المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ب - البداية الشاقة: - سلسلة جهاد شعب الجزائر - جـ ١١

[بسام العسلي]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌الفصل الأول

- ‌ قصة الثورة الجزائرية

- ‌أ - المخاض العسير

- ‌ب - البداية الشاقة:

- ‌ج - التوازن الاستراتيجي (1956 - 1960)

- ‌د - من التوازن إلى الهجوم الاستراتيجي:

- ‌ لاكوست - والثورة المضادة للثورة

- ‌ شاب - على خطى (نافار)

- ‌ ذريعة (أوروبيي) الجزائر

- ‌آ - الأقليات الأوروية في الجزائر:

- ‌ب - رسالة من جبهة التحرير الوطني إلى الفرنسيين:

- ‌ج - رسالة جبهة التحرير الوطني إلى اليهود:

- ‌ ثورة الجزائر تنتقل إلى فرنسا

- ‌أ - تقرير الصحافة عن الحرب في فرنسا:

- ‌ب - قصة المعركة في كتابة الثوار

- ‌ مع المجاهدين في معاقلهم

- ‌ مع قائد من المجاهدين

- ‌الفصل الثاني

- ‌ ولادة سرية ومصرعها

- ‌ ضباب الفجر

- ‌ المهمة الأولى

- ‌ معارك (تيفرين) في (جبل منصور)

- ‌ معركة جبل (منور)

- ‌ المقاومة في (بوهندس)

- ‌ معركة (الأوراس)

- ‌ معركة في الجنوب

- ‌ إعدام (فروجي)

- ‌قراءات

- ‌ الاضراب التاريخي للطلاب

- ‌ تعليمات وأوامر إدارية

- ‌ بيان الحكومة المؤقتة للجمهوريةالجزائرية إلى الشعب الجزائري

- ‌ أمر يومي من قيادة الأركان العامة

- ‌(محتوى الكتاب)

الفصل: ‌ب - البداية الشاقة:

بالإعدام. غير أن عملية القمع هذه لم تدمر قاعدة التنظيم على ما يظهر، ولو أنها أخرت من موعد تفجير الثورة.

فتابع بعض القادة والموجهين نشاطهم السري، واعتصموا بالجبال، وابتعدوا عن الحياة المدنية منذ سنة 1948. وأمكن لبعض الرواد الثائرين الهرب من معتقلات العدو، واللجوء إلى الجبال، أو الانتقال للعمل خارج البلاد. وفي صيف سنة 1954، ظهر للرواد التاريخيين أن موعد فجر الثورة بات قريبا. ففي الخارج كانت حركات التحرر الوطني تحقق النصر تلو النصر، وفي الحدود الشرقية والغربية كانت ثورة القطرين الشقيقين (تونس) و (المغرب) تلهب مشاعر جماهير الشعب الجزائري، وتدفعها لحمل السلاح والسير على طريق الثورة المسلحة. وفي داخل الجزائر، كانت الممارسات الاستعمارية تزيد من احتمالات تفجير (برميل البارود). وكان الاجتماع التاريخي في (10 تشرين الأول - اكتوبر - 1954) في العاصمة الجزائر. حيث تقرر إطلاق رصاصة الثورة، ووضعت اللمسات الأخيرة على مخططات انطلاقة الثورة. ونظمت (اللجنة الثورية للوحدة والعمل). وانطلقت ثورة الفاتح من نوفمبر (في ليل عيد جميع القديسين).

‌ب - البداية الشاقة:

فوجئت السلطات الاستعمارية، وبوغت العالم كله، بوقوع سلسلة من الهجمات المسلحة التي شنها المجاهدون الجزائريون على المنشآت والمراكز العسكرية الإفرنسية في كامل أنحاء الجزائر، وعلى الأخص في جبال الأوراس، والشمال القسنطيني، والقبائل الكبرى، ونواحي الجزائر وتلمسان. وكان ذلك إيذانا ببداية الحرب طويلة الأمد والتي استغرقت مدة سبع سنوات ونصف.

