المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

بهَا وَالْحَمْد لله إِسْلَام معقل، وَلَا تشطط فِي حَالَة مُنكرَة، - ريحانة الكتاب ونجعة المنتاب - جـ ٢

[لسان الدين بن الخطيب]

فهرس الكتاب

- ‌جُمْهُور الْأَغْرَاض السلطانيات

- ‌وَمن ذَلِك

- ‌كتب مخاطبات الرعايا والجهاتكتبت عَن السُّلْطَان أبي الْحجَّاج ابْن السُّلْطَان أبي الْوَلِيد ابْن نصر، رَحمَه الله تَعَالَى لأهل ألمرية، أعرف بِهَلَاك الطاغية ملك قشتالة، وإقلاع محلته عَن جبل الْفَتْح.من الْأَمِير عبد الله يُوسُف ابْن أَمِير الْمُسلمين أبي الْوَلِيد بن فرج

- ‌وَفِي هَذَا الْغَرَض أَيْضا

- ‌ظهاير الْأُمَرَاء والولاة

- ‌وخاطبت الْوَزير الْمَذْكُور على أثر الْفَتْح الَّذِي تكيف لَهُ

- ‌وَمن ذَلِك فِي مُخَاطبَة الْوَزير الْمَذْكُور وَأَنا سَاكن بسلا

- ‌وَمن ذَلِك مَا كتبت بِهِ إِلَى رَئِيس ديوَان الإنشاد الشريف شمس الدّين أبي عبد الله بن أبي ركب [أعزه الله تَعَالَى]

- ‌كتب الدعابات والفكاهات

- ‌وَمن ذَلِك فِي هَذَا الْغَرَض مِمَّا خاطبت بِهِ أَبَا إِسْحَاق ابْن الْحَاج على لِسَان قَاضِي الحضرة أبي الْحسنسَيِّدي، جعل الله أكوار العمائم تتضاءل لكور عمامتك، والنفوس الطامحة الهمم على اخْتِلَاف الْأُمَم، تقر بِوُجُوب إمامتك، وسر الْإِسْلَام باتصال سلامتك، وتبرأ الملا من

- ‌المقامات

- ‌من ذَلِك الْكتاب الْمُسَمّى بمعيار الِاخْتِيَار

- ‌الْمجْلس الثَّانِي

- ‌وَمن ذَلِك مَا صدر عني فِي السياسة وَكَانَ إملاؤها فِي لَيْلَة وَاحِدَة

- ‌وَمن ذَلِك كتاب الْإِشَارَة إِلَى أدب الوزارة فِي السياسة

- ‌بَاب بَيَان قدر رُتْبَة الوزارة فِي الأقدار وَبَعض شُرُوط الِاخْتِيَار

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف الشريف أبي عبد الله ابْن الْحسن الحسني

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف أبي الْقَاسِم ابْن الرئيس أبي زَكَرِيَّا العزفي

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف أبي عبد الله ابْن الشَّيْخ الْحَاجِب بتونس أبي الْحسن بن عَمْرو

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف أبي عبد الله بن الْحَاجِب بتونس أبي عبد الله بن العشاب

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف صَاحب الْقَلَم الْأَعْلَى بالمغرب أبي مُحَمَّد عبد الْمُهَيْمِن الْحَضْرَمِيّ

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف الْخَطِيب أبي عبد الله بن رشيد

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف أبي عبد الله بن هَانِيء السبتي

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف أبي على الْحسن بن تذاررت

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف القَاضِي أبي الْحجَّاج الطرطوشي

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف الْكَاتِب أبي الْعَبَّاس بن شُعَيْب

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف أبي عبد الله بن عمرَان التّونسِيّ

- ‌وَفِي وصف أبي عبد الله بن عبد الْملك من أهل مراكش

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف أبي إِسْحَق الحسناني من أهل تونس

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف أبي عبد الله المكودي من أهل فاس

- ‌انْتهى مَا تمّ اخْتِيَاره من كتاب التَّاج الْمحلى فِي مساجلة الْقدح الْمُعَلَّى

- ‌ الأكليل الزَّاهِر فِيمَن فضل عِنْد نظم التَّاج من الْجَوَاهِر " فِي وصف الْخَطِيب أبي عبد الله الساحلي الحمالقى الولى، نفع الله بِهِ

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف أبي جَعْفَر الشاطبي

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف الْخَطِيب أبي على الْقرشِي

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف القَاضِي أبي عَمْرو بن مَنْظُور

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف الْخَطِيب أبي الطَّاهِر بن صَفْوَان المالقى

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف الشَّيْخ أبي عبد الله الطرطوشي

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف الفقية أبي عبد الله بن الْحَاج من أهل مالقة

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف الشَّيْخ الْوَزير أبي عَليّ بن غفرون

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف الْوَزير الْكَاتِب أبي عبد الله بن عِيسَى

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف الْكَاتِب أبي بكر بن العريف

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف للشَّيْخ أبي عبد الله المتأهل

- ‌وَفِي وصف الشَّيْخ أبي عبد الله بن ورد

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف الشَّيْخ أبي عبد الله الْعِرَاقِيّ الْوَادي آشيمَعْدُود فِي وقته من أدبائه، ومحسوب فِي أَعْيَان بَلَده وحسبايه، كَانَ رحمه الله من أهل الْعَدَالَة وَالْخَيْر، سايرا على مَنْهَج الاسْتقَامَة، أحسن السّير، وَله أدب لَا يقصر عَن السداد، وَإِن لم يكن بطلا، فَمِمَّنْ يكثر

- ‌معتر غير قَانِع، ومنتجع كل هشيم ويانع، نَشأ بِبَلَدِهِ مالقة، أبرع من أورد البراعة فِي نفس، وهز غصنها فِي رَوْضَة طرس، إِلَّا مَا كَانَ من سخافة عقله، وقعوده تَحت الْمثل أخبر تقله، لَا يرتبط إِلَى رُتْبَة، وَلَا ينتمي إِلَى عصبَة، وَلَا يتلبس بسمت، وَلَا يَسْتَقِيم من

- ‌أديب نَار فكره يتوقد، وأديب لَا يعْتَرض كَلَامه وَلَا ينْقد. أما الْهزْل فَهُوَ طَرِيقَته المثلى، ركض فِي ميدانها وجلى، وطلع فِي أفقها وتجلى، فَأصْبح علم أعلامها، وعابر أحلامها. إِن أَخذ بهَا فِي وصف الكاس، وَذكر الْورْد والآس، وألم بِالربيعِ وخصله، والحبيب

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف الأديب أبي الْأصْبع عَزِيز بن مطرف

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف الأديب أبي عبد الله بن فَضِيلَة

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف أبي الْقَاسِم الورشيدي

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف القَاضِي أبي بكر بن مَنْظُور

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف القَاضِي أبي جَعْفَر بن برطال

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف الْفَقِيه أبي عَامر بن عبد الْعَظِيم

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف أبي عُثْمَان الغلق

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف أبي عُثْمَان بن أبي عُثْمَان

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف الْمقري أبي الْقَاسِم الجزالي

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف الْفَقِيه الصُّوفِي أبي جَعْفَر العاشق

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف أبي الْقَاسِم الساحلي

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف أبي الْقَاسِم عبد الله بن الطبيخ

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف أبي الْحسن عَليّ بن عبد الْعَزِيز بن قيس

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف أبي الْحسن السكاك الغرناطي

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف الْوَزير أبي جَعْفَر بن المراني

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف الْحَاج أبي عبد الله الشَّديد

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف أبي الْحسن الرعيني

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف الْفَقِيه الْخَيْر أبي عبد الله السكان الأندرشي

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف الْعدْل أبي عبد الله الْقطَّان

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف الْوَزير أبي عبد الله بن شلبطور

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف الْعدْل أبي عبد الله بن مُشْتَمل البلياني

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف الْمُؤلف

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف أبي عبد الله بن سَلمَة الْكَاتِب

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف أبي عبد الله الشريشي

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف أبي عبد الله اللؤلؤة

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف أبي عبد الله بن خَاتِمَة

- ‌وَفِي وصف أبي يحيى بن دَاوُد

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف أبي عبد الله بن أبي الْبَقَاء

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف أبي عبد الله الطشكري

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف أبي عبد الله بن مشرف

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف أبي جَعْفَر أَحْمد بن رضوَان بن عبد الْعَظِيم

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف أبي عبد الله بن هاني

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف الْكَاتِب أبي عَمْرو بن زَكَرِيَّا

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف الْحَاج أبي الْعَبَّاس القراق

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف الْكَاتِب أبي الْحسن الملياني صَاحب الْعَلامَة بالمغرب:

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف أبي إِسْحَق بن سعد

- ‌وَله فِي وصف أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن عبد الْحق

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف الشريف أبي عبد الله العمراني

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف أبي عبد الله بن جَابر الكفيف

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف الأديب أبي إِسْحَق بن الْحَاج

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف الأديب ابْن حزب الله

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف أحد الْفُضَلَاء

- ‌كتب الزواجر والعظات

- ‌فَمن ذَلِك فِي مُخَاطبَة ابْن مَرْزُوق

- ‌وَمن ذَلِك مَا صدر عني فِي هَذَا الْغَرَض بِمَا نَصه:

