المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(في ذكر نسب الطالبيين وذكر المشاهير من أعقابهم) - سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي - جـ ٤

[العصامي]

فهرس الكتاب

- ‌(بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم)

- ‌(الْبَاب الرَّابِع)

- ‌(فِي الدولة الأيوبية السُّنِّيّةِ السَّنيّة)

- ‌(السَّبَب فِي توردهم الديار المصرية)

- ‌(السُّلْطَان صَلَاح الدّين يُوسُف بن أَيُّوب)

- ‌(ثمَّ تولى ابْنه الْملك الْعَزِيز عُثْمَان)

- ‌(ثمَّ تولى ابْنه الْملك الْمَنْصُور مُحَمَّد)

- ‌(ثمَّ تولى الْملك الْعَادِل)

- ‌(ثمَّ تولى الْملك الْكَامِل مُحَمَّد)

- ‌(ثمَّ تولى ابْنه أَبُو بكر الْعَادِل)

- ‌(ثمَّ تولى الْملك الصَّالح نجم الدّين أَيُّوب ابْن الْملك الْكَامِل)

- ‌(ثمَّ تولى تورنشاه)

- ‌(ثمَّ تولت شَجَرَة الدّرّ)

- ‌(ثمَّ تولى الْملك عز الدّين أيبك التركماني)

- ‌(فَتَوَلّى الْملك الْأَشْرَف مُوسَى مظفر الدّين)

- ‌(الْبَاب الْخَامِس)

- ‌(فِي ذكر الدولة التركمانية)

- ‌(ثمَّ تولى ابْنه الْملك الْمَنْصُور نور الدّين عَليّ)

- ‌(ثمَّ تولى الْملك المظفر سيف الدّين قطز)

- ‌(ثمَّ تولى الْملك الظَّاهِر بيبرس)

- ‌(ثمَّ تولى ابْنه الْملك السعيد نَاصِر الدّين)

- ‌(ثمَّ تولى الْملك سلامش بن بيبرس)

- ‌(ثمَّ تولى الْملك المصنور قلاوون الألفي)

- ‌(ثمَّ تولى الْأَشْرَف صَلَاح الدّين خَلِيل بن قلاوون)

- ‌(ثمَّ تولى الْملك النَّاصِر مُحَمَّد)

- ‌ كتبغا

- ‌(ثمَّ تولى الْملك الْمَنْصُور حسام الدّين لاجين)

- ‌(ثمَّ عَاد الْملك النَّاصِر مُحَمَّد بن قلاوون)

- ‌ بيبرس الجاشنكير

- ‌(تمّ تولى الْأَشْرَف عَليّ كجك بن مُحَمَّد النَّاصِر بن قالوون)

- ‌(ثمَّ تولى الْملك النَّاصِر أَحْمد بن قلاوون)

- ‌(ثمَّ تولى الْملك الصَّالح إِسْمَاعِيل الْمَذْكُور ابْن مُحَمَّد قلاوون)

- ‌(ثمَّ تولى الْملك الْكَامِل شعْبَان بن مُحَمَّد بن قلاوون)

- ‌(ثمَّ تولى حاجي)

- ‌(تمّ تولى السُّلْطَان حسن بن مُحَمَّد بن قلاوون)

- ‌(من أَوْلَاد النَّاصِر مُحَمَّد بن قلاوون)

- ‌(ثمَّ تولى الْملك الصَّالح صَالح بن مُحَمَّد بن قلاوون)

- ‌(ثمَّ تولى مُحَمَّد ابْن الْملك المظفر حاجي)

- ‌(ثمَّ تولى الْملك شعْبَان بن حسن بن مُحَمَّد بن قلاوون)

- ‌(ثمَّ تولى بعده وَلَده عَليّ بن الْأَشْرَف شعْبَان)

- ‌(وتلقب بِالْملكِ الْمَنْصُور فِي عَام السَّبع وَالسبْعين والسبعمائة الْمَذْكُور)

- ‌(ثمَّ تولى أَخُوهُ حاجي بن شعْبَان الْأَشْرَف)

- ‌(الْبَاب السَّادِس)

- ‌(فِي ذكر الدولة الشركسية بِمصْر وَالشَّام وأعمالهما)

- ‌(السُّلْطَان الْملك الظَّاهِر سيف الدّين)

- ‌(أَبُو سعيد برقوق بن آنص العثماني كَذَا ذكره المقريزي فِي خططه

- ‌(ثمَّ تولى ابْنه الْملك النَّاصِر)

- ‌(ثمَّ ولي الْخَلِيفَة العباسي)

- ‌(ثمَّ تولى الْأَمِير شيخ المحمودي)

- ‌(ثمَّ تولى بعده وَلَده الْملك المظفر)

- ‌(ثمَّ تولى ططر)

- ‌(ثمَّ تولى بعده ابْنه الْملك مُحَمَّد بن الظَّاهِر ططر)

- ‌(ثمَّ تولى الْملك الْأَشْرَف برسباي الدقماقي)

- ‌(ثمَّ تولى بعده وَلَده يَوْم مَوته)

- ‌(الْملك الْعَزِيز يُوسُف بن برسباي وعمره أَرْبَعَة عشر عَاما)

- ‌(ثمَّ تولى بعده أَبُو السعادات فَخر الدّين عُثْمَان بن حقمق)

- ‌(ثمَّ تولى الْملك الْأَشْرَف سيف الدّين أَبُو النَّصْر أينال العلائي)

- ‌(ثمَّ تولى ابْنه أَحْمد الْمَذْكُور ابْن أينال ولقب بِالْملكِ الْمُؤَيد)

- ‌(ثمَّ تولى أتابكه الْملك الْعَادِل سيف الدّين خشقدم الناصري)

- ‌(ثمَّ تولى بعده فِي ذَلِك الْيَوْم أتابكه بلباي الْمُؤَيد)

- ‌(ثمَّ تولى مَكَانَهُ الْملك الظَّاهِر أَبُو سعيد تمريغا الظَّاهِرِيّ)

- ‌(ثمَّ تولى السلطنة أتابك العساكر يَوْمئِذٍ السُّلْطَان الْأَشْرَف قايبتاي)

- ‌(المحمودي الظَّاهِرِيّ الشركسي)

- ‌(ثمَّ تولى الْملك النَّاصِر أَبُو السعادات مُحَمَّد بن السُّلْطَان قايتباي)

- ‌(ثمَّ تولى بعده خَاله الْملك الظَّاهِر قانصوه)

- ‌(ثمَّ تولى بعده السلطنة أَمِير كَبِير جانبُلاط)

- ‌(ثمَّ تولى مَكَانَهُ الْملك الْعَادِل طومان باي)

- ‌(ثمَّ تولى قانصوه الغوري السلطنة)

- ‌(الْبَاب السَّابِع)

- ‌(فِي ذكر مُلُوك آل عُثْمَان)

- ‌(ثمَّ تولى السُّلْطَان أورخان الْغَازِي ابْن السُّلْطَان عُثْمَان خَان)

- ‌(ثمَّ تولى السُّلْطَان مُرَاد خَان الْغَازِي خدا وندكار)

- ‌(ابْن السُّلْطَان أورخان)

- ‌(ثمَّ تولى السُّلْطَان يلدرم با يزِيد ابْن السُّلْطَان مُرَاد الْغَازِي)

- ‌(ثمَّ تولى السُّلْطَان مُحَمَّد ابْن السُّلْطَان يلدرم)

- ‌(ثمَّ تولى السُّلْطَان مُرَاد الثَّانِي ابْن السُّلْطَان مُحَمَّد بن يلدرم)

- ‌(ثمَّ تولى السُّلْطَان مُحَمَّد خَان فاتح الْقُسْطَنْطِينِيَّة ابْن مُرَاد)

- ‌(ثمَّ تولى السُّلْطَان بايزيد ابْن السُّلْطَان مُحَمَّد)

- ‌(وَجلسَ فِي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة وافتتح الفتوحات)

- ‌(ثمَّ تولى السُّلْطَان سليم ابْن السُّلْطَان با يزِيد)

- ‌(كاسر الْعَجم وفاتح بِلَاد الْعَرَب)

- ‌ سنة سِتّ وَعشْرين وَتِسْعمِائَة

- ‌(ثمَّ تولى السُّلْطَان سُلَيْمَان بن سليم خَان)

- ‌(ثمَّ تولى السُّلْطَان سليم الثَّانِي ابْن سُلَيْمَان خَان)

- ‌(وَجلسَ على سَرِير السلطنة فِي سنة أَربع وَسبعين وَتِسْعمِائَة)

- ‌(ثمَّ تولى السُّلْطَان مُرَاد الثَّالِث ابْن السُّلْطَان سليم)

- ‌(ابْن السُّلْطَان سُلَيْمَان خَان)

- ‌(ثمَّ تولى السُّلْطَان مُحَمَّد ابْن السُّلْطَان مُرَاد)

- ‌(ابْن السُّلْطَان سُلَيْمَان ابْن السُّلْطَان خَان)

- ‌(ثمَّ تولى السُّلْطَان أَحْمد ابْن السُّلْطَان مُحَمَّد ابْن السُّلْطَان مُرَاد)

- ‌(ابْن سليم بن سُلَيْمَان بن سليم خَان)

- ‌(ثمَّ تولى السُّلْطَان مصطفى بن مُحَمَّد أَخُوهُ)

- ‌(ثمَّ تولى السُّلْطَان عُثْمَان بن أَحْمد خَان بن مُحَمَّد خَان)

- ‌(ثمَّ تولى السُّلْطَان مصطفى بن مُحَمَّد خَان)

- ‌(وَهَذِه هِيَ التَوْليَةُ الثَّانِيَة)

- ‌(ثمَّ تولى السُّلْطَان مُرَاد الْغَازِي ابْن أَحْمد)

- ‌(ابْن مُحَمَّد بن مُرَاد بن سليم بن سُلَيْمَان بن سليم خَان)

- ‌(ثمَّ تولى السُّلْطَان إِبْرَاهِيم بن السُّلْطَان أَحْمد)

- ‌(أَخُو السُّلْطَان مُرَاد الْمَذْكُور قبله)

- ‌(ثمَّ تولى السُّلْطَان مُحَمَّد خَان الْغَازِي الْمُجَاهِد)

- ‌(فِي ذكر نسب الطالبيين وَذكر الْمَشَاهِير من أَعْقَابهم)

- ‌(فِي ذكر من دَعَا مِنْهُم إِلَى الْمُبَايعَة وَذكر مَكَان دُعَائِهِ إِلَيْهَا وزمانه وَمَا جرى على كل قَائِم مِنْهُم من خَليفَة زَمَانه وتعدادهم من عَليّ بن أبي طَالب إِلَى يَوْمنَا هَذَا حَتَّى لَا تَخْلُو الأَرْض من قَائِم من آل مُحَمَّد يَدْعُو إِلَى الْحق وَإِلَى طَرِيق مُسْتَقِيم إِلَى أَن يظْهر مهديها المنتظر وَهَذَا على

- ‌(فِي ذكر من ولي مَكَّة المشرفة من آل أبي طَالب إِلَى يَوْمنَا هَذَا فَنَقُول وَبِاللَّهِ العون)

- ‌(الْبَاب الأول)

- ‌(فِي ذكر نسب الطالبيين وَذكر الْمَشَاهِير من أَعْقَابهم)

- ‌(الْبَاب الثَّانِي)

- ‌(فِي ذكر من دَعَا مِنْهُم إِلَى الْمُبَايعَة)

- ‌(الْبَاب الثَّالِث)

- ‌(من خَاتِمَة الْخَيْر)

- ‌(فِي ذكر من ولي مَكَّة المشرفة من آل أبي طَالب إِلَى يَوْم تَارِيخه)

- ‌(ولمع من أخبارهم ونوادر حوادث أيامهم)

- ‌(ذكر دولة السليمانيين)

- ‌(وَمِنْهُم آل أبي الطّيب)

- ‌(ذكر دولة الهواشم)

- ‌(ذكر بني قَتَادَة أُمَرَاء مَكَّة بعد الهواشم إِلَى وقتنا هَذَا)

- ‌(ثمَّ وَليهَا مَوْلَانَا الشريف أَبُو نمي)

الفصل: ‌(في ذكر نسب الطالبيين وذكر المشاهير من أعقابهم)

(الْبَاب الأول)

(فِي ذكر نسب الطالبيين وَذكر الْمَشَاهِير من أَعْقَابهم)

أما أَنْسَاب الطالبيين فأكثرها رَاجع إِلَى لاحسن وَالْحُسَيْن ابْني عَليّ بن أبي طَالب من فَاطِمَة عليهم السلام وهما سبطا الرَّسُول

وَإِلَى أخيهما مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة وَإِن كَانَ لعَلي رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ غَيرهم من الْوَلَد إِلَّا أَن الَّذين طلبُوا الْحق فِي الْخلَافَة وتعصب لَهُم الشِّيعَة ودعوا لَهُم فِي الْجِهَات إِنَّمَا هم من هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَة لَا من غَيرهم فَأَما الْحسن فَمن وَلَده الْحسن الْمثنى وَزيد ومنهما الْعقب الْمَشْهُود لَهُ فِي الدَّعْوَى والإمامة أما الْحسن الْمثنى فَكَانَ جَلِيلًا فَاضلا ورعاً أمه خَوْلَة بنت مَنْظُور بن رَيَّان بن سيار بن عَمْرو بن جَابر بن عقيل بن مَازِن وَكَانَت قبل الْحسن السبط تَحت مُحَمَّد بن طَلْحَة بن عبيد الله التَّيْمِيّ أحد الْعشْرَة رضوَان الله تَعَالَى عَلَيْهِم فَقتل عَنْهَا يَوْم الْجمل وَله مِنْهَا أَوْلَاد فَتَزَوجهَا الْحسن بن عَليّ بن أبي طَالب فَسمع بذلك أَبوهَا مَنْظُور فَدخل الْمَدِينَة الشَّرِيفَة وركز راية سَوْدَاء عِنْد بَاب مَسْجِد رَسُول الله

فَلم يبْق قيسي إِلَّا دخل تحتهَا ثمَّ قَالَ أمثلي يفتات عَلَيْهِ فِي ابْنَته فَقَالُوا لَا فَلَمَّا رأى الْحسن ذَلِك سلم إِلَيْهِ ابْنَته فحملها فِي هودج وَخرج بهَا من الْمَدِينَة فَلَمَّا صَارَت بِالبَقِيعِ قَالَت يَا أَبَت أَيْن تذْهب بِي إِنَّه الْحسن ابْن أَمِير الْمُؤمنِينَ عليه السلام فَقَالَ لَهَا إِن كَانَ لَهُ فِيك حَاجَة فسيلحقنا فَلَمَّا صَارا فِي نخل الْمَدِينَة إِذا بالْحسنِ وَالْحُسَيْن وَعبد الله بن جَعْفَر قد لَحِقُوا بهم فَأعْطَاهُ إِيَّاهَا فَردهَا إِلَى الْمَدِينَة وَفِي ذَلِك يَقُول جد حفيز الْعَبْسِي // (من الْبَسِيط) //

(إنَّ الندَى مِنْ بني ذُبْيَانَ قَدْ عَلِمُوا

والجودَ فِي آلِ مَنْظورِ بنِ سَيَّارِ)

(ألماطرينَ بأَيْدِيهِمْ نَدًى ديماً

وكلَّ غَيْثٍ مِنَ الوَسْمِيِّ مِدْرَارِ)

