المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌حرف اللام وقال يمدح رسول الله صلى الله عليه وسلم البسيط ما الطرف - ديوان ابن نباتة المصري

[ابن نباتة]

الفصل: ‌ ‌حرف اللام وقال يمدح رسول الله صلى الله عليه وسلم البسيط ما الطرف

‌حرف اللام

وقال يمدح رسول الله صلى الله عليه وسلم

البسيط

ما الطرف بعدكم بالنومِ مكحول

هذا وكم بيننا من ربعكم ميل

يا باعثين سهاداً لي وفيض بكا

مهما بعثتم على العينين محمول

هَبكم منعتم جفوني من خيالكم

فكيفَ يمنع تذكارٌ وتخييل

في ذمَّة الله قلبٌ يوم بينكمُ

موزع ودم في الحبِّ مطلول

شغلتمُ بصباحِ الأنس مبتسماً

وناظري بظلامِ الليل مشغول

كأنما الأفق محرابٌ عكفت به

والنيِّرات بأفقيه قناديل

ما يمسك الهدب دمعي حين أذكركم

إلا كما يمسك الماءَ الغرابيل

ورُبَّ عاذلة فيما أكابده

وقلَّ ما قيل والتحذير معذول

باتت زخارفها بالصبر واعدةً

وما مواعيدها إلَاّ الأباطيل

سقياً لعهد الصبا والدار دانية

والشمل مجتمعٌ والجمع مشمول

يفدِي الزمان الذي في عامه قصرٌ

هذا الزمان الذي في يومه طول

لم لا أشبّب بالعيش الذي سلفت

أوقاته وهو باللذَّات موصول

لو كنت أرتاع من عذلٍ لروَّعني

سيف المشيب برأسي وهو مسلول

أما ترى الشيب قد دلَّت كواكبه

على الطريقِ لو أنَّ الصبّ مدلول

والسنُّ قد قرَّعتها الأربعون وفي

ضمائر النفس تسويفٌ وتسويل

حتَّى مَ أسأل عن لهوٍ وعن لعبٍ

وفي غدٍ أنا عن عقباه مسؤول

ولي سعاد شجونٍ ما يعبّ لها

إمَّا خيالٌ وإلَاّ فهو تخييل

أبكي اشْتياقاً إليها وهي قاتلتي

يا من رأى قاتلاً يبكيه مقتول

ص: 372

مسكيَّة الخال أمَّا ورد وجنتها

فبالجنى من عيونِ الناس مبلول

فإن يفح من نواحي خدّها عبقٌ

فالمسك فيه بماءِ الورد مجبول

تفترُّ عن شنبٍ حلوٍ لذائقه

في ذكره لمجاج النحل تعسيل

مصحح النقل عن شهدٍ وعن بردٍ

لأنه منهلٌ بالراح معلول

وبارق من أعالي الجذع أرَّقني

حتَّى دموعي على مرجانه لولو

مذكِّري بدنانيرِ الوجوه هدًى

تحف في فيه عُذَّالٌ مثاقيل

إلى العقيق فهل يا طيب طيبة لي

عقد بلفظي إلى مغناك منقول

وهل أرى حامل الرجوى كأنيَ من

شوقي ومن وَلهي بالقربِ محمول

إن لم أنل عملاً أرجو النجاة فلي

من الرسول بإذن الله تنويل

حسبي بمدحِ رسول الله بابُ نجاً

يرجى إذا اعْترضت تلك التهاويل

أقولُ والقدر أعلا أن يحاولهُ

وصلٌ وإن جهدت فيه الأقاويل

ماذا عسى الشعراء اليوم مادحة

من بعد ما مدحت حم تنزيل

وأفصحت بالثنا كتب مقدَّمة

إن جيل في الدهر توراة وإنجيل

محمد المجتبى معنى جبلته

وما لآدم طينٌ بعد مجبول

والمجتلى تاج علياه الرفيع وما

للبدر تاجٌ ولا للنجمِ إكليل

لولاه ما كانَ أرض لا ولا أفق

ولا زمانٌ ولا خلقٌ ولا جيل

ولا مناسك فيها للهدى شهبٌ

ولا ديارٌ بها للوحيِ تنزيل

ذو المعجزات التي ما اسطاع أبرهةٌ

يغزو منازلها كلَاّ ولا الفِيل

إن شق إيوان كسرى رهبة فلقد

جاء الدليل بأن الكفر مخذول

وإن خبا ضرم النيران من زمنٍ

فالبحر منسحب الأذيال مسدول

أوفى النبيِّين سيفاً واتضاح علىً

كأنه غرَّةٌ والقوم تحجيل

نعم اليتيم إذا عدَّت جواهرهم

وضمَّها من عقود الوحي تفصيل

ما زال في الخلقِ ذا جاهٍ وذا خدمٍ

لكن خادمهُ المشهور جبريل

مبرأ القلب من ريبٍ ومن دَنسٍ

وكيف وهو بماءِ الخلدِ مغسول

مجاهداً في سبيل الله مصطبراً

ما لا غزَت في العدى الطيرِ الأبابيل

في معشر نجب تغزو نبالهم ما لا غزت في العدى الطير الأبابيل

ص: 373

كأنما نبل ماضيهم وحاضرهم

لها على من بغى سجلٌ وسجّيل

مثل الشواطب إن صالوا أو افتخروا

فالحدّ مندلق والعرض مصقول

يطيب في الليلِ تسبيحٌ لسامرهم

وما لهم عن حياض الموت تهليل

كأنهم لانتظار الفضل بيت ثنا

شخص النبيّ له معنىً وتكميل

قومٌ إذا رقصت فرسانهم طرباً

كأنَّ رايات أيديهم مناديل

الكاتبون من الأجسام ما اعْتبرت

سمرٌ وبيضٌ فمنقوطٌ ومشكول

حيث الحمام شهيّ وهو من صبرٍ

يجنى فيا حبَّذا الغرّ البهاليل

حتَّى اسْتقام عمود الدين وانْفتحت

سبل الهدى وخبت تلك الأضاليل

روح النجاة الذي قد كانَ يهرع في

أبواب مغناه روح الوحي جبريل

ومفصحٌ حين يروى الصاد من كرمٍ

فللمحاسن ترتيبٌ وترتيل

وجائدٌ لا يخاف الفقر قال ندى

كفَّيه يا مادحي آلائه قولوا

وما الأقاويل إن طالت وإن قصرت

عروض ما بسطت تلك الأفاعيل

حامي حمى البيت بالرعب المقدم ما

ناواه أبرهةُ العادي ولا الفيل

تضيء في الحرب والمحراب طلعته

فحبذا في الدجى والنقع قنديل

وقامَ في ظلِّ بيت الله شائده

فحبذا لنظام البيت تكميل

ذاك الذي نصبت في نحو بعثته

هذي المحاريب لا تلك التماثيل

وفاضَ من جانبِ البطحا لكل حمى

صافٍ بأبيض أضحى وهو مشمول

وكلُّ أرض بها الجنَّات مزهرةٌ

للمؤمنين فتعجيل وتأجيل

وكلُّ ملة دين غير ولته

تروى فللقابس القسيس قنديل

ولليهوديّ مع كحل العمى نظر

على المجوسيّ أيضاً فيه تكحيل

حتَّى أتى عربيٌّ يستضاء به

مهند من سيوف الله مسلول

كم معجز لرسول الله قد خذِلتْ

به العدى وعدوّ الحق مخذول

فاضَ الزلال المهنى من أصابعه

نعم الأصابع ومن كفَّيه والنيل

وبورك الزاد إذ مسَّته راحته

فحبذا مشروب منها ومأكول

وخاطبته وحوش البيد مقبلةً

فالرجل عاسلة واللفظ معسول

ص: 374

وحازَ سهم المعالي حين كانَ له

من قاب قوسين تنويهٌ وتنويل

على البراق لوجه البرق من خجلٍ

ورجلٌ مسعاه تلوين وتشكيل

لسدرة المنتهى يا منتهى طلبي

ما مثله يا ختام الرسل تحويل

يا خاتم الرسل لي في المذنبين غداً

على شفاعتك الغراء تعويل

إن كانَ كعبٌ بما قد قال ضيفك في

دار النعيم فلي في الباب تطفيل

وأين كابن زهير لي شذا كلمٍ

ربيعها بغمام القرب مطلول

وإن سُمي بزهير صيغةً فعسى

يسمو بنبت له بالشبه تعليل

بانت معاذير عجزي عن نداكَ وعن

بانت سعاد فقلبي اليوم متبول

صلَّى عليك الذي أعطاك منزلةً

شفيعها في مقامِ الحشر مقبول

أنت الملاذ لنا دنيا وآخرةً

فباب قصدك في الدارين مأهول

وقال مؤيدية

البسيط

نفسٌ عن الحبِّ ما حادت ولا غفلت

بأيّ ذنبٍ وقاك الله قد قتلت

وعين صبٍّ إلى مرآك قد لمحت

كفى من الدمع والتسهيد ما حملت

دعها ومدمعها الجاري فقد لقيت

ما قدمت من أذى قلبي وما عملت

أفديك من ناشط الأجفان في تلفي

والسحر يوهن طرفي أنها كسلت

وواضح الحسن لو شاءت ذوائبه

في الأفق وصل دجى الظلماء لاتصلت

معسل بنعاسٍ في لواحظه

أما تراها إلى كلّ القلوب حلت

من لي بألحاظ ظبي تدَّعي كسلاً

وكم ثياب ضناً حاكت وكم غزلت

وسمرة فوق خدَّيه ومرشفه

هذي تروَّت مجانيها وذي ذبلت

أما كفانيَ تكحيل الجفون أسىً

حتَّى المراشف أيضاً باللّمى كحلت

لو ذقتَ بردَ رضابٍ في مراشفه

يا حارُ مل لمَّت أعضائي التي ثملت

أستودع الله أعطافاً شوَت كبدي

وكلما رمتُ تجديد الوصال قلت

ومهجةٌ ليَ كم ألقت بمسمعها

إلى الملامِ ولا والله ما قبلت

كأن عيني إذا أرفضت مدامعها

عن المؤيد أو صوب الحيا نقلت

ملكٌ له في الوغى والسلم بسط يد

مأثورة الفضل إن صالت وإن وصلت

تعطي الألوف إذا جادت لمطلبٍ

ومثل أعدادها تردِي إذا قتلت

ص: 375

في كلِّ نهجٍ ومرماة ركاب سرى

لولا ابن أيوب ما شدَّت وما رحلت

إن تغش أبواب مغناه التي فتحت

فطالما بالعطايا والندى قفلت

سل عن عطاياهُ تسأل كلّ وافدةٍ

من المدائح فازت قبلما سألت

فضلٌ أبرُّ فوفي الحمد غايته

وراحة فعلت كل الندى فعلت

وسيرةٌ عدلت في الخلق قاطبةً

مع أنها عن سبيل الحق ما عدلت

وهمَّةٌ في العلى والعلم دائبة

شبَّت على شرف الفنيين وابْتهلت

هذي السيادة تعلو كلما اتضعت

وأنمل الفضل تهمي كلما عذلت

أنى يقايس بالأنواءِ نائله

وهي التي باحمرار البرق قد خجلت

جادت يداه بلا منٍّ ينغِّصها

والمنّ يظهر في الأنواء إن نزلت

وشاد بالجود ما شادت أوائله

والسحب قد تهدم البنيان إن هطلت

لا شيء أليق من مرأى أنامله

إذا تأمَّلت أمرّيها وما كفلت

تخط بالرمحِ في الأجسادِ صائلة

وتطعن العسر بالأقلام إن بذلت

لحملة الحرب أو حمل الندى خلقت

فليس تنفكّ من شكرٍ لما حملت

لو قيل إن شموس الصحو خافية

ما قال عنها عدو أنها بخلت

يممه والسحب عقم واخشَ سطوته

والخيل من حدبِ الهيجاء قد نسلت

ذاكَ الكريم الذي يجدي مدائحنا

وكان يكفي من الجدوى إذا قبلت

من مبلغ الأهل أني ضيف أنعمه

وإن كفِّي على الآمالِ قد حصلت

عزيمة السعي ما خابت وسائلها

وآية المنطق السحَّار ما بطلت

وانْشر على الناسِ أمداحِي التي اشْتهرت

فإنها في معاني مجده اشْتغلت

أما ووصف ابن شادٍ قد سما وعلا

والله ما قصرت عيني ولا سفلت

لا أسأل الله إلَاّ أن يدوم لنا

لا أن تزاد معانيهِ فقد كملت

وقال فيه أيضاً

الطويل

حلفت بما يملا النديم وما يملي

لقد بتُّ عن عذل العواذل في شغل

إذا نادت الأحشاء يا آل محرق

أجابت فنادت فكرتي يا بني ذهل

بروحِيَ فتَّاك اللواحظ طالب

كرى مقلتي يوم الندى زدته عقلي

ص: 376

من المغلّ أشكو نحوهُ ألم الهوى

وطبّ الهوى عندِي كما قيل بالمغلي

أعيذ سناه والعذار وريقه

بما قد أتى في النورِ والنمل والنحل

وأصبو إلى السحرِ الذي في جفونهِ

وإن كنت أدرِي أنه جالبٌ قتلي

وأملأ أوصال الدروج رسائلاً

فتبخل هاتيك الشمائل بالوصل

ويعجبني رمل المنجم باسمه

وما ذاك إلا حبّ من حلَّ بالرمل

لعلَّ الصبا تهدِي إليَّ رسالةً

فقد تعبت ما بيننا ألسن الرسل

يعلِّلني مسرى الرياح وطالما

تعلَّلت العشَّاق بالريحِ من قبلي

ويعذلني من لا يهيم وأدمعي

كجدوى عماد الدين سابقة العذل

إذا سحبت جدوى المؤيد ذيلها

تغطى فخار الفضل من ذلك الفضل

مليك إذا رمنا مديح جلاله

فأقلامنا تجري وأوصافه تملي

مجدّد أيام الحامد والندى

ودافع أيام الشكاية والأزل

وباعثها للحربِ جرداً سوابحاً

كأن دم الأبطال من تحتها يغلي

إذا حفيت فوقَ الجسوم تعوَّضت

بكلِّ جبينٍ كالهلال عن النعل

إذا ما دعته الحرب يا قاتل العدى

بدا فدعاهُ الجود يا قاتل المحل

إذا جئته للعلمِ والجودِ طالباً

فيا لك بحر باهر الفضل والفصل

يقدّم في أهل العلى شرف اسمه

كما قدَّم الاسم النحاةُ على الفعل

وتخدمه حتَّى النجوم محبَّة

ومن أجل ذا تعزى النجوم إلى عقل

هو المرتقي فوق السها بعزائمٍ

درت كيف ترقى للفخارِ وتستعلي

تفرَّد لولا ناصر الدين بالعلى

فيا حبَّذا أنس الغضنفر بالشبل

سليل علاً شفت مخايل مجده

ودلَّت كما دلَّ الفرند على النصل

يروق لرائيه عليه من النهى

ألذّ حلى ممَّا يروق من الشكل

وتعرف فيه من أبيه شمائلاً

ومن جدِّه والسابقين من الأهل

حوى الدهر من علياه أشرف نسخةٍ

فقابلها يوم المفاخر بالأصل

كأنك يا ظلّ العفاة بشخصه

يجاريك للعلياء كالشخص والظّل

يمدُّ لك الله التمكُّن والبقا

ويعطيك ما ترجوه من رتب الفضل

إلى أن تراه في ذرى المجد راقياً

رفيع منار الذكر منتشر العدل

ص: 377

مثيلك في يومي وغىً ومكارمٍ

وقد قمت أياماً كثيراً بلا مثل

وملتقياً منِّي مدائح عوّدت

فرائدُها لقيا مقامك من قبل

أصوغ له منها وألحق نسله

فأجمع مدح الجد والأب والنجل

فديتكَ ملكاً في نداه وبشره

غمامٌ لمستجدٍّ وصبحٌ لمستجلي

تخيَّرته دون الأنام ولذَّ لي

به بدل البعض الجميل من الكلّ

وأنزلت آمالي لديه وإنه

لأكرمُ من آل المهلَّب في المحل

تُفصّح لفظي مجزلاتُ هباته

فتحسن أمداح الجزيلة بالجزل

سقا الله أيام المؤيد بالهنا

إذا ما سقا الأيام بالطّلّ والوبل

لقد أمَّنتنا من أذى كلّ حادث

وقد فرَّغتنا للتنعّم والدّلّ

فلا جائرٌ فينا سوى ساق غادةٍ

ولا ظالمٌ إلَاّ من الأعين النجْل

وقال يمدحه أيضاً

الكامل

أهوى بمرشفه الشهيّ وقال ها

ويلاه من رشاءٍ أطاع وقالها