- ‌وَإِن شَاءَ قَالَ بعد الْخطْبَة

- ‌وَمن ذَلِك

- ‌وَمن ذَلِك مَا صدر عني فِي هَذَا الْغَرَض مِمَّا خاطبت بِهِ أحد الْفُضَلَاء

الفصل: بهَا وَالْحَمْد لله إِسْلَام معقل، وَلَا تشطط فِي حَالَة مُنكرَة،

بهَا وَالْحَمْد لله إِسْلَام معقل، وَلَا تشطط فِي حَالَة مُنكرَة، أَو عدد مثقل، إِلَّا ورأينا أَن قد فضل حديثنا الْقَدِيم، وسكنا بالهدنة هَذَا الإقليم. وعَلى تَقْرِير أَن يَقع ارتفاعها، ويشمل من قدرَة الله دفاعها، فإننا لما حضر لدينا رسولاكم فلَان وَفُلَان، أجلنا قداح النّظر، بِنَاء على مَا قررتم من الْخَبَر، وحوما على الْغَرَض الْمُعْتَبر، فَلم نجد وَجها يسوغ حل مَا ربط، وَلَا فسخ مَا اشْترط، لما تقرر فِي العقد من أَيْمَان شَأْنهَا كَبِير، ومحلها من الرعى خطير، وَوَقع عَلَيْهَا منا العقد ومنكم الْإِمْضَاء وأحكمت فصولها الْعَدَالَة، وسجلها الْقَضَاء، وَحضر الْخصم وَوَجَب الِاقْتِضَاء، وَلَو عثر على وَجه يخرج عَن الْعهْدَة، وَيحل لنا مَحل الْعقْدَة، لَكنا نعلم سرُور الْعَدو بنبذنا لعهده، وخفة وطأتنا إِلَى أَن يَشَاء الله على جنده، فَإِنَّهُ اعْتَادَ أَن يكون مَطْلُوبا، وَرَأى التماسنا سلمه وجوبا، إِذْ الْأَحْوَال بِهَذِهِ الجزيرة المنقطعة تضطرنا إِلَى التمَاس سلمه، وحاجتنا إِلَى مهادنته لَا تغيب عَن علمه، مالم يتمخض الدَّهْر عَن معذرة تحطه عَن عزمه، حَسْبَمَا سلف لسلفكم الْكَرِيم. لَوْلَا مَا سبق من تمحيص الله فِي سَابق حكمه. وَفِي مُدَّة هَذَا الصُّلْح الَّذِي عقد وأبرم، وأمضى وتمم، نرجو أَن يَقع الاستعداد وتتوفر الْأَعْدَاد، وَتعرض الأجناد، وتمهد الثغور والبلاد، فَإِذا تقضى مِنْهُ الأمد، وكمل بالوفا الْمَقْصد، كُنْتُم إِن شَاءَ الله على أَعلَى النظرين، وَأكْرم الاختيارين، من حوار مَنْصُور، وَعدد موفور، أَو سلم مقترن بِظُهُور. هَذَا مَا عندنَا عرضناه عَلَيْكُم عرض إدلال، ومحلكم مَحل إغضاء وإكمال، وَفضل وَعدل وجلال. وَالله الْمُسْتَعَان على كل أَمر ذِي بَال، وَهُوَ سُبْحَانَهُ يصل سعدكم، ويحرس مجدكم، وَالسَّلَام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته.

‌وَمن ذَلِك

أما بعد حمد الله محسن العواقب، ومخلد المناقب، وَمعلى المراقى فِي درج

ص: 13

عنايته والمراقب، ومسخر النَّجْم الثاقب فِي الغسق الواقب، الْكَفِيل بِالْحُسْنَى للمتوكل المراقب، نَاسخ التمحيص بالعناية والتخصيص، لتظهر حكمه المثيب المعاقب، وَالصَّلَاة على سيدنَا ومولانا مُحَمَّد رَسُوله، الماحي الحاشر العاقب، ذِي الْقدر السَّامِي للدهر المصاقب، وَالرِّضَا عَن آله، الَّذين كَانُوا فِي سَمَاء مِلَّته لهداية أمته كَالنُّجُومِ الثواقب. فَإنَّا كثبناه إِلَيْكُم، كتب الله لكم توالى الْمَوَاهِب، ووضوح الْمذَاهب، ووقوف الدَّهْر لديكم موقف التائب من الْقدح النايب، وخلوص موارد سعدكم من الشوايب، ووالى لديكم مفاتحة الْكتب الهنية بفتوح الْكَتَائِب.

من حَمْرَاء غرناطة حرسها الله، وَفضل الله يتعرف صنعه لكم، صافي السَّحَاب كَفِيل بنيل الرغايب، وَالسُّرُور بِمَا سناه الله من استقامة أحوالكم، شَأْن الشَّاهِد والغايب، والرايح والآيب. وَالْحَمْد لله على توالى الألطاف العجايب. وَقد وصل كتابكُمْ الَّذِي أكد السرُور وَأَصله، وأجمل مُقْتَضى الْبُشْرَى وفصله، ونظم خبر الْفَتْح وَوَصله، وراش سهم السَّعَادَة والسداد، والعناية والإمداد ونصله، وأحرز حَظّ السَّعَادَة وحصله، تعرفُون بِمَا أتاح الله لكم، اللَّطِيف الْخَبِير، وَالْوَلِيّ النصير، من الصنع الَّذِي اتسق نظامه، والعز الَّذِي سنت فِي أم الْكتاب أَحْكَامه والعز الَّذِي خَفَقت أَعْلَامه، والتوفيق الَّذِي قرطست الْعرض سهامه، وأنكم من بعد الكاينة، الَّتِي راش لطف الله بهَا وجبر، وَأحسن الْخَبَر وأدال الْخَبَر، وَجعل الْعَاقِبَة الْحسنى لمن صَبر، جهزتم الجيوش المختارة والعساكر الجرارة يَقُودهَا الخلصان من الوزرا، ويتقدم رايتها ميامن الأمرا، فَكتب الله ثبات أَقْدَامهَا، وَتَوَلَّى نصر أعلامها، وَلم يكن إِلَّا أَن حمى وطيس النزال، ورجفت الأَرْض لهول الزلزال، وتعوطبت كؤوس الْآجَال فِي ضنك المجال ودجا القتام، وتوهج

ص: 14

من فضل الله الاغتنام، وَعَبس الجو الْعَبَّاس، وَضحك النصل البسام، وَأورد الْخَيل موارد الطعان والإقدام، فَكَانَ لحربكم الظُّهُور الَّذِي حكم المهندة فِي الرّقاب، والسمر الطوَال فِي البعر ثمَّ فِي الأعقاب، وبشرت بِرُؤْيَة هِلَال الْفَتْح عُيُون الارتقاب، وَحط عَن وَجه الصنع الْجَمِيل مَا راب من النقاب، وَأَن من بغى عَلَيْهِ، حَسْبَمَا قررتم، وعَلى نَحْو مَا أجملتم وفسرتم من شُيُوخ الْعَرَب المجلية، ووجوه الخدام المنتهية إِلَى حسن الْعَهْد المنتمية، تحصل فِي حكم استرقاقكم، وَتَحْت شدّ وثاقكم، وَرُبمَا سفر الْمَكْرُوه عَن المحبوب، وانجلى المرهوب عَن المرغوب، وَالله مُقَلِّب الْقُلُوب، وشيمتكم فِي ايتلاف النافر، وَالْأَخْذ من فضل الْعَفو بالحظ الوافر، كَفِيل لكم بالصنع السافر. وَالله يحملكم على مَا فِيهِ رِضَاهُ، وَيُخَير لكم فِيمَا قَضَاهُ. فصلنا مَا اتَّصل لكم من الصنع واطرد. ورحبنا هَذَا الْوَارِد الْكَرِيم الَّذِي ورد، وشكرنا فَضلكُمْ فِي التَّعْرِيف بالمودود، وَالشَّرْح لمقامه الْمَحْمُود، وكتبنا نهنيكم بِهِ هُنَا مشفوعا، وبالدعاء لكم متبوعا. وَالله يطلع من توالى مسرتكم على مَا يبسط الآمال، وينجح الْأَعْمَال، وَيفتح فِي السعد المجال، وَالَّذِي عندنَا من ودكم أعظم من اسْتِيفَائه بالمقال، ونهوض اليراع بوظائفه الثقال، يعلم ذَلِك عَالم الخفيات، والمجازي بِالنِّيَّاتِ سُبْحَانَهُ. وَالله يصل سعدكم، ويحرص مجدكم وَالسَّلَام

وَمن ذَلِك

الْمقَام الَّذِي نطالعه أَخْبَار الْجِهَاد، ونهدي إِلَيْهِ عوالي العوالي صَحِيحَة الْإِسْنَاد، وتبشره بأخبار الْفَتْح الْبعيد الآماد، ونسأل الله لَهُ توالى الْإِسْعَاف، ودوام الإسعاد، ونرتقب من صنع الله على يَدَيْهِ تكييفا يخرق حجاب الْمُعْتَاد، وامتعاضا يطلع بأفاق الْبِلَاد، نُجُوم غرر الْجِيَاد، وَيفتح أَبْوَاب الْفتُوح بأقاليد السيوف

ص: 15

الْحداد، وينسى مَكَارِم من سلف من الْآبَاء الْكِرَام والأجداد، مقَام مَحل أخينا الَّذِي نستفتح لَهُ بِالْفَتْح والظهور، ونهدي إِلَى مجده لما يعلم من حسن نِيَّته لطائف السرُور، ونستظهر بِملكه المؤمل ومجده الْمَشْهُور، ونتوعد مِنْهُ الْعَدو بالحبيب المذخور، وَالْوَلِيّ الْمَنْصُور. السُّلْطَان الكذا ابْن السُّلْطَان الكذا ابْن السُّلْطَان الكذا، أبقاه الله عالى الْقدر، قرير الْعين، منشرح الصَّدْر، وَلَا زَالَ حَدِيث فخره سائرا مسير الشَّمْس والبدر، مُعظم سُلْطَانه الخليق بالتعظيم، الواثق مِنْهُ بالذخر الْكَرِيم، الْمثنى على مجده الصميم، وفضله العميم، عبد الله، الْغنى بِاللَّه، الْأَمِير مُحَمَّد بن أَمِير الْمُسلمين أبي الْحجَّاج، ابْن أَمِير الْمُسلمين أبي الْوَلِيد بن فرج ابْن نصر. سَلام كريم بر عميم، يخص مقامكم الْأَعْلَى وأخوتكم الفضلى، وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته.