(تَزُورُ جارَهَمُ وَهنا هديتُهُمْ

وَمَا نَهَاهُم لَهَا وهْنًا بزوارِ)

وَكَانَ الْحسن وَصِيّ أَبِيه وَولي صَدَقَة عَليّ بن أبي طَالب فِي عصره قَالَ فِي كتاب أَنْسَاب قُرَيْش كَانَ الْحجَّاج بن يُوسُف قَالَ لِلْحسنِ وَهُوَ

ص: 123

يسايره فِي موكبه بِالْمَدِينَةِ وَالْحجاج يَوْمئِذٍ أَمِير الْمَدِينَة أَدخل عمك عمر بن عَليّ مَعَك فِي صَدَقَة عَليّ فَإِنَّهُ عمك وَبَقِيَّة أهلك فَقَالَ لَا أغير شَرط عَليّ وَلَا أَدخل فِيهَا من لم يدْخل قَالَ إِذن أدخلهُ مَعَك فنكص عَنهُ الْحسن حَتَّى غفل عَنهُ الْحجَّاج ثمَّ كَانَ وَجهه إِلَى عبد الْملك حَتَّى قدم عَلَيْهِ فَوقف بِبَابِهِ يطْلب الْإِذْن فَمر بِهِ يحيى بن الحكم فَلَمَّا رَآهُ يحيى عدل إِلَيْهِ فَسلم عَلَيْهِ وَسَأَلَهُ عَن مقدمه وَخَبره وتحفى بِهِ وَقَالَ لَهُ إِنِّي سأنفعك عِنْد أَمِير الْمُؤمنِينَ يَعْنِي عبد الْملك فَدخل الْحسن على عبد الْملك فَرَحَّبَ بِهِ وَأحسن مَسْأَلته وَكَانَ الْحسن قد أسْرع إِلَيْهِ الشيب وَيحيى بن الحكم فِي الْمجْلس فَقَالَ لَهُ يحيى وَمَا يمنعهُ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ شيبته أماني أهل الْعرَاق كل عَام يقدم عَلَيْهِ مِنْهُم ركب يمنونه الْخلَافَة فَأقبل عَلَيْهِ الْحسن بن الْحسن فَقَالَ بئس وَالله الرفد رفدت وَلَيْسَ كَمَا قلت وَلَكنَّا أهل بَيت يسْرع إِلَيْنَا الشيب فَأقبل عَلَيْهِ عبد الْملك فَقَالَ هَلُمَّ مَا قدمت لَهُ فَأخْبرهُ بقول الْحجَّاج فَقَالَ لَهُ ذَلِك إِلَيْك اكتبوا إِلَيْهِ كتابا لَا يُجَاوِزهُ وَوَصله فَلَمَّا خرج من عِنْده لقِيه يحيى بن الحكم فَعَاتَبَهُ الْحسن على سوء محضره وَقَالَ مَا هَذَا الَّذِي وَعَدتنِي فَقَالَ لَهُ إيهاً عَنْك فوَاللَّه لَا يزَال يهابك وَلَوْلَا هيبته إياك مَا قضى لَك حَاجَة وَمَا آلوتك رفدَاً وَكَانَ عبد الْملك بن مَرْوَان غضب عَلَيْهِ فَكتب إِلَى هِشَام بن إِسْمَاعِيل بن هِشَام ابْن الْوَلِيد بن الْمُغيرَة عَامله على الْمَدِينَة وَكَانَت بنت هِشَام تَحت عبد الْملك بن مَرْوَان وَولدت لَهُ هِشَام بن عبد الْملك أَن أقِم آل عَليّ يشتمون عَليّ بن أبي طَالب وأقم آل الزبير يشتمون الزبير فَقدم كِتَابه على هِشَام فَأبى كل مِنْهُمَا ذَلِك وَكَتَبُوا وصاياهم فركبت أُخْت هِشَام إِلَيْهِ وَكَانَت جزلة عَاقِلَة فَقَالَت يَا هِشَام أتراك الَّذِي تهْلك عشيرته على يَده رَاجع أَمِير الْمُؤمنِينَ فَقَالَ مَا أَنا بفاعل قَالَت فَإِن كَانَ لَا بُد من ذَلِك فَمر آل عَليّ يشتمون الزبير وَآل الزبير يشتمون عليا قَالَ هَذِه أَفعَلهَا فَاسْتَبْشَرَ النَّاس بذلك وَكَانَ أَهْون عَلَيْهِم فَكَانَ أول من أقيم إِلَى جَانب المرمر الْحسن الْمَذْكُور وَكَانَ رجلا رَقِيق الْبشرَة عَلَيْهِ يَوْمئِذٍ قَمِيص كتَّان

ص: 124

رَقِيق فَقَالَ لَهُ هِشَام تكلم فسب الزبير فَقَالَ إِن لآل الزبير رحما أبلها بِبلَالِهَا وأربها بربابها يَا قوم مَالِي أدعوكم إِلَى النجَاة وتدعونني إِلَى النَّار فَقَالَ هِشَام لحرسي عِنْده اضربه فَضَربهُ سَوْطًا وَاحِدًا من فَوق قَمِيصه فخلص إِلَى جسده فشرحه حَتَّى سَأَلَ دَمه تَحت قَدَمَيْهِ فِي المرمر فَقَامَ أَبُو هَاشم عبد الله ابْن مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة فَقَالَ أَنا دونه أكفيك أَيهَا الْأَمِير فنال من آل الزبير فشتمهم وَلم يحضر عَليّ بن الْحُسَيْن كَانَ مَرِيضا أَو تمارض وَلم يحضر عَامر بن عبد الله بن الزبير فهم هِشَام أَن يُرْسل إِلَيْهِ فَقيل لَهُ لَا تفعل أفتقتله فَأمْسك وَحضر من آل الزبير من كَفاهُ وَكَانَ عَامر يَقُول إِن الله لم يرفع شَيْئا فيستطيع النَّاس خفضه انْظُرُوا إِلَى مَا تصنع بَنو أُميَّة يخفضون عليا ويغرون بشتمه وَمَا يزِيدهُ الله بذلك إِلَّا رفْعَة وَكَانَت ثَابت بن عبد الله بن الزبير غَائِبا فَقدم فَقَالَ لهشام بن إِسْمَاعِيل إِنِّي لم أحضر هَذَا الْجمع فاجمع النَّاس حَتَّى آخذ بنصيبي فَقَالَ هِشَام وَمَا تُرِيدُ بذلك ولود من حضر أَنه لم يحضر فَقَالَ لتفعلن أَو لأكتبن إِلَى أَمِير الْمُؤمنِينَ بعرضي نَفسِي عَلَيْك فَلم تفعل فَجمع لَهُ النَّاس فَقَامَ فيهم فَقَالَ {لعِنَ الذَينَ كفَرُوا مِن بَني إسرائيلَ} إِلَى {كانوُا يَفعَلوُنَ} الْمَائِدَة 78 79 لعن الله من لعن ولعنته قوارع الْقُرْآن لعن الله الْمَنْدُوب يلعنه الله بَين عَيْنَيْهِ إِلَّا شدَّة لطيم الشَّيْطَان المتناول مَا لَيْسَ لَهُ هُوَ أقصر ذِرَاعا وأضيق باعاً لعن الله الأثعل المترادف الْأَسْنَان المتوثب فِي الْفِتَن توثب الْحمار فِي الْقَيْد مُحَمَّد ابْن أبي حُذَيْفَة الرَّامِي أَمِير الْمُؤمنِينَ عُثْمَان برءوس الأفانين ثمَّ قَالَ إِن الله رماك وَكذب لَو رَمَاه الله مَا أخطأه لعن الله الْأَعْوَر بن سَمُرَة ابْن شَرّ العضاه وألأمها مرعى وأقصرها فرعا لَعنه الله وَلعن من أَخذ حباه يعرض بِأم هِشَام بن إِسْمَاعِيل وَكَانَ عبيد الله بن عبد الرَّحْمَن بن سَمُرَة خلف عَلَيْهَا بعد إِسْمَاعِيل بن هِشَام وَعبيد الله بن عبد الرَّحْمَن هُوَ الَّذِي عناه ثَابت بن عبد الله بن الزبير فَلَمَّا بلغ ثَابت هَذَا من القَوْل فِي هِشَام أَمر بِهِ إِلَى السجْن وَقَالَ مَا أَرَاك تَشْتُم إِلَّا رحم أَمِير الْمُؤمنِينَ فَقَالَ لَهُ

ص: 125

ثَابت إِنَّهُم عصاة مخالفون فَدَعْنِي حَتَّى أشفي أَمِير الْمُؤمنِينَ مِنْهُم فَلم يزل ثَابت فِي السجْن حَتَّى بلغ خَبره عبد الْملك فَكتب أَن أطلقهُ فَإِنَّمَا شتم أهل الْخلاف أَوْلَاده مُحَمَّد وَبِه كَانَ يكنى وَعبد الله وَفِيه الْبَقِيَّة وَحسن وَإِبْرَاهِيم وَزَيْنَب وَأم كُلْثُوم وَلما خطب الْحسن بن الْحسن إِلَى عَمه الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ لَهُ الْحُسَيْن يَابْنَ أخي قد انتظرت هَذَا مِنْك قبل الْيَوْم فَخرج بِهِ حَتَّى أدخلهُ منزله ثمَّ أخرج لَهُ ابْنَتَيْهِ فَاطِمَة وسكينة فَقَالَ اختر فَاخْتَارَ فَاطِمَة فَزَوجهُ إِيَّاهَا فَكَانَ يَقُول إِن امْرَأَة سكينَة مرذولتها لمنقطعة الْحسن وَأَتَتْ مِنْهُ بأولاده الْمَذْكُورين حسن الْمُسَمّى حسن المثلث وَعبد الله وَزَيْنَب وَأم كُلْثُوم مَا عدا مُحَمَّد فَإِن أمه رَملَة بنت سعيد بن زيد أحد الْعشْرَة فَلَمَّا حضرت الْوَفَاة الْحسن قَالَ لفاطمة إِنَّك امْرَأَة مَرْغُوب فِيك فَكَأَنِّي بِعَبْد الله ابْن عَمْرو بن عُثْمَان بن عَفَّان قد جَاءَ على فرس مرجلاً جمته لابساً حلته يسير فِي جَانب النَّاس يتَعَرَّض لَك فَانْكِحِي من شِئْت سواهُ فَإِنِّي لَا أدع من ورائي هما غَيْرك فَقَالَت آمن من ذَلِك وأثلجته بِالْإِيمَان من الْعتْق وَالصَّدَََقَة لَا نتزوجه وَمَات الْحسن رضي الله عنه وَخرج بِهِ فَوَافى عبد الله بن عَمْرو بِالْحَال الَّتِي وصفهَا الْحسن وَكَانَ يُقَال لعبد الله بن عَمْرو الْمطرف من حسنه فَنظر إِلَى فَاطِمَة حاسراً تضرب وَجههَا فَأرْسل إِلَيْهَا إِن لنا فِي وَجهك حَاجَة فارفقي بِهِ فاسترخت يداها وَعرف ذَلِك فِيهَا وخمرت وَجههَا فَلَمَّا جَاءَت رسله تخطبها قَالَت كَيفَ بيميني الَّتِي حَلَفت بهَا فَأرْسل إِلَيْهَا لَك مَكَان كل مَمْلُوك مملوكان وَمَكَان كل شَيْء شَيْئَانِ فعوضها عَن يَمِينهَا فنكحته وَزوجهَا بِهِ ابْنهَا عبد الله بن الْحسن وَولدت لَهُ مُحَمَّدًا الديباج وَالقَاسِم ورقية بني عبد الله بن عَمْرو بن عُثْمَان فَكَانَ عبد الله بن الْحسن وَهُوَ أكبر أَوْلَادهَا يَقُول مَا أبغضت بغض عبد الله بن عَمْرو أحدا وَلَا أَحْبَبْت حب ابْنه مُحَمَّد أخي أحدا مَاتَ الْحسن وسنه خمس وَثَلَاثُونَ سنة فِي حَيَاة أَخِيه زيد بن الْحسن السبط وَلم يدع الْإِمَامَة وَلَا ادَّعَاهَا لَهُ أحد والعقب مِنْهُ فِي خَمْسَة أشخاص عبد الله الْمَحْض

ص: 126

والكامل يلقب بهما وَسَيَأْتِي ذكره عِنْد ذكر قيام وَلَده مُحَمَّد النَّفس الزكية وَمن بَينه الْمُلُوك الأدارسة بالمغرب الْأَقْصَى وهم بَنو إِدْرِيس بن إِدْرِيس الْمَحْض وَمن عقبهم بَنو حمود مُلُوك الأندلس الدائلون بهَا من بني أُميَّة آخر دولتهم وهم بَنو حمود بن مَيْمُون بن أَحْمد بن عَليّ بن عبد الله بن عمر بن إِدْرِيس وَمِنْهُم بَنو سُلَيْمَان بن عبد الله الْمَحْض الْمُلُوك بنواحي تلمسان وَمِنْهُم بَنو مُوسَى الجون بن عبد الله الْمَحْض كَانَ من عقبه مُلُوك الْيَمَامَة بَنو مُحَمَّد الأخيضر بن يُوسُف بن إِبْرَاهِيم بن مُوسَى الجون بن عبد الله الْمَحْض وَمِنْهُم بَنو صَالح بن مُوسَى بن عبد الله الثَّانِي ويلقب بِأبي الْكِرَام بن مُوسَى الجون وهم الَّذين كَانُوا ملوكاً ب غانة من بِلَاد السودَان بالمغرب الْأَقْصَى وعقبهم هُنَالك مَعْرُوف وَمن عقبه أَيْضا الهواشم بَنو أبي هَاشم مُحَمَّد بن الْحسن بن مُحَمَّد الْأَكْبَر بن مُوسَى الثَّانِي ابْن عبد الله أبي الْكِرَام بن مُوسَى الجون كَانُوا أُمَرَاء مَكَّة بِعَهْد العبيديين وَمن عقبه بَنو قَتَادَة بن إِدْرِيس بن مطاعن بن عبد الْكَرِيم بن مُوسَى بن عِيسَى بن سُلَيْمَان بن مُوسَى الجون ملكوا مَكَّة بعد الهواشم على يَد قَتَادَة أَبِيهِم هَذَا فَمنهمْ بَنو أبي نمي بن أبي سعيد الْحسن بن عَليّ بن قَتَادَة أُمَرَاء مَكَّة إِلَى عهدنا الْآن وَالثَّانِي من أَوْلَاد الْحسن الْمثنى الْخَمْسَة دَاوُد بن الْحسن الْمثنى وَكَانَ رَضِيع جَعْفَر الصَّادِق وَكَانَ الْمَنْصُور حَبسه فَأَفلَت مِنْهُ بِالدُّعَاءِ الَّذِي علمه جَعْفَر أمه وَيعرف بِدُعَاء أم دَاوُد وَمن عقبه السليمانيون الَّذين كَانُوا بِمَكَّة وهم بَنو سُلَيْمَان بن دَاوُد وغلبهم عَلَيْهَا الهواشم آخرا وهم المسمون بآل أبي الطّيب كَمَا ذكر ذَلِك الفاسي فِي تَارِيخه شِفَاء الغرام فَسَارُوا إِلَى الْيمن فَقَامَتْ الزيدية بدعوتهم وغلبوا على بني طَبَاطَبَا ب صعدة وَالثَّالِث من أَوْلَاد الْحسن الْمثنى الْخَمْسَة حسن المثلث بن الْحسن الْمثنى بن الْحسن السبط بن عَليّ بن أبي طَالب وَمن عقبه قَتِيل فخ حُسَيْن بن عَليّ بن الْحسن

