المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌وفي هذا الغرض أيضا - ريحانة الكتاب ونجعة المنتاب - جـ ٢

[لسان الدين بن الخطيب]

فهرس الكتاب

- ‌جُمْهُور الْأَغْرَاض السلطانيات

- ‌وَمن ذَلِك

- ‌كتب مخاطبات الرعايا والجهاتكتبت عَن السُّلْطَان أبي الْحجَّاج ابْن السُّلْطَان أبي الْوَلِيد ابْن نصر، رَحمَه الله تَعَالَى لأهل ألمرية، أعرف بِهَلَاك الطاغية ملك قشتالة، وإقلاع محلته عَن جبل الْفَتْح.من الْأَمِير عبد الله يُوسُف ابْن أَمِير الْمُسلمين أبي الْوَلِيد بن فرج

- ‌وَفِي هَذَا الْغَرَض أَيْضا

- ‌ظهاير الْأُمَرَاء والولاة

- ‌وخاطبت الْوَزير الْمَذْكُور على أثر الْفَتْح الَّذِي تكيف لَهُ

- ‌وَمن ذَلِك فِي مُخَاطبَة الْوَزير الْمَذْكُور وَأَنا سَاكن بسلا

- ‌وَمن ذَلِك مَا كتبت بِهِ إِلَى رَئِيس ديوَان الإنشاد الشريف شمس الدّين أبي عبد الله بن أبي ركب [أعزه الله تَعَالَى]

- ‌كتب الدعابات والفكاهات

- ‌وَمن ذَلِك فِي هَذَا الْغَرَض مِمَّا خاطبت بِهِ أَبَا إِسْحَاق ابْن الْحَاج على لِسَان قَاضِي الحضرة أبي الْحسنسَيِّدي، جعل الله أكوار العمائم تتضاءل لكور عمامتك، والنفوس الطامحة الهمم على اخْتِلَاف الْأُمَم، تقر بِوُجُوب إمامتك، وسر الْإِسْلَام باتصال سلامتك، وتبرأ الملا من

- ‌المقامات

- ‌من ذَلِك الْكتاب الْمُسَمّى بمعيار الِاخْتِيَار

- ‌الْمجْلس الثَّانِي

- ‌وَمن ذَلِك مَا صدر عني فِي السياسة وَكَانَ إملاؤها فِي لَيْلَة وَاحِدَة

- ‌وَمن ذَلِك كتاب الْإِشَارَة إِلَى أدب الوزارة فِي السياسة

- ‌بَاب بَيَان قدر رُتْبَة الوزارة فِي الأقدار وَبَعض شُرُوط الِاخْتِيَار

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف الشريف أبي عبد الله ابْن الْحسن الحسني

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف أبي الْقَاسِم ابْن الرئيس أبي زَكَرِيَّا العزفي

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف أبي عبد الله ابْن الشَّيْخ الْحَاجِب بتونس أبي الْحسن بن عَمْرو

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف أبي عبد الله بن الْحَاجِب بتونس أبي عبد الله بن العشاب

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف صَاحب الْقَلَم الْأَعْلَى بالمغرب أبي مُحَمَّد عبد الْمُهَيْمِن الْحَضْرَمِيّ

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف الْخَطِيب أبي عبد الله بن رشيد

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف أبي عبد الله بن هَانِيء السبتي

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف أبي على الْحسن بن تذاررت

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف القَاضِي أبي الْحجَّاج الطرطوشي

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف الْكَاتِب أبي الْعَبَّاس بن شُعَيْب

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف أبي عبد الله بن عمرَان التّونسِيّ

- ‌وَفِي وصف أبي عبد الله بن عبد الْملك من أهل مراكش

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف أبي إِسْحَق الحسناني من أهل تونس

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف أبي عبد الله المكودي من أهل فاس

- ‌انْتهى مَا تمّ اخْتِيَاره من كتاب التَّاج الْمحلى فِي مساجلة الْقدح الْمُعَلَّى

- ‌ الأكليل الزَّاهِر فِيمَن فضل عِنْد نظم التَّاج من الْجَوَاهِر " فِي وصف الْخَطِيب أبي عبد الله الساحلي الحمالقى الولى، نفع الله بِهِ

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف أبي جَعْفَر الشاطبي

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف الْخَطِيب أبي على الْقرشِي

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف القَاضِي أبي عَمْرو بن مَنْظُور

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف الْخَطِيب أبي الطَّاهِر بن صَفْوَان المالقى

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف الشَّيْخ أبي عبد الله الطرطوشي

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف الفقية أبي عبد الله بن الْحَاج من أهل مالقة

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف الشَّيْخ الْوَزير أبي عَليّ بن غفرون

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف الْوَزير الْكَاتِب أبي عبد الله بن عِيسَى

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف الْكَاتِب أبي بكر بن العريف

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف للشَّيْخ أبي عبد الله المتأهل

- ‌وَفِي وصف الشَّيْخ أبي عبد الله بن ورد

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف الشَّيْخ أبي عبد الله الْعِرَاقِيّ الْوَادي آشيمَعْدُود فِي وقته من أدبائه، ومحسوب فِي أَعْيَان بَلَده وحسبايه، كَانَ رحمه الله من أهل الْعَدَالَة وَالْخَيْر، سايرا على مَنْهَج الاسْتقَامَة، أحسن السّير، وَله أدب لَا يقصر عَن السداد، وَإِن لم يكن بطلا، فَمِمَّنْ يكثر

- ‌معتر غير قَانِع، ومنتجع كل هشيم ويانع، نَشأ بِبَلَدِهِ مالقة، أبرع من أورد البراعة فِي نفس، وهز غصنها فِي رَوْضَة طرس، إِلَّا مَا كَانَ من سخافة عقله، وقعوده تَحت الْمثل أخبر تقله، لَا يرتبط إِلَى رُتْبَة، وَلَا ينتمي إِلَى عصبَة، وَلَا يتلبس بسمت، وَلَا يَسْتَقِيم من

- ‌أديب نَار فكره يتوقد، وأديب لَا يعْتَرض كَلَامه وَلَا ينْقد. أما الْهزْل فَهُوَ طَرِيقَته المثلى، ركض فِي ميدانها وجلى، وطلع فِي أفقها وتجلى، فَأصْبح علم أعلامها، وعابر أحلامها. إِن أَخذ بهَا فِي وصف الكاس، وَذكر الْورْد والآس، وألم بِالربيعِ وخصله، والحبيب

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف الأديب أبي الْأصْبع عَزِيز بن مطرف

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف الأديب أبي عبد الله بن فَضِيلَة

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف أبي الْقَاسِم الورشيدي

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف القَاضِي أبي بكر بن مَنْظُور

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف القَاضِي أبي جَعْفَر بن برطال

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف الْفَقِيه أبي عَامر بن عبد الْعَظِيم

