الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمن ذَلِك فِي وصف الأديب ابْن حزب الله
رَاقِم واشي، رَقِيق الجوانب والحواشي، تزهى بِخَطِّهِ المهارق والطروس وتتجلى فِي حلى إبداعه كَمَا تجلت الْعَرُوس، إِلَى خلق كثير التجمل، وَنَفس، عَظِيمَة التَّحَمُّل، وود سهل الْجَانِب، عذب المشارب. لما قضيت الوقيعة الْعُظْمَى بِظَاهِر طريف، أقَال الله عثارها، وَعجل ثارها قذف بِهِ موج ذَلِك الْبَحْر، وأفلت إفلات الْهدى المقرب للنحر، وَرمى بِهِ إِلَى رندة الْفِرَار، وَقد عرى من أثوابه كَمَا عرى العرار. فتعرف للحين بأديبها المفلق وبارقها المتألق أبي الْحجَّاج المنتشافرى، فِرَاقه يشر لِقَائِه، ونهل على الظمإ فِي سِقَايَة، وَكَانَت بَينهمَا مخاطبات أنشدنيها بعد إيابه، وَأَخْبرنِي أَنه نسي بهَا مَا كَانَ من ذهَاب زَاده، وسلب ثِيَابه.
وَمن ذَلِك فِي وصف أحد الْفُضَلَاء
فلَان وَإِن كَانَ أَشد النَّاس عناية بعمامة تلوى، وطيلسان يسوى، وتاج وإكليل، وزى جميل، وَكم ينَال الأَرْض كزلومة فيل. فَجَاهد فِي عدم الجناحوره، وجانبه مَعَ الْعِزّ شَوْكَة، وناورته على البأو عصبَة فجة. لَو دخل كورة النَّحْل، أَو سكن قَرْيَة النَّمْل، مستأمرا من أميرها بتقريب، أَو حَاصِلا من ريسها على حَظّ رغيب، لتلون لِأَخِيهِ، وشمخ بأنف التيه، على فصيلته الَّتِي تؤويه، سكرا من شراب لمع السراب، وأهنا بزور الْحَظ المنزور. فَإِذا أدال
الصحو من الشملة، أَو عدم قبُول النملة، أَو طوق الدِّيوَان، تمنع بأنسه الأخوان، فَمَا أولاه باستكتاب الْقَابِل من أَمر ريح الْجنُوب بالهبوب، وَمن أذن للغمام الهتان، وَمن ينظرنا بِعَيْنِه الزَّرْقَاء يَعْنِي نوار الْكَتَّان:
(رفقا بك سَيِّدي رفقا
…
فالظن إِن تبرا وَإِن تشفا)
(أما مزاجك فَهُوَ معتدل
…
لَكِن أَظن خيالك استسقا)
وَمَعَ ذَلِك فمحاضرته بَحر لَا تحصر أَجنَاس لآليه، وزهر لَا يمل منتسقه ومجتلبه، إِلَى طلعة لَا تقتحم وَلَا تزدري، وأبهة مَا كَانَ حَدِيثهَا يعتري:
(وَمن ذَا الَّذِي ترْضى سجاياه كلهَا
…
كفى الْمَرْء فضلا أَن تعد معايبه)