المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌كتب الدعابات والفكاهات - ريحانة الكتاب ونجعة المنتاب - جـ ٢

[لسان الدين بن الخطيب]

فهرس الكتاب

- ‌جُمْهُور الْأَغْرَاض السلطانيات

- ‌وَمن ذَلِك

- ‌كتب مخاطبات الرعايا والجهاتكتبت عَن السُّلْطَان أبي الْحجَّاج ابْن السُّلْطَان أبي الْوَلِيد ابْن نصر، رَحمَه الله تَعَالَى لأهل ألمرية، أعرف بِهَلَاك الطاغية ملك قشتالة، وإقلاع محلته عَن جبل الْفَتْح.من الْأَمِير عبد الله يُوسُف ابْن أَمِير الْمُسلمين أبي الْوَلِيد بن فرج

- ‌وَفِي هَذَا الْغَرَض أَيْضا

- ‌ظهاير الْأُمَرَاء والولاة

- ‌وخاطبت الْوَزير الْمَذْكُور على أثر الْفَتْح الَّذِي تكيف لَهُ

- ‌وَمن ذَلِك فِي مُخَاطبَة الْوَزير الْمَذْكُور وَأَنا سَاكن بسلا

- ‌وَمن ذَلِك مَا كتبت بِهِ إِلَى رَئِيس ديوَان الإنشاد الشريف شمس الدّين أبي عبد الله بن أبي ركب [أعزه الله تَعَالَى]

- ‌كتب الدعابات والفكاهات

- ‌وَمن ذَلِك فِي هَذَا الْغَرَض مِمَّا خاطبت بِهِ أَبَا إِسْحَاق ابْن الْحَاج على لِسَان قَاضِي الحضرة أبي الْحسنسَيِّدي، جعل الله أكوار العمائم تتضاءل لكور عمامتك، والنفوس الطامحة الهمم على اخْتِلَاف الْأُمَم، تقر بِوُجُوب إمامتك، وسر الْإِسْلَام باتصال سلامتك، وتبرأ الملا من

- ‌المقامات

- ‌من ذَلِك الْكتاب الْمُسَمّى بمعيار الِاخْتِيَار

- ‌الْمجْلس الثَّانِي

- ‌وَمن ذَلِك مَا صدر عني فِي السياسة وَكَانَ إملاؤها فِي لَيْلَة وَاحِدَة

- ‌وَمن ذَلِك كتاب الْإِشَارَة إِلَى أدب الوزارة فِي السياسة

- ‌بَاب بَيَان قدر رُتْبَة الوزارة فِي الأقدار وَبَعض شُرُوط الِاخْتِيَار

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف الشريف أبي عبد الله ابْن الْحسن الحسني

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف أبي الْقَاسِم ابْن الرئيس أبي زَكَرِيَّا العزفي

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف أبي عبد الله ابْن الشَّيْخ الْحَاجِب بتونس أبي الْحسن بن عَمْرو

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف أبي عبد الله بن الْحَاجِب بتونس أبي عبد الله بن العشاب

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف صَاحب الْقَلَم الْأَعْلَى بالمغرب أبي مُحَمَّد عبد الْمُهَيْمِن الْحَضْرَمِيّ

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف الْخَطِيب أبي عبد الله بن رشيد

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف أبي عبد الله بن هَانِيء السبتي

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف أبي على الْحسن بن تذاررت

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف القَاضِي أبي الْحجَّاج الطرطوشي

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف الْكَاتِب أبي الْعَبَّاس بن شُعَيْب

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف أبي عبد الله بن عمرَان التّونسِيّ

- ‌وَفِي وصف أبي عبد الله بن عبد الْملك من أهل مراكش

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف أبي إِسْحَق الحسناني من أهل تونس

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف أبي عبد الله المكودي من أهل فاس

- ‌انْتهى مَا تمّ اخْتِيَاره من كتاب التَّاج الْمحلى فِي مساجلة الْقدح الْمُعَلَّى

- ‌ الأكليل الزَّاهِر فِيمَن فضل عِنْد نظم التَّاج من الْجَوَاهِر " فِي وصف الْخَطِيب أبي عبد الله الساحلي الحمالقى الولى، نفع الله بِهِ

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف أبي جَعْفَر الشاطبي

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف الْخَطِيب أبي على الْقرشِي

