المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ لاكوست - والثورة المضادة للثورة - سلسلة جهاد شعب الجزائر - جـ ١١

[بسام العسلي]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌الفصل الأول

- ‌ قصة الثورة الجزائرية

- ‌أ - المخاض العسير

- ‌ب - البداية الشاقة:

- ‌ج - التوازن الاستراتيجي (1956 - 1960)

- ‌د - من التوازن إلى الهجوم الاستراتيجي:

- ‌ لاكوست - والثورة المضادة للثورة

- ‌ شاب - على خطى (نافار)

- ‌ ذريعة (أوروبيي) الجزائر

- ‌آ - الأقليات الأوروية في الجزائر:

- ‌ب - رسالة من جبهة التحرير الوطني إلى الفرنسيين:

- ‌ج - رسالة جبهة التحرير الوطني إلى اليهود:

- ‌ ثورة الجزائر تنتقل إلى فرنسا

- ‌أ - تقرير الصحافة عن الحرب في فرنسا:

- ‌ب - قصة المعركة في كتابة الثوار

- ‌ مع المجاهدين في معاقلهم

- ‌ مع قائد من المجاهدين

- ‌الفصل الثاني

- ‌ ولادة سرية ومصرعها

- ‌ ضباب الفجر

- ‌ المهمة الأولى

- ‌ معارك (تيفرين) في (جبل منصور)

- ‌ معركة جبل (منور)

- ‌ المقاومة في (بوهندس)

- ‌ معركة (الأوراس)

- ‌ معركة في الجنوب

- ‌ إعدام (فروجي)

- ‌قراءات

- ‌ الاضراب التاريخي للطلاب

- ‌ تعليمات وأوامر إدارية

- ‌ بيان الحكومة المؤقتة للجمهوريةالجزائرية إلى الشعب الجزائري

- ‌ أمر يومي من قيادة الأركان العامة

- ‌(محتوى الكتاب)

الفصل: ‌ لاكوست - والثورة المضادة للثورة

2 -

‌ لاكوست - والثورة المضادة للثورة

-

وصف الشعب الجزائري الاشتراكي (روبير لاكوست) - الحاكم العام للجزائر - بصفة (سفاح الجزائر). نظرا لما ارتكبه بحق الشعب الجزائري من جرائم وآثام، ونظرا لما طبق في عهد إدارته من أساليب وحشية وطرائق خبيثة شريرة. وكان في جملة وسائله محاولة إثارة الاقتتال بين الجزائريين من خلال تكوين قوات جزائرية تعمل تحت قيادة ضباط أفرنسيين (أو تنظيم ثورة مضادة للثورة) وتعرض كاتب جزائري لمعالجة هذا الموقف تحت عنوان (كيف اهتدى روبير لاكوست إلى تسليح الثوار) وتضمن البحث ما يلي:

(لكل عاقل أن يتساءل عن الأمر الذي يبعث لاكوست على التفاؤل إزاء تطور الحالة في الجزائر. لقد توالت على أذنيه أخبار العمليات، وما تتركه في صفوفا الجيش الفرنسي ومسيري الاستعمار من فراغ، وتعاقب انتصارات جبهة التحرير الوطني، حتى أصبحت الصحف عاجزة عن عدها وإحصائها. وظهر عجز (600) ألف جندي مسلح بأقوى الأسلحة وأحدثها، حتى اضطر الوزير المفوض إلى الكذب والاحتيال على طريقة (المكتب النفساني) والتصريحات الكاذبة. ولكن الأمر يفتضح اليوم، فقد كان (سوستيل) خلف له (سلاحا سريا) يقضي به على الثورة

ص: 32

الجزائرية - على ما يزعم -.وقد تعاون على اكتشاف هذا السلاح كل من السادة: لاكوست وسوستيل وموليه واوليه ولوجون اولي وبانتال ولونشان، وغيرهم من الدواهي السياسية والعسكرية والبوليسية.

لقد وقع الاختيار لتنفيذ هذا المشروع السري على ثلاثة من رجال جبهة التحرير كانت إدارة (سوستيل) تعتبرهم من الموالين لها، والأوفياء في خدمتها، وهؤلاء الثلاثة هم:(أحمد زيدات) و (الطاهر عشيش) و (محمد يازورن). فكلفوا بتجنيد أفراد من (القبائل الخلص) في جماعات تضم خمسة عشر إلى عشرين شخصا (وهو نفس الأسلوب الجاري في جيش التحرير الوطني)، وكانت تريد أن تجعل على رأسهم ضباطا استعماريين لتحارب بهم الثوار. وقد جاء الاخوان المذكورون. إلى (كريم بلقاسم) و (سعيد محمدي) بالخبر، فأمرهم بتلبية دعوة الولاية العامة، وهكذا تم التجنيد، وتم تسليح الرجال بأسرع ما يمكن، ومن الملاحظ أن الاختيار كان يقع على أحسن العاملين في جبهة التحرير الوطني، وعندما تسلم (لاكوست) الحكم من سابقه (سوستيل) همس له هذا الأخير بالخطة التي سماها إذ ذاك (القضبة الهامة) وفي الاجتماع الأخير الذي عقده قادة الثورة الجزائرية لمناطق (وهران) و (الجزائر) وفسنطينة) تقرر أن تدرج هذه الجماعات المسلحة في صفوف جيش التحرير الوطني، وأن تشارك في هجوم الخريف العام الذي نفذ في كافة أنحاء القطر الجزائري، مساء يوم 30 أيلول - سبتمبر - 1956.