ص: 127

المثلث بن الْحسن الْمثنى بن الْحسن السبط الفخي الْخَارِج عَليّ الْهَادِي بن الرشيد وَسَيَأْتِي ذكره وَالرَّابِع من أَوْلَاد الْحسن الْمثنى إِبْرَاهِيم الْغمر بن الْحسن الْمثنى وَمن عقبه بَنو طَبَاطَبَا أبي الْأَئِمَّة ب صعدة الَّذين غلبهم عَلَيْهَا بَنو سُلَيْمَان بن دَاوُد بن الْحسن الْمثنى حِين جَاءُوا من مَكَّة ثمَّ غلبهم عَلَيْهَا بَنو الرسي وَرَجَعُوا إِلَى إمامتهم بصعدة وهم فِيهَا إِلَى عهدنا الْآن وَالْخَامِس جَعْفَر بن الْحسن الْمثنى وَكَانَ يكنى أَبَا الْحسن وَكَانَ أكبر إخْوَته سنا وَمن عقبه من بني عَليّ باغرآل حَمْزَة ويعرفون ببني الشجري مِنْهُم السَّيِّد أَبُو السعادات بن الشجري لَهُ أمالي فِي النَّحْو انقرض عقبه وَمن عقبه أَيْضا بَنو الكشيش وَآل أبي زيد لَهُم أعقاب فَهَذِهِ خَمْسَة أَسْبَاط من الْحسن الْمثنى وَأما أَخُوهُ زيد بن الْحسن السبط فكنيته أَبُو الْحُسَيْن عَاشَ تسعين سنة وَقيل خمْسا وَتِسْعين وَقيل مائَة وَكَانَ زيد قد تخلف عَن عَمه الْحُسَيْن بن عَليّ فَلم يخرج إِلَى الْعرَاق مَعَه مَاتَ زيد وَلم يدع الْإِمَامَة وَلَا ادَّعَاهَا لَهُ مُدع من الشِّيعَة والإمامة لأَوْلَاد الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب وَهُوَ أعقب سبطاً وَاحِدًا وَهُوَ مَعَ الْخَمْسَة الأول السبط السَّادِس من ولد الْحسن بن عَليّ بن أبي طَالب وَهُوَ الْحسن بن زيد ويكنى أَبَا مُحَمَّد وَكَانَ أَمِير الْمَدِينَة من قبل أبي جَعْفَر الْمَنْصُور وَعمل لَهُ على غَيرهَا وَكَانَ مُظَاهرا لبني الْعَبَّاس على بني عَمه الْحسن الْمثنى وَهُوَ أول من لبس السوَاد من العلويين وَلَا عقب لزيد إِلَّا من ابْنه الْحسن هَذَا وَكَانَت لزيد بنت اسْمهَا نفيسة أُخْت لِلْحسنِ بن زيد وَهِي الَّتِي يسميها أهل مصر السِّت نفيسة ويعظمونها ويقسمون بهَا وَكَانَت زَوْجَة الْوَلِيد بن عبد الْملك وَكَانَ زيد يفد على الْوَلِيد فيقعده على السرير مَعَه ويكرمه لمَكَان ابْنَته ووهب لَهُ ثَلَاثِينَ ألف دِينَار دفْعَة وَاحِدَة زعم بعض النَّاس أَن نفيسة الْمَذْكُورَة بنت الْحسن بن زيد بن الْحسن لَا أُخْت

ص: 128

لَهُ وَقد كَانَت تزوجت بِإسْحَاق بن جَعْفَر الصَّادِق وَكَانَ الإِمَام الشَّافِعِي رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ يروي عَنْهَا وَلما مَاتَ أدخلت جنَازَته عَلَيْهَا فصلت عَلَيْهِ وَالله أعلم قَالَ الزبير بن بكار حَدثنِي نَوْفَل بن مَيْمُون قَالَ حَدثنِي أَبُو مَالك مُحَمَّد بن مَالك بن عَليّ بن هرمة أَنه قَالَ يمدح الْحسن بن زيد بن الْحسن السبط ويعرض بِعَبْد الله الْمَحْض بن الْحسن الْمثنى بن الْحسن السبط وبابنيه مُحَمَّد النَّفس الزكية وَإِبْرَاهِيم بن عبد الله الْمَحْض من // (الْبَسِيط) //

(إِنِّي امرؤٌ مَنْ رعَى غَيْبي رَعَيْتُ لَهُ

غَيْبَ الذِّمامِ وَمن أنكرْتُ أنكَرَني)

(أَمَّا بَنُو هَاشِم حَوْلِي وَقَدْ رَدَعُوا

نَبْلي الصِّيَاب الَّتِي جمَّعْتُ فِي قَرنِ)

(فَمَا بِيَثْرِبَ منْهُمْ مَنْ أُعَاتبُه

إِلَّا عَوَائِدُ أرْجُوهُنَّ مِنْ حَسَنِ)

(وذَاكَ مَنْ يَأْتِهِ يَعْمِدْ إِلَى رَجُلٍ

مِنْ كُلِّ صَالحَةٍ أَوْ صَالحٍ قَمِنِ)

(لَا يُسْلِمِ الحمْدَ للُّومِ إنْ شَحطُوا

بَلْ يَأْخُذ الْحَمد بالغالي من الثَّمَنِ)

(مَا زَالَ يَنْمى وزَالَ الله يَرْفعُهُ

طولا عَلَى بغْضَةِ الأَعْدَاءِ والإِحَنِ)

(أَمَات فِي جَوْفِ ذِي الشَّحْنَاِء ظنَّتَه

وكانَ دَاء لذِي الشَّحْنَاءِ والظننِ)

(إِذا بَنُو هَاشِمٍ آلَتْ بأَقْدُحِهَا

إِلَى المفِيضِ وخَافَتْ دَوْلَةَ الغَبَنِ)

(حازتْ يَدَا حسنٍ قِدْحَيْنِ من كرمٍ

لَمْ يُعْمَلا بِشبَا المبراةِ والسفنِ)

(لَا يَسْتَريحُ إِلَى إثمٍ وَلَا كَذِبٍ

عندَ السُّؤالِ وَلَا يجتنُّ بالجُبَنِ)

(مَا قَالَ أَفْعَلُ أمضاهُ لِوِجْهَتِهِ

وَما أبَى لح مَا يَأْتِي فَلَمْ يَكُنْ)

(مَا أَطْلَعْت رَأْسَهَا كَيْمَا تُهَددني

حَصْباءُ تطرح من نَفسِي على شزنِ)

(إلَاّ ذَكَرْتُ ابنَ زَيْدٍ وهْوَ ذُو صلةٍ

عِنْد السنينَ وعواد على الزمنِ)

(فاسلَمْ وَلَا زالَ من عَاداكَ مُحْتملا

غيظاً وَلَا زالَ معفوراً على الذَّقَنِ)

(لم يعتب اللهُ أنفًا فِيك أرغَمَهُ

حَتَّى تزولَ رواسي الصخْرِ من حضنِ)

(إِذا خَلوت بِهِ ناجَيْت ذَا طهرٍ

يأوي إِلَى عقل صافي العقلِ مؤتمنِ)

(طَلْق اليدَيْنِ إِذا أضيافه طرقوا

يشكُونَ من قُرَّة شكوى ومِنْ وَسَنِ)

(بَاتُوا يَعْدُّونَ نَجْمَ اللَّيْلِ بَيْنَهُمُ

فِي مستجيرِ النواحي زاهق السمنِ)

(ثمَّ اغتدَوْا وهُمُ دُسم شواربهم

وَلم يبيتوا على ضَيْحٍ من اللبنِ)

(قد جعل النَّاس حقباً نَحْو منزلِهِ

شقا كقرنِ أثيثِ الرأسِ مدَّهنِ)

ص: 129

(فهم إِلَى نائلٍ مِنْهُ ومنفعةٍ

يعطونها سكناً تهوى إِلَى سكنِ)

(أَوْصَاك زيدٌ بأعْلى الأمْرِ منزلَة

فَمَا أخذتَ قبيحَ الأمرِ بالحسنِ)

(خَلَاّت صدقٍ وأخلاق خُصِصْتَ بهَا

فَلم يُضَعْن وَلم يُخلْطَن بالدرنِ)

(يلقى الأيامِن مَنْ لاقاك سانحة

وَجه طليق وعُود غَيْر ذِي أُبنِ)

(وأنتَ من هاشمٍ حَقًا إِذا نسبوا

فِي الْمنْكب اللينِ لافي المنكبِ الخشنِ)

(بنوكَ خَيْرُ بنيها إِن حفلت بهم

وأنتَ خيرُهُمُ فِي اليسرِ والَّلزَنِ)

(واللهُ أَعْطَاك فضلا من عطيته

على هَنٍ وهنٍ فِيمَا مضَى وهنِ)

قَالَ فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيم بن عبد الله بن الْحسن وجاءهم بعد ذَلِك لَا أنعم الله بك عينا يَا فَاسق أَلَسْت الَّذِي تَقول لِلْحسنِ بن زيد

(اللَّهُ أعْطَاكَ فَضْلاً مِنْ عَطِيتهِ

عَلَى هَنٍ وَهَنٍ فِيمَا مضَى وَهَنِ)

تُرِيدُ أبي عبد الله الْمَحْض وَأخي مُحَمَّدًا النَّفس الزكية وإياي فَقَالَ ابْن هرمة وَالله مَا أردتكم بذلك قَالَ لَهُ إِبْرَاهِيم فَمن أردْت قَالَ قَارون وَفرْعَوْن وهامان قلت هَذَا التَّوْجِيه عَمَّا الْكَلَام فِيهِ أبعد من زمَان الْمَذْكُورين عَن زمَان نَحن فِيهِ لكنه قد حلف بِاللَّه وَالله عليم بِالنِّيَّاتِ ثمَّ قَالَ ابْن هرمة يعْتَذر إِلَى إِبْرَاهِيم الْغمر من ذَلِك ويمدحه وأباه وأخاه // (من الْبَسِيط) //

(يَا ذَا النُّبوَّةِ يَدْعُونِي ليُسْمِعَنِي

مواعظاً من جَمِيلِ رَأْيِهِ الحَسَنِ)

(أَقْبِلْ عَلَيَّ بوَحْهٍ منْكَ أَعْرِفُهُ

فقد فَهِمْتُ وسُدَّ السَّمْعُ للأُذُنِ)

(لَا وَالَّذِي أنتَ مِنْه رَحْمَةٌ نَزَلَتْ

نَرجُو عَواقِبَهَا فِي غَابِرِ الزَّمَنِ)

(لَقَد أَتَيْت بِأَمْرٍ مَا أَبهْتُ لَهُ

وَلا تَعَمَّدَهُ قَصْدى وَلَا عنني)

(إِلَّا مَقَالةَ أقوامٍ ذَوي إحَن

وَمَا مَقَالُ ذَوِي الشَّحْنَاءِ والإحَن)

(لَمْ يُحْسنُوا الظَّنَّ إذْ ظنُّوا لِذِي حَسَبٍ

وفِيهِمُ الغَدْرُ مَقْرُون إِلَى الظنَنِ)

(مَا غيرت وَجهه أم مقصرةٌ

إِذا القتامُ تغشَّى أوجه الهجنِ)

(وكَيْفَ أَمْشِي مَعَ الأَقْوامِ مُعْتَدِلاً

وَقد رَميتُ صَحِيحَ العودِ بالأُبنِ)

(وَكَيف يأْخذُ مثلي فِي تحيزِهِ

وسط المعاشِرِ مَبْخوسًا من الثَّمَنِ)

(وَقد صَحِبْتُ وجَاوَرْتُ الرِّجَالَ فلمْ

أمْلُلْ إِخَاءً وَلَمْ أَغْدرْ ولَمْ أَخُنِ)

(ومَا بَرِحْتُ بِحَمْدِ اللهِ فِي سَنَنٍ

مِن صَالح العَهْدِ أُمْضيهَا إِلَى سَنَنِ)

ص: 130

(يابْنَ الفَوَاطِمِ خَيْر النَّاسِ كلِّهمُ

بَيْتًا وأولاهُمُ بالفَوْز لَا الغَبَنِ)

(إنْ لِنْتَ نَحْوِي فإنَّ الله جَابِرُنا

وَلَا اخْتِيارَ لنا إنْ أنْتَ لَمْ تَلِنِ)

(ومَا لَبِسْتُ عنانِي فِي مساءتكُمْ

وَلَا خَلَعْتُ لغشِّ نَحْوَكُمْ رَسَني)

(وأنتَ مِنْ هَاشِمٍ فِي سِرِّ نَبْعَتها

وطينةٍ لم تُقَارِفْ هُجْنَةَ الطينِ)

(لَوْ رَاهنَتْ هاشمٌ عَنْ خَيْرهَا رَجُلاً

لَكَانَ ابُوكَ الَّذِي يَخْتَصُّ بالرَّهنِ)

(واللهِ لَوْلا أَبُوكَ الخَيْرُ قَدْ نَزَلَتْ

منِّى قَوَافٍ بأَهْلِ اللُّؤْمِ والوَهَنِ)

(تَبْرِي العِظَامَ فَتُبدي عَنْ جَنَاجِنِها

أَخْذَ الشَّرِيحَةِ بالمبراةِ والسفنِ)

(أَنْت الجَوَادُ الَّذِي نَدْعُو فَتلْحقُنَا

إِذا تَرَاخَى المَدى بالقرح والحصنِ)

(فَمَا أُبَالِي إِذا مَا كُنْتَ لي كنفاً

مَنْ صدَّ أَو بَتَّ مِنْ أقْرانِهِ قَرنِي)

(ومَا أُبالي عَدْوَّ اللهِ شَاحَنني

أَمْ زَاحَمَتْ شعفات الصُّمِّ من حضنِ)

(أنتَ المُرَجَّى لأَمْرِ النَّاس إنْ أَزِمَتْ

جَدَّاءُ صَرمَاءُ لمْ تَصْدُرْ على لبنِ)

(يأوونَ مِنكَ إِلَى حِصْنٍ يُلاذُ بِهِ

تأوِى إِلَيْه الطَّرادى وَاسِع العطنِ)

وأعقب الْحسن بن زيد من سَبْعَة رجال ثَلَاثَة مِنْهُم مكثرون أَبُو مُحَمَّد الْقَاسِم وَعلي الشريد وَأَبُو مُحَمَّد إِسْمَاعِيل وَأَرْبَعَة مقلون أَبُو الْحسن إِسْحَاق وَأَبُو الطَّاهِر زيد وَأَبُو زيد عبد الله وَأَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم أعقب الْقَاسِم بن الْحسن وَهُوَ الْفَرْع الأول من رجلَيْنِ مُحَمَّد البطحاني وَعبد الرَّحْمَن الشجري أما مُحَمَّد البطحاني وَنسبه إِلَى بطحان بِالضَّمِّ مَوضِع بِالْمَدِينَةِ وبالفتح إِلَى الْبَطْحَاء وَكِلَاهُمَا ورد وَكَانَ فَقِيها لَهُ عقب كثير مِنْهُم إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد البطحاني أعقب فِي بِلَاد شَتَّى وَفِيهِمْ مجانين وبله وَنقص وسفهاء من وَلَده الْوَزير أَبُو مَنْصُور نَاصِر بن مهْدي كَانَ فَاضلا تولى الوزارة بِبَغْدَاد للخليفة النَّاصِر العباسي فِي عشر ذِي الْحجَّة سنة اثْنَتَيْنِ وسِتمِائَة وعزل فِي ثَالِث عشر جُمَادَى الْآخِرَة وَنقل وَعِيَاله إِلَى دَار الْخلَافَة وَأجْرِي عَلَيْهِ النَّفَقَة إِلَى أَن مَاتَ لَيْلَة السبت لثمان خلون من جُمَادَى الأولى سنة سبع عشرَة وسِتمِائَة فِي السّنة الَّتِي توفّي فِيهَا الشريف قَتَادَة النَّابِغَة جد سَادَاتنَا وُلَاة مَكَّة المشرفة وانقرض عقبه قَالَ فِي عُمْدَة الطَّالِب كَانَ فِيهِ تجبر وتكبر فحكي أَنه وجد يَوْمًا فِي