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف القَاضِي أبي عَمْرو بن مَنْظُور

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف الْخَطِيب أبي الطَّاهِر بن صَفْوَان المالقى

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف الشَّيْخ أبي عبد الله الطرطوشي

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف الفقية أبي عبد الله بن الْحَاج من أهل مالقة

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف الشَّيْخ الْوَزير أبي عَليّ بن غفرون

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف الْوَزير الْكَاتِب أبي عبد الله بن عِيسَى

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف الْكَاتِب أبي بكر بن العريف

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف للشَّيْخ أبي عبد الله المتأهل

- ‌وَفِي وصف الشَّيْخ أبي عبد الله بن ورد

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف الشَّيْخ أبي عبد الله الْعِرَاقِيّ الْوَادي آشيمَعْدُود فِي وقته من أدبائه، ومحسوب فِي أَعْيَان بَلَده وحسبايه، كَانَ رحمه الله من أهل الْعَدَالَة وَالْخَيْر، سايرا على مَنْهَج الاسْتقَامَة، أحسن السّير، وَله أدب لَا يقصر عَن السداد، وَإِن لم يكن بطلا، فَمِمَّنْ يكثر

- ‌معتر غير قَانِع، ومنتجع كل هشيم ويانع، نَشأ بِبَلَدِهِ مالقة، أبرع من أورد البراعة فِي نفس، وهز غصنها فِي رَوْضَة طرس، إِلَّا مَا كَانَ من سخافة عقله، وقعوده تَحت الْمثل أخبر تقله، لَا يرتبط إِلَى رُتْبَة، وَلَا ينتمي إِلَى عصبَة، وَلَا يتلبس بسمت، وَلَا يَسْتَقِيم من

- ‌أديب نَار فكره يتوقد، وأديب لَا يعْتَرض كَلَامه وَلَا ينْقد. أما الْهزْل فَهُوَ طَرِيقَته المثلى، ركض فِي ميدانها وجلى، وطلع فِي أفقها وتجلى، فَأصْبح علم أعلامها، وعابر أحلامها. إِن أَخذ بهَا فِي وصف الكاس، وَذكر الْورْد والآس، وألم بِالربيعِ وخصله، والحبيب

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف الأديب أبي الْأصْبع عَزِيز بن مطرف

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف الأديب أبي عبد الله بن فَضِيلَة

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف أبي الْقَاسِم الورشيدي

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف القَاضِي أبي بكر بن مَنْظُور

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف القَاضِي أبي جَعْفَر بن برطال

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف الْفَقِيه أبي عَامر بن عبد الْعَظِيم

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف أبي عُثْمَان الغلق

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف أبي عُثْمَان بن أبي عُثْمَان

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف الْمقري أبي الْقَاسِم الجزالي

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف الْفَقِيه الصُّوفِي أبي جَعْفَر العاشق

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف أبي الْقَاسِم الساحلي

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف أبي الْقَاسِم عبد الله بن الطبيخ

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف أبي الْحسن عَليّ بن عبد الْعَزِيز بن قيس

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف أبي الْحسن السكاك الغرناطي

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف الْوَزير أبي جَعْفَر بن المراني

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف الْحَاج أبي عبد الله الشَّديد

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف أبي الْحسن الرعيني

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف الْفَقِيه الْخَيْر أبي عبد الله السكان الأندرشي

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف الْعدْل أبي عبد الله الْقطَّان

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف الْوَزير أبي عبد الله بن شلبطور

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف الْعدْل أبي عبد الله بن مُشْتَمل البلياني

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف الْمُؤلف

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف أبي عبد الله بن سَلمَة الْكَاتِب

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف أبي عبد الله الشريشي

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف أبي عبد الله اللؤلؤة

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف أبي عبد الله بن خَاتِمَة

- ‌وَفِي وصف أبي يحيى بن دَاوُد

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف أبي عبد الله بن أبي الْبَقَاء

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف أبي عبد الله الطشكري

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف أبي عبد الله بن مشرف

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف أبي جَعْفَر أَحْمد بن رضوَان بن عبد الْعَظِيم

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف أبي عبد الله بن هاني

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف الْكَاتِب أبي عَمْرو بن زَكَرِيَّا

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف الْحَاج أبي الْعَبَّاس القراق