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف أبي عُثْمَان الغلق

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف أبي عُثْمَان بن أبي عُثْمَان

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف الْمقري أبي الْقَاسِم الجزالي

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف الْفَقِيه الصُّوفِي أبي جَعْفَر العاشق

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف أبي الْقَاسِم الساحلي

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف أبي الْقَاسِم عبد الله بن الطبيخ

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف أبي الْحسن عَليّ بن عبد الْعَزِيز بن قيس

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف أبي الْحسن السكاك الغرناطي

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف الْوَزير أبي جَعْفَر بن المراني

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف الْحَاج أبي عبد الله الشَّديد

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف أبي الْحسن الرعيني

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف الْفَقِيه الْخَيْر أبي عبد الله السكان الأندرشي

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف الْعدْل أبي عبد الله الْقطَّان

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف الْوَزير أبي عبد الله بن شلبطور

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف الْعدْل أبي عبد الله بن مُشْتَمل البلياني

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف الْمُؤلف

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف أبي عبد الله بن سَلمَة الْكَاتِب

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف أبي عبد الله الشريشي

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف أبي عبد الله اللؤلؤة

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف أبي عبد الله بن خَاتِمَة

- ‌وَفِي وصف أبي يحيى بن دَاوُد

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف أبي عبد الله بن أبي الْبَقَاء

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف أبي عبد الله الطشكري

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف أبي عبد الله بن مشرف

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف أبي جَعْفَر أَحْمد بن رضوَان بن عبد الْعَظِيم

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف أبي عبد الله بن هاني

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف الْكَاتِب أبي عَمْرو بن زَكَرِيَّا

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف الْحَاج أبي الْعَبَّاس القراق

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف الْكَاتِب أبي الْحسن الملياني صَاحب الْعَلامَة بالمغرب:

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف أبي إِسْحَق بن سعد

- ‌وَله فِي وصف أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن عبد الْحق

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف الشريف أبي عبد الله العمراني

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف أبي عبد الله بن جَابر الكفيف

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف الأديب أبي إِسْحَق بن الْحَاج

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف الأديب ابْن حزب الله

- ‌وَمن ذَلِك فِي وصف أحد الْفُضَلَاء

- ‌كتب الزواجر والعظات

- ‌فَمن ذَلِك فِي مُخَاطبَة ابْن مَرْزُوق

- ‌وَمن ذَلِك مَا صدر عني فِي هَذَا الْغَرَض بِمَا نَصه:

- ‌وَإِن شَاءَ قَالَ بعد الْخطْبَة

- ‌وَمن ذَلِك

- ‌وَمن ذَلِك مَا صدر عني فِي هَذَا الْغَرَض مِمَّا خاطبت بِهِ أحد الْفُضَلَاء

الفصل: ‌وفي هذا الغرض أيضا

المؤملة، فيسرنا وإياهم لليسرى، وعرفنا لطايفك الَّتِي خفى مِنْهَا المسرى، وَلَا تجعلنا مِمَّن صم عَن النداء وَأصْبح شماتة للأعدا، فَمَا ذل من استنصر بجنابك، وَلَا ضل من استبصر بسنتك وكتابك، وَلَا انْقَطع من تمسك بأسبابك. وَالله يصل لكم عوايد الصنع الْجَمِيل، ويحملكم وإيانا من التَّوْفِيق على أوضح سَبِيل، وَالسَّلَام عَلَيْكُم أَيهَا الْأَوْلِيَاء وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته.

‌وَفِي هَذَا الْغَرَض أَيْضا

من الْأَمِير عبد الله مُحَمَّد ابْن مَوْلَانَا أَمِير الْمُسلمين أبي الْحجَّاج ابْن مَوْلَانَا أَمِير الْمُسلمين أبي الْوَلِيد بن نصر أيده الله [وَنَصره] . إِلَى أوليائنا الَّذين نوقظ من الْغَفْلَة أجفانهم، وندعوهم لما يطهر من الارتياب إِيمَانهم، ويخلص لله إسرارهم وإعلانهم، ونرثى لعدم إحساسهم، وخيبة قياسهم، ونغار من اسْتِيلَاء الغفلات على أنواعهم وأجناسهم، ونسل الله لَهُم وَلنَا إِقَالَة العثرات، وتخفيض الشدائد المفتورات، وكف ألف العوادى المبتدرات، من أهل حضرتنا غرناطة دَافع الله [عَن فئتهم] الغريبة، وعرفهم فِي الذوات وَالْحرم، عارفة اللطايف الْقَرِيبَة، وتداركهم بالصنايع العجيبة. سَلام كريم عَلَيْكُم وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته.

أما بعد: حمد الله الَّذِي لَا نشْرك بِهِ أحدا، وَلَا نجد من دونه ملتحدا، مبتلى قُلُوب الْمُؤمنِينَ ليعلم أَيهَا أقوى جلدا وَأبْعد فِي الصَّبْر مدا، ليزِيد الله الَّذين آمنُوا واهتدوا هدى. وَالصَّلَاة على سيدنَا ومولانا مُحَمَّد رَسُوله الَّذِي أنقذ من الردى، وتكفل بالشفاعة غَدا، ضَارب هام العدا، وَمُجاهد من اتخذ مَعَ الله ولدا. وَالرِّضَا عَن آله الَّذين كَانُوا لسماء مِلَّته عمدا، فَلم ترعهم الْكَتَائِب الوافرة،