ص: 131

رقْعَة فأنكرها فَأَخذهَا فَإِذا فِيهَا من // (السَّرِيع) //

(لَا قَاتَلَ الله يَزِيدًا وَلَا

مُدَّتْ يَدُ السُّوءِ إلَى نَعْلِهِ)

(لأَنَّهُ قَدْ كَانَ ذَا قدرةٍ

عَلى اجْتِثَاثِ الفَرْع مِنْ أصلِهِ)

(لَكِنَّهُ أَبْقَى لَنَا مِثلَكُمْ

أَحْيَاءَ كَيْ يُعْذَرَ فِي فِعْلِهِ)

فاضطرب لذَلِك واجتهد أَن يعلم واضعها قلت هَذَا تجرؤ إِلَى الْغَايَة وَالْعِيَاذ بِاللَّه لَكِن الابْن السوء يكْسب الْآبَاء الْكِرَام السوء وَمِنْهُم الدَّاعِي الصَّغِير بِالريِّ وطبرستان وَهُوَ الْحسن بن الْقَاسِم بن عَليّ بن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم بن مُحَمَّد البطحاني بن الْقَاسِم بن الْحسن بن زيد وَكَانَ بَين هَذَا الدَّاعِي الصَّغِير وَبَين الأطروش حروب وَقتل هَذَا الدَّاعِي سنة تسع عشرَة وثلاثمائة وَمن عقبه أَيْضا الْقَاسِم بن عَليّ بن إِسْمَاعِيل أحد قواد الْحسن بن زيد وهم غيروا نعم أهل تِلْكَ الْآفَاق وأذهبوا بهجتهم وَكَانُوا سَببا لتورد الديلم دَار الْإِسْلَام بِمَا يستجيشونهم خرج مَعَهم وَمَعَ الْحُسَيْنِي مَا كانُ بن ماهان ملك الديلم وَكَانَ مرداويج وَبَنُو بويه من بعض رِجَاله وَكَانَ لَهُم من عشيرتهم قواد وَرِجَال يسمون بأسماء الديلم من أجل مرباهم بَينهم وَالله يخلق مَا يَشَاء وَأما عبد الرَّحْمَن الشجرىِ فنسبته إِلَى قَرْيَة قريبَة من الْمَدِينَة الشَّرِيفَة يكنى أَبَا جَعْفَر لَهُ عقب من ثَلَاثَة عَليّ وَمُحَمّد وجعفر وَمِنْهُم بَنو المنقوب وَبَنُو أبي الْغَيْث وَبَنُو أبي نفيشة وَبَنُو شكر وَبَنُو أسود الْفَرْع الثَّانِي على الشريد بن الْحسن بن زيد بن الْحسن بن عَليّ بن أبي طَالب سمي بذلك لقُوته مَاتَ فِي حبس الْمَنْصُور وأعقب من وَلَده عبد الله ولعَبْد الله هَذَا عقب مِنْهُم السبعية وَهَذِه نِسْبَة إِلَى محلّة بِالْكُوفَةِ الْفَرْع الثَّالِث أَبُو مُحَمَّد إِسْمَاعِيل ويلقب جالب الْحِجَارَة بِالْجِيم وَقيل بِالْحَاء لِشِدَّتِهِ وقوته ويلقب بالمهفهف أَيْضا أعقب من مُحَمَّد وَعلي النازوكي أما عَليّ هَذَا فَلهُ عقب مِنْهُم بَنو طرخان وَأما مُحَمَّد فأعقب من وَلَده زيد وَمِنْه مُحَمَّد الدَّاعِي وَأَخُوهُ الْحسن ملكا طبرستان فملكها أَولا الْحسن ولقب بالداعي الْكَبِير وبالداعي الأول سنة خمسين وَمِائَتَيْنِ وَتُوفِّي سنة سبعين وَمِائَتَيْنِ وَلم يعقب وَكَانَ

ص: 132

جريئاً على سفك الدِّمَاء على مَا حَكَاهُ صَاحب عُمْدَة الطَّالِب الْفَرْع الرَّابِع أَبُو الْحسن إِسْحَاق بن الْحسن بن زيد بن الْحسن بن عَليّ بن أبي طَالب وَكَانَ أَعور ويلقب بالكوكبي وَكَانَ مَعَ الرشيد قيل إِنَّه كَانَ يسْعَى بآل أبي طَالب فَكَانَ عينا للرشيد عَلَيْهِم وسعى بِجَمَاعَة من العلويين فَقتلُوا بِرَأْيهِ وَغَضب الرشيد عَلَيْهِ آخر الْأَمر فحسبه حَتَّى مَاتَ فِي الْحَبْس قَالَ أَبُو عبد الله أولد من هَارُون وَالْحسن وَقيل إِسْحَاق لَيْسَ لَهُ ولد الْفَرْع الْخَامِس أَبُو طَاهِر زيد بن الْحسن بن زيد بن الْحسن بن عَليّ بن أبي طَالب عقبه من ولد طَاهِر وَمِنْه فِي مُحَمَّد بن طَاهِر الْفَرْع السَّادِس أَبُو زيد عبد الله بن الْحُسَيْن بن زيد بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب لَهُ خَمْسَة عَليّ وَالْحسن وَمُحَمّد وَيزِيد وَإِسْحَاق لَهُم أعقاب الْفَرْع السَّابِع أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن الْحسن بن زيد بن الْحسن بن عَليّ بن أبي طَالب أعقب من وَلَده إِبْرَاهِيم بن إِبْرَاهِيم وأعقب إِبْرَاهِيم من الْحسن وَمُحَمّد لَهما عقب قَالَ ابْن خلدون وَمن عقب إِبْرَاهِيم بن الْحسن مُحَمَّد بن الْحسن بن مُحَمَّد ابْن إِبْرَاهِيم بن الْحسن بن زيد بن الْحسن بن عَليّ بن أبي طَالب أَقَامَ بِالْمَدِينَةِ أَيَّام الْمُعْتَمد وجاهر بالمنكرات وَالْقَتْل إِلَى أَن تعطلت الْجَمَاعَات وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه وَأما الْحُسَيْن بن عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا وَهُوَ الْقَتِيل بالطف أَيَّام يزِيد أَوْلَاده اثْنَا عشر وَقيل أقل قتل غالبهم ب كربلاء وَلم يعقب مِنْهُم إِلَّا على زين العابدين فَقَط فَجَمِيع بني حُسَيْن ينسبون إِلَيْهِ وَهُوَ الإِمَام بعد أَبِيه الْحُسَيْن ولد بِالْمَدِينَةِ يَوْم الْخَمِيس خَامِس شعْبَان سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ من الْهِجْرَة فِي حَيَاة جده على ابْن أبي طَالب قبل وَفَاته بِسنتَيْنِ كنيته أَبُو الْحسن وَقيل أَبُو مُحَمَّد وَقيل أَبُو بكر ألقابه زين العابدين والزكي والأمين وَذُو الثفنات وزين العابدين أشهرها صفته أسمر قصير رَقِيق معاصروه مَرْوَان وَعبد الْملك والوليد ابْنه عمره سبع وَخَمْسُونَ سنة أَقَامَ مِنْهَا مَعَ جده عَليّ بن أبي طَالب سنتَيْن وَمَعَ عَمه الْحسن بعد وَفَاة جده عشر سِنِين وَمَعَ أَبِيه بعد وَفَاة عَمه إِحْدَى وَعشْرين سنة وَبَقِي بعد

ص: 133

وَفَاة أَبِيه أَرْبعا وَعشْرين سنة وَهِي مُدَّة إِمَامَته قَالَ السَّيِّد نور الدّين عَليّ السمهودي مؤرخ الْمَدِينَة الشَّرِيفَة فِي كِتَابه جَوَاهِر الْعقْدَيْنِ كَانَت أمه سَلامَة بنت يزدجرد آخر مُلُوك الْفرس وَكَانَت لَهُ ثَلَاث بَنَات وسبين فِي زمن عمر بن الْخطاب فحصلت وَاحِدَة مِنْهُنَّ لعبد الله بن عمر بن الْخطاب فأولدها سَالم بن عبد الله بن عمر وحصلت الْأُخْرَى لمُحَمد بن أبي الصّديق فأولدها الْقَاسِم بن مُحَمَّد بن أبي بكر وحصلت الثَّالِثَة للحسين بن عَليّ فأولدها عليا زين العابدين الْمَذْكُور فهم بَنو خَاله كَانَ زين العابدين مَعَ أَبِيه رضي الله عنهما ب كربلاء فاستبقي قيل لصِغَر سنه لأَنهم قتلوا كل من أنبت وَكَانَ قد أَمرهم عبيد الله بن زِيَاد بقتْله ثمَّ صرفه الله تَعَالَى عَنهُ وَأَشَارَ بعض الفجرة على يزِيد بقتْله أَيْضا فحماه الله مِنْهُ وَالْحَمْد لله والْمنَّة ثمَّ إِن يزِيد صَار يُكرمهُ ويعظمه وَيجْلس مَعَه وَلَا يَأْكُل إِلَّا وَهُوَ مَعَه ثمَّ بَعثه إِلَى الْمَدِينَة فَكَانَ بهَا مُحْتَرما مُعظما قَالَ ابْن عَسَاكِر ومسجده بِدِمَشْق مَعْرُوف وَهُوَ الَّذِي يُقَال لَهُ مشْهد على بِجَامِع دمشق قَالَ الإِمَام الزُّهْرِيّ مَا رَأَيْت قرشياً أفضل مِنْهُ وَقَالَ مُحَمَّد بن سعد كَانَ زين العابدين ثِقَة مأمونَاً كثير الحَدِيث عَن رَسُول الله

عَالما لم يكن فِي أهل بَيته مثله وَكَانَ إِذا تَوَضَّأ يصفر لَونه فَإِذا قَامَ إِلَى الصَّلَاة أرعد من الْفَزع فَقيل لَهُ فِي ذَلِك فَقَالَ أَتَدْرُونَ بَين يَدي من أقوم وَلمن أُنَاجِي ويروى أَنه احْتَرَقَ الْبَيْت الَّذِي هُوَ فِيهِ وَهُوَ قَائِم يُصَلِّي فَلَمَّا انْصَرف قيل لَهُ مَا بالك لم تَنْصَرِف حِين وَقعت النَّار فَقَالَ إِنِّي شغلت عَن هَذِه النَّار بالنَّار الْأُخْرَى وروى أَنه لما حج وَأَرَادَ أَن يُلَبِّي أرعد واصفر وخر مغشياً عَلَيْهِ فَلَمَّا سُئِلَ قَالَ إِنِّي أخْشَى إِذا قلت لبيْك اللَّهُمَّ لبيْك أَن يَقُول لي لَا لبيْك وَلَا سعديك فشجعوه وَقَالُوا لَا بُد من التَّلْبِيَة فَلَمَّا لبّى غشي عَلَيْهِ حَتَّى سقط من الرَّاحِلَة وَكَانَ يُصَلِّي كل يَوْم وَلَيْلَة ألف رَكْعَة وَكَانَ رضي الله عنه يَقُول صَدَقَة اللَّيْل تُطْفِئ غضب الرب عز وجل وَكَانَ إِذا خرج من منزله قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَتصدق الْيَوْم وَأهب عرضي لمن يغتابني

ص: 134

وَمَات لرجل ولد مُسْرِف على نَفسه فجزع عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ عَليّ رضي الله عنه إِن من وَرَاء ذَلِك لخلالاً ثَلَاثًا شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وشفاعة رَسُول الله

وَرَحْمَة الله تَعَالَى وَاخْتلف فِي تَارِيخ وَفَاته وَالْجُمْهُور أَنَّهَا سنة أَربع وَتِسْعين فِي أَولهَا وَأغْرب الْمَدَائِنِي فَقَالَ فِي سنة مائَة وَدفن بِالبَقِيعِ فِي الْقَبْر الَّذِي فِيهِ عَمه الْحسن ابْن عَليّ بقبة الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب وَدفن فِي هَذَا الْقَبْر ابْنه مُحَمَّد الباقر وَابْنه جَعْفَر الصَّادِق فهم أَرْبَعَة فِي قبر وَاحِد فَأكْرم بِهِ قبراً وَيُقَال إِن رَأس الْحُسَيْن أرسل بِهِ إِلَى الْمَدِينَة فَدفن فِيهِ وَالله أعلم أَوْلَاده خَمْسَة عشر ولدا وَقيل أَكثر وَقيل أقل الْعقب مِنْهُ فِي سِتَّة أَسْبَاط فَقَط وهم مُحَمَّد الباقر وَعبد الله الباهر وَزيد الشَّهِيد وَعمر الْأَشْرَف وَالْحُسَيْن الْأَصْغَر وَعلي الْأَصْغَر السبط الأول الإِمَام بعد أَبِيه هُوَ مُحَمَّد الباقر بن زين العابدين بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب وَسَيَأْتِي ذكر تَرْجَمته أَيْضا عَن ذكر الأتمة الاثْنَي عشر قَرِيبا أَوْلَاده سِتَّة الْعقب مِنْهُ فِي جَعْفَر السبط الثَّانِي عبد الله الباهر بن عَليّ زين العابدين بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب لقب بالباهر لجماله قَالُوا مَا حضر مَجْلِسا إِلَّا بهر جماله وَحسنه من حضر توفّي وَهُوَ ابْن سبع وَخمسين سنة يكنى أَبَا مُحَمَّد وعقبه قَلِيل أعقب من ابْنه مُحَمَّد الأرقط وَحده ويكنى مُحَمَّد هَذَا أَبَا عبد الله وَكَانَ مُحدثا وأقطعه السفاح عين خَالِد بن سعيد ويلقب بالأزرق قَالَ الْعمريّ كَانَ مجدراً فلقب بالأرقط قَالَ أَبُو نصر البُخَارِيّ من يطعن فِي الأرقط فَلَا يطعن من حَيْثُ النّسَب وَإِنَّمَا يطعن بِشَيْء آخر جرى بَينه وَبَين جَعْفَر الصَّادِق وَيُقَال إِنَّه بَصق فِي وَجه الصَّادِق فَدَعَا عَلَيْهِ فَصَارَ أرقط الْوَجْه بِهِ نمش كريه المنظر وَأما نسبه فَلَا مطْعن فِيهِ وأعقب الأرقط من إِسْمَاعِيل وَحده وَإِسْمَاعِيل من اثْنَيْنِ مُحَمَّد وَالْحُسَيْن البنفسج أما مُحَمَّد فَلهُ أَحْمد الدح وَإِسْمَاعِيل الناصب وَلَهُمَا أعقاب وَأما الْحُسَيْن فعقبه

