الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويتجلى ذلك الأمر حتى يعتبر المحدثون هذا النوع من التصنيف علمًا برأسه، فترى في أنواع الحديث ما يسمى بعلم مختلف الحديث.
ومباحث اختلاف الروايات سواء أكان ذلك في طرق الحديث، أم الرُّواة عن المصنف، يقابل عند الأصوليين مباحث التعارض والترجيح بين الأدلة.
وإذا كان هناك كثيرٌ من مسالك الترجيح بين الروايات أو النسخ عند المحدثين، فإن هناك كثيرًا من مسالك الجمع أو الترجيح عند الأصوليين لا يسوع إعمالها عند المحدثين، فمثلا إذا جاز إعمال النسخ الذي هو إزالة أحد الحكمين للآخر في الأدلة، فإنه لا يمكن إعماله كمسلك من مسالك إزالة الاختلاف بين الراويتين.
2 - الرواية:
قال الأزهري: روى فلان حديثًا وشعرًا يرويه روايةً، فهو راوٍ، فإذا كثرت روايته، قيل: هو راوية، الهاء للمبالغة في صفة الرواية، ويقال: روّى فلانٌ فلانًا شعرًا؛ إذا رواه له حتى حفظه للرواية عنه (1).
وقال ابن فارس: الراء والواو والياء أصل واحد، ثم يشتق منه، فالأصل ما كان خلاف العطش، ثم يصرف الكلام لحامل ما يروى منه، فالأصل رويت من الماء ريًّا.
وقال الأصمعي: رويت على أهلى أروي ريًّا، وهو راوٍ من قومٍ رواةٍ، وهم الذين يأتونهم بالماء، فالأصل هذا، ثم شبه الذي يأتي القوم بعلم أو خبر فيرويه، كأنه أتاهم يريهم من ذلك (2).
وقال ابن منظور: رَوَّيتُه الشعر تَرْوِيةً أي حملته على روايته، وأرويته أيضًا وتقول: أَنشِد القصيدة يا هذا، ولا تقل اروها، إلا أن تأمره بروايتها، أي:
(1)«تهذيب اللغة» 2/ 1493 مادة: روى.
(2)
«مقاييس اللغة» 2/ 453 مادة: الراء والواو وما يثلثهما، و «مجمل اللغة» 1/ 43 مادة: روى.
باستظهارها (1).
فالرواية في اللغة تشمل الشعر والحديث وغيرهما.
أما عند المحدثين: فيقال: رواية الحديث ويقصد به أداء الحديث، بعد تحمله بوجه من وجوه التحمل، وضبطه، وتحرير ألفاظه، سواء كان الحديث مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، أم موقوفًا، أم مقطوعًا.
وقد اشتهر بين العلماء تقسيم الحديث إلى قسمين:
علم الحديث رواية: وهو ما يقصد به التعريف السابق
وعلم الحديث دراية: ويقصد بالدراية الفقه ويقصد بها أيضًا: علوم الحديث التي يُميز بها بين الصحيح والسقيم وما يتبع ذلك.
وأول من أشار إلى ذلك الرامهرمزي (360) هـ في كتابه «المحدث الفاصل» وتبعه بعد ذلك من جاء بعده من المحدثين.
وتوجد استعمالات أخرى عند المحدثين للفظة الرواية ومنها:
1 -
إضافة الرواية إلى راويها من الصحابة، أو ممن تدور عليهم الأسانيد، أو ممن تدور عليهم الوجوه والطرق، أو من أصحاب الكتب، أو من الرُّواة عن أصحاب الكتب، فيقال مثلًا:
رواية أبي هريرة، ورواية المدنيين، ورواية الزهري، ورواية مالك عن الزهري، ورواية البخاري، ورواية الفربري عن البخاري إلى غير ذلك.
2 -
إضافة الرواية إلى المروي، حيث تضاف الرواية إلى أمر في المتن، كقولهم: رواية التسبيع أو رواية التثليث في حديث ولوغ الكلب في الإناء.
3 -
إضافة الرواية إلى نوعها.
حيث تضاف الرواية إلى النوع الذي تضاف إليه من أنواع الحديث، كقولهم: رواية الوصل، أو رواية الإرسال، أو رواية الوقف وغير ذلك.
(1)«اللسان» 3/ 1786 مادة: روى.