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف الْكَاتِب أبي الْحسن الملياني صَاحب الْعَلامَة بالمغرب:

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف أبي إِسْحَق بن سعد

- ‌وَله فِي وصف أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن عبد الْحق

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف الشريف أبي عبد الله العمراني

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف أبي عبد الله بن جَابر الكفيف

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف الأديب أبي إِسْحَق بن الْحَاج

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف الأديب ابْن حزب الله

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف أحد الْفُضَلَاء

- ‌كتب الزواجر والعظات

- ‌فَمن ذَلِك فِي مُخَاطبَة ابْن مَرْزُوق

- ‌وَمن ذَلِك مَا صدر عني فِي هَذَا الْغَرَض بِمَا نَصه:

- ‌وَإِن شَاءَ قَالَ بعد الْخطْبَة

- ‌وَمن ذَلِك

- ‌وَمن ذَلِك مَا صدر عني فِي هَذَا الْغَرَض مِمَّا خاطبت بِهِ أحد الْفُضَلَاء

الفصل: ‌كتب الدعابات والفكاهات

‌كتب الدعابات والفكاهات

فَمن ذَلِك مَا خاطبت بِهِ أَبَا زيد بن خلدون [وَقد اشْترى بكرا من بَنَات الرّوم مولدة اسْمهَا هِنْد وأعرس بهَا]

(أوصيك بالشيخ أَبَا بكرَة

لَا تأمنين فِي حَالَة مكره)

(واجتنب الشَّك إِذا جِئْته

جَنْبك الرَّحْمَن مَا تكره)

سَيِّدي، لَا زلت تتصف بالوالج بَين الخلاخل والدمالج، وتركض فَوْقهَا ركض الهمالج. أَخْبرنِي كَيفَ كَانَت الْحَال، وَهل حطت بالقاع من خير الْبِقَاع الرّحال، وَأحكم بمروود المراودة الاكتحال، وارتفع بالسقيا الإمحال، وَصَحَّ الانتحال، وحصحص الْحق، فَذهب الْمحَال. وَقد طولعت بِكُل بشرى وَبشر، وزفت هِنْد مِنْك إِلَى بشر، فَللَّه من عَشِيَّة تمتعت من الرّبيع بفرش موشية، وابتذلت مِنْهَا إِلَى وساد وحشية، وَقد أقبل ظبى الكناس من الديماس، ومطوق الْحمام من الْحمام، وَقد حسنت الْوَجْه الْجَمِيل النظرية، وأزيلت عَن الْفَرْع الأثيت الأبرية، وصقلت الخدود فَهِيَ كَأَنَّهَا الأترية، وسلط الدَّلْك على الْجُلُود، وأعزيت النورة بالشعر الْمَوْلُود، وعادت الْأَعْضَاء يزنق عَنْهَا اللَّمْس، وَلَا تنالها الْبَنَات الْخمس، والسحنة يجول فِي صفحتها الفضية مَاء النَّعيم والمسراك يُلَبِّي من ثنية التَّنْعِيم، وَالْقلب يرْمى من الْكَفّ الرقيم، بالمقعد الْمُقِيم، وَينظر إِلَى نُجُوم الوشم، فَيَقُول إِنِّي سقيم، وَقد تفتح ورد الخفر، وَحكم لزنجي الظفيرة بالظفر، واتصف أَمِير الْحسن بالصدود المغتفر، ورش بِمَاء الطّيب، ثمَّ أعلق بِهِ دُخان الْعود الرطيب، وَأَقْبَلت الغادة يهديها الْيمن، وتزفها السَّعَادَة، تمشي على استحياء، وَقد ماع طيب الريا، وراق حسن الْمحيا، حَتَّى إِذا نزع الْخُف، وَقبلت الأكف وصخب الزمر، وتجاوب الدُّف، وذاع الأرج، وارتفع الْحَرج،

ص: 226

وتجوزوا اللوا والمنعرج. وَنزل على بشر بزيارة هِنْد الْفرج، اهتزت أرضه وربت، وعوصيت الطباع البشرية فَأَبت، وَللَّه در الْقَائِل:

(وَمَرَّتْ وَقَالَت مَتى نَلْتَقِي

فهش اشتياقا إِلَيْهَا الْخَبيث)

(وَكَاد يمزق سرباله فَقلت

إِلَيْك يساق الحَدِيث)

