الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني
رِواية الأَصِيلي (392) ه
ـ
اسمه ونسبه (1):
هو الحافظ الثبت العلامة أبو محمد عبد الله بن إبراهيم بن محمد الأصيلي (2) راوي «الصحيح» عن أبي زيد نشأ بأصيلا من بلاد العدوة وتفقه بقرطبة.
قال ابن الفرضي: سمعته يقول: قدمت قرطبة سنة اثنتين وأربعين، فسمعت بها من أحمد بن مطرف، وأحمد بن سعيد، ومحمد بن معاوية القرشي، وأبي بكر اللؤلؤي .. وكانت رحلتي إلى المشرق في المحرم سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة. اهـ.
ورحل إلى بغداد فسمع من أبي بكر الشافعي، وأبي علي الصواف، وأبي بكر الأبهري، في آخرين. وتفقه هنالك لمالك، ثم وصل إلى الأندلس، وقرأ عليه الناس كتاب البُخارِيّ رِواية أبي زيد المَرْوَزيّ وغير ذلك.
له كتاب «الدلائل على أمهات المسائل» وهو في اختلاف مالك والشافعي وأبي حنيفة رحمهم الله وكان عالمًا بالكلام والنظر. قال الدارقطني: حدثني أبو محمد الأصيلي، ولم أر مثله (3).
(1) ينظر ترجمته في «تاريخ علماء الأندلس» 1/ 249 (760)، و «معجم البلدان» 1/ 212 - 213، و «تذكرة الحفاظ» 3/ 1024 (954)، و «سير أعلام النبلاء» 16/ 560 (412)، وغير ذلك.
(2)
نسبة إلى أصيلة _بفتح الهمزة وكسر الصاد _ بلد بالأندلس، وقيل: ربما كان من أعمال طليطلة، وهي الآن خراب، ينظر «معجم البلدان» 1/ 212 - 213
(3)
«سير أعلام النبلاء» 16/ 560.
وقال عِياض: كان من حفاظ مذهب مالك، ومن العالِمين بالحديث وعلله ورجاله.
وقال ياقوت الحموي: محدث متقن فاضل معتبر، تفقه بالأندلس فانتهت إليه الرياسة.
توفي - رحمه الله تعالى - ليلة الخميس لإحدى عشرة ليلة بقيت من ذي الحجة سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة، ودفن يوم الخميس، صلاة العصر بمقبرة الرصافة، وهو ابن ثمان وستين اهـ.
رِواية الأصيلي عن أبي زيد
إذا كان أبو زيد أجلّ من روى «الصحيح» عن الفَرَبْريّ، فإن الأصيلي هو أجلّ من روى «الصحيح» عن أبي زيد المَرْوَزيّ.
ويذكر الأصيلى أنه رحل إلى المشرق سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة، كما سمعه منه ابن الفرضي (1).
ويحدد أبو علي الجَيّانيّ تاريخ سماعه لـ «الصحيح» من أبي زيد المَرْوَزيّ فيقول:
وكان سماع أبي محمد الأصيلى وأبي الحسن القابسي على أبي زيد المَرْوَزيّ واحدًا بمكة سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة، ثم سمعه بعد ذلك أبو محمد ببغداد على أبي زيد المَرْوَزيّ في سنة تسع وخمسين وثلاثمائة، وحضر مجلس أبي زيد هذا: أبو بكر محمد بن عبد الله بن صالح الأبهري، وأبو عبد الله محمد بن أحمد بن مجاهد الطائي البصري. رأيت هذا مقيدًا بخط أبي محمد (2) في الجزء الأول من «الجامع» . اهـ. (3).
فدل هذا النص المكتوب على طرة نسخة أبي محمد الأصيلى أنه سمع «الصحيح» مرتين في وقتين ومكانين مختلفين؛ فيكون السماع الأول وعمر الأصيلي تسعة وعشرون عامًا؛ حيث توفي سنة (392) هـ، وعمره ثمانية وستون عامًا وكان ذلك في مكة؛ حيث كان أبو زيد مجاورًا بها، وزامله في هذا السماع أبو الحسن القابسي (403) هـ.
وكان السماع الثاني ببغداد وهو بعد الأول بست سنوات، وقبل وفاة أبي زيد باثنتي عشرة سنة؛ ولعل ذلك كان سببًا في اشتهار رِواية الأصيلي وتميزها على غيرها من الروايات.
وأمر آخر أشار إليه الجَيّانيّ في سياق سنده إلى الأصيلي حيث قال: وقرأه أبو محمد أيضًا على أبي أحمد محمد بن محمد بن يوسف بن مكي الجُرْجانيّ (1). أهـ
مما يفيد أن نسخة الأصيلي قد عارضها على قرين أبي زيد المَرْوَزيّ، وهو أبو أحمد الجُرْجانيّ (374) هـ أضف إلى ذلك جلالة الأصيلي ومكانته العلمية عند أهل الأندلس.
كل ذلك جعل من نسخته مقصدًا للطلاب والعلماء من كل الأقطار.
(1)«تقييد المهمل» 1/ 60.
الرُّواة عن الأصيلي
ورواة «الصحيح» عن أبي محمد الأصيلي كثيرون، ومنهم على سبيل الاختصار:
1 -
موسى بن عيسى بن أبي حاج أبو عمران الفاسي (430) هـ الغُفْجُومي، وغفجوم قبيلة من زناتة (1) ومن طريقه تتصل رِواية الأصيلي إلى عبد الحق بن عطية الأندلسي (541) هـ كما جاء في «فهرسه» (2).
2 -
أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن سعيد المعافري القرطبي المتوفى سنة تسع وثلاثين وأربعمائة، عن نيف وثمانين سنة (3).
