المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تذكير الرجال بعدم إهمال نسائهم وذراريهم ممن جعلهم الله تحت أيديهم وعدم الإنشغال عنهم - رفقا بالقوارير - نصائح للأزواج

[أمة الله بنت عبد المطلب]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌مقومات اختيار الزوج لزوجته

- ‌مقومات اختيار الزوجة لزوجها

- ‌صفات الزوج الصالح

- ‌رسالة إلى الأزواج.... فقط

- ‌استوصوا بالنساء خيراً

- ‌إلى أين بأخلاقنا

- ‌أحاديث في حسن الخلق

- ‌من فوائد حسن الخلق:

- ‌مجالات حسن الخلُق

- ‌وسائل عملية لتحسين الأخلاق

- ‌ذهبيات السعادة الزوجية

- ‌أيها الزوج إن سعادتكما الزوجية تبدأ منك أنت

- ‌المعاشرة الحسنة

- ‌هنيئا لك بهذه الزوجة

- ‌وصايا لإسعاد الزوجة

- ‌نصائح للسعادة الزوجية

- ‌عزيزتي الزوجة:

- ‌عزيزي الزوج:

- ‌وعاشروهن بالمعروف....هام لجميع الأزواج

- ‌من وسائل علاج الاختلاف بين الزوجين

- ‌افهمي زوجك…وليفهمك هو أيضاً

- ‌ادفعي زوجك نحو النجاح

- ‌الحقوق الزوجية

- ‌حقوق الزوجة:

- ‌حقوق الزوج:

- ‌أما الحقوق المشتركة بين الزوجين فأجملها:

- ‌كيف تُعامِل زوجة لا تُحِبُها

- ‌هذا الرجل تكرههُ جميع النساء

- ‌من يكسب قلب زوجته

- ‌من أسرار السعادة الزوجية لمن رامها وابتغاها

- ‌همسات لكل زوج حتي يُرضي زوجته

- ‌تذكير الرجال بعدم إهمال نسائهم وذراريهم ممن جعلهم الله تحت أيديهم وعدم الإنشغال عنهم

- ‌صفات الزوج المثالي

- ‌أنت يا من حديثه وديدنه التعدد

- ‌وأنت يا من تزكي من يريد التعدد:

- ‌وأنتم يا من مجالسكم حديث التعدد:

- ‌تعدد الزوجات بين الظلم والعدل

- ‌أنواع ظلم الزوج لزوجته

- ‌حكم من أنكر جواز تعدد الزوجات

- ‌حث العقلاء على التحلي بمكارم الأخلاق

- ‌طريقة اكتساب الأخلاق المحمودة

- ‌الأخلاق المذمومة

- ‌آفات اللسان

- ‌وجوب حفظ اللسان

- ‌مواجهة فتنة النساء

- ‌أخلاق للمسلم يتحلى بها في حياته

- ‌الصبر

- ‌ثمرات الصبر

- ‌خلق العفو والصفح

- ‌الرحمة والرحماء

- ‌لا تتجسس..التجسس في الميزان الشرعي

- ‌الأسرة وقواعد السلوك العائلي

- ‌الأسرة وقواعد السلوك العائلي (1)

- ‌سلوك الزوج:

- ‌الأسرة وقواعد السلوك العائلي (2)

- ‌سلوك الزَّوجة:

- ‌واجبات الزوجين لبناء الأسرة الإسلامية السعيدة

- ‌واجبات الأسرة ووظائفها

- ‌الوسائل العلمية [المؤثرة] لتربية الأبناء

- ‌نصائح ذهبية..للسعادة الأسرية

- ‌موقع الأسرة في الإسلام

- ‌مكارم الأخلاق

- ‌نصيحة من القلب إلي الأزواج

- ‌نصيحة من القلب إلي الأزواج (2)

- ‌نصيحة من القلب إلي الأزواج (3)

- ‌17 فائدة لـ: غض البصر

- ‌غض بصرك

- ‌كيف تعرف عيوب نفسك

- ‌فنون المعاتبة.. ومعالجة الأخطاء

- ‌أدب الحوار والمناقشة والجدل

- ‌وصفة إيمانية لتجاوز الكروب والنكبات

- ‌منغصات ومكدرات

- ‌ذنوب ومعاص تجثم على القلب

- ‌التوكل على الله

- ‌لزوم الاستغفار

- ‌دعوات المكروب

- ‌الأصدقاء

- ‌كيف تحصل السعادة

- ‌القناعة

- ‌السعادة في ثلاث

- ‌لا تحزن أيها المبتلى

- ‌للبلايا نهايات معلومة الوقت عند الله عز وجل فلابد للمبتلي من الصبر إلى أن ينقضي أوان البلاء