فَلَمَّا انسدل جنح الظلام، وانتصفت من غَرِيم الْعشَاء الْأَخِيرَة فَرِيضَة الْإِسْلَام، وخاطت خيوط الْمَنَام عُيُون الْأَنَام، تأتى دنو الجلسة، ومسارقة الخلسة، ثمَّ عض النهد، وَقبلت الْفَم والخد، وارسال الْيَد من النجد إِلَى الوهد، ثمَّ كَانَت الإمالة قَلِيلا قبل الْمَدّ، ثمَّ الْإِفَاضَة فِيمَا يغبط ويرغب. ثمَّ الإماطة لما يشوش ويشغب، ثمَّ إِعْمَال الْمسير إِلَى السرير.

(وسرنا إِلَى الْحسنى ورق كلامنا

ورضت فذلت صعبة أى إذلال)

فاستقرت على موطإ مَالِكهَا، وأصبهانى مسالكها، وَمُقْتَضى فذالكها بعد مُنَازعَة للأطواق يسيرَة، يَرَاهَا الغيد من السِّيرَة، ثمَّ شرع فِي حل التكة، وَنزع السِّكَّة، وتبينت الأَرْض العوار عمل السِّكَّة، ثمَّ وَقع الوحى والاستعجال، وَحمى الْوَطِيس والمجال، وعاك الْجُزْء الْخَفِيف، وتضافرت الخصور الهيف، وتشاطر الطَّبْع الْعَفِيف، ثمَّ تَوَاتر التَّقْبِيل، ثمَّ كَانَ الْأَخْذ الوبيل، وامتاز الأنوك من النَّبِيل، وَمِنْهَا جَائِر وعَلى الله قصد السَّبِيل، فيالها من نعم متداركة، ونفوس فِي سَبِيل القحة متهالكة، وَنَفس يقطع حُرُوف الْحلق، وَسُبْحَان الذى يزِيد فِي الْخلق. وعظمت الْمَانِعَة، وَكَثُرت بِالْيَدِ عَن الْموضع الْمُعْتَمد المصانعة، وَطَالَ التراوغ والتزاور [وشكى التجاور] وَاشْتَدَّ القلق والتضاور، فهنالك تخْتَلف الْأَحْوَال، وتعظم الْأَهْوَال، وتخسر أَو تربح الْأَمْوَال، فَمن عَصا عسطوس تنْقَلب ثعبانا مُبينًا، وبدنه تصير تنينا، وَبَطل لم يهله المعترك الهايل، وَالوهم

ص: 227

الزايل، وَلَا حَال بَينه وَبَين قَرْيَة الحايل. فتعدى فتكه السليك إِلَى فتكة الفراض وتقلد مَذْهَب الْأزَارِقَة من الْخَوَارِج فِي الأعتراض، واتصف بِصفة الساخط، وَهُوَ الراضى، ولوح فِي ميدان السرير بالحسام الطرير، ولف فِي ملعب الأوطار بالقنا الخطار، ثمَّ شقّ الصَّفّ، وَقد خضب السَّيْف والكف، بعد مَا كَاد يُصِيب البرين بطعنته، ويبوء بمقته ولعنته

. طعنت ابْن عبد الْقَيْس طعنة ثاير لَهَا نفذ لَوْلَا الشعاع أضاها، [وهنالك هدأ الْقِتَال، وَسكن الخيال وَوَقع المتوقع فاستراح] البال، وتشوف إِلَى مَذْهَب التنويه من لم يكن ليمر لَهُ التَّوْحِيد ببال، وَكثر السُّؤَال عَن المبال بهَا فَقَالَ:

(وَإِن تعدّدت اللَّذَّات واطردت

فَلَيْسَ يعدل شَيْء لَذَّة الظفر)

[وَلم يجربوا للحروب] صَرِيعًا أشْفق من صريع السرير على من صرعه، نصب الْيَد الذايل وشرعه حَتَّى أضرعه. فيكثر مَا ينشد، وَنَفسه قد خلت، وَقواهُ قد انجلت، ونظرة عَيْنَيْهِ قد اختلت:

(خليلي هَل أبصرتما أَو سمعتما

قَتِيلا بَكَى من حب قَاتله مثلى)

وَيَقُول: وَقد نظر إِلَى دَمه يسيل على قدمه:

