الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(ذكر بكاء النبي صلى الله عليه وسلم على حمزة وحزنه عليه) وثنائه وذكر ما مثل به ومن مثل به وذكر نبذ من أخباره
عن جابر بن عبد الله قال لما رأى النبي صلى الله عليه وسلم حمزة قتيلا بكى فلما رأى ما مثل به شهق.
خرجه السلفي.
وعن أبى هريرة قال وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على حمزة وقد قتل ومثل به فلم ير منظرا كان أوجع لقلبه منه فقال رحمك الله أي عم (1) فلقد كنت وصولا للرحم فعولا للخيرات فوالله لئن أظفرني الله بالقوم لامثلن بسبعين منهم قال فما برح حتى نزلت (وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين) فقال صلى الله عليه وسلم بل نصبر فكفر عن يمينه.
خرجه أبو عمر وخرجه المخلص وصاحب الصفوة وقالا بعد قوله فعولا للخيرات: ولولا حزن من بعدك عليك لسرني أن أدعك حتى تحشر من أفواه شتى أما والله مع ذلك لامثلن بسبعين منهم مكانك فنزل جبريل والنبى صلى الله عليه وسلم واقف بعد بخواتيم النحل (وإن عاقبتم) إلى آخر الآية فصبر النبي صلى الله عليه وسلم وأمسك عما أراد.
وعن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بحمزة يوم أحد وقد جدع أنفه ومثل به فقال لولا أن تجد صفية لتركت دفنه حتى يحشر من بطون الطير والسباع،
وكفنه في نمرة إذا خمر رجليه بدا رأسه وإذا خمر رأسه بدت رجلاه فخمر رأسه.
خرجه المخلص.
قال ابن هشام لما وقف صلى الله عليه وسلم على حمزة قال لن أصاب بمثلك ابدا ما وقفت موقفا قط أغيظ لى من هذا.
وعن ابن عباس قال لما انصرف المشركون عن قتلى أحد انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم عن القتلى فرأى منظرا ساءه ورأى حمزة قد شق بطنه واصطلم أنفه (1) وجدعت أذناه فقال لولا أن تجزع النساء ويكون سنة بعدى لتركته حتى يبعثه الله من بطون السباع والطير لامثلن مكانه بسبعين قتيلا.
ثم كفن ببردة كان إذا غطى بها وجهه خرجت رجلاه فغطى رسول الله صلى الله عليه وسلم بها وجهه وجعل على رجليه شيئا من الاذخر (3) ثم قدم وصلى عليه عشرا ثم جعل يجاء بالرجل وحمزة مكانه حتى صلى عليه سبعين
(1) في نسخة (يا عم) .
(2)
أي قطع.
(3)
الاذخر: حشيشة طيبة الرائحة.
صلاة وكان القتلى سبعين فلما فرغ منهم نزل قوله تعالى (أدع إلى سبيل ربك بالحكمة) إلى قوله (واصبر وما صبرك إلا بالله) فصبر صلى الله عليه وسلم ولم يمثل بأحد.
خرجه الغساني.
وعن عبد الله بن مسعود قال ما رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم باكيا قط أشد من بكائه على حمزة بن عبد المطلب لما قتل وقتل إلى جنبه رجل من الانصار يقال له سهيل قال فجئ بحمزة وقد مثل به فجاءت صفية بنت عبد المطلب بثوبين لكفنه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم دونك المراة فردها فأتاها الزبير بن العوام فقال يا أمه ارجعي فقالت إليك عنى لاأم لك قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنى أن أردك قال فانصرفت ودفعت إلى الثوبين قال فأقرع رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين سهيل فأصاب سهيلا أكبر الثوبين فكفنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلم بالصغير فكان إذا مده على وجهه خرجت قدماه وإذا مده على قدميه خرج وجهه فغطى النبي صلى الله عليه وسلم وجهه ولف على قدميه ليفا واذخرا ووضعه في القبلة ثم وقف صلى الله عليه
وسلم على جنازته وانتحب حتى نشغ من البكاء يقول يا حمزة يا عم رسول الله وأسد الله وأسد رسوله يا حمزة يا فاعل الخيرات يا حمزة يا كاشف الكربات يا حمزة يا ذاب عن وجه رسول الله قال وطال بكاؤه قال فدعا برجل رجل حتى صلى عليه سبعين صلاة وحمزة على حالته.