ص: 135

فِي عبد الله وَأحمد وَإِسْمَاعِيل الدح لَهُم أعقاب وَمن ولد الأرقط الْحُسَيْن الكوكبي ابْن أَحْمد بن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل بن الأرقط السبط الثَّالِث زيد الشَّهِيد بن عَليّ زين العابدين بن الْحُسَيْن يكنى أَبَا الْحسن وَسَتَأْتِي تَرْجَمته عِنْد ذكر قِيَامه فِي الْبَاب الثَّانِي الْمَعْقُود لمن دَعَا من الْأَهْل إِلَى الْمُبَايعَة أعقب من ثَلَاثَة الْحُسَيْن ذِي الدمعة قيل لَهُ ذَلِك لِكَثْرَة بكائه وَعِيسَى موتم الأشبال وَهُوَ الَّذِي حَارب الْمَنْصُور أول خِلَافَته وَمُحَمّد وَأما ابْنه يحيى فَلم يعقب وَخرج بعد قتل أَبِيه وَسَيَأْتِي ذكره فِي الدعاة فِي الْبَاب الْمشَار إِلَيْهِ أعقب الْحُسَيْن من ثَلَاثَة يحيى وَالْحُسَيْن وَعلي وأعقب عِيسَى من أَرْبَعَة أَحْمد المختفي وَزيد وَمُحَمّد وَالْحُسَيْن عصارة وأعقب مُحَمَّد من رجل وَاحِد وَهُوَ أَبُو عبد الله جَعْفَر الشَّاعِر وأعقب الشَّاعِر من ثَلَاثَة مُحَمَّد الْخَطِيب وَأحمد مِسْكين والقائم وَلَهُم أعقاب مِنْهُم عَليّ بن مُحَمَّد الْخَطِيب ولعلي الْمَذْكُور قَوْله // (من المتقارب) //

(وإنَّا لنُصْبِحُ أَسْيَافَنَا

إِذَا مَا اصْطَبَحْنَا بَيَوْمٍ سَفوكِ)

(مَنَابِرهُنَّ بُطُونُ الأكُفِّ

وأَغْمَادُهُنَّ رُءوسُ المَلُوك)

وَله أَيْضا // (من الوافر) //

(لَنَا مِنْ هَاشِمٍ هَضَبَات غُر

مُطنَّبةٌ بِأَوْتَادِ السَّمَاءِ)

(تُطِيفُ بِنَا المَلَائكُ كُلَّ يَوْمٍ

ونكفلُ فِي حُجورِ الأَنْبَياءِ)

(ويَهْتَزُّ المَقَامُ لَنَا ارتِياحًا

ويَلْقَانَا صفاه الصفاءِ)

وَمن ولد الْحُسَيْن ذِي الدمعة الْحسن بن الْحُسَيْن بن زيد وَقتل مَعَ أبي السَّرَايَا وَيحيى بن الْحُسَيْن الَّذِي كَانَ من عقبه يحيى بن عمر بن يحيى الْقَائِم بِالْكُوفَةِ أَيَّام المستعين وَسَيَأْتِي ذكره فِي الْبَاب الثَّانِي الْمَذْكُور وَعلي بن زيد بن الْحُسَيْن بن زيد قَامَ بِالْكُوفَةِ ثمَّ هرب إِلَى صَاحب الزنج بِالْبَصْرَةِ فَقتله وَأخذ جَارِيَة لَهُ كَانَ سباها من الْبَصْرَة السبط الرَّابِع عمر الْأَشْرَف بن عَليّ زين العابدين بن الْحُسَيْن بن عَليّ رَضِي الله

ص: 136

تَعَالَى عَنْهُم وَهُوَ أَخُو زيد الشَّهِيد لِأَبَوَيْهِ وأسن ويكنى أَبَا عَليّ وَقيل أَبَا جَعْفَر وَكَانَ مُحدثا فَاضلا أعقب من رجل وَاحِد وَهُوَ عَليّ الْأَصْغَر والعقب من عَليّ الْأَصْغَر هَذَا فِي ثَلَاثَة الْقَاسِم وَعمر الشجري وَأَبُو مُحَمَّد الْحسن من ابْنه عَليّ وأعقب عَليّ من ثَلَاثَة رجال أَبُو عَليّ الصُّوفِي وَأَبُو عبد الله الْحُسَيْن الشَّاعِر الْمُحدث وَأَبُو مُحَمَّد الْحسن النَّاصِر الْكَبِير الأطروش إِمَام الزيدية ملك الديلم صَاحب الْمقَالة إِلَيْهِ تنتسب الناصرية من الزيدية ورد الديلم سنة سبعين وَمِائَتَيْنِ وَكَانَ بطبرستان فَلَمَّا غلب رَافع عَلَيْهَا أَخذه فَضَربهُ ألف سَوط فطرش وَأقَام بِأَرْض الديلم يَدعُوهُم إِلَى الله سبحانه وتعالى وَإِلَى الْإِسْلَام أَربع عشرَة سنة وَدخل طبرستان فِي جُمَادَى الأولى سنة إِحْدَى وثلاثمائة فملكها ثَلَاث سِنِين وَثَلَاثَة أشهر ويلقب بالناصر للحق وَأَسْلمُوا على يَده وَعظم أمره وَتُوفِّي ب آمل عَن سبع وَتِسْعين سنة لَهُ عقب وَعمر الشجري لَهُ عقب السبط الْخَامِس أَبُو عبد الله الْحُسَيْن الْأَصْغَر ابْن عَليّ زين العابدين بن الْحُسَيْن رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم كَانَ عفيفاً مُحدثا عَالما توفّي سنة تسع وَخمسين وَمِائَة عَن سبع وَخمسين سنة وَدفن بِالبَقِيعِ وعقبه عَالم كثير بالحجاز وَالْعراق وَالشَّام وَالْمغْرب وبلاد الْعَجم مِنْهُم أُمَرَاء الْمَدِينَة وسادات الْعرَاق وملوك الرّيّ أعقب من خَمْسَة رجال عبيد الله الْأَعْرَج وَعبد الله وَعلي وَأبي مُحَمَّد الْحسن وَسليمَان أما سُلَيْمَان بن الْحُسَيْن الْأَصْغَر بن عَليّ زين العابدين فأعقب من ابْنه سُلَيْمَان بن سُلَيْمَان وعقبه بالمغرب يُقَال لَهُم الفواطم وَأما أَبُو مُحَمَّد الْحسن بن الْحُسَيْن الْأَصْغَر فعقبه من ابْنه مُحَمَّد بن الْحسن وَمِنْه من عبد الله ولعَبْد الله مُحَمَّد السليق وَعلي المرعش وعقبهما كثير بِبِلَاد الْعَجم وَأما عَليّ بن الْحُسَيْن الْأَصْغَر فأعقب من ثَلَاثَة عِيسَى الْكُوفِي وَأحمد جفينة ومُوسَى حمضة لَهُم أعقاب أما عبد الله بن الْحُسَيْن الْأَصْغَر مَاتَ فِي حَيَاة أَبِيه فعقبه من جَعْفَر صحصح بن عبد الله وَكَانَ لَهُ عشرَة وانقرضوا ابْنَته زَيْنَب بنت عبد الله بن الْحُسَيْن الْأَصْغَر

ص: 137

تزَوجهَا الرشيد وفارقها لَيْلَة دُخُوله بهَا وَذَلِكَ أَنه بعث إِلَيْهَا تِلْكَ اللَّيْلَة خَادِمًا وَمَعَهُ تكة يُرِيد أَن يربطها لِئَلَّا تمْتَنع على الرشيد فَلَمَّا دنا الْخَادِم مِنْهَا ركلته برجلها فَكسرت ضعلين من أضلاعه فخافها الرشيد وَلم يدْخل بهَا وردهَا من غدها إِلَى الْحجاز وأجرى عَلَيْهَا فِي كل سنة أَرْبَعَة آلَاف مِثْقَال وأدرها عَلَيْهَا بعده ابْنه الْمَأْمُون فأعقب جَعْفَر صحصح بن عبد الله بن الْحُسَيْن الْأَصْغَر من ثَلَاثَة مُحَمَّد العقيقي وَإِسْمَاعِيل المنقذي وَيُقَال لولدهما المنقذيون سموا بذلك لأَنهم سكنوا دَار المنقذ بِالْمَدِينَةِ فنسبوا إِلَيْهَا وَبَنُو مُحَمَّد العقيقيون لَهُم أعقاب وتنسب إِلَيْهِم بَنو مَيْمُون وَآل الْبكْرِيّ وَآل عدنان قَالَ ابْن خلدون وَمن ولد الْحُسَيْن عبد الله العقيقي بن الْحُسَيْن كَانَ من وَلَده الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن جَعْفَر بن عبد الله العقيقي فتله الْحسن بن زيد صَاحب طبرستان وَأما عبيد الله الْأَعْرَج بن الْحسن الْأَصْغَر بن عَليّ زين العابدين فيكنى أَبَا عَليّ كَانَ فِي إِحْدَى رجلَيْهِ نقص وَفد على أبي الْعَبَّاس السفاح فأقطعه ضَيْعَة بِالْمَدَائِنِ تغل فِي السّنة ثَمَانِينَ ألف دِينَار وَكَانَ عبيد الله قد تخلف عَن بيعَة مُحَمَّد النَّفس الزكية لما خرج بِالْمَدِينَةِ فَحلف مُحَمَّد إِن رَآهُ لَيَقْتُلَنهُ فَلَمَّا جِيءَ بِهِ إِلَيْهِ غمض مُحَمَّد إِحْدَى عَيْنَيْهِ مَخَافَة أَن يَحْنَث توفّي عبيد الله فِي حَيَاة أَبِيه عَن سبع وَثَلَاثِينَ سنة وانقسم عقبه بطوناً وأفخاذاً وعشائر أعقب من أَرْبَعَة رجال جَعْفَر الْحجَّة وَعلي الصَّالح وَمُحَمّد الجوابي وَحَمْزَة مختلس الْوَصِيَّة أما حَمْزَة مختلس الْوَصِيَّة فأعقب من ثَلَاثَة رجال مُحَمَّد وَالْحُسَيْن وَعلي وَكَانَ لَهُ عبيد الله لم يطلّ لَهُ ذيل وأعقب مُحَمَّد من رجلَيْنِ أبي عَليّ ويلقب سنَّور الله لَهُ عقب بِبِلَاد الْعَجم وَالْحُسَيْن الحرون وَكَانَ أحد الْأَبْطَال الْمَشْهُورين مَاتَ فِي حبس الْمهْدي العباسي

ص: 138

وَأما الْحُسَيْن بن حَمْزَة ويكنى أَبَا الشنف لَهُ عقب من ابْنه مُحَمَّد مِنْهُم بَنو مَيْمُون وَبَنُو حَمْزَة وَأما عَليّ فأعقب عَليّ بن عَليّ وَله عقب وَقيل انقرض وَأما مُحَمَّد الجوابي بن عبيد الله الْأَعْرَج بن الْحُسَيْن الْأَصْغَر وَالْجَوَاب قَرْيَة بِالْمَدِينَةِ إِلَيْهَا نسب لَهُ عقب من وَلَده الْحسن بن مُحَمَّد وَأما عَليّ الصَّالح بن عبيد الله الْأَعْرَج بن الْحُسَيْن الْأَصْغَر أعقب من رجلَيْنِ عبيد الله الثَّانِي وَإِبْرَاهِيم وَلَهُمَا أعقاب مبسوطة التفاريع فِي محالها وَمن أعقاب عبيد الله الثَّانِي الْأَمِير أَبُو الْحُسَيْن مُحَمَّد الأشتر ممدوح أبي الطّيب أَحْمد بن الْحُسَيْن المتنبي بالقصيدة الدالية الَّتِي مطْلعهَا // (من المنسرح) //

(أَهْلاً بدارٍ سباك أَغيدها

)

وَأما جَعْفَر الْحجَّة ابْن عبيد الله الْأَعْرَج بن الْحُسَيْن الْأَصْغَر بن عَليّ زين العابدين فَكَانَ من أَئِمَّة الزيدية وَكَانَ لَهُ شيعَة يسمون الْحجَّة وَكَانَ الْقَاسِم الرسي بن طَبَاطَبَا يَقُول جَعْفَر بن عبيد الله إِمَام آل مُحَمَّد وَكَانَ فصيحاً وَمن عقبه الملقب بِمُسلم الَّذِي يُرِيد مصر أَيَّام كافور وَهُوَ مُحَمَّد بن عبيد الله بن طَاهِر بن يحيى الْمُحدث بن الْحسن بن جَعْفَر حجَّة الله وَابْنه طَاهِر بن مُسلم وَمن عقب طَاهِر هَذَا أُمَرَاء الْمَدِينَة إِلَى هَذَا الْعَهْد بَنو جماز بن هبة بن جماز بن مَنْصُور بن جماز بن شيحة بن هَاشم بن الْقَاسِم بن مهنا ومهنا هُوَ الْحسن بن طَاهِر بن مُسلم قَالَ ابْن خلدون هَكَذَا قَالَ المسبحي مؤرخ العبيديين وَقَالَ الْعُتْبِي مؤرخ دولة بني سبكتكين إِن مهنا هُوَ ابْن دَاوُد بن الْقَاسِم أخي مُسلم وَعم طَاهِر قلت رَأَيْت فِي جَوَاهِر الْعقْدَيْنِ مَا نَصه جد أهل بَيت بني مهنا أُمَرَاء الْمَدِينَة من الْوُلَاة والمعزولين يحيى الْمُحدث ابْن الْحسن بن جَعْفَر الْحجَّة ابْن عبيد الله الْأَعْرَج بن الْحُسَيْن الْأَصْغَر بن عَليّ زين العابدين بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب لِأَن مهنا الْمَذْكُور هُوَ ابْن دَاوُد بن الْقَاسِم بن عبيد الله بن طَاهِر بن يحيى الْمَذْكُور بل غَالب من بِالْمَدِينَةِ الْيَوْم من أَشْرَاف بني حُسَيْن من نَسْله وَهُوَ مؤيد لما قَالَه الْعُتْبِي لَا كَمَا ترَاهُ كَمَا قَالَ المسبحي

ص: 139

وَزعم ابْن سعيد أَن بني جماز بن شيحة أُمَرَاء الْمَدِينَة من عقب عِيسَى بن زيد الشَّهِيد وَفِيه نظر وَمن ولد عبيد الله الْأَعْرَج حَمْزَة بن الْحسن بن سُلَيْمَان بن سُلَيْمَان بن حُسَيْن ملك هاز فِي أَرض الْمغرب وَملك قطيعاً بلد صنهاجة وَإِلَيْهِ ينْسب سوق حَمْزَة هُنَالك فِيمَا قَالَه ابْن حزم وَولده بهَا كثير وَعم أَبِيه الْحسن بن سُلَيْمَان من قواد الْحسن بن زيد بطبرستان السبط السَّادِس عَليّ الْأَصْغَر بن عَليّ زين العابدين بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم يكنى أَبَا الْحسن أعقب من ابْنه الْحسن الْأَفْطَس مَاتَ أَبوهُ وَهُوَ حمل وأعقب الْأَفْطَس وأنجب وَأكْثر وعقبه من خَمْسَة رجال عَليّ حروري وَعمر وَالْحُسَيْن وَالْحسن المكفوف وَعبد الله الشَّهِيد قَتِيل البرامكة وَأما الْحُسَيْن بن الْحسن الْأَفْطَس الَّذِي قَامَ بِمَكَّة أَيَّام أبي السَّرَايَا من قبل مُحَمَّد الديباج بن الصَّادِق ثمَّ دَعَا لمُحَمد بن إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم الْغمر وَأخذ مَال الْكَعْبَة وَفِيه يطعنون لقبح سيرته وَقد تكلم فِيهِ قوم مِنْهُم الشريف أَبُو جَعْفَر بن معية الْحسنى صَاحب الْمَبْسُوط وَأَبُو عبد الله الْحُسَيْن بن طَبَاطَبَا وأثبته أَكثر الْعلمَاء وَعمل شيخ الشّرف العبيدلي كتابا سَمَّاهُ الِانْتِصَار لبني فَاطِمَة الْأَبْرَار ذكر الْأَفْطَس وَولده بِصِحَّة النّسَب وذم الطاعن عَلَيْهِم قَالَ الْعمريّ وَهُوَ فِي الجرائد والمشجرات مَا دفعهم دَافع وَقَالَ الشَّيْخ تَاج الدّين بن النَّقِيب لما سُئِلَ عَن الْأَفْطَس وَولده قَالَ إِن رَسُول الله

