المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌3 - حالات الإمساك عن الأداء: - روايات الجامع الصحيح ونسخه «دراسة نظرية تطبيقية» - جـ ١

[جمعة فتحي عبد الحليم]

فهرس الكتاب

- ‌حول ألفاظ عنوان الرسالة

- ‌1 - الاختلاف:

- ‌2 - الرواية:

- ‌3 - النسخة:

- ‌الاختلاف في تسمية «صحيح البخاري»

- ‌الدراسات السابقة التي تناولت الموضوع

- ‌تمهيد

- ‌المحور الأول:وضع المحدثين ضوابط وآداب لتحمل الرواية(التحمل والأداء)

- ‌أولًا: التحمل

- ‌سن التحمل:

- ‌ السماع من لفظ الشيخ

- ‌القراءة على الشيخ أو العرض

- ‌ثانيًا: الأداء

- ‌1 - طرق الأداء:

- ‌2 - آداب الرواية (أي: الأداء):

- ‌3 - حالات الإمساك عن الأداء:

- ‌4 - شروط الأداء:

- ‌المحور الثاني:وضع المحدثين ضوابط لضبط الكتاب وتقييده والحفاظ عليه

- ‌كتابة الحديث وكيفية ضبطه

- ‌ في كتابة الحديث وكيفية ضبط الكتاب وتقييده:

- ‌الباب الأول«طبقات الرُّواة»

- ‌تمهيد

- ‌الفَصْل الأول«طبقات الرُّواة عن البُخارِيّ»

- ‌المبحث الأولرواية إبراهِيم بن مَعْقِل النَّسفي (295) ه

- ‌المبحث الثانيرواية حماد بن شاكر النَّسفي (311) ه

- ‌المبحث الثالثرِواية أبي عبد الله الفَرَبْريّ (231 - 320) ه

- ‌المبحث الرابعباقي الرُّواة عن البُخارِيّ

- ‌رواية أبي طلحة البّزدوي (329) ه

- ‌رِواية أبي عبد الله المحاملي (330) ه

- ‌الفَصْل الثاني«الرُّواة عن الفَرَبْريّ»

- ‌المبحث الأولرِواية أبي علي بن السَّكن (294 - 353) ه

- ‌المبحث الثانيرِواية أبي زيد المَرْوَزيّ (371) ه

- ‌المبحث الثالثرِواية أبي إسحاق المُسْتَمْلِيّ (376) ه

- ‌المبحث الرابعرِواية أبي محمد الحَمُّوييّ (381) ه

- ‌المبحث الخامسرِواية أبى الهيثم الكُشْمِيهَني (389) ه

- ‌المبحث السادسباقي الروايات عن الفربري

- ‌ رِواية حفيد الفَرَبْريّ (371) ه

- ‌ رِواية أبي أحمد الجرجاني (373) ه

- ‌ رِواية ابن شَبُّويه (378) ه

- ‌ رِواية النُّعَيميّ (386) ه

- ‌ رِواية الإشتيخني (381) ه

- ‌ رِواية أبي علي الكُشّانيّ (391) ه

- ‌ رِواية الأَخْسِيكَتي (346) ه

- ‌ رِواية محمد بن خالد الفَرَبْريّ

- ‌ رواية أبي لقمان يحيى بن عمار الختلاني

- ‌الفَصْل الثالث«أشهر الروايات بين العلماء حتى القرن السادس الهجري»

- ‌المبحث الأولرِواية أبي ذر الهَرَويّ (434) ه

- ‌المطلب الأولترجمة أبي ذر الهَرَويّ

- ‌المطلب الثانيرِواية أبي ذر الهَرَويّ (434) ه

- ‌المطلب الثالثالنسخ الموجودة من رِواية أبي ذر الهَرَويّ

- ‌المبحث الثانيرِواية الأَصِيلي (392) ه

- ‌المبحث الثالثرِواية أبي الوَقْت (553) ه

- ‌المبحث الرابعرِواية كريمة المَرْوَزيّة (463) ه

- ‌خاتمة الباب الأول

- ‌الباب الثاني«الاختلاف بين الروايات»

- ‌الفصل الأول:صور الاختلافات

- ‌أولًا: السياق العام للكتاب

- ‌ثانيًا: اختلافات في أسانيد الأحاديث وهي أنواع:

- ‌ثالثًا: الاختلافات الواردة في متون الأحاديث: وهي أنواع:

- ‌رابعًا: الاختلافات الواقعة في الأبواب والتراجم والمعلقات:

الفصل: ‌3 - حالات الإمساك عن الأداء:

أخبارًا إليهم تدل على ذلك (1).