(أَنى لَهُ عَن دمي المسفوك معتذر

أَقُول حَملته فِي سفكه تعبا)

وَمن سِنَان غَادَرَهُ عِنْد الْحَاجة عنانا، وشجاع صَار مدانا جَبَانًا، كلما شابته رايبة شيبَة، أَدخل يَده فِي جيبه، فانحجرت الْحَيَّة، وَمَاتَتْ الغريزة والحية [فَكَأَنَّهُ سلحفاة أغمدت ورأسها جحدت] فَكَأَنَّهُ يزِيغ الْبَصَر، ويخذل الْمُنْتَصر، وتسلم الْأجر، ويغلب الْحصْر، ويجف اللعاب، ويخفق الْفُؤَاد، ويكبو الْجواد،

ص: 228

ويسيل الْعرق، وتجري فِي غير مَحَله المرق، ويعظم الكرب ويشتد الأرق، وينشأ فِي مَحل الْأَمْن الْفرق، وَيدْرك فِرْعَوْن الْغَرق، وَيُقَوِّي اللجاج، ويعظم الْخرق، فَلَا يزِيد الْحَال إِلَّا شدَّة، وَلَا تعرف تِلْكَ الْجَارِحَة المومنة إِلَّا ردة: [

(إِذا لم يكن عون من الله للفتى

فَأكْثر مَا يجني عَلَيْهِ اجْتِهَاده)

فكم مُغْرِي بطول اللّّبْث، وَهُوَ من الكيد والخبث، يؤمل الكرة ليزيل المعرة، ويستنجز الْوَعْد، ليستأنف السعد، ويستنفر الخيال، وَيعْمل بِالْيَدِ الاحتيال] .

(إِنَّك لَا تَشْكُو إِلَى مصمت

فاصبر على الْحمل الثقيل أَو مت)

ومكثر اللثم وَالضَّم، والعض والشم يَدْعُو فِي خلل هامد، وَيضْرب فِي حَدِيد بَارِد:

(لقد ناديت لَو أسمعت حَيا

وَلَكِن لَا حَيَاة لمن تنادي)

وَكم معتذر بِمَرَض أَصَابَهُ، جرعه أوصابه، ووجع طرقه جلب أرقه، ومغضب يُقَلّد للمانعة الذَّنب، ويطوقها العتب، وخطيب أرتج عَلَيْهِ أَحْيَانًا، فَقَالَ سيحدث الله بعد عسر يسرا، وَبعد عي بَيَانا، اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذ بك من فضايح الْفروج، إِذْ استغلقت أقفالها، وَلم تتسم بالنسيم أغفالها، وَمن معرات الأقدار، والنكول عَن الْأَبْكَار، وَمن النُّزُول عَن الْبُطُون والسرر، والجوارح الحسان العزر، قبل ثقب الدُّرَر، وَمن سَواد الْوَجْه إِذا بكرت الْوُجُوه، ونالت النُّفُوس من إطراء العادين والمهنين مَا ترجوه، وَلَا تجعلنا مِمَّن يستحي من الْبكر بِالْغَدَاةِ، وَيعلم مِنْهُ كلال الْجد، وَضعف الأداة، هَذَا مجَال فَضَح فِيهِ رجال، وفراش تنكبت فِيهِ أوجال، وأعملت روية وارتحال. فَمن قايل:

ص: 229

(أرفعه طورا على أُصْبُعِي

وَرَأسه مُضْطَرب أَسْفَله)

(كالحنش الْمَقْتُول يلقى على

عود لكَي يطْرَح فِي مزبله)

وَقَالَ:

(عدمت من إيرى قوي حسه

يَا حسرة الْمَرْء على نَفسه)

(ترَاهُ قد مَال على أَصله

كحائط خر على أسه)

وَقَائِل:

(أيحسدني إِبْلِيس فَأَيْنَ أصبحا

برجلي ورأسي دملا وزكاما)

(فليتهما كَانَا بِهِ وأزيده

رخاوة أير لَا يُطيق قيَاما)

(إِذا نهضت للنيك أَرْبَاب معشر

توسد إِحْدَى خصيتيه وناما)

وَقَالَ:

(أَقُول لَا يرى وَهُوَ يرقب فتكه بِهِ

خبت من أير وغالتك داهية)

(إِذا لم يكن للأير بخت نعذرت

عَلَيْهِ وُجُوه

من كل نَاحيَة)

