الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال سراج الدين فقلت ما ناسب من الشكر له على ذل وتحققت رجحان عقله.
السنة الخامسة والستون وستمائة
دخلت هذه السنة والخليفة والملوك على القاعدة المستقرة في السنة الخالية.
متجدادت الأحوال
في غرة السنة خرج الملك الظاهر من دمشق متوجهاً إلى الديار المصرية فلما وصل الفوار عرج منه إلى الكرك وسار العسكر والثقل إلى غزة مع الأمير شمس الدين آق سنقر الفارقاني ونزل الملك الظاهر بركة زيزا في الثامن منه وركب ليتصيد فكبا به الفرس فانكسر فخذه فأقام بالبركة يعالج نفسه حتى قارب الصحة وتماثل فركب في محفة وسار إلى غزة فوصلها غرة صفر ثم سار فنزل مسجد التبن فأقام به يعالج فخذه حتى أمكنه الركوب ودخل القاهرة من باب النصر وقد زينت فشقها وخرج من باب زويلة وصعد القلعة يوم السبت سادس ربيع الأول.
وفي ثامن عشرة أقيمت الجمعة والخطبة بالجامع الأزهر بالقاهرة وهذا الجامع بني لما بنيت القاهرة لإقامة الجمعة فلما بنى الحاكم الجامع الأنور نقل الخطبة إليه وبقي الجامع الأزهر تقام فيه الصلوات الخمس فقط فلما عمر الحلى داره إلى جانبه رمه وبيضه وعمل فيه منبراً ومقصورة فتنازع الناس في جواز الجمعة فيه وكتب في ذلك فتاوى فممن منع
الجواز القاضي تاج الدين ابن بنت الأعز وجماعة وممن أجازها الشيخ شمس الدين الحنبلي وجماعة فعمل بقول من جوز ذلك وحضر الصلاة الصاحب وجماعة كثيرة من العلماء والأمراء.
وفيها ورد الملك المنصور صاحب حماة إلى القاهرة فخرج الملك الظاهر لتلقيه واحتفل به فسأل التوجه إلى الإسكندرية فأجيب وسير معه الأمير شمس الدين الفارقاني وتقدم إلى شمس الدين بن باخل متولي الثغر أن يحمل إليه في كل يوم من بيت المال مائة دينار وإن ينسج له في دار الطراز ما يقترحه وينفق عليه من بيت المال أيضاً.
وفيها شرع في بناء جامع الحسينية في ميدان قراقوش في منتصف جمادى الآخرة والمتولي لذلك الصاحب بهاء الدين وعلم الدين سنجر المسروري متولي القاهرة إذ ذاك فبنى أحسن بناء وزخرفت جهة القبلة وعمل على جهة المحراب قبة عظيمة وتمت عمارته في شوال سنة سبع وستين ورتب به إمام حنفي ووقف عليه حكر ما بقي من الميدان.
وفي يوم السبت العشرين من جمادى الآخرة توجه الملك الظاهر إلى الشام وصحبته صاحب حماة عازماً على عمارة صفد واستصحب معه البنائين والنجارين فأقام عليها مدة ووصله لخبر بأن طائفة من التتار قصدت البيرة فسار مبادراً إلى دمشق فبلغه عودهم فعاد إلى صفد وعمر الباشورة وجدد في القلعة أبراجاً ثم رحل عنها وقصد الكرك.
وفي تاريخ خروجه من الديار المصرية إلى الشام وصل فارس الدين آقوش عائداً من الرسالة التي كان توجه فيه سنة إحدى وستين إلى بركة فاستولى عليه وعلى من معه وأعاقه مدة ثم أفرج عنه بعد أن أخذ جميع موجوده.
وفي شعبان ولي الخطابة بمصر عز الدين بن الشهاب بحكم وفاة خطيبها شرف الدين عبد القادر الطوخي وولي قضاء القضاة بالقاهرة والوجه الشرقي تقي الدين محمد بن الحسين بن زرين في التاسع من شعبان وولي القضاء بمصر والوجه القبلي محي الدين أبو محمد عبد القادر بن قاضي القضاة شرف الدين محمد المعروف بابن عين الدولة الإسكندري وولي النظر في ديوان الأحباس تاج الدين علي بن القسطلاني وولى تدريس الشافعية بالمدرسة الصالحية صدر الدين بن قاضي القضاة تاج الدين وولى النظر في الخانكاه الشيخ شمس الدين الحنبلي وفوض النظر في مدرسة الشافعي رضي الله عنه بالقرافة لبهاء الدين علي بن عيسى نيابة عن الصاحب فخر الدين بن الوزير بهاء الدين وهذه المناصب جميعها كانت بيد تاج الدين خلا الخطابة وفي ثامن ذي القعدة توجه الأمير عزالدين الحلي إلى الحجاز وباشر نيابة السلطنة بالديار المصرية الخازندار.
وفي يوم الثلاثاء رابع عشر ذي الحجة وصل الملك الظاهر من الشام إلى القاهرة وفي العشرين منه أمر بتسمير جماعة كانوا محبوسين
بخزانة البنود منهم الملك الأشرف بن شهاب الدين غازي والناصح ضامن بلاد الواحات وغيرهما.
وفيها توفي بركة ملك التتار وقام مكانه منكوتمر بن طغان بن صرطق بن باتو بن تولي بن جنكز خان فجمع عساكره وقدم عليها مقدماً وسيره إلى بلاد أبغا فجمع أبغا عساكره وساق إلى أن نزل على نهر كور وأحضر المراكب والسلاسل وعمل جسرين على النهر وعدا إلى جهة منكوتمر وما زال سائراً حتى نزل على النهر الأبيض فعدا منكوتمر بعساكره من شماخي وشروان وهما جبلان وما زال إلى أن وصل إلى النهر الأبيض ونزل من الجانب الشرقي وعسكر أبغا في الغرب ولبسوا آلة الحرب وتراسلوا وبعد ثلاث ساعات من النهار حرك أبغا كوساته وقطع النهر الأبيض وحمل على منكوتمر وكسره ولم يزل في طلبه والسيف يعمل إلى جبلي شماخي وشروان فرد عسكر منكوتمر إلى عسكر أبغا فلم يتحرك أبغا وثبت لهم ولم يزالوا كذلك إلى العشاء الآخرة وهرب منكوتمر إلى بلاده ورجع أبغا بعد أن كسب كسباً عظيماً وعدا من الجسور المنصوبة ونزل على نهر كور وجمع كبراء دولته وشاورهم على عمل سور من خشب على نهر كور فقالوا مصلحة فقام وقاس البحر من حد تفليس إلى حد كسيس فكان جزء كل مقدم مائة فارس عشرين ذراعاً بالعمل فقام السور في سبعة أيام ورحل ونزل حاجى وعان وبلغان فشتى تلك السنة هناك.