أما بعد حمد الله رب الْعباد، وملهم الرشاد، ومكيف الْإِسْعَاف والإسعاد، الْوَلِيّ النصير، الَّذِي نلقى إِلَى التَّوَكُّل عَلَيْهِ مقاليد الِاعْتِمَاد، ونمد إِلَى أنجاده أَيدي الِاعْتِدَاد، ونرفع إِلَيْهِ أكف الاستمداد، ومخلص لوجهه الْكَرِيم عمل الْجِهَاد، نتعرف عوارف الْفضل المزداد، ونجنى ثمار النَّصْر من أَغْصَان القنا المياد، ونجتلي وُجُوه الصنع الوسيم، أبهر من وَجه الصَّباح الباد، ونظفر بالنعيم العاجل، وَالنَّعِيم الآجل، يَوْم قيام الْإِشْهَاد، ونتفيأ ظلال الْجنَّة، من تَحت ظلال السيوف الْحداد. وَالصَّلَاة على سيدنَا ومولانا مُحَمَّد رَسُوله، النَّبِي الْهَاد، رَسُول الملحمة، الْمُؤَيد بِالْمَلَائِكَةِ الشداد، وَنَبِي الرَّحْمَة الهامية العهاد، أكْرم الْخلق بَين الرايح والغاد، ذِي اللِّوَاء الْمَعْقُود، والحوض المورود، والشفاعة فِي يَوْم التناد، الَّذِي بجاهه نجدع أنوف الآساد، يَوْم الجلاد، وببركته ننال أقْصَى

ص: 16

الآمال وَالْمرَاد، وَفِي مرضاته نصل أَسبَاب الوداد، فتعود بالتجر الرايح من مرضات رب الْعباد، ونستولي من ميدان السَّعَادَة الْمُعَادَة على الاماد. وَالرِّضَا عَن آله وَصَحبه وأنصاره وَحزبه الْكِرَام الأمجاد، دعائم الدّين من بعده وَهُدَاة الْعباد، آحَاد الْآحَاد، وآماد الآماد، الَّذين ظاهروه فِي حَيَاته، بالحلوم الراجحة الأطواد، والبسالة الَّتِي لَا تبالي بِالْعدَدِ فِي سَبِيل الله والأعداد، حَتَّى بوءوا الْإِسْلَام فِي الْقَوَاعِد الشهيرة والبلاد، وأرغموا أنوف أهل الْجحْد والإلحاد، فَأصْبح رفيع الدّين رفيع الْعِمَاد، مَنْصُور العساكر والأجناد، مستصحب الْعِزّ فِي الإصدار والإيراد وَالدُّعَاء لمقامكم الْأَعْلَى، بالسعد الذى يغنى عَن اختبار الطالع، وتقويم الْبِلَاد، والنصر الَّذِي تشرق أنباؤه فِي جنح ليل المداد، والصنع الَّذِي تشرع لَهُ أَبْوَاب التَّوْفِيق والسداد.

من حَمْرَاء غرناطة، حرسها الله، واليسر وثيق المهاد، وَالْخَيْر وَاضح الْإِشْهَاد، وَالْحَمْد لله فِي المبدإ والمعاد، وَالشُّكْر على آلائه الْمُتَّصِلَة الترداد، ومقامكم الذّكر الْكَافِي العهاد، وَالرَّدّ المتكفل الإنجاد. وَإِلَى هَذَا وصل الله سعدكم، وحرس مجدكم، ووالى نصركم وعضدكم، وبلغكم من فَضله العميم أَملكُم وقصدكم، فإننا نؤثر تعريفكم بتافه المتزيدات، ونورد عَلَيْكُم أشتات الْأَحْوَال المتجددات، إِقَامَة لرسم الخلوص، والتعريف بِمَا قل، ومودة خَالِصَة فِي الله عز وجل. فَكيف إِذا كَانَ التَّعْرِيف مَا تهتز مَنَابِر الْإِسْلَام، ارتياحا لوروده، وتنشرح الصُّدُور جذلا لمواقع فضل الله وجوده، والمتكيفات البديعة الصِّفَات فِي وجوده. وَهُوَ أننا قدمنَا إعلامكم بِمَا نويناه من غَزْو مَدِينَة قرطبة، أم الْبِلَاد الْكَافِرَة، ومقر الحامية الشهيرة، والخيرات الوافرة، والقطر الَّذِي عَهده بآطام الْإِسْلَام متقادم، والركن الَّذِي لَا يتَوَقَّع صدمة صادم، وَقد اشْتَمَل سورها من زعماء مِلَّة الصَّلِيب

ص: 17

على كل رييس بيس، وهزبر خيس، وَذي مكر وتلبيس، وَمن لَهُ شِيمَة تذيع مَكَانَهُ وتشيعه، وَاتِّبَاع على المنشط وَالْمكْره قطيعة. فاستدعينا الْمُسلمين من أقاصي الْبِلَاد، واذعنا فِي الْجِهَات نفير الْجِهَاد، وتقدمنا إِلَى النَّاس بسبعة الازواء، وأعطينا الْحَرَكَة الَّتِي تخلف الْمُسلمُونَ وَرَاءَهُمْ جمهوريا للكفر من الأقطار، والأعداد حَقّهَا من الاستعداد، وأفضنا الْعَطاء والاستلحاف والاستركاب من أهل العفا وأبطال الجلاد. فحشر الْخلق فِي صَعِيد، وَأخذُوا الأهبة والزينة فِي عيد سعيد، وَشَمل الاستدعا كل قريب وبعيد، عَن وعد ووعيد. ورحلنا، وَفضل الله شَامِل، والتوكل عَلَيْهِ كَاف كافل، وخيمنا بِظَاهِر الحضرة، حَتَّى استوفى النَّاس آرابهم، واستكملوا أسرابهم، ودسنا مِنْهُم بِلَاد النَّصَارَى بجموع كثرها الله وأنماها، وَأبْعد فِي التمَاس مَا عِنْده من الْأجر منتماها. وعندما حللنا مَدِينَة قاشرة، وجدنَا السُّلْطَان دون بطره، مُؤَمل نصرنَا وإنجادنا [ومستفيد حَظه من لواحق جهادنا، وَمُقْتَضى كدح دينه بإعانتنا إِيَّاه وإنجادنا] قد نزل بظاهرها فِي محلات، فِيمَن اسْتَقر على دَعوته وَتمسك بِطَاعَتِهِ، وشمله حكم جماعته، فَكَانَ لقاؤنا إِيَّاه على حَال أقرَّت عين الْمُسلمين، وتكفلت بإعزاز الدّين، ومجملها يُغني عَن التَّعْيِين. والمشرح والتبيين، وَرَأى هُوَ وَمن مَعَه، من وفور جيوش الله مَا هالهم، وأشعل فِي حَال الْيَقَظَة خيالهم، من جموع تسد بِاللَّه الفضا، وأبطال تسارع أسود الفضا، وكتائب منصورة، ورايات منشورة، وأمم محشورة، ونداء بِكَلِمَة الشَّهَادَة يسد بَين الْخَافِقين، ومحلات تفضل عَن مرأى الْعين، فَاعْتَرفُوا بِمَا لم يكن فِي حسابهم، وَاعْتبر فِي عزة الله أولُوا ألبابهم. وَإِذا كثر الله الْعدَد، نما وزكا، وَإِذا أزاح الْعِلَل، مَا اعتذر عان وَلَا شكا. وسالت من الْغَد الأباطح

ص: 18

بالاعتراف، وسمت الهوادي إِلَى الاستشراف، وَأخذ التَّرْتِيب حَقه من المواسط الجهادية والأطراف، وأحكمت التعبية، الَّتِي لَا ترى الْعين فِيهَا خللا، وَلَا يجد الإحسار عِنْدهَا دخلا. وَكَانَ النُّزُول على فَرسَخ من عدوة النَّهر الْأَعْظَم الدُّنْيَا من خَارج الْمَدِينَة، أنْجز الله وعد دمارها، وأعادها إِلَى عهدها فِي الْإِسْلَام وشعارها، ومحا ظلام الْكفْر فِي آفاقها، بِملَّة الْإِسْلَام وأنوارها. وَقد برزت من حاميتها شَوْكَة سابغة الدروع، وافرة الجموع، استجنت من أسوار القنطرة الْعُظْمَى، بحمى لَا يخفر، وَأخذ أعقابها من الرُّمَاة والكماة الْعدَد الأوفر، فبادر إِلَيْهِم، سرعَان خيل الْمُسلمين، فصدقوهم الدفاع والقراع، والمصال والمصاع، وخالطوهم سبرا بِالسُّيُوفِ، ومباكرة بالحتوف، فتركوهم حصيدا، واذاقوهم وبالا شَدِيدا، وجدلوا مِنْهُم جملَة وافرة، وَأمة كَافِرَة، وملكوا بعض تِلْكَ الأسوار، فارتفعت بهَا راياتهم الخافقة، وَظَهَرت عَلَيْهَا عزماتهم الصادقة، واقتحم الْمُسلمُونَ الْوَادي سبحا فِي غمره، واستهانة فِي سَبِيل الله بأَمْره، وخالطوا حامية الْعَدو فِي ضفته فاقتلعوها، وتعلقوا بأوائل الأسوار ففرعوها، فَلَو كُنَّا فِي ذَلِك الْيَوْم على عزم من الْقِتَال، وتيسير للالآت وترتيب للرِّجَال، لدخل الْبَلَد، وَملك الْأَهْل وَالْولد. لَكِن أَجَارَ الْكفْر من اللَّيْل كَافِر، وَقد هلك مِنْهُم عدد وافر، وَرجع الْمُسلمُونَ إِلَى محلاتهم، وَنصر الله سَافر، والعزم ظافر. وَمن الْغَد، خضنا الْبَحْر الَّذِي جعلنَا الْعَزْم فِيهِ سفيناً والتوكل على الله للبلاغ ضمينا، ونزلنا من ضفته، القصوى، منزلا عَزِيزًا مكينا، بِحَيْثُ تجَاوز سورها طُنب القباب، وَنصِيب دورها، من بَين المخيمات، بوارق النشاب، فبرزت حاميتها على متعددات الْأَبْوَاب، مُقِيمَة أسواق الطعان والضراب، فآبت بصفقة الخسران والتباب. وَلما شرعنا فِي قتالها، ورتبنا أشتات النكابات لنكالها، وَإِن كُنَّا لم نبن على

