المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أ - تقرير الصحافة عن الحرب في فرنسا: - سلسلة جهاد شعب الجزائر - جـ ١١

[بسام العسلي]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌الفصل الأول

- ‌ قصة الثورة الجزائرية

- ‌أ - المخاض العسير

- ‌ب - البداية الشاقة:

- ‌ج - التوازن الاستراتيجي (1956 - 1960)

- ‌د - من التوازن إلى الهجوم الاستراتيجي:

- ‌ لاكوست - والثورة المضادة للثورة

- ‌ شاب - على خطى (نافار)

- ‌ ذريعة (أوروبيي) الجزائر

- ‌آ - الأقليات الأوروية في الجزائر:

- ‌ب - رسالة من جبهة التحرير الوطني إلى الفرنسيين:

- ‌ج - رسالة جبهة التحرير الوطني إلى اليهود:

- ‌ ثورة الجزائر تنتقل إلى فرنسا

- ‌أ - تقرير الصحافة عن الحرب في فرنسا:

- ‌ب - قصة المعركة في كتابة الثوار

- ‌ مع المجاهدين في معاقلهم

- ‌ مع قائد من المجاهدين

- ‌الفصل الثاني

- ‌ ولادة سرية ومصرعها

- ‌ ضباب الفجر

- ‌ المهمة الأولى

- ‌ معارك (تيفرين) في (جبل منصور)

- ‌ معركة جبل (منور)

- ‌ المقاومة في (بوهندس)

- ‌ معركة (الأوراس)

- ‌ معركة في الجنوب

- ‌ إعدام (فروجي)

- ‌قراءات

- ‌ الاضراب التاريخي للطلاب

- ‌ تعليمات وأوامر إدارية

- ‌ بيان الحكومة المؤقتة للجمهوريةالجزائرية إلى الشعب الجزائري

- ‌ أمر يومي من قيادة الأركان العامة

- ‌(محتوى الكتاب)

الفصل: ‌أ - تقرير الصحافة عن الحرب في فرنسا:

‌أ - تقرير الصحافة عن الحرب في فرنسا:

لقد تشابهت التقارير الصحافية - في شكلها ومضمونها - وهي تنقل للعالم خبر الحدث المثير. وإذن، فإنه يكفي اختيار ما ذكرته (وكالة اليونايتد برس) (*) في تقريرها الذي جاء فيه:

قام الوطنيون الجزائريون بحملة شاملة في فرنسا - للمرة الأولى -منذ أن بدأت الثورة الجزائرية قبل أربعة أعوام. وقد وجه الوطنيون الجزائريون ضربات منسقة ساحقة في باريس وفي جنوب فرنسا حيث أشعلوا النيران في ثلاثة مخازن ضخمة للبترول وقتلوا أربعة من رجال الشرطة الفرنسية. وتجدر الإشارة إلى أن الوطنيين الجزائريين لم يقوموا من قبل بتوجيه مثل هذه الضربات البالغة العنف داخل فرنسا. وتخشى الشرطة الفردية أن يكون هذا العمل هو البداية لحملة من الإرهاب المتعاظم باستمرار، حتى يوم 28 أيلول - سبتمبر - القادم حين يجري (ديغول) استفتاءه على الدستور الفرنسي الجديد. ومن المعروف أن الوطنيين الجزائريين يعارضون بشدة هذا الدستور.

وقد وقعت الحرائق الهائلة الثلاث في آن واحد في مدن (تولوز) و (فريون) و (مرسيليا) في أعقاب انفجارات قوية وقعت بالمصافي والخزانات البترولية.

ووصفت وكالتا (رويتر) و (الصحافة الفرنسية) حريق (مرسيليا) بأن انفجارا سريعا وقع في أحد الخزانات التي تشكل مستودعا للبترول في (موربيان) قرب (مرسيليا). وقد امتدت ألسنة النيران فورا إلى أربعة خزانات أخرى. وقام رجال إطفاء البحرية

(*) الرأي العام - الدمشقية - صباح الأربعاء - 27 - اب - أغسطس - 1958 (الموافق 12 صفر - 1378هـ) العدد: 1257 ص 1 و4.

