الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من وسائل علاج الاختلاف بين الزوجين
(1)
أخي المسلم، أختي المسلمة:
حينما تظهر أمارات الخلاف وبوادر النشوز أو الشقاق فليس الطلاق أو التهديد به هو العلاج.
إن من أهم ما يطلب في المعالجة الصبر والتحمل ومعرفة الاختلاف في المدارك والعقول والتفاوت في الطباع مع ضرورة التسامح والتغاضي عن كثير من الأمور، ولا تكون المصلحة والخير دائماً فيما يحب ويشتهي بل قد يكون الخير فيما لا يحب ويشتهي: قال تعالى {عَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا
(1) أبو حميد الفلاسي، منقول من كتاب (رسالة إلى العروسين) وفتاوى الزواج ومعاشرة النساء
كَثِيرًا} النساء:19، ولكن حينما يبدو الخلل ويظهر في الأواصر تحلل، ويبدو من المرأة نشوز وتعالٍ على طبيعتها وتوجه إلى الخروج عن وظيفتها حيث تظهر مبادئ النفرة، ويتكشف التقصير في حقوق الزوج والتنكر لفضائل البعل، فعلاج هذا في الإسلام صريح ليس فيه ذكر للطلاق لا بالتصريح ولا بالتلميح.
يقول الله سبحانه في محكم التنزيل {وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا} النساء:34، يكون العلاج بالوعظ والتوجيه وبيان الخطأ والتذكير بالحقوق، والتخويف من غضب الله ومقته، مع سلوك مسلك الكياسة والأناة ترغيبا وترهيبا وقد يكون الهجر في المضجع والصدود مقابلا للتعالي والنشوز، ولاحظوا أنه هجر في المضجع البيت وليس أمام الأسرة أو الأبناء أو الغرباء، وليس التشهير أو الإذلال أو كشف
الأسرار والأستار، ولكنه مقابلة للنشوز والتعالي يهجر وصدود يقود إلى التضامن والتساوي.
وقد تكون المعالجة بالقصد إلى شيء من القسوة والخشونة، فهناك أجناس من الناس لا تغني في تقويمهم العشرة الحسنه والمناصحة اللطيفة، إنهم أجناس قد يبطرهم التلطف والحلم فإذا لاحت القسوة سكن الجامح وهدأ المهتاج.
نعم قد يكون اللجوء إلى شيء من العنف دواءً ناجعاً ولماذا لا يلجأ إليه وقد حصل التنكر للوظيفة والخروج عن الطبيعة؟
ومن المعلوم لدى كل عاقل أن القسوة إذا كانت تعيد للبيت نظامه وتماسكه، وترد للعائلة ألفتها ومودتها فهو خير من الطلاق والفراق بلا مراء، إنه علاج إيجابي تأدبيي معنوي ليس للتشفي ولا للانتقام وإنما يستنزل به ما نشر، ويقوم به ما اضرب. وإذا خافت
الزوجة الجفوة والإعراض من زوجها فإن القرآن الكريم يرشد إلى العلاج بقوله: {وإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} النساء:128.
العلاج بالصلح والمصالحة وليس بالطلاق ولا بالفسخ، وقد يكون بالتنازل عن بعض الحقوق المالية أو الشخصية محافظة على عقد النكاح:{وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} الصلح خير من الشقاق والجفوة والنشوز والطلاق.
هذا عرض سريع وتذكير موجز بجانب من جوانب الفقه في دين الله والسير على أحكامه، فأين منه المسلمون؟
أين تحكيم الحكمين في الشقاق بين الزوجين؟ لماذا ينصرف المصلحون عن هذا العلاج، هل هو زهد في إصلاح ذات أو هو رغبة في تشتيت الأسرة وتفريق الأولاد؟ إنك لا ترى إلا سفهاً وجوراً، وبعداً
عن الخوف من الله ومراقبته، وهجراً لكثير من أحكامه وتلاعباً في حدوده.