المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الثانيرواية أبي زيد المروزي (371) ه - روايات الجامع الصحيح ونسخه «دراسة نظرية تطبيقية» - جـ ١

[جمعة فتحي عبد الحليم]

فهرس الكتاب

- ‌حول ألفاظ عنوان الرسالة

- ‌1 - الاختلاف:

- ‌2 - الرواية:

- ‌3 - النسخة:

- ‌الاختلاف في تسمية «صحيح البخاري»

- ‌الدراسات السابقة التي تناولت الموضوع

- ‌تمهيد

- ‌المحور الأول:وضع المحدثين ضوابط وآداب لتحمل الرواية(التحمل والأداء)

- ‌أولًا: التحمل

- ‌سن التحمل:

- ‌ السماع من لفظ الشيخ

- ‌القراءة على الشيخ أو العرض

- ‌ثانيًا: الأداء

- ‌1 - طرق الأداء:

- ‌2 - آداب الرواية (أي: الأداء):

- ‌3 - حالات الإمساك عن الأداء:

- ‌4 - شروط الأداء:

- ‌المحور الثاني:وضع المحدثين ضوابط لضبط الكتاب وتقييده والحفاظ عليه

- ‌كتابة الحديث وكيفية ضبطه

- ‌ في كتابة الحديث وكيفية ضبط الكتاب وتقييده:

- ‌الباب الأول«طبقات الرُّواة»

- ‌تمهيد

- ‌الفَصْل الأول«طبقات الرُّواة عن البُخارِيّ»

- ‌المبحث الأولرواية إبراهِيم بن مَعْقِل النَّسفي (295) ه

- ‌المبحث الثانيرواية حماد بن شاكر النَّسفي (311) ه

- ‌المبحث الثالثرِواية أبي عبد الله الفَرَبْريّ (231 - 320) ه

- ‌المبحث الرابعباقي الرُّواة عن البُخارِيّ

- ‌رواية أبي طلحة البّزدوي (329) ه

- ‌رِواية أبي عبد الله المحاملي (330) ه

- ‌الفَصْل الثاني«الرُّواة عن الفَرَبْريّ»

- ‌المبحث الأولرِواية أبي علي بن السَّكن (294 - 353) ه

- ‌المبحث الثانيرِواية أبي زيد المَرْوَزيّ (371) ه

- ‌المبحث الثالثرِواية أبي إسحاق المُسْتَمْلِيّ (376) ه

- ‌المبحث الرابعرِواية أبي محمد الحَمُّوييّ (381) ه

- ‌المبحث الخامسرِواية أبى الهيثم الكُشْمِيهَني (389) ه

- ‌المبحث السادسباقي الروايات عن الفربري

- ‌ رِواية حفيد الفَرَبْريّ (371) ه

- ‌ رِواية أبي أحمد الجرجاني (373) ه

- ‌ رِواية ابن شَبُّويه (378) ه

- ‌ رِواية النُّعَيميّ (386) ه

- ‌ رِواية الإشتيخني (381) ه

- ‌ رِواية أبي علي الكُشّانيّ (391) ه

- ‌ رِواية الأَخْسِيكَتي (346) ه

- ‌ رِواية محمد بن خالد الفَرَبْريّ

- ‌ رواية أبي لقمان يحيى بن عمار الختلاني

- ‌الفَصْل الثالث«أشهر الروايات بين العلماء حتى القرن السادس الهجري»

- ‌المبحث الأولرِواية أبي ذر الهَرَويّ (434) ه

- ‌المطلب الأولترجمة أبي ذر الهَرَويّ

- ‌المطلب الثانيرِواية أبي ذر الهَرَويّ (434) ه

- ‌المطلب الثالثالنسخ الموجودة من رِواية أبي ذر الهَرَويّ

- ‌المبحث الثانيرِواية الأَصِيلي (392) ه

- ‌المبحث الثالثرِواية أبي الوَقْت (553) ه

- ‌المبحث الرابعرِواية كريمة المَرْوَزيّة (463) ه

- ‌خاتمة الباب الأول

- ‌الباب الثاني«الاختلاف بين الروايات»

- ‌الفصل الأول:صور الاختلافات

- ‌أولًا: السياق العام للكتاب

- ‌ثانيًا: اختلافات في أسانيد الأحاديث وهي أنواع:

- ‌ثالثًا: الاختلافات الواردة في متون الأحاديث: وهي أنواع:

- ‌رابعًا: الاختلافات الواقعة في الأبواب والتراجم والمعلقات:

الفصل: ‌المبحث الثانيرواية أبي زيد المروزي (371) ه

‌المبحث الثاني

رِواية أبي زيد المَرْوَزيّ (371) ه

ـ

اسمه ونسبه (1):

هو محمد بن أحمد بن عبد الله بن محمد، أبو زيد، المَرْوَزيّ، الفاشاني، الإمام المفتي القدوة الزاهد، شيخ الشافعية، راوي «الصحيح» عن الفَرَبْريّ.

والمَرْوَزيّ نسبة إلى مرو، والفاشاني نسبة إلى فاشان - بفاء مفتوحة ثم ألف ثم شين معجمة ثم ألف ثم نون - وهي إحدى قرى مرو.

قال عن نفسه: ولدت سنة إحدى وثلاثمائة.

شيوخه: حدث ببغداد وبنيسابور ودمشق ومكة عن:

محمد بن يوسف الفَرَبْريّ، وعمر بن عَلَّك المَرْوَزيّ، ومحمد بن عبد الله السَّعْدي، وأبي العباس محمد بن عبد الرحمن الدَّغولي، وأحمد بن محمد المُنْكدري وأخذ الفقه عن أبي إسحاق المَرْوَزيّ.

تلاميذه: أكثر الفقيه أبو زيد المَرْوَزيّ الترحال؛ فسمع منه الكثيرُ من العلماء ببغداد ونيسابور ودمشق ومكة.