ص: 19

مطاولة نزالها، أنزل الله من الْمَطَر الَّذِي قدم بعهده الْعَهْد، وساوى النجد من طوفانه الوهد، وَعظم بِهِ الْجهد. وَوَقع الْإِبْقَاء على السِّلَاح، والكف بِالضَّرُورَةِ من الكفاح، وَبلغ الْمقَام عَلَيْهَا، وَالْأَخْذ بمخنفها، والثوا لَدَيْهَا، خَمْسَة أَيَّام، لم تخل فِيهَا الأسوار من افتراع، وَلَا الْأَبْوَاب من دفاع عَلَيْهَا وقراع، وأنفذت مقَاتل الستاير أنقابا، وارتقب الْفَتْح الْمَوْعُود ارتقابا، وفشت فِي أَهلهَا الجروح، والعبث الصراح، وساهم المسا بعزة الله والصباح. وَلَوْلَا عايق الْمَطَر، لَكَانَ الإجهاز والاستفتاح، وَالله بعْدهَا الفتاح. صرفت الْوُجُوه إِلَى تخريب الْعمرَان، وتسليط النيرَان، وعقر الْأَشْجَار، وتعفية الْآثَار، أَتَى مِنْهَا العفا على الْمصر الشهير فِي الْأَمْصَار، وَتركت زروعها المايحة عِبْرَة للأبصار. ورحلنا عَنْهَا، وَقد ألبسها الدُّخان حدادا، ونكس من طغاتها أجيادا، فاعتادت الذل اعتيادا، وَأَلْقَتْ للهون قيادا، وكادت أَن تستباح عنْوَة، لَو أَن الله جعل لَهَا ميعادا، وأتى الْقَتْل من أبطالها ومشاهير رجالها مِمَّن يبارز ويناطح، ويماسى بالباس ويصابح، على عدد جم، أخْبرت سماتهم الْمَشْهُورَة بِأَسْمَائِهِمْ، ونبهت علاماتها على نبهائهم، وَظهر من إقدام الْمُسلمين فِي المعتركات، وجورهم بالحدود المشتركات، وتنفيلهم الأسلاب، وقودهم الْخَيل المسومة قَود الغلاب. وَكَانَ القفول، وَقد شَمل الْأَمْن وَالْقَبُول، وَحصل الْجِهَاد المقبول، وراع الْكفْر الْعِزّ الَّذِي يهول، والإقدام الَّذِي شهِدت بِهِ الرماح والخيول، وخاض الْمُسلمُونَ من زرع الطَّرِيق الَّذِي رَكبُوهَا، والمنازل الَّتِي استباحوها فِيهَا، وانتهبوها. بحورا بعد مِنْهَا السَّاحِل، وفلاحة مدركة تتعذر فِيهَا المراحل، فصيروها صريما، وسلطوا عَلَيْهَا للنار غريما،

ص: 20

وحلو بِظَاهِر حصن أندوجر، وَقد أصبح مألف إدمار غير أوشاب، ووكر طيور نشاب. فَلَمَّا بلونا مراسه صعبا، وأبراجه ملئت حرسا وشهبا، ضننا بالنفوس أَن تفيض من دون افتتاحه، وسلطنا العفا على ساحه، وأغرينا الغارات باستيعاب مَا بأحوازه واكتساحه، وسلطنا النَّار على حزونه وبطاحه، وألصقنا بالرغام ذوائب أدواحه. وانصرفنا بِفضل الله، والمناصل دامية، والأجور نامية، وَقد وطأنا المواطىء، الَّتِي كَانَت على الْمُلُوك [قبلنَا] سبلا، وَلم نَتْرُك بهَا حرثا يرقد نَسْلًا، وَلَا ضرعا يُرْسل رسلًا. وَالْحَمْد لله الَّذِي يتم النعم بِحَمْدِهِ، ونسله صلَة النَّصْر، فَمَا النَّصْر إِلَّا من عِنْده. عرفناكم بِهَذِهِ المكيفات الْكَرِيمَة الصعاب، والصنايع الروايع الَّتِي بعد الْعَهْد بِمِثْلِهَا فِي هَذِه الْأَوْقَات، علما بِأَنَّهَا لكم أَسْنَى الهديات الوديات، وَلما نعلمهُ لديكم من حسن النيات، وكرم الطويات، فَأنْتم سلالة الْجِهَاد المقبول، والرفد المبذول، ووعد النَّصْر الْمَفْعُول. ونسل الله تَعَالَى أَن ينْتَقل خيالكم للمعاهد الجهادية إِلَى المعاينة فِي نصر الْملَّة المحمدية، وَأَن يجمع بكم كلمة الْإِسْلَام على عَبدة الْأَصْنَام، وَيتم النِّعْمَة على الْأَنَام. وودنا لكم مَا علمْتُم يزِيد على مر الْأَيَّام، وَالله يَجعله فِي ذَاته لكم مُتَّصِل الدَّوَام، مبلغا إِلَى دَار السَّلَام، وَهُوَ سُبْحَانَهُ يصل سعدكم، ويحرس مجدكم، ويضاعف آلاءه عنْدكُمْ، وَالسَّلَام.

وَمن ذَلِك

الْمقَام الَّذِي أَحَادِيث سعادته لَا تمل على الْإِعَادَة والتكرار، وسبيل مجادته الشهيرة، أوضح من شمس الظهيرة عِنْد الِاسْتِظْهَار، وأخبار صنايع الله لملكه،

ص: 21

ونظم فرايد الأمل فِي سلكه، تخلدها أَقْلَام الأقدار، بمداد اللَّيْل فِي قرطاس النَّهَار، وترسمها بتذهيب الْأَسْفَار فِي صفحات الأقمار، وتجعلها هجيراه حملا للأسفار وحداة القطار فِي مسالك الأقطار. مقَام مَحل أخينا الَّذِي نلذ إِعَادَة هنائه مَعَ الْإِعَادَة، ونتلقى أنباء علائه بالإذاعة والإشادة. ونطرز بأعلام ثنائه صَحَائِف المجادة، ونشكر الله أَن وهب لنا من أخوته المضافة إِلَى الْمحبَّة والوداد، مَا يرجح فِي ميزَان الِاعْتِبَار أخوة الْولادَة، وعرفنا بيمن ولَايَته عوارف السَّعَادَة. السُّلْطَان الكذا ابْن السُّلْطَان الكذا. أبقاه الله فِي أَعْلَام الْملك السعيد، بَيت القصيد، ووسطى القلادة، ومجلى الْكَمَال الَّذِي تبارت بميدان بأسه وجوده، حَسَنَات الإبادة والإفادة، وَلَا زَالَت آماله القاصية تنثال طوع الإرداة، ويمن نقيبته تجمع من أشتات الْفتُوح، والعز الممنوح بَين الْحسنى وَالزِّيَادَة. مُعظم سُلْطَانه العالي، الْمثنى على مجده، الْمَرْفُوع إِسْنَاده فِي عوالي الْمَعَالِي، المسرور بِمَا يسنيه الله لَهُ من الصنع المتوالى، وَالْفَتْح الْمُقدم والتالي. الْأَمِير عبد الله الْغَنِيّ بِاللَّه مُحَمَّد ابْن أَمِير الْمُسلمين أَبى الْحجَّاج ابْن أَمِير الْمُسلمين أَبى الْوَلِيد بن نصر، أيد الله أمره، وأعز نَصره. سَلام كريم يتأرج فِي الْآفَاق شذا طيبه، وَتسمع فِي ذرْوَة الود بلاغة خَطِيبه، ويتضمن نور سَواد المداد عِنْد مراسلة الوداد، فيكاد يذهب بعبوسه الْمَجْهُول وتقطيبه، وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته.

أما بعد حمد الله فاتح الْأَبْوَاب بمقاليد الْأَسْبَاب، مهمى استصعبت، ومسير الْأُمُور بِحكمِهِ الْمَقْدُور، إِذا أجهدت الْحِيَل وأتعبت، مخمد نيران الْفِتَن بعد مَا التهبت، وجامع كلمة الْإِسْلَام، وَقد تصدعت وتشعبت، ومسكن رجفان

ص: 22

الأَرْض بعد مَا اضْطَرَبَتْ، ومحييها بعهاد الرَّحْمَة حَتَّى اهتزت وربت، اللَّطِيف الْخَبِير، الَّذِي قدرت حكمته الْأُمُور، ورتبت منهى كل نفس إِلَى مَا خطت الأقلام عَلَيْهَا، وكتبت ونفت وأوجبت، شَاءَت أَو أَبَت، ومجازيها يَوْم الْعرض بِمَا كسبت. وَالصَّلَاة على سيدنَا ومولانا مُحَمَّد رَسُوله، هازم الْأَحْزَاب لما تألفت وتألبت، وجالب الحتف إِلَيْهَا عِنْدَمَا أجلبت، رَسُول الملحمة إِذا الليوث وَثَبت، وَنَبِي الرَّحْمَة، الَّتِي هيأت النجَاة وسببت، وأبلغت النُّفُوس المطمينة من السَّعَادَة مَا طلبت، ومداوى الْقُلُوب الْمَرِيضَة، وَقد انتكبت وانقلبت بلطائفه الَّتِي راضت وهذبت، وقادت إِلَى الْجنَّة الْعليا واستجلبت، وَأَدت عَن الله وأدبت، الَّذِي بجاهه نستكشف الغما إِذا طنبت، ونستوكف النعما إِذا أخلفت البروق وكذبت، ونتحاب فِي طَاعَته ابْتِغَاء الْوَسِيلَة إِلَى شَفَاعَته، فَنَقُول وَجَبت حَسْبَمَا ثبتَتْ. وَالرِّضَا عَن آله وَأَصْحَابه، وأنصاره، وأحزابه، الَّتِي اسْتحقَّت المزية المرضية واستوجبت، لما انتمت إِلَى كَمَاله وانتسبت، وببذل نفوسها فِي مرضات الله، ومرضاته تقربت، وَإِلَى نصرته فِي حَيَاته انتدبت، والمناصل قد رويت من دَمًا الأعدا واختصبت، وخلفته فِي أمته بعد مماته، بالهمم الَّتِى عَن صدق الْيَقِين أعربت، فتداعت لمجاهدة الْكفَّار وانتدبت وأبعدت المغار وادربت، حَتَّى بلغ ملك أمته أقاصي الْبِلَاد الَّتِي نبت، فَكسرت الصَّلِيب الَّتِي نصبت، ونفلت التيجان الَّتِي عضبت، مَا هَمت السحب وانسحبت، وطلعت الشَّمْس وغربت. والدعا لمثابتكم الْعليا بالنصر الْعَزِيز كلما جهزت الْكَتَائِب، وتكتبت، وَالْفَتْح الْمُبين كلما راكنت عقائل الْقَوَاعِد وخطبت، والصنائع الَّتِي مهمى سرحت فِيهَا الْعُيُون تعجبت، أَو جالت فِي لطائفها الأفكار، استطابت مذاق الشُّكْر

ص: 23

واستعدبت، حَتَّى تنجز لكم مواعيد النَّصْر، فقد اقْتَرَبت، فَإنَّا كتبناه إِلَيْكُم كتب الله لكم أغيا مَا سَأَلت الألسن السائلة من الله واستوعبت.