وأمالت الكاسات معطف قدّه

بقصاص ما قد كانَ قبل أمالها

فمصصت من رشفاته معسولها

وضممت من أعطافه عسّالها

وظرفت في اليقظات منه بخلوة

ما كنت آمل في المنام خيالها

ولرُبما أهوى بكأس مدامة

لولاه ما حملت يدي جرياً لها

طبخت بنار خدوده في كفِّه

فقبلتها وشربت منه حلالها

حتَّى إذا هوت النجوم وأطفأت

في الصبح أنفاس النسيم ذبالها

ولى وأسأر في الجوانح حسرة

لو شاء عائد وصله لأزالها

ومضى بشمس محاسنٍ لولا الهدى

ما كنت أمسك في الوفاء حبالها

ومن البليّة عذّلٌ قد ضمنت

ثقل الملام مقالها وفعالها

يا ليت أرض العاذلين تزلزلت

أو ليتها لا أخرجت أثقالها

والنجم من كأس الحبيب وخدِّه

لا زاغ فكري عن هواه ولا لها

بأبي مضيء الحسن ناءٍ شخصه

سلت الكواكب حسنها وجمالها

متلوّن الأخلاق إلا أنها

لشقاوتي ليست تملّ ملالها

ص: 378

لو ذاق حالة مهجتي ما راعني

دعه يروع ولا يقاسي حالها

هي مهجة ليست يجاور صبرها

كيد المؤيد لا يجاور مالها

جادت يدُ الملك المؤيد جودَ من

لم تخشَ بسطة كفّه إقلالها

يا عاذل الملك المؤيد في الندى

هيَ صبوةٌ قد أتعبت عذَّالها

وشمائل مدّت يمين مكارمٍ

لم ترض أن يدعى الغمام شمالها

سبقت سؤال عفاتها وتعمقت

في الجود حتَّى سابقت آمالها

ما لابن شادٍ في العلى مثلٌ فدَع

علياه تضرب في الورى أمثالها

رقمت بنو أيوب نسخة أصلها

وأتى فكان تمامها وكمالها

ملكٌ تطاولت المطالب نحوه

لكنه بأقلِّ طولٍ طالها

متطابق النعماء صانت كفّه

سرح القريض وشرَّدت أموالها

أخذت براءته العفاة بدهره

ممَّا تخاف وقسَّمت أنفالها

نعماه في عصب قلائد حليها

فإذا بغت عصبٌ غدت أغلالها

يا ربَّ مكرمةٍ وربَّ كريهةٍ

أضحى معيد حياتها قتَّالها

ومسائلٌ في العلم أشكل أمرها

حلاًّ وحلَّ لطالبٍ أشكالها

بيراع سيفٍ أو بسيف يراعة

فصل الأمور جلادها وجدالها

قل للمثل في البسيطة وصفه

دَع سحبها وبحارها وجبالها

هاتيك أمثلة دنت عن قدره

فاطْلب لهاتيك الصفات مثالها

لحماك يا ابن المالكين ترقبت

فكَر الرَّجا رقبى العيون هلالها

أما حماه فنعم دار سيادة

نصبت بمدرجة الطريق جلالها

يسعى لمكة وافدٌ ولأرضها

ولنعم أرضاً وافدٌ يسعى لها

هاتيك قبلة من يروم رشادها

وحماه قبلة من يروم نوالها

في كلِّ حالٍ حولها ليَ معجبٌ

لله ما أشهى إذاً أحوالها

شكرت لهاك فما أشكُّ بأنني

ثقَّلت وهي مطيقة أثقالها

أغنيتني عن كلِّ ذي قلمٍ فلم

أفتح يداً لسواك نداك ولا لها

وكفيتني حتَّى قفوت معاشراً

كثر الندَى فاسْتكثرت أطفالها

أيام مالي غير قصدكَ حيلة

تنجي وتنجح في الورى نصالها

ص: 379

لا زلت مقصود الحمى بقصائدٍ

أصبحت عصمة أمرها وثمالها

لولاك لم يخطر ببالِي نظمها

لا والذي يلقاك أنعم بالها

سألت روايات الندى فتأخرت

عنها الورَى وأجزت أنت سؤالها

وقال يمدح السلطان الناصر حسن رحمه الله تعالى

البسيط

سلوت لكن قلبي يا سعاد سلي

وأنت في الحلّ من قلبي ومن قِبَلي

قد جاء ما جاء من رأيٍ ومن رشدٍ

وزال ما زال من غيٍّ ومن زَللِ

لا الرشد ساعدني من قبل ذاكَ ولا

أصالة الرأي صانتْني عن الخطل

ولا الوجوه قناديلٌ تخادعني

في الحسنِ في طرر الأصداغ كالقبل

حتَّى أضا الشيب في فودِي فأرْشدني

إلى الهدى في سواد الرأس كالشعل

فلا الخلاعة بعد اليوم من أربي

ولا التغزُّل في الأشعارِ من شغلي

وغاضَ ماء شبابٍ قد عصيت بهِ

رأي النصيح فلم أسمع ولم أخل

ولا حصلت على دنيا وآخرةٍ

إلا بدولة من أنشا ذوي الدول

أنشي مدائح سلطان العباد بلا

لغوٍ وأتلو معانيها بلا خلل

الناصر اسماً وألقاباً وأفعلةً

فانْظر لنصرٍ على عطفيه مشتمل

ملك تنقَّل في مدحٍ يلذُّ به

يا لذَّة النقل أو يا لذَّة النقَل

سلطان مصر الرخا والأمن عمَّ فما

بها سوى النيل قطَّاع على السبل

أسعى لأبوابه العليا يبشّرني

بشيرها بنجاحِ القصدِ والأمل

وتنْتهي بي إلى أبوابه مِدَحٌ

تخطو وتخطر بين الحلي والحلل

من فضل جدواه أرجوها فيغْرقني

بحرٌ لديه بحار الأرض كالوشل

ينجي الغريق إذا أعطى وبعض مُضا

سيوفه تفرق الأعداء بالبدل

جوداً وبأساً كأنَّ الأرض بينهما

لم تبد عشباً سوَى الأقلام والأسل

مقسّم السيف والأقلام يوم ندًى

ويوم هيجاء بين الرزق والأجل

أوْفى الملوك إذا عدُّوا لسابقةٍ

تلوَ الزمان وتلوَ الأعصر الأول

جاؤا على عجلٍ لا يلحقون مدَا

سبقٍ كأنَّهمُ جاؤا على مهل

وشائد الملك مشغولٌ بأربعةٍ

من العطا والسطا والعلم والعمل

ص: 380

نجل الملوك إذا جرُّوا عساكرهم

ألهتهم الطعنة النجلا عن النجل

وصرفوا الرأي في عدلٍ ومعرفةٍ

حتَّى بكلِّ طرير السنِّ معتدل

ذو الرأي والراية العلياء سيرتهُ

عمالةُ الجدِّ بين الحيل والحيل

إن لم تكن سيرة البطَّال فهيَ بما

أذاقه للأعادِي سيرة البطل

يا من إذا شغلَ الأملاك لهوهمُ

فنفسه بالتقى والملك في شغل

تهنّ عاماً مضيء السعد متَّصلاً

بألف عامٍ مضيء السعد متصل

عامٌ يقول على رأسي سعت قدمي

لرأس عامٍ بهذا العام محتفل

وكالهلال حبى طهر السلام إلى

بدرٍ فيا حسن مهلول ومكتمل

والعشر قبَّل من يمناك خمستها

عشراً وعشراً ولا يروى من القبل

فدى لطلعتك الأقمار طالعةً

بعد الأهلة كالأخوال والخوَل

متى يوفى مقال المدح ما عملت

نعماك شتَّان بين القول والعمل

فعشْ ودُمْ للعلى والملك مطّلعاً

على المفاخر طلَاّعاً على القُلَل

نلنا المنى السهل يا من حلمهُ جبلٌ

يا فائض الفضل بين السهل والجبل

وقال فيه أيضاً

البسيط

إنسان عيني بتعجيل السهاد بلي

عمري لقد خلق الإنسان من عجل

إن أكتم الحبّ لم تكتم دلائله

وإن أمل لطريق الصبر لم أمل

شوقاً لمحرسةِ العذَّال إن نظرت

سباقة لسيوف اللحظ للعذل

نشيطة العطف كحلا الطرف لو كحلت

لم يرفع الميل جفنيها من الكسل

عدمت صبري ولن أظفر بريقتها

فما حصلت على صابٍ ولا عسل

نالت برغم الغواني فوق ما وصفوا

بالحيل حسناً ونالوا البعض بالحيل

هذا وكم غزلت أجفان مقلتها

ثوب السقام لجسمِ الباسل البطل

غزالة الجفن من غزلان مصر لقد

ملأت من غزلك الدنيا ومن غزل

سقياً لعهد الصبا أيام أسْبقها

طوْراً وتسبقني للهوِ والجدل

أصيدها في حبالِ الشعر عاثرة

يا حبَّذا الظبي في إشراك محتبل

وقد أطارح ورق البان حين نأت

منها النواح ومني دمع منهمل

ص: 381

واستصحّ بمعتل الصبا جسدِي

وربما صحَّت الأجسام بالعلل

لا الصبر ساعدَ قلبي في السلوِّ ولا

أصالة الرأي صانتني عن الخطل

حتَّى أضا الشيب في فودي فأرشدني

إلى الهدى في ظلام الفود بالشغل

فما الصبابة بعد اليوم من أربي

ولا التغزُّل في الأمداح من شغلي

يا من له تركع الأقلام مادحةً

كأنَّها من قبيل الطرس في قُبلي

أنتَ الذي أنبت ملك الجنان له

دعوة مكاتبهِ في المحضر الجلل

يا من رأى جوده العافون منشرحاً

فوجَّهوا العيس تطوي الرمل بالرَّمل

تهنَّ عيداً سعيدَ الفضل حين فدى

نعليكَ بالناسِ من حافٍ ومنتعل

خير الممالك في خير المواسم يا

خيرَ السلاطين يأتي خيرة الدول

عداكَ من جملة الأنعام سارحةً

فصلِّ وانْحر ودمْ وافْخر وصُل وصل

والحظ مدائح عبدٍ قد أجادَ بما

جادت يداك بهِ من ماطرٍ هطل

لي في ذوي النظم روض يستطاب شذا

ريحانه الغضّ أو نوَّاره الخضل

تحمى البزاة بغاث الطير حوزته

فالورق طيَّارة عنه مع الحجل

وأنتَ غيث على ناءٍ ومقتربٍ

فصانك الله في حلٍّ ومرتحل

ولا تزل للورى جبراً لمنكسرٍ

وقراً لمفتقرٍ ملكاً لممتثل

ربيع عدلك في الأقطار منتشرٌ

فكلّ يومٍ حلول الشمس في الحمل

وقال علائية في ابن فضل الله

البسيط

غازلتنا فأعيدِي ماضيَ الغزل

شواهر البيض من مسوّدة المقل

إنا إلى الله تلهينا الأوانس عن

مساجد النسك بالأصداغِ كالقبل

غيد بدت فتولَّى الظبي من حنقٍ

يسعى وأطراف غصن البان من خجل

بأوجهٍ من بني بدرٍ تُناضِلنا

من دونها لحظات من بني ثعل

من كلِّ مسكرة الألحاظ مائسة

يهزُّها الدّلّ هزّ الشارب الثمل

معسولة الثغر إلَاّ أنَّ قامتها

منسوبة القدّ للعسَّالة الذبل

يلذُّ لي هجرها مع بغضها بدلاً

من البُعادِ ومن للعُور بالحوَل

عدمت صبري ولم أظفر بريقتها

فما حصلت على صابٍ ولا عسل

ص: 382

وعاذلي ليسَ يدرِي أن ناظرها

سيفٌ إلى قتلِ مثلي سابق العذل

خالي الحشا إن دعَا فكرِي لشكوتهِ

أجابَ دمعي وما دمعي سوى طلل

يا من تملَّك سكنى القلب معطفها

أعلى الممالك ما يبنى على الأثل

ماذا على العاذل الجهمي منظره

إنَّ الصبابة من كسبي ومن عملي

وما على ظاهريٍّ من محاسنها

إني على الصبرِ فيها أيّ معتزل

لم أنسَ إذ زارني طيف الخيال بها

يخطو ويخطر بين الحلي والحلل

مأمورة الوصل والهجران جائرة

بالرَّدف والعطف بين الريث والعجل

سقياً لعطفٍ على ردفٍ ينوء به

وحبَّذا جبل الريَّان من جبل

وحبَّذا غزلي في الخصرِ قلت لهُ

يا خير منتحل في خير منتحل

وحبَّذا العيش والأيام مسعفةٌ

ومصر دارِي وأحبابي بها خولي

يا بارقاً من نواحِي مصر مبتسماً

بلِّغ تحيَّةَ هامي الدمع منهمل

واذكر إذا هبَّ معتل الصبا جسدِي

فرُبَّما صحَّ الأجساد بالعلل

والملك يصلح عقباها بصالحه

والفضل يقسم من ساداتِها بعلي

ربُّ العطا والنقا إن شمت برقهما

علمت أنَّ عليًّا كيفَ شاء ولي

الباذل الوفر في بدوٍ وفي حضرٍ

والجامع الحمد من سهلٍ ومن جبل

لله كم للعلى بكرٌ محجبةٌ

زفَّت إليه لقد زفَّت إلى رجل

ثبت الجوانب والدنيا مزلزلةٌ

وصائل الرأي والقرضاب لم يصل

والكامل الذات يروي فضل سؤددهِ

عواليَ الفضل عن آبائه الكمل

تجمَّعت فيهِ أقسام الفخار كما

تجمَّعت قسم التفصيل في الجمل

نوال عزٍّ أضافته الصفات إلى

تدبيرِ محتنكٍ في عزم مكتهل

إذا سقى ماله الظمآن أتبعه

جاهاً فيا لك من علٍّ على نهل

في مصر والشام يرجى سحب ذي كرم

بالجودِ مشتهر بالحمدِ مشتمل

مطابق الوصف فوق النجم موضعه

والجود يدنيه قيس الكفّ للأمل

لو قالَ طلت السهى قال الأنام نعم

يا صادق القول والعليا فقل وطل

ما زالَ يعدل حتَّى ما بمصر سوى

من فائض النيل قطَّاع على السبل

ص: 383

ومنشئ اللفظ نبعاً للقلاع فما

يرى كنبعك طلاّعاً على القلل

نعم الفتى أنت في السادات أكبر من

مثل وأسير في الأوصاف من مثل

وأبرع الناس نطقاً ليس محتفلاً

فكيف حين يراعى فكر محتفل

في كفِّه قلمٌ ناهيك من قلم

ومن حسامٍ ومن رزق ومن أجل

معدّل بشهادات العُلى وله

جراح يوم سطا يقذفنَ بالقتَل

حكاه في قطعه حد الحسام وما

حكاه في مقبل الأرزاق متصل

سد يا عليّ فما أبقيت منقبة

يمتاز عنك بها في الأعصر الأول

تحفى بمدحك أقلام مننت على

آمالها وعلى الأسياف في الخلل

يا باسط الجود في سيفٍ وفي قلمٍ

لقد مننت على حافٍ ومنتعل

يا ابن السراة إلى الفاروق نسبتهم

وجمعهم لفخار القول والعمل

البالغين مدى العليا ولو قعدوا

والسابقين ولو ساروا على مهل

من كلّ فاتح أرضٍ غير طائعةٍ

مبارك الفتح أنى سار والقفل

فكل مقترب الأقلام ساجدها

بأشرف اللفظ يحمي أشرف الملل

بلّغتني يا ابن فضل الله مطّلباً

لم أرْجه من بني الدنيا ولم أخل

نلت العلى وكبتّ الحاسدين على

يد اغتنائك لا حيْلي ولا حيَلي

وقد سموت لديوان الرسائل في

طي ادّكارك لا كتبي ولا رسلي

مداً أخوك في مرقاه أوصلني

ولو ترقى إليه النّسر لم يصل

وإن تعذّر معلومي عليه ففي

معلوم جودك أو في مدحه شغلي

إن مدّ قصديَ في الدنيا لغيركُم

يدَ الرجا فرماها الله بالشلل

بلّغتمُ آل فضل الله منزلةً

تحول زهر الدراري وهي لم تحل

يخفّ نظم المعاني في مدائحكم

وفي سواكم فما يخلو من الثقل

ويألف الناس عطفاً من عوارفكم

فما تميل أوانيهم إلى بدَل

أنتم رجائي الذي وحّدت مقصده

في العالمين ولم أعكف على هبل

مالي وما للسرى قصداً لغيركُم

