المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الثالثرواية أبي عبد الله الفربري (231 - 320) ه - روايات الجامع الصحيح ونسخه «دراسة نظرية تطبيقية» - جـ ١

[جمعة فتحي عبد الحليم]

فهرس الكتاب

- ‌حول ألفاظ عنوان الرسالة

- ‌1 - الاختلاف:

- ‌2 - الرواية:

- ‌3 - النسخة:

- ‌الاختلاف في تسمية «صحيح البخاري»

- ‌الدراسات السابقة التي تناولت الموضوع

- ‌تمهيد

- ‌المحور الأول:وضع المحدثين ضوابط وآداب لتحمل الرواية(التحمل والأداء)

- ‌أولًا: التحمل

- ‌سن التحمل:

- ‌ السماع من لفظ الشيخ

- ‌القراءة على الشيخ أو العرض

- ‌ثانيًا: الأداء

- ‌1 - طرق الأداء:

- ‌2 - آداب الرواية (أي: الأداء):

- ‌3 - حالات الإمساك عن الأداء:

- ‌4 - شروط الأداء:

- ‌المحور الثاني:وضع المحدثين ضوابط لضبط الكتاب وتقييده والحفاظ عليه

- ‌كتابة الحديث وكيفية ضبطه

- ‌ في كتابة الحديث وكيفية ضبط الكتاب وتقييده:

- ‌الباب الأول«طبقات الرُّواة»

- ‌تمهيد

- ‌الفَصْل الأول«طبقات الرُّواة عن البُخارِيّ»

- ‌المبحث الأولرواية إبراهِيم بن مَعْقِل النَّسفي (295) ه

- ‌المبحث الثانيرواية حماد بن شاكر النَّسفي (311) ه

- ‌المبحث الثالثرِواية أبي عبد الله الفَرَبْريّ (231 - 320) ه

- ‌المبحث الرابعباقي الرُّواة عن البُخارِيّ

- ‌رواية أبي طلحة البّزدوي (329) ه

- ‌رِواية أبي عبد الله المحاملي (330) ه

- ‌الفَصْل الثاني«الرُّواة عن الفَرَبْريّ»

- ‌المبحث الأولرِواية أبي علي بن السَّكن (294 - 353) ه

- ‌المبحث الثانيرِواية أبي زيد المَرْوَزيّ (371) ه

- ‌المبحث الثالثرِواية أبي إسحاق المُسْتَمْلِيّ (376) ه

- ‌المبحث الرابعرِواية أبي محمد الحَمُّوييّ (381) ه

- ‌المبحث الخامسرِواية أبى الهيثم الكُشْمِيهَني (389) ه

- ‌المبحث السادسباقي الروايات عن الفربري

- ‌ رِواية حفيد الفَرَبْريّ (371) ه

- ‌ رِواية أبي أحمد الجرجاني (373) ه

- ‌ رِواية ابن شَبُّويه (378) ه

- ‌ رِواية النُّعَيميّ (386) ه

- ‌ رِواية الإشتيخني (381) ه

- ‌ رِواية أبي علي الكُشّانيّ (391) ه

- ‌ رِواية الأَخْسِيكَتي (346) ه

- ‌ رِواية محمد بن خالد الفَرَبْريّ

- ‌ رواية أبي لقمان يحيى بن عمار الختلاني

- ‌الفَصْل الثالث«أشهر الروايات بين العلماء حتى القرن السادس الهجري»

- ‌المبحث الأولرِواية أبي ذر الهَرَويّ (434) ه

- ‌المطلب الأولترجمة أبي ذر الهَرَويّ

- ‌المطلب الثانيرِواية أبي ذر الهَرَويّ (434) ه

- ‌المطلب الثالثالنسخ الموجودة من رِواية أبي ذر الهَرَويّ

- ‌المبحث الثانيرِواية الأَصِيلي (392) ه

- ‌المبحث الثالثرِواية أبي الوَقْت (553) ه

- ‌المبحث الرابعرِواية كريمة المَرْوَزيّة (463) ه

- ‌خاتمة الباب الأول

- ‌الباب الثاني«الاختلاف بين الروايات»

- ‌الفصل الأول:صور الاختلافات

- ‌أولًا: السياق العام للكتاب

- ‌ثانيًا: اختلافات في أسانيد الأحاديث وهي أنواع:

- ‌ثالثًا: الاختلافات الواردة في متون الأحاديث: وهي أنواع:

- ‌رابعًا: الاختلافات الواقعة في الأبواب والتراجم والمعلقات:

الفصل: ‌المبحث الثالثرواية أبي عبد الله الفربري (231 - 320) ه

‌المبحث الثالث

رِواية أبي عبد الله الفَرَبْريّ (231 - 320) ه

ـ

اسمه ونسبه (1):

هو المحدث، الثقة، العالم، راوي «الجامع الصحيح» ، أبو عبد الله محمد بن يوسف بن مطر بن صالح بن بشر الفَرَبْريّ (2).

(1)«) ينظر مصادر ترجمته في: «المؤتلف والمختلف» للدارقطني 4/ 1896 - 1897، و «الإكمال» لابن ماكولا 7/ 74، و «مشارق الأنوار» 2/ 169، و «الأنساب» 9/ 260، و «معجم البلدان» 4/ 246، و «التقييد» ص: 125 - 126 (142)، و «تكملة الإكمال» 4/ 547، و «اللباب في تهذيب الأنساب» 2/ 418، و «الكامل في التاريخ» 8/ 274، و «مقدمة النووي على شرح البُخَارِيّ» 1/ 238 - 240، و «وفيات الأعيان» 4/ 290، و «برنامج التجيبي» ص: 78، و «إفادة النصيح» لابن رشيد ص: 10 - 14، و «الروض المعطار» لمحمد بن عبد المنعم الحميري ص: 440، و «كشف الأسرار» 3/ 25، و «تاريخ الإسلام» 23/ 613 (1486)، و «سير أعلام النبلاء» 15/ 10، و «العبر في خبر من غبر» 2/ 183، و «الوافي بالوفيات» 5/ 245 (2315)، و «مرآة الجنان» 2/ 280، ومقدمة ابن الملقن لشرح «التوضيح» 1/ 51 - 52، و «الوفيات» لابن قنفذ (320)، و «توضيح المشتبه» لابن ناصر الدين 7/ 70، و «تبصير المنتبه» لابن حجر 3/ 1101، و «شذرات الذهب» لابن العماد 2/ 286، و «ديوان الإسلام» للغزي 3/ 420، و «الأعلام» 7/ 148.

(2)

اختلف الرواة قديمًا وحديثًا في ضبط فاء هذه الكلمة بين الفتح والكسر، وأصل اختلافهم يرجع إلى اختلافهم في ضبط أصل النسبة، وهي كلمة (فربر).

وفربر: قرية من قرى بخارى على طرف جيحون مما يلي بخارى، وهي كلمة أعجمية في الأصل، نقلت إلى العربية.

وقيل فيها: فِرَبْر بكسر الفاء، وفتح الراء، وإسكان الباء الموحدة، ويقال أيضًا: بفتح الفاء.

وممن حكى الوجهين في الفاء في النسبة إليها: القاضي عياض في «المشارق» ، وأبو إسحاق بن قرقول في «مطالعه» ، وأبو بكر الحازمي، وياقوت الحموي، والذَّهَبِيّ في «السير» وغيرها، والتجيبي في «برنامجه» ، وابن ناصر الدين في «توضيح المشتبه» وغيرهم.

وممن اقتصر على الفتح: السمعاني في «الأنساب» ، وابن النقطة في «تكملة الإكمال» ، وابن الأثير في «اللباب» ، وابن خلكان في «وفيات الأعيان» ، والصفدي في «الوافي» .

ورجح ابن رشيد الفهري في «إفادة النصيح» : الفتح حيث قال: والأصح الفتح بلدًا ونسبا، ومن ينحو به نحو الأسماء العربية يكسر بلدًا ونسبًا.

ولم يصب من قال: إن الفتح في النسب من تغيير النسبة، بل النسب بالفتح إلى المفتوح، وبالكسر إلى المكسور عند من عرَّبه. اهـ.

ثم قال مستدلًا على ما رجحه من الفتح: وبالفتح ضبطه خطًا الرواة الدراة، وبالفتح وجدته مقصودًا في البلد والنسب في صدر كتاب البُخَارِيّ في النسخة العتيقة التي كتبت بمكة - شرفها الله - وقرئت وسمعت على أبي ذر وعليها خطه.

وكذلك وجدته في غير موضع بخط متقن الأندلسيين غير مدافع في زمانه أبي بكر بن خير رحمه الله وكتب عليه: صح صح على النسب والبلد، وقد وجدته بخطه في بعض المواضع بالكسر غير مصحح عليه.

وحكى القاضي عياض في «المشارق» 2/ 169 الخلاف في ضبطها بعد أن رجح الكسر.

ومما قاله القاضي: وذكره ابن ماكولا بالفتح في النسب والبلد، وكذلك هو في بعض أصول «المؤتلف» للدارقطني، وضبطناه هناك عن شيخنا الشهيد (أي: القاضي أبو علي الصدفي المتوفى 514 هـ) في النسب والبلد - بالكسر - وكذا قيده بخطه. اهـ.