خرجه ابن شاذان وقال غريب.
(شرح) : النشغ: الشهيق حتى يبلغ به الغشى.
وروى ابن اسحق أن الزبير لما قال لصفية إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن ترجعي قالت ولم وقد بلغني انه قد مثل بأخى وذلك في الله فما أرضانا بما كان في ذلك لاحتسبن ولاصبرن إن شاء الله تعالى فلما جاء الزبير وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك قال خل سبيلها فأتته فنظرت إليه فصلت عليه واسترجعت واستغفرت له ثم أمر به صلى الله عليه وسلم فدفن.
وعن ابن مسعود قال إن النساء كن يوم أحد خلف المسلمين يجهزن على جرحى المشركين فلو حلفت يومئذ لرجوت أن أبر إنه ليس أحد منا يريد الدنيا حتى أنزل الله تعالى (منكم من يريد الدنيا - الآية) فلما خالف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وعصوا ما أمروا أفرد رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبعة من الانصار ورجلين من قريش وهو
عاشرهم فلما رهقوه قال رحم الله رجلا ردهم عنا قال فقام رجل من الانصار فقاتل ساعة حتى قتل فلما رهقوه قال رحم الله رجلا ردهم عنا فلم يزل يقول ذلك حتى قتل السبعة فقال النبي صلى الله عليه وسلم لصاحبه ما أنصفنا أصحابنا فجاء أبو سفيان فقال أعل هبل فقال صلى الله عليه وسلم قولوا الله أعلى وأجل فقال أبو سفيان لنا العزى ولاعزى لكم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قولوا الله مولانا والكافرون لا مولى لهم ثم قال أبو سفيان يوم بيوم بدر: يوم علينا ويوم لنا ويوم نساء ويوم نسر حبطة بخبطة وفلان بفلان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لاسواء أما قتلانا فأحياء يرزقون
وقتلاكم في النار يعذبون قال أبو سفيان قد كانت في القوم مثلة وإن كان لعن غير ملا منا ما أمرت ولانهيت ولا أحببت ولاكرهت ولا ساءني ولاسرنى قال فنظروا فإذا حمزة رضى الله عنه قد بقر بطنه وأخذت هند كبده فلاكتها فلم تستطع أن تأكلها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أكلت منه شيئا قالوا لاقال ما كان الله ليدخل شيئا من حمزة النار فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم حمزة فصلى عليه وجئ برجل من الانصار فوضع إلى جنبه فصلى عليه فرفع الانصاري وترك حمزة حتى صلى عليه ويومئذ سبعين صلاة.
خرجه أحمد، وقال ابن جريج مثل (1) الكفار يوم أحد بقتلى المسلمين كلهم إلا حنظلة بن الراهب لان أبا عمر الراهب كان يومئذ مع أبى سفيان فتركوا حنظلة لذلك.
وقال كثير بن زيد عن المطلب بن حنطب لما كان يوم أحد جعلت هند بنت عتبة والنساء معها يجد عن انف المسلمين ويبقرون (2) بطونم ويقطعن الآذان إلا حنظلة فان أباه كان مع المشركين وبقرت هند بطن حمزة وأخرجت كبده وجعلت تلوكها ثم لفظتها (3) وقال النبي صلى الله عليه وسلم (لو دخلت بطنها لم تدخل النار) قال ولم يمثل باحد ما مثل بحمزة قطعت هند يده وجدعت أنفه وقطعت أذنيه وبقرت بطنه فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم قال لئن ظفرت بقريش لامثلن بثلاثين منهم فأنزل الله تعالى
(1) يقال مثلت بالحيوان أمثل به مثلا إذا قطعت أطرافه وشوهت به، فأما مثل بالتشديد فهو للمبالغة.
(2)
أي يشقون.
(3)
أي رمتها.