ص: 61

باستخدام أجهزة قوية للغاية من أجل السيطرة على الحريق. ولم تمض سوى فترة قصيرة جدا حتى أصيب (15) منهم بجراح مختلفة، ومن بينهم أربعة فدائيين تعتبر حالتهم خطرة، ثم جاءت أنباء بعد منتصف الليل؛ فأكدت أن فرنسا فقدت عشرين آخرين من رجال مطافئها في (مرسيليا)، وذلك عندما وقع انفجار في مصفاة البترول أثناء مكافحة حرائق الخزانات المحيطة بالمصفاة.

وفي تمام الساعة الثالثة من صباح 25 آب - أغسطس - اندلعت ألسنة اللهيب في خزان آخر، وقد أسفر هذا الحريق - حتى تلك الساعة عن تخريب خزانين تخريبا كاملا واندلاع النيران في أربعة خزانات أخرى. وقد تركزت جهود رجال الإطفاء على منع النار من الامتداد إلى (14) صهريجا - خزانا - في المنطقة. وفي الوقت ذاته يخوض رجال الإطفاء الفرنسيون، صراعا ضد النيران التي زاد ارتفاعها على مائة متر بعد حدوث انفجار في مستودعين للبترول قرب (تولون). ويحتوي أحد المستودعين على (900) ألف ليتر من البنزين، بينما يحتوي الآخر على (300) ألف ليتر، وتقدر الخسائر بنحو (150) مليون فرنك. وذكرت سلطات الشرطة - البوليس - أنها اكتشفت قنبلة بلاستيكية في مستودع (مارتيغ - لاميزا) بالقرب من (مرسيليا).

ولم يكتف الثوار الجزائريون بتوجيه هذه الضربات الحاسمة التي وجهوها إلى المصافي والخزانات البترولية الفرنسية؛ بل إنهم هاجموا أيضا مراكز الشرطة الفرنسية - البوليس - في وسط العاصمة الفرنسية. ووصفت وكالة (رويتر) الهجوم فقالت: توجهت جماعة من الجزائريين بالسيارة إلى كراج للشرطة - البوليس - وما كاد أفرادها يصلون إليه، حتى قفزوا من السيارة، وأصلوا رجال الشرطة الذين

ص: 62

يقفون أمام المرآب - الكراج - بنيران مدافعهم الرشاشة ومسدساتهم، فقتلوا ثلاثة منهم، وأصابوا رابعا بجراح. ثم عمدوا إلى إلقاء زجاجات من البنزين المشتعل أدت إلى نشوب حريق. وقد تمكن المهاجمون من الفرار. وفي منطقة (فانسين) أطلقت جماعة من الجزائريين النار على شرطي فيما كان يخرج من سيارة للشرطة في كراج آخر، فأصيب بجروح ونقل إلى المستشفى حيث ما لبث أن فارق الحياة.

وعلى الأثر قامت قوات الشرطة بحملة إرهاب عنيفة على الجزائريين في فرنسا، وقد قتل ثلاثة منهم برصاص الشرطة عندما احتجوا على اعتقالهم وتعذيبهم. وذكر مراسل الإذاعة البريطانية في - لندن - بأن إحدى هذه الهجمات حدثت على المقر الرئيسي لإدارة الشرطة في باريس، وأضاف - المراسل - أن دوريات من الشرطة المسلحين قد انطلقت إلى الشوارع. ولبس أفرادها خوذهم الفولاذية على رؤوسهم، وأقيمت المتاريس عند مداخل باريس.

وقد ارتبطت حملة الإرهاب ضد الجزائريين في فرنسا بحملة الإرهاب في الجزائر داتها، حيث أفادت أنباء الجزائر بأن القوات الفرنسية تمارس عملياتها الإرهابية في مختلف مناطق الجزائر، وخاصة في المدن، وذلك بهدف إرغام الجزائريين على تسجيل أسمائهم في قوائم الانتخاب، وبالتالي الإشتراك في الاستفتاء على دستور (الجنرال ديغول) الجديد. وتفيد هذه التقارير بأن السلطات الفرنسية قد لجأت من أجل تنفيذ أغراضها، إلى تعذيب المعارضين، وتجويع قرى بأسرها حتى ترغم المواطنين على الإدلاء برأيهم في هذا الاستفتاء.