هيهات لا ناقتي فيها ولا جملي

فما لإيضاح لفظي لا يضيء بكم

وقد بذلتم له الأموال بالجمل

فدونكم من ثنائي كل سائرةٍ

مرخى لها في عنان القول بالطوَل

ص: 384

سيّارة في بسيط النظم مسرعة

فيا له من بسيطٍ جاء في رمل

أسعى على درر المعنى بأبحرها

وسعيُ غيريَ في مستفعلن فعل

بقيتمُ يا بني العلياء في نعمٍ

ملء الزمان وفي أمنٍ وفي جذل

تقاسم الناس في أيام سؤددكم

يوماً وليلاً فمن مثنٍ ومبتهل

وقال فيه أيضاً

البسيط

في ثغرها الحلو أو في جيدها الحالي

لا أرغم الله إلَاّ أنف عذَّالي

إن يُسْلَى قلبي بنارٍ في محبَّتها

فلا وحقّ هواها لست بالسالي

غزالةَ الحيّ إشراقاً وملتفتاً

ما كفؤ جيدك إلا عقد أغزالي

جملت بيتيَ من نظمٍ ومن نسبٍ

يا ابنة العمّ أو ياربَّة الخال

يا حبَّذا الخال إكسيراً على ذهبٍ

لا مثله بسويدا مهجةٍ غالي

ولا بأسود عينٍ ربَّما ربحت

بلمحةِ الرّدف قنطاراً بمثقال

كحَّلت بالسهد جفنيها وقد وصلت

مسافة النأي أميالاً بأميال

في كلِّ ليلٍ مديدٍ مثل شعرك ما

مدَدت للصبرِ فيها عزم محتال

حبال شعرك يا لمياء صيَّرني

إلى التصبُّر أمشي مشي حبَّالي

وطول حبّك قطاعٌ عرى جلدي

فليتَ طيفك وصَّى لي بوصَّال

يزور الوصل عن لمياء تحكم لا

حكم الأذلَّة لكن حكم إدلال

شاميَّة بين جفنيها يمانيَة

تقدُّ بالسحر قلباً قبل أوصال

ماضي الولاية في العشَّاق ناظرها

واحرَّ قلباه من ناظر الوالي

مجانس الحسن من فيها معطفها

فالحسن ما بين معسول وعسَّال

وقيل أسماءُ في أفعالها عنتٌ

فالحزن ما بين أسماءٍ وأفعال

بينا تروي بوصلٍ أظمأت بجفا

فخالطت رمضاناً لي بشوَّال

كانت عن المرتضى تُملي أماليها

واليوم تروي أماليها عن القالي

وعاذلين عليها زلزلت بهمُ

أرضُ التجلّد عندِي كلّ زلزال

إن حدَّثتهم بأخبار الأسى فما

قد أخرجت ليَ منهم أيّ أثقال

من كلّ داعٍ وما جاوبته سقماً

كأنه واقفٌ منِّي بأطلال

ص: 385

إن كانَ لي أملٌ في الصبرِ عنك فلا

بلَّغت من نفحات القرب آمالي

حبِّي جديد على مرِّ الزمان فلا

يخطر حديث سلوِّي منكَ في بال

ودمع عيني مثل السحب جائدة

بالدَّمع جود علاء الدِّين بالمال

ذو الفضل إرثاً وكسباً وابنه نسباً

وأكثر الناس إفضالاً لأفضال

وذو الجبلةِ من أصفى جواهرها

والناس في حماءٍ فيها وصلصال

وابن الغطاريف أشخاص العلى ورثوا

عصر السيادة في النَّائي وفي الحال

المرغمين بما تعطي الخلافة من

درياق فاروقهم آناف أشكال

والصائنين بأقلام وحدّ ظباً

مسارح الملك من أهواء أهوال

خلاصة العرب العرباء من فُصُحٍ

إن قالوا أو مصابيح وأبطال

تسري المطيّ إليهم أو تفور بهم

قدرهم فهي دأباً ذات أرقال

بطحاء مكة غرس المفرقين وفي

أعلام مصر ظلال الدَّوح والضال

أما عليّ فقد ضاءت مناسبه

ونفسهُ في سراة الصحف والآل

قد دبرت مصر والأمصار فكرته

يوميْ نزالٍ بقطريها وإنزال

هو الموفَّق في معنى رسائلها

لكنه ابن وزيرٍ لا ابن خلَاّل

تقول مصر يحامِي عن ممالكها

أقوال هذا من الأطلال أقوى لي

بالنصر يعلي سمائي عندَ مرتقبٍ

والعدل يخصب عند إقحالي

فليفخر الملك بالكافي الذي انْعقدت

عليهِ آراء إجماعٍ وإجمال

والمودع السرّ في أحياء مقفلهِ

وحمده عند رحَّال وقفَّال

والباسط الأمن بالأقلام في أممٍ

كأنهم في حماها بين أغيال

بالمشبع الخمص حيثُ القاصدين له

كالطير تتبع إرسالاً بإرسال

والمنشئ اللفظ تبراً طيّ أنعمه

وكلّ جيدٍ بها أو مسمع حالي

نهدِي لهُ اللفظ أسمالاً فيقبلها

عواطف الخير من سحَّاب أذيال

يا ساحب الذيل من لفظٍ وفضل علا

هل أنتَ مصغٍ لما تمليه أسمالي

عاثت يدُ الدهر في يومي وقد بليت

أضعاف ما بليت بالهمِّ أقوالي

ونفَّر الكلم اللاتي أغازلها

ما نفّر الغيد من شيبي وإقلالي

أقول للهمِّ ذي التجديد لي جلدٌ

ملآن يا هم فاطْلب منزلاً خالي

ص: 386

وخلعة لا أرى لي من يروّقها

من حيلة مع أني مثل بطَّال

لرفقتي من جياد الخيل أكملها

ولي جواد ولكن ناقص الدَّال

أمشي على قدمي والحال واقفة

فيها فهلَاّ يكون المشي في حالي

فرّغ بعطفك ذهنِي للثناء فقد

سارَت بمثلي فيه غرّ أمثالي

واسْمع مدائح لم يعجز تواصلها

وربَّما عجزت عن وقت إيصال

إن لم تكن صنع ورَّاقٍ بمصر فقد

جاءَ القريض بها من صنه لأآل

يا من تخير لفظاً في مدائحه

يبقى على مرّ أجيال وأحوال

لا زالَ بابك مخدوماً بأربعةٍ

يمنٍ ونجحٍ ومختارٍ وإقبال

وقال فيه أيضاً

البسيط

عيدٌ يعود إلى هذا الثنا العالي

بخادمي أفقه يمنٍ وإقبال

مطالعٌ بنجومِ السعد حاليةٌ

على حمًى ببدورِ الفضل مجلال

وحاجبٌ من هلال العيد يقدّمه

فاهنأ به وبأمثالٍ وأمثال

كأنَّ من رمضان النون قد مكثت

وجداً بمرآك في آفاق شوَّال

يشتاقك الشهر آتيهِ وذاهبهُ

ذا قبلَ حلٍّ وهذا بعد ترحال

كلاهما في طلاب القرب مستبقٌ

يتلو الثناء فنعم السابق التالي

يا ابن الخلافة جلي كلّ داجيةٍ

فزادكَ الله من عزٍّ وإجلال

أمَّا دمشق فقد هزَّت لمقدمكم

من بعد عطف دليل عطف مختال

أظلّ رأيك حتَّى صانَ نادِيها

ولو تأخَّر نادى رسمَ إطلال

وعاضد السيف فيها السطر من قلمٍ

حتَّى أتاها بأطلابٍ وإبطال

فالآن عادَ إليها خطّ بهجتها

ممَّا تعاهدها من خطّك العالي

غيدآء وشَّحها ظل وخلخلها

ماء فقد ظهرت في منظرٍ حالي

تكاد تسعى لكم بالروحِ خائضةً

بساقِها العبل من ماءٍ وخلخال

لا غَرْوَ إن بدَّلت من عمها بدلاً

وقد أغاث حماها نجل إبدال

وناسب الصالح السلطان دولته

بصالحٍ يوم أقوال وأفعال

كافي الممالك إن نادت براعته

أجابَ نصرتها نصباً على الحال

ص: 387

وصاحب السر في مصر ابتدا له

في كلِّ مصرٍ مكان الحافظ الكالي

وقاسم الرأي من طلَاّع شامخةٍ

ومن مشير على الأغراض نزَّال

ومعمل الخدع عند الحرب يعجز عن

عمَّال ما قلَّ منه ألف بطال

وناشر الدّرّ فينا عند مستمعٍ

نثر الدنانير فينا عند إقلال

إذا تثاقل عسرٌ باتَ في يدِه

تبرٌ يصرّف مثقالاً بمثقال

وإن دعوت به في منطقٍ وندىً

دعوت طائيّ ألفاظٍ وإفضال

دُمْ للعلى يا ابن فضل الله ذا رتبٍ

عزيزةٍ يا عزيز المصر يا غالي

يا بحر علم وجود فاخرن بهما

فكلّ آل فخار بعد كالآل

يا ملبسي عندَ إحرام الأكابر لي

زهراً كأنَّ لها حجِّي وإحلالي

شكراً لها خلعةً فاءَت غمامتها

عليَّ من يد هامي المزْن هطَّال

بيضاءَ بيَّض مرآها ومخبرها

عيشي وعين حسودِي زاد تسآلي

وقلت جاءَت من القاضي دليل رضى

فكادَ من غيظه يسعى إلى الوالي

ورحت أخطر في ألفاظها ألفاً

وكنت من دخلَ في هيبةِ الدال

ما كانَ يقرب ثوب القطن من قدمي

فاليوم تسحب بالسنجاب أذيالي

واليوم تنهض بالأمداح لي فكرٌ

جدائد الحسن لم تخطر على بالي

على عليّ معانيه وأكتمها

نعم الأمالي تلاقت نعم آمالي

خذْها ابن يحيى لك المحيا منظمةً

نظم العقود على أجياد أحقال

قدَّمت فيها الهنا ثمَّ المديح وما

أخليتها بعدُ من عادات أغزال

وقلت للرشاء الغضبان لا غمضت

عيون قيل على عينيك يا قالي

ملكت قلباً بنارِ الشوق ممتلئاً

فما يضرُّك لو أحسنت يا مال

لا تسأل الصبّ عن سلسال أدمعه

ملذّذاً بتعاطيها وسلْ سالي

من فوق خدّكَ خالٌ مثل غالية

بعت السلوّ على أمثاله غالي

يا مطلق الحسن أحشائِي مفلفلةٌ

على محاسنِهِ دعني وأغلالي

وخلّ بال برجوى الطيف مشتغلاً

ولا تبيتنَّ إلَاّ خاليَ البال

ما بين غمضة عينٍ وانْتباهها

يقلب الهجر من حالٍ إلى حال

إن كنت أجريت دمعِي في هواك بلا

جريمة فلقد أوقفت أحوالي

ص: 388

أو صنت عن ناظرِي مرج العذار فلا

هرْجٌ ومرْجٌ بأشجانِي وعذَّالي

أسكنتك القلب يا ذا الخال محتكماً

فيه فيا تعب المسكون بالخالي

ها بهجة الشهر في وصف المليح وفي

مدح العلاء مدى الأيام تروى لي

أما وحقُّ المعالي يا عليّ لقد

بدَّلت إذلال أشعاري بأدلالي

لا زلت كالنجم تنويراً لداجية

زيناً لمطّلعٍ رشداً لضلَاّل

ما خالفتك النجوم الزّهر في شبهٍ

إلَاّ بتقصيرِها عن مجدِك العالي

وقال صاحبية فخرية

الخفيف

كلّ يوم سعادة مستهله

جملة للوزير في إثر جملة

كلما شدَّت الوزارة إزراً

حمل الجيش في المعاند حمله

ودعا الخاص ثلث مرقاه والثل

ث كثيرٌ على الذي كانَ قبله

وأضيفت لذا وذا جمل الأنع

ام يتلو جزيلها الحرّ جزله

من تفاصيلها القماش رياضٌ

مزهراتٌ على الغيوث أدله

فصلَّت قبلها له خلعٌ من

زخرف الطَّرز كلّ يوم مظَله

عوّذتها كما ترى سُوَرُ القر

آن فضلاً يلائم الشكل شكله

هكذا هكذا تكون تفاصي

ل عطايا يعوذها الملك بالله

سايرتها خيل العطا مسرجات

في حلاها ومسرجات الأهله

كنسيم الصبا جنائب خطوٍ

كلّ طرفٍ يقبِّل البرق نعله

وبغال مثل البروج تحمل

ن سعوداً بعينها مستقله

لا كبغل مصر إذ قلت قدماً

فيه أو في بغال صحبي الأذله

ليَ بغل لا يعرف الأكل عندِي

غير أنَّ المياه للشربِ سهله

ليسَ في بطنه سوى الماء صرفاً

إنَّ بغلي على الحقيقة قله

خلّ هذا واذْكر منازلَ قصرٍ

قاسميّ قد قسم السعد نزله

بوزيرٍ فخرُ اسمه وعلاه

مثلما كانَ أهلها كنَّ أهله

خير دار حلَّت بها خير دارٍ

يا سعيد الدارين يا ركن مله

واهتمام قد شاعَ ذكراً وشكراً

ما روت مثله التواريخ قبله

ص: 389

كلّ مربع سماطه كربيع

صاح يا مربع الخصيب ووبْله

ليت عيني كشاجمٍ عاينته

فتولى فرض الصفات ونفله

وأغان ومادحون سوى العب

د فلا نسبةٌ ولا بعض أكله

يا وزيراً أقلامنا ركَّعٌ في

مدح تجتلي محياه قبله

يا مشيراً أشارَ خير السلاط

ين إلى فضله فضاع فضله

حبَّذا الملك والوزير دعاه

فخره فاقْتقى تقاه وعدله

يا ابن شكر وزير مصر كشكر

لجوادٍ حفَّت له الناس بغله

لا ولا الفائزي فإن بعليا

ك ولو فسح التمكّن سبله

لا ولا خصبة ابن حنا كأفرا

حك بل نصله له بعد نصله

فابقَ وافي الهناء متّصل السع

د عليّ الحمى سنيّ الأكلَّه

وتهنى إقبال سيدة الوق

ت وأزكى حمى وأيمن حله

بالرفا والبنين في خدر بدر

عن قريب يجلو عليك الأهله

وأحبُّ لي الآن مدحة بنت يوم

من طروس في حلةٍ بعد حله

قيل لي ما اسمها الذي يلسع الض

دّ وتجني حلاوة قلت نحله

وقال قاضوية في ابن يعقوب

الطويل

يجور كما شاءَ الدلال ويعدل

ويتعب فيه من يلوم ويعذل

هو الشمس إشراقاً ولكنني أرى

من الحرمِ إني عنهُ لا أتحوَّل

بروحِي ربيع من عذاريه آخر

نماه ربيعٌ من أسيليه أوَّل

وثغر يعير الجوهريّ صحاحه

ووجه له من رائق الحسن مجمل

لناظره الفتَّان بالسحرِ آيةٌ

على مثلها دمعي من العينِ مرسل

ومن عجب إني بعادل قدّه

أجنّ ودمع العين دوني المسلسل

لئن جلبت شجوي كسالى جفونه

لمثلك يا قلبي عن الصبرِ أكسل

وإن غزلت لي من ضنا الجسم حلةً

لما حلتُ عن أني بها أتغزَّل

نعم في جفونِ التركِ للنفسِ صبوةٌ

وللقلب في تلك المضائق مدخل

تجرَّح قلبي تارةً بعد تارة

وتشهد أني عاشق فتعدَّل

ص: 390

وربَّ عذولٍ لامني فتركته

يقول وقلبي في الصبابة ينهل

ولو أن عذَّالي على الحسنِ أخوتي

لقلت لهم طوعِي لدى الحسن أجمل

أقيموا بنو أمي صدور مطيّكم

فإني إلى قومٍ سواكم لأمْيَل

إلى كلِّ غصنٍ مال تيهاً على نقا

تكاد به أردافه تتهيَّل

وبدر مضى وقتِي مضيئاً بوصله

فلا غَرْوَ أني بعد بدرِي مضلَّل

تشرب تربُ الأرض ماءَ مدامعي

وبين ضلوعي جمرة تتأكَّل

وأهتزُّ للتذكار حتَّى كأنما

يعاودني من بارحِ الذكرِ أفكل

سقى الغيثُ أوقاتي إذا العيش ممكنٌ

وخدَّام أمري بالهنا تتعجَّل

زمانيَ مختارٌ وقصدِي منجحٌ

وراحيَ ريحانٌ وبدريَ مقبل

مدا الليل فيه ناظري متعلّلٌ

إلى لثمِه من ضمِّه أتنقَّل

فأحبب بذاك الحسن وهو مدا الدجى

بلثميَ مختومٌ وضمِّيَ مقفل

إلى مثله يهدى تغزُّل ناظمٍ

وللصاحب ابن الصاحب المدح يحمل