وممن اشتهر برِواية «الصحيح» عنه: عبد الله بن إبراهيم الأصيلي (392) هـ - وهو من أجلّ الرُّواة عنه - وأبو الحسن علي بن محمد بن خلف المعافري القابسي (403) هـ، والحافظ أبو نعيم الأصبهاني (430) هـ،

(1) ينظر ترجمته في: «تاريخ بغداد» 1/ 314، و «الأنساب» 10/ 133 - 134، و «التقييد» ص: 51 (25)، و «اللباب في تهذيب الأنساب» 2/ 407، و «وفيات الأعيان» 4/ 208 (581)، و «تاريخ الإسلام» 26/ 503 - 505، و «سير أعلام النبلاء» 16/ 313 - 315 (221)، و «الوافي بالوفيات» 2/ 71 (375)، و «الطبقات الكبرى» للسبكي 3/ 71 - 77 (110) وغير ذلك

ص: 250

وعبدوس الطُليطلي (390) هـ، وغيرهم (1).

وحدث عنه الإمام أبو عبد الله الحاكِم (405) هـ وترجم له في «تاريخ نيسابور» ، والإمام أبو الحسن الدارقطني (385) هـ، وأبو عبد الرحمن السُّلَمي، وأبو بكر البرقاني، ومحمد بن أحمد المحاملي البغدادي، وعلي بن السمسار، وغيرهم.

ثناء العلماء عليه:

لقد كان الفقيه أبو زيد المَرْوَزيّ أحد الأئمة الأعلام وأحد شيوخ الإسلام، كان وحيد زمانه، وفريد عصره وأوانه، حافظًا للمذهب الشافعي، إمامًا فيه، مشهورًا بالزهد والورع إلى جانب ما حباه الله به من روايته لـ «صحيح البُخارِيّ» .

قال الحاكِم: كان أحد أئمة المسلمين، ومن أحفظ الناس للمذهب، وأحسنهم نظرًا وأزهدهم في الدنيا، سمعت أبا بكر البزاز يقول: عادلت الفقيه أبا زيد من نيسابور إلى مكة فما أعلم أن الملائكة كتبت عليه خطيئة (2).

وقال الخطيب: وكان أحد أئمة المسلمين، حافظًا لمذهب الشافعي، حسن النظر، مشهورًا بالزهد والورع، ورد بغداد وحدث بها فسُمع منه .. وخرج أبو زيد إلى مكة فجاور بها وحدث هناك بكتاب «صحيح البُخارِيّ» عن محمد بن يوسف الفَرَبْريّ، وأبو زيد أجلّ من روى ذلك الكتاب (3).

وقال فيه الذَّهَبِيّ: الشيخ الإمام المفتي القدوة الزاهد شيخ الشافعية (4).

(1) وينظر ذلك في شجرة الإسناد الخاصة به.

(2)

«سير أعلام النبلاء» 16/ 313.

(3)

«تاريخ بغداد» 1/ 314.

(4)

«سير أعلام النبلاء» 16/ 313.

ص: 251

وقال فيه تاج الدين السبكي (771) هـ، قال: وكان ممن أجمع الناس على زهده، وورعه، وكثرة علمه، وجلالته في العلم والدين (1) اهـ.

وأقوال العلماء فيه كثيرة، وما ذكرته فيه كفاية لبيان مكانة الرجل.

وكان - رحمه الله تعالى - كثير الترحال، وجاور بمكة سبعة أعوام، وكان فقيرًا يقاسي البرد، مع قسوته في تلك البلاد، فإذا قيل له في ذلك، قال: بي علة تمنعنى من لبس المحشو. أي: الجُبة، ويقصد بالعلة الفقر، وكان لا يشتهي أن يُطلع أحدًا على باطن حاله، ثم أقبلت عليه الدنيا في آخر عمره، وقد أسن وتساقطت أسنانه، فكان لا يتمكن من المضغ وبطلت منه حاسة الجماع، فكان يقول مخاطبًا للنعمة: لا بارك الله فيك! أقبلت حين لا ناب ولا نصاب (2).

وأبو زيد المَرْوَزيّ رحمه الله يعرف بصاحب الرؤيتين؛ لأنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم مرتين:

أما الرؤيا الأولى: فرواها الذَّهَبِيّ بإسناده إلى أبي سهل محمد بن أحمد المَرْوَزيّ يقول: كنت نائمًا بين الركن والمقام، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا أبا زيد إلى متى تدرس كتاب الشافعي ولا تدرس كتابي؟ فقلت: يا رسول الله، وما كتابك؟ فقال: جامع محمد بن إسماعيل البُخارِيّ (3).

وقد تكون هذه الرؤية هي التي جعلته يصرف عنايته إلى سماع «الصحيح» والعناية به.

(1)«طبقات الشافعية الكبرى» 3/ 71 - 77 (110).

(2)

ينظر «وفيات الأعيان» 4/ 208 (581)، و «سير أعلام النبلاء» 16/ 313 - 314، و «تاريخ دمشق» 51/ 67.

(3)

«سير أعلام النبلاء» 16/ 314 - 315، «تاريخ الإسلام» 26/ 504.

ص: 252

وأما الرؤيا الثانية: قال الحاكِم: سمعت أبا الحسن محمد بن أحمد الفقيه يقول: سمعت أبا زيد المَرْوَزيّ يقول: لما عزمت على الرجوع إلى خراسان من مكة، تقسَّم قلبي بذلك، وكنت أقول: متى يمكنني هذا، والمسافة بعيدة، والمشقة لا أحتملها، وقد طعنت في السن! فرأيت في المنام كأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد في صحن المسجد الحرام، وعن يمينه شاب، فقلت: يا رسول الله، قد عزمت على الرجوع إلى خراسان، والمسافة بعيدة، فالتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الشاب، وقال: يا روح الله اصحبه إلى وطنه.

قال أبو زيد: فأريت أنه جبريل عليه السلام، فانصرفت إلى مرو، ولم أحس بشيء من مشقة السفر هذا أو نحوه. [قال الحاكم:] فإني لم أراجع المكتوب عندي من لفظ أبي الحسن (1). اهـ.