- ‌العافية والشكر

- ‌أسباب تأخر الشفاء

- ‌الجزاء من جنس العمل

- ‌اذهب فأنا معك

- ‌درة غالية: ابتعد عن كل ما يحزنك، واحرص على ما يسرك

الفصل: ‌تذكير الرجال بعدم إهمال نسائهم وذراريهم ممن جعلهم الله تحت أيديهم وعدم الإنشغال عنهم

‌تذكير الرجال بعدم إهمال نسائهم وذراريهم ممن جعلهم الله تحت أيديهم وعدم الإنشغال عنهم

(1)

أخي الكريم حفظك الله ورعاك وعلى الخير وسدد خطاك

أخي الكريم اعلم علمك الله أن الاستقامة على كتاب الله وسنة رسوله ليست بالأمر الهين

بل معناها: أن نستقيم في أقوالنا وأفعالنا كلها لله تعالى

وليس معناها أن أتدين في ظاهري دون باطني

بل أخي الظاهر عنوان الباطن

وقد قال صلى الله عليه وسلم: «أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ» (2) .

(1) الأسرة والمجتمع

(2)

البخاري 50، مسلم 2996

ص: 241

أخي الكريم: أنه مما ينبغي لنا مراعاته فيما بيننا أن نهتم كثيرا بأنفسنا التي بين جنبينا وذلك بأمرين: التعليم والتزكية وقد قال تعالى: {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} البقرة:129، فهما أمران بهما فلاح أنفسنا عند ربنا إن شاء الله.

وكما أننا نهتم بتهذيب أنفسنا والقيام بحقوقها فبين أيدينا أهلونا وأولادنا وكما قيل أكبادنا تمشي على الأرض لابد أن نحسن عشرتهم وأن نتقي الله فيهم وكم وكم هم هولاء الذين يخلفون أولادا لهم وزوجات خلفهم وللأسف هم آخر اهتماماتهم لا يرفعون لهم رأسا أبدا ولا يهتمون بشؤونهم ولا يقيمون على مصالحهم وهم في آخر الركب عندهم وللأسف الكبير تجد رب الأسرة وللأسف قد اهتم بنفسه فقط وقام به إن فعل ذلك حقا فاهتم بتقصير ثيابه وإعفاء لحيته وتطيبه جزاه الله خيرا وقد يتعدى الأمر إلى أن يخرج خارج بيته ويهتم بدعوة الناس إلى الله تطبيقا لأمر الله في الدعوة ويبذل قصارى جهده في ذلك جزاه الله خيرا ولكن نقول ولمن أخي تركت أهل بيتك؟ زوجك الحبيبة وأم أولادك

ص: 242

المحبة لك حقا وأولادك، من يهتم بهم بعدك ولمن تركتهم أخي الكريم؟ وهل كان نبينا صلى الله عليه وسلم كذلك؟ وهل أوصانا بذلك؟.

لماذا الذين يتدينون اليوم بهذا المستوى من التفكير؟ أو قل التدبير؟ أين نحن من تعاليم القرآن والسنة حقا وصدقا؟ أمرنا والله مع أهلونا عجيب غريب وحالنا يرثى إلى لله أليست المسؤولية ملقاة على عواتقنا؟ ومن يهتم بهم إن لم نقم بهذه المسؤولية العظيمة؟ إن الانطلاقة الصحيحة تبدأ بالبيت حقيقة لا بالخارج كما هو واقع اليوم لا والله إنها بداية خاطئة، وقد لا يكتب لها الإستمرار لأن ما بني على باطل فهو باطل.

إن ما وهبنا الله من الأزواج والأولاد إنما هو رزق منه تعالى ونعمة عظيمة ما أجلها والله وما أعظمها. كم من الناس قد حرموا ذلك الرزق وتلك النعمة قال تعالى: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ} النحل:72، وسبحان الله مع ما قد

ص: 243

يحصل منهم من العداء لنا أحيانا إلا أن الله يأمرنا بالصفح والعفو عنهم قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوّاً لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} التغابن:14

فكم هي تلك النعمة الغالية أخي الكريم التي سبغها الله علينا ولنكن على حذر عظيم من عدم شكر نعم الله التي لا تعد علينا ولا تحصى {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} النحل:18، أو لا نقوم بها كما أمرنا الله تعالى أولا نغير ما بأنفسنا من التعامل مع تلك النعم من السيء إلى التعامل الحسن الذي أمرنا الله به حذار حذار أخي في الله فإن الأمر حينئذ جد خطير والخطب جد جلل يقول ربنا تعالى:{ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} الأنفال:53.