قلت (الباحث): ما حكاه القاضي عياض عن الأمير ابن ماكولا لم أجده في كتابه «الإكمال» في مظانه، ولم يزد ابن ماكولا على أن قال: أما الفَرَبري فجماعة منهم: محمد بن يوسف بن مطر الفَرَبري حدث بـ «الجامع الصحيح» عن البُخَارِيّ وروى عنه جماعة. اهـ. «الإكمال» 7/ 84.

كذا بلفظه في «الإكمال» واللفظ غير مضبوط لفظًا وضبط شكلًا بالفتح.

وذكر ابن حجر أن الفَرَبري بفتح الفاء وسكون الموحدة .. وقيل في أوله بالكسر «تبصير المنتبه» 3/ 1101، وينظر الهامش فإنه أشار إلى أن في «الإكمال» 2/ 119 بكسر الفاء.

قال ابن رشيد الفهري: والنسخ العتاق مختلفة في ضبطه في كتاب: الأمير خطًّا لا لفظًا، ولعل القاضي أبا الفضل وقف على ذلك في موضع لم أقف عليه من كلام الأمير أنا وكت (كذا في المطبوع) روايته في هذا الموضع عنده بالفتح فاعتمدها، وإنه ليُلْتَمَع ذلك من طرف خفي من قوله: وكذلك هو في بعض أصول «المؤتلف» للدارقطني، وإن كان ابن ماكولا لم يذكر البلد فيما وجدته وإنما ذكر النسب، ولعله كان مذكورًا في كتاب: أبي الفضل. اهـ. «إفادة النصيح» ص: 13، 14.

قلت (الباحث): وممن ذكر الوجهين في الفاء ورجح الكسر: النووي في القطعة التي شرحها من «الصحيح» 1/ 238 - 239: قال: وهي بكسر الفاء وفتح الراء وإسكان الباء الموحدة ويقال: بفتح الفاء أيضًا. اهـ.

ص: 173

ولادته: اتفق كل من ترجم للفربري على أن ولادته كانت سنة إحدى وثلاثين ومائتين.

شيوخه: سمع الفَرَبْريّ «الصحيح» من أبي عبد الله البُخارِيّ، وسمع من قتيبة بن سعيد وعلي بن خَشرَم.

قال أبو بكر السَّمْعاني في «أماليه» (1): وقد سمع الفَرَبْريّ من قتيبة بن

(1) هو الإمام الحافظ أبو بكر بن محمد بن أبي المظفر، منصور بن محمد بن عبد الجبار، التميمي السمعاني المروزي، جد الحافظ أبي سعد صاحب كتاب:«الأنساب» ، سمع أباه وأبا الخير محمد بن أبي عمران الصفار، كان أحد فرسان الحديث، ذكر له حفيده ترجمة حسنة، وقد أملى مائة وأربعين مجلسًا بجامع مرو، وكل من رآها اعترف له أنه لم يسبق إلى مثلها، مات سنة عشر وخمسمائة، وله ثلاث وأربعون سنة. ينظر «الأنساب»: 7/ 140 - 141، «تذكرة الحفاظ» 4/ 1266 - 1269.

ص: 175

سعيد (1) وعلي بن خَشرَم (2)، فشارك البُخارِيَّ ومسلمًا في الرِّواية عنهما (3).

وروى ابن النقطة بإسناده إلى الفَرَبْريّ أنه قال: سمعت من علي بن خَشرَم سنة ثمان وخمسين ومائتين وأنا بفربر مرابطًا (4).

وقال الذَّهَبِيّ: وقد أخطأ من زعم أنه سمع من قتيبة بن سعيد، فما رآه، وقد ولد في سنة إحدى وثلاثين ومائتين (أي: الفَرَبْريّ)، ومات قتيبة في بلد آخرَ سنة أربعين (5).

قلت (الباحث): يتلخص مما سبق أن الفَرَبْريّ قد روى عن ثلاثة:

الأول: الإمام أبو عبد الله البُخارِيّ - رحمه الله تعالى - وهذا لا خلاف عليه.

الثاني: قتيبة بن سعيد.

الثالث: علي بن خَشرَم.

وسماع الفَرَبْريّ من قتيبة بن سعيد نص عليه أبو بكر السَّمْعاني في «أماليه» كما ذكره النووي في شرحه لـ «الصحيح» .

(1) قتيبة بن سعيد بن جميل الثقفي، أبو رجاء البغلاني، روى عن: مالك والليث وهشيم وغيرهم، وعنه: الجماعة سوى ابن ماجه وغيرهم. قال ابن معين وأبو حاتم والنسائي: ثقة، ولد سنة مائة وخمسين، وقيل: ثمان وأربعين، وتوفي لليلتين خلتا من شعبان سنة أربعين ومائتين. ينظر ترجمته في «تهذيب الكمال»: 23/ 523 - 537.

(2)

هو علي بن خَشْرم بن عبد الرحمن بن عطاء المروزي أبو الحسن.

روى عن: إسماعيل ابن علية، وابن عيينة، وهشيم وغيرهم، وعنه: مسلم والترمذي والنسائي وغيرهم. وثقه النسائي وابن حبان وسلمة بن قاسم، ولد سنة ستين ومائة، ومات سنة سبع وخمسين ومائتين. ينظر ترجمته في «تهذيب الكمال»: 20/ 421 - 423.

(3)

«شرح البُخَارِيّ» للنووي 1/ 239 - 240.

(4)

«التقييد» 1/ 126.

(5)

«سير أعلام النبلاء» (15/ 10 - 11).

ص: 176

وقد خطّأ الذَّهَبِيّ في «السير» (1) من زعم أنه سمع منه؛ لأن الفَرَبْريّ ولد سنة مائتين وإحدى وثلاثين ومات قتيبة في بلد آخر سنة أربعين ومائتين، فيكون بينهما تسع سنوات مع اختلاف المصر مما يبعد السماع.

أما سماع الفَرَبْريّ من علي بن خَشرَم فهذا ثابت لا خلاف فيه، وقد نص على ذلك كثير ممن ترجم للفربري، وفي أمهات الكتب أحاديث مروية عن الفَرَبْريّ، عن علي بن خَشرَم.

فقد أخرج البيهقي في «السنن الكبرى» (2) وفي «شعب الإيمان» (3) أحاديث من رِواية الحافظ أبي أحمد بن عدي، عن الفَرَبْريّ، عن علي بن خَشرَم وغير ذلك.

بل سماع الفَرَبْريّ من علي بن خَشرَم ثابت في بعض نسخ «الجامع الصحيح» كما سيأتي.

تلاميذه: لقد روى عن الفَرَبْريّ خلق كثيرون، رحلوا إليه يطلبون الإسناد العالي، وقد أفردتهم ببحث مستقل

أقوال العلماء في بيان مكانته:

إذا أردنا أن نجمع النصوص وأقوال العلماء التي تُعدِّل هذا الرجل فحقيقٌ أن يكون الجواب على السائل عن ذلك بمثل ما أجاب به يحيى بن معين رضي الله عنه (233) هـ فيما رواه ابن رشيد الفهري (721) هـ من طريق مضر بن محمد الكوفي عنه، قال مضر: سأل أحمد بن الوليد - غلام كان معي يخدمني ويكتب - يحيَى بنَ معين، عن أبي بكر بن أبي شيبة وعثمان أخيه،

(1) 15/ 10 - 11.

(2)

كتاب: الحج، باب: الحاج أشعث أغبر .. 5/ 58.

(3)

باب: في الصلوات / فضل الجمعة 3/ 104 (3010).

ص: 177

فقال له: يا مجنون، هل رأيت أحدًا يسأل عن مثل هؤلاء اهـ (1).

ولنذكر بعض الأقوال في ثناء العلماء عليه دفعًا لغمز جاهلٍ على أهل الإسلام متحامل:

قال الإمام أبو الوليد الباجي (474) هـ: والفَرَبْريّ ثقة مشهور (2).

وقال أبو محمد الرشاطي (547) هـ: وعلى الفَرَبْريّ العمدة في رِواية كتاب البُخارِيّ. اهـ (3).

وقال أبو بكر السَّمْعاني (520) هـ في «أماليه» - وهو جد السَّمْعاني صاحب «الأنساب» - كان ثقة ورعًا. اهـ (4).

وقال ابن رشيد الفهري (721) هـ: عمدة المسلمين في كتاب البُخارِيّ. اهـ.

وقال أيضًا: الثقة الأمين، وسيلة المسلمين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في كتاب البُخارِيّ، وحبلهم المتين. اهـ.

وفاته: اتفق كل من ترجم له على أن وفاته كانت سنة عشرين وثلاثمائة، يوم الأحد لثلاث خلون من شهر شوال، وقيل لعشر بقين منه (5) فرحمه الله رحمة واسعة.

(1)«إفادة النصيح» ص: 15، 16.

(2)

«التعديل والتجريح» 1/ 173.

(3)

«إفادة النصيح» ص: 15، 16.

