الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
وفيها توفي إسحاق بن خليل بن فارس أبو يعقوب كمال الدين الشافعي المعروف بالسقطي كان فقيهاً عالماً فاضلاً عارفاً بالمذهب اشتغل على الشيخ فخر الدين ابن عساكر وغيره وأفتى ودرس وسمع وحدث تولى الحكم بزراً مدة وناب في الحكم بدمشق مدة أخرى وتوفي بدمشق في العشرين من شهر رجب وهو في عشر الثمانين ودفن بسفح قاسيون رحمه الله.
إسماعيل بن محمد بن أبي بكر بن خسرو الكوراني الشيخ الصالح توفي بمدينة غزة وهو قافل من الديار المصرية إلى القدس الشريف ودفن بظاهرها وكانت وفاته في الثاني والعشرين من شهر رجب وكان من المشايخ المعروفين بالزهد والورع والعبادة والجد والعمل منقطعاً عن الناس مؤثراً للتخلي مشتغلاً بنفسه وعبادة ربه والإقبال على أخرته كثير التحري في ملبسه ومأكله ومشربه يسأل العلماء عما يشكل عليه من أمر دينه قل أن يوجد مثله في زمنه رحمه الله.
بركة بن تولي بن جنكز خان ملك التتار وهو ابن عم هولاكو المقدم ذكره وبلاده متسعة جداً وهي بعيدة عنا وله عساكر عظيمة وافرة العدد ومملكته تفوق مملكة هولاكو بكثرة البلاد والعساكر والأموال لكن جند هولاكو استغنوا بما نهبوه من الأقاليم التي استولوا عليها وكان بركة يميل إلى المسلمين كثيراً ويعظم أهل العلم ويعتقد في الصلحاء من المسلمين ويتبرك بمشايخهم ويرجع إلى أقوالهم وكلمتهم
عنده مسموعة وحرمتهم في ممالكه وافرة وكان أعظم أسباب لوقوع الحرب بينه وبين هولاكو كون هولاكو قتل الخليفة المستعصم بالله ومكان يميل إلى مودة الملك الظاهر ركن الدين ويعظم رسله وكان جماعة من أهل الحجاز يتوجهون إليه فيبرهم ويعطيهم المال الكثير ويبالغ في احترامهم والإحسان إليهم وكان قد أسلم هو وكثير من جنده والمساجد الخيام المحمولة معه ولها الأئمة والمؤذنون ومتى نزل في مكان ضربها وأقيمت فيها الصلوات الخمس وكان شجاعاً جواداً حازماً عادلاً حسن السيرة في رعاياه يكره الإكثار من سفك الدماء والإفراط في خراب البلاد وعنده رأفة وحلم وصفح وتوفي ببلاده في هذه السنة وهو في عشر الستين وقام مكانه منكوتمر بن طغان بن صرطق بن باتوبن تولى ابن جنكز خان وعند ما استقل بالملك جمع عساكره وقدم عليها مقدما سيره إلى بلاد أبغا بن هولاكو.
الجنيد بن عيسى بن إبراهيم بن أبي بكر بن خلكان أبو القاسم ظهير الدين الزرزاري الأربلي الشافعي، مولده سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة باربل في شهر صفر سمع من ابن طبرزد وحنبل وغيرهما وحدث وولي عدة جهات وكان مشكور السيرة فيما يتولاه عدلاً أميناً ضابطاً وعنده رياسة ومكارم أخلاق ولين جانب وحسن عشرة ومحاضرة حسنة وعنده فضيلة وأدب وتوفي في الرابع والعشرين من شوال بدمشق ودفن من الغد بسفح قاسيون رحمه الله.