إذا قالَ معنى في ابن يعقوب ناظمٌ

فإن المعاني باسمه تتكمَّل

إذا عدَّ أهل العلم والحلم والتقى

وصنع الأيادِي فابن يعقوب أوَّل

إذا اسْتمسكت منه الأماني بناصرٍ

فبشرى الأماني إنها ليسَ تخذل

إذا عدَّد المثني مناصب مجده

منصباً على التمييز لا يتبدَّل

سريّ سراةٍ قبل ما اكْتمل الصبا

وشيخ شيوخ قبل ما يتكهَّل

وقاضي قضاةٍ معرب بكمالِه

تقىً ليسَ يخفى أو لهىً ليسَ يجهل

وكافي كفاة ما ابن عبَّاد صائد

لديه ولا القاضي الملقَّب أفضل

أقامَ بمغنى الشام صدراً لسرِّهِ

وأمداحه في الغرب والشرق ترحل

تنادِي الورَى نعماه واللفظ والسنا

ألا فاجْتدوا ثمَّ اجْتنوا ثمَّ فاجْتلوا

ولا عيبَ فيه غير أنَّ له ندىً

يجيب ندا العافين من قبل يسأل

مواهب كفَّيه وألفاظ كتبه

على اليمن ما بين الورَى تترسَّل

وللدرج بعد الدرس منهُ فوائد

تفضل في أسلاكها وتفصَّل

علوم بآفاق المدارس تنتقى

وسجع بأفنان الدواوين تنقل

ونطق به للمنطقيّ تأدبٌ

ونحوٌ به للفارسيّ ترجّل

ص: 391

وخط كما راقت سلاسل عسجدٍ

ونظم كما راق الرحيق المسلسل

ورأي على سمت السعود وهمَّة

تظل على زهر الكواكب عسَّل

لنعم الفتى ديناً ودنيا بجمعنا

وفي خطبة الدارين نعم المؤهَّل

له الله ما أزكى وأشرف همَّة

وأنجح ما يأتي وما يتأمَّل

دَرَى مع دهري كيفَ حال تذلّلي

فلاقاه حتَّى كادَ وهو مذلَّل

وجلى همومي جامع البرّ والتقا

بنعماء من بابِ الزيادة تدخل

وما هو إلَاّ حينَ بادر جيشهم

فقاموا صفوفاً للدعا وتبتَّلوا

فنظمتها زهراء والشهب روضة

على الأفق تجلى والمجرَّة جدول

وطرق الدجى ذو غرّةٍ من هلاله

إلى أن بدَا بالفجرِ وهو محجَّل

فدونكما جهد المحبّ وعشْ كما

تحب لإلفٍ مثلها تتمثَّل

بوديَ لو أنَّ الجوارح كلها

لمدحك سمعٌ في الأنام ومِقْوَل

وقال مجيبا للصلاح الصفدي وقد ضمن له أشطار

قفا نبك معاتبا

الطويل

فطمت ولائِيَ ثم أقبلت عاتباً

أفاطم مهلاً بعد هذا التذلّل

بروحيَ ألفاظٌ تعرض عتبها

تعرّض أثناء الوشاح المفصَّل

فأحيين وُدًّا كانَ كالرسم عافياً

بسقط اللوى بين الدخول فحومل

تعفي رياح العذر منك رقومها

لما نسجتها من جنوب وشمأل

ثمَّ قوّضت منكَ المودَّة وانْقضت

فيا عجباً من رحلها المتحمَّل

ونامت على الباكي ولم يدرِ جفنها

داره ولم ينضح بماءٍ فيغسل

فداك سهادِي في الدُّجى من مودّةٍ

تؤمُّ الضحى لم تنطبق عن تفصل

أمولايَ لا تسلك من الظلم والجفا

بنا بطن خبتٍ ذي قفافٍ عقنقل

ولا تنسَ منِّي صحبة تصدع الدجى

بصبحٍ وما الإصباح منها بأمثل

صحبتك لا ألوِي على صاحبٍ عطا

بجيدِ معمٍّ في العشيرة مخوَل

وخافيت حتَّى من هوًى أين مهجتي

فألهيتها عن ذي تمائم محول

ص: 392

وآنسة أعرضت عنها وقد جلت

عليَّ هضيم الكشح ريَّا المخلخل

وحاولت من إدناء ودّك ما نأى

فأنزلت منه العصم من كلِّ منزل

يقلِّب لي وجدِي به سوط سائق

وإرخاء سرحانٍ وتقريب تتفل

فكم خدمةٍ عجَّلتها ومحبَّةٍ

تمتَّعت من لهوٍ بها غير معجَّل

وكم أسطرٍ مني ومنك كأنها

عذارى دوارٍ في مُلاءٍ مذيَّل

وكم ناصح كذّبت دعواه إذ غدت

عليَّ وآلت حلفةً لم تحلَّل

ولحية لحَ غاظها ضحكي على

أثيثٍ كقنو النخلة المتعثكل

ترى بعَرَ الآرام في عرصانها

وقيعانها فكأنه حبّ فُلفل

نزعت سلوِّي ساحباً عن صبابتي

على إثرها أذيال مرطٍ مرحَّل

وقلت خليلٌ ينشد الهمّ ودُّه

ألا أيها الليل الطويل ألا انجل

وساتر تقصير المكافين قد أبى

لدى الستر إلا لبسة المتفضل

إلى أن تبدَّى عذرهُ متمطِّياً

وأردف إعجازاً وناء بكلكل

فلاطفته في الحالتين ولم أقل

فسلي ثيابي من ثيابك تنسل

وأقنعني منه المدجاة أعرضت

بشقٍّ وشقٍّ عندنا لم يجوّل

معللة ماذا يفيد بها الفتى

تبايع كفّيه بحبل موصّل

يضنّ بأسطارٍ كأنَّ يراعها

أساريع ظبي أو مساويك أسحل

ويقرع سمعي من معاريض نظمه

مداكُ عروسٍ أو صلابة حنظل

ويأبى جلوسي من مراتبه إلى

كبير أناسٍ في بجادٍ مزمَّل

كأن دموعي في ثيابي بهجره

عصارة حناءٍ بشيبٍ مرجّل

ولمَّا تجاذبنا العتاب موشعاً

نزول اليماني بالعتابِ الجمَّل

بنينا الوَلا الواهي فلم يبقَ معهداً

ولا أطماً إلَاّ مشيَّداً بجندل

وعدنا لودٍّ يملأ القلب عوده

بشحمٍ كهدَّاب الدَّمقس المفتل

أعدت صلاح الدِّين عهد مودَّةٍ

بكل مغار الفتل شدَّت بيذبل

فدونك عتبي اللفظ ليس بفاحشٍ

إذا هيَ نضَّته ولا بمعطل

وعادات حبٍّ هنَّ أشهر فيك من

قفا نبكٍ من ذكرى حبيبٍ ومنزل

ص: 393

وقال رحمه الله تعالى في بن ريان

الكامل

ما لي إلى السلوانِ عنك سبيل

فدع العذول وما عساهُ يقول

مهما بعثت جوًى وفيض مدامع

فعلى حشايَ ومقلتي محمول

يا غصن بانٍ قد تبين جوره

إن أنت لم تعطف فكيفَ تميل

كم ذا عليك القلب تلهبُ ناره

هذا وذكرك للقلوبِ خليل

أهفو إلى مرِّ النسيم بمهجةٍ

ترجو شفاءً منه وهو عليل

وأبثُّ جرح جوارح بيد الأسى

لكنَّ تجريح الأسى تعديل

أما غرام القلب فهو كثير

عندِي ولكن ما السلوّ جميل

مه يا عذول فقد جهلت صبابتي

وبعيد شبهٍ عالمٌ وجهول

أنا من يحول العاشقون وعشقه

كندى بني ريَّان ليس يحول

المعرقين مناسباً ومكارماً

تدري بها الأوصاف كيف تجول

والواضحين وفي البدورِ تكلّف

والثابتين وفي الحيا تبديل

والتاركين لبيتهم فرعاً به

نشأت لهم بعد الدروس أصول

إن يتَّزن بيت الفخار بذكره

فبنانه للمكرماتِ فعول

ثاوٍ على حلب ولكن جوده

ينهلُّ منه على الفرات النيل

عُرِفت مبايعة المحامد عندهُ

ووفت فما في بيعها مجهول

وزهت برؤيته الديار كأنما

كلُّ النسيم على الديار قبول

ومحت غثاثة دهره نعماؤه

فكأنَّ ذاك غثاً وتلك سيول

يسعى لمغناه المؤمل مادحاً

ويعود وهو ممدَّح مأمول

لو أثر التقبيل في يدِ ماجدٍ

لمحا تواجد كفّه التقبيل

بعض الحديث إذا أعيد لواصفٍ

إلا حديث صفاته مملول

إيضاح رأي قد حوى جمل العلى

فيه لكلِّ عريكةٍ تسهيل

ومواهب مقرونة بمناقبٍ

فالفضل حيث أقامَ والتفضيل

ويراعة ألفاظها مشمولةٌ

تشفي وجمع فخارها مشمول

من خطرة العسَّال فيها نسبةٌ

لا غَرْوَ أنَّ كلامها معسول

يا حبَّذا القلم الذي من دأبه

حفظ الحمى وثراؤه مبذول

ص: 394

يعلي الممالك وهو خافض رأسه

ويسمّن الأحوال وهو هزيل

حمدتكَ يا ابن سعيد عنَّا أنعمٌ

روض المحامد حولها مطلول

طارَ الحديث بها عليلاً محلقاً

هذا وعطف جناحه مبلول

لا أنسَ بشرك والزمان مقطّبٌ

ونوال كفّك والغمام نحيل

كرم أشبّب في ثناه لأنه

أبداً بأنسابِ العلى موصول

يا من عُلاه عن الثناء غنيَّةٌ

والصبح أوضح أن يقام دليل

خذ من وليّك سامعاً ومسامحاً

جهد الثناء وإنه لجليل

إن لم يكن شعري ببابك مُرقصاً

فليهنَ مدحي إنه مقبول

وقال صاحبية أمينية

الطويل

له كلّ يومٍ فيك واشٍ وعاذلُ

وفي قلبِه شغل من الحبِّ شاغل

أخو صبوةٍ أثرى من السهدِ طرفه

ولكن له دمعٌ على الخدِّ سائل

مقيمٌ ولو جدَّ الرحيل على الوَلا

ودانٍ وإن شطَّت عليه المنازل

إذا غرَّدت ورق الحمائم في الضحى

على فننٍ هاجت عليه البلابل

وأغيد في عليا دمشق محلّه

وفي لحظِه من صنعة السحر بابل

ولحظ إذا حفته أصداغ شعرِه

فما هو إلا سيفه والحمائل

تطاولت الأغصان تحكي قوامه

وعند التناهي يقصر المتطاول

وفضلت الجوزا على البدرِ وجهه

وقالَ السهى للشمسِ لونك حائل

وأعيا فصيح الوصف بنت عذاره

وعير قسّا بالفهاهة باقل

ولما مشى فوقَ البسيطة زانها

وفاخرت الشهبَ الحصا والجنادل

وما خفتُ من جهلِ العذول وإنما

بغيضٌ إليَّ الجاهل المتعاقل

وإنِّي وإن كنت الأخير غرامه

لآتٍ بما لم تستطعه الأوائل

تعشّقته كالبدر في الطرق مشرقاً

فيا أسفي والبدر زاهٍ وآفل

وأسكنته كالضيف وسط جوانحي

فيا حزني والضيفِ بالبيتِ داخل

لقد أعقبت قلبي صنوفاً كثيرةً

من الشجوِ أيامُ اللقاءِ القلائل

سقى الله أيامَ اللقا سحبَ راحةٍ

وزيريةٍ فهي الهوامي الهوامل

ص: 395

وزير له في طالب الفضل راحةٌ

ولكنها قد أتعبتها الفواضل

لقد قام عبد الله يدعو إلى الندى

فأهوت شعوبٌ للرجا وقبائل

له الله ما أوفى وأوفر سؤدداً

إذا نوّهت بالسائدين المحافل

تردَّدَ في أفقِ الوزارة شخصه

كما ردُّدت شهب السماء المنازل

وعطَّل مغناها اتّباعاً لزهده

وإن محلَاّ بان عنه لعاطل

ألم ترَ شبَّاك الوزارة كله

عيونٌ تراعي عوْدَه وتحاول

سلوا عنهُ مصراً والشآم ففيهما

شواهد من آثارِه ودلائل

ألم يُرْض أرض الواديين بحفّل

من السحبِ إلا أنهنَّ أنامل

كلا وادييهما عاشق لنزوله

على أنه في بلدةِ الأفق نازل

تغامز من هذي أصابع نيلها

وهذي برقراق العيون تغازل

وكلن عريقاً في المناصب بيته

مكيناً إذا ما قيل كافٍ وكافل

فلا واصلاً حبلاً لمن هو قاطعٌ

ولا قاطعاً حبلاً لمن هو واصل

له قلمٌ كالغصن بالماءِ مثمرٌ

ولكنه غصنٌ إلى الجودِ مائل

يسمّن بيت المال وهو هزيله

ويفعل أفعال الظّبا وهو هازل

إذا هزَّ في الخطابِ فعالمٌ

وإن هزَّ في يومِ الخطوب فعامل

إذا قلت يا للصاحبِ ابْتدرت إلى

نداك معالٍ كالنجوم موائل

فقل فيه ما شئتَ المقال مهنئاً

فإنك في ظلِّ السيادة قايل

هنيئاً لمولانا الوزير إيابه

ومقفله في الذكر والأجر حاصل

ولا برحت أوقاتنا ببقائهِ

مواصلة أبكارها والأصائل

يكفُّ الأذى عن حالنا جود كفَّه

ويروي لنا عنه عطاءٌ وواصل

وقال جمالية في ابن الشاب محمود

الكامل

ما مثل قلبي سالياً عن مثله

خدّ قرأت عليهِ صورة نمله

وجلست من شغفٍ أنزِّه ناظري

في ماءِ رونقه وخضرة شكله

أهوى العذارَ مبقلاً ويسرُّني

لقبُ العذول على هواه بعذله

ليس العذول وإن تحاذق ذهنه

من خلّ بقلك يا عذار فخلّه

ص: 396

ماذا على العذَّال من عقل الفتى

في هذه الأشواق أو في جهله

من حكمة الله الخفيَّة أن ترى

كلّ البريَّة راضياً عن عقله

هذا ببعض اللهو مشغولٌ وذا

كلّ المحامد والعلى من شغله

كجمال دين الله إنَّ له هوىً

بجميله وهوى سواه بحمله

ذو العزم ما حكت الثريَّا راحه

إلا لتعلّق في العلاء بحبله

والسعي ما حكت المجرَّة مسلكاً

إلا لتحسب في السرى من سبله

ذاك الذي منعته من صرفِ العلى

والمجد معرفة تناط بعدله

واعْتاض عن سلف الأولى قصَّاده

بذلاً يقوم ببعضه عن كلِّه

لولا ابن محمود الممدَّح ما روى

ذو النظم عن حَزن النوال وسهله

ندبٌ يرى فرض التكرّم قاصراً

إن لم تقم جدوى يديه بنفله

ما السهم أنفذ في الرمية من شبا

قلمٍ ينوب لنا منابة نصله

يا حبَّذا في الطرسِ فرع سامقٌ

تجري أحاديث الندى عن أصله

عجباً لذاك الفرع أتلف ما يرى

وحمى العواصم ساكنٌ في ظلِّه

يزجي سحائبه بنان مؤمَّل

في الخافقين نوافح من سجله

لو أنَّ مثل ربيعةٍ في وائلٍ

لم يخل موطئُ ذرَّةٍ من فضله

يا من سريت إلى ذُرا أبوابه

سير الغريب إلى منازل أهله

شكراً لبرّك لي على طول المدى

إن كانَ يقضي الشكر حقّ أقله

وقال كاملية

الكامل

قسماً بغصن قوامه المتمايل

إنِّي لتعجبني عليه بلابلي

ويطيب أفواه العواذل ذكره

حتَّى أهمّ بلثم ثغر العاذل

رشأٌ سرفت مدامعي في حبِّه

يا للقتيل بكى لحبِّ القاتل

ما ضرَّ عامل قدّه لو كانَ ذا

عطف فليس يضيع أجر العامل

نزلت على جفنيه فينا آيةٌ

نزلت على الملكين قبلُ ببابل

وتناهت الأهوا إليه كما انْتهى

معنى السيادة للمليك الكامل

ملك رأيت الشهب ثمَّ رأيته

فوجدته أعيى على المتطاول

ص: 397

وقصدت عذبَ البحر ثمَّ قصدته

فوجدته أدنى إلى المتناول

نقلت شمائله صفات جدوده

نقل الرياض عن الغمامِ الهاطل

وتحدَّثت في الروعِ ألسن بيضه

بين المقاصد بالحديثِ الفاصل

وسقى البنان يراعه حتَّى ارْتوى

فلذاك يهزأ بالوشيحِ الدابل

يا ابن الملوك الشائدين حمى الهدى

والرافعين قبابهُ بعامل

والحاصدين عداته بقواضبٍ

