الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَقد الى الله بهَا مضطرة
…
حَتَّى ترى السّير عَلَيْهَا يسهل)
(هُوَ الفنا والبقاء بعده
…
وَالله عَن حكمته لَا يسْأَل)
(يَا قُرَّة الْعين وَيَا حسرتها
…
يَوْم يُوفى النَّاس مَا قد عمل)
يَا طرداء الْمُخَالفَة إِنَّكُم مدركون، فاستبقوا بَاب التَّوْبَة، فَإِن رب تِلْكَ الدَّار يجير وَلَا يجار عَلَيْهِ، فَإِذا أمنتم فاذكروا الله كَمَا هدَاكُمْ، يَا طفيلية الهمة دسوا أَنفسكُم فِي زمر التائبين. وَقد دعوا إِلَى دَعْوَة الحبيب فَإِن لم يكن أكل، فَلَا أقل من طيب الْوَلِيمَة. قَالَ بعض العارفين، إِذا عقد التائبون الصُّلْح مَعَ الله انتشرت رعايا الطَّاعَة فِي عمالة الْأَعْمَال، وأشرقت الأَرْض بِنور رَبهَا، وَوضع الْكتاب، مَعَاني هَذَا الْمجْلس وَالْحَمْد لله نسيم سحر، إِذا انتشفه مخمور الْغَفْلَة أَفَاق بسعوط هَذَا الْوَعْظ يتفض إِن شَاءَ الله زكمة البطالة. أَن الَّذِي أنزل الدَّاء، أنزل الدَّوَاء، إكسير هَذَا العتاب، يغلب بحكمة جَابر الْقُلُوب المنكسرة. عَمَّن كَانَ لَهُ قلب، إِنَّمَا يستجيب الَّذين يسمعُونَ، والموتى يَبْعَثهُم الله. أَلا هِيَ دلها من حيرة يضل فِيهَا إِلَّا أَن هديت الدَّلِيل، وأجلها من غمره، وَكَيف أَلا بإعانتك السَّبِيل. نفوس صَدْرِي على مر الْأَيَّام، مِنْهَا الصَّقِيل، وبنا بجنوبها باعانتك السَّبِيل. نفوس صدى على مر الْأَيَّام، مِنْهَا الصَّقِيل ونبا بجنوبها عَن الْحق المقيل، وأذان أبهظها القَوْل الثقيل، وعثرات لَا يقبلهَا إِلَّا أَنْت يَا مقيل، حَسبنَا وَنعم الْوَكِيل.
وَمن ذَلِك
إخْوَانِي، صمت الْأَذَان والنداء جهير، وَكذب العيان والمشار إِلَيْهِ شهير، أَيْن الْملك، وَأَيْنَ الظهير، أَيْن الْخَاصَّة وَأَيْنَ الجماهير، أَيْن الْقَبِيل وَأَيْنَ العشير، أَيْن كسْرَى وَأَيْنَ أزدشير، صدق الله الناعي، وَكذب البشير وَعز المستشار واتهم المشير، وسبل عَن الْكل فَأَشَارَ إِلَى التُّرَاب المشير:
(خُذ من حياتك للمات الآت
…
وبدار مَا دَامَ الزَّمَان موَات)
(لَا تغترر فَهُوَ التُّرَاب بقيعة
…
قد خودع الْمَاضِي بِهِ والآتي)
(يَا من يؤمل واعظا ومذكرا
…
يَوْمًا لينقذه من الغفلات)
(هلا اعْتبرت ويالها من عِبْرَة
…
بمدافن الْآبَاء والأمات)
(قف بِالبَقِيعِ وناد فِي عرصاته
…
فلكم بِهِ من جيرة ولدات)
(درجوا وَلست بِخَالِد من بعدهمْ
…
متميز عَنْهُم بِوَصْف حَيَاة)
