الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كيف تُعامِل زوجة لا تُحِبُها
؟ (1)
{فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا} النساء: 34، {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} البقرة: 216، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي» (2)
قال أنس: «قدم رسول الله صلي الله عليه وسلم من خيبر فلما فتح الله عليه الحصن ذكر له جمال صفية بنت حي وقد قتل زوجها وكانت عروسا فاصطفاها رسول الله صلي الله عليه وسلم لنفسه، فخرج بها حتى بلغا سد الصهباء فبني بها ثم صنع حيسا في نطع ثم قال رسول الله صلي الله عليه وسلم:" آذن من حولك " فكانت وليمة رسول الله
(1) البرق
(2)
الترمذي 3830 وقال حسن غريب صحيح، وابن ماجه 1967، وصححه الألباني في الصحيحة 285
صلي الله عليه وسلم علي صفية ثم خرجنا إلي المدينة فرأيت رسول الله صلي الله عليه وسلم يحوي لها وراءه بعباءة ثم يجلس عند بعيره فيضع ركبته، فتضع صفية رجلها علي ركبته حتى تركب» .
«سَأَلْتُ عَائِشَةَ مَا كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَصْنَعُ فِي بَيْتِهِ قَالَتْ كَانَ يَكُونُ فِي مِهْنَةِ أَهْلِهِ تَعْنِي خِدْمَةَ أَهْلِهِ فَإِذَا حَضَرَتْ الصَّلَاةُ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ» (1) ، وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم «لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ» (2)
إن اعتقاد كل من الزوجين بوجوب طلب السعادة الكاملة من الآخر هو سبب لأكثر المتاعب والمشكلات، والغريب أن كثيرا من الأزواج أناني يطلب السعادة لنفسه دون أن يفكر بمنحها لرفيقته ناسيا أن العطاء سعادة لا تقل عن الأخذ، فما أسعد الزوجة أو الزوج الذي يتحلي بالصبر والاحتمال. فإن في الحياة الزوجية عقبات وصخورا قد
(1) البخاري 635، 4944، 5579
(2)
مسلم 2672، لا يفرك أي: لا يبغض
تعترض لكل من الزوجين في كثير من الأحيان، ففي الصبر التذليل لكل ذلك أما الطيش ففيه كل الخطر وسرعان ما يهدد الأسرة بالانحلال والتصدع.
إن الرسول صلي الله عليه وسلم في الحديث الأخير يوجه كلا من الزوجين إلي التساهل ما دام ممكنا فإذا ابغض كل من الآخر صفة جاءت صفة أو صفات أخرى تشفع لصاحبها. وبذلك يصير الوفاق ويتم الوئام وتسلم الأسرة.
قال ابن الجوزي (1) : (شكا لي رجل من بغضه لزوجته، ثم قال: ما أقدر على فراقها، لأمور، منها: كثرة دينها علي، وصبري قليل، ولا أكاد أسلم من فلتات لساني في الشكوى، وفي كلمات تعلم بغضي لها. فقلت له: هذا لا ينفع، وإنما تؤتى البيوت من أبوابها! فينبغي أن تخلو بنفسك، فتعلم أنها إنما سلطت عليك بذنوبك، فتبالغ في الاعتذار والتوبة. فأما التضجر والأذى لها، فما ينفع، كما قال الحسن بن الحجاج
(1) صيد الخاطر ص 404
(1)
: عقوبة من الله لكم، فلا تقابلوا عقوبته بالسيف، وقابلوها بالاستغفار، واعلم أنك في مقام مبتلًى ولك أجر بالصبر، {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} البقرة:216! فعامل الله سبحانه بالصبر على ما قضى، واسأله الفرج، فإذا جمعت بين الاستغفار وبين التوبة من الذنوب والصبر على القضاء وسؤال الفرج، حصلت ثلاثة فنون من العبادة تثاب على كل منها، ولا تضيع الزمان بشيء لا ينفع، ولا تحتل ظانًّا منك أنك تدفع ما قدر، {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ} الانعام:17) ا. هـ
إخوتي في الله..