من حَمْرَاء غرناطة حرسها الله، وجنود الله، بفضله وَنعمته، قد غلبت وَفتحت وسلبت، وأسود جهاده قد أردْت الْأَعْدَاء بعد مَا كلبت، ومراعى الآمال قد أخصبت، وَالْحَمْد لله حمدا يجلو وُجُوه الرِّضَا بعد مَا احْتَجَبت، وَيفتح أَبْوَاب الْمَزِيد، فَكلما اسْتَقْبلهَا الأمل رَحبَتْ، وَالشُّكْر لله شكرا، يُقيد شوارد النعم فَمَا أنفت وَلَا هربت. وَإِلَى هَذَا وصل الله لمقامكم أَسبَاب الظُّهُور والاعتلا، وعرفكم عوارف الآلاء على الولا. فَإنَّا لما ورد علينا كتابكُمْ الْبر الْوِفَادَة، الجم الإفادة، الْجَامِع بَين الْحسنى وَالزِّيَادَة، جالى غرَّة الْفَتْح الْأَعْظَم من ثنايا السَّعَادَة، وواهب المنن المتاحة، وواصف النعم الْمُعَادَة، فوقفنا من رقّه المنثور [وَبَيَانه المحشود المحشور لَا بل أربه المنشور] على تحف سنية، وأماني سنية، وقطاف للنصر جنية، ضمنت سُكُون الْبِلَاد وقرارها، وَأَن الله قد أذهب الْفِتَن وأورها، وأخمد نارها، وَخرج [عَن وَجه الْإِسْلَام عارها، وَجمع الْأَهْوَاء على من هوته السَّعَادَة، بعد أَن أجهدت] اخْتِيَارهَا، فَأصْبح الشتيت مجتمعا، وجنح الْجنَاح مرتفعا، والجبل الْمُخَالف خَاشِعًا متصدعا [واصحب فِي القيادة من كَانَ متمنعا] واستوسقت الطَّاعَة، وتبجحت السّنة وَالْجَمَاعَة، وَارْتَفَعت الشناعة، وتمسكت الْبِلَاد المكرمة بأذيال وَليهَا لما رَأَتْهُ، وعادت الأجياد العاطلة إِلَى حليها بعد مَا أنكرته. أجلنا جِيَاد الأقلام فِي ملعب الهنا وميدانه، الأول أَوْقَات إِمْكَانه، على بعد مَكَانَهُ، وأجهدنا عبارَة الْكَلَام فِي إجلال هَذَا الصنع، وتعظيم

ص: 24

شانه، وأغرينا الثَّنَاء بشيم مجدكم فِي شَرحه لنا وَبَيَانه [لأوّل أَوْقَات إِمْكَانه] رَأينَا أَن لَا نكل ذَلِك إِلَى اليراع، ونفرد فِيهِ بِالْإِجْمَاع وَمَا يتعاطاه من منَّة الذِّرَاع، وَأَن نَشد بردء من المشافهة لذره، ونعضد بِمعين من اللِّسَان أمره، فعينا لذَلِك من يُفَسر مِنْهُ الْمُجْمل، ويمهد الْقَصْد المعمل، حَتَّى يجمع بَين أغراض الْبر، والعلن مِنْهُ والسر، وَيُقِيم شَتَّى الْأَدِلَّة على الوداد المستقر، ووجهنا بِهِ فِي غَرَض الرسَالَة إِلَيْكُم، واخترنا لشرحه بَين يديكم خطيب الْوُفُود، وبركة الْمَشَايِخ فِي هَذَا الْمقَام الْمَحْمُود، الشَّيْخ الْجَلِيل الْكَبِير الشهير، الصَّالح الْفَاضِل، أَبَا البركات ابْن الْحَاج، وصل الله حفظه، وأجزل من الْحَمد واللطف حَظه، وَهُوَ البطل الَّذِي يعلم الإجالة فِي الميدان، وَلَا يبصر بوظائف ذَلِك الشان. ومرادنا مِنْهُ أَن يطبل، ويطيب ويخيل فِي وصف محاسنكم اللِّسَان الرطيب، ويقرر مَا عندنَا لمقامكم من التَّشَيُّع الَّذِي قَامَ على الْحبّ المتوارث أساسه، واطرد حكمه وأنتج قِيَاسه، وليجعل تلو مقصد الهنا بمجلسكم الباهر السنا، الصَّارِف إِلَى حيّز الْجِهَاد فِي سَبِيل الله والغنا، وَجه التهمم والاعتنا، على الاناء، مَا تجدّد من الأنباء فِي جِهَاد الْأَعْدَاء، وَإِن كَانَ رَسُولكُم أعزه الله، قد شَارك فِي السرى وَالسير، ويمن الطير، فَلَا سرف فِي الْخَبَر. وَهُوَ أننا لما انصرفنا، عَن منازلة قرطبة نظرا للحشود الَّتِي نفدت معدات أزوادها، وشافت بنسيم الْقلَّة المستقلة مفارق بلادها، وإشفاقا لفساد أقواتها بِفَوَات أَوْقَاتهَا، رحلنا عَنْهَا، وَقد انطوينا من إعفا اكثر تِلْكَ الزروع، الهائلة الْفُرُوع، على هم قوص، وأسف للمضاجع مغص، إِذْ كَانَ عاذل الْمَطَر، يكف أَلْسِنَة النَّار، عَن الْمُبَالغَة فِي التهامها، وحلاق هامها، ونفض أغوارها، ونهاب سوارها، وإذاعة أسرارها، وَهِي البحور المتلاطمة، إِذْ حطمتها الرِّيَاح اللاطمة، واللجج الزاخرة الهاملة، إِذْ حركتها الشواني الجائلة،

ص: 25

تود الْعُيُون أَن تَتَخَطَّى حُدُودهَا القاصية، فَلَا تطِيق، والركائب الزاكية، أَن تشرف على غاياتها، فيفضل عَن مراحلها الطَّرِيق، قد خللها أرزاقا، تغص بهَا الخزائن والأطباق، وحبوبا مفضلة لَا يرزأها الإنفاد والإنفاق، وَلَو تعاهدت على انتسافها الْآفَاق. فخففنا فِي سَبِيل الله لتعقيب غَزْو تِلْكَ الأقطار الْمُخَالفَة، بمحق الصائفة، وإذابة تِلْكَ الطَّائِفَة، بعلوم المجاع الحائفة، خفوفا لم يقنع فِيهِ بالاستنابة، حرصا على استيصال الطبابة، وأعفينا الرجل من اتِّصَال الكد، وقابلنا قبولهم على استصحابنا فِيهَا بِالرَّدِّ، وأطللنا على قرطبة بمحلينا، ننتسف جبال النعم نفسا، وَنعم الأَرْض زلزالا وخسفا، ونستقر فِي مواقع الْبذر إحراقا، ونخترق أجواها الْمُخْتَلفَة بحب الحصيد اختراقا، ونسلط عَلَيْهَا من شرار النَّار أَمْثَال الْجمال الصفر، مدت من الشواظ إعناقا، ونوسع الْقرى الواسعة قثلا واسترقاقا، وندير على [متديرها] أكواس الحتوف دهاقا، وَأخذت النيرَان واديها الْأَعْظَم من جانبيه، حَتَّى كَأَن القيون أحمت سبيكته فاستحالت، وأذابت صفيحته فسالت، وَأَتَتْ للْكفَّار سماؤهم بالدخان الْمُبين، وَصَارَت الشَّمْس من بعد صفورها وَعُمُوم نورها، منقبة الْمحيا، مقطبة الجبين، وخضنا أحشاء الفرنتيرة نعم أشتات النعم انتسافا، وأقوات أَهلهَا إتلافا، وآمال سكانها إخلافا، وَقد بهتُوا لسرعة الرُّجُوع، ودهشوا لوُقُوع الْجُوع، وتسبيب تخريب الربوع، فَمن الْمُمكن الْبعيد أَن يَتَأَتَّى بعد عمرائها الْمَعْهُود، وَقد اصطلم الزَّرْع واجتثت الْعود، وَصَارَ إِلَى الْعَدَم مِنْهَا الْوُجُود، وَرَأى من عزايم الْإِسْلَام خوارق تشذ عَن نطاق العوايد، وعجايب يستريب فِيهَا عين الْمشَاهد، إِذْ اشْتَمَل هَذَا الْعَام المتعرف