صارت لطولِ ضرابها كمناجل

أيديهمُ في الأرضِ نبع زلازلها

ومحطُّ أرجلهم أمان زلازل

من مبلغ الأهلين عنيَ أنني

في الشامِ فزت بفوق ظنّ الآمل

وأخذت من ريب الزمان أمانه

وقبضت حقّ مآربي بالكامل

لا جور في دهرٍ وفيهِ ممدَّحٌ

وشحت منابته بنبتِ العادل

وقال في ابن ريان

الطويل

سرى بشبيه البدر آلُ هلال

وهانَ على أهلِ المليحة حالي

خبى وجهها عنِّي وأُخليَ ربعها

فآهاً على وجهٍ ذكرت وخال

وأخفت ليَ الأسقام جسماً كأنه

خلال الأسى والبين عود خلال

فما ضرَّ هندٌ لو طرقتُ خيامها

على أنني بالسقمِ طيف خيال

هي الشمس بعداً في المكانِ وبهجةً

ولكنَّها في الفرعِ ذات ظلال

أهيم بذكرى شعرها وعهودها

لقد همت من شمسِ الضحى بحبال

ولم أدرِ هل تسطو عليَّ لحاظها

بسود جفونٍ أم ببيض نصال

حرامٌ على جفني المنام وحسبها

إذا رضيت أن السهادَ حلالي

وأغيد قد خطّ العذار بخدّه

حروفاً نماها الحسن لابن هلال

لعمرك ما خدّ الحبيب معذّرٌ

ولكن بمسود النواظر جالي

سمت نحوه الأنظار حتَّى كأنها

بناريه من هنّا وهنّ صوالي

أرى شعرات الشيب تؤذن بالردى

وينذرني منها طلوع هلال

فما بال رأسي كلما ضاء شيبه

تجدّد في ذكرِ الحبيب ضلالي

دعِ الرمح يسند عن قدودِ أحبَّتي

فإن قدودَ المالكين عوالي

ص: 398

ودعنيَ والأيام ألقى صروفها

بصبرٍ على أيدي الحوادث عالي

أرى لابنِ ريَّان اعْتلاءَ سيادةٍ

تخلص حظّ الشعر بعد مطال

رئيس إلى علياه تسري مدائحٌ

مواصلة ليست بذات كلال

طربت إلى ضوء الجبين وإنما

طربت لضوءِ البارق المتلالي

وقالت وقد زادت جمالاً بنعته

حمى الله من عينِ الزمان جمالي

أخو العلم والنعمى يرجَّى ويختشى

ليوم فعال أو ليوم مقال

له بركاتٌ تلوهنَّ مكارمٌ

فيا لمعالٍ أُيِّدت بمعالي

بكفَّيه يستسقى الحيا ودعائه

فتهمي بماءٍ حالتاه ومال

ويندى وقد أندى الحياء جبينه

فلم ندرِ من فينا طلوب نوال

ولا عيبَ فيه غير سبق هباته

فما يتهنَّى مفصحٌ بسؤال

له القلم الماضي الشبَّاة كأنما

يحادثه من فكرِه بصقال

إذا وسَّع الأطراس حكت سطورها

كواعب في الأوراق تحت حجال

وإن جهّز السمر الذوابل للوغى

فقل في قصير شدّ أزر طوال

براحة من هبَّت نوافح ذكره

فأرخص في الآفاق نشر غوال

حلت للورى جدوى يديه فأصبحت

دُعاة الرجا من حوله كمال

ووالى نداً قد سنَّ سنَّة حاتمٍ

فأهلاً بسنيّ الندى المتوالي

من القوم فرسان البلاغة والوغى

على أنهم لله أيّ رجال

يميتون أياماً من المحلِ بالندى

ويحيون من طولِ السجود ليالي

أأزكى الورَى نفساً وأكرم أسرةً

وأرفعهم عن مشبهٍ ومثال

بقيت مدى الدنيا إلى الفضلِ سابقاً

وكلّ امرئٍ فيها بمدحِك تالي

وقال جمالية

الطويل

أسائله يوم النوى كيفَ حاله

أعيذك ممَّا قلَّ منه احتماله

تقضَّت ليالي الوصل إلَاّ ادِّكارها

وغابَ حبيب القلب إلَاّ خياله

بروحيَ ناءٍ كنت أشكو ملالهُ

فمن لي بأن يدنو ويبقى ملاله

من الغيد إن تنسبه فهو كما ترى

أخوا وجنتيه الشمس والمسك خاله

ص: 399

عدا البدر أن يحكي جميع صفاته

ولكن حكاها نورهُ وانتقاله

وراحَ القنا من نيل عطفِه باهتاً

فكان حقيقاً حرّه واعْتقاله

خذْ الحذر من لحظٍ له وذوائبٍ

فما هو إلَاّ سحرهُ وحباله

وإيَّاكما في الحبِّ من لومِ مبعدٍ

وقولا له في الوصلِ كيف احْتياله

جعلت وفاء العهد زينة شيمتي

كما زانَ أبناء الزمان جماله

أخو العلم والنعماء يهدي رشاده

ويجدي على داعي الرجاء نواله

جميلُ المحيَّا يملأ العين بهجةً

وأجمل من ذاكَ المحيَّا فعاله

محا الجدب عن وجه البرايا بأنملٍ

تريك حيا الوسميّ كيف انْهماله

ألم تره والله يبسط عمرهُ

يمرّ على الوادي فتثنى رماله

رئيس بيَدِ القائلين سكونه

ويفضل عن يمنى الغمام شماله

له قلمٌ إن قال روّى سجله

مسامعنا أو جالَ روّت سجاله

حرام على الحالين سحر بديعه

إذا جالَ في سلبِ العقول حلاله

يجول به في الحربِ والسلم ماجدٌ

مؤيدة أقواله وفعاله

من المالكي رقّ المديح بنائلٍ

كأن بحار الأرض في الجودِ آله

يزيد اتّضاعاً كلّما زادَ رفعةً

وكم صاعدٍ أخنى عليه اخْتياله

ألا أيها الباغي منالاً لشأوِهِ

إليكَ فليس الأمر ممَّا تناله

له الله من غالي السجيَّة عذبها

كما انْهلَّ من فرع السحاب زلاله

نزلت بمغناه فلم أخشَ حادثاً

وكيفَ وهذا جاهه لي وماله

أمولاي إن الحال مدَّ رجاؤه

إليكَ وإن القصد آل مآله

دعاك لتمييز الوسائل طالبٌ

فلا غَرْوَ أن يسمو بريّك حاله

وقال اسماعيلية

الكامل

يا سائلي بدمشق عن أحوالي

قف واسْتمع عن سيرة البطَّال

ودَعِ اسْتماع تغزُّلي وتعشُّقي

ماذا زمان العشق والأغزال

طول النهار لباب ذا من باب ذا

أسعى لعمرِ أبيكَ سعي ظلال

لا حظَّ لي في ذاك إلَاّ أنه

قد خفَّ من طول المسيرِ طحالي

ص: 400

أسعى على شغلٍ وأترك خلوةً

فأعود لا علمي ولا أعمالي

وإذا تغيَّر موردٌ وقصدت لي

صحباً وجدت الصحب مثل الآل

هذا الزمان ليس فيه خادمٌ

تقضى الأمور به سوى مثقالي

أترى الزمان يعينني بولايةٍ

أحمي بها وجهي عن التسآل

زحلٌ يقارن حاجتي وقد انحنى

ظهري من الهمِّ انحناء الدال

ما ضر إسماعيل غوث ذوي الرجا

لو صانني عن هذه الأحوال

بشفاعةٍ مقبولةٍ تذر الغنى

خبراً لمبتدإ الرجا في الحال

أولست غرس ندى يديه فكيف لا

يحيى الغراس بوابل هطّال

يا سيداً عمت صنائعه الورَى

بعوائد المعروف والأفضال

ما بعد ديمتك الرويّة ديمة

يشكو لها ظمأً ذوو الإقلال

هذي شكاية مستغيثٍ موجعٍ

أنهى قضيّته ورأيك عالي

وقال في ابن ريان

الكامل

ما للعذول على هواك وما لي

أفدي بروحي من أحبّ ومالي

يا مجرياً دمعي وموقف لوعتي

من جسمي المضنى على أطلال

يا من إذا سألوه عن بدر الدجى

والمسك قال أخي الشقيق وخالي

رفقاً بمن كحل الجفاء جفونه

فغدا الكرى منها على أميال

صبّ إذا ذكر العقيق وأهله

نثر الدموع على هواه لآلي

يروي الأمالي عن قلاك طويلة

فإلى متى يروي أمالي القالي

وتقاتل العذّال فيك وربما

قوّى جفاك مطامع العذَّال

هيهات ما نزلوا به إلا دعا

بجبينك المشروق يا لهلال

الطرف في ذاك الجبين منعّمٌ

والقلب من ذاك التجّنب صالي

ضدان مثل ندى ابن ريَّان الفتى

لنزيله والبأس يوم نزال

يهمي بصابٍ للعدوّ إذا طغى

وإذا الوليّ دعا همت بزلال

جاور سليمان المنيع جواره

تأمن به من جنَّة الأهوال

المعتلي رتباً يشيب لعجزه

عن قدرها الأعلى عذار هلال

ص: 401

والساتر الدنيا بذيل مكارمٍ

أحيت أواخرها فعال أوالي

والطالب الأخرى بعزمٍ للكرى

يفني ويحيي بالسجود ليالي

لا تتخذ بدلاً لديه وعدّة

في هذه الدنيا من الأبدال

واقصد جنابي جاهه ونواله

إن خفت حالي عسرة ونكال

واقرأ على ريب الزمان براءةً

وعلى رجائك سورة الأنفال

الأصل ريَّانٌ فلا عجبٌ إذا

ما الفرع فاء على الورَى بظلال

لو لم تصح يمناه حيّ على الندى

ما فاز ظامٍ للندى ببلال

هذا هو الشرف الذي بأقله

ضرب القديم غرائب الأمثال

رأيٌ إلى طرق الرشاد مسدّدٌ

وسجية جبلت على الإجمال

وفضائل وضحت وحلت رتبة

فهي الكواكب في سناً ومنال

ويراعة تذر الركائب والعدى

ما بين نزل مكارمٍ ونزال

من معطف المران فيه نسبة

ولها جنا يعزى إلى العسَّال

يا ماجداً أحيى مآثر قومه

بمحامدٍ أرخصن نشر غوالي

لله همتك الممكّن رفعها

ماذا جزمت بها من الأفعال

وهباتك اللاتي تعجّل رفدها

ويجيب طالبها بغير سؤال

لا عيبَ في نعماك إلا أنها

مع عدلها ظلَاّمة للمال

تجني عليه وإنما تجني به

ثمر المحامد والثناء الغالي

وقال جمالية في ابن جمله

البسيط

من مبلغ علماء الأعصر الأوَل

إن التفاصيل قد جمّعن في الجمل

تجمعت في فتى العليا ولا عجبٌ

إن يجمع الله كلّ الناس في رجل

قاضي القضاة الذي سارت مآثرهُ

بغير مثلٍ يوازيها سوى المثل

جمال ذي الأرض لا زالت محاسنه

عن أفقها وجمال الدِّين والدول

من أنشر العلم من بعدَ الهمود ومن

ضمَّت يدله المعالي وهو كالهمل

من اسْتقامت به الأوقات واعْتدلت

للناسِ قبلَ نزول الشمس في الحمل

من لو أعارت حلاه المشتري شرفاً

لم تعترضه عوادِي النحس من زحل

ص: 402

أما دمشق فقد فازت بما ارْتقبت

من طارفِ السعد أو من تالد الأمل

فليهنها إن راعي حكمها يقِظٌ

بالعلم حكم لا بالسعي والحيل

ليت ابن إدريس لاقى ابن الدروس بها

لكان يملأ قلب الأمّ بالجذل

ليتَ القضاة الأولى عادوا لما فقدوا

مواقع القلم المرعيّ بالمقل

ما أوضح الحكم فيها عن إمام هدى

بالعلم متَّزر بالحلم مشتمل

لين الخلائق صعب البأس مانعه

كأنه الجدّ بين السهل والجبل

أغرّ لو كانَ منه في الهلال سناً

لم يستهلّ بسعدٍ غير متَّصل

وظاهريّ الأيادي غير خافيةٍ

وليس عن شيم العليا بمعتزل

موكل بنقيَّات الأمور له

إلى العلى عزمٌ لا وانٍ ولا وَكل

تزين العلم في عينيه حمَّلها

كلّ الدجى وحماها النوم في الكلل

لم يكس في حلل العلياء يوسعها

حتَّى لها عن قدود البيض في الحلل

له صفاتٌ بها الأقلام راكعةٌ

كأنها من قبيل الصحف في قبل

سل علمه عن خفيَّاتٍ محجَّبةٍ

وعن إحاطة أوصافٍ فلا تسل

مكارم لو رأى الطائيّ مسرحها

لقال لا ناقتي فيها ولا جملي

ومنطق لو أراد الفخر غايته

لبات بالريِّ يشكو بارح الغلل

وسؤدد يتدانى من تواضعه

ولو ترقَّت إليه الشهب لم تصل

وفصل قول يلذّ الخصم موقعهُ

حتَّى يودّ قضاءً غير منفصل

قالت يراعته والفكر يرشدها

أصالة الرأي صانتني عن الخطل

وأنشدت وبأرضِ الشام مركزها

أعلى الممالك ما يبنى على القلل

وعطلت كتباً في الدين مارقةً

فكلّ درع كتاب قدَّ من قبل

قد ختمت بيضة الإسلام والْتحقت

بعشِّ أقلامه في الحادثِ الجلل

كم من سعاة علومٍ قد تقدَّمهم

تقدُّم السعي بالهادِي على الكفل

إذا قصصت على راوٍ له خبراً

حلّى من الذوقِ أو حلّى من العطل

إذا شدا صوت عافية ومادحهُ

غدا وحاشاه مثل الشارب الثمل

يا ماليَ البيت بيت الشعر من مدحٍ

وكانَ أقفرَ بالوعساء من طلل

يا من رأى جوده العافون منسرحاً

فوجَّهوا العيس تطوي الرمل بالرمل

ص: 403

ثنى امتداحك شعري عن عوائده

فما بدأت بتشبيب ولا غزَل

هذا على أنَّ لي عيناً مسهَّدة

للحبِّ مخلوقة الإنسان من عجل

أستلمح البرق غربيّ الديار متى

تقدح أشعّته الأحشاء تشتعل

وأستصحّ بمعتل الصبا جسدي

وربَّما صحَّت الأجسام بالعلل

وأذكر العيش مصقولاً سوالفه

إذ مصر داري وأحبابي بها خوَلي

هيهات ذكرك أحلى في فمي وكلا

كفَّيك لا ذو اللمي أشهى إلى قبلي

تشاغل الناس في لذَّات دهرهمُ

وأنت بالفضل والأفضال في شغل

وقال يرثي قاضي القضاة جمال الدين القزويني

الخفيف

كلّ حيٍّ قاضٍ عليه زواله

وإلى هذه السبيل مآله

يا جلالاً عن الزمان تقضَّى

عزّ ربٌّ قضى وجلَّ جلاله

ما اقتضى حظّنا بقاءك فينا

واحداً تشمل الأنام ظلاله

هادياً للندى وللعلم ترجى

كلّ يومٍ أقواله وفعاله

أين ذاك الغمام يدنو إلى النا

سِ ندى كفّه ويعلو مناله

أين أحكامه وأين علاه

أين أقواله وأين نواله

قف بقبر الإمام يا نادب الفض

ل وخلّ البكاء تهمي سجاله

وانْثر الدمعَ حول مثواه نثراً

مثل ما ينثر الكلام ارْتجاله

ودع الشعر كانَ للشعر وقتٌ

بنداه وقد تغيَّر حاله

وسلا الصبّ واسْتراح المعنى

لا صباباته ولا عذَّاله

أقفرت ساحة العلى فبيوت الش

عر من بعدِ بُعده أطلاله

آه للطالبين علماً ورفداً

بعد ما غاضَ عزمه واحْتفاله

طالب العلم فيه للنحو نوْحٌ

لا تسل عنه كيفَ أصبح حاله

طالب الجود مات من كانَ في الج

ود تباري يمنى يديه شماله

طالب العلم مطلقاً خلّ عنه

قيد العلم حزنه واتّكاله

عجباً من سريره يوم أوْدى

كيفما أوْرَقت ورقّت ظلاله

ص: 404

عجباً من زمانه حين ولَّى

كيفما سيرت ودكَّت جباله