وعد أَن يفْتَرق من ذُريَّته عدد أَسْبَاط بني إِسْرَائِيل وَقد افترق من ولد الْحُسَيْن سِتَّة أَسْبَاط هم أَوْلَاد على زين العابدين بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب فَلَو توجه الطعْن على الْأَفْطَس لم يكن الْعلي بن عَليّ بن الْحُسَيْن عقب وَلَا يكون أَوْلَاد فَاطِمَة الزهراء رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا اثْنَي عشر سبطاً قَالَ وَهَذِه حجَّة ظَاهِرَة على صِحَة نسبهم

ص: 140

وَقيل إِن الْحُسَيْن بن الْحسن الْأَفْطَس كَانَ حَامِل راية مُحَمَّد النَّفس الزكية وَلم يخرج مَعَه أسمع مِنْهُ وَلَا أبْصر وَكَانَ يُقَال لَهُ رمح أبي طَالب لطَوْلِهِ وطُولِهِ وَلما قتل مُحَمَّد النَّفس الزكية اختفى الْحسن الْأَفْطَس فَلَمَّا دخل الصَّادِق الْعرَاق وَلَقي الْمَنْصُور قَالَ لَهُ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أَتُرِيدُ أَن تسدي إِلَى رَسُول الله

يدا قَالَ نعم يَا أَبَا عبد الله قَالَ الصَّادِق تَعْفُو عَن الْحسن بن عَليّ بن عَليّ زين العابدين بن الْحُسَيْن فَعَفَا عَنهُ قَالَ أَبُو نصر البُخَارِيّ فهده شَهَادَة قَاطِعَة من الصَّادِق أَنه ابْن رَسُول الله

وَعلي وَمُحَمّد ابْنا الْأَفْطَس قَتلهمَا الْمَأْمُون وَأما مُحَمَّد الباقر يكنى أَبَا جَعْفَر الْغَايَة السَّاكِن وَالْهَادِي وأشهرها الباقر لقَوْل النَّبِي

لجَابِر بن عبد الله الْأنْصَارِيّ إِنَّك ستعيش حَتَّى ترى رجلا من أَوْلَادِي اسْمه اسْمِي يبقر الْعلم بقرًا فَإِذا لَقيته فأقره مني السَّلَام فَلَقِيَهُ جَابر وأقرأه السَّلَام من رَسُول الله

وَمَات جَابر بعد ذَلِك بِقَلِيل ولد بِالْمَدِينَةِ يَوْم الْخَمِيس ثَالِث صفر سنة سبع وَخمسين من الْهِجْرَة قبل قتل الْحُسَيْن جده بِثَلَاث سِنِين صفته معتدل السمرَة معاصره الْوَلِيد وولداه يزِيد وَإِبْرَاهِيم عمره ثَمَان وَخَمْسُونَ سنة وَقيل سِتُّونَ أَقَامَ مِنْهَا مَعَ جده الْحُسَيْن ثَلَاث سِنِين وَمَعَ ابْنه عَليّ زين العابدين ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ سنة وَقيل خمْسا وَثَلَاثِينَ سنة وَبَقِي بعد موت أَبِيه سبع عشرَة سنة وَهِي مُدَّة إِمَامَته يُقَال مَاتَ بالسم فِي زمن إِبْرَاهِيم بن الْوَلِيد بن عبد الْملك سنة عشر وَمِائَة وَقيل سنة أَربع عشرَة وَدفن بِالبَقِيعِ بالقبر الَّذِي فِيهِ أَبوهُ وَعم أَبِيه الْحسن بن عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم أَوْلَاده سِتَّة أَرْبَعَة ذُكُور جَعْفَر الصَّادِق وَعبد الله الأفطح أمهما زُرَيْوَةُ بنت الْقَاسِم بن مُحَمَّد بن أبي بكر الصّديق وَإِبْرَاهِيم وَعلي وبنتان زَيْنَب وَأم سَلمَة والعقب مِنْهُ فِي جَعْفَر الصَّادِق فَقَط فَأَما عبد الله الأفطح فَكَانَت لَهُ شيعَة يدعونَ إِمَامَته مِنْهُم زُرَارَة بن أعين الْكُوفِي

ص: 141

ثمَّ قَامَ بِالْمَدِينَةِ وَسَأَلَهُ عَن مسَائِل من الْفِقْه فألفاه جَاهِلا فَرجع عَن القَوْل بإمامته وانقطعت الشِّيعَة الأبطحية وَزعم ابْن حزم أَن بني عبيد مُلُوك مصر ينتسبون إِلَيْهِ وَلَيْسَ ذَلِك بِصَحِيح وَأما الإِمَام جَعْفَر الصَّادِق بن مُحَمَّد الباقر بن عَليّ زين العابدين بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب وَهُوَ الْقَائِم بعد أَبِيه وَهُوَ سادس الْأَئِمَّة فيكنى أَبَا عبد الله وَقيل أَبَا إِسْمَاعِيل وَله ألقاب الْفَاضِل والطاهر وأشهرها الصَّادِق وَكَانَ يُقَال لَهُ عَمُود الشّرف صفته معتدل آدم اللَّوْن معاصره أَبُو جَعْفَر الْمَنْصُور أمه فُرَيْوَةُ بنت الْقَاسِم ابْن مُحَمَّد كَمَا تقدم ذَلِك وَولد بِالْمَدِينَةِ يَوْم الْإِثْنَيْنِ لثلاث بَقينَ من ربيع الأول سنة ثَمَانِينَ من الْهِجْرَة وَقيل ثَلَاث وَثَمَانِينَ عمره ثَمَان وَسِتُّونَ سنة أَقَامَ مِنْهَا مَعَ جده عَليّ زين العابدين اثْنَتَيْ عشرَة سنة وأياماً وَمَعَ أَبِيه مُحَمَّد الباقر ثَلَاث عشرَة سنة وأياماً وَبَقِي بعد موت أَبِيه أَرْبعا وَثَلَاثِينَ سنة وَهِي مُدَّة إِمَامَته وَتُوفِّي بِالْمَدِينَةِ يَوْم الْإِثْنَيْنِ منتصف رَجَب سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَمِائَة يُقَال مَاتَ بالسم فِي زمن الْمَنْصُور وَدفن مَعَ أَبِيه وجده وَعم جده الْحسن بن عَليّ بن أبي طَالب وَعم جد جده الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب بِالبَقِيعِ بَقِيَّة الْعَبَّاس فَللَّه دره من قبر مَا أشرفه وأطهره وأكرمه وأنوره أَوْلَاده سَبْعَة وَقيل أَكثر الْعقب مِنْهُ فِي خَمْسَة رجال وهم الإِمَام مُوسَى الكاظم وَإِسْمَاعِيل وَعلي العريضي وَمُحَمّد الْمَأْمُون وَإِسْحَاق وَلَيْسَ لَهُ ابْن اسْمه نَاصِر معقب وَلَا غير معقب بِإِجْمَاع أهل النّسَب وبنواحي أهل خُرَاسَان قوم ينسبون إِلَى نَاصِر بن جَعْفَر وهم أدعياء كذابون لَا محَالة وهم هُنَاكَ يخاطبون بالشرف فَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه الْعلي الْعَظِيم وَمن أَوْلَاد جَعْفَر الصَّادِق مُحَمَّد الديباج خرج بِمَكَّة أَيَّام الْمَأْمُون وَبَايع لَهُ أهل الْحجاز بالخلافة وَحمله المعتصم لما حج وَجَاء بِهِ إِلَى الْمَأْمُون فَعَفَا عَنهُ وَمَات سنة ثَلَاث وَمِائَتَيْنِ بجرجان وَأما إِسْمَاعِيل الإِمَام ومُوسَى الكاظم فعلَيْهِمَا وعَلى بنيهما مدَار اخْتِلَاف الشِّيعَة وَكَانَ الكاظم على زِيّ الْأَعْرَاب مائلاً إِلَى السوَاد وَكَانَ الرشيد يؤثره

ص: 142

ويتجافى عَن قبُول السّعَايَة فِيهِ ثمَّ حَبسه وَمن عقبه بقيه الْأَئِمَّة الاثْنَي عشر عِنْد الإمامية من لدن عَليّ بن أبي طَالب فَهُوَ أَوَّلهمْ وَقد تقدم ذكره عِنْد ذكر خِلَافَته ثمَّ ابْنه الْحسن بن عَليّ وَقد تقدم كَذَلِك وَبَيَان تَرْجَمته وتاريخ وَفَاته فِي سنة خمس وَأَرْبَعين ثمَّ أَخُوهُ الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم ثمَّ ابْنه على زين العابدين ثمَّ ابْنه مُحَمَّد الباقر ثمَّ ابْنه جَعْفَر الصَّادِق وَقد ذكرت تراجم هَؤُلَاءِ وَمن عقب جَعْفَر الصَّادِق من غير الْأَئِمَّة مُحَمَّد وَعلي ابْنا الْحُسَيْن بن جَعْفَر قاما بِالْمَدِينَةِ سنة إِحْدَى وَسبعين وَمِائَتَيْنِ وسفكا الدِّمَاء وانتهبا بالأموال واستلحما آل جَعْفَر بن أبي طَالب وأقامت الْمَدِينَة شهرا لَا تُقَام فِيهَا جُمُعَة وَلَا جمَاعَة وَمن عقب إِسْمَاعِيل الإِمَام ابْن جَعْفَر الصَّادِق العبيديون خلائف القيروان ومصر بَنو عبيد الله الْمهْدي بن مُحَمَّد بن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر الصَّادِق وَقد تقدم ذكرهم وَمَا للنَّاس من الْخلاف فِي نسبهم وَهُوَ مطرح كُله وَهَذَا أصح مَا فِيهِ هَذِه عبارَة ابْن خلدون وَهُوَ مِمَّن يرجح القَوْل بِصِحَّة نسبهم وَأَنه إِلَى إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر الصَّادِق كَمَا ترى وَالله أعلم بالحقائق الإِمَام السَّابِع مُوسَى الكاظم يكنى إِسْحَاق وَأَبا إِبْرَاهِيم وَهُوَ مُوسَى الكاظم بن جَعْفَر الصَّادِق بن مُحَمَّد الباقر بن عَليّ زين العابدين بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم ألقابه الكاظم والصابر والصالح أشهرها الأول لقب بِهِ لفرط تحمله وتجاوزه عَن الْمُعْتَدِينَ عَلَيْهِ أمه أم ولد اسْمهَا حميدة ولد بالأبواء بَين مَكَّة وَالْمَدينَة يَوْم الْأَحَد لسبع لَيَال خلون من صفر سنة ثَمَان وَعشْرين وَمِائَة وأقدمه الْمهْدي بَغْدَاد ثمَّ رده إِلَى الْمَدِينَة فَأَقَامَ بهَا إِلَى أَيَّام الرشيد فَلَمَّا قدم الرشيد الْمَدِينَة حمله مَعَه وحبسه بِبَغْدَاد إِلَى أَن توفّي فِي رَجَب سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَمِائَة وَفِي شَوَاهِد النُّبُوَّة مَاتَ فِي حبس الرشيد بِبَغْدَاد يَوْم الْجُمُعَة لخمس خلون من رَجَب سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَمِائَة فقبره بِبَغْدَاد وَيُقَال إِن يحيى بن خَالِد الْبَرْمَكِي سمه فِي رطب بِأَمْر الرشيد وَقيل لف فِي

ص: 143

بِسَاط وغم حَتَّى رحمه الله من شَهِيد معاصره الْمهْدي وَالْهَادِي والرشيد عمره خمس وَخَمْسُونَ سنة مِنْهَا مقَامه مَعَ أَبِيه عشرُون سنة وَبَقِي بعد وَفَاة أَبِيه خمْسا وَثَلَاثِينَ سنة وَهِي مُدَّة إِمَامَته وَدفن فِي مَقَابِر قُرَيْش أَوْلَاده سَبْعَة وَثَلَاثُونَ ولدا بَين ذكر وَأُنْثَى الْعقب مِنْهُم فِي أَرْبَعَة عشر رجلا هم الْحسن وَالْحُسَيْن وَعلي الرِّضَا وَإِبْرَاهِيم المرتضى وَزيد النَّار وَعبد الله وَعبيد الله وَالْعَبَّاس وَحَمْزَة وجعفر وَهَارُون وَإِسْحَاق وَإِسْمَاعِيل وَمُحَمّد العابد وَإِبْرَاهِيم المرتضى بن مُوسَى الكاظم هُوَ الَّذِي ولى مُحَمَّد بن طَبَاطَبَا وَأَبُو السَّرَايَا على الْيمن فَذهب إِلَيْهَا وَلم يزل بهَا أَيَّام الْمَأْمُون يسفك الدِّمَاء حَتَّى لقبه النَّاس بالجزار وَأظْهر الْإِمَامَة عِنْد مَا عهد الْمَأْمُون لِأَخِيهِ عَليّ الرِّضَا بن مُوسَى الكاظم ثمَّ اتهمَ الْمَأْمُون بقتْله فجَاء هُوَ وَطلب الْإِمَامَة لنَفسِهِ ثمَّ عقد الْمَأْمُون على حَرْب الفاطميين بِالْيمن لمُحَمد بن زِيَاد بن أبي سُفْيَان لما بَينهم من الْبغضَاء فأوقع بهم مرَارًا وَقتل شيعتهم وَفرق جَمَاعَتهمْ وَمن عقب إِبْرَاهِيم المرتضى هَذَا الشريف الرضى وَأَخُوهُ المرتضى وَاسم كل مِنْهُمَا عَليّ بن الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن مُوسَى بن إِبْرَاهِيم بن مُوسَى الكاظم وَزيد النَّار بن مُوسَى الكاظم هُوَ الَّذِي ولاه أَبُو السَّرَايَا أَيْضا على الأهواز فَسَار إِلَى الْبَصْرَة وملكها وأحرق دور العباسيين بهَا فَسُمي زيد النَّار وَمن عقبه زيد الْجنَّة بن مُحَمَّد بن زيد بن الْحُسَيْن بن زيد النَّار من أفاضل أهل الْبَيْت وصلحائهم حمل إِلَى بَغْدَاد فِي محنة الفاطميين أَيَّام المتَوَكل وَدفع إِلَى ابْن أبي دواد يمتحنه فَشهد لَهُ وَأطْلقهُ وَمن عقب مُوسَى الكاظم بن جَعْفَر الصَّادِق بن مُحَمَّد الباقر بن عَليّ بن الْحُسَيْن ابْن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم من غير الْأَئِمَّة السَّيِّد أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد ابْن مُوسَى بن أَحْمد بن الْقَاسِم بن حَمْزَة بن مُوسَى الكاظم قَالَ الْعُتْبِي فِي تَارِيخه الْمُسَمّى باليميني لدولة مَحْمُود بن سبكتكين وَابْنه يَمِين الدولة والعتبي صَاحب هَذَا التَّارِيخ نِسْبَة إِلَى عتبَة بن أبي سُفْيَان صَخْر بن حَرْب ابْن أُميَّة بن عبد شمس فِي تَرْجَمته السَّيِّد الْمَذْكُور أَلْفَاظه منابع الْعُلُوم وأقواله مراتع الْعُقُول ومجاله حدائق الْجد والهزل وجوامع الْكَلم الْفَصْل فَلم تبْق يتيمة