ص: 26

فِيهِ من الله الإنعام، على غزوات أَربع، دمرت فِيهَا الْقَوَاعِد الشهيرة تدميرا، وَعلا فَوق مراقيها الْأَذَان عَزِيزًا جهيرا، وكراسي الْملك تضييقا كَبِيرا، وأذيقت وبالا مبيرا، ورياح الإدالة إِن شَاءَ الله تسْتَأْنف هبوبا وبأسا شَدِيدا، والثقة بِاللَّه لَا تدخر مَطْلُوبا، وحظا مجلوبا، والعزة لله قد مَلَأت نفوسا مُؤمنَة وقولبا، وَالله السمئول أَن يوزع شكر هَذِه النعم الَّتِي أثقلت الأكتاد، وأمطت الطوق الْمُعْتَاد، والهجت المسيم والمرتاد، فيا لشكر يستدر مزيدها، ويتوالى تجديدها. وقطعنا فِي بحبوحة تِلْكَ العمالة المستبحرة الْعِمَارَة والفلح، المغنى عَن الْعبارَة وَالشَّرْح، مراحل ختمنا بالتعريج على حَرْب جيان حزبها، ففللنا ثَانِيَة غربها، وجددنا كربها، واستوعبنا جريها وحربها، ونظمنا الْبِلَاد فِي سلك البلا، وحثثنا فِي أنجادها وأغوارها ركايب الاستيلا، فَلم نَتْرُك بهَا ملقط طير، فضلا عَن معلف عير، وَلَا أسارنا لفلها المحروب بلالة خير. وقفلنا وَقد تركنَا بِلَاد النَّصَارَى الَّتِي فِيهَا لكيادنا المدد، وَالْعدة وَالْعدَد، وفيهَا الْخِصَام واللدد، قد لبست الْحَدِيد حريقا، وسلكت إِلَى الخلا والجلا طَرِيقا، وَلم تتْرك بهَا مُضْغَة تخالط ريقا، وَلَا نعْمَة تصون من الْفَرِيق فريقا. وَمَا كَانَت تِلْكَ النعم لَوْلَا أَن الله أعاق، من عنصري النَّار والهواء، بِجُنُود كَونه الْوَاسِع، مدركة الْبعيد الشاسع، لتتولى الْأَيْدِي البشرية تغييرها، وَلَا تدرأ كثيرها، وَلَا تمتاح بالاعتراف عذيرها، بل لله الْقُوَّة جَمِيعًا، فقدرته لَا تتحامى ريعا، وَلَا حمى مريعا منيعا. وعدنا وَالْعود فِي مثلهَا أَحْمد، وَقد بعد فِي شفا النُّفُوس الأمد، وَنسخ بالسرور الكمد، وَرفعت من عز الْإِسْلَام الْعمد، وَالْحَمْد لله حمد الشَّاكِرِينَ، وَمِنْه نلتمس عَادَة النَّصْر على أعدائه فَهُوَ خير الناصرين. عرفناكم بِهِ ليسر دينكُمْ

ص: 27

المتين ومجدكم الَّذِي راق مِنْهُ الجبين، وَالله يصل سعدكم، ويحرس مجدكم، ويبلغكم أَملكُم من فَضله، وقصدكم بمنه وفضله. وَالسَّلَام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته.

وَمن ذَلِك

من أَمِير الْمُسلمين عبد الله مُحَمَّد ابْن مَوْلَانَا أَمِير الْمُسلمين أبي الْحجَّاج ابْن مَوْلَانَا أَمِير الْمُسلمين أبي الْوَلِيد بن فرج بن نصر، أيد الله أمره، وأعز نَصره. إِلَى مَحل أخينا الَّذِي نصل لَهُ أَسبَاب الإعظام والإجلال، ونثني بِمَا لَهُ من كريم الشيم وَحميد الْخلال، ونسر لَهُ ببلوغ الآمال، ونجاح الْأَعْمَال، وَفِي طَاعَة الله ذِي الْجلَال، السُّلْطَان الكذا ابْن السُّلْطَان الكذا، وصل الله لَهُ سَعْدا مُتَّصِل الدَّوَام، دَائِم الِاتِّصَال، وصنعا تتجلى وجوهه من ثنايا الْقبُول والإقبال، وَعزا متفيأ ظلاله عَن الْيَمين وَالشمَال. سَلام كريم بر عميم، يخص سلطانكم الْأَسْنَى، ويعتمد مقامكم الْمَخْصُوص بِالزِّيَادَةِ وَالْحُسْنَى، وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته.

أما بعد حمد الله الْوَاهِب الفاتح، الْمَانِع المانح، مظهر عنايته بِمن خلص إِلَيْهِ قَصده، وَقصر على مَا لَدَيْهِ صَدره وورده، أبدا من محيا النَّهَار الْوَاضِح، الَّذِي وعد من اتَّقَاهُ حق تُقَاته على ألسنته سفرة وحيه وتقاته، بنجح الْخَوَاتِم والفواتح. وَالصَّلَاة على سيدنَا ومولانا مُحَمَّد رَسُوله المبتعث لدرء الْمَفَاسِد، ورعى الْمصَالح، وسعادة الغادى والرايح، منقذ النَّاس يَوْم الْفَزع الْأَكْبَر، وَقد حاطت بهم أَيدي الطوايح، وهاديهم إِلَى سَوَاء السَّبِيل بأزمة النصايح، ومظفرهم من السَّعَادَة الدائمة بأربح البضائع، وأسنى المفاتح. وَالرِّضَا عَن آله وَأَصْحَابه وعترته وأحزابه، الَّذين خلفوه امتثالا للصحائف، وإعمالا للصفائح، وَكَانُوا لأمته من بعده فِي الاقتدا بسنته، والمحافظة على سنته النُّجُوم اللوايح. والدعا لسلطانكم الأسمى بالسعد الَّذِي يُغني بوثاقه سَببه، ووضوح مذْهبه عَن زجر البارح والسانح، والعز الْبعيد المطارح، السَّامِي المطامح، والصنع الباهر اللايح، ولازال توفيق

ص: 28

الله عَائِدًا على تدبيركم [السعيد] بالسعي الناجح. والتجر الرابح. فَإنَّا كتبناه إِلَيْكُم، كتب الله لكم [من فَضله] أدخر الْأَقْسَام وأوفاها، وأوردكم من مورد عنايته أعذب الْحمام وأصفاها، وأبدي لكم وُجُوه اللطائف الجميلة وأخفاها.

من حَمْرَاء غرناطة حرسها الله، وَفضل الله هامية ديمه، وعوايد اللطف يصلها فَضله وَكَرمه، وَالْإِسْلَام بِهَذَا الثغر الجهادي مرعية ذممه، وجاه النُّبُوَّة المحمدية يعْمل بَين إرغام الْعَدو الْكَافِر، وإهدا المسرات والبشاير، سَيْفه وقلمه، وَالسُّرُور يبلغ من مزِيد سعدكم وَاضح أممه، خافق علمه، وودكم ثَابت فِي مَوَاقِف الخلوص قدمه. وَقد اتَّصل بِنَا مَا كَانَ من دُخُول حَضْرَة بجاية، حرسها الله، فِي طاعتكم، وانتظامها فِي سلك جماعتكم، وانقطاعها إِلَى عصمتكم، وتمسكها بأذمتكم، وعقدكم مِنْهَا وَمن أُخْتهَا السَّابِقَة، الذمم الخليقة بمزيد الاهتمام، على عقيلتي الأفكار، الَّتِي لَا يجمع بَينهَا إِلَّا ملك همام، وخليفه إِمَام، وَمن وضحت من سعادته أَحْكَام، وَشهِدت بعناية لَهُ أَدِلَّة وَاضِحَة وإعلام، وَمن جمع الله لَهُ بَين الْبر المتراكض الْخُيُول، والجيش المتدافع السُّيُول، وَالْخصب الَّذِي ينضى مراقده المسحرة ظُهُور الحمول، وَبَين الْبَحْر الشهير بنجدة الأسطول، وإنجاز وعد النَّصْر الممطول، ومرفإ السفن الَّتِي تخوض أحشاء الْبحار، وتجلب مرافق الْأَمْصَار والأقطار، وتتحف على النأي بِطرف الْأَخْبَار. بجاية. وَمَا بجاية، دَار الْملك الْأَصِيل الْعَتِيق، وكرسي الْعِزّ الوثيق، وَالْعدة إِذا توقعت الشدَّة، كم ثبتَتْ على الزلزال، وصابرت مَوَاقِف النزال، أمطاكم السعد صهوتها، وَأحكم التَّوْفِيق ربوتها، من غير مطاولة حِصَار، وَلَا استنفاد وسع ابتدار، وَلَا تسور

ص: 29

جِدَار، فَأَصْبَحت دولتكم السعيدة تتفيأ جنا الجنتين، وتختال فِي حلتين، وَيجمع بِفُتْيَا السيوف الْمَالِكِيَّة بَين هَاتين الأمتين. أوزعكم الله شكرها من نعم جلت مواهبها، ووضحت فِي سَبِيل الْعِنَايَة الإلهية مذاهبها، وصنيعة بهرت عجايبها. وَإِذا كَانَت عقايل النعم، تخْطب أكفاها، وموارد المنن تعرض على صفاها، فَأنْتم أملهَا الَّذِي لكم تذخر، وبمن دونكم تسخر، فَإِنَّكُم تميزتم بخالص العفاف والبسالة، والحسب وَالْجَلالَة، وأصبحتم فِي بَيتكُمْ صَدرا، وَفِي إهالة قومكم بَدْرًا، مواقفكم شهيرة، وسيرتكم فِي الْفضل لَا تفضلها سيرة، وَنحن نهنيكم بِمَا منحكم الله من انفساح الإيالة، ونمو الْجَلالَة، وَالنعَم المنثالة، فسلطان ألْقى عنانه إِلَى مثلكُمْ قد اخْتَار لقيادته، وارتاد فسعد فِي ارتياده، وتكفل الحزم بِحِفْظ بِلَاده، وصون طارفه وتلاده " وَكَأن بِهِ قد استولى على آماده، وتطاول لإرث أجداده، وَلنَا فِيكُم علم الله، ود تأسس بِنَاؤُه، وكرمت أنباؤه، وَجب الشَّرْع إِنْفَاذه إِلَيْكُم وإنهاؤه. وغرضنا الَّذِي نؤثره على الْأَغْرَاض والمقاصد، وتقدمه بِمُقْتَضى الخلوص الزاكي للشواهد، أَن تتصل بَيْننَا وَبَيْنكُم المخاطبة، وتتعاقب المواصلة، وَالْمُكَاتبَة. وَالله عز وجل الْمعِين على مَا يحب لودكم من بر يكمل واجبه، وتوضح مذاهبه، واعتقاد جميل يتساوى شَاهده وغائبه، وَهُوَ سُبْحَانَهُ يصل سعدكم ويحرس مجدكم [وَالسَّلَام الْكَرِيم يخصكم] وَرَحْمَة الله تَعَالَى وَبَرَكَاته.

