الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رجل من أهل الفوعة يعرف بابن ماجد فأخذ من الفوعة ثلاثمائة وثمانين نفراً وكبس سرمين وكان بها من الأمراء المجردين بهاء الدين الخضر الحميدي وركن الدين عيسى السروي وعلم الدين قيصر الظاهري فانحازوا إلى دار الدعوة بسرمين واجتمع عليهم خلق كثير وحاصروهم بها ثم إن ركن الدين عيسى السروي ركب وأركب الأمراء المذكورين وفتح باب دار الدعوة وخرج ثم حمل فيهم فصادف في حملته صاحب سيس ولم يعرفه فرماه من جواده فتفللت لأجله عزائم أصحابه فولوا هزيمة لا يلوى أحد منهم على صاحبه وتخلص ممن كان معهم من الأسراء جماعة كبيرة.
ذكر توجه الملك الظاهر إلى الشام
وقبضه على الملك المغيث صاحب الكرك
برز الملك الظاهر يوم السبت سابع ربيع الآخر إلى مسجد التبن وأقام به إلى عاشر الشهر ورحل يوم الخميس حادي عشرة، ولما وصل إلى غزة وفد عليه في السابع والعشرين من الشهر والدة صاحب الكرك شافعة في ولدها فأقبل عليها وأكرمها وأذن لها في العود فعادت ثم رحل إلى الطور يوم الاثنين حادي عشر جمادى الأولى وجاء من الأمطار ما منع السابلة فغلت الأسعار ولحق العسكر مشقة عظيمة والملك الظاهر يرسل الرسل إلى صاحب الكرك يطلبه وهو
يسوف خوفاً من القبض لما أسلفه من الأفعال الذميمة منها رسالة سيرها على لسان الأمجد رسوله أساء فيها الأدب ومنها كتبه إلى التتر يحرضهم على قصد البلاد، ومما ثبطه كتب وصلت إليه من أمراء كانوا مع الملك الظاهر يحذرونه الوصول إليه يعرفونه أنه عازم على قبضه، فوقف عليها وسيرها إلى الملك الظاهر فسير إليه في الجواب أني أنا أمرتهم بذلك لأتحقق ما في نفسك، فخرج من الكرك خائفاً ولما وصل بالقرب من العسكر ركب الملك الظاهر لتلقيه فأراد أن يترجل فمنعه الملك الظاهر وسايره إلى باب الدهليز فدخل الملك الظاهر وعدل بالملك المغيث إلى خركاه واحتيط عليه وبعث به إلى قلعة القاهرة صحبة الأمير شمس الدين آق سنقر الفارقاني السلحدار يومئذ فوصل به ليلة الأحد خامس عشر جمادى الآخرة فكان آخر العهد به.
ولما قبض عليه ظهر في وجوه بعض الأمراء كراهية ذلك فاحضر الملك الظاهر الأمراء والملك الأشرف صاحب حمص وكان قد وفد عليه وقاضي القضاة بدمشق وكان قد استدعاه والشهود ورسل الفرنج وأخرج إليهم كتب الملك المغيث إلى التتر يحرضهم على قصد البلاد وكتب التتر إليه أجوبة منها مضمونها شكر هولاكو منه واعتزاؤه إليه ويعده بوعود حسنة ويقول له قد أقطعتك من بصري إلى غزة وقد عرفت ما أشرت إليه من طلب عشرين ألف فارس نسيرها تفتح بها مصر ويعده بإرسالها إليه ويوصيه بأمور جمة، ثم أخرج فتاوى الفقهاء بأنه
لا يحل إبقاؤه على هذا الوجه فعذروه حينئذ وكان أوكد الأسباب في القبض عليه أن رسولاً ورد عليه من التتر فاصل ذلك بالملك الظاهر فبعث إليه بدر الدين لؤلؤ المسعودي أحد المماليك البحرية وطلبه فأنكره فتوعده وتهدده فأظهره وحمل إلى الملك الظاهر وأخذ يعده ويمنيه حتى أخبره بما جاء فيه وهو أن هولاكو سيره إليه ليكشف حاله وكتب الجواب وأخرجه، فلما وقف لعيه الملك الظاهر أخذ خطوط الفقهاء بوجوب قتاله ثم توجه إلى الكرك وكاتب من فيه بتسليمه فوقع الاتفاق على أن يؤمر الملك العزيز عثمان بن الملك المغيث على مائة فارس وتسلم الكرك يوم الخميس ثالث عشري جمادة الآخرة ودخله ثالثه نهار الجمعة، ثم قصد الديار المصرية واستصحب أولاد الملك المغيث وحريمه فلما حل بمصر أمر ولده كما تقرر وأنزله في دار القطبية بين القصرين، وكان وصوله إلى الديار المصرية يوم السبت سادس عشر شهر رجب.
وفي يوم الاثنين الثامن والعشرين منه قبض الملك الظاهر على الأمير سيف الدين بلبان الرشيدي والأمير عز الدين أيبك الدمياطي والأمير شمس الدين آقوش البرلي وحبسهم بقلعة الجبل.
وفي حادي عشر شهر رجب وصل إلى الديار المصرية رسولان
من عند الملك بركة وهما جلال الدين بن قاضي دوقات والشيخ علي التركماني وكان وصولهما من الإسكندرية وصلاها من بلاد الأشكري وذلك أنهما خرجا من سقسين مدينة بكرة في نهر اتل إلى بحر سوداق وركبوا فيه إلى خليج القسطنطينية إلى البحر الكبير فسلكاه إلى الإسكندرية ومضمون الرسالة: أنت تعلم أني محب لهذا الدين وهولاكو قد تعدى على المسلمين واستولى على بلادهم وقد رأيت أن تقصده من جهتك واقصده من جهتي ونصدمه صدمة واحدة فنقتله أو نطرده عن البلاد ومتى كانت واحدة من هاتين أعطيتك ما كان في يده من البلاد التي استولى عليها فشكر له الملك الظاهر ذلك وبعث إليه هدية سنية مع رسول يستصوب هذا الرأي.
وفي آواخر شهر رجب وصلت طائفة كبيرة من التتر مستأمنين وهي الطائفة الثانية ثم وصلت طائفة أخرى كبيرة منهم ومقدمها كرمون فخرج الملك الظاهر لتلقيهم وأنعم عليهم بالإقطاعات وغيرها.
وفي شعبان خلع الملك الظاهر على الأمير جمال الدين موسى بن يغمور وفوض إليه الأستاذ دارية.
وفي سادس عشر شهر رمضان جهز الملك الظاهر من الديار المصرية لعمارة مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم صناعاً وآلات وأخشاباً فطيف بها مصر والقاهرة وسوفر بها في العشر الأوسط من شوال.
وفي رمضان زلزلت الموصل زلزلة عظيمة بحيث انشق الشط الذي