الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وتزكية النفوس أصعب من علاج الأبدان وأشد فمن زكى نفسه بالرياضة والمجاهدة والخلوة التي لم يجئ بها الرسل، فهو كالمريض الذي يعالج نفسه برأيه، وأين يقع رأيه من معرفة الطبيب؛ فالرسل هم أطباء القلوب، فلا سبيل إلى تزكية النفس وإصلاحها إلا من طريقهم وعلى أيديهم وبمحض الانقياد والتسليم لهم والله المستعان. (1)
فمن التزم طريق الرسل عليهم السلام في تزكية نفسه وإصلاحها، فإن أخلاقه ستكون موزونة بميزان الشرع
طريقة اكتساب الأخلاق المحمودة
(1) مدارج السالكين 2/315
اكتساب هذه الأخلاق المحمودة بالمجاهدة والرياضة وأعني به حمل النفس على الأعمال التي يقتضيها الخلق المطلوب. فمن أراد مثلاً أن يحصل لنفسه خلق الجود-الكرم- فطريقه أن يتكلف تعاطي فعل الجواد الكريم وهو بذل المال، فلا يزال يطالب نفسه ويواظب عليه تكلفاً مجاهداً نفسه فيه حتى يصير ذلك طبعاً ويتيسر عليه فيصير به جواداً، وكذا من أراد أن يحصل لنفسه خلق التواضع وقد غلب عليه الكبر فطريقه أن يواظب على أفعال المتواضعين مدة مديدة وهو فيها مجاهد نفسه ومتكلف إلى أن يصير ذلك خلقاً له وطبعاً فيتيسّر عليه. وجميع الأخلاق المحمودة شرعاً تحصل بهذا الطريق، وغايته أن يصير الفعل الصادر منه لذيذاً فالسخي هو الذي يستلذ بذل المال الذي يبذله دون الذي يبذله عن كراهة، والمتواضع هو الذي يستلذ التواضع، ولن ترسخ الأخلاق الدينية في النفس، ما لم تتعود النفس جميع العادات الحسنة وما لم تترك جميعا الأفعال السيئة، وما لم تواظب عليه مواظبة من يشتاق إلى