كلنا والله مسؤول أمام ربنا تعالى، ووالله لنسأل عن عشرتنا مع أهلينا وأولادنا، فاتق الله يا عبد الله في أهل بيتك قبل أن تنتقل في دعوتك واهتماماتك لمن حولك إن الله تعالى يقول لنبيه: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ

ص: 244

الْأَقْرَبِينَ} الشعراء:214، وهو خطاب لنا جميعا فهل نحن فعلا قمنا بحق لك المسؤولية التي ألقاها الله على كواهلنا؟

قال رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (1)«كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ الْإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا وَالْخَادِمُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ قَالَ وَحَسِبْتُ أَنْ قَدْ قَالَ وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي مَالِ أَبِيهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ» .

وقال رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللَّهُ رَعِيَّةً يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ إِلَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ» (2) .

وإني والله أعجب أشد العجب من حالنا ننشط كثيرا جدا خارج بيوتنا في تعليم الناس وأولادهم وأهليهم ثم نعود بيوتنا ونقابل الولد

(1) البخاري 2371

(2)

مسلم 203، والدارمي 2852

ص: 245

فنصرخ في وجهه ونقابل البنت فنعبس في وجهها وهم ينادوننا أبي أبي وتنتظرنا زوجاتنا بفارغ الصبر حتى يعود الأب الكبير والمقدم عندهم وفي حياتهم وإذا بهم يصدمون فيه وتخيب ظنونهم بعد طول انتظار له لا يكلم ولا يتكلم ما به؟ فيه عبوس وفيه غضب ولا حول ولا قوة إلا بالله وهو تعب يريد الراحة ولكن سرعان ما تتبدل هذه الأمور وبسرعة إذا علم أن طارقا من أصحابه طرق الباب وإذا به شخصا آخر غير ذلك الأول فسبحان الله! ألست يا أخي قبل قليل أنت متعب ألست قبل قليل كنت عابسا؟ ألم تكن قبل قليل مجهدا؟ لم تغيرت فجأة؟ ما الذي حصل أخي الكريم؟ وكأنك نشطت من عقال.

إنها العلائق بينك وبين زوجك وأهل بيتك تركتها بل وأهملتها حتى بردت بل وتكاد تكون قد تجمدت ألا تخشى أخي أن تنظر بعد ذلك لزوجك فلا تجدها بجانبك؟ ألا تخشى أنها تنحرف عن الجادة فتتعلق بغيرك لا قدر الله وكله بسبب من؟ ألست أنت السبب الرئيسي في حرمانها من لذتها؟ أتذكر ما كان بينكما من ود ورحمة بداية زواجكما؟ أين هي الآن؟

ص: 246

ومذ تعلقها بك وتلقك بها أيضا أين هذا كله أخي في الله؟ راجع نفسك يا عبد الله وانظر من أين بدأ الخلل وأصلح أصلحك الله قبل أن يكون يوم لا تجد فيه لك أي تقبل ولا حتى مكانة أدرك نفسك وحياتك فإنها ولاشك قد وصلت فعلا لمرحلة الخطر

كم شكى من شخص عانى من مثل تلك الحالة مع أهله كان يسافر كثيرا ويترك أهله وكان أهله يمنعونه من كثرة السفريات بكل ما أوتوا من الوسائل كانت زوجه متعلقة به جدا ولكنه أكثر من سفرياته هنا وهناك ومر زمان لم تعد زوجه تبالي بسفره بل مر عليه وقت أصبحت تساعده على السفر فبدأ الزوج يشك بها واكتشف فيما بعد أن زوجه وقعت في الخيانة فعلا أتدري ما هو سببها؟ أنه زوجها وباعترافه عاش أياما شديدة عصفت به وبحياته كلها وآخرها تفككت الأسرة تفككا عجيبا وتغيرت الأمور وتبدلت وحصل الفراق بين الزوجين وحصل الشتات للأولاد ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

أتريد أخي في الله أن تكون حياتك مآلها إلى هذا الذي سمعت؟ ألا تتذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم وحياته مع زوجاته إن كنت

ص: 247

صادقا فعلا في تمسكك وإني أتساءل هل إخواني التمسك يكون في جوانب فقط من دين الله؟ والجوانب الأخرى مهملة؟ هل هذه حياة سعيدة؟

أُذَكِّرك يا عبد الله بنعم الله عليك ببعض الأحاديث في حسن العشرة لعلك تؤوب وتتفكر في حالك وتدرك نفسك قبل فوات الأوان وقبل أن يأتي يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون فيتعلق بك زوجك وأبناؤك يحاسبوك على ما مضى من حياتك معهم فارع سمعك لعل الله أن ينجيك مما أنت فيه

قَالَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَخَيْرُ مَتَاعِ الدُّنْيَا الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ» (1) .

