الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مِائَتَان وَاثْنَانِ وَثَلَاثُونَ بَيْتا فَمِنْهَا قَوْله فِي أَولهَا من الْكَامِل
(شَمْلُ الهُدَى والمُلكِ وعَمَّ شَتَاتُهُ
…
والدَّهْرُ سَاءَ وأَقْلَعَتْ حَسَنَاتُهُ)
(أَيْنَ الَّذِي مُذْ لَمْ يَزَلْ مَخْشِيَّةً
…
مَرْجُوَّةً
…
هَبَّاتُهُ وهباتُهُ)
(أَيْنَ الذِي طَاعَاتُنَا كانَتْ لَهُ
…
مَبْذُولةً ولِرَبهِ طَاعَاتُهُ)
(باللَّهُ أَيْنَ النَّاصِرُ المَلِكُ الذِي
…
لِلَّهِ خَالِصَةٌ صَفَتْ نيَّاتُهُ)
(أَيْنَ الَّذِي مَا زَالَ سُلْطَاناً لَنَا
…
يُرجَى نَدَاهُ وتُتَّقَى سَطَوَاتُهُ)
(أَيْنَ الذِي شَرُفَ الزَّمَانُ بفَضْلِهِ
…
وسَمَتْ عَلَى الفُضَلَاءِ تَشْرِيفَاتُهُ)
(أَيْنَ الذِي عَنَتِ الفِرِنجُ لِبَأْسِهِ
…
ذلا ومِنْهَا أَدْرَكَتْ ثَارَاتُهُ)
(أَغْلاقُ أَعْنَاقِ العِدَى أسْيَافُهُ
…
أطْواقُ أجْيَادِ الوَرَى مِنًّاتُهُ)
قلت إِن كَانَت القصيدة كلهَا على هَذِه الوتيرة فَمَا تصلح أَن تكون بعقر دَاره عقيرة رحمه الله
(ثمَّ تولى ابْنه الْملك الْعَزِيز عُثْمَان)
أَبُو الْفَتْح ابْن السُّلْطَان صَلَاح الدّين يُوسُف بن أَيُّوب تسلطن بعد مَوته وَكَانَ نَائِبا عَن أَبِيه بِمصْر لما كَانَ أَبوهُ ب دمشق وَتمّ أمره وسنه نَيف وَعِشْرُونَ سنة وَكَانَ أَصْغَر إخْوَته وَكَانَ أكبرهم الْملك الْأَفْضَل نور الدّين عَليّ وَكَانَت إِلَيْهِ ولَايَة الْعَهْد من أَبِيه صَلَاح الدّين يُوسُف بن أَيُّوب وَكَانَ ب دمشق وَأَخُوهُ عُثْمَان ب مصر وَعَمه الْملك الْعَادِل أَبُو بكر ب حلب وَكَانَ أكولاً يَأْكُل الخروف وَحده وَكَانَ فَاضلا متأدباً حَلِيمًا حسن السِّيرَة متديناً قل أَن يُعَاقب على ذَنْب وَمَعَ هَذَا مَا صفا لَهُ الدَّهْر وَلَا هنَّاه بِالْملكِ بعد أَبِيه لبث مُدَّة يسيرَة ثمَّ حصره عَمه الْملك الْعَادِل أَبُو بكر وَأَخُوهُ الْملك الْعَزِيز عُثْمَان صَاحب
التَّرْجَمَة هَذِه وَأَخْرَجَاهُ من ملكه إِلَى صَرخَد ثمَّ جهزاه إِلَى سميساط وَفِي ذَلِك كتب إِلَى الْخَلِيفَة النَّاصِر العباسي ب بَغْدَاد قَوْله من الْبَسِيط
(مَوْلَايَ إنَّ أبَا بَكرٍ وصَاحِبَهُ
…
عُثمان قَدْ غَصَبَا بالسَّيْفِ حَقَّ عَلِي)
(وهْوَ الذِي كَانَ قَدْ ولَاّهُ والِدُهُ
…
عَلَيْهِمَا فاسْتَقَامَ الأمْرُ حِيَن وَلِي)
(فَخَالَفَاهُ وحَلَاّ عقْدَ بَيْعتِهِ
…
والأَمْرُ بَيْنَهُمَا والنِّصْفُ فِيهِ جَلِي)
(فانظُرْ إِلَى حَظِّ هَذَا الاسْمِ كَيْفَ لَقِى
…
مِنَ الأوَاخِرِ مَا لَاقَى مِنَ الأُوَلِ)
فأَجابه النَّاصِر العباسي من الْكَامِل
(وَافَى كِتَابُكَ يابْنَ يُوسُفَ مُعْلِنًا
…
بالوردِ يُخْبِرُ أَنَّ أَصْلَكَ طَاهِرُ)
(غَصَبُوا عَلِيًّا حَقَّهُ إذْ لَمْ يَكُنْ
…