وفاته: توفي بمرو في يوم الخميس ثالث عشر رجب سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة، فرحمه الله رحمة واسعة.

(1) نقلًا عن «طبقات الشافعية الكبرى» للسبكي 3/ 73، وينظر «تاريخ دمشق» 51/ 68.

ص: 253

روايته لـ «الصحيح»

روى أبو زيد المَرْوَزيّ (371) هـ «صحيح البُخارِيّ» ، عن الفَرَبْريّ (320) هـ، عن البُخارِيّ رحمهم الله تعالى.

واشتهرت رِواية أبي زيد حتى اعتبرها كثير من العلماء أنها أجلّ رِوايات «الصحيح» نظرًا لجلالة أبي زيد ومكانته بين العلماء، فقد سبق بيان ثناء العلماء عليه وكثرة أتباعه من العلماء؛ حتى أن كبار العلماء في عصره قد رووا عنه وسمعوا منه، ومنهم: أبو عبد الله الحاكِم (405) هـ، وأبو الحسن الدارقطني (385) هـ، وأبو نعيم الأصبهاني (430) هـ وغيرهم.

فهذا الحاكِم والخطيب وعبد الكريم السَّمْعاني وابن الأثير كلهم يقولون: حدث أبو زيد ببغداد، ثم جاور بمكة، وحدث هناك بـ «الصحيح» وهو أجلّ من رواه.

وكان سماع أبي زيد المَرْوَزيّ مبكرًا جدًّا، حيث رُوي عن أبي محمد الأصيلي (392) هـ أنه قال: سألت أبا زيد المَرْوَزيّ عن مولده، فقال: ولدت سنة إحدى وثلاثمائة.

فقلت له: في أي سنة لقيت الفَرَبْريّ؟ فقال: في سنة ثماني عشرة وثلاثمائة (1).

وعلى ذلك فيكون سماعه لـ «الصحيح» من الفَرَبْريّ وعنده تسع عشرة سنة، فإذا علمنا أنه شاخ وعمَّر حتى جاوز السبعين تبين لنا علو إسناد المَرْوَزيّ عن غيره، حيث توفي سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة؛ ولذلك يقول السَّمْعاني (2): وما دام بمرو من الأحياء ما كان يُقْرا على غيره؛ لفضله

(1)«تقييد المهمل» 1/ 63.

(2)

«الأنساب» 10/ 134.

ص: 254

وعلمه وإتقانه. اهـ

ومع أن أبا زيد المَرْوَزيّ شاخ وكبر واشتهر بالعلم والفقه والحديث، وحدث بـ «الصحيح» في مكة وبغداد وغيرهما من بلاد المشرق، إضافة إلى أنه أَجَلُّ من روى «الصحيح» عن الفَرَبْريّ؛ إلا أن الرِّواية عنه لم تشتهر إلا من خلال الرُّواة المغاربة كأبي محمد عبد الله بن إبراهيم الأصيلي (392) هـ، وأبي الحسن علي بن محمد القابسي (403) هـ.

ولذلك نجد تاج الدين السبكي (771) هـ (1) يقول _بعد أن نقل قول الحاكِم والخطيب: أبو زيد أجل من روى الكتاب. يقول: وعجبت من إغفال الحاكِم سماع «صحيح البُخارِيّ» منه إن كان أغفله، ثم عجبت من إغفال الناس أخذه عن الحاكِم إن كان لم يغفله. اهـ

قلت (الباحث): وإذا كانت رِواية أبي زيد اشتهرت عند المغاربة؛ إلا أنها عرفت كذلك عند المشارقة، كما هو واضح من رِواية أبي نعيم الأصبهاني، وغير واحد منهم ممن نقل ابن عساكر أن لهم رِواية عن أبي زيد، كما هو موضح في جدول الإسناد الخاص بأبي زيد المَرْوَزيّ.

(1)«طبقات الشافعية» 3/ 71 - 77.

ص: 255

الرُّواة عن أبي زيد

بالتتبع والاستقراء لتراجم العلماء استطعت الوقوف على بعض الرُّواة عن أبي زيد المَرْوَزيّ، وها هي أسماؤهم مع بعض ما وقفت عليه من نقول تتعلق بهذا الشأن.

الراوي الأول: هو الحافظ الثبت العلامة عبد الله بن إبراهيم بن محمد الأصيلي وسيأتي الحديث عن روايته في أشهر الروايات.

الراوي الثاني: أبو الحسن القابسي (403) هـ (1).

هو الإمام الحافظ الفقيه العلامة عالم المغرب أبو الحسن علي بن محمد بن خلف المعافري القيرواني القابسي المالكي.

والقابسي نسبة إلى قابس، وهي مدينة بإفريقية بين الإسكندرية والقيروان. كانت ولادته سنة أربع وعشرين وثلاثمائة.

حج وسمع من حمزة بن محمد الكناني الحافظ وأبي زيد المَرْوَزيّ وابن مسرور الدباغ بإفريقية.

كان عارفًا بالعلل والرجال والفقه والأصول والأحكام، مصنفًا، يقظًا دينًا تقيًا، وكان ضريرًا، وهو من أصح العلماء كتبًا، كتب له ثقات أصحابه، وضَبط له بمكة «صحيح البُخارِيّ» وحرره وأتقنه رفيقه الإمام أبو محمد الأصيلي، وكان ذلك سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة كما ذكر الجَيّانيّ (2).

وممن أخذ عنه: أبو عمران الفاسي، وأبو القاسم الأطرابلسي، وغيرهما.

(1) ينظر في ترجمته «وفيات الأعيان» 3/ 230 - 322، «تذكرة الحفاظ» 3/ 1079 - 1080، و «سير أعلام النبلاء» 17/ 158 - 161 (99) وغيرهم.

(2)

«تقييد المهمل» 1/ 63.

ص: 257

ألف كتبًا كثيرة منها كتاب «الممهد» في الفقه، و «أحكام الديانات» وغير ذلك.