ص: 49

وَإِن كَانُوا هم أقل عددا، ولأصابتهم الْأُمَم الْكَافِرَة وَإِن كَانَت أَكثر جمعا وَأظْهر عددا، صَلَاة لَا تَنْقَطِع أبدا، ورضا لَا يبلغ أمدا. فَإنَّا كتبناه إِلَيْكُم، كتبكم الله مِمَّن امْتَلَأَ قلبه غَضبا لله وحمية، وَرمى بفكرة عقله غَرَض الصَّوَاب فَلم يخط مِنْهُ هدفا وَلَا رمية. وَقد اتَّصل بِنَا الْخَبَر الَّذِي يُوجب نصح الْإِسْلَام، ورعى الْجوَار والذمام، وَمَا جعل الله للْمَأْمُوم على الإِمَام، أيقظكم من مراقدكم المستغرقة، وَجمع أهواءكم المتفرقة، وَهُوَ أَن كَبِير دين النَّصْرَانِيَّة، الَّذِي إِلَيْهِ ينقادون، وَفِي مرضاته يصافون ويعادون، وَعند رُؤْيَة صليبه يكبون ويسجدون، لما رأى أَن الْفِتَن قد أكلتهم خضما وقضما، وأوسعتهم هضما، فَلم تبْق عصما وَلَا عظما، وَنَثَرت مَا كَانَ نظما، أعمل نظره فِي أَن يجمع مِنْهُم مَا افترق، وَيرْفَع مَا طرق، ويرفأ مَا مزق الشتات وخرق، فَرمى الْإِسْلَام بِأمة عَددهَا الْقطر المنثال، وَالْجَرَاد الَّذِي تضرب بِهِ الْأَمْثَال، وعاهدهم، وَقد حضر التمثال، وَأمرهمْ وشأنهم الِامْتِثَال، أَن يهشوا لمن ارْتَضَاهُ من أمته الطَّاعَة، ويجمعوا فِي مِلَّته الْجَمَاعَة. ويطلع الْكل على هَذِه الفئة القليلة الغريبة بَغْتَة كقيام السَّاعَة، وأقطعهم، قطع الله بِهِ الْبِلَاد والعباد والطارف والتلاد، وسوغهم الْحرم وَالْأَوْلَاد، وَبِاللَّهِ نستدفع مَالا نطيقه، وَمِنْه نسل عَادَة الْفرج، فَمَا سد طَرِيقه. إِلَّا أننا رَأينَا غَفلَة النَّاس عَن تصميمهم، موذنة بالبوار، وأشفقنا للدّين الْمُنْقَطع من وَرَاء الْبحار، وَقد أصبح مُضْغَة فِي لَهَوَات الْكفَّار، وأردنا أَن نهزكم بالمواعظ الَّتِي تكحل الْأَبْصَار بميل الاستبصار، ونلهمكم إِلَى الِانْتِصَار بِاللَّه عِنْد عدم الْأَنْصَار، فَإِن جبر الله الخواطر بالضراعة إِلَيْهِ والانكسار، وَنسخ الْإِعْسَار

ص: 50

بالإيسار، وأنجد الْيَمين بِاجْتِهَاد الْيَسَار، وَإِلَّا فقد تعين فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة حَظّ الخسار. فَإِن من ظهر عَلَيْهِ عَدو دينه، وَهُوَ عَن الله مَصْرُوف، وبالباطل مشغوف، وَبِغير الْعرف مَعْرُوف، وعَلى الحطام المسلوب عَنهُ ملهوف، فقد ثله الشَّيْطَان للجبين، وَقد خسر الدُّنْيَا وَالْآخِرَة، أَلا ذَلِك هُوَ الخسران الْمُبين، وَمن نفذ فِيهِ أَوله قدر الله عَن أَدَاء الْوَاجِب وبذل الجهود، وأفرد بالعبودية والوحدانية الْأَحَد المعبود، ووطن النَّفس على الشَّهَادَة المبوءة دَار الخلود، العابدة بِالْحَيَاةِ الدائمة والوجود، أَو الظُّهُور على عدوه المحشور إِلَيْهِ المحشود، صبرا على الْمقَام الْمَحْمُود، وبيعا من الله تكون الملايكة فِيهِ من الشُّهُود، حَتَّى تعيث يَد الله فِي ذَلِك الْبناء المهدوم بِقُوَّة الله الْمَمْدُود، والسواد الْأَعْظَم الْمَمْدُود، كَانَ على أمره بِالْخِيَارِ المسدود {" قل هَل تربصون بِنَا إِلَّا إِحْدَى الحسنيين وَنحن نتربص بكم أَن يُصِيبكُم الله بِعَذَاب من عِنْده أَو بِأَيْدِينَا فتربصو إِنَّا مَعكُمْ فتربصوا "} . الله الله فِي الهمم قد خمدت رِيحهَا، وَالله الله فِي العقائد قد خفتت مصابيحها، وَالله الله فِي الرجولة قد فل حَدهَا، وَالله الله فِي الْغيرَة فقد تعس جدها. وَالله الله فِي الدّين الَّذِي طمع الْكفْر فِي تحويله، وَالله الله فِي الْحَرِيم الَّذِي مد إِلَى استرقاقه يَد تأميله، وَالله الله فِي المساكن زحف لسكناها، وَالله الله فِي الْملَّة الَّتِي يُرِيد إطفاء سناها، وَالله الله فِي الْحَرِيم، وَالله الله فِي الدّين الْكَرِيم، وَالله الله فِي الوطن الَّذِي توارثه الْوَلَد عَن الْوَالِد، الْيَوْم تستأسد النُّفُوس المهينة، الْيَوْم يسْتَنْزل الصَّبْر والسكينة. الْيَوْم تختبر الهمم. الْيَوْم ترعى لهَذِهِ الْمَسَاجِد الْكَرِيمَة الذمم، الْيَوْم يرجع إِلَى الله المصرون، الْيَوْم يفِيق من نوم الْغَفْلَة المغترون، قبل أَن يَتَفَاقَم الهول ويحق القَوْل، ويسد الْبَاب، ويحيق الْعَذَاب، وتسترق بالْكفْر

ص: 51

الرّقاب. فالنساء تَقِيّ بِأَنْفُسِهِنَّ أَوْلَادهنَّ الصغار، والطيور ترفرف لتحمى الأوكار، إِذا أحست العياث بأفراخها والإضرار. تمر الْأَيَّام عَلَيْكُم مر السَّحَاب، فَلَا خبر يُفْضِي إِلَى الْعين، وَلَا حَدِيث فِي الله يسمع بَين اثْنَيْنِ، وَلَا كد إِلَّا لزينة يحلى بهَا نحر وجيد، وَلَا سعى إِلَّا فِي مَتَاع لَا يغنى فِي الشدائد وَلَا يُفِيد. وبالأمس دعيتم إِلَى التمَاس رحمى مسخر السَّحَاب، واستقالة كاشف الْعَذَاب، وسؤال مُرْسل الديمة، ومحيي الْبشر والبهيمة، وَقد أَمْسَكت عَنْكُم رَحْمَة السَّمَاء، وأغبرت جوانبكم المخضرة احتياجا إِلَى بلالة المَاء، وَفِي السَّمَاء رزقكم وَمَا توعدون، وَإِلَيْهِ الأكف تمدون، وأبوابه بِالدُّعَاءِ تقصدون، فَلم يضجر مِنْكُم عدد مُعْتَبر، وَلَا ظهر للإنابة وَلَا للصدقة خبر، وتتوقل عَن الْإِعَادَة الرَّغْبَة إِلَى الْوَلِيّ الحميد، والغنى الَّذِي إِن يَشَأْ يذهبكم وَيَأْتِ بِخلق جَدِيد. وأيم الله لَو كَانَ لهوا، لَا رتقبت السَّاعَات، وَضَاقَتْ المستمعات، وتزاحمت على حَاله وعصيه الْجَمَاعَات. أتعززا على الله وَهُوَ الْقوي الْعَزِيز. أتلبيسا على الله وَهُوَ الَّذِي يُمَيّز الْخَبيث من الطّيب والمشبه من الإبريز. أمنابذة والنواصي فِي يَدَيْهِ. أغرورا بالأمل وَالرُّجُوع بعد إِلَيْهِ. من يبْدَأ الْخلق ثمَّ يُعِيدهُ. من ينزل الرزق ويفيده. من يرجع إِلَيْهِ فِي الْمُهِمَّات. من يُرْجَى فِي الشدائد والأزمات. من يُوجد فِي الْمحيا وَالْمَمَات، أَفِي الله شكّ يختلج الْقُلُوب. أَثم غير الله من يدْفع الْمَكْرُوه وييسر الْمَطْلُوب. تفضلون على اللجإ إِلَيْهِ عوائد الْجَهْل ونزه الْأَهْل. وَطَائِفَة مِنْكُم قد برزت إِلَى إستبقاء رَحمته، تمد إِلَى الله الْأَيْدِي والرقاب، وتستكشف بالخضوع لعزته السقاب، وتستعجل إِلَى مواعيد إجَابَته الارتقاب، وكأنكم أَنْتُم عَن كرمه قد استغنيتم، أَو على الِامْتِنَاع من الرُّجُوع إِلَيْهِ بَقِيتُمْ. أما تعلمُونَ كَيفَ كَانَ نَبِيكُم صلوَات الله عَلَيْهِ وَسَلَامه من التَّبْلِيغ باليسير، والاستعداد للرحيل الْحق والمسير، ومداومة

