الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قدري مكاشفة سيادتك بِهَذَا البث، فِي الأسلوب الغث، فَالْحق أقدم، وبناؤه لَا يهدم، وشأني مَعْرُوف فِي مُوَاجهَة الْجَبَابِرَة على حِين يَدي إِلَى رفدهم ممدودة، وَنَفْسِي من النُّفُوس المتهافتة عَلَيْهِم مَعْدُودَة، وشبابي فَاحم، وعَلى الشَّهَوَات مُزَاحم، فَكيف الْيَوْم مَعَ الشيب، ونصح الجيب، واستكشاف الْعَيْب، إِنَّمَا أَنا الْيَوْم على من عرفني كل ثقيل، وَسيف الْعدْل فِي كفي صقيل. أعذل أَرْبَاب الْهوى وَلَيْسَت النُّفُوس فِي الْقبُول سوا، وَلَا لكل مرض دوا، وَقد شفيت صَدْرِي، وَإِن جهلت قدري، فَاحْمِلْنِي، حملك الله على الجادة الْوَاضِحَة، وسحب عَلَيْك ستر الْأُبُوَّة الصَّالِحَة. وَالسَّلَام.
وَمن ذَلِك مَا صدر عني فِي هَذَا الْغَرَض بِمَا نَصه:
الْحَمد لله الْوَلِيّ الحميد، المبدي المعيد، الْبعيد فِي قربه من العَبْد، الْقَرِيب فِي بعده، فَهُوَ أقرب من حَبل الوريد، محيى ربوع قُلُوب العارفين بتحيات حَيَاة التَّوْحِيد، ومغنى نفوس الزاهدين بكنوز احتقار الافتقار إِلَى الْغَرَض الزهيد، ومخلص خواطر الْمُحَقِّقين من سجون حجون التَّقْيِيد، إِلَى فسح التَّجْرِيد، نحمده، وَله الْحَمد المنتظمة درره فِي سلوك الدَّوَام، وسموط التَّأْبِيد، حمد من نزه أَحْكَام وحدانيته وأعلام فردانيته عَن مرابط التَّقْلِيد فِي مخابط الطَّبْع البليد، ونشكره شكر من افْتتح بشكره أَبْوَاب الْمَزِيد، ونشهد أَنه الله الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ، شَهَادَة تَتَخَطَّى بهَا معالم الْخلق إِلَى حَضْرَة الْحق على كيد التفريد، ونشهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله قلادة الْجُود الْمجِيد، وهلال الْعِيد، وفذلكة الْحساب، وَبَيت القصيد، الْمَخْصُوص بمنشور الإدلال، وإقطاع الْكَمَال، مَا بَين مقَام المُرَاد، ومقام المريد، الَّذِي جعله السَّبَب الأوصل فِي تجاة النَّاجِي وسعادة السعيد، وخاطب الْخَلَائق على لِسَانه الصَّادِق، بحجتي الْوَعْد والوعيد، وَكَانَ مِمَّا أوحى بِهِ إِلَيْهِ، وَأنزل الْملك بِهِ
عَلَيْهِ من الذّكر الحميد ليَأْخُذ بِالْحجرِ والأطواق من الْعَذَاب الشَّديد. وَلَقَد خلقنَا الْإِنْسَان، ونعلم مَا توسوس بِهِ نَفسه، وَنحن أقرب إِلَيْهِ من حَبل الوريد، إِذْ يتلَقَّى المتلقيان عَن الْيَمين وَعَن الشمَال قعيد، مَا يلفظ من قَول إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيب عتيد، وَجَاءَت سكرة الْمَوْت بِالْحَقِّ ذَلِك مَا كنت مِنْهُ تحيد، وتفخ فِي الصُّور ذَلِك يَوْم الْوَعيد، وَجَاءَت كل نفس مَعهَا سَابق وشهيد، لقد كنت فِي غَفلَة من هَذَا، فكشفنا عَنْك غطاءك فبصرك الْيَوْم حَدِيد، صلى الله عَلَيْهِ وعَلى آله صَلَاة تقوم بِبَعْض حَقه الأكيد، وتسرى إِلَى تربته الزكية من ظُهُور المواجد الْخفية على الْبَرِيد.