توفي في ربيع الآخر بمدينة القيروان سنة ثلاث وأربعمائة.

وعرفت روايته في بلاد المغرب وشمال إفريقية، وممن وقفت على رِوايتهم عنه:

1 -

أبو القاسم حاتم بن محمد بن عبد الرحمن بن الطرابلسي أو الإطرابلسي.

ومن طريقه اتصلت رِواية القابسي إلى أبي علي الجَيّانيّ (498) هـ ومن طريق أبي علي إلى عبد الحق بن عطية (541) هـ (1) وإلى ابن حجر العسقلاني (852) هـ وعن ابن حجر إلى القَسْطَلّانِيّ (923) هـ كما في مقدمتي شرحيهما.

2 -

أبو عمران موسى بن عيسى بن حاج الفاسي الغُفْجُومي (430) هـ.

وروى عن الأصيلي أيضًا، ومن طريقه اتصلت رِواية القابسي بالقاضي عِياض (544) هـ (2).

3 -

المهلب بن أبي صفرة (435) هـ، ومن طريقه رواه القاضي عِياض (544) هـ (3).

4 -

أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد الحضرمي المالكي اللبيدي المتوفى سنة أربعين وأربعمائة (4) ومن طريقه إلى القاضي عِياض (544) هـ (5).

(1)«الفهرست» ص: 46 - 47.

(2)

«مشارق الأنوار» 1/ 37 - 38.

(3)

«مشارق الأنوار» 1/ 37 - 38.

(4)

«السير» 17/ 623 - 624.

(5)

«مشارق الأنوار» 1/ 37 - 38

ص: 258

الراوي الثالث: أبو نعيم الأصبهاني (430) هـ:

اسمه ونسبه (1): هو أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق بن موسى ابن مهران المهراني الأصبهاني.

ولد أبو نعيم في مشرق أيام رجب عام ست وثلاثين وثلاثمائة.

وذكر الحافظ الذَّهَبِيّ أن العلماء قد أجازوا له وعمره ست سنوات، فأجاز له من واسط: المعمر عبد الله بن عمر بن شوذب، ومن نيسابور شيخها أبو العباس الأصم، ومن الشام شيخها خيثمة بن سليمان الأطرابلسي ومن بغداد جعفر الخُلْدي (2) وغيرهم كثير كلهم من أكابر العلماء ورءوس العلم.

شيوخه: بدأ أبو نعيم طلب العلم في سن مبكرة حتى أجيز في سن السادسة من عمره، بالإضافة إلى رغبته الشديدة في لقاء العلماء حتى تهيأ له ما لم يتهيأ لغيره.

قال الذَّهَبِيّ: وتهيأ له من لُقيا الكبار ما لم يقع لحافظ (3).

وقد تفرد بالسماع والإجازة من علماء، وممن سمع منهم أبو نعيم مسند أصبهان المعمّر أبو محمد بن فارس وأبو أحمد العسال، وأحمد بن محمد القصار، وأبو بكر الآجري، وأبو أحمد الحاكِم وغيرهم.

تلاميذه:

أخذ عن أبي نعيم جمع كبير من العلماء ممن أصبح لهم شأن كبير

(1) ينظر ترجمته في «وفيات الأعيان» لابن حلكان 1/ 91، «سير أعلام النبلاء» 17/ 453، «تذكرة الحفاظ» 3/ 1092 (993)، «طبقات الشافعية» للسبكي 4/ 18 - 25 (253)، «النجوم الزاهرة» 5/ 30، «شذرات الذهب» 3/ 245 وغيرها.

(2)

«تذكرة الحفاظ» 3/ 1092.

(3)

«تذكرة الحفاظ» 3/ 1093.

ص: 259

منهم: الحافظ الخطيب البغدادي، وأبو صالح المؤذن، وأبو بكر بن إبراهيم العطار وغيرهم.

أقوال العلماء فيه:

اجتمعت لأبي نعيم أسباب كثيرة جعلته ينال مكانة عظيمة بين أقرانه، قال ابن خلكان في «وفيات الأعيان»: كان أبو نعيم من أعلام المحدثين وأكابر الحفاظ الثقات.

أما الحافظ الذَّهَبِيّ فقد أطلق عليه محدث العصر فقال: أبو نعيم الحافظ الكبير، محدث العصر .. رحلت الحفاظ إلى بابه؛ لعلمه وحفظه وعلو أسانيده.

ويقول الخطيب البغدادي: لم أر أحدًا أطلق عليه اسم الحافظ غير أبي نعيم، وأبي حازم العبدري.

ومما يدل على مكانة الرجل العلمية أن له مؤلفات وتصانيف كثيرة عظيمة النفع منها: «حلية الأولياء وطبقات الأصفياء» ، «دلائل النبوة» ، و «ذكر أخبار أصبهان» ، و «طبقات المحدثين» ، و «معرفة الصحابة» ، و «المستخرج على البُخارِيّ» ، و «المستخرج على مسلم» .. وغير ذلك.

وفاته: امتدت حياة أبي نعيم الأصبهاني أربعة وتسعين عامًا حتى وافته منيته يوم الاثنين الحادي والعشرين من محرم سنة ثلاثين وأربعمائة، وقيل: في صفر، وقيل: تسع وعشرون وأربعمائة.

ورِواية أبي نعيم الأصبهاني رواها عنه:

أبو علي الحسن بن أحمد الحداد، مسند عصره، وشيخ أصبهان في القراءات والحديث، المتوفى سنة خمس عشرة وخمسمائة وقد قارب

ص: 260

المائة (1).

ومن طريق أبي علي الحداد هذا اتصلت رِواية أبي نعيم الأصبهاني عن أبي زيد المَرْوَزيّ إلى:

ابن حجر العسقلاني كما جاء في «مقدمة الفتح» .

كما اتصلت إلى القَسْطَلّانِيّ في «إرشاد الساري» كما جاء في «مقدمته» (2).