(وَالله مَا استهللت حَيا صَارِخًا
…
إِلَّا وَأَنت تعد فِي الْأَمْوَات)
(لَا فَوت عَن دَرك الْحمام لَهَا رب
…
وَالنَّاس صرعى معرك الْآفَات)
(كَيفَ الْحَيَاة لدارج متكلف
…
سنة الْكرَى بمدافن الْحَيَّات)
(أسفا علينا معشر الْأَمْوَات لَا
…
ننفك عَن شغل بهاك وهات)
(ويغرنا لمع السراب فتغتدي
…
فِي غَفلَة عَن هَادِم اللَّذَّات)
(وَالله مَا نصح امْرأ من غشه
…
وَالْحق لَيْسَ بخافت للمشكات)
يَا من غَدا وَرَاح، وَألف المراح، يَا من شرب الراح، ممزوجة بالعذب القراح، وَقعد لقيان صروف الزَّمَان، مقْعد الاقتراح، كَأَنَّك وَالله باخْتلَاف الرِّيَاح، وَسَمَاع الصياح، وهجوم غَارة الاجتياح، فأديل الخفوت من الارتياح، ونسيت أصوات الفنا برنات النياح، وعوضت غرر النوب بالقباح، من غرر الْوُجُوه الصَّباح، وتناولت الجسوم الناعمة أَيدي الاطراح، وتنوسيت العهود الْوَثِيقَة بكر المسا عَلَيْهَا والصباح، وأصبحت كماة النطاح من تَحت البطاح، وَحَملَة المهندة والرماح، ذليلة بعد الجماح:
(وَلَو كَانَ هول الْمَوْت لَا شَيْء بعده
…
لهان عَلَيْهَا الْأَمر واحتقر الهول)
( [وَلكنه حشر وَنشر وجنة ونار
…
وَمَا لَا يسْتَقلّ بِهِ القَوْل] )
يَا مشتغلا بداره ورم جِدَاره، عَن إسراعه إِلَى النجَاة وَبِدَارِهِ، يَا من صَاح بإنذاره شيب عذاره، يَا من صرف عَن اعتذاره باقذايه وأقتراره، يَا من قطعه بعد مزاره، وَثقل أوزاره. يَا مُتَعَلقا ينْتَظر هموم حزاره، يَا مختلسا للأمانة يرتقب مفتش مَا تَحت إزَاره، يَا من أمعن فِي خمر الْهوى، خف من إسكاره، يَا من خَالف مولى رقّه، توق من إِنْكَاره، يَا كلفا بعارية ترد يَا مفتونا بِأَنْفَاسِ تعد، يَا معولا على الْإِقَامَة والرحال تشد، كأنني بك وَقد أوثق الشد، وألصق بالوسادة الخد، وَالرجل تقبض وَالْأُخْرَى تمد، وَاللِّسَان يَقُول يَا ليتنا نرد:
(إِنَّا إِلَى الله وَإِنَّا لَهُ
…
مَا أشغل الْإِنْسَان عَن شَأْنه)
(يرتاح للأثواب يزهى بهَا
…
وَالْخَيْط مغزول لأكفانه)
(ويخزن الْفلس لوراثه
…
مستنفدا مبلغ إِمْكَانه)
(قوض عَن الفاني رحال أَمْرِي
…
مد إِلَيْهِ كف عرفانه)
(مَا تمّ إِلَّا موقف رَاهن
…
قد وكل الْعدْل بميزاته)
(مفرط يشقى بتفريطه
…
ومحسن يَجْزِي بإحسانه)