ص: 52

الْجُوع، وهجر الهجوع، وَالْعَمَل على الإياب إِلَى الله وَالرُّجُوع. دخلت فَاطِمَة رضي الله عنها وبيدها كسرة شعير، فَقَالَ مَا هَذِه يَا فَاطِمَة، فَقَالَت يَا رَسُول الله خبْزَة قرصة وأحببت أَن تَأْكُل مِنْهَا، فَقَالَ يَا فَاطِمَة أما أَنه أول طَعَام دخل جَوف أَبِيك مُنْذُ ثَلَاث. وَكَانَ [صلى الله عليه وسلم] يسْتَغْفر الله فِي الْيَوْم سبعين مرّة، يلْتَمس رحماه، وَيقوم وَهُوَ المغفور لَهُ، مَا تقدم من ذَنبه وَمَا تَأَخّر، حَتَّى ورمت قدماه. وَكَانَ شَأْنه الْجِهَاد، ودأبه الْجد وَالِاجْتِهَاد، ومواقف صبره تعرفها الرِّبَا والوهاد، ومقامات زهده فِي هَذَا الْمَتَاع الفاني تحوم على أدنى مراتبها الزهاد [فَإِذا لم تقتدوا بِهِ فبمن تقتدون] وَإِذا لم تهتدوا بِهِ فبمن تهتدون، وَإِذا لم ترضوه باتباعكم لَهُ، فَكيف تعتزون إِلَيْهِ وتنتسبون، وَإِذا لم ترغبوا فِي الاتصاف بصفاته غَضبا لله وجهادا، وتقللا من الْعرض الْأَدْنَى وشهادا، فَفِيمَ ترغبون. فافتروا جِهَاد الأمل فَكل آتٍ قريب، واعتبروا بمثلات من تقدم من أهل الْبِلَاد وَالْقَوَاعِد، فذهولكم عَنْهَا غَرِيب، وتفكروا فِي منابرها الَّتِي يَعْلُو فِيهَا واعظ وخطيب، ومطيل ومطيب، ومساجدها المتعددة الصُّفُوف، وَالْجَمَاعَات المعمورة بأنواع الطَّاعَات، وَكَيف أَخذ الله فِيهَا بذنب المترفين من دونهم، وعاقب الْجُمْهُور بِمَا أغمضوا عَنهُ من عيونهم، وَسَاءَتْ بالغفلة عَن الله، عُقبى جَمِيعهم، وَذَهَبت النعمات بعاصيهم، وَمن داهن فِي أَمرهم من مطيعهم، وأصبحت مَسَاجِدهمْ مناصب للصلبان، واستبدلت مآذنهم بالتواقيس من الْأَذَان. هَذَا وَالنَّاس نَاس، وَالزَّمَان زمَان. مَا هَذِه الْغَفْلَة عَمَّن إِلَيْهِ الرجعى وَإِلَيْهِ الْمصير، وَإِلَى مَتى التساهل فِي حُقُوقه، وَهُوَ السَّمِيع الْبَصِير، وَحَتَّى مَتى هَذَا الْخَطَأ فِي الأمد الْقصير، وَإِلَى مَتى نِسْيَان اللجإ إِلَى الْوَلِيّ النصير. قد تداعت الصلبان مجلبة عَلَيْكُم، وتحركت الطواغيت من كل جِهَة إِلَيْكُم. أفيخذلكم الشَّيْطَان، وَكتاب الله

ص: 53

قَائِم فِيكُم، وألسنة الْآيَات تناديكم، لم تمح سطورها، وَلَا احتجب نورها، وَأَنْتُم بقايا من فتحهَا عَن عدد قَلِيل، وظفر فِيهَا كل خطب جليل، فوَاللَّه لَو تمحض الْإِيمَان ورضى الرَّحْمَن، مَا ظهر التَّثْلِيث فِي هَذِه الجزيرة على التَّوْحِيد، وَلَا عدم الْإِسْلَام فِيهَا عَادَة التأييد. لَكِن شَمل الدَّاء وصم النداء، وعميت الْأَبْصَار، فَكيف الاهتداء وَالْبَاب مَفْتُوح، وَالْفضل ممنوح. فتعالوا نَسْتَغْفِر الله جَمِيعًا، فَهُوَ الغفور الرَّحِيم، ونستقيل مقيل العثار، فَهُوَ الرؤوف الْحَلِيم، ونصرف الْوُجُوه إِلَى الِاعْتِرَاف بِمَا قدمت أَيْدِينَا، فقبول المعاذير من شَأْن الْكَرِيم. سدت الْأَبْوَاب، وضعفت الْأَسْبَاب، وانقطعت الآمال إِلَّا مِنْك يَا فتاح يَا وهاب:" يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِن تنصرُوا الله ينصركم، وَيثبت أقدامكم. يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا قَاتلُوا الَّذين يلونكم من الْكفَّار، وليجدوا فِيكُم غلظة، وَاعْلَمُوا أَن الله مَعَ الْمُتَّقِينَ، وَلَا تهنوا وَلَا تحزنوا، وَأَنْتُم الأعلون، إِن كُنْتُم مُؤمنين. يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابطُوا وَاتَّقوا الله لَعَلَّكُمْ تفلحون ". أعدُّوا الْخَيل وارتبطوها، وروضوا النُّفُوس على الشَّهَادَة وغبطوها، فَمن خَافَ الْمَوْت، رضى بالدنية، وَلَا بُد على كل حَال من الْمنية، والحياة مَعَ الذل لَيست من شيم النُّفُوس السّنيَّة. واقتنوا السِّلَاح وَالْعدة، وتعرفوا إِلَى الله فِي الرخَاء يعرفكم فِي الشدَّة، واستشعروا الْقُوَّة بِاللَّه على أَعدَاء الله وأعدائكم، واستميتوا من دون أَبْنَائِكُم، فكونوا كالبنيان المرصوص، لحملات هَذَا الْعَدو النَّازِل بفنائكم، وحوطوا بالتعويل على الله وحدة بِلَادكُمْ، واشتروا من الله جل جلاله أَوْلَادكُم. ذكرُوا أَن امْرَأَة احْتمل السَّبع وَلَدهَا، وَشَكتْ لبَعض الصَّالِحين، فَأَشَارَ عَلَيْهَا بِالصَّدَقَةِ، فتصدقت برغيف، وَأطلق السَّبع وَلَدهَا، وَسمعت النداء يَا هَذِه لقْمَة بلقمة،، وَإِنَّا لما استودعناه لحافظون. واهجروا الشَّهَوَات، واستدركوا الْبَقِيَّة من الْفَوات، وافضلوا لمساكنكم من الأقوات، واخشعوا لما أنزل