ولقد وقفت على رواة آخرين ذكرت روايتهم عن أبي زيد ل «الصحيح» ، ومنهم:

1 -

الحسين بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن الخطاب بن عمر بن الخطاب بن زياد بن الحارث بن زيد بن عبد الله، مولى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، يكنى أبا عبد الله، ويعرف بالعمري.

روى عن أبي زيد محمد بن أحمد المَرْوَزيّ الفقيه عن محمد بن يوسف الفَرَبْريّ عن البُخارِيّ كتاب «الصحيح» .

كان يسكن في جوار أبي حامد الإسفراييني بقطيعة الربيع (3).

2 -

أبو الحسين، عبد الوهاب بن جعفر بن علي، الدمشقي، ابن الميداني

روى عن: أبي علي بن هارون، وأحمد بن محمد بن عمارة، وأبي

(1) ينظر ترجمته في «سير أعلام النبلاء» 19/ 303 - 307، و «شذرات الذهب» 4/ 47.

(2)

1/ 155 - 158.

(3)

«تاريخ بغداد» 8/ 12 (4050).

وقطيعة الربيع هي بالكرخ من بلاد العراق وهي منسوب إلى الربيع بن يونس صاحب المنصور ومولاه.

انظر: «معجم البلدان» 4/ 377.

ص: 261

عبد الله بن مروان، والحسين بن أحمد بن أبي ثابت، وأبي بكر بن أبي دجانة، وأبي عمر بن فضالة وخلق بعدهم وعني بالرِّواية والإكثار.

روى عنه: أبو علي الأهوازي، وأبو سعد السمان، وعبد العزيز الكتاني، وأبو القاسم بن أبي العلاء، وأحمد بن قبيس المالكي، وطائفة.

قال الكتاني: ذكر أنه كتب بمائة رطل حبر، احترقت كتبه وجددها ثم قال: كان فيه تساهل، واتهم في ابن هارون.

توفي في جمادى الأولى سنة ثماني عشرة وأربعمائة عن ثمانين سنة، وذكر ابن عساكر في ترجمته لأبي زيد المَرْوَزيّ فيمن روى عنه «صحيح البُخارِيّ» عبد الوهاب الميداني (1).

3 -

عبد الواحد بن أحمد بن محمد بن يوسف، أبو محمد بن شماس الهمداني الدمشقي حدث بـ «صحيح البُخارِيّ» عن أبي زيد المَرْوَزيّ.

وحدث عن علي بن يعقوب بن أبي العقب، والحسين بن أحمد بن أبي ثابت.

روى عنه: علي بن الخضر، وأبو سعد السمان، وعبد العزيز الكتاني، وعلي بن محمد بن شجاع، وجماعة.

قال الكتاني: سمّعه أبوه الحديث، ولم يكن الحديث من شأنه.

توفي أبو محمد عبد الواحد بن أحمد بن أحمد بن شماس يوم السبت مستهل شهر رمضان سنة تسع عشرة وأربعمائة.

سمُّعه والدُه شيئًا كثيرًا حدث بكتاب «الجامع الصحيح» للبخاري عن أبي زيد، وحدث عن علي بن يعقوب بن أبي العقب وغيره، وكان سماعه صحيحًا غير أن الحديث لم يكن من صنعته، وذكر أبو بكر محمد بن علي

(1) ينظر: «سير أعلام النبلاء» 17/ 499، «تاريخ دمشق» 51/ 67.

ص: 262

بن موسى الجداد أنه مات سنة ثماني عشرة، والله أعلم. وذكر أبو علي الأهوازي أنه مات في شعبان سنة عشرين وأربعمائة ودفن بباب (1) الصغير.

4 -

الشيخ الجليل، المسند العالم، أبو الحسن علي بن موسى بن الحسين، ابن السمسار الدمشقي.

حدث عن أبي زيد المَرْوَزيّ وروى عنه «الصحيح» ، كما حدث عن أبيه وأخيه المحدث أبي العباس موسى، وأخيه الآخر أحمد، وأبي عمر بن فضالة، والدارقطني، وروى عن خلقٍ كثير، وكان مسند أهل الشام في زمانه.

روى عنه: عبد العزيز الكتاني، وأبو نصر بن طلاب، وأبو القاسم المصيصي، والحسن بن أحمد بن أبي الحديد، والفقيه نصر بن إبراهيم، وسعد بن علي الزنجاني، وآخرون.

قال الكتاني: كان فيه تشيع وتساهل.

وقال أبو الوليد الباجي: فيه تشيع يفضي به إلى الرفض، وهو قليل المعرفة، في أصوله سقم.

قال الذَّهَبِيّ: ولعل تشيعه كان تقية لا سجية، فإنه من بيت الحديث، ولكن غلت الشام في زمانه بالرفض، بل ومصر والمغرب بالدولة العبيدية، بل والعراق وبعض العجم بالدولة البويهية، واشتد البلاء دهرًا، وشمخت الغلاة بأنفها (2).

ولقد وقفت على بعض الأحادث من روايته عن أبي زيد المروزي،

(1)«تاريخ دمشق» 37/ 202، و «تاريخ الإسلام» 28/ 465.

(2)

ينظر ترجمته في «ميزان الاعتدال» 4/ 78 (5953)، و «المغني في الضعفاء» 2/ 456، و «لسان الميزان» 5/ 105 (5987)، و «شذرات الذهب» 3/ 252، و «سير أعلام النبلاء» 17/ 506، و «معجم البلدان» 2/ 273.

ص: 263

رواها عنه أبو عبد الله محمد بن سلامة المعروف بالقضاعي (454) هـ، وذلك في كتابه «مسند الشهاب» (1).

5 -

عبدوس بن محمد بن عبدوس، أبو الفرج الطليطلي، سمع ببلده من تمام ابن عبد الله، ورحل مرتين، فسمع من الآجري، وأبي العباس الكندي، وحمزة بن محمد الكتاني، وأبي زيد المَرْوَزيّ.