الحسين بن عزيز بن أبي الفوارس أبو المعالي الأمير ناصر الدين القيمري كان من أعظم الأمراء وأجلهم قدراً وأكبرهم شاناً وله المكانة المكينة والوجاهة التامة والكلمة النافذة والإقطاعات الجليلة وكان شجاعاً كريماً عادلاً حازماً رئيساً كثير البر والصدقة وهو الذي سلم دمشق والشام إلى الملك الناصر صلاح الدين يوسف بعد قتل الملك المعظم توران شاه وكان هو وأقاربه معظم عسكر الشام في الأيام الناصرية وكان الملك الظاهر ركن الدين قد أقطعه إقطاعاً جيداً وجعله مقدم العساكر بالساحل قبالة الفرنج فتوفي به مرابطاً في يوم الأحد ثالث عشر ربيع الأول وعمل عزاؤه بجامع دمشق يوم الجمعة ثامن عشر الشهر المذكور وهو الذي عمر المدرسة المعروفة به بناحية مأذنة فيروز وهي من أجل مدراس دمشق وأحسنها وعمل على بابها ساعات لم يسبق إلى مثلها قيل أنه غرم عليها ما يزيد على أربعين ألف درهم وكان عالي الهمة يضاهي الملوك في موكبه وتجمله وكثرة غلمانه وحاشيته وخيوله وبيوتاته وما يجري هذا المجرى رحمه الله تعالى، ووالده الأمير شمس الدين عزيز كان جليل القدر وكان الأمير ناصر الدين كثير العقل والمداراة والاحتمال سمع مرة بعض الأمراء الأكراد يقع في البحرية وينتقصهم فسبه وانتهره فقال يا خوندهم أعداؤنا فقال بئس ما قلت ليس بيننا وبينهم عداوة وكلمة الإسلام تجمعنا ونحن وهم شيء واحد وإنما القوم في خدمة ملك ونحن في خدمة ملك آخر وبين الملكين وحشة كما جرت العادة أن
تكون بين بعض الملوك فلو زالت الوحشة من بين الملكين صرنا نحن وهم كالنفس الواحدة وهذا الكلام يدل على عقل كثير وسداد رأي وحسن تأن رحمه الله.
عبد الرحمن بن إسماعيل بن إبراهيم بن عثمان بن أبي بكر بن عباس ابن محمد أبو القاسم شهاب الدين المقدسي الأصل الدمشقي المولد والدار والوفاة الفقيه الشافعي المعروف بابن أبي شامة مولده في ليلة الجمعة الثالث والعشرين من ربيع الآخر بدمشق سنة تسع وتسعين قرأ القرآن والعربية وتفقه وسمع وحدث واختصر تاريخ دمشق للحافظ ابن عساكر وصنف في فنون كثيرة وكان عالماً فاضلاً متقناً متفنناً عنده مشاركة في كثير من العلوم واستقلال ببعضها لكنه كان كثير الغض من العلماء والأكابر والصلحاء والطعن عليهم والتنقص بهم وذكر مساوئ الناس وثلب أعراضهم ولم يكن بمثابة من لا يقال فيه فقدح الناس فيه وتكلموا في حقه وكان عند نفسه عظيماً فسقط بذلك من أعين الناس مع ما كان عليه من ثلب العلماء والأعيان وذكر ما يشينهم به وله نظم متوسط وفيه كثرة وكانت وفاته في التاسع عشر من شهر رمضان سحراً ودفن من يومه بمقابر باب الفراديس رحمه الله وكان ولي في آخر عمره مشيخة دار الحديث الأشرفية رحم الله واقفها بدمشق بعد القاضي عماد الدين عبد الكريم بن الحرستاني رحمه الله ودرس وأفتى ومن شعره:
قلت لمن قال ألا تشتكي
…
ما قد جرى فهو عظيم جليل
يقيض الله تعالى لنا
…
من يأخذ الحق ويشفي الغليل
إذا توكلنا عليه كفى
…
فحسبنا الله ونعم الوكيل
وكان قد وقف معظم كتبه وشرط شروطاً ضيق فيها فأوجب ذلك الغاء شروطه بالكلية وعدم التقيد بشيء منها، وبالجملة فكان غير موفق في معظم حركاته رحمه الله تعالى وإيانا وسامحه بما نال من أعراض المسلمين وتجاوز عنا وعنه ومن تواليفه شرح مدائح النبي صلى الله عليه وسلم مجلد، شرح قصيدة الشاطبي مجلدين، مختصر تاريخ دمشق الأكبر خمسة عشرة مجلداً، المختصر الأصغر خمس مجلدات، الروضتين مجلدين، شرح حديث المبعث، تفسير آية الإسراء، ضوء الساري إلى معرفة رؤية الباري، المحقق من علم الأصول فيما يتعلق بأفعال الرسول، كتاب البسملة، مختصر، الروضتين، الباعث على إنكار البدع والحوادث، كشف حال بني عبيد، الواضح الجلي في الرد على الحنبلي، مقدمة في النحو، نظم مفصل الزمخشري القصيدة الدامغة للفرقة الزائغة، قصيدتان في وصف أفعال الحاج، وذكر منازل الطريق من جهة الشام، وغير ذلك.