وَمن ذَلِك

الْخلَافَة الَّتِي لَهَا الْمجد المؤثل، وَالْفضل الَّذِي كرم الآخر مِنْهُ وَالْأول، والمفاخر الَّتِي ظَاهرهَا لَا يتَأَوَّل. خلَافَة السُّلْطَان الكذا، ابْن السُّلْطَان الكذا ابْن السُّلْطَان الكذا. أبقاه الله علما فِي الْخُلَفَاء الرَّاشِدين وَالْأَئِمَّة المهتدين، [وَجمع

ص: 30

على محبته قُلُوب] أهل الْفضل وَالدّين، وتمم عَلَيْهِ نعْمَته كَمَا أتمهَا على سلفه من الْمُلُوك الْمُوَحِّدين. سَلام كريم بر عميم يخص خلافتكم الحافلة، ومثابتكم الفاضلة الْكَامِلَة، [وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته] ، من مُعظم مقدارها، وملتزم إجلالها وإكبارها، الْمثنى على مآثرها الْكَرِيمَة وآثارها، أَمِير الْمُسلمين عبد الله مُحَمَّد ابْن أَمِير الْمُسلمين أبي الْحجَّاج ابْن أَمِير الْمُسلمين أبي الْوَلِيد بن فرج بن نصر، أيده الله وَنَصره، وسنى لَهُ الْفَتْح الْمُبين ويسره.

أما بعد حمد الله ولى الْحَمد، وَمولى الرفد، جَاعل الْمَوَدَّة فِيهِ كفيلة بنجح الْفضل. وَالصَّلَاة على سيدنَا ومولانا مُحَمَّد رَسُوله الْهَادِي إِلَى سَبِيل الرشد، الماحي بِنور الْحق ظلام الْجحْد، الدَّاعِي على بَصِيرَة مِنْهُ إِلَى جنَّة الْخلد، ومثابة الْفَوْز والسعد. وَالرِّضَا عَن آله وَصَحبه أَعْلَام الْمجد، وسيوف الْحق الْمَخْصُوصَة بالعضد، الَّذين نصروه بالحداد الذلق والرماح الملد، وخلفوه فِي أمته بعد وَفَاته بِصِحَّة العقد. وَالدُّعَاء لخلافتكم الْعَالِيَة بسعادة الْجد، وبلوغ الأمل الممتد، والإنافة على مآثر الْأَب [الْكَرِيم] وَالْجد، فَإنَّا كتبناه لمقام خلافتكم السامية، كتب الله لَهَا من فَضله بُلُوغ الأمل، وَوصل لَهَا عوايد الْقبُول والإقبال، وشكر مَا تحليتم بِهِ من كريم الْخلال، وأصالة الْجلَال.

من حَمْرَاء غرناطة، حرسها الله، وَنعم الله كثيفة الظلال، وصنايعه لدين الْإِسْلَام مرتقبة الإطلال، وجانبكم مُعْتَمد بالإعظام والإجلال، والمعرفة بِقدر كم رسومها محتومة بالاستقلال. وَقد وصل خطابكم العميم الْوِفَادَة، وَكِتَابكُمْ

ص: 31

الْكَرِيم المجادة، مجددا بركَة المخاطبة من تِلْكَ الحضرة، مهديا من أنبا عصمتها أبهى المسرة، مُبْتَسِمًا عَن ثغور الْبشر المفترة، واصلا عوائد الشيم البره، جَوَابا عَمَّا كُنَّا خاطبنا بِهِ حاجبكم الَّذِي من أهل أبوابكم السامية عرف، وبسداد الْأُمُور فِي خدمتها وصف، وَمَا كَانَ من هجوم الْأَجَل المحتوم عَلَيْهِ، وانتقاله إِلَى المستقر الَّذِي ينْتَقل إِلَيْهِ، وَقبل أَن يُجيب عَن الْخطاب، ويصدر وَاجِب الْجَواب، وَالْأَصْل أبقاكم الله فِيهِ الْفَرْع وَالزِّيَادَة، وَفِي كتابكُمْ الْبركَة والسعادة، وجوابكم أحرز فَوق السُّؤَال، ومجدكم أحسن المناب عَن نابية الحميد الْخلال، تغمده الله وإيانا برحمته الفسيحة المجال. وَنحن نقرر لديكم مَا عندنَا من الْحبّ [فِي مقامكم الْأَصِيل) والثنا على خلافتكم الْكَرِيمَة الْجُمْلَة وَالتَّفْصِيل، ونعترف بِمَا لسلفها من الْفضل العميم وَالْوَلَاء الْكَرِيم، ويسرنا تَجْدِيد الْعَهْد الْقَدِيم. والذمام الَّذِي مَا عَهده بالذميم، وخاطبناكم نشكر تحفيكم الَّذِي لَا يُنكر من مثلكُمْ، وَلَا يستندر من محلكم. وَإِن تشوفتم إِلَى أَحْوَال هَذَا الْقطر وَمن بِهِ من الْمُسلمين، بِمُقْتَضى الدّين المتين، وَالْفضل الْمُبين، فاعلموا أننا فِي هَذِه الْأَيَّام، [ندافع من الْعَدو] تيارا، ونكابر بحرا زخارا، ونتوقع الْأَمر إِلَّا أَن وقى الله خطوبا كبارًا، ونمد الْيَد إِلَى الله انتصارا، ونلجأ إِلَيْهِ اضطرارا، ونستمد دُعَاء الْمُسلمين بِكُل قطر، استمدادا بهَا واستظهارا، ونستشير من خواطر الفضلا مَا يخْفض أخطارا، ويغشى ريح روح الله طيبَة معطارا. فَإِن القومس الْأَعْظَم، قيوم دين النَّصْرَانِيَّة، الَّذِي يأمرها فتطيع، ومخالفته لَا تَسْتَطِيع، رمى هَذِه الْأمة [الغريبة] المنقطعة، مِنْهُم بجراد لَا يسد طريقها، وَلَا يُحْصى فريقها، الْتفت على أخي صَاحب قشتالة، وعزمها أَن تملك بدله، وتبلغه أمله، وَيكون

ص: 32

الْكل يدا وَاحِدَة على الْمُسلمين، ومناصبة هَذَا الدّين، واستئصال شأفة الْمُؤمنِينَ، وَهِي شدَّة لَيْسَ لأهل الوطن بهَا عهد، وَلَا عرفهَا نجد وَلَا وهد، وَقد اقتحموا الْحُدُود الغربية، وَالله ولى هَذِه الْأمة الغريبة. وَقد جعلنَا مقاليد أمورها بيد من يقوى الضَّعِيف، ويدرأ الْخطب المخيف، ورجونا أَن تكون مِمَّن قَالَ الله فِيهِ:{الَّذين قَالَ لَهُم النَّاس إِن النَّاس قد جمعُوا لكم فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُم إِيمَانًا وَقَالُوا حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل} وَهُوَ سُبْحَانَهُ المرجو فِي حسن العقبى والمآل، وَنصر قبَّة الْهدى على قبَّة الضلال، وَمَا قل من كَانَ الْحق كنزه، وَلَا ذل من استمد من الله عزه {" قل تربصون بِنَا إِلَّا إِحْدَى الحسنيين، وَنحن نتربص بكم "} الْآيَة. ودعا من قبلكُمْ من الْمُسلمين عدد موفور، وَالله على كل حَال مَحْمُود مشكور، وَهُوَ جلّ وَعلا يصل سعدكم، ويحرس مجدكم، ويوفى من فَضله قصدكم وَالسَّلَام، [وَرَحْمَة الله تَعَالَى وَبَرَكَاته] .

وَمن ذَلِك

الْمقَام الَّذِي جلى السعد بدره، فَسَمت إِلَيْهِ الْعُيُون، ومطل الدَّهْر نَذره، فَقضيت بعده الدُّيُون، ورأته النُّفُوس مَظَنَّة الْجَبْر وَالْخَيْر، ويمن النقيبة وَالطير، فصدقته وَالْحَمْد لله الظنون، وأمل الْإِسْلَام أَن يخلف سلفه فِي سَبِيل الله بأكرم مَا خلف الْآبَاء بِهِ البنون، واعتاض الْملك بانتصاره وَحسن آثاره الغر الأقعس من الْهون، وَصَلَاح الشان من نقع الشئون، فَلهُ فِي ابتياسه الطير الميمون، وَالْأَجْر غير الْمَمْنُون. مقَام مَحل أخينا الَّذِي طوق الدولة المرينية يدا لَا تجْهَل، وَأورد بعد الظمأ البرح، الْمَوَارِد الَّتِي عذب مِنْهَا المنهل، فعمر الْمحل، واستقام السَّبِيل الأسهل، وراجع الزَّمن عهد الشبيبة، وَقد كَانَ فِي الْحَرْب يذهل، والرماح الملد لارتياح الْعِزّ تتأود، والجياد الجرد تصهل.