وكان زاهدًا، ورعًا، فقيرًا، متقللًا، سمع منه الناس كثيرًا، وكان ثقة، حسن الضبط. توفي في ذي القعدة سنة 390 هـ (2).

(1) 1/ 36 (2)، 41 (10)، 61 (43)، 63 (49)، 70 (61)، 98 (110)، وغير ذلك كثير يتناوب الخمسين موضعًا وهي تصلح للمقارنة بين هذه الرواية وغيرها من الروايات.

(2)

«تاريخ الإسلام» 27/ 201.

ص: 264

وصف القطعة الموجودة من نسخة أبي زيد

لم يصل من رواية أبي زيد - فيما وقفت عليه - إلا عدة ورقات من مجموعة منجانا، وكتاب «النصيح» للمهلب بن أبي صفرة الذي روى «صحيح البخاري» فيه عن شيخه أبي محمد الأصيلي عن أبي زيد، وجعل هذه الرواية عمدته، وعضدها بروايته عن القابسي عن أبي زيد، وعن أبي ذر عن شيوخه الثلاثة.

وهذه النسخة وقف عليها الدكتور فارس السلوم وكتب عنها وصفًا استفدت منه في وصف هذه النسخة.

هذه النسخة - نسخة أبي زيد - الموجود منها اثنتان وخمسون ورقة، ثبت في الورقة الأولى ما صورته:

الجزء الثاني من «الجامع الصحيح المسند، من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه» تصنيف أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري.

وهذا الجزء الذي بين أيدينا يبدأ بكتاب الزكاة، ثم كتاب الصوم، ونبه المصعولي في هامش كتاب الصوم إلى أن نسخة أبي الوقت تخالف نسخة أبي زيد في الترتيب، وأن كتاب الحج متقدم فيها.

وفي كتاب الصوم سقط كبير من النسخة، ففي آخر اللوحة الأولى من ورقة (45): باب الصوم من آخر الشهر، ثم ساق إسناد حديث عمران بن الحصين.

وفي اللوحة التي تليها: باب من أين يدخل مكة، وهذا من كتاب الحج.

وآخر النسخة: باب من لم يقرب الكعبة ولم يطف.

وقد بدأ الناسخ أول الجزء بالتصريح بالسماع من أبي زيد، وكذلك

ص: 265

أوائل الكتب، وهذا ما أعلمنا بنسب النسخة وإسنادها وقدمها.

قال أول الجزء: أخبرنا أبو زيد محمد بن أحمد قال: حدثنا محمد بن يوسف قال: أخبرنا البخاري.

ثم يبدأ في أول إسناد كل حديث بقوله: أخبرنا البخاري قال .. ولم يتضح من هو كاتب النسخة، ولا يوجد في النسخة ما يدل عليه، إلا أنه متقن للغاية، فقد قابلها وراجعها، كما تدل على ذلك التصحيحات على هامش النسخة، والعلامات الدالة على بلوغ المقابلة.

ولم يعرف تاريخ نسخها إلا أن السماعات والأسانيد المثبتة على طرة النسخة، والتملكات في أولها قد دلت على الحقبة التي تلي كتابتها، وبشكل عام فإن الخط أشبه ما يكون بخطوط القرن الرابع، والله تعالى أعلم.

قال فارس السلوم: وأما ما ورد في دراسة منجانا وتبعه سزكين وغيره من تحديد تاريخ كتابتها سنة (370) هـ فهذا لم يوجد على النسخة ما يدل عليه، وقد استنتجه منجانا استنتاجًا، كما يظهر من دراسته ولم يجده نصًا، حيث جعله قبل تاريخ وفاة أبي زيد بسنة واحدة، فإن أبا زيد توفي سنة (371) هـ، فافترض أن النسخة مكتوبة في زمانه لأجل التصريح باسمه فيها فجعله قبيل وفاته بسنة.

وقدم الخط، وسوق الإسناد من أبي زيد يدل على هذا التاريخ، وعلى أن النسخة كتبت في حياة أبي زيد، أو على الأقل في حياة راوٍ عن أبي زيد، والأول أرجح؛ لأن النسخة لو كانت لراوٍ عنه لصرح باسمه، مع أنه لا يمكننا الجزم بشيء؛ لأن الكتاب ناقص، فربما كان في الأوراق الساقطة ما يحدد تاريخ النسخ، واسم الناسخ والراوي.

وأقدم سماع على النسخة مقروء، مؤرخ في رمضان من عام (464) هـ

ص: 266

أي بعد وفاة أبي زيد بنحو (94) سنة.

السماعات:

على النسخة سماعات عدة، بعضها على الصفحة الأولى وبعضها في تضاعيف الكتاب.

ومن هذه السماعات:

السماع الأول: وهو قديم جدًّا، مكتوب أسفل العنوان مباشرة، وصورته هكذا:

سمع مني هذا الجزء من أوله إلى آخره - بقراءة الشيخ أبي الحجاج (اسمه واسم أبيه غير واضحين) المصري -: أبو الفتوح ناصر بن موهوب، والفقيه أبو محمد عبد الباقي بن الحسين بن مسافر، وأبو محمد عبد الغني بن عبد الرحمن القرطبي، وعبد السلام بن محمد (

)، وأحمد بن إبراهيم بن الفرات، وأبو الأشبال بن علي الأنماطي، والسري بن حسن بن علي العباسي، وأبو البركات حسن بن علي الأنماطي، وأبو الوفاء عبد الكريم بن علي بن عبيدالله، وعلي بن بركات الأنماطي، وعبد العزيز بن علي بن عطية الصواف، وأبو الحسن علي بن (

) العراقي وابنه، والله عليه وحده (

)، وكتب (

) في رجب سنة ثلاث.

هكذا طمس اسم الشيخ المسمع وتاريخ السماع.