(قعدت لتذكير وَلَو كنت منصفا
…
لذكرت نَفسِي فَهِيَ أحْوج للذِّكْرَى)
(إِذا لم يكن منى لنَفْسي واعظ
…
فياليت شعري كَيفَ يفعل فِي أُخْرَى)
آه، آه، أَي [وعظ بعد] وعظ الله يَا أحبابنا يسمع، وفيماذا وَقد تبين الرشد من الغي يطْمع، يَا من يُعْطي وَيمْنَع إِن لم تتمّ الصنيعة فَمَاذَا أصنع، أجمعنا بقلوبنا، يَا من يعرف الْقُلُوب وَيجمع، ولين حديدها بِنَار خشيتك فقد استعاذ نبيك من قلب لَا يخشع، وَمن عين لَا تَدْمَع. اعلموا يَرْحَمكُمْ الله أَن الْحِكْمَة ضَالَّة الْمُؤمن، يَأْخُذهَا من الْأَقْوَال وَالْأَحْوَال، وَمن الجماد وَالْحَيَوَان، وَالسّنة الملوان، فَإِن الْحق نور لَا يضرّهُ أَن يصدر من الخامل، وَلَا يقْتَصر بمحموله اقْتِصَار الْحَامِل، وأنكم تَدْرُونَ أَنكُمْ فِي أطوار سفر لَا يسْتَقرّ لَهَا دون الْغَايَة رَحْله، وَلَا تتأتى مَعهَا إِقَامَة وَلَا مهلة، من الأصلاب إِلَى الْأَرْحَام إِلَى الْوُجُود، إِلَى الْقُبُور، [إِلَى النشورا] إِلَى إِحْدَى دَاري الْبَقَاء أَفِي الله شكّ، فَلَو أبصرتم مُسَافِرًا فِي الْبَريَّة يَبْنِي ويعرش، ويمهد ويفرش، ألم تَكُونُوا تضحكون من جَهله، وتعجبون من
ركاكة عقله. وَوَاللَّه مَا أَوْلَادكُم وشواغلكم عَن الله الَّتِي فِيهَا اجتهادكم الْأَبْنَاء سفر فِي قبر، وأعراس فِي ليله، نضر كأنكم بهَا مطرحة، تعثر فِيهَا الْمَوَاشِي وتنبو الْعُيُون عَن حقيرها للتلاشي، إِنَّمَا أَمْوَالكُم وَأَوْلَادكُمْ فتْنَة، وَالله عِنْده أجر عَظِيم، مَا بعد المقيل إِلَّا الرحيل، وَمَا بعد الرحيل إِلَّا الْمنزل الْكَرِيم أَو الْمنزل الوبيل، وَإِنَّكُمْ تستقبلون أهوالا، سَكَرَات الْمَوْت، بواكر حِسَابهَا، وعتب أَبْوَابهَا، فَلَو كشف الغطا مِنْهَا عَن ذرة لذهبت الْعُقُول، وطاشت الأحلام، وَمَا كل حَقِيقَة يشرحها الْكَلَام: يَا أَيهَا النَّاس إِن وعد الله حق، فَلَا تغرنكم الْحَيَاة الدُّنْيَا، وَلَا يَغُرنكُمْ بِاللَّه الْغرُور. أَفلا أعددتم لهَذِهِ الورطة حِيلَة، أَو أظهرتم للاهتمام بهَا مخيلة. أتعويلا على عَفوه مَعَ المقاطعة، وَهُوَ الْقَائِل إِن عَذَابي لشديد. أأمنا من مكره مَعَ الْمُنَابذَة، وَلَا يَأْمَن مكر الله إِلَّا الْقَوْم الخاسرون، أطعما فِي رَحمته مَعَ الْمُخَالفَة، وَهُوَ يَقُول، فسأكتبها للَّذين يَتَّقُونَ، أَو مشاقة ومعاندة، وَمن يُشَاقق الله، فَإِن الله شَدِيد الْعقَاب. أشكا فِيهِ، فتعالوا نعد الْحساب، ونقرر العقد، ونتصف بدعوة الْإِسْلَام أَو غَيرهَا من الْيَوْم، فتفقد مَا عقد الْعَاقِد عِنْد التساهل بالوعيد، والعامي يدهن الْأصْبع الوحيد، والعارف يضمر بهَا مبدأ العصب، هَكَذَا هَكَذَا يكون التعامي، هَكَذَا هَكَذَا يكون الْغرُور يَا حسرة على الْعباد مَا يَأْتِيهم من رَسُول إِلَّا كَانُوا بِهِ يستهزءون، وَمَا عدا عَمَّا بدا، ورسولكم الْحَرِيص عَلَيْكُم، الرءوف الرَّحِيم، يَقُول لكم، الْكيس من دَان نَفسه، وَعمل لما بعد الْمَوْت والأحمق، من أتبع نَفسه هَواهَا، وَتمنى على الله الْأَمَانِي، فعلام بعد هَذَا الْمعول، وماذا يتَأَوَّل، اتَّقوا الله فِي نفوسكم وانصحوها، واغتنموا فرص الْحَيَاة وارتجوها، إِن تَقول نفس يَا حسرتي على مَا فرطت فِي جنب الله، وَإِن كنت لمن الساخرين،