ص: 16

كان رد الفعل الأولي لفرنسا ممثلا بموقف رئيس الوزراء الفرسي آنذاك (مانديس فراس) الذي أعلن: (بأن جواب فرنسا على هذه العمليات التمردية هو الحرب) وبادر بإرسال قوات المظليين في 2 تشرين الثاني - نوفمبر - 1954. وكان هذا الإجراء هو بداية تاريخ المظليين الفرنسيين في الجزائر، وهو التاريبخ الذي يشكل صفحة سوداء في جملة صفحات الاستعمار الإفرنسي المميز بجرائمه القذرة، وأساليبه الوحشية الشائنة: فقد بدأ هؤلاء - أصحاب القبعات الحمر - على إجلاء المواطنين المسلمين بناحية أوريس، ودمروا القرى والمداشر بقنابل الطائرات. ومارسوا أعمال الإبادة الإجماعية والتعذيب اللاإنساني، والاعتقالات الرهيبة. وبدأت المعارك الطاحنة بين القوات الإفرنسية ومجاهدي جيش التحرير الوطني الذين أظهروا في صراعهم المرير وغير المتكافيء بطولات أثارت إعجاب العالم.

كانت ردود فعل الجماهير الجزائرية مختلفة، متباينة - كما كان متوقعا - إذ أنه من المحال تدمير هيبة الاستعمار بضربة واحدة بعد تلك الهيمنة الطويلة التي رافقت عمر الاستعمار. وكان لا بد من إقناع الجماهير بمجموعة من الحقائق لإجراء التحول المطلوب، وأبرز هذه الحقائق:

أولا - قدرة الإنسان الجزائري المسلم، على تحدي الإنسان الأوروبي - الإفرنسي - الذي شكل عقدة (تفوق الرجل الأبيض) وذلك بصرف النظر عن التشابه باللون إن كان هناك ثمة تفوق عنصري - أو عرقي - يرتبط بلون البشرة.

ثانيا - قدرة الإنسان الجزائري المسلم، على خوض الصراع المسلح في حرب طويلة الأمد. إذ كان صمود الثورة واستمرارها

ص: 17

شرطا أساسيا لإجراء التحويلات المطلوبة في وسط الشعب الجزائري:

وعلى هذا، فقد كانت فئات الشعب فى الريف والجبال، أكثر استعدادا لاحتضان الثورة منذ بداياتها المبكرة، بحكم عمق مشاعرها الدينية، وبحكم ظروفها الاجتماعية السيئة، فلم يكن لهذه الفئات ما تخافه أو تخشاه، وهي المؤمنة بمفهوم الجهاد، كما لم يكن لديها ما تخاف عليه وهي لا تمتلك من حطام الدنيا إلا قيودها وأغلالها التي كبلها بها الاستعماريون.

أما سكان المدن، والمثقفون فيهم بصورة خاصة، والمحافظون التقليديون من أتباع السلطة (بني وي وي - الإمعات) فقد أيدوا - في معظمهم انطلاقة الثورة في بداياتها الأولى، غير أنه كان من المحال عليهم التخلص من رواسبهم دفعة واحدة، ولهذا أظهروا ترددا أمام منح الثقة لقدرة الثورة على الصمود والاستمرار. ولكن تعاظم قدرة الثورة، وظهور تنظيمات المهجاهدين والفدائيين والمسبلين (الأنصار) وما كانت تحققه هذه التنظيمات من أعمال مثيرة وبطولات رائعة، أقنعت المتشككين والمترددين بطرح ترددهم، وهكذا فعندما طرح رئيس الوزراء الإفرنسي - إدغارفور - والذي خلف منديس فرانس بسبب حرب الجزائر - طرح قضيه الدمج. اصطدم بالنواب الجزائريين الذين كانت تعتبرهم فرنسا (ورقتها المضمونة) وشكل هؤلاء (جماعة الواحد والستين) الرافضة للدمج.

سجلت هذه المرحلة (من العام 1955) تطورا كبيرا في نشاط الثورة التي امتد لهيبها إلى كل أنحاء الجزائر. فلم تصل هذه السنة إلى نهايتها حتى تم تأمين الاتصال بين كل (ولايات الكفاح) - بما

ص: 18