وَقَائِل:

(تعقب فَوق الخصيتين كَأَنَّهُ

رشا إِلَى جنب الرَّكية ملتف)

(كفرخ ابْن ذِي يَوْمَيْنِ يرفع رَأسه

إِلَى أَبَوَيْهِ ثمَّ يُدْرِكهُ الضعْف)

وَقَائِل:

(تكرش أيري بعد مَا كَانَ أملسا

وَكَانَ غَنِيا من قواه فأفلسا)

(وَصَارَ جوابي للمها أَن مررن بِي

مضى الْوَصْل إِلَّا منية تبْعَث الأسا)

وَقَائِل:

(بنفسي من حييته فاستخف بِي

وَلم يخْطر الهجران يَوْمًا على بَال)

(وقابلني بالهزء والنجه بعد مَا

حططت بِهِ رجْلي وجردت سربال)

(وَمَا ارتجى من مُوسر فَوق دكة

عرضت لَهُ شَيْئا من الحشف البال)

هموم لَا تزَال تبْكي، وَعلل على الدَّهْر تشكى، وَأَحَادِيث تقص وتحكى، فَإِن ذَلِك الْعُضْو على شهرته، وَعظم قدرته، يستمد من الْميرَة، وحركته لَا تقوم إِلَّا بالمؤن الْكَثِيرَة، من حَيا يرْتَفع، وبلادة بهَا فِي الْغَالِب ينْتَفع، وفكر يعْقد، وشبق على اصله يعْقد، ورياح تنفخ، ورطوبة ترضخ، وعضل شَدِيد، وَعمر جَدِيد، ومزاج فِي عرض الجو، طَوِيل مديد، وَهُوَ غير مُطَاوع للإرادة،

ص: 230

وَلَا معط للقادة، خَبِيث وقاح، شامت نضاح، كم نقض من وَقت، وجلب من مقت، لَا يستصلح بالتعليم، وَلَا يرد عَن مرتكبه الذميم، بالْقَوْل الْأَلِيم، وَلَا يغلب إِلَّا بمقام الرِّضَا وَالتَّسْلِيم:

(حكمُوا فَلَا أحلى من التَّسْلِيم

وأدر رحيق فُؤَادِي الْمَخْتُوم)

(مبرد بِهِ الأحشاء من نَار الجوى

وانضح لهيب فُؤَادك المكلوم)

(مَا قَابل التَّسْلِيم نَار صبَابَة

إِلَّا إِلَّا انْثَنَتْ فِي حَال برد نعيم)

فَإِن كنت أعزّك الله من النمط الأول، فقد جنيت الثَّمر، واستطبت الثَّمر، وتلوت أول وردك، اقْتَرَبت السَّاعَة وَانْشَقَّ الْقَمَر، فاستدع الأبواق من أقْصَى الْمَدِينَة، واخرج على قَوْمك فِي لِبَاس الزِّينَة، واستعد كرْسِي الْقعُود، والقبقاب من المدهون الْمَشْهُود، واستبشر بالوفود، وَعرف المسمع عارفة الْجُود، وتبجح بصلابة الْعود، وإنجاز الوعود، واستمتع بالشهود واجن رمان النهود، من أَغْصَان القدود، وانس من الشُّعُور السود عباسية البنود، واقتطف ببنان اللثم أفاح الثغور، وَورد الخدود. وَإِن كَانَت الْأُخْرَى، فأخف الكمد، وَارْضَ بالثمد، وانتظر الأمد، واكذب التوسم، وَاسْتعْمل التبسم واستكتم النسْوَة، وأفض فِيهِنَّ الرِّشْوَة، أَو تقلد المغالطة وارتكب، وَجِيء على قَمِيصك بِدَم كذب، واستنجد الرَّحْمَن، واستعن على أَمرك بِالْكِتْمَانِ:

(لَا تظهرن لعاذل أَو عاذر

حاليك فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء)

(فلرحمة المتفجعين مرَارَة

فِي الْقلب مثل شماتة الْأَعْدَاء)

وانتشق الأرج، وارتقب من جَانب الْفرج الْفرج، فكم غمام طبق وَمَا هما، وَمَا رميت إِذْ رميت وَلَكِن الله رما. وأملك بعْدهَا عنان نَفسك، حَتَّى

ص: 231