(4)

«التقييد» 1/ 126 (142).

(5)

ذكر وفاته لثلاث خلون من شهر شوال السمعاني في «الأنساب» 10/ 170، وابن الأثير في «اللباب» 2/ 418، وياقوت الحموي في «معجم البلدان» 4/ 245.

وقال ابن رشيد الفهري في «إفادة النصيح» ص: 23: وتوفي الفَرَبري فيما رويناه بإسنادنا العالي إلى أبي ذر قال: سمعت أبا إسحاق المُسْتَمْلِيّ يقول: مات محمد بن يوسف بن مطر الفَرَبري رحمه الله في شهر شوال لعشر بقين منه من سنة عشرين وثلاثمائة فيما بلغني. اهـ.

ص: 178

هل سمع البُخارِيّ من علي بن خَشرَم؟

ذكر بعض العلماء وهو أبو بكر بن السَّمْعاني في «أماليه» - كما سبق - أن الفَرَبْريّ شارك البُخارِيّ ومسلمًا في السماع من قتيبة بن سعيد وعلي بن خَشرَم.

وننبه هنا على أمرين:

الأول: أن سماع البُخارِيّ ومسلم من قتيبة بن سعيد وإن كان ثابتًا كما هو ظاهر من أحاديثه في «الصحيحين» إلا أن في ذلك نظرًا بالنسبة للفربري.

الثاني: وهو سماع البُخارِيّ ومسلم من علي بن خَشرَم.

فالثابت كما هو واضح عند كل من ترجم لعلي بن خَشرَم سماعُ مسلم منه.

أما سماع البُخارِيّ منه فلم يثبت، وبعد استقراء «الصحيح» ونسخه المشار إليها في شروح «الصحيح» تحصل لي أن لعلي بن خَشرَم ذكرًا في بعض نسخ «الصحيح» في موضعين:

الأول: في حديث ابن عباس رضي الله عنهما الذي رواه البُخارِيّ في كتاب التهجد، باب: التهجد بالليل (1).

قال البُخارِيّ: حَدَّثَنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي مُسْلِمٍ، عَنْ طَاوُسٍ، سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ يَتَهَجَّدُ قَالَ: «اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ

وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ، لَا إِلَهَ إِلَاّ أَنْتَ» أَوْ «لَا إِلَهَ غَيْرُكَ». قَالَ سُفْيَانُ: وَزَادَ عَبْدُ الْكَرِيمِ أَبُو أُمَيَّةَ: «وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَاّ بِاللَّهِ» .

(1)(1120) 2/ 48 - 49.

ص: 179

قَالَ سُفْيَانُ: قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي مُسْلِمٍ: سَمِعَهُ مِنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم اهـ.

هكذا إسناد الحديث عند جمهور الرُّواة عن الفَرَبْريّ.

وفي رِواية أبي ذر قبل قوله: (قال سفيان) الثانية زيادة: (قال علي بن خَشرَم) فصارت هكذا: قال علي بن خَشرَم: قال سفيان: قال سليمان بن أبي مسلم

إلخ.

وغرض البُخارِيّ من هذه الزيادة إن ثبتت عنه أو الفربري وهو الصواب كما سيأتي - هو إثبات سماع سليمان بن أبي مسلم لهذا الحديث من طاوس؛ لأنه ذكره في أول الحديث بالعنعنة. كما نص على ذلك ابن حجر في «الفتح» (1).

ورِواية أبي ذر هذه جاءت في هامش «اليونينية» (2) ورمز لها برمز أبي ذر، ونص عليها ابن حجر في «الفتح» (3) والقَسْطَلّانِيّ في «إرشاد الساري» (4) والشيخ زكريا الأنصاري في «المنحة» (5).

وهذه الزيادة توهم في ظاهرها أن الحديث متصل بسماع البُخارِيّ لهذا الحديث من علي بن خَشرَم، عن سفيان، وليس الأمر كذلك.

وذلك لأن هذه الزيادة ليست ثابتة في جميع نسخ البُخارِيّ وإنما هي من رِواية أبي ذر وحده كما نص على ذلك ابن حجر في «الفتح» .

وأيضًا فإنه على فرض ثبوت هذه الرِّواية فإن غاية ما تدل عليه أن

(1) 3/ 6.

(2)

2/ 49.

(3)

3/ 5 - 6.

(4)

3/ 194.

(5)

2/ 192.

ص: 180

هذه الزيادة من زيادات الفَرَبْريّ على البُخارِيّ، فإنه في بعض المواضع من «الصحيح» يزيد زيادات من عنده لم يسمعها من البُخارِيّ.

ولذا قال ابن حجر رحمه الله في «الفتح» (1): ولعل هذه الزيادة عن الفَرَبْريّ فإن علي بن خَشرَم لم يذكروه في شيوخ البُخارِيّ، وأما الفَرَبْريّ فقد سمع من علي ابن خَشرَم كما سيأتي في أحاديث الأنبياء في قصة موسى والخضر، فكأن هذا الحديث أيضا كان عنده عاليًا عن علي بن خَشرَم، عن سفيان، فذكره لأجل العلو. والله أعلم. اهـ.

وقد نص على ذلك الذَّهَبِيّ في «السير» (2) حيث قال في ترجمة علي بن خَشرَم عند ذكر من حدث عنه: محمد بن يوسف الفَرَبْريّ، ثم قال ما نصه: ووقع لنا روايته عنه في تعلية حديث موسى والخضر، فقال: حَدَّثَناه علي بن خَشرَم، حَدَّثَنا ابن عيينة فذكره، لكن ليس هذا في كل نسخ «الصحيح» . اهـ كلامه.

قلت (الباحث): ومن الجدير بالذكر أن عليَّ بن خَشرَم معدود في طبقة أقران البُخارِيّ حيث توفي (257) هـ.

الموضع الثاني: في باب: حديث الخضر مع موسى عليه السلام، من كتاب: الأنبياء.

قال البُخارِيّ (3): حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ قَالَ: قُلْتُ لاِبْنِ عَبَّاسٍ: إِنَّ نَوْفًا الْبَكَالِيَّ يَزْعُمُ أَنَّ مُوسَى صَاحِبَ الْخَضِرِ لَيْسَ هُوَ مُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ، إِنَّمَا هُوَ

(1) 3/ 6.

(2)

«سير أعلام النبلاء» 11/ 553.

(3)

4/ 154 (3401 - 3402).

ص: 181

مُوسَى آخَرُ. فَقَالَ: كَذَبَ عَدُوُّ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أُبَىُّ بْنُ كَعْبٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«أَنَّ مُوسَى قَامَ خَطِيبًا فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ» ثم ساق الحديث بطوله إلى أن قال في آخره: «وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ كَافِرًا وَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ» .

ثُمَّ قَالَ لِي سُفْيَانُ: سَمِعْتُهُ مِنْهُ مَرَّتَيْنِ وَحَفِظْتُهُ مِنْهُ. قِيلَ لِسُفْيَانَ: حَفِظْتَهُ قَبْلَ أَنْ تَسْمَعَهُ مِنْ عَمْرٍو؟ أَوْ: تَحَفَّظْتَهُ مِنْ إِنْسَانٍ؟ فَقَالَ: مِمَّنْ أَتَحَفَّظُهُ؟ وَرَوَاهُ أَحَدٌ عَنْ عَمْرٍو غَيْرِي؟ سَمِعْتُهُ مِنْهُ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا وَحَفِظْتُهُ مِنْهُ. اهـ.

ثم ساق حديثا آخر في سبب تسمية الخضر بهذا الاسم فقال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ الأَصْبَهَانِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنَّمَا سُمِّيَ الْخَضِرُ؛ أَنَّهُ جَلَسَ عَلَى فَرْوَةٍ بَيْضَاءَ فَإِذَا هِيَ تَهْتَزُّ مِنْ خَلْفِهِ خَضْرَاءَ» .اهـ.

هكذا سياق الحديثين كما هو في «اليُونِينيّة» وكما هو عند أكثر رواة البُخارِيّ، لكن وقعت هنا زيادة وهي: قال محمد بن يوسف بن مطر الفَرَبْريّ: حَدَّثَنا علي بن خَشرَم عن سفيان، بطوله. اهـ.

وهذه الزيادة أشار إليها اليُونِينِيّ في هامش نسخته، وابن الملقن، وابن حجر، والعيني، والقَسْطَلّانِيّ، وشيخ الإسلام زكريا الأنصاري في شروحهم.

وهذه الزيادة يتعلق بها أمران:

الأول: من راوي هذه الجملة عن الفَرَبْريّ؟ هل هو الحَمُّوييّ (أبو محمد السَّرْخَسي) كما هو عند اليُونِينِيّ والشيخ زكريا الأنصاري وغيرهما، أم هو المُسْتَمْلِيّ كما هو عند ابن الملقن وتلميذه ابن حجر العسقلاني؟

الأمر الثاني: موضع هذه الزيادة. هل هو عقب الحديث الأول في الحديثين السابقين كما هو عند ابن الملقن وابن حجر؟ أم هو عقب

ص: 182

الحديث الثاني كما هو في هامش «اليُونِينيّة» وكما ذكر الشيخ زكريا والإمام العيني؟

قلت: أما الأمر الأول: وهو راوي هذه الجملة عن الفَرَبْريّ فإنه يُلاحظ شيئان:

الأول منهما: أن كلًّا من الحَمُّوييّ - ويعرف أيضًا بالسَّرْخَسي - والمُسْتَمْلِيّ في طبقة واحدة، فكلاهما تلميذ للفربري، ومعروف بالرِّواية عنه.