ص: 54

الله من الْآيَات، وخذوا من لكم بِالصبرِ على الأزمات، والمواساة فِي الْمُهِمَّات. وأيقظوا جفونكم من السنات، وَاعْلَمُوا أَنكُمْ رضعا ثدي كلمة التَّوْحِيد، وجيران الْبَلَد الْغَرِيب، وَالدّين الوحيد، وحزب التمحيص، وَنَفر المرام العويص، وتفقدوا معاملاتكم مَعَ الله، فَمَتَى رَأَيْتُمْ الصدْق غَالِبا، وَالْقلب للْمولى الْكَرِيم مراقبا، وشهاب الْيَقِين ثاقبا، فثقوا بعناية الله، الَّتِي لَا يغلبكم مَعهَا غَالب، وَلَا ينالكم من أجلهَا عَدو مطَالب، وأنكم فِي السّتْر الكثيف، وعصمة الْخَبِير اللَّطِيف، ومهمى رَأَيْتُمْ الخواطر متبددة، [والظنون فِي الله مترددة، والجهات الَّتِي تخَاف وترجى مُتعَدِّدَة] والغفلة عَن الله، ملابسها متجددة، وَعَادَة الخذلان دايمة، وأسواق الشَّهَوَات قَائِمَة، فاعلموا أَن الله منفذ فِيكُم وعده، ووعيده فِي الْأُمَم الغافلين، وأنكم قد ظلمتم أَنفسكُم، وَلَا عدوان إِلَّا على الظَّالِمين، وَالتَّوْبَة ترد الشارد إِلَى الله، وَالله يحب التوابين، وَيُحب المتطهرين، وَهُوَ الْقَائِل:{" إِن الْحَسَنَات يذْهبن السَّيِّئَات، ذَلِك ذكرى لِلذَّاكِرِينَ "} وَمَا أقرب صَلَاح الْأَحْوَال مَعَ الله إِذا صلحت العزايم، وتوالت على حزب الشَّيْطَان الهزايم، وخملت الدُّنْيَا الدنية فِي الْعُيُون، وصدقت فِيمَا عِنْد الله الظنون. " {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِن وعد الله حق، فَلَا تغرنكم الْحَيَاة الدُّنْيَا، وَلَا يَغُرنكُمْ بِاللَّه الْغرُور "} ، وتوبوا سرَاعًا إِلَى طَهَارَة الثَّوْب، وَإِزَالَة الشوب، واقصدوا أَبْوَاب غَافِر الذَّنب، وقابل التوب، وَاعْلَمُوا أَن سوء الْأَدَب مَعَ الله يفتح أَبْوَاب الشدائد، ويسد طرق العوائد، فَلَا تمطلوا بِالتَّوْبَةِ أزمانكم، وَلَا تأمنوا مكر الله، فتغشوا إيمَانكُمْ، وَلَا تعلقوا جنابكم بالضرار فَهُوَ علام السرَار، وَإِنَّمَا علينا معاشر الْأَوْلِيَاء أَن ننصحكم، وَإِن كُنَّا أولى بِالنَّصِيحَةِ، ونعتمدكم بِالْمَوْعِظَةِ الصَّرِيحَة، الصادرة علم الله

ص: 55

عَن صدق القريحة. وَإِن شاركناكم فِي الْغَفْلَة، فقد ندبناكم إِلَّا الاسترجاع وَالِاسْتِغْفَار، وَإِنَّمَا لكم لدينا نفس مبذولة فِي جِهَاد الْكفَّار، ونقدم قبلكُمْ إِلَى مَوَاقِف الصَّبْر [لَا نرضى] بالفرار، واجتهاد فِيمَا يعود عَلَيْكُم بِالْحُسْنَى وعقبى الدَّار، وَالِاخْتِيَار لله ولي الِاخْتِيَار، ومصرف الأقدار. وَهَا نَحن [شرعنا الْخُرُوج] إِلَى مدافعة هَذَا الْعَدو، ونفدى بنفسنا الْبِلَاد والعباد، والحريم المستضعف وَالْأَوْلَاد، ونلي من دونهم الجلاد، ونستوهب مِنْكُم الدعا إِلَى من وعد بإجابته، وَتقبل من صرف إِلَيْهِ وَجه إنابته. اللَّهُمَّ كن لنا فِي هَذَا الِانْقِطَاع نَصِيرًا، وعَلى أعدائك ظهيرا، وَمن انتقام عَبدة الْأَصْنَام كَفِيلا ومجيرا. اللَّهُمَّ قو من ضعفت حيلته، فَأَنت الْقوي الْمعِين، وانصر من لَا نصير لَهُ إِلَّا أَنْت، إياك نعْبد وَإِيَّاك نستعين، اللَّهُمَّ ثَبت أقدامنا عِنْد تزلزل الْأَقْدَام، وَلَا تسلمنا عِنْد لِقَاء عَدو الْإِسْلَام. فقد ألقينا إِلَيْك يَد الاستسلام. اللَّهُمَّ دَافع بملائكتك المسومين عَمَّن ضويقت أرجاؤه، وَانْقطع إِلَّا مِنْك رجاؤه. اللَّهُمَّ هيىء لضعفائنا، وكلنَا ضَعِيف فَقير، وذليل بَين يَدي عظمتك حقير، رَحْمَة تُؤدِّي [فِي الأزمة] وتشيع، وَقُوَّة تطرد وتستتبع، يَا غلاب الغلاب، يَا هازم الْأَحْزَاب، يَا كريم العوائد، يَا مفرج الشدائد. رَبنَا أفرغ علينا صبرا، وَثَبت أقدامنا، وَانْصُرْنَا على الْقَوْم الْكَافرين، اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِمَّن تذكر وتيقظ، وَمِمَّنْ قَالَ لَهُم النَّاس، إِن النَّاس قد جمعُوا لكم فَاخْشَوْهُمْ، فَزَادَهُم إِيمَانًا، وَقَالُوا حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل، فانقلبوا بِنِعْمَة من الله وَفضل لم يمسسهم سوء، وَاتبعُوا رضوَان الله ذُو فضل عَظِيم. وَقد وَردت علينا المخاطبات من قبل إِخْوَاننَا الْمُسلمين الَّذين عرفنَا فِي