أرأيت النعمة الكبرى التي أنت فيها فغيرك لم يجد تلك النعمة وأنت والحمد لله تخوض فيها فهل تشكرها أو لا؟

(1) مسلم 2668

ص: 248

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «إِنَّ الْمَرْأَةَ كَالضِّلَعِ إِذَا ذَهَبْتَ تُقِيمُهَا كَسَرْتَهَا وَإِنْ تَرَكْتَهَا اسْتَمْتَعْتَ بِهَا وَفِيهَا عِوَجٌ» (1) .

فيه وصاية بالنساء وفيها حث على الصبر عليهن فلو كرهت شيئا منها فستحب جوانب كثيرة فيها فلا تقبحها دوما وتهزأ بها أو تعرض عنها وتهملها فتكون ظالما.

والله تعالى حرَّم الظلم على نفسه وعلى عباده، فعَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم فِيمَا رَوَى عَنِ اللَّهِ تبارك وتعالى أَنَّهُ قَالَ «يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلَا تَظَالَمُوا يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ ضَالٌّ إِلَّا مَنْ هَدَيْتُهُ فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ جَائِعٌ إِلَّا مَنْ أَطْعَمْتُهُ فَاسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ عَارٍ إِلَّا مَنْ كَسَوْتُهُ فَاسْتَكْسُونِي أَكْسُكُمْ يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوا ضَرِّي فَتَضُرُّونِي وَلَنْ تَبْلُغُوا نَفْعِي فَتَنْفَعُونِي يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ

(1) مسلم 4674

ص: 249

كَانُوا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا زَادَ ذَلِكَ فِي مُلْكِي شَيْئًا يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئًا يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُونِي فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إِلَّا كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ يَا عِبَادِي إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدْ اللَّهَ وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ» .

وانظر عشرة الرجال للنساء وانظر حال نبيك مع زوجه عائشة رضي الله عنها، فعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ (1) «جَلَسَ إِحْدَى عَشْرَةَ امْرَأَةً فَتَعَاهَدْنَ وَتَعَاقَدْنَ أَنْ لَا يَكْتُمْنَ مِنْ أَخْبَارِ أَزْوَاجِهِنَّ شَيْئًا

قَالَتْ الْأُولَى زَوْجِي لَحْمُ جَمَلٍ غَثٍّ عَلَى رَأْسِ جَبَلٍ لَا سَهْلٍ فَيُرْتَقَى وَلَا سَمِينٍ فَيُنْتَقَلُ

(1) البخاري 4790، مسلم 4481

ص: 250

قَالَتْ الثَّانِيَةُ زَوْجِي لَا أَبُثُّ خَبَرَهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ لَا أَذَرَهُ إِنْ أَذْكُرْهُ أَذْكُرْ عُجَرَهُ وَبُجَرَهُ

قَالَتْ الثَّالِثَةُ زَوْجِي الْعَشَنَّقُ إِنْ أَنْطِقْ أُطَلَّقْ وَإِنْ أَسْكُتْ أُعَلَّقْ

قَالَتْ الرَّابِعَةُ زَوْجِي كَلَيْلِ تِهَامَةَ لَا حَرٌّ وَلَا قُرٌّ وَلَا مَخَافَةَ وَلَا سَآمَةَ

قَالَتْ الْخَامِسَةُ زَوْجِي إِنْ دَخَلَ فَهِدَ وَإِنْ خَرَجَ أَسِدَ وَلَا يَسْأَلُ عَمَّا عَهِدَ

قَالَتْ السَّادِسَةُ زَوْجِي إِنْ أَكَلَ لَفَّ وَإِنْ شَرِبَ اشْتَفَّ وَإِنْ اضْطَجَعَ الْتَفَّ وَلَا يُولِجُ الْكَفَّ لِيَعْلَمَ الْبَثَّ

قَالَتْ السَّابِعَةُ زَوْجِي غَيَايَاءُ أَوْ عَيَايَاءُ طَبَاقَاءُ كُلُّ دَاءٍ لَهُ دَاءٌ شَجَّكِ أَوْ فَلَّكِ أَوْ جَمَعَ كُلًّا لَكِ