بَعْدَ النِّبِيِّ لَهُ بِيَثْرِبَ نَاصِرُ)
(فاصْبِرْ فإنَّ غَدًا عَلَيْه حِسَابَهُمْ
…
وَابْشِرْ فَنَاصِرُكَ الإمامُ النَّاصِرُ)
وَكَانَ فيهمَا تشيع وَقَالَ الْعَلامَة الصَّفَدِي فِي تَارِيخه توفّي يَوْم الْجُمُعَة فَجْأَة بعد أَن صلى الْجُمُعَة خَامِس عشر صفر من سنة 622 هـ وَحمل إِلَى حلب وذفن بهَا وَكَانَ صَحِيح العقيدة عِنْده علم وأدب يجب الْعلمَاء وَالْعلم وَله فِي الْجِهَاد مَعَ أَبِيه مشَاهد مَعْرُوفَة وآثار جميلَة ووقف أوقافاً جميلَة ولشعراء عصره فِيهِ أمداح طائلة وقصائد هائلة مثل ابْن الساعاتي وَابْن سناء الْملك وَغَيرهمَا فَمن قَول ابْن سناء الْملك فِيهِ من قصيدة من الْخَفِيف
(مَلكٌ إسْمُهُ عَلِيِّ وَلَكِنْ
…
كَبْدُهُ فِي حُرُوبه كَبْدُ عَمْرِو)
(لَيْسَ يَنْفَكُّ بَيْنَ فَتْحٍ وفَتْكٍ
…
حِين يختالُ بَين نصلٍ ونصرِ)
(وَجْههُ البَدْرُ فِي الحُرُوبِ فَلَا تع
…
جَبْ إِذا كَانَ يَوْمُهُ يَوْمَ بدرِ)
وَله من أُخْرَى من الْبَسِيط
(حَسْبِى علىٌّ نَدًى حَسْبِى عَلِىٌّ هُدًى
…
حَسْبِى علىٌّ جدى حَسْبِى عَلِىٌّ عُلَا)
(حَمَدتُّ آخرَ أَيَّامِى بِخِدْمَتِهِ
…
ولَسْتُ أَحْمَدُ مِنْ أَيِامِىَ الْأَوْلَاد)
(ذِكْرِي بِهِ سَارَ حَالِي عِنْدَهُ عَظُمَتْ
…
قَدْرِي بِهِ جَلَّ مِقْدَادِي لَدَيْهِ عَلَا)
ثمَّ قَالَ وَقَالَ كَمَال الدّين بن العديم لم يكن متشيعاً وَإِنَّمَا قَالَ هَذَا الشّعْر مُوَافقَة للْحَال وتقرباً للْإِمَام النَّاصِر العباسي فَإِنَّهُ كَانَ مَنْسُوبا إِلَى التَّشَيُّع قَالَ الصَّفَدِي وَلما تعصب عَلَيْهِ أَخُوهُ الْعَزِيز عُثْمَان الْمَذْكُور وَعَمه الْعَادِل أَبُو بكر قَالَ من الْكَامِل
(ذِي سُنَّةٌ بَيْنَ الأَنَامِ قَدِيمَةٌ
…
أبدَا أَبُو بَكْرٍ يَجُوزُ عَلَى عَلىِ)
وَكتب بِتِلْكَ الْأَرْبَعَة الأبيات إِلَى النَّاصِر العباسي قلت قد ذكرت الْأَرْبَعَة أَبْيَات وَفِي حفظي لَهُ بيتان يذم بهما حَظه وَهُوَ معنى لم أسمعهُ لغيره ووكر لم يأو إِلَيْهِ غير طيره هما من الْكَامِل
(يَا مَنْ يُسَوِّدُ بالخضابِ شُعُورَهُ
…
لعَسَاهُ مِنْ أَهْلِ الشَّبِيبَةِ يُجْعَلُ)
(هَا فَاخْتَضِبْ بِسَوادِ حَظِّي مَرَّةَ
…
ولَكَ الأمانُ بأنَّه لَا يُنْصَلُ)
وَإِنَّمَا ذكرت تَرْجَمَة عَلِي الأَفضَلِ فِي تَرْجَمَة أَخِيه عُثْمَان صَاحب التَّرْجَمَة لجَرَيَان ذكره بأكبريته على إخْوَته بني يُوسُف بن أَيُّوب وَاسْتمرّ عُثْمَان فِي الْملك إِلَى أَن خرج إِلَى الفيوم يتصيد فلاح لَهُ ظَبْي فساق خَلفه فكبا بِهِ الْفرس فَوَقع فَدخل قربوس السرج فِي فُؤَاده فَحمل إِلَى الْقَاهِرَة وَتُوفِّي فِي عشر الْمحرم الْحَرَام سنة خمس أَو سِتّ وَتِسْعين وَخَمْسمِائة وَمُدَّة ملكه خمس سِنِين وَعشرَة أَيَّام