ص: 56

الحَدِيث وَالْقَدِيم اجتهادهم، بنى مرين، أولى الامتعاض لله وَالْحمية، والمخصوصين بَين الْقَبَائِل الْكَرِيمَة بِهَذِهِ المزية، بعزمهم على الامتعاض بِحَق الْجوَار، والمصارحة الَّتِي تلِيق بالأحرار، والنفرة لانتهاك النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] الْمُخْتَار. وحركة سلطانهم مَحل أخينا بِمن لَهُ من الْأَوْلِيَاء وَالْأَنْصَار، وكافة الْمُجَاهدين بِتِلْكَ الأقطار والأمصار، ومدافعة أحزاب الشَّيْطَان وَأهل النَّار. فاسألوا الله إعانتهم على هَذَا الْمَقْصد الْكَرِيم الْآثَار، وَالسَّعْي الضمين الْعِزّ وَالْأَجْر والفخار. وَالسَّلَام عَلَيْكُم أَيهَا الْأَوْلِيَاء وَرَحْمَة الله تَعَالَى وَبَرَكَاته. وَكتب فِي صفر من عَام سَبْعَة وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة.

وسكنت هرج النَّاس بِقَوْلِي عِنْد مَا ثار الشَّيْخ على بن على بن نصر، صادعا بذلك فَوق أَعْوَاد الْمِنْبَر بالجامع الْأَعْظَم من حَضْرَة غرناطة، مبلغا من السُّلْطَان رضي الله عنه الْأمان، سادلا رواق الْعِصْمَة، ضَامِنا عَنهُ الْعَفو لكل طَائِفَة، وَالله ولي المجازات والمتكفل بالمثوبات، سُبْحَانَهُ لَا إِلَه إِلَّا هُوَ

هَذَا كتاب كريم أصدرناه بِتَوْفِيق الله، شارحا للصدور، مصلحا بإعانة الله للأمور، ملحفا جنَاح الْأمان وَالْعدْل والأحسان للخاصة وَالْجُمْهُور، يعلم من سَمعه أَو يقف عَلَيْهِ ويقرأه، ويتدبر لَدَيْهِ، مَا عاهدنا عَلَيْهِ الله من تَأْمِين النُّفُوس وحقن الدِّمَاء، وَالسير فِي التحامي عَنْهَا، على السّنَن السوا، وَرفع التثريب عَن الْبعيد فِيهَا والقريب، والمساواة فِي الْعَفو عَنْهَا والغفران، بَين البرى والمريب، وَحمل من يظنّ أَنه ينْطق بِعَين الْعَدَاوَة فِي بَاطِن الْأَمر وَظَاهره، محمل الحبيب وَترك مَا يتوعد بهَا من المطالبات، ورفض التَّبعَات، مِمَّا لَا يُعَارض حكما شَرْعِيًّا

ص: 57

وَلَا يُنَاقض سَببا من الدّين مرعيا. فَمن كَانَ رهن تبعة أَو طريد تُهْمَة أَو منبزا فِي الطَّاعَة بريبة، فقد سحبنا عَلَيْهِ ظلال الْأمان، والحقناه أَثوَاب الْعَفو والغفران، ووعدناه من نفسنا مواعد الرِّفْق وَالْإِحْسَان، حكما عَاما، وعفوا تَاما، فاشيا فِي جَمِيع الطَّبَقَات، منسحبا على الْأَصْنَاف المختلفات، عاملنا فِي ذَلِك من يتَقَبَّل الْأَعْمَال، وَلَا يضيع السُّؤَال، واستغفرنا الله عَن نفسنا، وَعَمن أَخطَأ علينا من رعيتنا، مِمَّن يدْرَأ للسرع غلطته، وَيقبل الْحق فيئته. وَمن يسْتَغْفر الله، يجد الله غَفُورًا رحِيما لما رَأَيْنَاهُ من وُجُوه اتِّفَاق الْأَهْوَاء والضمائر، وخلوص الْقُلُوب والسرائر، فِي هَذَا الوطن الَّذِي أحَاط بِهِ الْعَدو وَالْبَحْر، ومسه بتقدم الْفِتْنَة الضّر، وصلَة لما أجراه الله على أَيْدِينَا، وهيأه بِنَا، فَلم يخف مَا سكن بِنَا من نَار وفتنة، وَرفع من بَأْس وإحنة، وكشف من ظلمَة، وأسدل من نعْمَة، وأضفى من مورد وعافية، وَأولى من عصمَة وافية، بعد مَا تخرمت الثغور، وفسدت الْأُمُور، واهتضم الدّين، وَاشْتَدَّ على الْعباد والبلاد كلب الْكَافرين. ذَلِك فضل الله علينا وعَلى النَّاس، فَلهُ الْحَمد دائبا، وَالشُّكْر وَاجِبا، وَمن الله نسل أَن يتم نعْمَته علينا، كَمَا أتمهَا على أبوينا من قبل، إِن رَبك حَكِيم عليم. وَنحن قد شرعنا فِي تعْيين من يَنُوب عَنَّا من أهل الْعلم وَالْعَدَالَة، وَالدّين وَالْجَلالَة للتطوف بالبلاد الأندلسية، ومباشرة الْأُمُور بالإيالة النصرية، ينهون إِلَيْنَا مَا يستطلعونه، ويبلغون من الْمصَالح مَا يتعرفونه، ويقيدون مَا تحْتَاج إِلَيْهِ الثغور، وتستوجبه الْمصلحَة الجهادية من الْأُمُور. وَنحن نستعين بفضلاء رعيتنا وخيارهم، والمرافقين مِنْهُم لله فِي إيرادهم وإصدارهم، على إنهاء مَا تخفى عَنَّا من ظلامة تقع، أَو حَادث يبتدع، وَمن اتَّخذت بجواره خمر فَاشِية، أَو نشأت فِي جِهَته للْمُنكر ناشية، فَنحْن نقلده الْعهْدَة، ونطوقه القلادة، ووراء تنبيهنا على مَا خَفِي عَنَّا من الشُّكْر لمن أهداه، وإحماد سعى من بلغه وَأَدَّاهُ، مَا نرجو ثَوَاب

ص: 58

الله عَلَيْهِ والتقرب بِهِ إِلَيْهِ، فَمن أهدانا شَيْئا من ذَلِك، فَهُوَ شريك فِي أجره ومقاسم فِي مثوبته، وحسبنا الله وَنعم الْوَكِيل.