ص: 144

خطاب وَلَا كَرِيمَة صَوَاب وَلَا غَزَّة حِكْمَة وَلَا درة نُكْتَة وَلَا طرفَة حِكَايَة وَلَا فقرة رِوَايَة إِلَّا هِيَ عرضة خاطره وَثَمَرَة هاجسه وَنصب تذكره وَمِثَال تصَوره لَا تصدأ صفيحة حفظه وَلَا تدرس صحيفَة ذكره وَلَا يكسف بدر معارفه وَلَا ينزف بَحر لطائفه هُوَ وَاحِد خُرَاسَان من بَين الْأَشْرَاف العلوية فِي قُوَّة الْحَال وسعة المجال واشتداد بَاعَ الْعِزّ وامتداد شُعَاع الجاه وَالْعلم الغامر وَالْأَدب الباهر وَالشعر الزَّاهِر فَمن شعره قَوْله // (من الْبَسِيط) //

(وشَادنٍ وَجْهُهُ بالحُسْنِ مَخْطُوطُ

وَخَدُّهُ بِمدادِ الخَالِ مَنْقُرطُ)

(تَرَاهُ قَدْ جَمَعَ الضدَّيْنِ فِي قَرنٍ

فالخِضْرُ مُخْتَصَرٌ والرِّدْفُ مَبْسوطُ)

وَقد أَكثر الشُّعَرَاء والأدباء فِي مدائحه فَمن ذَلِك قَول أبي الْفَتْح البستي // (من الْخَفِيف) //

(أَنا للسيِّدِ الشَّريفِ غُلَامٌ

حَيْثُ مَا كَانَ فَلْيُبَلَّغْ سَلَامي)

(وإِذَا كُنْتُ للشَّريفِ غُلَاماً

فَأَنَا الحُرُّ والزَّمَانُ غُلامِي)

وَقد اتّفق فِي مجْلِس السَّيِّد الْمَذْكُور وَكَانَ مجمعا للْعُلَمَاء الْفُضَلَاء والجهابذة النبلاء مناظرة بَين أبي الْفضل الهمذاني الْمَعْرُوف بالبديع وَبَين أبي بكر الْخَوَارِزْمِيّ سَببهَا مُعَارضَة الهمذاني والمجلس غاص والمصدر فِيهِ السَّيِّد أَبُو جَعْفَر الْمَذْكُور وَكَانَ الْخَوَارِزْمِيّ ينْسب البديع الهمذاني إِلَى مَذْهَب الْخَوَارِج والنواصب يُرِيد بذلك الْوَضع من قدره عِنْد السَّيِّد أبي جَعْفَر الْمَذْكُور فَقَالَ البديع هَذِه الأبيات الْخَمْسَة مُخَاطبا بهَا السَّيِّد ومبيناً لَهُ طَهَارَة اعْتِقَاده مِمَّا نسبه إِلَيْهِ الْخَوَارِزْمِيّ من النصب قلت قد خلبت خلبي واستلبت لبي بجنسها وفصلها فَكَانَت هِيَ السَّبَب لذكر التَّرْجَمَة من أَصْلهَا وَهِي // (من مجزوء الْكَامِل) //

(أَنا فِي اعتقادي للتَّسنْ

نُنِ رافضيٌّ فِي ولائِكْ)

(فَلَئنْ شُغِلْتُ بهَؤُلاءِ

فَلَسْتُ أَغْفُلُ عَنْ أولئِك)

(يَا عقْدَ مُنْتَظِمِ النُّبُوْوةِ

بَيْتَ مُخْتَلِفِ الملائِكْ)

(يِاَبْنَ الفَوَاطِمِ والعَوَاتِكِ

والتَّرائِكِ والأرائِكْ)

(أَنَا حَائِكٌ إِنْ لَمَ أكُنْ

عَبْداً لِعَبْدِكَ وابْنُ حائِكْ)

ص: 145

وَقَوله يَابْنَ الفواطم يُرِيد بِهن فَاطِمَة بنت عَمْرو المخزومية أم أبي طَالب وَعبد الله وَالزُّبَيْر بني عبد الْمطلب فَإِن هَؤُلَاءِ أشقاء أمّهم فَاطِمَة بنت عَمْرو الْمَذْكُورَة وَالثَّانيَِة فَاطِمَة بنت الْأَصَم أم خَدِيجَة بنت خويلد زوج رَسُول الله

وَالثَّالِثَة فَاطِمَة بنت أَسد أم عَليّ بن أبي طَالب وَالرَّابِعَة فَاطِمَة الزهراء بنت رَسُول الله

وَقَوله والعواتك يُرِيد بِهن عَاتِكَة بنت هِلَال بن فالح بن ذكْوَان أم عبد منَاف ابْن قصي وعاتكة بنت مرّة بن هِلَال أم هَاشم بن عبد منَاف وعاتكة بنت الأوقص ابْن هِلَال أم وهب أبي آمِنَة أم رَسُول الله

وَهَذِه العواتك كُلهنَّ من سليم وَلذَلِك قَالَ عليه الصلاة والسلام أَنا ابْن العواتك من سُلَيْم وَقَوله والترائك جمع تريكه وَهِي الخوذة قَالَ الشَّاعِر البحتري // (من الْكَامِل) //

(حَصَّ التَّرِيكُ رُءُوسَهُمْ فَرُءُوسُهُمْ

فِي مِثْلِ لأْلَاءِ التَّريكِ المُذْهَبِ)

وَأَرَادَ بالترائك أسلحة الْحَرْب جَمِيعهَا مجَازًا مُرْسلا فَكَأَنَّهُ قَالَ يَابْنَ الفواطم والعواتك وَابْن أسلحة الْحَرْب لملازمتك إِيَّاهَا وملازمة آبَائِك من قُرَيْش وَابْن الأرائك يَعْنِي ابْن الجالسين عَلَيْهَا من الْمُلُوك وَقَوله أَنا حائك إِلَى آخِره هَذِه طَريقَة للشعراء يدعونَ على أنفسهم تَأْكِيدًا وحثاً على فعل مَا يحمد أَو ترك مَا يذم فَمن ذَلِك قَول مَالك الْحَارِثِيّ بن الأشتر النَّخعِيّ من شيعَة عَليّ كرم الله تَعَالَى وَجهه وأمرائه الْمَشْهُورين // (من الْكَامِل) //

(بَقيتُ وفرى وانحرفْتُ عَنِ الْعلَا

وَلَقِيتُ أَضْيافي بِوَجْهِ عَبُوسِ)

(إِنْ لَمْ أشُنَّ عَلَى ابْنِ هِندٍ غَاَرةٌ

لَمْ تَخْلُ يَوماً مِنْ ذَهَابِ نُفُوسِ)

والحائك من شَأْنه الرذالة والسقاطة وَقلة الْعقل فَكيف إِذا كَانَ أَبوهُ أَيْضا حائكا فَجعل الْهَمدَانِي كَونه حائكاً وَابْن حائك دُعَاء على نَفسه إِن لم يكن عبدا لعبد السَّيِّد

ص: 146

الْمَذْكُور يُرِيد بذلك تَبْيِين محبته لَهُ وَصدق ولائه وإكذاب مَا رَمَاه الْخَوَارِزْمِيّ بِهِ الإِمَام على الرِّضَا بن مُوسَى الكاظم بن جَعْفَر الصَّادِق بن مُحَمَّد الباقر بن زين العابدين بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب وَهُوَ ثامن الْأَئِمَّة وَالْإِمَام بعد أَبِيه يكنى أَبَا الْحسن ككنية أَبِيه ألقابه الصابر والمزكى وَالْوَلِيّ وأشهرها الرِّضَا أمه أم ولد اسْمهَا أروى ولد بِالْمَدِينَةِ يَوْم الْخَامِس عشر من ربيع الأول سنة ثَلَاث وَخمسين وَمِائَة معاصره الْأمين والمأمون عمره خَمْسَة وَخَمْسُونَ سنة مُدَّة إِمَامَته عشرُون سنة كَانَ أَولهَا فِي بَقِيَّة ملك الرشيد ثمَّ ملك وَلَده مُحَمَّد الْأمين بعده ثَلَاث سِنِين وَخَمْسَة وَعشْرين يَوْمًا ثمَّ خلع الْأمين وَجلسَ مَكَانَهُ عَمه إِبْرَاهِيم بن الْمهْدي الْمَعْرُوف بِابْن شكْلَة أَرْبَعَة عشر يَوْمًا ثمَّ أخرج الْأمين ثَانِيَة وبويع لَهُ وَبَقِي سنة وَسَبْعَة أشهر وَقَتله طَاهِر بن الْحُسَيْن ثمَّ ملك بعده الْمَأْمُون بن هَارُون الرشيد عشْرين سنة عهد الْمَأْمُون لَهُ بالخلافة وزوجه ابْنَته أم الْفضل وَدخل عَلَيْهِ دعبل الْخُزَاعِيّ الشَّاعِر بمرو فَقَالَ يَابْنَ رَسُول الله إِنِّي قلت فِيكُم أهل الْبَيْت قصيدة وآليت على نَفسِي لَا أنشدها أحدا قبلك فَقَالَ لَهُ الرِّضَا هَاتِهَا فَأَنْشد // (من الطَّوِيل) //

(ذكرتُ مَحلَّ الرَّبْعِ مِنْ عَرَفَاتِ

فأَجْرَيْتُ دَمْعَ العَيْنِ بالعَبَرَاتِ)

(وقَدْ عَزَّنِي صَبْرِي وهاجَتْ صبابتي

رُسُومُ دِيَارٍ قَفرةٍ ةٍ وَعِرَاتِ)

(مَدَارسُ آياتٍ خلَتْ من تلاوةٍ

وَمَنْزل وَحْىٍ مُقْفِر العَرَصَاتِ)

(لآلِ رَسُولِ اللهِ بِالخيفِ مِنَّ مِنّى

وبَالبَيْتِ والتَّعْرِيفِ والجَمَرَاتِ)

(ديار عليِّ والحسينِ وجعفرٍ

وحمزةَ والسجادِ ذِي الثفناتِ)

(دِيَارٌ لعَبْدِ اللهِ والفَضْلِ صِنْوِهِ

نَجِيِّ رَسُولِ الله فِي الخَلَوَاتِ)

(مَنَازلُ كانَتْ للصَّلَاةِ وللتُّقَى

وللصَّوْمِ والتَّطهيرِ والحَسَنَاتِ)

(مَنَازل جِبْرِيلُ الْأمين يَحُلُّهَا

مِنَ اللهِ بالتَّسْلِيمِ والرَّحَمَاتِ)

(مَنَازِلُ وَحْي اللهِ مَعْدِن عِلمِهِ

سَبِيل رَشادٍ وَاضِح الطُّرُقَاتِ)

(فَأًيْنَ الألى شَطَّتْ بِهِمْ غُرْبةُ النَّوَى

فأَمْسَيْنَ فِي الأقطارِ مُفتَرِقَاتِ)

ص: 147

(هُمُ آل مِيراثِ النَّبيِّ إِذا انْتَمَوا

وهُمْ خيرُ ساداتٍ وخَيرُ حُمَاةِ)

(مَطَاعيم فِي الإِعْسَارِ فِي كُلِّ مَشْهَدٍ

لَقِدْ شَرُفُوا بِالفَضْلِ والبَرَكَاتِ)

(أَئمةُ عَدْلٍ يُقْتَدَى بِفعَالِهِم

وتُؤْمَنُ مِنْهُمْ زَلَّةُ العَثَرَاتِ)

(فَيَا رَبِّ زِدْ قَلْبِي هدى وبَصيرَةً

وزِدْ حُبَّهُم يَا ربِّ فِي حَسَنَاتي)

(لَقَدْ أَمنتْ نَفْسِي بِهمْ فِي حَيَاتِها

وإنِّي لأَرْجُو الأمْنَ بَعْدَ وَفَاتِي)

(أَلَمْ تَرَ أنِّى مذْ ثَلاثِينَ حِجَّةً

أَروحُ وأَغْدُو دائمَ الحَسَرَاتِ)

(أَرَى فَيْئَهُم فِي غَيْرِهم مُتَقَسِّماً

وأَيْدِيَهُمْ مِنْ فَيئهمْ صفرَاتِ)

(سَأَبْكِيهمُ مَا ذَرَّ فِي الأُفْقِ شَارقٌ

ونادَى مُنَادى الخَيْرِ بالصَّلوَاتِ)

(ومَا طَلَعتْ شَمْسٌ وَحَانَ غُرُوبُها

وبِالليلِ أبكيهمْ وبَالغدوَاتِ)

(دِيارُ رَسُولِ اللهِ أَصْبحن بَلْقَعاً

وآلُ زِيادٍ تَسْكُنُ الحُجُرَاتِ)

(وآلُ زِيادٍ فِي القُصُورِ مَصُونَةٌ

وآلُ رَسُولِ اللهِ فِي الفَلَوَاتِ)

(فلوْلا الَّذِي أرْجُوه فِي اليَوم أَو غَدٍ

لَقُطِّع نَفْسِي إِثْرَهُمْ حَسَرَاتِ)

(خُرُوجُ إِمَام لَا مَحَالةَ خَارجٌ

يَقُومُ عَلَى اسْمِ اللهِ بِالبَرِكَاتِ)

(يُمَيِّزُ فِينَاً كُلَّ حَقِّ وبَاطِلٍ

ويَجزِى عَلَى عَلَى النَّعْمَاءِ والنَقَمَاتِ)

(فَيَا نَفْسُ طِيبى ثُمَّ يَا نَفْسُ فاصْبِرِي

فَغَيرُ بَعِيدٍ كلُّ مَا هُوَ آتٍ)

قلت دعبل هَذَا محب لأهل الْبَيْت وَمن ذَا الَّذِي لَا يُحِبهُمْ فَمن لَا يُحِبهُمْ لَا يُحِبهُ الله وَلكنه كَانَ مُولَعا بالهجو والحط من أقدار النَّاس هجا الْخُلَفَاء وَغَيرهم هجا الْمَأْمُون بِأَبْيَات مِنْهَا // (من الْكَامِل) //

(إنِّي مِنَ القَوْمِ الذِينَ سُيُوفُهُمْ

قَتَلَتْ أَخَاك وشَرَّفَتْكَ بِمَقْعَدِ)

(شَادُوا بحُسْنِ فعَالِهِمْ لَكَ مَنْصِباً

واستْرْفَعُوكَ مِنَ الحَضِيضِ الأَوْهَدِ)