«رفقا بالقوارير»
(1) أبو السري السلمي، الخراساني الواعظ البليغ الصالح. كان عديم النظير في الوعظ والتذكير، وفاته في حدود المائتين.
كان الحسن البصري رحمة الله عليه يقول: (زوج ابنتك صاحب الدين فإن أحبها أكرمها وإن أبغضها لا يظلمها)
وجواز الكذب هنا بين الزوجين يكون في تظاهر كل منهما للأخر بالحب في حال عدم ميل أحدهما للآخر، وذلك من أجل تسيير سفينة المنزل ولعل هذا الميل المتصنع ينقلب إلي حب حقيقي بعد ذلك وقد جاء بالحديث الصحيح: إنما العلم بالتعلم وإنما الحلم بالتحلم ومن يبتغي الخير يلقه، ومن يتقي الشر يوقه ولا يجوز الكذب في غير هذه الحال لأن
(1) أبو داود 4275، وصححه الألباني في صحيح أبي داود، الحديث عند أحمد 26015
الله مطلع سبحانه وتعالي وما عدا ذلك فينبغي أن يسود الصدق بينهما وإلا زالت الثقة والتي يتعذر الحياة بدونها، لذلك أخاطبك أيها الزوج الذي لا تحب زوجتك أن تتنازل عن أنانيتك من أجل مستقبل أسرتك وخاصة إذا كانت زوجتك تحبك وتقوم لك بكل حقوقك
وأخيرا..
{وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}
النساء: 19
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا فَإِنَّهُنَّ خُلِقْنَ مِنْ ضِلَعٍ وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا» (1) . وفي بعض روايات هذا الحديث «إِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ لَنْ تَسْتَقِيمَ لَكَ
(1) البخاري 4787، ومسلم 2671
عَلَى طَرِيقَةٍ فَإِنْ اسْتَمْتَعْتَ بِهَا اسْتَمْتَعْتَ بِهَا وَبِهَا عِوَجٌ وَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهَا كَسَرْتَهَا وَكَسْرُهَا طَلَاقُهَا» (1)
وقد يقول قائل: ولماذا خلق الله المرأة علي هذا الحال؟
سبحانه وتعالي له في خلقه شئون ولكن الله سبحانه وتعالي أوكل للمرأة وظائف ومهمات حساسة كالحمل والرضاعة والتربية، فأودع فيها صفات ومواهب تتناسب مع هذه الوظائف والمهمات التي تختلف مع كثير من صفات الرجال، فيراها غريبة عنه فهو إن كان واعيا قبل بالأمر الواقع وتمتع بزوجته في حدود فطرتها وإن كان غير واع حاول أن يصنع تمثالا مع ما يتناسب مع نفسيته وطبيعته من حيث التفكير والإدراك فيفشل ويحس بالخيبة وربما هدم بيته وهو في هذه الحالة قد جني علي نفسه أولا لأنه يطلب المستحيل الذي صوره الحديث النبوي ببراعة شديدة.
(1) مسلم 2670
تظل المرأة محافظة علي معالم الطفولة لا في جسمها فحسب بل في طبعها وحالتها النفسية وهي لو اختلفت وجوه شبهها عن الطفل كثيرا لما استطاعت أن تكون أما صالحة فهي تفهم متطلبات الطفل بسبب شعورها الطفولي، بينما يبتعد الرجل عن عقليه ومحيط الطفل بسب تطوره الذهني، أما هي فتبقي كالطفل تستوعب أكثر مما تكون خلافه، حنانها يزيد علي تفكيرها، وحدسها يقظ أكثر من حياتها الذهنية إذ هي مكونة لتتحمل وتقاسي أكثر مما تتصرف قابلة للخضوع أكثر من السيطرة، وفي هذه الطبيعة الخاصة بالمرأة متعة للرجل وجمال وراحة.