صعدت روحه لأمثالها الزه

ر وفي الأرضِ أين أين أمثاله

فتهاوت كواكب الأفق تسعى

وانْحنى يبدأ السلام هلاله

وعدمنا نحن الندى ولقينا

يتقاضى وفد الرجاء جلاله

يا له من مصاب دينٍ ودنيا

طالَ فينا اشْتغاله واشْتعاله

شابَ كالشيخ طفله وبكى الأش

ياخ فيه كأنهم أطفاله

ونعت مصر والشآم إماماً

طرزت مجد وذا وذاك خلاله

كم مقام كما سمعت ملوكي

ولديهِ تصرَّفت أفعاله

كم بيمناه قصة قد أجيبت

وسؤولٌ بها أجيب سؤاله

كم قريب دعا به وبعيد

وهو هامٍ يد الندى هطَّاله

كم أتتني مع الركاب لهاهُ

ووفت لي مع الزمن خصاله

لو بقدرِ الأسى بكيت لسالت

مهجة كم وفت لها أفضاله

في سبيل العلى غمامٌ تولى

بعد ما أخصب الورَى إقباله

هكذا عادة الزمان بنوه

بسط ظل كما ترى وزواله

ودفين على بقايا دفين

مثل ما قال من سرت أمثاله

كم إلى كم هذا التغافل منَّا

عن يقين الردى وهذا التباله

جاد يا قاضي القضاة ضريحاً

كنت فيهِ غيثٌ يسرُّ انْهماله

وجزى الله جود كفّك عنَّا

وتولَاّك جوده ونواله

لك منَّا نشر النسيم ثناءً

ولنا بالأسى عليك اعْتلاله

وقال يرثي كمال الدين الزملكاني

الخفيف

بلّغا القاصدين أنَّ الليالي

قبضت جملة العلى بالكمال

وقفا في مدارسِ النقلِ والعق

ل ونوحا معي على الأطلال

سائلاها عسى يجيب صدَاها

أين ولَّى مجيب أهل السؤال

أين ولَّى بحر العلوم وأبقى

بين أجفاننا الدُّموع لآلي

أينَ ذاك الذهن الذي قد ورثنا

عنه ما في الحشا من الإشعال

ص: 405

أينَ ذاك البحث الذي يحرس الحف

ل على غير أهبةٍ واحْتفال

أينَ ملك الأقلام يوم انْتصارٍ

كعوالي الرماح يوم نزال

ينقل الناس عن حديث هداها

طرق العلم عن متون العوالي

وتفيد الجنى من اللفظ حلواً

حين كانت نوعاً من العسَّال

أينَ تلك الأوصاف تنفح طيباً

رخصت عنده فنون الغوالي

يا لها من رزيةٍ في حشا الإس

لام من وقعها كحدّ النصال

يا لها وقعة على الرمل أبقت

للبرايا لواعجاً كالجبال

نقصت بهجة الحياة فلا ين

كر تأثير للنقصِ بعد الكمال

وانْطوى مبسم العلوم وأغضت

مقلة البحث دونها والجدال

وكحَّلنا الجفون بالسهدِ حتَّى

باتَ منها الكرى على أميال

أيُّها الراحل الذي عطَّلت من

بعده القاصدون شدّ الرحال

كنت غوث الجود حقًّا ولكن

ليس في الناسِ عنك من إبدال

كنت دون الأنام عوناً على خف

ض حياةٍ لنا بتمييز حال

فليمت من يشا ويذهب من شا

ء فإنَّا بعدها لا نبالي

كم ليمناك عندنا من أيادٍ

ليس فيها لواصفٍ من شمال

كم لها من فتوَّةٍ وفتاوٍ

قاضيات مآرب السوَّال

هي مثل الأطواق عند عفاةٍ

وهي للملحدين كالأغلال

غاب علم التفسير عنَّا وهمت

كتب الفقه فيك بالأعوال

ودموع الحديث سلسلها الحز

ن وأنكى في القلبِ جرح النصال

وأرى النحو واجماً ليس منه

قلب زيد وقلب عمرٍو بخال

قصرت في الكلام مرتبة الأس

ماء واعتل سائر الأفعال

ليت شعري لمن أعزّي على الخط

ب وحال الأنام طرًّا كحالي

أترى هل علمت يا ابن عليّ

أن دمعي من الأسى متوالي

أنت في جنة النعيم مقيم

وفؤادي عليك بالنار صالي

أنت جارٌ للشافعيّ وقلبي

مالكيّ الأهواء والأهوال

يا ضلالي من بعد ذاك المحيّا

وافتقاري من بعد ذاك النوال

ص: 406

قرّبا مربط الكآبة مني

نفحت حرب لوعتي من جمال

لو نسيت الفضائل ما كن

ت بناسٍ صنائع الأفضال

كيف أنسى ذاك الندى وهو عندي

مستجدّ أمام عيني وبالي

كيف أنشي من المقال بديعاً

زال من كانَ عارفاً بمقالي

زال عني ذاك الثنا فقضى قل

بي فرض الأحزان عند الزوال

واعتزلت الورَى وليس عجيباً

بعد ما مات قامع الاعتزال

أيّ قلبٍ لم يرمَ بعد سراهُ

بفنون الأوجاع والأوجال

أي دنيا يصفو لها أمل المر

ءِ وهذي مصارع الآمال

أي خلق من المنية يحمى

وهي تسري إليه مسرى الخيال

أي تاجٍ وللأهلة في الأف

ق قسيّ ترمي الورَى بنبال

جاد مثواك يا محمد غيث

باسم البرق مستهل الغزال

وسلام على الفضائل في لح

دك والفضل والندى والمعالي

وقال يرثي كمال الدين ابن الأثير

الطويل

برغميَ أن غاض الندى بكماله

فلم يبق إلا زورة من خياله

وإلا دموع من جفون كأنها

تردّ على مثواه فيض نواله

أسفت لبدرٍ بانَ عنه محمد

فبان بمعني حسنه وجماله

وولى كما ولى السحاب مودّعاً

وفي كلّ روضٍ نفحة من سجاله

وزال وقد أبقى جواهر بحره

ومات وقد أحيى مناقبَ آله

ألا في سبيل الله مصرع ماجد

تزيلت العلياء مثل زواله

فقدناه فيّاض المكارم واللهى

يشفّ ضياء المجد بين خلاله

لئن قصرت أيدي المطالب بعده

لعهدي بها موصولة بحباله

لئن بسطت أيدي الحوادث بعده

لعهدي بها مغلولة بنكاله

بروحيَ وضاح الصفات كأنما

طبعن دراري الحسن بعد خصاله

أما والذي أنشا أياديه والحيا

لقد فقد الظمآن صفو زلاله

وقد زال من أفق الأثير عن الورَى

سنا كوكبٍ تسهو السها لمناله

ص: 407

فمن للعلى يهدي سبيل رشادها

ومن للرجا يمحو ظلام ضلاله

ومن ليراعٍ قد أفاض مداده

وجرّ من الأطراس ذيل خياله

ومن لخطوطٍ غاب بدر كمالها

فهلاّ فداه الخط بابن هلاله

ومن لمعانٍ في المهارق تجتلى

بحلي وجوه الخود بين حجاله

إلى الله أشكو يوم فقدك أنه

رمى كلّ عقل ناشطٍ بعقاله

وقوّس من ثقل الرزية أظهراً

فلا غَرْوَ أن أصمى الحشا بنباله

بكاك فقير رافع لك قصة

نصبت على التمييز كسرة حاله

وممتدح لهفان يسألك الغنى

أجزت معاني مدحه بسؤاله

ومطّلب كانَ ارتحالك قبله

فعطلت الأيام شدّ رحاله

وعصر حلا جملت مرآه برهةً

وخلّفته ينعي أتمّ رجاله

كأنك لم تنهض بأعباء دولة

تكلف سعي الدهر فوق احتماله

كأنك لم تحمل يراعاً تمرها

وتعضدها في سلمه وصياله

ومن عجب مقدار فرع يراعة

وقد وسع الدنيا بفيء نواله

كأنك لم تبسط بنان مؤملٍ

يمين غوادي المزن دون شماله

وما هي إلا همة لك أنفذت

وصاة رسول الله عند بلاله

فأنفقت ما أحرزت بالبذل ذخره

وما ذخر مال المرء غير ابتذاله

عزاء العلى عن راحل بيد الردى

وكلّ مقيم مؤذن بارتحاله

وما الدهر إلا خيط فجر وليله

يجران من شخص الفتى بانتقاله

وإني وإن أحسنت سلوة فاقدٍ

لمضمر شجوٍ مثخن بنصاله

أينفد عني الحزن بعد محمد

وما استنفذت كفي نوافل ماله

أانسى له في كلّ جدب غمائماً

تحثّ على رغم الحيا ومطاله

أأنسى له في كلّ درج قلائداً

منظمة من رفده ومقاله

سأبكيه ما لاح الظلام بظلمه

وأبكيه ما ناح الحمام بضاله

وما أنا إلا بالجميل مطوق

أولى أسى لا كنت إن لم أواله

صدحت له بالمدح عند لقائه

وهذا أوان النوح عند زواله

ص: 408

وقال مجيبا على لغز

السريع

فتحت لي باباً من الودّ ما

عهدته يرضى بإهمالك

فحبذا اللغز من فاتح

ودك لي من بعد إغفالك

ألغزته في واقف خاضع

كالعبد في تصريف أفعالك

ما فيه من عيب ويا طالما

قد ردّه في حكمه مالك

لكنّ لي في وسطه غالباً

فرعٌ أعاذ الله من ذلك

لا الشعر والتوشيح أدرى ومن

تصريعك أستملي وأمثالك

تخشى إذا أبصرته مرتجى

فاعجب له في كلّ أحوالك

أعجبني والله مع نظمه

رضوانك المعهود يا مالك

وقال في ابن فضل الله

الكامل

ودعت بابك لا وداع القالي

يا من لمدحي في علاه أمالي

يا من سرت مدحي له فتزاحمت

في الخافقين قصائري وطوالي

لي سيرة المشغول في نعمائه

إن لم تكن لي سيرة البطّال

يا مانحي غرر المواهب سبّقاً

من قبل ما سبقت له آمالي

يا خافضاً بجواره عيشي فقد

نصبت على التمييز صورة حالي

يا من كبار بنيّ شاموا فضله

فتطفلوا أن بلّغت أطفالي

دم يا ابن فضل الله في حلي الثنا

والأجر كم زفّت عليه معالي

هذا نداك قلائد الأعناق أو

هذا ثناك خواتم الأعمال

إن سرت لا ألقى مثالك في الورَى

قسماً ولا يلقى ثناك مثالي

وقال يهنئ المؤيد بالقدوم من الصيد

الخفيف

مرحباً بالحيا لكلِّ جديبٍ

لا عدمنا نواله وظلاله

ملك الجود والثنا والمعالي

والسجيَّات كلها والأصاله

رقمت حلة الرياض فخلنا

أن روضاً قد استعار خلاله

وابْتغى الأفق للعلى فحسبنا

أنه يفعل الجواد هلاله

هو أزكى الأنام لا شكَّ فيه

يوم فخر وخيرهم لا محاله

ص: 409

جاءَ من صيده السعيد كبدرٍ

ما رأى الطرف في السناء مثاله

كم غزال رمى فلو أمكن الشم

س من الخوف ما تسمَّمت غزاله

ولعمري لو اسْتجار به الوح

ش ثنى بعد ما اسْتقلت نباله

أيد الله ملكهُ ووقاه

وحمى سربه وصان جلاله

وكتب معتذرا

الوافر

أمولانا فلان الدين رفقاً

على ضعفي وسلمي واعْتزالي

رجوت على الليالي منكَ عوناً

بحقِّك لا تكن عون الليالي

أما والله لم يخطر بفكرِي

حديث الغضّ منك ولا ببالي

وكيف وأنت سبَّاق البرايا

وحسبي أنني لثناكَ تالي

وأنك نعم من أعددت صحباً

إذا ما الصحب أضحوا مثل آل

وبين خصالنا نسب وشيج

من الآداب رقَّام الخلال

ولو عطف الوشاة على ضعيف

إذاً شهدوا بشكري واحْتفالي

رعاك الله راجع فيَّ رأياً

ولا تدحض حقوق فتىً موالي

وهبني كنت قد أخطأت فامْنن

بحلمٍ إنه سبب المعالي

وغمِّض إن أساء الخلُّ عيناً

تُفد سنن الطريق ولا تبالي

نعم واستر ولو كالشمس ذنباً

فغايتنا الجميع إلى الزوال

وقال في السبعة السيارة

المنسرح

معاطفٌ أو شراشفٌ دُبل

أحلى لممتارها من العسل

يا فوز من مات في وقائعها

ما بين تلك العسالة الدبل

ويا هنا من يضمّ مهجته

على ولاءٍ في ابن الإمام علي

قاضي القضاة الذي مواهبه

قد خلقتْ للرجاء من عجل

لا عيبَ في جوده سوى نعمٍ

تحرم بالسبق لذَّة الأمل

كم وقعةٍ لي مع الزمان وقد

دفعت عني كوقعة الجمل

فسرْ بإيضاح معربات سناً

وعدْ لبذل الصلات بالجمل

وقال في الدوادار

البسيط

سرَت لحسنِك في العشَّاق أمثال

وما لحسنك يا معشوق أمثال

ص: 410

حوالة الصبّ قد أعيت وحيلتهُ

على لقاك فقل لي كيف أحْتال

تقسَّمت فيك يا جيد الغزال وفي

مدح الدوادار أمداح وأغزال

رسمٌ ببابِ الحمى العزيّ مكتتب

قابل حماه وقل عزٌّ وإقبال

قد علَّم الله في أقلام راحته

وبالسيوف فأرزاقٌ وآجال

يا سائد الملك بالآراء يعلمها

لا جيش يسعى مساعيها ولا مال

هنئت فوزك دنيا ثم آخرة

فقد زكت لك في الدارين أعمال

وقال في الأفضل

الكامل

ونشيطةٌ الأعطاف إلا أنها

بجفونها لثياب سقمي تغزُّل

بيتان من قلبي ونظمي ذا لها

متغزّل سكنت وذا متغزّل

ودموع قيس قيس دمعي بعدها

كالبحر عند ندى محمد جدول

ملك سما ونما وجادَ على الورَى

فليجتنوا وليجتدوا وليجتلوا

يا أيها الملك البسيطة أبحراً

أهل الندى وهو البسيط الأوَّل

أهلاً بمقدمك السعيد وحبَّذا

عيش على رغم الأعادِي مقبل

طلع الهلال ويُمن وجهك للورى

يتفاضلان وأنت أنت الأفضل

وقال علائية

البسيط

قالت وفي صدر نار القلب منزلها

يا ليت أنَّك لم تكرم به نُزُلي

مليحةٌ إن تكن في حسنِها صنماً

فيا عذوليَ لا بوركت من هُبَلي

فيها وفي مدح أوفى السائدين علاً

تقسم الشعر في مدحٍ وفي غزل

دم للعلى يا ابن فضل الله مرتقياً

أفق المعالي وقد أربى على الأول

يا من عرفت به كسب الألوف ومن

تمامها إنها جاءَت ولم أسَل

لم يبقَ جودك لي شيئاً أؤمّله

تركتني أصحب الدنيا بلا أمل

كلّ الكفاءة ذوي الآراء ماثلة

مثل السيوف ولكن ذو الفقار علي

وقال يتقاضى رسم مشمش

الطويل

مبلبل أصداغٍ أثارت بلابلي

وجرَّت هوى عشَّاقها بالسلاسل

ومشمش بستان ثريَّاه أشرقت

وأين الثريَّا من يد المتناول

ص: 411

بلى إن تصافح بالرجا يد أحمدٍ

تصافح ثريَّاها يد المتطاول

كريمٌ شكت يمنى الغيوث شمالَهُ

فيا لك من غيث كريم الشمائل

مقسمة جدواه بين فواضلٍ

لمدَّاحه تهدى وبين فضائل

تعلمهم نظم الثنا مبْدعاته

فيا لعقول حثّها بعقائل

على السَّبعة السيَّارة امتاز فضله

فلا زالَ ذا طولٍ عليها وطائل

وقال يرثي المؤيد وأهله

الكامل

يا آل أيوب سقتكُم

سحبُ الرضا تحت الضرائح وَبْلها

لهفي على أوقات ملك أسبغت