وينبغي للمحدث أن يعين لأصحابه يوم المجلس؛ لئلا ينقطعوا عن أشغالهم، وليستعدوا لإتيانه ويعد بعضهم بعضًا به.

وإذا عين لهم اليوم ووعدهم بالإملاء فيه، فلا ينبغي له إخلاف موعده إلا أن يقتطعه عن ذلك أمر يقوم عذره به.

ومن أفضل الأماكن التي ينبغي أن يحدث فيها المساجد، وخاصة المساجد الجامعة.

اتخاذ المستملي:

وإذا اتسعت الحلقة ينبغي له أن يتخذ من يبلغ عنه الإملاء إلى من بَعُدَ في الحلقة، ويستحب للمستملي أن يستملي وهو جالس على موضع مرتفع، أو على كرسي، فإن لم يجد استملى قائمًا، ويجب أن يُتخذ المستملي المتيقظ المعروف بالعناية ولا يكون بليدًا مغفلًا.

والمستملي في ذلك يجب عليه أن لا يخالف لفظ الراوي في التبليغ عنه، بل يلزمه، وخاصة إذا كان الراوي من أهل المعرفة والدراية بأحكام الرواية.

ولقد ذكر الخطيب آدابًا للمستملي: ما يبتدئ به من القول، واستنصات الناس إن سمع منهم لفظًا، ويبتدئ بذكر الله والحمد له، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم يذكر اسم شيخ الراوي بما يميزه عن غيره، وغير ذلك من الآداب التي توسع فيها الخطيب في «الجامع» ، وابن السَّمْعاني في «أدب الإملاء والاستملاء» .

‌3 - حالات الإمساك عن الأداء:

لقد اعتبر المحدثون تحديث الراوي مروياته في حالةٍ لا تساعد على إتقانها من الأشياء التي يجب على المحدث التنزه عنها، وهذه الأشياء منها ما

(1)«الجامع» 2/ 55 - 57.

ص: 74

يكره ومنها ما يجب، فلقد اعتبروا أن الجو المناسب لتلقي العلم من ضروريات التحديث؛ ولذلك خصوا بعض الحالات بكراهة التحديث ومن هذه الحالات ما يلي:

1 -

التحديث في حال المشي والقيام:

إذا كان المحدثون قد وضعوا ضوابط لكي يصل المروي إلى الراوي واضحًا جليًّا لا لبس فيه ولا غموض، فإنهم بالمقابل من ذلك قد كرهوا التحديث في الأوقات التي يكون فيها الخاطر مشغولًا بأشياء أخرى غير الحديث؛ ولذلك يقول الخطيب: يكره التحديث في حالتي المشي والقيام، حتى يجلس الراوي والسامع معًا ويستوطنا فيكون ذلك أحضرَ للقلب وأجمعَ للفهم.

ثم روى بإسناده إلى عطاء بن السائب قال: أتينا سعيدًا - يعني: ابن حيان - نسأله عن شيء فوافقناه قائمًا، أو نحن قيام؟ (1)

ثم ذكر جملة من الآثار تدل على كراهة التحديث والراوي أو الشيخ قائمًا أو ماشيًا أو مضطجعًا، ولاشك أن ذلك أوعى للضبط والتيقظ للمروي.

2 -

التحديث في وقت السآمة أو الملل:

لقد كره المحدثون إملال السامع وإضجاره بكثرة التحديث؛ لما يحدث ذلك من ضعف الهمة في تلقي المروي، وعدم الاعتناء بضبطه، وهو أمر يتنافى مع طبيعة المرويات الحديثية.

يقول الخطيب: ينبغي للمحدث أن لا يطيل المجلس الذي يرويه، بل يجعله متوسطًا ويقتصد فيه؛ حذرًا من سآمة السامع وملله، وأن يؤدي ذلك إلى فتوره عن الطلب وكسله، فقد قال أبو العباس محمد بن يزيد المُبَرِّد فيما بلغني عنه: من أطال الحديث وأكثر القول فقد عرض أصحابه للملال وسوء

(1)«الجامع» 1/ 407.