ص: 33

السُّلْطَان الكذا ابْن السُّلْطَان الكذا ابْن السُّلْطَان الكذا. أبقاه الله موضح السّنَن، ومسدى المنن، كَمَا أَبْرَأ بعزمته الْمَاضِيَة زمانة الزَّمن، وَعوض الْمنح من المحن، وطهر الضمائر من الإحن. وَلَا زَالَ دفاعكم عَن الدّين الحنيف يقوم من دون الْفَرَائِض وَالسّنَن مقَام الجنن، مُعظم مَا عظمه الْحق من جليل قدره المبتهج بإنارة بدره وقرة عينه، بالاستقلال على ملك أَبِيه وانشراح صَدره، الدَّاعِي إِلَى الله سُبْحَانَهُ بإطالة عمره، وإطاية ذكره، الصادع لموهبة الله قبله بِحَمْدِهِ، سُبْحَانَهُ وشكره. فلَان، سَلام كريم طيب بر عميم. كَمَا وضح وَجه الصَّباح رائق الْمحيا، ونفح النسيم اللدن عاطرا الريا، يخص مقامكم الَّذِي تزين بالكمال وتزيا، واحتل مرتبَة الْمجد الصراح والحسب الوضاح، فحياه السعد وبياه، وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته.

أما بعد حمد الله الْقَادِر الدَّائِم، مولى النعم الجمائم، ومثير الحميات فِي سَبيله ومحرك العزائم، ومنجح روم الرائم، ومعدد من لَا يُبَالِي بالامتعاض لدينِهِ الحنيف ومعلمه المنيف بلوم اللائم، ومعود ترادف النعم الْكِرَام والمنن الهامية الْغَمَام، ومشيد ركن الْإِسْلَام، من بعد مميل الدعائم، بِكُل ولى من خلفائه ماضي العزائم، رَافع الهضائم. وَالصَّلَاة على سيدنَا ومولانا مُحَمَّد، رَسُوله، النُّور الْمشرق على الأنجاد والتهائم، والداعي إِلَى سَبِيل السوَاء والخلق قد ضلوا ضلال الْبَهَائِم، منقذ أهل الجراير والجرائم، من النوب العظائم. وَالرِّضَا عَن آله وَصَحبه وعترته وَحزبه، رُعَاة الهمل السوائم، وسقاة الأسراب الحوائم الَّذين جروا على الْأَعْدَاء من بعده ذيول الهزائم، وأطلعوا فِي سَمَاء القتام بدور الْوُجُوه الغر من هالات الغمائم، وطنبوا قبب الهمم الشَّرِيفَة، والسجايا المنيفة، من فَوق الثريا والنعائم، وأزرت أَخْبَار مجدهم بشذ اللطائم

ص: 34

وطهر قُلُوبهم من الضغائن والسخائم، وَجعل أَرْزَاقهم من الْغَنَائِم، وأخلاقهم أطهر من أزهار الكمايم. وَالدُّعَاء لمقام أخوتكم، الَّذِي تقلد سيف الْعِزّ بِاللَّه من قبل التمائم، وَشهِدت لهلاله بالإبدار، عدُول المخايل الصادقة والضمائم، بالنصر الَّذِي يَسْتَدْعِي طوائف الْإِشْهَاد فِي سَبِيل الْجِهَاد، إِلَى المداعي الحافلة، فِي أهل الْكفْر والعناد والولائم، والصنع الَّذِي تنشى بِهِ صناع الأقلام صفحات صحف الرقائم. فَإنَّا كتبناه إِلَيْكُم، كتب الله لكم سَعْدا تشام بروقه الماطرة، فتقر عين الشائم، وَأمنا تنام فِي ظله عين النَّائِم، ونصرا ماضي الغرار، وثيق الْقَائِم، وتوفيقا يلازم أَعمالكُم السديدة وآراءكم الحميدة، لُزُوم أطواق الحمائم.

من حَمْرَاء غرناطة، حرسها الله وَلَا زَائِد بِفضل الله سُبْحَانَهُ إِلَّا يَقِين يشْتَد فِي الله عراه، وتوكل عَلَيْهِ يحمد عِنْد صباح الْفَوْز بالنجاح ويعلى القداح سراه، وَالْحَمْد لله فِي أولى كل أَمر وأخراه، وجانبكم الرفيع، وَجهه الْبر، وودكم وَظِيفَة الْجَهْر والسر، والابتهاج بِمَا يسنيه الله لكم من أمل ونجاح، يحمل عنوان كتاب الخلوص المستقر. وَإِلَى هَذَا وصل الله سعدكم، وحرس الظَّاهِر مجدكم، وبلغكم من فَضله أَملكُم وقصدكم. فإننا لما ورد علينا كتابكُمْ الْكَرِيم الْخلال، الْمهْدي نما الظُّهُور الْمُتَّصِل والاستقلال عَن ذَلِك الْجلَال، المبشر بنجح الْأَعْمَال وَفضل الْمَآل. ناهيك فِي نبإ فِي ضمنه وصل حَبل الله الَّذِي كَانَ قد انْقَطع، وَلم مَا تشعث، وجبر مَا أنصدع، وعود العوائد الْكَرِيمَة إِلَى رسومها، ورد أرواحها المتعارفة إِلَى جسومها، أجبناكم عَنهُ مَعَ مؤديه إِلَيْنَا، وموفد تحيته الْبرة علينا، عفوا مَا كُنَّا لنقنع وَلَا تجتلى بوتره حَتَّى يشفع. وشرعنا فِي اخْتِيَار من يحسن عَنَّا المناب فِي تَقْرِير السرُور بِمَا سركم، والتبرم المجحف بِمن ضرنا وضركم، وَألقى مَا عندنَا من الِاغْتِبَاط بودكم، والارتباط لما يَقع بوفق مجدكم، وكتبنا هَذَا الْكتاب مستدركا غَرَض الهنا الأكيد، محكما فِي جملَة فُصُول التَّأْكِيد، معلما بِأَن هَذِه الْبِلَاد قد استشرفت مِنْكُم إِلَى ظُهُور وَارِث وَليهَا، وَذي الفقار الْمَعْرُوف لَعَلَّهَا، وَمن يحيي فِي جِهَاد

ص: 35

عدوها مراسم أَبِيه ومآثر بَيته المبنية، ويغني بباعث رِضَاهُ ومجده، وقيامه بِحقِّهِ من بعده عَن التَّنْبِيه. وَقد قَررنَا لكم فِي غير هَذَا الْكتاب أننا تيمنا بدولتكم من لدن خولها الله موهبة اخْتِصَاصه، وذخركم لجبر حَقّهَا واستخلاصه، تيمنا شاع فِي الْخَاصَّة وَالْجُمْهُور، وَركب جادة القَوْل الْمَشْهُور، فَلم نعدم وَالْحَمْد لله نصرا وَلَا فتحا، وَلَا عدمنا من الله منا وَلَا منحا، وَالله يَجْعَل ذَلِك قِيَاسا يضطرد حكمه، ويبرز فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ إِلَى الْحسن الملحوظ، وَمظَاهر الحظوظ حكمه، وأوفدنا بِهَذِهِ التَّتِمَّة، والأغراض المهمة، من رجونا أَن يجلى فِي هَذَا الميدان، ويأتى على خبر الهنا، وأيدي الثنا بالعيان، ويجهد فِي هَذَا المجال الرحيب جِيَاد الْبَيَان، إِذْ لم تعفه هَيْبَة الْمقَام الرفيع الشان، المتعددة بأفقه الْأَعْلَى غمائم شهب الْأَعْيَان، أولى الأحساب والأديان، وَهُوَ فلَان.

وَمن ذَلِك

مولَايَ ومولاي بسرى وَمولى الْمُسلمين، ورحمتي الَّتِي فاقت رَحْمَة الْآبَاء للبنين، وعصمتي المتكفلة بالسعد الرَّائِق الجبين: يقبل قدمكم الَّتِي جعل الله الْعِزّ فِي تقبيلها، والسعد فِي اتِّبَاع سَبِيلهَا. عبدكم الصَّغِير فِي سنه، الْكَبِير فِي خدمتكم، وخدمة كبيره فِي حَيَاتكُم بِفضل الله وَمِنْه، الهاش لتمريغ وَجهه فِي كتابكُمْ من الذِّرَاع المنبتة طباعه عَن الْعُبُودِيَّة الكامنة بالبدار إِلَى ذَلِك والإسراع. عبدكم وولدكم بعد كتبه من بَابَكُمْ، المحوط بعز أَمركُم، المتحف إِن شَاءَ الله بأنباء نصركم، وَقد وصل إِلَى العَبْد تشريفكم السابغ الْحلَل، وتنويهكم الْمبلغ غايات الأمل، وَخط يدكم الْكَرِيمَة، وغمامة رحمتكم الهامية الديمة. فياله من عز أثبت لي الْفَخر فِي أنبا الْمُلُوك، وساد بِي من الترشيح إِلَى رتب حظوتكم على النهج المسلوك. قرر من عَافِيَة مولَايَ وسعادته، واقتران السرُور، بِحَيْثُ حل بوفادته مَا يكفل ببلوغ الآمال، وتمم لِسَان الْحَال فِي شكر لِسَان الْمقَال. وَالله يديم أَيَّام مولَايَ حَتَّى يقوم بِحَق شكر النعم لِسَانه، وَتُؤَدِّي بعده جوارحه من الدفاع بَين

ص: 36

يَدي سُلْطَانه مَا يسر بِهِ سُلْطَانه. وَبعث من جَوَابه مَنْقُولًا ليد حامله فِي يَده لهني تَقْبِيل الْيَد الْكَرِيمَة بِحَال تَأْكِيد، ويقرر مَا لعَبْدِهِ، لوجهه الْكَرِيم من شوق شَدِيد، وَيعرف تحول نعْمَة الله وَنعمته لمن بِبَابِهِ من خدم وَحرم وَعبيد، وَمد يَد الرَّغْبَة لمَوْلَاهُ فِي صلَة الإنعام بتشريفه، وإعلامه بمتزيدات حركته وتعريفه. فَفِي ضمن ذَلِك كل عز مشيد، وَخير جَدِيد، وَينْهى تَحِيَّة أهل منزل مولَايَ على اخْتلَافهمْ بِحَسب مَنَازِلهمْ من نعمه، ولخطه الَّتِي يَأْخُذ مِنْهَا كل بحظه. وَالسَّلَام الْكَرِيم وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته، يَتْلُو لَهُ فِي الله وَالْآخر بعده.

ص: 37