وتحت هذا السماع سماع آخر لكن بخط مغاير، صورته هكذا:

سمع مني أبو محمد عبد الله بن (

) بن شجاع، وكتابه هذا ممسك به إلى آخره. كتابي الذي سمعته على الشيخ أبي حفص عمر بن الحسن الهوزني بقراءة ولدي مروان، في أصل نسختي، وذلك بثغر الإسكندرية حماه الله (

) في شهر رمضان سنة أربع وستين وأربعمائة.

وهذا السماع على الشيخ هو بعد استشهاد الهوزني بأربع سنين؛ فإن

ص: 267

الهوزني ولد سنة (392) هـ، وقتل سنة (460) هـ، وكانت رحلته إلى المشرق من الأندلس سنة (444) هـ، وصورة السماع تثبت أن النسخة قرئت على الهوزني، والله أعلم.

والهوزني روى عن أبي عبد الله الباجي ومحمد بن عبد الرحمن العواد وطبقته (1).

وفوق العنوان إلى اليسار سماعٌ مختصرٌ صورته هكذا:

قرأت جميعه على (منتخبه أو شيخه) وكتب الفقير إلى ربه: جبريل بن جميل الحنفي، بتاريخ ذي الحجة سنة أربع وسبعين وخمسمائة.

وجبريل علم مشهور وهو ابن جميل أبو الأمانة القيسي المصري، سمع من عثمان بن فرج، وعلي بن هبة الله الكاملي، وأبي طاهر السلفي، وغيرهم، توفي سنة (600) هـ مرجعه من الحج، أي أنه تملك النسخة قبل وفاته بخمسة وعشرين سنة (2).

ثم سماع أسفل منه غير مؤرخ، صورته:

سمع جميعه وما قبله أبو الفضل بن الصقلي الحنفي العثماني.

ثم سماع أسفل منه على شاكلته، صورته:

مسموع عبد الحق بن هبة الله بن طاهر بن حمزة القضاعي، وأوله إلى الجزء (لعله) قبله غفر الله له ولوالديه:

وإلى يمين الصفحة سماع آخر على هذا المنوال، صورته: سمعه وما قبله عبد العزيز بن صالح بن حمزة الحنفي:

(1) ينظر ترجمته في: «الصلة» 2/ 402 (865)، و «تاريخ الإسلام» 30/ 488 - 489 (264)

(2)

ينظر ترجمته في: «التكملة لوفيات النقلة» 2/ 50 (850)، و «تاريخ الإسلام» 42/ 431 - 432.

ص: 268

وفي تضاعيف الكتاب سماعات مؤرخة على شيخ واحد صورتها هكذا:

سمعت على القاضي الأجل تاج الدين، محمد بن عثمان بن عمر، البُلبيسي، التاجر، من أول كتاب الصوم إلى هنا، فسمع بقراءتي (

) الفقيه الإمام جمال الدين، حمزة بن عمر بن أحمد، الهكاري، بسماعه من العز الحراني، بسماعه من ابن البيع بسنده، وأجاز لنا، وصح ذلك ثالث شهر رجب الفرد سنة خمس وأربعين وسبعمائة.

وكتب أحمد بن عبد الرحيم بن المتيحي.

وعلى يمينه سماع بخط دقيق، صورته:

بلغت قراءته من أول كتاب: الصوم إلى باب: الصوم في السفر على القاضي تاج الدين المذكور (

) بسماعه لجميع الكتاب من العز الحراني بسماعه من ابن البيع بسماعه من أبي الوقت فسمع ذلك .. محمد بن إبراهيم بن عرفات، وولد ولده ناصر الدين بن محمد (

) ونوار بنت علي بن شمس الدين (

) والشيخ شمس الدين محمد بن بدر الدين (

) وصح ذلك بمنزل المسمع بالثغر بقراءة كاتب الحروف أحمد بن عبد الرحيم بن المتيحي في شهر ربيع الأول سنة (.. .) وأربعين وسبعمائة، والحمد لله حق حمده وصلى الله على سيدنا محمد (

)

ثم في ورقة أخرى سماع على الشيخ نفسه، صورته:

بلغت قراءة من أول كتاب: الصوم على الشيخ الجليل الرئيس تاج الدين محمد ابن عثمان بن عمر البلبيسي التاجر، بسماعه من العز الحراني، أنبا ابن البيع، أنبا أبو الوقت، بسنده (لعله) فسمعه الشيخ المحدث الفقيه العدل شهاب (..) أبو العباس أحمد بن عبد الرحيم بن عبد الرحمن المتيحي، وصح في سابع عشر رمضان سنة أربع وأربعين وسبعمائة، بمنزل

ص: 269

المسمع بثغر الإسكندرية، وأجاز لنا وكتب عبد الله بن محمد بن إبراهيم الوالي والحمد لله وحده.

والشيخ المسمع تاج الدين محمد بن عثمان بن عمر بن كامل، البلبيسي، توفي في الطاعون، في ليلة الثامن والعشرين من صفر، سنة (749) هـ، وهو من أقران الإمام الذهبي والمزي والطبقة؛ فهؤلاء كلهم لهم سماع من العز الحراني.

وأما الهكاري فقد ذكره ابن رافع السلامي، في وفيات شهر رجب سنة (749) هـ، وقال: وفي يوم الخميس ثاني عشري الشهر، توفي المحدث الخير، عز الدين أبو يعلى حمزة بن عمر بن أحمد الهكاري، الدمشقي بها وصلي عليه من يومه بجامعها، ودفن بمقابر باب الصغير، سمع من: الجزري، وبنت الكمال، وجماعة، وكتب بخطه وقرأ بنفسه.

أي أنه توفي بعد الشيخ المسمع بقليل (1).

تملكات النسخة:

توجد ثلاث تملكات على الورقة الأولى وهي:

الأول، صورته: تملكه محمد بن محمد بن عبد السلام المنوفي غفر الله له ولوالديه وللمسلمين.

الثاني، صورته: في نوبة الفقير محمد الشافعي ابن شرف الدين عفا الله عنه.