نعماكُم فوق البريَّة ظلّها

ما كانَ أقوى في العداةِ أشدّها

بأساً وأعلى في النجومِ محلُّها

وفدًى لكم متسرّع أنحى على

أموالكم فأزالها وأذلَّها

كم أنشدت من بعدها أيديكُم

ما كانَ أكثرها لنا وأقلّها

ناديت ساحتكم وقلت لصاحبي

ما كانَ أسرع لمنادى فضلها

فدَنَا وقال لعلَّها معذورة

من بعد أهليها فقلت لعلَّها

وقال مما عني به

المديد

أترى يقضى بكم أملي

قبل ما يقضى بكم أجلي

أيها الغيَّاب بعد جفا

ما على هجرين من قِبَل

في سبيل الله دمع فتىً

مسرع الأجفان من همل

لا تلم إنسان مقلته

خلق الإنسان من عجل

وقال وقد أهدى لصديق عدسا

المتقارب

خذْ العدس المشتهى مأكلاً

وكن يا أخا الجود نعم الأكيل

فلو لم تكن عندِي المعتلى

لما جدت منه بهذا الجليل

وأقسم لولاك يا سيدي

عدمت الصديق وحقّ الخليل

وقال وجاءته صلة على يد كمال الدين

الوافر

بعين الله يُسري ثم شكري

لبرّك وابْتهاجي وابْتهالي

ص: 412

قبضت من الكمال نداك صفواً

بريئاً من سؤال أو مطال

فيا لله من عاداتِ برٍّ

أتتني بالتمام والكمال

وكتب على ظهر قصيدةأهديت إليه من ماردين

الطويل

لقد كنت أرجو في صبايَ وصبوتي

مغازلة الغرّ القوافي التي تحلو

فلما انْقضى عصر الشباب وشارفت

منيَّة مثلي ما لها في الورَى مثل

فجاءَت بدرجٍ عندما أنا دارج

وجاءَت بوصلٍ حيث لا ينفع الوصل

وقال لغزافي لز

المنسرح

ربَّ صديق كلغز سيدنا

بخالصِ الودّ ثم ينتقل

كدرهم وجهه يشفّ عن النق

دِ خلاصاً وقلبه زغل

وقال في خياط جميل الصورة وقد خاط له فرجية

الوافر

ألا يا حسنها فرجية من

فراج الفخر كانت مِ الطوال

رأى الخيَّاط صافية شمولاً

صفاء بياضها فأدارها لي

وقال وكتب بهما على شرح الحاجبية

الطويل

تركت للفظ الحاجبيّة رونقاً

له لا لألفاظ الأوائل تقبل

إذا كتب النحو اسْتمالت عيوننا

أبينا وقلنا الحاجبيّة أول

وقال ملغزا في علي

المتقارب

أمولايَ ما اسمٌ جليّ إذا

تعوَّض عن حرفه الأول

لكَ الوصف من شخصه سالماً

فإن قلعت عَينهُ فهوَ لي

وقال وكتب للصلاح الصفدي

الطويل

فقدت أخلاّئي الذين سألتهم

دوام الوفا إنَّ الوفاء قليل

وإنَّ افْتقادي واحداً بعد واحد

دليل على أن لا يدوم خليل

ص: 413

وقال في ابن هلال

الكامل

هنئت ما أوتَيته من دولةٍ

حملتْكَ في العينين من إجلالها

في مقلة الأجفان أنتَ فقل لنا

أنتَ ابن مقلتها أم ابن هلالها

وقال وأرسل إليه قاضي القضاة تقي الدين السبكي

وابن فضل الله صلتن متقاربتين

البسيط

إنَّ الإمامين مدَّ الله ظلَّهما

تواردا في الندى والعلم والعمل

كلاهما قد علا في العالمين فلا

عدمتُ من ذا وذا جاه الإمام علي

ومن مقطعاته قوله

الخفيف

بأبي نافراً كثير الدلال

إنَّ هذا النفار شأن الغزال

حبَّذا منه مقلة لست أدرِي

أبهدب تصول أم بنبال

صنَّفت شجوناً بغزّال جفن

فقرأنا مصنّفاً للغزال

وهوينا حلو القوام فنادى

لا عجيب حلاوة العسَّال

ما رأى الناس قبله قيد رمحٍ

أطلع الشمس في ظلام الليالي

تلك منه ذوائب لستُ أنف

كُّ بآفاق جنحها في ضلال

عشقته مثلي وخافته خوفي

فاسْتجارت لديه بالأذيال

من معيني على الهوى زادَ حتَّى

أهملته نصائح العذَّال

في جمال الحبيب متُّ شجوناً

وبروحِي أفدِي تراب الجمال

ــ

مخلع البسيط

نقّب على ودّ الجميل

وقنّع الصبّ بالقليل

كليم قلبي عليك يكوى

بنارِ حبيبك يا خليلي

يا مصر أما بشمسِ حسنٍ

أو بشمسِ علمٍ ليَ اسْتميلي

شمس هدىً لا تزال منه

تظهر في طالع جميل

بسيط بحر الندى مديد

كامل بحر الثنا طويل

رجايَ في برِّه سمين

كالفيل لا كالرجا النحيل

يضمن لي رفده المهنا

يا لكَ من ضامنٍ كفيل

ــ

ص: 414

الطويل

بروحي ممنوع اللقا غير أنني

واصل بالتنجيم والفكر شكله

وأقسم من خدّيه والثغر بالضحى

وبالفجر أبصرت في العصر مثله

وما أبصرت عيناي من وارث العلى

كناصر دين الله يبسط فضله

أميراً إذا قابلت وصفاً ونسبة

ترى الفضل مأثور الصفات ونجله

ترى عمريّ المنتمى عدويه

ففيه المعالي تتبع الفرع أصله

أمولاي إن أهلتني لعنايةٍ

فما زلت بالمعروف والشكر أهله

فديناك من أصلٍ ببطحاء مكةٍ

وفرعاً على الأقطار قد مدّ ظله

ــ

الكامل

بيت امتداحي ثم بيت ممدحي

يا بيت عاتكة الذي أتغزل

هذا وذاك وذا أحاول صدّه

حذر العدى وبه الفؤاد موكّل

ويميل عني من يصدّ وأنني

قسماً إليه مع الصدود لأميل

فليهنه الشهر الأصمّ عرفته

عند المدائح مصغياً يتهلّل

بالرغم أن يصغى لشكوى اليوم من

حظ تقول به الهموم وتفعل

ويردني عن باب ساداتي امرؤ

مفتاح بابهمُ لمثليَ أمثل

وأبيك يا ابن عليّ أنّ تشوّقي

من تحت قلبي المستهام ومن عَلُ

ــ

السريع

ليهن بدر الحسن في حلة

تعذيب قلبي وهو في حل

وَليهنَ سمعي عند حلو اسمه

ما كرر العذّال من عذلي

وليهن شهر الصوم أتقى الورَى

وليبق ما شاء بلا مثل

إمام أعلام الهدى والندى

قاضي قضاة الفضل والفصل

أقسم في الأنفال من برّه

وكثرة الطلاب كالنمل

في العلم والنسبة ما مثله

في ردّه الفرع إلى الأصل

ــ

الطويل

خليليّ والأشواق تروي حديثها

دموع الأسى من مرسلٍ ومسلسل

على نازلٍ بالقلب مرتحلٍ به

قفا نبك من ذكرى حبيبٍ ومنزل

وإلا انظرا من خاله فوق خده

إلى خير نارٍ عندها خير مصطل

سبكت بها ودّي فصحّ كأنه

سجايا بني السبكيّ للمتأمّل

أولئك ساداتي الذين همُ همُ

غياث المرجّى عصمة المتوسل

ص: 415

لقاضي قضاة المسلمين عليّها

ندًى ويدٍ كالبارق المتهلّل

إمام لنا من اسمه وسماته

سيول من الأرزاق تنحطّ من عل

ــ

البسيط

فتانة الصبّ تجلى في حماه فيا

لها غزالة أفقٍ في منازله

حتَّى إذا سحبت مثنى ذوائبها

فيا لها من غزالٍ في حبائله

من لحظها وتثني غصن قامتها

لا تسألوا من فؤادي عن بلابله

إن أقبل الوجه أشكو جور ناظره

أو أقبل القدّ أشكو جور عادله

ــ

الكامل

قاضي القضاة عليّها وتقيّها

ما لي على خلق سواك معوّل

سبق اعتناؤك في نوالك لي فما

أنفكّ في هذا وذا أتأمّل

فمن الحوالة لي ربيع آخر

ومن المواهب لي ربيع أول

لا زلت ذا فضلٍ يطلّ على الورَى

وعلى الكواكب من عليّ ومن علُ

ــ

البسيط

يا أيها العالم الفرد الوزير ومن

أرجو نداه إذا جافانيَ الأمل

وعاقني عن نداك الصاحبيّ وعن

رسمي من العيد وحلٌ ليس يحتمل

وفاتني صحن حلو والشواء فلا

شمس لمطلع آمالي ولا حمل

عش للمفصّل من حمدٍ يقال إذا

بدا على مثل هذا تنفق الجمل

ــ

مجزوء الخفيف

يا إماماً صفاته

ذات فضل مكمل

دم جمالاً لمخبرٍ

وحياةً لمجتلي

يرجم الفقر من ندا

ك برفد معجّل

حجرٌ من دراهمٍ

حطّه السيل من عل

ــ

مجزوء الكامل

هنئتَ بالنعم الجميله

يا صاحب النعم الجزيلهْ

ست تخبرنا النقا

أنها ست جليلهْ

وكذاك ألف مثلها

فاهنأ بعقباها الكفيلهْ

وديار ضدك ذَمته

وسيوف حيلته كليلهْ

ــ

ص: 416

الطويل

وأزهر وضَّاح الصفات عليّها

مدحت به المدح الذي أنا قائله

يقولون ماذا من أياديه ترتضي

قفلتُ التي ترضى لمثلي نوافله

أقدم اسمي مصدراً في مديحه

ويفعل صوب الغيث ما هو فاعله

وما البرُّ إلا ما نوته هباته

لعافٍ ولكن أهنأ البرّ عاجله

ــ

الوافر

أسعد الدين والدنيا بقطف

على من كنت تغمر بالنوال

رجوت على الليالي منك عوناً

بعيشك لا تكن غوث الليالي

ولا تسعف ولا تعسف بأمرٍ

ولكن لا عليّ اذاً ولا لي

ــ

المجتث

يا واحداً في المعالي

تهوى المعالي جماله

دمْ في مراتب فضل

عضدت فيها الأصاله

فلم تقم بكلال

ولم ترث عن كلاله

ــ

الطويل

بقيت ابن فضل الله في الفضلِ مفرداً

كشهرك أو شعري الذي لك قائله

فلو أنني ضمَّنت بيتاً لمبدعٍ

قديماً لقال الناس إنيَ قائله

أقول لفقري مرحباً لتيقّني

بأنَّ عليًّا بالمكارم قاتله

ــ

البسيط

يا أيُّها المربي برؤيته

عن كلّ فضل سمعناه من الأوَّل

كم جملة وصلت لي من نداك وكم

تفصيلة ألبستني أجمل الحلل

لقد غدت فكر الأمداح جائزة

بين التفاصيل من نعماك والجمل

ــ

الكامل

شكراً تقيّ الدين للمنن التي

رفعت على حامي حماك ظلالها

لله أنت فقد وصلت إلى مدىً

في الفضلِ أعيى السائدين مثالها

وغدوت مثل خالك في الورَى

يا حبَّذا وجه الأنام وخالها

ــ

الكامل

يا سيد الوزراء لا مستثنياً

في فضلِهِ أحداً ولا إفضاله

قد كنت ترحم قبلها حال امرئٍ

متغرّبٍ تدرِي حقيقة حاله

حاشا لشمسك أن ترد مؤملاً

عن أفقها يشكو انْقطاع حباله

ــ

ص: 417

السريع

ماذا أقول اليوم إن أكثر الع

الم عن جودِك تسآلي

وقيل هل أجدى المديح الذي

حبرته في مجدِهِ العالي

إن قلتُ لا كذَّبني الناس أو

قلتُ نعم كذَّبني حالي

ــ

الخفيف

يا إماماً قال المقلد والعا

لم فيه بواجبِ التفضيل

ما على عاشقٍ يقول على حك

مِ التداوي بالضمّ والتقبيل

لا كمن تنتحي بمعشوقِهِ النح

وفمن فاعلٍ ومن مفعول

ــ

الكامل

مولايَ كم من شذرةٍ نظَّمت في

معنىً وليس لها إليك وصول

قسماً ببيتك في المعالي إنني

أولى ببيتِ سوايَ حيث يقول

يا بدر حسَّادِي عليك كثيرة

والمسعدون على هواك قليل

ــ

مخلع البسيط

الحمد لله إذ زمانٌ

حلا لنا بالهنا جلاله

بكافلٍ للرجا وزير

يرضع أبناءَنا نواله

فحبَّذا برّه رضاعاً

وحبَّذا رأيه كفاله

ــ

الكامل

سقياً للحدِك يا عليّ فإنه

لحد الرئاسة والثناء العالي

مالي ونظم القول بعدك في الورَى

ذهب المقال فلات حين كقالي

لا زال قلبيَ رافضيّ تصبُّرٍ

أسفاً عليك ومدمعي متوالي

ــ

الطويل

شكوتَ وبالشكوى إلى غير راحمٍ

تعذَّر مني للمراد حصول

وصولات قوم بالكثيرِ تقسَّمت

لديكم وما لي وصول

خضبت مشيبي بالدموع فما به

ولكن بقلبي للهمومِ نصول

ــ

البسيط

يا سيدي يا صلاح الدين لا صلحت

إن أنسَ برّك أفكاري ولا حالي

يا من جفاني فلفظي بعد جفوته

وجيد قصديَ لا حلوٌ ولا حالي

إن لم يعد لي فلا صاد الحروف ولا

لام معانقة فيها ولا حالي

ــ

الكامل

خذ من عبيدك مقتضى نيَّاتها

في الحمدِ واعْذر مقتضى أقوالها

ص: 418

قسماً لو اسْتطاعت إليك جسومهم

بعثت دروج المدح من أوصالها

ــ

الطويل

تأمَّلت من بعد الصبا حال وجنةٍ

لغيداء لم أطمع بعوْدِ وصالها

وكنت أخا سعدى فأصبحت عمّها

فهيهات لي جدّ بتقبيل خالها

ــ

البسيط

ولي رقيبٌ إذا ما الحبّ واصلني

قرينه قلت ليت الحبّ لم يصل

يقولُ تنقيل مرآه وسرعته

سبحانَ من خلقَ الإنسان من عجل

ــ

الرجز

يا حبَّذا يومي بوادِي جلّقٍ

وفرجتي مع الغزال الحالي

من أول الجبهة قد قبَّلته

مرتشفاً لآخر الخلخال

ــ

المجتث

آهاً لحاذق ذهنٍ

يقول في العشقِ من لي

قال العذار لحدقي

ما أنت من خلّ بقل

ــ

البسيط

تجلَّدت كتب التاريخ ثمَّ شكت

من خجلة خير تاريخٍ لخير وَلي

تكادُ إن نظرتْ هذي المحاسن أن

تموت في جلدِها من شدَّة الخجل

ــ

السريع

سبحان من وكَّل بي مشفعاً

تاجاً على رأسي عطاه الجميل

وكَّلته في كلّ ما أرتجي

وحسبيَ الله ونعمَ الوكيل

ــ

المجتث

سعيتُ في حبِّ هيفا

تحلو وتكوي طفليهْ

وقيل عيِّن لها اسماً

فقلت ستِّي بخيلهْ

ــ

الرجز

وغادةٍ أنحل جسمي خصرها

وكانَ جسمي قبل مرآها نحيل

وطولت همل بطول شعرها

فقلتُ ذا يا شعرها همّ طويل

ــ

الرجز

أفدِي مليحاً أسوداً فاح شذا

مسكٍ لنا فقَّاعه وشكله

كأنه نادى على حليته

فقال فقاعي مسك كله

ــ

الطويل

أقولُ لعثمانَ الأديب وقد صبا

لأرداف من يهواه بعد اعْتزالها

وقد ساقها من بعد ما قد تغيَّرت

وقد هزلت حتَّى بدا من هزالها

ــ

ص: 419

السريع

إمام دين الله سمعاً لمن

أبعدتموه وهو باقي الوله

لو سرتُ ميلاً عنك لم تتَّخذْ

عيني سوى إحسانكم مكحله

ــ

المنسرح

من أدبِ النفس أن يوقَّر مو

لانا بتدبيرِهِ الجليل علا

وإنما المفترون قد حفظوا