ص: 75

الاستماع، ولأن يَدَعَ من حديثه فَضْلَةً يعاد إليها، أصلح من أن يفضل عنه ما يلزم الطالب استماعه من غير رغبة فيه ولا نشاط له (1).

وقال الزهري: إذا طال المجلس كان للشيطان فيه نصيب.

وروي مثله عن سفيان بن عيينة، وبشر بن منصور، وغيرهما (2).

3 -

الاختلاط:

الاختلاط هو تغير في الحفظ واختلال في الضبط يصيب الراوي؛ بسبب كبر السن أو ذهاب البصر أو احتراق الكتب أو غرقها أو سرقتها أو غير ذلك.

وقد نص المحدثون على أن الراوي إذا اختلط وجب في حقه أن يمتنع عن التحديث، وأنه ينبغي له حال صحته أن يعهد لأهله أن يمنعوه من التحديث إذا ظهرت عليه بوادر الاختلاط.

قال الذَّهَبِيّ: ويمنع مع الهرم وتغير الذهن، وليعهد إلى أهله وإخوانه حال صحته: إنكم متى رأيتموني تغيرت فامنعوني من الرواية (3).

ولقد ذكر أئمة الجرح والتعديل في كتبهم بعض الرُّواة الذين حجبوا عن التحديث بسبب الاختلاط، أمثال جرير بن عبد الحميد الضبي (4) وجرير بن حازم (5).

قال ابن سعد في ترجمة إبراهيم بن العباس السامري: إبراهيم بن العباس اختلط آخر عمره فحجبه أهله حتى مات (6).

(1)«الجامع» 2/ 127.

(2)

ينظر «الجامع» 2/ 128 - 129.

(3)

«الموقظة» ص: 66.

(4)

«تقريب التقريب» (916).

(5)

«تهذيب الكمال» 4/ 528.

(6)

«الطبقات» 7/ 346.

ص: 76

وقد تنبه المحدثون لخطورة التحديث وقت الاختلاط وتمييز ذلك عن غيره فعقدوا له أبوابًا خاصة في كتب المصطلح وعلوم الحديث، وحدد بعضهم السن الذي يجب فيه الامتناع عن التحديث؛ لأنه مظنة الاختلاط بسب كبر السن.

قال الرامهرمزي: فإذا تناهى العمر بالمحدث، فأعجب إليَّ أن يمسك في الثمانين؛ فإنه حد الهرم، والتسبيح والاستغفار أولى بأبناء الثمانين، فإن كان عقله ثابتًا ورأيه مجتمعًا، يَعرِفُ حدثيه ويقوم به وتحرى أن يحدث احتسابًا، رجوت له خيرًا. (1).

وقال الخطيب: إذا بلغ الراوي حد الهَرَم والحالة التي في مثلها يَحْدُثُ الحذَفَ، فيستحَب له ترك الحديث والاشتغال بالقراءة والتسبيح، وهكذا إذا عمي بصره، وخشي أن يُدْخَلَ في حديثه ما ليس منه حال القراءة عليه فالأولى أن يقطع الرواية، ويشتغل بما ذكرناه من التسبيح والقراءة. اهـ. (2).

ونظرًا لخطورة الاختلاط على المرويات فقد ذكر المحدثون الرُّواة المختلطين أثناء ترجمتهم، فكثيرًا ما تجد في عبارات الجرح والتعديل: فلان اختلط في آخرة. وقد يذكرون نوع الاختلاط كما قيل في ابن لهيعة: اختلط؛ لاحتراق كتبة وغير ذلك.

بل إنهم قد ميزوا عند الرُّواة المختلطين سنة الاختلاط ومن حدث عنهم قبل الاختلاط وبعده؛ حتى تقبل روايته عنه قبل الاختلاط، وترد بعد الاختلاط، وذلك منهم غاية في التحري والدقة والصيانة للمرويات عن النبي صلى الله عليه وسلم (3).

(1)«المحدث الفاصل» ص: 354.

(2)

«الجامع لآداب الراوي» 2/ 305.

(3)

ينظر «تهذيب الكمال» 15/ 496.

ص: 77