الثاني: أن كلمة الحَمُّوييّ ليست في أصل اليُونِينِيّ، وإنما هي في الحاشية، ومعلم عليها بحرف الإسقاط.

وبناء على كلا الأمرين فالوهم وقع في عزو هذه الجملة إلى الحَمُّوييّ عند من عزاها إليه.

ويؤيد هذا أن الجملة غير موجودة عند الجمهور من الرُّواة عن الفَرَبْريّ، ولذلك نص ابن الملقن وتبعه ابن حجر على أن هذه الزيادة ليست من رِواية الحَمُّوييّ، وإنما هي من رِواية المُسْتَمْلِيّ.

قال ابن الملقن - رحمه الله تعالى - بعد شرح الحديث الأول بعد قول سفيان: سمعته منه مرتين أو ثلاثا وحفظته منه قال:

وهذا رواه أبو ذر الهَرَويّ: ثنا أبو إسحاق المُسْتَمْلِيّ، ثنا الفَرَبْريّ، ثنا علي بن خَشرَم، عن سفيان، فذكره. اهـ.

وتابع ابنَ الملقن تلميذُه ابن حجر فقال في «الفتح» (1): ووقع هنا في رِواية أبي ذر عن المُسْتَمْلِيّ خاصة عن الفَرَبْريّ: حَدَّثَنا علي بن خَشرَم، حَدَّثَنا سفيان بن عيينة

الحديث بطوله. اهـ. وهذا - والله أعلم - هو

(1) 6/ 433.

ص: 183

الصواب.

أما ما جاء في هامش «اليُونِينيّة» فقد سبق أن اليُونِينِيّ وضع على كلمة الحَمُّوييّ علامة الإسقاط، فلعل الشيخ زكريا عندما نسب هذا القول إلى الحَمُّوييّ طمس حرف الإسقاط عنده وتبعه في ذلك من عزاه إلى الحَمُّوييّ.

ولذا نجد القَسْطَلّانِيّ وهو ممن له عناية خاصة باختلاف الروايات عمومًا ونسخة اليُونِينِيّ خاصة، قد نص على وجود حرف الإسقاط على كلمة الحَمُّوييّ.

وهذا يفسر صنيع الإمام العيني في «شرحه» (1) حيث ساق العبارة ونسبها إلى الحَمُّوييّ، ونص بعد ذلك على أنها من رِواية المُسْتَمْلِيّ خاصة عن الفَرَبْريّ مما يدل على وقوع اضطراب في العبارة عنده، ولعل ذلك من النساخ وعدم العناية بضبط النص، والله أعلم.

فالصواب: - والله أعلم - ما ذكره ابن الملقن وابن حجر من أن هذه الزيادة من رِواية المُسْتَمْلِيّ عن الفَرَبْريّ خاصة. هذا ما يتعلق بالأمر الأول.

أما الأمر الثاني: وهو موضع هذه العبارة.

فأقول: هذه العبارة وهي قول الفَرَبْريّ: حَدَّثَنا علي بن خَشرَم، حَدَّثَنا سفيان

إلخ.

ذكرت في هامش «اليُونِينيّة» (2) وعند الشيخ زكريا (3) وعند العيني (4) عقب الحديث الثاني، وذكرت عقب الحديث الأول عند ابن

(1)«عمدة القاري» 13/ 38.

(2)

4/ 156.

(3)

6/ 489 - 490.

(4)

«عمدة القاري» 13/ 38.

ص: 184

الملقن في «التوضيح» وعند ابن حجر في «الفتح» (1).

وسياق الحديث الأول يناسب هذه الزيادة كما جاءت عند ابن الملقن وابن حجر، فالحديث الأول من رِواية علي بن عبد الله - هو المديني - عن سفيان - وهو ابن عيينة - عن عمرو بن دينار.

بينما الحديث الثاني ليس فيه أي ذكر لرِواية سفيان.

فكأن الفَرَبْريّ ذكر متابعةً لشيخ البُخارِيّ علي بن المديني عن سفيان، وهي متابعة علي بن خَشرَم، عن سفيان.

ومن المعروف - كما سبق - أن علي بن خَشرَم ليس شيخا للبخاري في هذا الموضع، وإنما هو شيخٌ للفربري، وذكر هذه الزيادات عن علي بن خَشرَم؛ لأنها وقعت له بعلو كما نص على ذلك ابن حجر فيما سبق والله أعلم. اهـ.

ونخلص مما سبق أن سماع الفَرَبْريّ من قتيبة بن سعيد بعيدٌ كما سبق نقله عن الذَّهَبِيّ.

كما أن سماع البُخارِيّ من علي بن خَشرَم غير ثابت عند من ترجموا للبخاري، والمواضع التي وقع فيها ذكر لعلي بن خَشرَم في الصحيح إنما هي من رِواية الفَرَبْريّ عنه. والله أعلم.

(1)«الفتح» 6/ 489.

ص: 185

هل ذُكِر الفَرَبْريّ في نص «الصحيح» ؟

الفَرَبْريّ قد وقع له ذكر في بعض نسخ البُخارِيّ كما جاء في «اليُونِينيّة» في عدة مواضعَ أذكر بعضها للتمثيل وأحيل إلى الباقي:

الأول: في كتاب: العلم، في باب: كيف يقبض العلم (1).

قال البُخارِيّ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا، يَنْتَزِعُهُ مِنَ الْعِبَادِ ..» الخ.

قَالَ الفَرَبْريّ: حَدَّثَنَا عَبَّاسٌ قَالَ: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ هِشَامٍ نَحْوَهُ. اهـ.

وعند اليُونِينِيّ رمز إلى سقوط عبارة الفَرَبْريّ من رِواية ابن عساكر وأبي الوَقْت والأصيلي وإحدى النسخ غير المعروفة. اهـ. وفي بعض النسخ كما عند القَسْطَلّانِيّ بحذف: قال الفَرَبْريّ. اهـ.

وهذه زيادة من الفَرَبْريّ على كتاب البُخارِيّ وهي قليلة كما ذكر جميع الشراح.

وهذه الزيادة فائدتها متابعة مالك عن هشام، فقد تابعه - كما رواه الفَرَبْريّ - جرير؛ رواها عنه قتيبة بن سعيد.

الثاني (2): في كتاب: المظالم، باب: إثم من ظلم شيئا من الأرض.

(1)«اليونينية» 1/ 32 (100)، «التوضيح» لابن الملقن 3/ 492 (100)، «فتح الباري» 1/ 195، «عمدة القاري» 2/ 90، «منحة الباري» 1/ 331، «إرشاد الساري» 1/ 358.

(2)

«اليونينية» 3/ 130 (2454)، «التوضيح» لابن الملقن 15/ 602 (2454)، «فتح الباري» 5/ 105، «عمدة القاري» 10/ 318 - 319، «منحة الباري» 5/ 229، «صحيح البُخَارِيّ» طبعة المجلس الأعلى 4/ 237.

ص: 186

قال البُخارِيّ: حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، حَدَّثَنَا مُوسَى ابْنُ عُقْبَةَ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَخَذَ مِنَ الأَرْضِ شَيْئًا بِغَيْرِ حَقِّهِ خُسِفَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى سَبْعِ أَرَضِينَ» .

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: هَذَا الْحَدِيثُ لَيْسَ بِخُرَاسَانَ فِي كِتَابِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، أَمْلَاهُ عَلَيْهِمْ بِالْبَصْرَةِ

اهـ.

هكذا نص اليُونِينِيّ، وفي الحاشية عند قوله: قال أبو عبد الله. زيادة قبلها: قال الفَرَبْريّ: قَالَ أَبُو جَعفرِ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ: قال أبو عبد الله

إلخ.

وهذه الزيادة من رِواية أبي ذر وحده عن شيوخه الثلاثة، كما نص على ذلك غير واحد منهم اليُونِينِيّ وابن حجر والعيني وغيرهم.

وأبو جعفر هو محمد بن أبي حاتم البُخارِيّ وراق البُخارِيّ، وقد ذكر عنه الفَرَبْريّ في هذا الكتاب فوائد كثيرة عن البُخارِيّ وغيره، رواها عنه الفَرَبْريّ من كتابه في شمائل البُخارِيّ، كما ذكر ابن حجر وغيره.

ومعنى هذه الزيادة أن ابن المبارك صنف كتبه بخراسان، وحدث بها هناك، وحملها عنه أهلها، وحدث في أسفاره بأحاديث من حفظه، زائدة على ما في كتبه هذا منها. وهذه الزيادة ليست عند الكرماني في «شرحه» .

الموضع الثالث (1): في كتاب: المظالم، باب: النهبى بغير إذن صاحبه.