عبد العزيز بن إبراهيم بن علي بن علي بن أبي حرب أبو الفضل مهاجر أبو محمد تاج الدين ويعرف بابن الوالي الموصلي وكان أصلهم أجناداً وكان شرف الدين إبراهيم والد تاج الدين المذكور قد وزر لمظفر الدين صاحب إربل رحمه الله ثم قبض عليه سنة ثمان وعشرين وستمائة.
واستوزر بعده شرف الدين المبارك بن المستوفي رحمه الله وكان تاج الدين عبد العزيز المذكور رئيساً عالي الهمة عنده مكارم وعفة وهو مشكور السيرة في ولاياته، حسن التأني في تصرفاته، تنقل في المناصب الجليلة وآخر ما ولى وزارة الشام بعد أن صرف عنها عز الدين عبد العزيز بن وداعة الآتي ذكره فقدم دمشق وباشر ما عذق به من ذلك ولم تطل مدته ودرج إلى رحمة الله في هذه السنة بدمشق رحمه الله وقد نيف على الستين سنة من العمر، وناب تاج الدين عن أبيه أيام تقلده وزارة إربل وسير رسولاً غير مرة إلى الديوان ببغداد فأكرم وأنعم عليه وكان متجملاً في زيه ومتنعماً يتأنق في مأكوله وملبوسه ومولده ليلة الأربعاء سابع عشر شهر رمضان سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة قال المبارك بن أبي بكر بن حمدان أنشدني لنفسه:
إذا أمت الآمال كعبة رفدكم
…
فلا عجب أن تنتحي بالرغائب
ومن عذبت منه الموارد أجمعت
…
عليه رجال الوفد من كل جانب
عبد الوهاب بن خلف بن محمود أبو محمد تاج الدين العلامي الفقيه الشافعي المعروف بابن بنت الأعز قاضي القضاة بالديار المصرية كان إماماً عالماً فاضلاًُ متبحراً انتقلت به الأحوال وولي المناصب الجليلة كنظر الدواوين والوزارة وقضاء القضاة ودرس بالمدرسة الصالحية النجمية للطائفة الشافعية وبالمدرسة المجاورة لضريح الإمام الشافعي رحمة الله
عليه وبغيرها وتقدم عند الملوك تقدماً عظيماً وكانت له الحرمة الوافرة والمكانة العظيمة عند الملك الظاهر ركن الدين وهو أحد العلماء المشهورين والرؤساء المذكورين ذا ذهن ثاقب وحدس صائب وجد وعزم وحزم ورأي سديد مع النزاهة المفرطة وحسن الطريقة وجميل السيرة والصلابة في الدين والتثبت في الأحكام وتخير الأكفاء لولاية المناصب لا تأخذه في الله لومة لائم ولا يعدل عما يوجبه الشرع الشريف من الأحكام والناس كلهم عنده في ذلك سواء لا يراعى أحداً ولا يداهنه ولا يقبل شهادة من يوجب الشرع الشريف التوقف في قبول شهادته ومن ارتاب منه أسقطه وكان قوي النفس عالي الهمة ومولده في مستهل شهر رجب سنة أربع عشرة وستمائة وتفقه وسمع من أبي الفضل جعفر بن أبي الحسن الهمذاني وغيره وحدث وأفتى وكانت وفاته في ليلة السابع والعشرين من شهر رجب ودفن من الغد بسفح المقطم رحمه الله وكان لقوة نفسه وعظم محله يترفع في قعوده على الصاحب بهاء الدين وزير الملك الظاهر ولا يحتفل بأمره فكان ذلك يعظم على الوزير ويقصد نكايته فلا يقدر على ذلك ولا يستطيعه ولا يجد عليه مطعناً فكان يوهم الملك الظاهر أن للقاضي أموالاً ومتاجر كبيرة ويقصد تقرير ذلك في ذهن الملك الظاهر واتفق أن بعض التجار ورد الإسكندرية وذكر لأرباب الزكاة ما معه من المتجر والمال وقام بما جرت به العادة ثم وجد معه ألف دينار غير ما اعترف به فأنكر عليه ذلك فقال