يَا هَذَا خَفِي عَلَيْك فرض اعتقادك، فَالْتبسَ الشَّحْم بالورم. جهلت قيم الْمَعَادِن فَبِعْت الشّبَه بِالذَّهَب، فسد حسن ذوقك، فتفكهت بحنظله، أَيْن حرصك من أَجلك، أَيْن قَوْلك من عَمَلك، يدركك الحيا من الطِّفْل، فتتحامى حمى الْفَاحِشَة فِي الْبَيْت بِسَبَبِهِ ثمَّ تواقعها بِعَين خَالق الْعين، ومقدر الكيف والأين تالله مَا فعل فعلك بمعبوده من قطع بِوُجُودِهِ {" مَا يكون من نجوى ثَلَاثَة
…
الْآيَة "} ، تعود عَلَيْك مساعي الْجَوَارِح الَّتِي سخرها لَك بالقناطير المقنطرة من الذَّهَب وَالْفِضَّة، فتبخل مِنْهَا فِي سَبيله بفلس، وَأحد الْأَمريْنِ لَازم، إِمَّا التَّكْذِيب
وَإِمَّا الحماقة. وجمعك بَين الْحَالَتَيْنِ عَجِيب، يرزقك السنين العديدة من غير حق وَجب لَك، وتسيء الظَّن بِهِ يَوْم توجب الْحق، وتعتذر بالغفلة، فَمَا بالك التَّمَادِي. تعترف بالذنب فَمَا الْحجَّة مَعَ الْإِصْرَار، والبلد الطّيب يخرج نَبَاته بِإِذن ربه. وَالَّذِي خبث لَا يخرج إلاكدارا، يَا مدعى النسْيَان مَاذَا فعلت من بعد التفكير، يَا معتذرا بالغفلة أَيْن نصْرَة التَّنْبِيه، يَا من قطع بالرحيل أَيْن الزَّاد. يَا ذُبَابَة الْحِرْص الى كم تلحج فِي ورطة الشهد، يَا نايما ملْء عَيْنَيْهِ، جِدَار الْأَجَل يُرِيد أَن ينْقض، يَا ثمل الاغترار قرب خماد النَّدَم. تدعى الحذق بالصنايع، وتجهل هَذَا الْقدر. تبذل النصح لغيرك، وتغش نَفسك هَذَا الْغِشّ. اندمل جرح توبتك على عظم، قَامَ بِنَا عزيمتك على رمل نَبتَت خضراه، دعوتك على دمنه. عقدت كفك من الْحق على قَبْضَة مَا {" فَمن زين لَهُ سوء عمله فَرَآهُ حسنا
…
. " الاية "} إِذا غام جو الْمجْلس، وابتدا رش غمام الدُّمُوع، قَالَت النَّفس الأمارة حوالينا وَلَا علينا، فوالت ريَاح الْغَفْلَة وسحاب الصَّيف جفاف كلما شدّ طِفْل الْعَزِيمَة كَفه على درة التَّوْبَة صانعته طير الشَّهْوَة على ذَلِك بعصفور. إِذا ضيق الْخَوْف فسحة الْمهل، سرق الأمل حُدُود الْجَار. قَالَ بعض الْفُضَلَاء، كَانُوا إِذا فقدوا مطلوبهم تأملوا قُلُوبهم، وَلَو صدق الْوَاعِظ الْأَثر، اللَّهُمَّ لَا أَكثر، طَبِيب يداوي النَّاس وَهُوَ عليل والتفطن قَلِيل، فَهَل إِلَى الْخَلَاص سَبِيل. اللَّهُمَّ انْظُر بِعَين رحمتك الَّتِي وسعت الْأَشْيَاء، وشملت الْأَمْوَات والأحياء، يَا دَلِيل الحائرين. دلنا يَا عَزِيز، ارْحَمْ ذلنا يَا ولي من لَا ولي لَهُ كن لنا إِن أَعرَضت عَنَّا فَمن لنا نَحن المذنبون، وَأَنت غفار الذُّنُوب، فَقلب قُلُوبنَا يَا مُقَلِّب الْقُلُوب، واستر عيوبنا يَا ستار الْعُيُوب يَا أمل الطَّالِب وَغَايَة الْمَطْلُوب، أَنْت حَسبنَا وَنعم الْوَكِيل.