الثالث متأخر، صورته: تملكه محمد بن حسين (

) سنة (810) هـ

علاقة النسخة بابن دحية الكلبي:

هذه النسخة بالإضافة إلى أنها نسخة أبي زيد المروزي، فهي نسخة

(1) وينظر: «اللباب» 2/ 92 (556).

ص: 270

العلامة الحافظ ابن دحية الكلبي صاحب التصانيف المشهورة، فقد أثبت إسناده في أولها، وجاء في الورقة الأولى ما يلي:

قال ذو النسبتين العلامة ابن دحية (

) الفاطمي الحسني (

) أيده الله.

قرأت جميعه بالأندلس على جماعة من العلماء رحمهم الله منهم: (أبو بكر محمد بن خير الإشبيلي (

)، وحدثني به عن جماعة من شيوخه أقربهم إسناد الإمام أبو الإصبع عيسى بن محمد بن أبي البحر، الزهري، الشنترني، ورحلت به، وسمعته على الفقيه القاضي بأوكش بقية المحدثين بقرطبة، أبي القاسم خلف بن عبد الملك ابن بشكوال الأنصاري، قال: نا به جماعة منهم: الشيخ أبو العباس أحمد بن عبد الله القونكي يعرف بالعطار قالا: حدثتنا الحرة الفاضلة كريمة بنت أحمد الكشميهنية بالحرم الشريف قالت: سمعته على الأديب أبي الهيثم الكشميهني.

قال ذو النسبين أيده الله:

وأجازنا (به) إجازة عامة أبو الوقت عبد الأول بن عيسى بن شعيب السجزي الصوفي، قال: نا جمال الإسلام أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد بن المظفر الداودي قراءة عليه وأنا أسمع، ببوشنج سنة خمس وستين وأربعمائة، أنبأنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن حمويه السرخسي، قالا: أنبأ أبو عبد الله محمد بن يوسف بن مطر الفربري، أنبا الحافظ أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن المغيرة البخاري (

)

ويلاحظ على هذا الإسناد ما يلي:

1 -

الشيخ المسمع صاحب الإسناد: هو ذو النسبين أبو الخطاب عمر بن الحسن بن علي الأندلسي، ولد أبو الخطاب ابن دحية في ذي القعدة سنة سبع - أو ثمان - وأربعين وخمسمائة، وقيل: سنة (544) هـ، وقيل غير ذلك، وتوفّي في انفجار الفجر ليلة الثلاثاء، رابع عشر ربيع

ص: 271

الأول، سنة ثلاث وثلاثين وستمائة بالقاهرة، ودفن بسفح المقطم، وهو إمام مشهور، قد حدث في رحلته بـ «صحيح البخاري» ، وغيره (1).

وهذا المجلس يبدو أنه كان في مصر، لما قدمها وبنيت له دار الحديث فيها، والنسخة مكتوبة بخط أقدم من الخط الذي كتب به الإسناد، وكلا الخطين مشرقي، فالسماع في المشرق، والنسخة مكتوبة في المشرق أيضا، ولعلها كتبت في مصر، فالسماع وإن لم يكن مؤرخا إلا أنه لا شك قبل أن يصرف عن التدريس في دار الحديث.

2 -

لذي النسبتين إسنادان عن كريمة، وإسنادان عن الفربري.

أما روايته عن كريمة، فقد ذكر الإسناد الأول من طريق الشنتريني شيخ شيخه، وهو عيسى بن محمد بن عبد الله بن عيسى بن مؤمل بن أبي البحر الشيخ العالم المعمر، أبو الإصبع، الزهري، الشنتريني.

رحل إلى المشرق فسمع من كريمة، والحبال، وأبي معشر الطبري، وأبي الوليد الباجي، وابن دلهاث، وعدة، أخذ الناس عنه، وسكن العدوة.

قال ابن بشكوال: كتب لي القاضي أبو الفضل أنه توفي نحو سنة ثلاثين وخمسمائة، وأنه أخذ عنه.

وروى عنه أبو بكر بن خير، وقد روى ابن دحية عن ابن خير عنه، عن كريمة من «الصحيح» (2) أهـ.

والثاني: من طريق أبي العباس العطار القونكي، نسبة إلى قونكة مدينة بالأندلس.

(1) ينظر: «وفيات الأعيان» 3/ 448 - 450 (497)، و «تذكرة الحفاظ» 4/ 1420 (1136)، و «تاريخ الإسلام» 46/ 157 (191).

(2)

ينظر: «الصلة» 2/ 440 - 441 (947).

ص: 272

وأما عن الفربري، فطريق كريمة عن الكشميهني عنه، وطريق الداودي عن السرخسي عنه.

وهذان الإسنادان غير إسناد النسخة، فإنها نسخة أبي زيد المروزي عن الفربري.

ولأنه لم يثبت على النسخة الإسناد إلى أبي زيد، فإن ذلك قد يحتمل أن تكون هي نسخة أبي زيد نفسه، أو منسوخة من نسخته مباشرة، كما ذكر آنفا، والله أعلم بحقيقة الحال.

المقابلات والمراجعات:

ثبت في الصفحة الأولى من النسخة ما صورته:

قال محمد بن أحمد المصعولي: قابلت نسختي هذه بنسخة مقابلة بأصل عليه خط أبي الوقت، وعلمت له:(قت)، ولماسقط عنده:(س قت)، هكذا؛ ليعلم ذلك.

وكان معنا نسخة بأصل أبي ذر، فما كان فيه أيضا من الخلاف عليه:(ذ) فإنه له، وما كان عليه:(خ) فإنه له نسخة، والله الموفق.

فالمصعولي هذا قابل النسخة، وليست النسخة الأصل بخطه، بل حشاها بالمقابلة على روايتين أخريين، هما رواية أبي الوقت وأبي ذر، وخطه في النسخة مميز عن خط الأصل.

وهذه الطريقة التي اعتمدها هي طريقة العلماء في ضبط البخاري وتحقيقه.

وسأذكر في الخاتمة المنهج العلمي في تحقيق البخاري، والله الموفق.

ص: 273