قال البُخارِيّ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، حَدَّثَنَا عُقَيْلٌ

(1)«اليونينية» 3/ 136 (2475)، «التوضيح» لابن الملقن 16/ 19 (2475)، الكرماني 11/ 43، «صحيح البُخَارِيّ» طبعة المجلس الأعلى 4/ 253، «فتح الباري» 5/ 120 - 121، «منحة الباري» 5/ 254 - 255، «عمدة القاري» 10/ 348.

ص: 187

عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهْوَ مُؤْمِنٌ

» الحديث.

وَعَنْ سَعِيدٍ وَأَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ، إِلَاّ النُّهْبَةَ. اهـ.

هذا نص اليُونِينِيّ، وبهامش نسخته بعد كلمة: النهبة من رِواية أبي ذر عن المُسْتَمْلِيّ: قَالَ الفَرَبْريّ: وَجَدْتُ بِخَطِّ أَبِي جَعْفَرٍ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: تَفْسِيرُهُ: أَنْ يُنْزَعَ مِنْهُ، يُريدُ الْإيمَانَ. اهـ.

وهذه أيضًا من الفوائد التي زادها الفَرَبْريّ ورواها عن محمد بن أبي حاتم وراق البُخارِيّ عن البخاري.

الموضع الرابع (1): في كتاب: الرقاق، باب: رفع الأمانة.

قال البُخارِيّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا حُذَيْفَةُ قَالَ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَدِيثَيْنِ، رَأَيْتُ أَحَدَهُمَا وَأَنَا أَنْتَظِرُ الآخَرَ، حَدَّثَنَا: «أَنَّ الأَمَانَةَ نَزَلَتْ فِي جَذْرِ قُلُوبِ الرِّجَالِ، ثُمَّ عَلِمُوا مِنَ الْقُرْآنِ

» الحديث.

هكذا نص الحديث في «اليُونِينيّة» وفي آخره في الهامش: قَالَ الفَرَبْريّ: قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: حَدَّثْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ: سَمِعْتُ أَبَا أَحْمَدَ بْنَ عَاصِمٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا عُبَيْدٍ يَقُولُ: قَالَ الأَصْمَعِيُّ وَأَبُو عَمْرٍو وَغَيْرُهُمَا: جَذْرُ قُلُوبِ الرِّجَالِ، الْجَذْرُ: الأَصْلُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَالْوَكْتُ: أَثَرُ الشَّيْءِ الْيَسِيرُ مِنْهُ. اهـ.

وعزاه لرِواية أبي ذر عن المُسْتَمْلِيّ وحده دون باقي شيوخه، وهما

(1)«اليونينية» 8/ 104 (6497)، «التوضيح» لابن الملقن 29/ 564 (6497)، «فتح الباري» 9/ 470، «عمدة القاري» 19/ 42، «إرشاد الساري» 11/ 129.

ص: 188

السَّرْخَسي والكُشْمِيهَني.

وفي نسخة المُسْتَمْلِيّ التي اعتمد عليها القَسْطَلّانِيّ زيادة بعد كلمة: اليسير منه: والمجل: أثر العمل في الكف إذا غلظ. اهـ.

وما ذكره الفَرَبْريّ هنا أيضا زيادة بيان وتفسير.

وهذ الزيادة عن الفَرَبْريّ ليست موجودة عند العيني في «العمدة» ولا عند ابن الملقن في «التوضيح» .

وهناك مواضع أخرى فيها زيادات للفربري على «الصحيح» وصرَّح الشراح بنسبتها إلى الفَرَبْريّ، وهذه المواضع جاءت في «الفتح» لابن حجر (1).

سماع الفَرَبْريّ لـ «الصحيح» من البُخارِيّ

سمع أبو عبد الله الفَرَبْريّ كتاب «الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه» من مصنفه الإمام أبي عبد الله البُخارِيّ أكثر من مرة، نص على ذلك غير واحد من العلماء.

وأبدأ بذكر ما وقفت عليه من عبارات العلماء في ذلك:

من أشهر ما قيل في سماع الفَرَبْريّ ما جاء عن الحافظ أبي نصر الكلاباذي (398) هـ أنه قال: كان سماع محمد بن يوسف الفَرَبْريّ لهذا الكتاب من محمد بن إسماعيل البخاري مرتين: مرة بفربر سنة ثمان وأربعين ومائتين، ومرة ببخارى سنة اثنتين وخمسين ومائتين. اهـ.

وهذا النص مروي عن أبي نصر الكلاباذي المولود في سنة ثلاث

(1) 1/ 242 (141)، 4/ 232، 5/ 38 (2459)، 5/ 410 (2780)، 9/ 60 (5015)، 9/ 568 (5442)، 11/ 385 (6526)، 13/ 130 - 131 (7152)، 13/ 216 (7224)، 13/ 356 (7375).

ص: 189

وعشرين وثلاثمائة، والمتوفى سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة وله كما يقول الذَّهَبِيّ معرفة بـ «صحيح البُخارِيّ» وهو صاحب كتاب:«الهداية والإرشاد في معرفة أهل الثقة والسداد الذين أخرج لهم البُخارِيّ في جامعه» وعن الكلاباذي: اشتهرت هذه المقالة حتى إنك لا تجد شارحًا لـ «الصحيح» إلا ونقل هذا القول عن الكلاباذي.

وممن روى هذا القول عن الكلاباذي راوي «الصحيح» عن الفَرَبْريّ أبو الهيثم محمد بن المكي الكُشْمِيهَني المتوفى سنة تسع وثمانين وثلاثمائة؛ رواه عنه أبو ذر الهَرَويّ المتوفى سنة أربع وثلاثين وأربعمائة، رواه عنه بإسناده أبو علي الجَيّانيّ في «تقييد المهمل» (1) كما رواه من طريق أبي ذر أيضًا ابن رشيد الفهري في «إفادة النصيح» (2).

ورواه عن الكلاباذي أيضا أبو الحسين عبد الملك بن الحسين بن شياوش الكازروني رواه عنه بسنده ابن النقطة في «التقييد» (3).

ويلاحظ على هذا النص أمرين:

الأول: أن هذا النص ليس مرويًّا عن الفَرَبْريّ، وإنما هو من قول الكلاباذي مع ملاحظة أن الكلاباذي ولد سنة (323) هـ أي بعد وفاة الفَرَبْريّ التي هي سنة (320) هـ بثلاث سنوات.

الثاني: هو أن النص يفيد سماع الفَرَبْريّ لـ «الصحيح» في مرتين مختلفتين في المكان والزمان:

فالأولى: كانت بفربر سنة ثمان وأربعين ومائتين.

(1) 1/ 64.

(2)

ص: 126.

(3)

ص: 126.

ص: 190

والثانية: كانت ببخارى سنة اثنتين وخمسين ومائتين.

والنص الثاني: ما جاء عن راوي «الصحيح» أبي علي إسماعيل بن محمد الكُشّانيّ قال: سمعت محمد بن يوسف بن مطر يقول: سُمِع «الجامع الصحيح» من أبي عبد الله محمد بن إسماعيل بفربر في ثلاث سنين: في سنة ثلاث وخمسين، وأربع وخمسين، وخمس وخمسين ومائتين، وسمعت من علي بن خَشرَم سنة ثمان وخمسين ومائتين وأنا بفربر مرابطًا. اهـ.

وهذا النص يلاحظ عليه ما يلي:

أولًا: جاء نص العبارة عند ابن النقطة بلفظ: سمعت محمد بن يوسف بن مطر يقول: سمع «الجامع الصحيح» من أبي عبد الله محمد بن إسماعيل بفربر في ثلاث سنين: في سنة ثلاث وخمسين، وأربع وخمسين، وخمس وخمسين ومائتين (1).

وفي العبارة إشكال وهو لفظة (سمع) هل هي حكاية من الفَرَبْريّ عن سماعه هو (2) أو هي حكاية عن إسماع البُخارِيّ لمن أراد سماع «الصحيح» في هذه المدة التي ذكرها ويكون ضبطها بالبناء للمجهول؟

وعلى كلا الاحتمالين لا يبعد سماع الفَرَبْريّ، سواء كان حكاية عن سماعه هو أو إسماع البُخارِيّ لغيره، فلا شك أن الفَرَبْريّ وله عناية بـ «الصحيح» لا يترك إسماع البُخارِيّ بـ «الصحيح» حتى ولو تحصل له سماع خاص.

ثانيا: الأمر الثاني الملاحظ على هذه العبارة هو اختلاف الرُّواة في

(1)«التقييد» 26.

(2)

ويكون ضبطها (سَمِع) بفتح السين وكسر الميم.

ص: 191

قول الفَرَبْريّ هذا فالنص عند ابن النقطة جاء هكذا: بفربر في ثلاث سنين في سنة ثلاث وخمسين

إلخ.