وَصدر عني ظهير كريم لمن توجه يتطلع على أَحْوَال الرعايا حَسْبَمَا نبه عَلَيْهِ فِي هَذَا الْأَمر الْمُتَقَدّم

هَذَا ظهير كريم، مضمنه استجلاء لأمور الرّعية واستطلاع، ورعاية كرمت مِنْهَا أَجنَاس وأنواع، وَعدل بهر مِنْهُ شُعَاع، ووصايا يجب لَهَا إهطاع. أصدرناه للفقيه أبي فلَان، لما تقرر لدينا دينه وعدله، وَبَان صَلَاحه وفضله، رَأينَا أَن أَحَق من تقلده المهم الوكيد، ونرمي بِهِ من أغراض الْبر الْغَرَض [الوكيد] الْبعيد، ونستكشف بِهِ أَحْوَال الرعايا حَتَّى لَا يغيب عَنَّا شَيْء من أحوالها، وَلَا يتَطَرَّق إِلَيْهَا طَارق عَن إهمالها، وَينْهى إِلَيْنَا الْحَوَادِث الَّتِي تنشأ إنهاء يتكفل بحياطة إبشارها وأموالها. وأمرناه أَن يتَوَجَّه إِلَى جِهَات كَذَا، فَيجمع النَّاس فِي مَسَاجِدهمْ، وَيبدأ بتقرير غرضنا فِي صَلَاح أَحْوَالهم، وإحساب آمالهم، ومكابدتنا الْمَشَقَّة فِي مداراة عدوهم، الَّذِي نعلم من أَحْوَاله مَا غَابَ عَنْهُم، دَفعه الله بقدرته، ووقا نُفُوسهم وحريمهم من معرته. وَلما رَأينَا من انبتات الْأَسْبَاب الَّتِي قبل تومل، وَعجز الْحِيَل الَّتِي كَانَت تعْمل، فيستدعي أنجادهم بِالدُّعَاءِ، وإخلاصهم فِيهِ إِلَى رب السَّمَاء، ونسل عَن سيرة القواد، وولاة الْأَحْكَام بالبلاد، فَمن نالته مظْلمَة فليرفعها إِلَيْهِ، ويقصها عَلَيْهِ، ليبلغها إِلَيْنَا، ويوفدها مقررة الْوَاجِبَات لدينا، ويختبر مَا افْترض صدقه للْجَهْل، وَمَا فضل [من كرم] ذَلِك

ص: 59

الْعَمَل، ليعين للحصن بجبل فاره، يسر الله لَهُم فِي إِتْمَامه، وَجعل صدقتهم تِلْكَ مسكه ختامه، وَغَيره مِمَّا فرض إِعَانَة للْمُسلمين، وإنجادا لجهاد الْكَافرين، فَيعلم مِقْدَاره، ويتولى اختباره، حَتَّى لَا يَجْعَل مِنْهُ شَيْء على ضَعِيف، وَلَا يعدل بِهِ لمشروف عَن شرِيف، وَلَا تقع فِيهِ مضايقة ذِي الجاه، وَلَا مخادعة غير المراقب لله، وَمَتى تحقق أَن غَنِيا قصر بِهِ فِيهِ عَن حَقه، أَو ضَعِيفا كلف مِنْهُ فَوق طوقه، فَيجْبر الْفَقِير من الْغَنِيّ، وَيجْرِي من الْعدْل على السّنَن السوي، وَيعلم النَّاس أَن هَذِه المعونة وَإِن كَانَت بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَحل ضرورتها يسيرَة، وَأَن الله يُضَاعِفهَا لَهُم أضعافا كَثِيرَة، فَلَيْسَتْ مِمَّا يلْزم، وَلَا من المعاون الَّتِي بتكريرها يحزم وَينظر فِي عهود المتوفين فيصرفها فِي حُقُوقهَا مصارفها الْمعينَة، وطرقها الْوَاضِحَة المبينة، ويتفقد الْمُسلمين تفقداً يكسو عاريها، ويتمم مِنْهَا المآرب تتميما يرضى باريها وَينْدب النَّاس لتعليم الْقُرْآن لصبيانهم، فَذَلِك أصل فِي أديانهم، ويحذرهم المغيب على شَيْء من أعشارهم، فالزكاة أُخْت الصَّلَاة، وهما من قَوَاعِد الْإِسْلَام، بأقصى الْحَد والاعتزام، ورفعنا عَنْهُم رسم التَّعْرِيف، نظرا لَهُم بِعَين الاهتمام، وَقدمنَا الثِّقَات لهَذِهِ الْأَحْكَام، وَجَعَلنَا الْخرص شَرْعِيًّا فِي هَذَا الْعَام، وَفِيمَا بعده إِن شَاءَ الله من الأعوام. وَمن أهم مَا أسندناه إِلَيْهِ، وعولنا فِيهِ عَلَيْهِ، الْبَحْث بِتِلْكَ الأحواز عَن أهل الْبدع، والأهواء، والسارين من السبل على غير السوَاء. وَمن ينبز. بِفساد العقد، وتخريب الْقَصْد، والتلبس بالصوفية، وَهُوَ فِي الْبَاطِن من أهل الْفساد، والداعين إِلَى الْإِبَاحَة وَتَأْويل الْمعَاد، والمولفين بَين النِّسَاء وَالرِّجَال، والمتشيعين لمذاهب الضلال، فمهمى عثر على مطوق بالتهمة منبز بِشَيْء من ذَلِك من هَذِه الْأمة فليشد ثقافه شدا. ويسد عَنهُ سَبِيل الْخَلَاص سدا، ويشرع فِي شَأْنه الموجبات، ويستوعب الشَّهَادَات حَتَّى ينظر فِي حسم رايه

ص: 60

ويعاجل الْمَرَض بدوايه. فليتول مَا ذكرنَا نايبا بِأَحْسَن المناب، ويقصد وَجه الله راجيا مِنْهُ جزيل الثَّوَاب، وَيعْمل عمل من لَا يخَاف فِي الله لومة لائم، ليجد ذَلِك فِي موقف الْحساب. وعَلى من يقف عَلَيْهِ من القواد والأشياخ والحكام، أَن يَكُونُوا مَعَه يدا وَاحِدَة على مَا ذكرنَا فِي هَذِه الْفُصُول، من الْعَمَل المقبول، وَالْعدْل المبذول. وَمن قصر عَن غَايَة من غاياته، أَو خَالف مُقْتَضى من مقتضياته، فعقابه عِقَاب من عصى أَمر الله وأمرنا، فَلَا يَلُومن إِلَّا نَفسه، الَّتِي غرته، وَإِلَى مصرع النكير جرته، وَالله الْمُسْتَعَان. وَكتب عَن الْأَمر الْعلي المولوى السلطاني النصرى أدام الله علاهُ، ووالى مضاءه، فِي شهر ربيع الْمُبَارك من عَام خَمْسَة وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة. عرفنَا الله خَيره

وَلما توجه شيخ الصُّوفِيَّة السفارة، أَبُو الْحسن ابْن المحروق رَسُولا إِلَى الْمغرب يَسْتَدْعِي الأمداد ويحض على الْجِهَاد كَانَ مِمَّا رفع بِهِ العقيرة بِجَامِع الْقرَوِيين قولى فِي غَرَض الموعظة واستوعبه درساه