ما هي لي وإنما هي معي وديعة للقاضي تاج الدين فكتب بذلك إلى الوزير فقال للملك الظاهر ليحقق ما قرره عنده فسأل الملك الظاهر القاضي تاج الدين عن ذلك فما رأى أن يعترف ليحصل غرض الوزير ولا أمكنه أن ينكر لكونها له فقال الناس يقصدون التجوه بالناس ليراعوا وإن كانت هذه الألف دينار لي فقد خرجت عنها لبيت المال فأخذت وسهل عليه ذهابها مع كثرة شحه ولا يبلغ الوزير مقصوده منه، وحكى أن الوزير بهاء الدين كان يختار أن يحضر القاضي تاج الدين إلى داره ولو عائداً له فاتفق أن مزاجه تغير وانقطع عن القلعة أياماً وتردد إليه الناس لعيادته ولم يفتقده القاضي تاج الدين فقال له أصحاب الوزير المختصون به لما يعلمون من إيثار الوزير لحضور القاضي لعيادته يا مولانا الصاحب بهاء الدين في شدة عظيمة وهو منقطع فلو عاده مولانا ما كان به بأس فقال إلى يوم الأربعاء وكان من عادته أن يتوجه إلى مصر في كل يوم أربعاء للحكم فيها بنفسه فلما كان يوم الأربعاء وأراد التوجه إلى مصر سلك الطريق الذي يمر فيها على دار الوزير فلما قرب من الباب أخبر الوزير بحضوره فقام من فراشه ونزل من الإيوان متلقياً له فلما دخل وجده في أرض الدار قائماً قال بلغنا أنك في شدة عظيمة وأنت تقوم سلام عليكم وعطف راجعاً ولم يزد على ذلك.
علي بن أحمد بن محمد بن الحسن بن عبد الله بن أحمد بن ميمون
أبو الحسن تاج الدين القيسي المصري المالكي المعروف بابن القسطلاني مولده ليلة السابع عشر من جمادى الأولى سنة ثمان وثمانين وخمسمائة بمصر، تفقه وسمع من جماعة كثيرة وحدث بالكثير مدة ودرس بالمدرسة المالكية المجاورة للجامع العتيق بمصر وتولى مشيخة دار الحديث الكاملية بالقاهرة إلى حين وفاته وكان أحد المشايخ المشهورين بالفضل والدين والعدالة وحسن الخلق ولين الجانب ومحبة الحديث وأهله والتواضع والصلابة في الدين وتوفي بكرة السابع والعشرين من شوال بمصر ودفن من يومه بسفح المقطم رحمه الله وكانت جنازته متوفرة الجمع.
محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن عمروك وهو عمرو أبو الفضل بن أبي عبد الله ابن أبي الفتوح بن أبي سعد بن أبي سعيد شرف الدين القرشي التيمي البكري مولده بالقاهرة سنة تسعين وخمسمائة سمع من جماعة وأجاز له جماعة وحدث هو وأبوه وجده وأخوه صدر الدين البكري تقدم ذكره ونسبه إلى الصديق رضوان الله عليه فأغنى عن إعادته هنا توفي شرف الدين المشار إليه في الرابع من المحرم بالقاهرة ودفن من الغد بسفح المقطم رحمه الله.
ملكشاه بن عبد الملك شمس الدين الحنفي المعروف بقاضي بيسان كان فقيهاً عالماً فاضلاً تولى نيابة الحكم بدمشق مدة ودرس بالمدرسة المعينية وكانت وفاته في سادس عشر صفر بدمشق ودفن بمقابر باب الصغير رحمه الله.