ومن طريقه تتصل رِواية الأصيلى إلى أبي بكر بن خير الإشبيلي (575) هـ، كما جاء في «فهرسه» (4).
3 -
أبو شاكر عبد الواحد بن محمد بن موهب التجيبي القبري القرطبي، المتوفى سنة ست وخمسين وأربعمائة (5).
وعنه أخذ أبو علي الجَيّانيّ (498) هـ (6)
ومن طريق الجَيّانيّ اتصلت رِواية الأصيلي بكل من:
- عبد الحق بن عطية الأندلسي، المتوفى حوالي (541) هـ كما في «فهرسه» (7).
(1)«تاريخ الإسلام» 29/ 229.
(2)
ص: 46 - 47
(3)
«تاريخ الإسلام» 29/ 477.
(4)
ص: 95 - 96.
(5)
«تاريخ الإسلام» 30/ 402.
(6)
«تقييد المهمل» 1/ 59 - 60
(7)
ص: 46 - 47
- القاضي عِياض السبتي (544) هـ كما جاء في مقدمة «مشارق الأنوار» (1)
- ابن حجر العسقلاني (852) هـ ومن طريقه اتصلت بالقَسْطَلّانِيّ (923) هـ (2).
4 -
الإمام القاضي أبو القاسم سراج بن عبد الله بن محمد بن سراج الأموي الأندلسي القرطبي المالكي، قال الذَّهَبِيّ: سمع «صحيح البُخارِيّ» من أبي محمد الأصيلي بفوت يسير (3) ولد سنة سبع وسبعين وثلاثمائة، وتوفي في شوال سنة ست وخمسين وأربعمائة، ومن طريقه اتصلت رِواية الأصيلي بأبي علي الجَيّانيّ (498) هـ حيث رواها عنه (4) ومن طريق الجَيّانيّ اتصلت بالقاضي عِياض (544) هـ (5) وعبد الحق بن عطية (451) هـ (6)
5 -
عباد بن محمد بن إسماعيل أبو عمرو اللخمي الأندلسي (464) هـ (7).
ومن طريقه روى أحاديث من رِواية الأصيلي ابنُ حزم الأندلسي (456) هـ (8).
6 -
أبو عمر أحمد بن ثابت بن أبي الجهم الواسطي، الأندلسي (437) هـ
(1) 1/ 37، 38
(2)
«فتح الباري» 1/ 7، و «إرشاد الساري» 1/ 155 - 158.
(3)
«سير أعلام النبلاء» 18/ 178 - 179.
(4)
«تقييد المهمل» 1/ 59 - 60
(5)
«مشارق الأنوار» 1/ 37، 38
(6)
«فهرس ابن عطية» ص: 46 - 47.
(7)
«سير أعلام النبلاء» 18/ 256
(8)
ينظر «جمهرة أنساب العرب» ص: 233.
أكثر الرِّواية عن الأصيلي، وكان يتولى القراءة عليه، وحدث عنه أبو عبد الله بن عتاب (1).
ومن طريقه اتصلت رِواية الأصيلي بالقاضي عِياض (544) هـ كما في «المشارق» (2) وبشرف الدين اليُونِينِيّ كما جاء ذلك في مقدمة اليُونِينِيّ التي ذكر فيها أسانيده ورموزه.
7 -
أبو عبد الله بن نبات ولم أجد من أفرده بترجمة مستقلة، وإن كان مذكورًا في كتب التراجم مثل كتاب «الصلة» لابن بشكوال حيث ذكره في أكثر من موضع (3).
ومن طريقه اتصلت رِواية الأصيلي بالقاضي عِياض (544) هـ وبأبي بكر بن خير الإشبيلي (575) هـ.
8 -
الإمام المهلب بن أحمد بن أبي صفرة أسيد بن عبد الله الأسدي، الأندلسي المري، مصنف «شرح صحيح البُخارِيّ» المتوفى سنة خمس وثلاثين وأربعمائة.
روى «الصحيح» عن أبي محمد الأصيلي، وعن أبي الحسن القابسي، وأبي ذر الهَرَويّ الحافظ، وغيرهم.
ورواه عنه أبو عمر بن الحذاء، ووصفه بقوة الفهم وبراعة الذهن (4).
وصحب الأصيلي، وكان صهره، وهو الذي أحيا كتاب البُخارِيّ
(1)«تاريخ الإسلام» 28/ 443، «الصلة» لابن بشكول 1/ 50 - 51 (103).
(2)
1/ 37 - 38
(3)
منها: (2/ 544).وذكره أيضًا في (2/ 648) ترجمة: هشام بن سليمان وقال: حدث عنه أبو عبد الله بن نبات وقال: أجزت له جميع روايتي، وأجاز لي جميع روايته.
(4)
«سير أعلام النبلاء» 17/ 579 (384) و «الصلة» لابن بشكوال 2/ 626 - 627 (1379) وغيرها.
بالأندلس؛ لأنه قرئ عليه تفقهًا أيام حياته وشرحه واختصره، وله في «الصحيح» اختصار مشهور سماه:«النصيح في اختصار الصحيح» (1).
ويوجد غير هؤلاء كثير وخاصة من الأندلسيين؛ لأنها ـ كما سبق ـ قد اشتهرت في بلاد المغرب، ويتضح ذلك من تتبع الراوين لها، فأبو علي الجَيّانيّ، وابن حزم الأندلسي، وابن عطية، والقاضي عِياض، وابن خير الأشبيلي، كلهم أندلسيون، وكذلك ما عرف عند أهل المشرق أمثال اليُونِينِيّ (701) هـ فهو عن طريق المغاربة أيضًا.
(1) ينظر المراجع السابقة.