ووجد في حاشية كتاب «إفادة النصيح» (1) عند ذكره القول المتقدم عن الكلاباذي: وجد حاشية فيها تعقيب على ما رواه ابن النقطة في «التقييد» نصه: ثم وقفت على ذلك في المجلس الخامس من «أمالي أبي بكر محمد بن منصور السَّمْعاني» في نسختي التي بخط عيسى الرعيني الضابط، ونص ما ذكر: قال الفَرَبْريّ: سمعت «الجامع الصحيح» من أبي عبد الله بفربر، وكان يقرأ عليه في ثلاث سنين: في سنة ثلاث وخمسين، وأربع وخمسين، وخمس وخمسين. طرة التجيبي نقلتها من خطه. اهـ. هكذا بزيادة جملة: وكان يقرأ عليه.

قلت (الباحث): وجاءت العبارة عند التجيبي في «برنامجه» (2) مثل سياق ابن النقطة، وجاءت عند السَّمْعاني في «الأنساب» (3): في ثلاث سنين، في سنة ثلاث، وأربع، وخمسين ومائتين. فكأن كلمة (خمس) سقطت من النص، كما جاءت عند ابن الملقن في المقدمة: في ثلاث سنين: في سنة ثلاث وخمسين. اهـ. دون باقي النص، وكأنه اقتصر على ذلك لدلالة السياق عليه.

ثالثًا: يلاحظ على هذا النص أيضا أنه يفيد تأخر سماع الفربري، حيث كان ذلك قبل وفاة البُخارِيّ بمدة يسيرة حيث توفي في رمضان من سنة ست وخمسين ومائتين.

(1) ص: 16، 17.

(2)

ص: 69.

(3)

9/ 260 - 261.

ص: 192

النص الثالث: الذي يفيد سماع الفَرَبْريّ من البُخارِيّ.

قال الفَرَبْريّ: أنا أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم الجعفي البُخارِيّ رحمه الله سنة ثلاث وخمسين ومائتين.

رواه عن الفَرَبْريّ تلميذه وراوي «الصحيح» عنه أبو زيد المَرْوَزيّ كما جاء ذلك في سياق إسناد أبي علي الجَيّانيّ لهذه الرِّواية (1)، ورواه أبو الفرج محمد بن عبد الرحمن المقرئ في كتاب «الأربعين في الجهاد» في الحديث الأول في سياق إسناده لـ «صحيح البُخارِيّ» من رِواية السَّرْخَسي عن الفَرَبْريّ (2) قال: قال الفَرَبْريّ: أنا أبو عبد الله

فذكره.

قلت (الباحث): من خلال هذه النصوص يتبين لنا أن الفَرَبْريّ سمع «الصحيح» من البُخارِيّ ثلاث مرات: سنة ثمان وأربعين، واثنتين وخمسين، وثلاث وخمسين، والله أعلم.

(1)«تقييد المهمل» 1/ 59.

(2)

إلا أنه قال: سنة ثمان وأربعين، وسنة اثنتين وخمسين، وسنة ثلاث وخمسين ومائتين. اهـ. «الأربعين في الجهاد» لأبي الفرج محمد بن عبد الرحمن المقرئ.

ص: 193

أسباب اشتهار رِواية الفَرَبْريّ

لقد كتب الله السلامة لـ «صحيح البُخارِيّ» بما هيأ له من سبل الشهرة الواسعة في حياة صاحبه، فقد تسامع الناس بالكتاب في أول عهده بالظهور، وتعرف المحدثون على سمو قدره، فارتحلوا إلى البُخارِيّ من كل مكان ليتلقوا عنه كتابه، حتى بلغ من سمعوه منه عددًا لا يحصيهم إلا الله تعالى.

ومن بين من سمع «الصحيح» الإمام الفَرَبْريّ، فممّا مّن الله عليه أن هيأ له أسبابًا للقاء البُخارِيّ والسماع منه، وخصه الله تعالى ببعض الأمور التي جعلت روايته أفضلَ الروايات، وأتقنها، وأعلاها سندًا.

قال أبو إسحاق المُسْتَمْلِيّ عن محمد بن يوسف الفَرَبْريّ قال: سمع كتاب «الصحيح» لمحمد بن إسماعيل تسعون ألف رجل فما بقي أحد يرويه غيري.

وهذا النص من الفَرَبْريّ - وإن كان غير مُسَلّم؛ لما سأذكره بعد من رواة آخرين ماتوا بعده - يدل على كثرة الراوة عن البُخارِيّ، ومع ذلك كان مدار الروايات وعمدتها رِواية الفَرَبْريّ.

ولا يمكن أن تكون شهرة رِواية الفَرَبْريّ وتميزها على غيرها جزافًا اعتمد على ما توفر لها من الصيت، والسمعة، وحسن الحظ.

بل كان ذلك لما توفر لهذه النسخة وهذه الرِّواية من عوامل الحفظ والرعاية ما لم يتوفر لرِواية أخرى من روايات «الصحيح» .

فلا عجب إذن أن جعلها العلماء عمدتهم في كتاب «البُخارِيّ» ، وجعلوا الفَرَبْريّ - كما قال ابن رشيد الفهري -: وسيلة المسلمين إلى

ص: 194

رسول الله صلى الله عليه وسلم في كتاب البُخارِيّ وحبلهم المتين. (1) اهـ.

وأسباب التفاوت بين الروايات والنسخ كثيرة جدًّا، يصعب حصرها، وهذه الأسباب ترجع إلى تفاوت الرواة في العدالة والضبط، بالإضافة إلى ما يحيط كل راوٍ وكل مرويٍّ من ظروفٍ وملاباساتٍ زمانيةٍ ومكانيةٍ، وهي بدورها تختلف من شخص لآخر.

ولذا أفردت مبحثًا خاصّاً بهذه الأسباب في الباب الثاني من هذه الرسالة.

ولقد جمعت النصوص التي تتحدث عن رِواية الفربري، وتحصل في النهاية توفر عدة أسباب، هي التي أعطت هذه المكانة لرِواية الفَرَبْريّ وتميزها عن غيرها.

ومن هذه الأسباب:

أولًا: عدالة الفَرَبْريّ وضبطه، وثناء العلماء عليه:

لا شك أن أول الأشياء التي ينبغي أن تتوفر في ناقل الخبر هو عدالته وثقته، حتى يكون خبره مقبولًا.

وسبق أن ذكرت ما يتعلق بأقوال العلماء في الفربري، ويكفي فيه قول ابن رشيد الفهري (721) هـ أنه عمدة المسلمين في كتاب البُخارِيّ. اهـ.

الأمر الثاني: كمال نسخته وعدم نقصانها:

من عوامل المفاضلة بين الروايات كمال الرِّواية وعدم نقصانها، فالإقبال على النسخة الأتم والأكمل أولى للرِّواية منها عن غيرها.

قال أبو علي الجَيّانيّ في «تقييد المهمل» (2): وروينا عن أبي الفضل

(1)«إفادة النصيح» ص: 10. وقول الفربري رواه الخطيب «تاريخه» 2/ 9، وابن أبي يعلى «طبقات الحنابلة» 2/ 250، وابن عساكر «تاريخ دمشق» 52/ 74.

(2)

1/ 62.

ص: 195

صالح بن محمد بن شاذان الأصبهاني، عن إبراهِيم بن مَعْقِل أن البُخارِيّ أجاز له آخر الديوان، من أول كتاب الأحكام إلى آخر ما رواه النَّسفي من «الجامع» لأن في رِواية إبراهيم النَّسفي نقصان أوراق من آخر الديوان عن رِواية الفَرَبْريّ: قد علَّمتُ على الموضع من كتابي، وذلك في باب قوله تعالى:{يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ} [الفتح: 15](1).

روى النَّسفي من هذا الباب تسعة أحاديث، آخرها بعض حديث عائشة في الإفك، ذكر منه البُخارِيّ كلمات استشهد بها، وهو التاسع من أحاديث الباب، خرجه عن حجاج، عن النميري، عن يونس، عن الزهري بإسناده، عن شيوخه، عن عائشة، وروى الفَرَبْريّ زائدًا عليه من أول حديث قتيبة: عن مغيرة، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: قَالَ: «يَقُولُ اللَّهُ: إِذَا أَرَادَ عَبْدِي أَنْ يَعْمَلَ سَيِّئَةً فَلَا تَكْتُبُوهَا» إلى آخر ما رواه الفَرَبْريّ عن البُخارِيّ من الديوان، وهو تسع أوراق من كتابي. اهـ.

وقال الخَطّابِيّ في «أعلام الحديث» (2): وقد سمعنا معظم هذا الكتاب من رِواية إبراهِيم بن مَعْقِل النَّسفي عنه، وسمعنا سائر الكتاب إلا أحاديث من آخره من طريق محمد بن يوسف الفَرَبْريّ. اهـ.

وقال برهان الدين الأبناسي (802) هـ في كتابه «الشذا الفياح من علوم ابن الصلاح» (3) وهو يعلق على قول ابن الصلاح في عدد أحاديث

(1) وهو الباب الخامس والثلاثون من آخر كتاب في «الجامع» وهو كتاب: التوحيد، وهو الحديث رقم (7500) من ترقيم الأستاذ محمد فؤاد عبد الباقي، ويكون ما تبقى له تقريبًا ثلاثة وستون حديثا.

(2)

1/ 105 - 106.