يُشيرُ بذلك إِلَى مَا فعله طَاهِر بن الْحُسَيْن مقدم عَسَاكِر الْمَأْمُون فَإِنَّهُ خزاعي ودعبل هَذَا خزاعي وَلما بلغ هَذَا الْمَأْمُون قَالَ تعس دعبل وَمَتى كنت خاملا فرفعني قومه وَطَالَ عمر دعبل وَكَانَ يَقُول لي خَمْسُونَ سنة أحمل خشبتي على كَتِفي أدور على من يصلبني عَلَيْهَا فَمَا أجد من يفعل ذَلِك كَانَ مولده بَين وَاسِط الْعرَاق وكور الأهواز سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَمِائَة والدعبل بِكَسْر الدَّال الْمُهْملَة وَإِسْكَان الْعين وَكسر الْبَاء الْمُوَحدَة اسْم النَّاقة الشارف وَهُوَ لقبه واسْمه عَليّ بن

ص: 148

رزين بن سُلَيْمَان قَالَه ابْن الْأَثِير وَاسْتشْهدَ الرِّضَا فِي أَيَّام الْمَأْمُون مسموماً بطوس فِي قَرْيَة شاه باز يَوْم الْجُمُعَة لسبع بَقينَ من رَمَضَان سنة ثَلَاث وَمِائَتَيْنِ وَدفن إِلَى جنب قبر الرشيد أَوْلَاده خَمْسَة الْعقب مِنْهُ فِي ابْنه الإِمَام مُحَمَّد الْجواد بن عَليّ الرِّضَا بن مُوسَى الكاظم بن جَعْفَر الصَّادِق بن مُحَمَّد الباقر بن عَليّ زين العابدين بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب وَهُوَ التَّاسِع من الْأَئِمَّة ولد بِالْمَدِينَةِ يَوْم الْجُمُعَة لعشر خلون من رَجَب سنة تسعين وَمِائَة كنتيته أَبُو جَعْفَر ألقابة القانع والمرتضى وأشهرها الْجواد زوجه الْمَأْمُور ابْنَته أم حبيب صفته أَبيض اللَّوْن معتدل الْقَامَة معاصره الْمَأْمُون والمعتصم عمره خمس وَعِشْرُونَ سنة وَأشهر مَاتَ بِبَغْدَاد يَوْم الثُّلَاثَاء لخمس خلون من ذِي الْحجَّة سنة عشْرين وَمِائَتَيْنِ وَكَانَت مُدَّة إِمَامَته سبع عشرَة سنة أوائلها فِي بَقِيَّة ملك الْمَأْمُون واَخرها فِي أول ملك المعتصم قيل مسموماً وَلَكِن لم يَصح وَدفن بمقابر قُرَيْش إِلَى جنب قبر جده مُوسَى الكاظم أَوْلَاده أَرْبَعَة الْعقب مِنْهُ فِي رجلَيْنِ هما الْهَادِي ومُوسَى المبرقع فالإمام عَليّ الْهَادِي بن مُحَمَّد الْجواد بن عَليّ الرِّضَا بن مُوسَى الكاظم بن جَعْفَر الصَّادِق هُوَ الإِمَام بعد أَبِيه وعاشر الْأَئِمَّة أمه أم ولد اسْمهَا شهامة ويلقب بالتقي وَالْهَادِي أشهرهما الأول ولد بِالْمَدِينَةِ ثَالِث عشر رَجَب سنة أَربع عشرَة وَمِائَتَيْنِ مَاتَ ب سر من رأى مسموماً يَوْم الْإِثْنَيْنِ لخمس بَقينَ من جُمَادَى الْآخِرَة سنة أَربع وَخمسين وَمِائَتَيْنِ وَدفن فِي دَاره ب سر من رأى أَوْلَاده أَرْبَعَة أعقب من ثَلَاثَة أبي جَعْفَر مُحَمَّد وَأبي عبد الله جَعْفَر وَأبي مُحَمَّد الإِمَام الْحسن العسكري بن عَليّ الْهَادِي بن مُحَمَّد الْجواد بن عَليّ الرِّضَا بن مُوسَى الكاظم وَهُوَ الإِمَام بعد أَبِيه وحادي عشر الْأَئِمَّة أمه أم ولد اسْمهَا سوسن

ص: 149

كنيته أَبُو مُحَمَّد ألقابه الْخَالِص والسراج وأشهرها العسكري ولد بِالْمَدِينَةِ سنة إِحْدَى أَو اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ صفته بَين السمرَة وَالْبَيَاض معاصره المعتز والمهتدي وَالْمُعْتَمد عمره ثَمَان وَعِشْرُونَ سنة وَمُدَّة إِمَامَته سِتّ سِنِين مَاتَ فِي أَوَائِل خلَافَة الْمُعْتَمد مسموماً فِي يَوْم الْجُمُعَة لثمان خلون من شهر ربيع الأول سنة سِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ ب سر من رأى وَدفن عِنْد قبر أَبِيه الْهَادِي خلف وَلَده مُحَمَّدًا أوحده وَهُوَ الإِمَام مُحَمَّد الْمهْدي بن الْحسن العسكري بن عَليّ التقي بن مُحَمَّد الْجواد ابْن على الرِّضَا بن مُوسَى الكاظم بن جَعْفَر الصَّادِق بن مُحَمَّد الباقر بن عَليّ زين العابدين بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم أَجْمَعِينَ ولد يَوْم الْجُمُعَة منتصف شعْبَان سنة خمس وَخمسين وَمِائَتَيْنِ وَقيل سنة سِتّ وَهُوَ الصَّحِيح أمه أم ولد اسْمهَا أصقيل وَقيل سوسن وَقيل نرجس كنيته أَبُو الْقَاسِم ألقابه الْحجَّة وَالْخلف الصَّالح والقائم والمنتظر وَصَاحب الزَّمَان وَالْمهْدِي وَهُوَ أشهرها صفته شَاب مَرْبُوع الْقَامَة حسن الْوَجْه وَالشعر أقنى الْأنف أجلى الْجَبْهَة وَلما توفّي أَبوهُ كَانَ عمره خمس سِنِين وشيعته يَقُولُونَ إِنَّه دخل السرداب سنة خمس وَسبعين وَمِائَتَيْنِ وعمره سبع عشرَة سنة وهم ينتظرون خُرُوجه فِي آخر الزَّمَان من السرداب وأقاويلهم فِيهِ كَثِيرَة وَالله أعلم أَي ذَلِك يكون قَالَ الشَّيْخ عَلَاء الدّين أَحْمد بن مُحَمَّد السماني فِي ذكر الأبدال والأقطاب وَقد وصل إِلَى رُتْبَة القطبية مُحَمَّد الْمهْدي بن الْحسن العسكري وَهُوَ إِذا اختفى دخل فِي دَائِرَة الأبدال متدرجاً طبقَة بعد طبقَة إِلَى أَن صَار سيد الأبدال وَكَانَ القطب حِينَئِذٍ عَليّ بن الْحُسَيْن الْبَغْدَادِيّ فَلَمَّا حانت منيته صلى عَلَيْهِ

ص: 150

الْمهْدي هَذَا وَدَفنه وَجلسَ مَجْلِسه وَبَقِي فِي رُتْبَة القطبية تسع عشرَة سنة وَالله أعلم وَأما مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة وَهُوَ الْفَرْع الثَّالِث من أَوْلَاد عَليّ بن أبي طَالب لصلبه الَّذين ذكرنَا أَنْسَاب الطالبين أَكْثَرهَا رَاجع إِلَى الْحسن وَالْحُسَيْن وَإِلَيْهِ فَهُوَ مُحَمَّد بن أَمِير الْمُؤمنِينَ عَليّ بن أبي طَالب الْمَشْهُور بِابْن الْحَنَفِيَّة يكنى أَبَا الْقَاسِم روى أَنه عليه الصلاة والسلام رخص لأمير الْمُؤمنِينَ فِي تَسْمِيَة ابْنه هَذَا وتكنيته بِأبي الْقَاسِم قَالَ فِي أَنْسَاب قُرَيْش يَقُولُونَ أمه خَوْلَة بنت جَعْفَر بن قيس بن سَلمَة بن عبد الله بن ثَعْلَبَة بن الدؤل بن حنيفَة بن لجيم وتسميه الشِّيعَة الْمهْدي حَدثنِي مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر عَن قيس بن سعيد بن عقبَة الْجُهَنِيّ عَن أَبِيه قَالَ سَمِعت كثيرا ينشد عَليّ بن عبد الله بن جَعْفَر لنَفسِهِ فِي مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة // (من الوافر) //

(أَقَرَّ الله عَيْني إذْ رَعَانِي

أَمِينُ اللهِ يُلْطِفُ فِي السُّؤالِ)

(وأَثْنَى فِي هَوَايَ عَلَيَّ خيرا

وساءَلَ عَنْ بَنِيَّ وَكيْفَ حَالي)

(وكَيْفَ ذَكَرْتُ شَأْنَ أَبِي خبيبٍ

وَزَلَّةَ نَعْلِهِ عِنْدَ النِّضَالِ)

(هُوَ المَهْدِيُّ خَيَّرنَاهُ كَعْبٌ

أَخُو الأَحْبَاِر فِي الحِقَبِ الخَوَاِليِ)

وَكَانَ كثير كيسانيا يَقُول بإمامة مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة وَيَزْعُم أَن الْأَرْوَاح تتناَسخ ويحتج بقول الله عز وجل {فِي أَيِ صوُرةٍ مَا شَاءَ ركبَكَ} الانفطار 8 وَيَقُول أَلا ترى أَنه يحوله فِي صُورَة بعد صُورَة فَقَالَ لَهُ عَليّ بن عبد الله بن جَعْفَر يَا أَبَا صَخْر مَا يثني عَلَيْك فِي هَوَاك خيرا إِلَّا من كَانَ على مثل رَأْيك وَقيل لَهُ إِنَّك تَقول خبرناه كَعْب ألقيت كَعْب الْأَحْبَار قَالَ لَا قيل فَلم قلت خبرناه كَعْب قَالَ هُوَ بالوهم وَكَانَت شيعَة مُحَمَّد يَزْعمُونَ أَنه لم يمت وَفِي ذَلِك يَقُول كثير أَيْضا // (من الوافر) //

(أَلا إنَّ الأئِمَّةَ مِنْ قُرَيْشٍ

وُلَاةُ الحَقِّ أَرْبَعَةٌ سَوَاءُ)

ص: 151

(عَليٌّ والثَّلاثَهُ مِنْ بَنِيه

هُمُ الأَسْبَاطُ لَيْسَ بِهِم خَفَاءُ)

(فَسِبْطٌ سِبْطُ إيمانٍ وبرِّ

وسبْطٌ غَيَّبَتْهُ كَرْبِلَاءُ)

(وسِبْطٌ لَا تَرَاه العَيْنُ حَتَّى

يقودَ الخيلَ يَقْدُمُهَا اللِّواءُ)

(تَغَيَّبَ لَا يُرَى عَنْهُم زَمَانًا

برَضْوى عِنْدَهُ عَسَلٌ ومَاءُ)

وَفِي مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة يَقُول الْحِمْيَرِي // (من الوافر) //

(أَلا قُلْ لِلْوصىِّ فَدَتْكَ نَفْسِي

أَطَلْتَ بذَلكَ الشِّعْبِ المُقَامَا)

(أَضَرَّ بِمعشرٍ وَالَوْكَ مِنَّا

وسَمَّوْك الخليفَةَ والإمَامَا)

(وعَادَوْا فِيكَ أهْلَ الأَرْضِ طُرًّا

مقَامك عَنْهُمُ سِتِّينَ عَامَا)

(وَما ذَاقَ ابنُ خَوْلَةَ طَعْمَ مَوْتٍ

وَلَا وَارَت لَهُ أَرْضٌ عِظَاما)

(لَقَدْ أَمْسَى بمُورِقِ شعب رَضْوَى

تُراجِعُهُ الملائِكَةُ الكَلامَا)

(وإَّن لَهُ بِه لمِقيل صدْقٍ

وأَنْدِيةً تُحَدِّثُهُ كِرَامَا)

(هَدَانَا اللهُ إذْ حِرتُمْ لأمرٍ

بِهِ وَعَلِيهِ نَلْتَمِسُ التَّمَاما)

(تَمامَ مَوَدَّةِ المَهدِيِّ حَتَّى

تَرَوْا راياتِنَا تَتْرَى نِظَاما)

وَقَالَ أَيْضا // (من الْكَامِل) //

(يَا شِعْبَ رَضْوَى مَا لِمنْ بِكَ لَا يُرَى

وبِنَا إلَيْهِ مَنَ الصبابة أوْلَقُ)

(حَتَّى متَى وإلَى متَى وكَم المَدَى

يابْنَ الوصيِّ وأنْتَ حَيٌّ تُرْزَقُ)

قَالَ المَسْعُودِيّ فِي المروج وشيعته تسمى الكيسانية وَقد تنازعوا بعد قَوْلهم بإمامته فَمنهمْ من قطع بِمَوْتِهِ وَمِنْهُم من زعم أَنه لم يمت وَأَنه حَيّ مُقيم بجبل رضوى الْمَعْرُوف بِقرب يَنْبع وَإِنَّمَا سموا الكيسانية لإضافتهم إِلَى الْمُخْتَار بن أبي عبيد وَكَانَ اسْمه كيسَان ويكنى أَبَا عَمْرو كَانَ يَدعِي أَن عَليّ بن أبي طَالب لقبه بذلك أَوْلَاد مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة أَرْبَعَة وَعِشْرُونَ مِنْهُم أَرْبَعَة عشر ذكرا وَقَالَ النَّقِيب تَاج الدّين أَوْلَاد مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة قَلِيل جدا لَيْسَ بالعراق وَلَا بالحجاز مِنْهُم أحد وَإِن كَانَ فبالكوفة وَقَالَ فِي عُمْدَة الطَّالِب بشيراز وأصفهان وقزوين وبمصر والصعيد مِنْهُم

ص: 152

جمَاعَة والعقب الْمُتَّصِل الْآن من وَلَده فِي رجلَيْنِ على وجعفر قَتِيل الْحرَّة وَأما عقب ابْنه أبي هَاشم عبد الله الْأَكْبَر إِمَام الشِّيعَة الكيسانية فمنقرض وَهَذَا أَبُو هَاشم هُوَ الَّذِي أسْند وَصيته فِيمَا قَالَه الشِّيعَة إِلَى مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الله بن الْعَبَّاس وَأَخُوهُ عَليّ بن مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة وَابْنه الْحسن بن عَليّ بن مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة وَكلهمْ ادَّعَت الشِّيعَة إمامتهم قَالَ ابْن خلدون وَخرج بِالْيَمِينِ على الْمَأْمُون وَمن ولد عَليّ بن أبي طَالب من غير هَؤُلَاءِ عبد الرَّحْمَن بن أَحْمد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عَليّ بن أبي طَالب وَمن ولد جَعْفَر بن أبي طَالب عبيد الله بن مُعَاوِيَة بن عبد الله بن جَعْفَر بن أبي طَالب الْقَائِم بِفَارِس وبويع بِالْكُوفَةِ وَأَرَادَ بعض شيعَة العباسية تَحْويل الدعْوَة إِلَيْهِ فَمَنعه أَبُو مُسلم الْخُرَاسَانِي من ذَلِك وَكَانَت لَهُ شيعَة ينتظرونه وَسَاقُوا الْخلَافَة من أبي هَاشم بن مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة بِالْوَصِيَّةِ وَكَانَ فَاسِقًا وَكَانَ ابْنه مُعَاوِيَة بن عبيد الله نَظِير أَبِيه فِي الشَّرّ سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا أَنْت أستغفرك وَأَتُوب إِلَيْك

ص: 153