك

كم آمن فيه أمنَ الطيرِ في حرمٍ

وكان مثل قطاةٍ غرَّها شرَك

لا تذكرنَّ بحاراً عند أنعمه

إنَّ البحار لدى نعمائه برَك

واسمع مدائح كالأسلاك من دُرَرٍ

غنَّى بها مادحوه أيّة سلكوا

ومن مقطعاته قوله

الخفيف

نقلوا أنني سلوت هواك

آه من نقل آثمٍ أفَّاك

حاش الله لو سليت على النا

ر فؤادِي ما كنتُ ممن سلاك

سائلي سائلَ الدموع بخدِّي

عن جوى القلب وانظري مغناك

ولقد لام في ضنا الجسم لاهٍ

ما قضى ما قضيته في حماك

لائمي إنَّ في الضنا ليَ عذراً

كلَّما اشتقت أهل وادِي الأراك

فسقى الغيث بالأراكِ حبيباً

صارَ جسمي عليهِ كالمسواك

ومليكاً قد ماتَ بعد مليكٍ

بحماة يا حرّ قلبي لذاك

ــ

الطويل

تصول بأسياف الجفون وتسفك

فيا لدمٍ من جفنِ عينيّ يسفك

حلت ليَ منها نسبة قاهريَّة

على أنَّ قلبي في هواها مشبك

إن استعبدت قلبي فنظمي على الورى

بمدح الإمام المالكيّ مملك

أقاضي القضاة العلم فرداً وسؤدداً

أيا فرد ودِّي إنه فيك يشرك

ملكت ولائي بالندى وشرطت لي

فكان الندى بالجاهِ والشرط أملك

فهنئت بالأعيادِ سالكة الهنا

إليكَ بمنظومِ الثناء يسلك

ولا برح العافي بذلك أو شذا

مديحك ما بين الورى يتمسك

ــ

ص: 369

الطويل

إذا وصف الإنسان بالبرِّ والتقى

يقولون هذا من عديد الملائكه

وأقسم يا جبريل ما لك في الورى

مثيلٌ فأيد يا إلهي مسالكه

وبالناصر السلطان زده مكانةً

وعمّر به أملاكه وممالكه

وعجَّل لراجي بابه كلّ ساعة

مطالبه أو للشقيّ مهالكه

ــ

المنسرح

هنئت يا أكرم العباد به

عاماً سعيداً على معاليكا

يخدم علياك بالهلال أما

تراه كيف انْحنى يحييكا

كأنه منجلٌ حباك بهِ

يحصد أعمار من يعاديكا

ــ

المجتث

ومولعٌ بفخاخٍ

يمدُّها وشباك

قالت لي العين ماذا

يصيد قلتُ كراك

ــ

المديد

لي صديقٌ سيدٌ سندٌ

بيننا الآداب مشتركه

كلما قابلت طلعته

قيل لي يا سعدها بركه

ــ

الرمل

كان لي عبدُ يسمَّى فرجا

نصب الغير عليه الشَّبكا

وأنا اليوم كما تبصرني

ليس عندِي فرجٌ إلَاّ البكا

ــ

البسيط

قالت خزائن علمٍ إن شكا ألماً

وزيرنا فلنعم الأخوَّة الشركه

هذا أخوه الذي بالسعدِ أنعته

الله يبقي لنا في عمرِه البركه

ــ

الرمل

حبَّذا للدين والدنيا فتًى

حيثما كان سعيد الحركه

كل أفقٍ سار فيه ذكره

يا له سعدٌ ثنته بركه

ــ

الرمل

أنا في خيرٍ وميرٍ بحمى

صاحب سلك قصدي مسلكه

أصل ذا سعد من الله أتى

ولعمري كلّ هذا بركه

ــ

مخلع البسيط

يا معتق المذنبين ممّا

خافوا من النار والمهالك

أعتق من المهلكات رقي

ولا تحكّم عليّ مالك

ــ

المجتث

مولايَ رفقاً بقلبٍ

صدّعته بجفائك

ص: 370

لا تكسرنّ إناءً

ملآنةً بوَلائك

ــ

الكامل

عش يا محمد سالماً بيت العلى

إذ كلّ بيتٍ في الورى منهوك

وفدًى لك المملوك بالأمس انقضى

يا سيدي وفدًى لك المملوك

ــ

السريع

أقول للشاهد إذ ينثني

عطف رشاً قلبي به قد هلك

يا معطف الشاهد سبحان من

سوَّاك في الحسنِ ومن عدَّلك

ــ

مجزوء الرمل

رُبَّ ذي شرطٍ على الخ

دِّ وذي خالٍ ممسَّك

ملكا قلبيَ في الحبّ

وكان الشرط أملك

ــ

الكامل

سلبت محاسنك الغزال صفاته

حتى تحيَّر كلّ ظبي فيك

لك جيده ولحاظه ونفاره

وغداً تصير قرونه لأبيكا

ــ

الطويل

لوالدكَ الممدوح مرأًى مباركٌ

ولولاك في عليائِهِ لم يشارَكِ

فإن تروَ أخبار التقى عنك والعلى

فإنك عبد الله وابن المبارَكِ

ــ

مخلع البسيط

إن عشتُ فيكم بغير قوتٍ

فلستُ مستنكراً لذلك

ما كنتُ فيكم بآدميّ

فصرت من جملة الملائك

ــ

الخفيف

يا جفوني دعي الكرى بعد مرأى

فاتن الحسن ناصبٍ لشراكِ

فهوَ إمَّا بحرفه أو بحسنٍ

ليس فيك ينفكُّ صائداً لكراكي

ــ

الخفيف

ومليحٌ إذا نظرت إليه

نظرة خفَّفت أليم عذابك

قال لي جفنه استعدّ لحربي

قلت يا خدّهُ دمي في ثيابك

ــ

مخلع البسيط

جدتم بما قلَّ عن ظنوني

فزاد في لوعتي وهُلكي

لا لذَّة اليسر في حماكُم

نلت ولا لذَّة التشكِّي

ص: 371