(3)

1/ 90.

ص: 196

«الصحيح» وهو قوله: قيل: أربعة آلاف حديث

قال: هذه رِواية الفَرَبْريّ وأما رِواية حماد بن شاكر فهو دونها بمائتي حديث، ودون هذه بمائة حديث، أي: رواية إبراهِيم بن مَعْقِل. اهـ.

وراجع أيضا «فتح المغيث» (1) للعراقي (806) هـ، و «فتح المغيث» (2) للسخاوي (902) هـ، و «فتح الباقي» (3) لشيخ الإسلام زكريا الأنصاري (926) هـ.

فهذه النصوص وغيرها تدل على أن أتم هذه الروايات هي رِواية الفَرَبْريّ، حيث تزيد على رِواية حماد بن شاكر بمائتي حديث، وتزيد على رِواية إبراهِيم بن مَعْقِل النَّسفي بثلاثمائة حديث، على ما ذكره كل من العراقي والأبناسي والسخاوي وشيخ الإسلام زكريا الأنصاري، وإلا فقد سبق أن ذكرت أن القطعة التي ذكرها الجَيّانيّ في إسناده لا تزيد على خمسة وستين حديثا، فالله أعلم.

الأمر الثالث: من الأمور التي تميزت بها رِواية الفَرَبْريّ صحة أصله الذي أخد منه:

ذكر أبو الوليد الباجي (474) هـ في كتابه «التعديل والتجريح» ما يدل على أن الفَرَبْريّ كان عنده أصل الجامع الذي كان بيد البُخارِيّ حيث قال: وقد أَخْبَرَنا أبو ذر عبد بن أحمد الهَرَويّ الحافظ رحمه الله ثنا أبو إسحاق المُسْتَمْلِيّ إبراهيم بن أحمد قال: انتسخت كتاب «البُخارِيّ» من أصله كان عند محمد بن يوسف الفَرَبْريّ. اهـ (4).

(1) ص: 16.

(2)

1/ 32.

(3)

ص: 60، 61.

(4)

1/ 310

ص: 197

ونقل هذا القول عن أبي الوليد الباجي ابنُ حجر في مقدمته «هدي الساري» (1)، وراجع أيضا «الفتح» (2).

ومن النقول التي نص فيها الفَرَبْريّ أنه اطَّلع على أصل البُخارِيّ ما ذكره القاضي عِياض (544) هـ في كتابه الذي لم يسبق إليه وهو «مشارق الأنوار» (3) وهو يذكر الخلاف في لفظة: (أبو شريح) قال: قال أبو شريح: كل شيء من البحر، كذا في أصل الأصيلي، وفي سائر النسخ: وقال شريح - صاحب النبي صلى الله عليه وسلم قال الفَرَبْريّ: كذا في أصل البُخارِيّ: (شريح).اهـ.

أي: بدون ذكر لفظة (أبو) ولذلك يقول ابن رشيد الفهري في كتاب «إفادة النصيح» (4): كان عنده أصل البُخارِيّ، ومنه نقل أصحاب الفَرَبْريّ، فكان ذلك حجة له عاضدة، وبصدقه شاهدة. اهـ.

فهذه النقول تدل على أن الفَرَبْريّ قد توفر له ما لم يتوفر لغيره من اقتنائه أصل البُخارِيّ الذي كان يحدث منه، ولا شك أن أصلًا كهذا لا يعدله أصل؛ فهو جامع بين السماع والكتابة من أصل البخاري.

الأمر الرابع: من الأمور التي ميزت رِواية الفَرَبْريّ على غيرها:

علو إسناده لبقائه مدة طويلة بعد البُخارِيّ:

من العوامل التي ساعدت على انتشار رِواية الفَرَبْريّ: تأخر وفاة الفَرَبْريّ، فقد مات رضي الله عنه لعشر بقين من شوال سنة عشرين وثلاثمائة وقد قارب التسعين عامًا.

وقد مات البُخارِيّ - رحمه الله تعالى - في مستهل شهر شوال من

(1) 1/ 8.

(2)

4/ 300.

(3)

1/ 182 (ط الملك حسن).

(4)

ص: 18.

ص: 198

شهور سنة ست وخمسين ومائتين.

لذا بقي الفَرَبْريّ بعد وفاة البُخارِيّ أربعة وستين عامًا، كان فيها مقصد العلماء والطلاب ممن يريدون سماع «الصحيح» عاليًا.

وبقاء الفَرَبْريّ هذه المدة بعد وفاة البُخارِيّ، كان له أهميته التي جعلت إسناده عاليًا إلى البُخارِيّ، ولا شك أن طلب الإسناد العالي من آداب المحدثين.

لذا نجد الفَرَبْريّ يقول: سمع كتاب «الصحيح» لمحمد بن إسماعيل تسعون ألف رجل، فما بقي أحد يرويه غيري.

وهذا القول من الفَرَبْريّ وإن لم يُسلم له، إلا أنه قاله على ما يعلم مما يدل على بقائه، حتى يظن أنه آخر من حدث عن البُخارِيّ رضي الله عنه.

الأمر الخامس: تكرار سماعه لـ «الصحيح» من البُخارِيّ:

قد سبق القول في مبحث سماع الفَرَبْريّ من البُخارِيّ أنه سمع «الصحيح» أكثر من مرة، فقد ذكر هو نفسه أنه سمعه من البُخارِيّ مرتين، مرة بفربر سنة ثمان وأربعين ومائتين، ومرة أخرى ببخارى سنة اثنتين وخمسين، وهناك بعض الروايات التي تدل على سماعه من البُخارِيّ سنة ثلاث وخمسين، كما جاء عن أبي زيد المَرْوَزيّ عند الجَيّانيّ، عن الفَرَبْريّ أنه سمعه في تلك السنة.

فإذا عرفنا أن هناك نصوصًا تدل على سماعه منه أيضًا سنة ثلاث وأربع وخمس وخمسين ومائتين، وتوفي البُخارِيّ بعد ذلك بسنة تبين لنا أهمية سماع الفَرَبْريّ لـ «الصحيح» في آخر حياة البُخارِيّ، مما يدل على أن نسخة الفَرَبْريّ وأصل البُخارِيّ الذي كان في يده، هو من آخر ما استقر عليه البُخارِيّ في «صحيحه» والله أعلم.

ص: 199

الطبقة الأولى من الرُّواة عن الفَرَبْريّ

قد ذكر الحافظُ ابنُ حجر - في الأسانيد التي روى «الصحيح» بها في أول «فتح الباري» (1) - من تلاميذ الفَرَبْريّ الذين رَوَوْا عنه «الجامع الصحيح» تسعةً، ثم ذكر أيضًا تلاميذ هؤلاء الأئمة الحُفّاظ التسعة الذين رَوَوْا «الجامع الصحيح» ، فبلغتْ عدتهم اثني عشر شيخًا، وهذه قائمة بأسماء هؤلاء الشيوخ والتلاميذ مرتبين كما ذكرهم ابن حجر مع زيادات تتعلق بالسماع من الفَرَبْريّ والتحديث بالصحيح (2):

1 -

الإمام الحافظ المجوِّد الكبير، أبو علي، سَعِيد بن عثمان بن سَعِيد بن السَّكن المصري البزَّاز، البغدادي الأصل المتوفى سنة (353) هـ

قال الحافظ الذَّهَبِيّ: سمع بخُراسان «صحيح البُخارِيّ» من محمد بن يوسف الفَرَبْريّ، فكان أولَ مَنْ جَلَبَ «الصحيح» إلى مصر، وحَدَّثَ به (3).

وروى عنه «الصحيح» : عبد الله بن محمد بن أسد الجُهني (395) هـ.

2 -

الإمام المحدث أبو إسحاق إبراهيم بن احمد بن إبراهيم بن أحمد بن داود البلخي، المُسْتَمْلِيّ (376) هـ.

كان سماعه لـ «الصحيح» سنة أربع عشرة وثلاثمائة.

وروى عنه «الصحيح» : الحافظ أبو ذرّ عَبْد بن أحمد الهَرَويّ (434)(4)، وعبد الرحمن بن عبد الله الهَمْداني (411).

3 -

أبو نصر أحمد بن محمد بن أحمد الأَخْسِيكَتي.

(1) 1/ 5 - 7.

(2)

وسيأتي الحديث عن هذه الروايات بالتفصيل فيما بعد.

(3)

«سير أعلام النبلاء» 16/ 117.

(4)

راوي «الصحيح» عن الثلاثة: المُسْتَمْلِيّ، والحَمُّوي، والكُشْمِيهَني.

ص: 200

وروى عنه «الصحيح» : إسماعيل بن إسحاق بن إسماعيل الصفّار الزاهد.

4 -

الشيخ الإمام المفتي، القدوة الزاهد، شيخ الشافعية، أبو زَيْد محمد بن أحمد المَرْوَزيّ (371) هـ

قال الخطيب البغدادي: خرج أبو زَيْد إلى مكة فَجاوَرَ بها، وَحَدَّثَ هناك بكتاب «صحيح البُخارِيّ» عن محمد بن يوسف الفَرَبْريّ، وأبو زَيْدٍ أَجَلُّ من رَوَى ذلك الكتاب.