قَالَتْ الثَّامِنَةُ زَوْجِي الْمَسُّ مَسُّ أَرْنَبٍ وَالرِّيحُ رِيحُ زَرْنَبٍ

قَالَتْ التَّاسِعَةُ زَوْجِي رَفِيعُ الْعِمَادِ طَوِيلُ النِّجَادِ عَظِيمُ الرَّمَادِ قَرِيبُ الْبَيْتِ مِنْ النَّادِ

قَالَتْ الْعَاشِرَةُ زَوْجِي مَالِكٌ وَمَا مَالِكٌ مَالِكٌ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكِ لَهُ إِبِلٌ كَثِيرَاتُ الْمَبَارِكِ قَلِيلَاتُ الْمَسَارِحِ وَإِذَا سَمِعْنَ صَوْتَ الْمِزْهَرِ أَيْقَنَّ أَنَّهُنَّ هَوَالِكُ قَالَتْ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ زَوْجِي أَبُو زَرْعٍ وَمَا أَبُو زَرْعٍ أَنَاسَ مِنْ حُلِيٍّ

ص: 251

أُذُنَيَّ وَمَلَأَ مِنْ شَحْمٍ عَضُدَيَّ وَبَجَّحَنِي فَبَجِحَتْ إِلَيَّ نَفْسِي وَجَدَنِي فِي أَهْلِ غُنَيْمَةٍ بِشِقٍّ فَجَعَلَنِي فِي أَهْلِ صَهِيلٍ وَأَطِيطٍ وَدَائِسٍ وَمُنَقٍّ فَعِنْدَهُ أَقُولُ فَلَا أُقَبَّحُ وَأَرْقُدُ فَأَتَصَبَّحُ وَأَشْرَبُ فَأَتَقَنَّحُ أُمُّ أَبِي زَرْعٍ فَمَا أُمُّ أَبِي زَرْعٍ عُكُومُهَا رَدَاحٌ وَبَيْتُهَا فَسَاحٌ ابْنُ أَبِي زَرْعٍ فَمَا ابْنُ أَبِي زَرْعٍ مَضْجَعُهُ كَمَسَلِّ شَطْبَةٍ وَيُشْبِعُهُ ذِرَاعُ الْجَفْرَةِ بِنْتُ أَبِي زَرْعٍ فَمَا بِنْتُ أَبِي زَرْعٍ طَوْعُ أَبِيهَا وَطَوْعُ أُمِّهَا وَمِلْءُ كِسَائِهَا وَغَيْظُ جَارَتِهَا جَارِيَةُ أَبِي زَرْعٍ فَمَا جَارِيَةُ أَبِي زَرْعٍ لَا تَبُثُّ حَدِيثَنَا تَبْثِيثًا وَلَا تُنَقِّثُ مِيرَتَنَا تَنْقِيثًا وَلَا تَمْلَأُ بَيْتَنَا تَعْشِيشًا قَالَتْ خَرَجَ أَبُو زَرْعٍ وَالْأَوْطَابُ تُمْخَضُ فَلَقِيَ امْرَأَةً مَعَهَا وَلَدَانِ لَهَا كَالْفَهْدَيْنِ يَلْعَبَانِ مِنْ تَحْتِ خَصْرِهَا بِرُمَّانَتَيْنِ فَطَلَّقَنِي وَنَكَحَهَا فَنَكَحْتُ بَعْدَهُ رَجُلًا سَرِيًّا رَكِبَ شَرِيًّا وَأَخَذَ خَطِّيًّا وَأَرَاحَ عَلَيَّ نَعَمًا ثَرِيًّا وَأَعْطَانِي مِنْ كُلِّ رَائِحَةٍ زَوْجًا وَقَالَ كُلِي أُمَّ زَرْعٍ وَمِيرِي أَهْلَكِ قَالَتْ فَلَوْ جَمَعْتُ كُلَّ شَيْءٍ أَعْطَانِيهِ مَا بَلَغَ أَصْغَرَ آنِيَةِ أَبِي زَرْعٍ

قَالَتْ عَائِشَةُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كُنْتُ لَكِ كَأَبِي زَرْعٍ لِأُمِّ زَرْعٍ» .

ص: 252

تلك نصيحتي لنفسي أولاً ثم لك يا عبد الله أن تتدارك أخطاءك في حياتك وبالذات مع شريكة حياتك وأم أولادك ثم أبناؤك فبهم فابدأ إن كنت صادقا في استقامتك وعاشرهم بالمعروف كما أمرك الله وإياك إياك والإهمال والانشغال عنهم دون أن تعطيهم حقوقهم فسيسألك الله عنهم فما عساك تقول؟

ص: 253