وصرح السيد (أحمد توفيق المدني) مدير مكتب جبهة التحرير

ص: 63

الوطني في القاهرة، بأن الشعب الجزائري كله مجمع على رفض الاشتراك في الاستفتاء، ولذلك يلجأ الفرنسيون إلى عمليات القمع والإرهاب بصورة لم يسبق لها مثيل. فهل يستطيع (ديغول أن يعلن أن الجزائر هي جزء من فرنسا بدليل استغتاء الجزائر؟ .. وقال (الأستاذ المدني): إن جبهة التحرير الوطني أبلغت الأمم المتحدة، وكذلك جميع ممثلي الدول في نيويورك بما تقوم به فرنسا من أعمال إرهابية. وأضاف: إن الجبهة لا تعترف بهذا الاستفتاء، كما ترفض الاعتراف بكل ما يسفر عنه من نتائج، نظرا لما تتسم به عملية الاقتراع - التصويت - من تهديد وإرهاب.

وذكر في معرض التعليق على حملة الإرهاب الجديدة، أنه قد تم بالأمس تنفيذ حكم الإعدام في اثنين من الجزائريين في السجن المدني في مدينة الجزائر، وهذا أول حكم إعدام ينفذ في الجزائر منذ ثلاثة أشهر ونصف الشهر.

وجاء في نبأ (لوكالة اليونايتد برس) أن الجنرال ديغول رئيس وزراء فرنسا الذي يقوم حاليا بجولة في المناطق الإفريقية التي تستعمرها فرنسا بغية الدعوة للدستور الفرنسي الذي سيجري الاستفتاء عليه في الشهر القادم قد أخفق فيما أراد أن يحققه من وراء هذه الجولة.

وتقول الوكالة: إن (ديغول) الذي يمكن أن يكون قد حقق نصرا سياسيا شخصيا في جولته، لم ينجح في إقناع زعماء المناطق الإفريقية التي تحكمها فرنسا بالبقاء تحت الحكم الفرنسي، لأن معظمهم أصر على الإستقلال التام، ومعنى ذلك أن هؤلاء الزعماء سيطلبون من مؤيديهم أن يصوتوا ضد الدستور الفرنسي الجديد عندما يجري الاستفتاء عليه في الثامن والعشرين من أيلول - سبتمبر - 1958.

ص: 64

يظهر ذلك أن قيادة جبهة التحرير الوطني قد ربطت بين تطوير الصراع المسلح ونقل الحرب إلى فرنسا، بالصراع السياسي مع الحكومة الفرنسية، وكان من أبرز نتائج هذا التطوير:

1 -

إحداث انفجار هز مرسيليا التي تقع قريبا من معمل تكرير البترول. وقد ساد الرعب على الأماكن المجاورة لهذا الانفجار، حيث ارتفعت ألسنة اللهب وسحب الدخان قاتمة في سماء هذه لمدينة، حتى أنها كادت تخنق أنفاس السكان في منطقة تبعد خمسة أميال عن مركز الانفجار.

2 -

إن فرنسا خسرت نصف مخزونها على الأقل من الوقود الاحتياطي.

3 -

إن هذه التظاهرة (السياسية - العسكرية) لم تكن إلا البداية لصراع متطور باستمرار، فقد استمر الصراع في فرنسا، الأمر الذي أقلق السلطة الفرنسية، وأحدث شرخا في الرأي العام الفرنسي. وتجدر الإشارة إلى أن أعمال الفدائيين الجزائريين قد تركزت باستمرار على الموارد الاقتصادية والعسكرية، وتجنبت بذكاء حاد إلحاق الأذى بالمواطنين الفرنسيين - قدر المستطاع - ومن ذلك - - على سبيل المثال - ما أعلن فيما بعد:(من أن رجال الشرطة الفرنسية قد اعتقلوا خمسة من المغاربة، وصادروا منهم مدفعا رشاشا وسبعة مسدسات وكمية كبيرة من مواد صنع القنابل وذكرت السلطة الفرنسية بأن المعتقلين قد نجحوا في تدمير محطة للبنزين ومخزنا للذخيرة في مدينة - غرونوبل)(*).

(*) صحيفة (المنار) الدمشقية - العدد (1840) ص 3 - صباح الاثنين 18 رمضان (1377هـ) الموافق 7 نيسان (ابريل)1958.

ص: 65