وقال الذَّهَبِيّ: سُئل أبو زيد: متى لَقِيت الفَرَبْريّ؟ قال: سنة ثماني عشرة وثلاثمائة (1).

وروى عنه «الصحيح» : الحافظ أبو نعيم الأصبهاني (430)، والحافظ أبو محمد عبد الله بن إبراهيم الأصيلي (392)(2)، والإمام أبو الحسن علي بن محمد القابسي (403)(3).

5 -

الشيخ الثقة الفاضل، أبو علي، محمد بن عمر بن شَبُّويه الشَّبُّويي، المَرْوَزيّ (4) سمع «الصحيح» في سنة ستّ عشرة وثلاثمائة من أبي عبد الله

(1)«تاريخ بغداد» 1/ 314. و «سير أعلام النبلاء» 16/ 315، و «تقييد المهمل» 1/ 63.

(2)

قال أبو علي الجيَّاني: وكان سماع أبي محمد الأَصيلي وأبي الحَسَن بن القابسي على أبي زَيْدٍ المَرْوَزي واحدًا بمكة سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة، ثم سَمعه بعد ذلك أبو محمد ببغداد على أبي زيد المروزي في سنة تسع وخمسين وثلاثمائة. وَحَضَرَ مجلس أبي زَيْدٍ هذا: أبو بكر محمد ابن عبد الله بن صالح الأَبْهَرِي، وأبو عبد الله محمد بن أحمد بن مجاهد الطائي البصري. رأيتُ هذا مُقَيَّدًا بخطّ أبي محمدٍ في الجزء الأول من «الجامع» . «تقييد المهمل» 1/ 63.

(3)

قال الحافظ الذَّهَبِيّ: ضَبَطَ له بمكة «صحيح البُخَارِيّ» وحَرَّرّه وأتقنه رفيقُه الإمام أبو محمد الأصيلي. «سير أعلام النبلاء» 17/ 159.

(4)

قال الحافظ الذَّهَبِيّ: قال أبو بكر السمعاني: لما تُوفَي الشَبُوّي سمع الناس «الصحيح» من الكُشْمِيهَني. «سير أعلام النبلاء» 16/ 423.

ص: 201

الفَرَبْريّ، وحَدَّثَ بَمرْو بـ «الصحيح» في سنة ثمانٍ وسبعين وثلاثمائة على ما ذكر الذَّهَبِيّ في سير أعلام النبلاء.

وروى عنه «الصحيح» : سعيد بن أحمد بن محمد الصوفي العَيّار (457)(1)، وعبد الرحمن بن عبد الله الهَمْداني (411) أيضًا.

6 -

الإمام أبو أحمد، محمد بن محمد بن يوسف بن مكي، الجُرْجانيّ المتوفى سنة 373 أو 374 هـ

وروى عنه «الصحيح» : أبو نعيم (430) والقابسي (403) أيضًا.

7 -

الإمام المحدث الصدوق المسند، أبو محمد، عبد الله بن أحمد بن حمُّويه بن يوسف بن أعين، الحمُّويي خطيب سرخس (381) هـ (2).

سمع في سنة خمس عشرة وثلاثمائة «الصحيح» من الفَرَبْريّ. وروى عنه «الصحيح» : أبو ذرّ (434) أيضًا، وأبو الحسن عبد الرحمن بن محمد بن المُظَفَّر الدّاوُدِيّ (467)(3).

8 -

المحدث الثقة، أبو الهَيْثَم، محمد بن مكي بن محمد بن مكي بن زُراع الكُشْمِيهَني المتوفى سنة 389 هـ

وقد ذكر الكُشْمِيهَني أنه سمع الكتاب من الفَرَبْريّ بفِرَبْر في ربيع الأول سنة عشرين وثلاثمائة كما في «تقييد المهمل» فيكون سماع الكُشْمِيهَني من الفَرَبْريّ في السنة الأخيرة من حياة الفَرَبْريّ، قبيل وفاته

(1) ارتحل في سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة، فسمع «صحيح البُخَارِيّ» بَمرْوُ من محمد بن عُمر الشَبُوّي. «سير أعلام النبلاء» 18/ 86.

(2)

«سير أعلام النبلاء» 15/ 12، و «تقييد المهمل» 1/ 64.

(3)

سمع «الصحيح» من أبي محمد بن حَمُّويه السَّرْخَسي بُبوشَنْج، وتَفَرَّد في الدنيا بعُلُوِّ ذلك. «سير أعلام النبلاء» 18/ 223.

ص: 202

بسبعة أشهر، والله أعلم (1).

وروى عنه «الصحيح» : أبو ذر (434) أيضًا، وأبو سَهْل محمد بن أحمد الحَفْصيّ (ت 466)(2)، وكريمة بنت أحمد المَرْوَزيّة (463)(3).

9 -

وأبو علي إسماعيل بن محمد بن أحمد بن حاجب الكُشّانيّ (391) وهو آخرُ مَنْ حَدَّثَ بالصحيح عن الفَرَبْريّ (4).

وروى عنه «الصحيح» : أبو العباس جعفر بن محمد المُسْتَغْفريّ (432).

فهؤلاء الرُّواة عن الفَرَبْريّ عند ابن حجر.

10 -

محمد بن خالد بن الحسن الفَرَبْريّ (5)، فقد ذكر الخَطّابِيّ أنه روى «الصحيح» عن الفَرَبْريّ من طريقه، وذلك في أول شرحه على

(1)«تقييد المهمل» 1/ 64، و «سير أعلام النبلاء» 15/ 12.

(2)

قال أبو سَعْد السمعاني: صحيح السماع، سمع «الجامع الصحيح» عن أبي الهيثم الكُشْمِيهَني، وحمله نظام المُلْك أبو علي الوزير إلى نيسابور حتى حَدَّث بهذا الكتاب بها، وسمع منه أكثرُ علماء الوَقْت بنيسابور، وقُرئ عليه الكتاب في المدرسة النظامية. «(الأنساب» 4/ 196 - 197).

(3)

قال الحافظ الذَّهَبِيّ: كانت إذا رَوَتْ قَابَلَتْ بأصلها، ولها فَهْمٌ ومعرفة مع الخير والتعبُّد. روت «الصحيح» مرات كثيرة، مرّةً بقراءة أبي بكر الخطيب في أيام الموسم، وماتت بِكْرًا لم تتزوج أبدًا.

قال أبو الغنائم النَّرْسي: أخرجتْ كريمةُ إليَّ النسخة بـ «الصحيح» ، فقعدتُ بحذائها، وكتبتُ سبع أوراق، وقرأتها، وكنت أُرِيدُ أنْ أُعَارِضَ وحدي، فقالت: لا، حتى تُعَارِضَ معي، فعَارَضْتُ معها. «سير أعلام النبلاء» 18/ 233 - 234.

(4)

سمعه في سنة عشرين وثلاثمائة، وهو آخر من روى «صحيح البُخَارِيّ» عاليًا. «سير أعلام النبلاء» 16/ 481.

(5)

ترجمته في «تكملة الإكمال» 4/ 547.

ص: 203

«الصحيح» المسمى «أعلام الحديث» (1).

ورواه عنه الإمام عبد الواحد بن أحمد، أبو عمر المليحي الهروي

11 -

الإمام المسند أبو حامد أحمد بن عبد الله بن نعيم النُّعَيميّ السَّرْخَسي (2)، نزيل هراة، المتوفى في ربيع الأول من سنة ست وثمانين وثلاثمائة وهو في عشر التسعين.

12 -

حفيد الفَرَبْريّ أبو محمد أحمد بن عبد الله بن محمد بن يوسف الفَرَبْريّ (371).

قال السَّمْعاني في الأنساب (3) يروي عن جده كتاب «الجامع الصحيح» روى عنه غُنْجار، وتوفي في سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة. اهـ.

13 -

والإمام الفقيه أبو بكر محمد بن أحمد بن متّ السمرقندي الإشتيخني (4) ورواه عنه أبو نصر الدّاوُدِيّ (5).

14 -

أبو لقمان يحيى بن عمار الختلاني.

ذكره الكاندهلوي في مقدمة «شرح صحيح البخاري» المسمَّى «لامع الدراري» .

فتحصل من كل ذلك أربعة عشر راويًا عن الفَرَبْريّ، والله أعلم،

(1) 1/ 106.

(2)

«سير أعلام النبلاء» 16/ 488.

وأيضًا: «التقييد» (164)، و «إفادة النصيح» و «الوافي بالوفيات» 7/ 111، و «شذرات الذهب» 3/ 119.

(3)

مادة الفَرَبري 4/ 359

(4)

بكسر الألف وسكون الشين المعجمة وكسر التاء وفتح الخاء - وإشتيخن المنسوب إليها قرية كبيرة بسمرقند «الأنساب» 1/ 260 - 261

(5)

ذكر ذلك السمعاني في «الأنساب» 1/ 260، 261.

ص: 204

وسيأتي تفصيل ذلك.

وانظر الجدول الخاص بالرواة عن الفربري.

ص: 205