تلجي الضرورات في الأمور إلى

ــ

البسيط

يا عاتبين ولا والله أذكرهم

إلا بخيرٍ وإن مالوا عليَّ ولي

شويت يا مهجتي إن كنتُ عاتبهم

وإن وجدت لساناً قائلاً فقلي

ــ

السريع

عمامتي كبرتها غالطاً

فقيل لي باردة جزلهْ

كبيرة فاضت على جبهةٍ

قلت نعم مع أنَّها سهلهْ

ــ

المتقارب

تصدَّق برفدٍ على السائلي

ن ما كانَ يمكن رفد جميل

ولا تأمننَّ عروض الزمان

فإنَّ الزمان فعول فعول

ــ

الكامل

عرِّج على قبرِ الكمال وقلْ له

سحبت عليكَ السحبُ من أذيالها

قسماً لقد نقصت وأعوزت العلى

يا شوقها لتمامها وكمالها

ــ

مخلع البسيط

وا حرباً من هوى رشيق

معذَّر كالقضيب مائل

عذاره لا يغيث دمعي

وسائل لا يجيب سائل

ــ

الكامل

من كلن من هفواته متنصِّلاً

في بابِ عزّكمُ فما أتنصَّل

أظهرت إذ أذنبت فضل حلومكم

فأنا أمرؤ بذنوبِهِ يتوسَّل

ــ

السريع

يا ربّ إن ابني وشعري كما

تراهما في حالةٍ حائلهْ

الشعر محتاجٌ إلى قابلٍ

والإبن محتاجٌ إلى قابلهْ

ــ

السريع

يقول بيت المال لمَّا رأى

تدبير مولانا الجليّ الجليل

الله أعطاني وكيلا رضىً

فحسبيَ الله ونعمَ الوكيل

ــ

ص: 420

الكامل

يا ربَّ ليلٍ بتُّه متنعِّماً

برشيقةٍ تغني بردفٍ مثقل

إيري بجانب كسّها في جحرها

عرف المحل فباتَ دون المنزل

ــ

البسيط

يا عاذلي لست مثلي في هوًى وجوى

فخلّ بالله عن لومي وعن عذلي

أضحى لريَّان ردفٍ قد علا وربا

يا حبَّذا جبل الريَّان من جبل

ــ

الخفيف

لا تخف عيلة ولا تخشَ فقراً

يا كثير المحاسن المختاله

لكَ عين وقامة كل يوم

تلك غزَّالة وذي فتَّاله

ــ

الكامل

قاضي القضاة جمعت للزهدِ الندى

فغدوت في الحالين تبعث بالولي

تأتي هباتك كالسيول لنا ولا

عجبٌ لسيلٍ حين يأتي من عل

ــ

الكامل

صدق الذي قد سارَ في أمثاله

بيت بديع النظم في أقواله

وإذا امرؤٌ أسدى إليك صنيعة

من جاهِهِ فكأنها من ماله

ــ

السريع

يا كاتب الخاصّ ويا شاعراً

أصبحَ بالآدابِ يختال

حوالتي قد أعجزت حيلتي

فانْهض عسى ينجح محتال

ــ

الطويل

أمين العلى والعلم دعوة ناشئٍ

ببيتك تلقى حيثما كانَ فضله

أبوك بأرضِ الشام أصل إقامتي

فأكرم مقاماً كانَ أصلك أصله

ــ

السريع

حلُّوا بعقدِ الحسنِ أجيادهم

وحاولوا صبريَ حتَّى اسْتحال

فآه من عاطل صبرٍ مضى

والحمد لله على كلِّ حال

ــ

المتقارب

أيا حسناً قد هوى شائباً

لقد بتُّما والهوى مشكل

فلو بتُّما عند قدريكما

لبتُّ وأعلا كما الأسفل

ــ

الطويل

بروحي خليلاً لم أجد مع صدوده

إلى القلبِ عنه سلوة تتخلَّل

ويعلم بأسي من جميل وفائه

فما ضرَّه بالقول لو يتجمَّل

ــ

ص: 421

الطويل

أتاني عليّ الباسليّ بشعره

فيا لك من شعر ثقيلٍ مطوَّل

مكرّ مفرّ مدبرٌ مقبلٌ معاً

كجلمود صخر حطًّه السيل من عل

ــ

الطويل

يداوي أسى العشَّاق من نحوِ أرضكم

نسيم صباً أضحى عليه قبول

بروحيَ من ذاك النسيم إذا سرى

طبيباً يداوي الناس وهو عليل

ــ

المجتث

مبقل الخدّ قالوا

فقلت ما ذاك يسلي

هذا الزُّمرّد حقَّا

ما ذي حوائج بقلي

ــ

الرجز

لا رأيَ لي في الشامِ بعد ما دعى

أحبَّتي وسادتي الرحيل

وكيف أختار المقام في حمىً

لا صاحبٌ فيه ولا خليل

ــ

المتقارب

سألت الحلال فأعطى وقد

سألناكَ يا من عليه يدَل

وأنتَ في الدولة ابن المعزّ

فلا تقصرن عن ابن الأجل

ــ

الوافر

شهاب الدين يا غوث الموالي

ومن حازَ الثنا والفضل كلّه

أغثْ قوماً إلى البطِّيخ أمسوا

قياماً يسألون عن الأهلَّه

ــ

مجزوء الكامل

يفديك عبدُ مودَّةٍ

أسليته عن أهله

وكتبت عهدةَ رقه

بالمكرمات فحله

ــ

الطويل

عليَّ ديون من ثناً لم أقم بها

فيا عجباً لي في ازديادٍ من الفضل

وأعجب من ذا أنك الشمس أشرقت

وها أنا منها حيثما كنت في ظل

ــ

الكامل

أرسلت بعدكم بجهدٍ نحوكم

جبناً فيا خجلي ويا جهلي

وبخلت عن مفروض حقكُم

فجمعت بين الجبن والخل

ــ

الكامل

يا متقناً علم الشريعة والندى

أنت الأحق بما يقول الأول

تجب الزكاة على الذين وعدتهم

وعداً فإنهمُ بذاك تموّلوا

ــ

البسيط

يا دهر رفقاً فما أبقيت لي أملاً

في ثروةٍ أتمناها ولا جذل

ص: 422

قطعت باليأس آمالي لديك فقد

تركتني أصحب الدنيا بلا أمل

ــ

الكامل

أهلاً بسائرة الصبا من نحوكم

وبما عهدنا من تعاهد طولها

أملت على الزّهر المقطب ذكركم

حتَّى تبسم ضاحكاً من قولها

ــ

البسيط

غاب الوزير وكان العطف شيمته

وجئت نعم أمير بالرجاء ملي

فشيبة الحمد عندي والولاء معاً

حقان بين أبي بكر وبين علي

ــ

الخفيف

بقّلت وجنة المليح وقد ولّ

ى زمان الضنا الذي كنت أملك

يا عذار المليح دعني فإني

لست في ذا الزمان من خل بقلك

ــ

الكامل

يا ابن النبوّة والفتوّة والتقى

عذراً لمعلوم الولا لا يجهل

كم بيت مدح قلت فيك لنظمه

يا بيت عاتكة الذي أتغزّل

ــ

البسيط

دامت صلاة الحمى الزينيّ واصلة

كأن إحسانها نصباً على الحال

ولا برحنا وإن شطّ المزار بنا

من هالة البدر معنًى في ابن منهال

ــ

المديد

يا فتى العليا وصاحبها

ما ترى في واثق الأمل

تالياً إنسان مقلته

خلق الإنسان من عجل

ــ

المتقارب

رأينا تواقيع تاج العلوم

على قصص ذات وصف جلي

بنسك وجودٍ وخطٍّ أجاد

فقلت الثلاثة خطّ الولي

ــ

البسيط

يا صاحبي لك من سقمٍ ومن كبرٍ

عنق متين وفي الخدّين تسهيل

وطلعة شمل الخيلان وجنتها

فعمها خالها قوداء شمليل

ــ

البسيط

سار الأمير عليٌّ في كفالته

لما من الدهر سير الأنزع البطل

فنحن في الفضل ماضيه وحاضره

نروي الثنا عن أمير المؤمنين علي

ــ

الطويل

وضعت سلاح الصبر عنه فما له

يقاتل بالألحاظ من لا يقاتله

وسال عذار حول خديه جائر

على مهجتي فليتق الله سائله

ــ

ص: 423

الخفيف

أحمد الله كم أجود في الخل

قِ مقالاً وما يفيد المقال

كلمي في الأنامِ سحر ولكن

أنا والسحر باطل بطَّال

ــ

الكامل

أهلاً بمقدمك السعيد وحبَّذا

عيش على رغم الأعادي مقبل

طلعَ الهلال ويمَّن وجهك للورى

يتفاضلان وأنت أنت الأفضل

ــ

البسيط

عشْ يا إمام العلى والعلم ذا نعمٍ

لقاصر السعي مثلي طامح الأمل

أقسمت ما عثرت بالفقر لي قدمٌ

إلا وصاحَ رجائي فيك يا لعلي

ــ

الكامل

وسميّ برّك يا ولي الوقت قد

أربت بوادره على الأمل الملي

لا يعدم الشام اقْتتال وزارةٍ

يسعى بها الوسميّ من حول الولي

ــ

الكامل

أما حمى قاضي القضاة فإنني

عن جاهِهِ أروي الصحيح وماله

مهما سألت عن اخْتلاف مقاصدِي

قالت حلاه أجزته بسؤالي

ــ

الكامل

رسمت عوادي السحر من ألحاظِهِ

سطر الضنا من فوق جسمي البالي

فإذا تأملّه الخبير به رأى

رسم ابن مقلة من يدِ ابن هلال

ــ

الطويل

حضرت صلاة العصر خلف مبلّغٍ

بهيّ المحيَّا يعشق الجمع شكلهُ

فأقسم من خدَّيه والثغر بالضحى

وبالصبح ما أبصرت في العصرِ مثله

ــ

الطويل

ألا ربَّ ليلٍ واعدت فيه بالجفا

ويا ويحَ روحي إن جفتها وويلها

فبتُّ كأني شعرها وهو مسبل

أقبِّل رجليها وأمسك ذيلها

ــ

الرجز

أفدي التي ساقَ إليها مهجتي

فرعٌ طويلٌ فوق حسن طائل

قلبي بصدغيها على طاعتِها

يساق للجنَّة بالسلاسل

ــ

البسيط

يا باعث الجبن قد ساءت مطاعمه

وتخلَّف الوعد في الشهدِ الذي يصل

بخلت بالشهدِ لا بالجبن تبعثه

لبئست الخلَّتان الجبن والبخل

ــ

الطويل

دنوت إليها وهو كالفرخ عاجز

فيا خجلي لما دنوت وإذلالي

ص: 424

وقلت امعكيه بالأنامل فالتقى

لدى وكرها العنَّاب والحشف البالي

ــ

الطويل

سأسعى إلى أبوابكم ولو أنَّني

على الرأس أسعى راضياً لا على الرجل

وأمشي لكم ما بين مصرٍ وغزَّةٍ

وإن كنتُ لا أستحسن المشي في الرمل

ــ

المتقارب

إذا جاءَ عثمان مستخبراً

عن المتقارب بحراً فقولوا

ثقيلٌ ثقيلٌ ثقيل ثقيل

ثقيلٌ ثقيلٌ ثقيلٌ ثقيل

ــ

الطويل

أقوَّادتي إني فرغت عن النسا

وأضحى على ميل العلوق معوَّلي

فإن كنتُ قد أزمعت بظراً فلا ولا

وإن كنت قد أزمعت صرماً فأجملي

ــ

البسيط

يا رُبّ ناعورة غنَّت لنا وبكت

كحالة الصبّ بين اليأس والأمل

قالت ودمع أخي العشَّاق يتبعها

أنا الغريق فما خوفي من البلَلِ

ــ

الكامل

منع اتِّضاعك أن تقبل مبسمي

قدماً سموت بها إلى التفضيل

فلذاك أهديت الرّكابَ تخيُّلاً

لأكون قد قبلتها برسول

ــ

الطويل

ألا قل لمولانا الإمام أخي التقى

أغثني فعندِي للعلاء غليل

فقدتُ دقيقاً من معانٍ ومأكلٍ

ورأيك في اسْترجاع ذينِ جميل

ــ

الطويل

صحبنا أناساً عاطفين فغيَّروا

ومالوا مع الأيام حيث تميل

فصرنا نرى أن المتارك محسن

وأن خليلاً لا يضرُّ وصول

ــ

الطويل

حمى اللهُ من ريب الحوادثِ سادةً

لشوقي بهم حالٌ وللصبرِ ترحال

كحّلت جفوني بالسهادِ لبعدهم

فيا حبَّذا للسّهد والبعد أميال

ــ

الطويل

أقول إذا اسْتكتبت صدر رسالةٍ

إلى آل فضل الله مأوى الفضائل

أنا العبد يدعو الله في صدرِهِ لكم

نعم ثمَّ يدعو في صدور الرسائل

ــ

الطويل

وصلتُ إلى قصدِي وسطّر لي بما

أحلّت وصولٌ واستقرَّ حصول

ولولا الندى الفخريّ في كلِّ حالةٍ

لما كانَ لي في الحالتين وصول

ــ

ص: 425

مخلع البسيط

أفدِي رئيسين قد أطلَاّ

على ذرى المجد والمعالي

لاقَ بذا قرب ذا فقلنا

ما أليق البدر بالكمال

ــ

السريع

أوقفني ودِّيَ مع هاجرٍ

يبخل بالدّرج وبالوصل

والله لا غررت من بعدها

ولا جعلت الودّ في حلي

ــ

المنسرح

قل لخليلي الذي رجوت به

تقدُّمي في الورَى وإجلالي

كدَّر لي دهري الحياة ومذ

رجوتُ منه الصفاءَ صفا لي

ــ

الهزج

قضيت العمر مدَّاحاً

وهذا يا أخي الحالُ

فقير الوجه والكفّ

فلا جاهٌ ولا مالُ

ــ

الكامل

عشْ يا وليّ الوقت تنعش في الورَى

حالي الضَّعيف وكلّ حال مؤمل

وفديت خطّك في الرقاع مجاوباً

بالجودِ فهو حقيقة خط الولي

ــ

الكامل

قاضي القضاة لقد حويت من العلى

خطًّا يطلُّ على الكواكبِ من عل

وفتاوياً وفتوَّة شاهدتها

فحلفت ما في الكون أفنى من علي

ــ

الكامل

إن لم تكن لأخي السؤال فمن له

يا من صرفت له الرجاء فملهُ

وأعيذه من أن يراني مقسماً

أن لست أفتح بالسؤال فماً لهُ

ــ

الوافر

جمال الدين قد أتقنت خطًّا

حوت أوضاعه معنى الجمال

يقول ابن العديم لو اخْتلاه

وقاكَ الله من عينِ الكمال

ــ

الطويل

كذا كلّ عامٍ في وفور سيادةٍ

وقدرٍ له عند النجوم حصول

وعليا تنادِي لا وصول لحاسدٍ

ولكن لمختار الصِّلات وصول

ــ

المتقارب

أقاضي القضاة الذي قد علا

بأسمى السِّمات وأزكى الفعال

بجودٍ وزهدٍ وخطٍّ بهر

ت فأنتَ الوليّ على كلّ حال

ــ

الرمل

ربَّ غيث رام أن يحكي ندىً

لكَ فينا ثمَّ ولَّى واسْتحال

ص: 426

عاقنا عنك وما حاكى فما

هو إلا باردٌ في كلِّ حال

ــ

البسيط

لو كانَ غيرك مخدوماً ألوذ به

لكانَ حالي على ما أشتهي حالي

ولا هجيت فلا أمسيت مفتقراً

وباركَ الله في عرضِي وفي مالي

ــ

مخلع البسيط

يا نسبة الشمس في المعالي

ملتَ لرجواي كلّ ميل

فحبَّذا من جوارِ خير

أفادَ قصدي جواد خيل

ــ

المتقارب

أيا سيدي إن ذاك الذي

أمرت ببرِّي سها عن خليلي

وقال أناس أتاكَ الدقيق

فقلتُ لهم لا وحقُّ الجليل

ــ

الطويل

يسائلني عن حال إيري من رأى

على رأس إيري كتلة حين أكتال

فقلتُ له أنتَ الذي بأذاك ما

تركت له رأساً من الناس تنشال

ــ

الكامل

قالوا وصولات الورَى حصلت لهم

ونراكَ لم تظفر لها بحصول

أطلب وصولك قلت إن لم يقض لي

قاضي القضاة فأين أين وصولي

ــ

مجزوء الخفيف

سلَّ أسياف لحظه

فالْتقتها مقاتلي

باخل لا يرقّ من

دمع عيني لسائل

أنا مجنون حبّه

ودموعي سلاسلي

يا هلالاً يحلُّ من

كبدِي في منازل

ذكر الله بالنع

يم ليالي التَّواصل

وسقى عهدها وإن

عهدت بالشقا لي

ص: 427