ليست القضية الجزائرية (يا مسيو لاكوسمت) هي قضية خيال. إنك بعيد كل البعد عن الحقيقة وعن الكفاءة معا. إن القضية

ص: 33

الجزائرية تتطلب معرفة الشعب الجزائري معرفة حقيقية. وهذا الشعب نحن نعرفه لأننا نحن الشعب. ولقد كان ينقصك لإنجاز هذه التمثيلية التي هيأتها شيء واحد: هو معرفة المسرح والممثلين، وذلك قبل الشروع في العمل. لكن المسرح هو بلادنا، والممثلون نحن. إنك سلحت مجاهدين حقيقيين لجبهة التحرير الوطني. فكيف تبلغ الغفلة بالإنسان أن يصدق هذا الحلم؟

آكنت تعتقد أننا من البلاهة والغرور بحيث تعيب أنظارنا عما تصنعه؟ ها هو الواقع يخبرك، ولعلك ستدرك أخيرا ما هي ثورتنا، وتشعر بعقم أساليبك. ولا شك أنك ستستخلص الدرس الكافي من هذه التجربة. وهو درس يساوي ما قدمته لنا مجانا من مئات الأسلحة. وكن على يقين أننا سنقدر هذه الهدية حق قدرها. وسنعرف كيف نستخدمها أفضل استخدام لدعم قضيتنا الوطنية.

ولعل الشعب الفرنسي الذي يقتل أبناؤه كل يوم، سيقدر صنيعك بدوره. ولعله يطالبك بمحاسبة يعسر عليك شرحها بعدما خدعته بثباتك المصطنع. وهذه تفاصيل لا تهمنا. أما ما يهمنا نحن، فإن التجربة واضحة بالنسبة لنا، إن بلاد القبائل (الولاية الثالثة - أو العمالة الثالثة) ستكون مثالا لباقي البلاد. وسيبوء (نشر السلام) في كل ناحية منها بنفس الفشل، وإذا ما أرادت الحكومة الفرنسية أن تجد الحل للمشكلة الجزائرية - في يوم من الأيام؛ فعليها أن تختار لها طريقا آخر.

ولمزيد من التعريف بهذا الاستعماري (روبير لاكوست) قد يكون من المناسب العودة إلى بعض تصريحاته، التي يجب لها أن تبقى معروفة، لأنها تمثل مرحلة تاريخية من مراحل الإستعمار الإفرنسي

ص: 34

للجزائر. فقد جاء في تصريح له: (لا مفاوضات مع الجزائريين، ولا استقلال للجزائر. وإن رئيس الوزراء - غي موليه - مثلي في هذا الصدد - إذ أدرك أن مسألة المفاوضات مع العصاة لا يمكن أن تخطر على بال أحد، إذا كانت تستهدف اعتبار الفرنسيين الذين يعيشون في الجزائر - أجانب - إن مثل هذه الفكرة لا يمكن أن يكتب لها الوجود)(1).

وفي تصريح آخر له جاء ما يلي: (إن سياستنا في الجزائر هي سياسة تهدئة عامة - بالوسائل العسكرية - وسنعمل كل جهدنا لإعادة الطمأنينة لنفوس الجميع، ولملأ الفجوة السحيقة التي تفصل الآن بين عناصر المجتمع الجزائري، ولتحقيق المفاوضات اللازمة التي تفكر بها الحكومة بعد إجراءات الإنتخابات الحرة لوضع نظام الجزائر في المستقبل على أن هذه السياسة تتطلب أسسا عسكرية ثابتة. وبالرغم من أن المسألة ليست مسألة (إعادة فتح الجزائر) أو (القيام بأعمال العنف؟) ولكنني رأيت من الضروري أن أطلب إلى الحكومة الفرنسية إرسال قوات إضافية عسكرية للجزائر، وأسلحة جوية جديدة

الخ

بالإضافة إلى ضرورة إعادة النظر في وسائل وتنظيم الوحدات المسلحة، للاستفادة من أحسن إمكانياتها للقتال في الجزائر. ولتكييف قوانا المتوافرة وفق الأحوال الخاصة المحيطة بذلك البلد.

كذلك فإنه من مستلزمات سياسة التهدئة العامة، الاحتكام إلى وسيط عادل بين العناصر الفرنسية التي تنحدر من أصول أوروبية - المعمرين - والعناصر الفرنسية من المسلمين؟. كذلك تقضي السياسة المذكورة المبادرة إلى تطبيق الإصلاحات الأساسية في

(1) صحيفة (لوموند) الفرنسية 1956/ 4/30.

ص: 35

الميادين الزراعية والاجتماعية والاقتصادية والإدارية، لمنح العنصر الإسلامي الثقة واليقين بأننا عازمون حقا على الاستجابة لرغبته في التحرر. إن جميع ذلك يتطلب سلطة ثابتة وقوية وعادلة. ولهذا السبب ذاته، طلبت منح الحكومة - سلطات مهمة وواسعة (حسب نص المادة الخامسة من المشروع القانوني المقدم، والقاضي بمنح الحكومة أوسع السلطات المختلفة، واتخاذ أي إجراء استثنائي نراه ضروريا. وليس يخفى عليكم بأن الحاكم العام في الجزائر هو شخصية مدنية وعسكرية في وقت واحد. وسيطبق النص المذكور على العصاة وغيرهم من مثيري الاضطرابات على السواء)(2).

(2) صحيفة (لوموند) الفرنسية 3/ 5/ 1956.

ص: 36