أَيهَا النَّاس، رحمكم الله، إِن إخْوَانكُمْ الْمُسلمين بالأندلس، قد دهم الْعَدو قصمه الله ساحتهم، ورام الْكفْر، خيبه الله، استباحتهم، ورجفت أبصار الطواغيث إِلَيْهِم، وَمد الصَّلِيب بذراعيه عَلَيْهِم، وَأَيْدِيكُمْ بعزة الله أقوى، وَأَنْتُم الْمُؤْمِنُونَ أهل الْبر وَالتَّقوى، وَهُوَ دينكُمْ فانصروه، وجواركم الْغَرِيب فَلَا تخفروه، وسبيل الرشد قد وضح فاستبصروه. الْجِهَاد الْجِهَاد فقد تعين. الْجَار الْجَار، فقد قرر الشَّرْع حَقه وَبَين، الله الله فِي الْإِسْلَام. الله الله فِي أمة مُحَمَّد عليه السلام. الله الله فِي الْمَسَاجِد المعمورة بِذكر الله، الله الله فِي وَطن الْجِهَاد فِي سَبِيل الله، فقد اسْتَغَاثَ بكم الدّين فأغيثوه، وَقد تَأَكد عهد الله وحاشاكم أَن تنكثوه. أعينوا

ص: 61

إخْوَانكُمْ بِمَا أمكن من إِعَانَة، أعانكم الله عِنْد الشدائد. جردوا عوائد الحمية يصل الله لكم جميل العوائد. صلوا رحم الْكَلِمَة. وَاسَوْا بِأَنْفُسِكُمْ وَأَمْوَالكُمْ تِلْكَ الطوائف الْمسلمَة. كتاب الله بَين أَيْدِيكُم، وألسنة الْآيَات تناديكم، وَالله سُبْحَانَهُ يَقُول فِيهِ:{يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا هَل أدلكم على تِجَارَة تنجيكم} ، وَسنة رَسُول الله قَائِمَة فِيكُم. وَمِمَّا صَحَّ عَنهُ [صلى الله عليه وسلم] ، من اغبرت قدماه فِي سَبِيل الله، حرمهَا الله على النَّار. لَا يجْتَمع غُبَار فِي سَبِيل الله ودخان جَهَنَّم. من جهز غازيا فِي سَبِيل الله، فقد غزا، أدركوا أرمق الدّين قبل أَن يفوت. بَادرُوا عليل الْإِسْلَام قبل أَن يَمُوت. احْفَظُوا وُجُوهكُم مَعَ الله يَوْم يسلكم عَن عباده، جاهدوا فِي سَبِيل الله بالأنفس وَالْأَمْوَال، والأقوال حق جهاده.

(مَاذَا يكون جوابكم لنبيكم

وَطَرِيق هَذَا الْعذر غير ممهد)

(إِن قَالَ لم فرطتم فِي أمتِي

وتركتموهم لِلْعَدو المعتد)

(تالله لَو أَن الْعقُوبَة لم تخف

لكفا الحيا من وَجه ذَاك السَّيِّد)

اللَّهُمَّ أعطف علينا قُلُوب الْعباد. اللَّهُمَّ بَث لنا الحمية فِي الْبِلَاد. اللَّهُمَّ دَافع عَن الْحَرِيم الضَّعِيف وَالْأَوْلَاد. اللَّهُمَّ انصرنا على أعدائك، بأحبابك وأوليائك يَا خير الناصرين. اللَّهُمَّ أفرغ علينا صبرا، وَثَبت أقدامنا وَانْصُرْنَا على الْقَوْم الْكَافرين. وَصلى الله على سيدنَا ومولانا مُحَمَّد، وعَلى آله وَصَحبه، وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا إِلَى يَوْم الدّين، يَا رب الْعَالمين.

ص: 62

ووصلني كتاب السُّلْطَان رضي الله عنه يعرف بِفَتْح أطريرة واستيلائه عَلَيْهَا عنْوَة وَذَلِكَ بِخَط يَده، فَعرفت من أهل حَضرته الَّذين أعجلهم إسراع الْحَرَكَة عَن اللحاق بِهِ

أَيهَا النَّاس، ضاعف الله بمزيد النعم سروركم، وتكفل بِلُطْفِهِ الْخَفي فِي هَذَا الْقطر الْغَرِيب أُمُوركُم. أبشركم بِمَا كتبه سلطانكم السعيد عَلَيْكُم، المترادفة بَين الله وسعادته نعم الله عَلَيْكُم، أمتع الله الْإِسْلَام بِبَقَائِهِ وأيده على أعدائه، وَنَصره فِي أرضه بملائكة سمائه، وَإِن الله فتح لَهُ الْفَتْح الْمُبين، وأعز بحركة جهاده الدّين، وبيض وُجُوه الْمُؤمنِينَ، وأظفره بأطريرة الْبَلَد الَّذِي فجع الْمُسلمين بأسراهم فجيعة تثير الحمية، وتحرك النُّفُوس الأبية، وانتقم الله مِنْهُم على يَده، وبلغه من استيصالهم غَايَة مقْصده، فَصدق من الله لأوليائه على أعدائه، الْوَعْد والوعيد، وَحكم بإبادتهم المبدي المعيد، وَكَذَلِكَ أَخذ رَبك إِذا أَخذ الْقرى وَهِي ظالمة، إِن أَخذه أَلِيم شَدِيد، وَتحصل من سَبْيهمْ، بعد مَا رويت السيوف بدمائهم، أُلُوف عديدة، لم يسمع بِمِثْلِهَا فِي المدد المديدة، وَلَا فِي العهود الْبَعِيدَة، وَلم يصب من إخْوَانكُمْ الْمُسلمين عدد يذكر، وَلَا رجل مُعْتَبر. فتح هنى، وصنع سنى، ولطف خفى، ووعد وَفِي، فاستبشروا بِفضل الله وَنعمته، وثقوا على الافتقار والانقطاع برحمته، وَقَابَلُوا نعمه بالشكر يزدكم، واستنصروا فِي الدفاع عَن دينكُمْ، ينصركم ويؤيدكم، واغتبطوا بِهَذِهِ الدولة الْمُبَارَكَة الَّتِي لم تَعْدَمُوا من الله مَعهَا عَيْشًا خصيبا، وَلَا رَأيا مصيبا، وَلَا نصرا عَزِيزًا، وفتحا قَرِيبا، وَتَضَرَّعُوا فِي بَقَائِهَا، وَنصر لوائها، لمن لم يزل سميعا للدُّعَاء مجيبا. وَالله عز وجل يَجْعَل البشائر الفاشية فِيكُم عَادَة، وَلَا يعدمكم وَلَا للْوَلِيّ الْأَمر، تَوْفِيقًا

ص: 63