الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(فدتك ملوكُ الأرضِ طراَّ لِأَنَّهَا
…
سراجٌ وأنتَ البدرُ فِي غرَّة الشهرِ)
(تَعاليْتَ عَنْهُم رفْعَة ومطانهً
…
وذاتاً وأوصافاً تجلُّ عَن الحصرِ)
(لَك العزةُ القعساءُ والرتبةُ الَّتِي
…
قواعدهَا تسمو على أبرجِ النسرِ)
(سموتَ علوَّا إِذْ دنوتَ تواضعاً
…
وقمتَ بِحَق الله فِي السِّرّ والجهرِ)
(غَدَتْ بك أرضُ الرومِ تزهو ملاحةً
…
وترفل فِي ثوبِ الجلالةِ والفجرِ)
(إِلَيْك ابْن عُثْمَان الَّذِي سَارَ ذكْرُهُ
…
مسير ضِيَاء الشمَسِ فِي البَرَّ والبَحْرِ)
(يمينكَ تروى عَن يسارٍ ونائلٍ
…
ووجهُكَ يرْوى فِي البشاشة عَن بشرِ)
(وَإِنِّي لصوَّانٌ لدرِّ قلائدي
…
عَن المدحِ إِلَّا فِيك يَا مَالك العصرِ)
(فقابل رعاكَ الله شكري بمثلِهِ
…
فَإنَّك للمعروف من أعظمِ الذخر)
(فَلَا زلتَ محروسَ الجنابِ مؤيداً
…
من الله بالتوفيقِ والعزِّ والنصرِ)
فَأمر للعليف بعد وصولها إِلَيْهِ وفرحه بهَا بِأَلف دِينَار ذَهَبا جَائِزَة ورتب لَهُ فِي دفتر الصر لكل عَام مائَة دِينَار ذَهَبا فَصَارَت بعده لأولاده رَحِمهم الله تَعَالَى وَكَانَ للسُّلْطَان بايزيد أَوْلَاد وَلم يخلع بِالْملكِ إِلَّا لوَلَده سليم خَان ودام سُلْطَانه اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ عَاما إِلَى أَن مَاتَ سنة 918 تِسْعمائَة وَثَمَانِية عشر
(ثمَّ تولى السُّلْطَان سليم ابْن السُّلْطَان با يزِيد)
(كاسر الْعَجم وفاتح بِلَاد الْعَرَب)
وَجلسَ فِي سنة ثَمَان عشرَة وَتِسْعمِائَة وَفِي سنة عشْرين وَتِسْعمِائَة ركب على إِسْمَاعِيل شاه الْعَجم ابْن الشَّيْخ حيدر ابْن الشَّيْخ جُنَيْد ابْن الشَّيْخ إِبْرَاهِيم ابْن سُلْطَان خوجه شيخ عَليّ ابْن الشَّيْخ صدر الدّين مُوسَى ابْن الشَّيْخ صفي الدّين إِسْحَاق الأردبيلي وَإِلَيْهِ ينْسب أَوْلَاده فَيُقَال لَهُم الصفويون وَكَانَ الشَّيْخ صفي الدّين صَاحب زَاوِيَة فِي أردبيل وَله سلسلة فِي الْمَشَايِخ أَخذ عَن الشَّيْخ زاهد الكيلاني وتنتهي بوسائط إِلَى الإِمَام حجَّة الْإِسْلَام أَحْمد الْغَزالِيّ فَرجع بالظفر الْمُبين ثمَّ فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَتِسْعمِائَة ركب على السُّلْطَان الغوري وكسره فِي مرج دابق قرب حلب وأباد ملكه وَقد مرت قصَّته
وَمن وزرائه الأجلة بير باشا وَابْن هرسك أَحْمد وَسنَان باشا وزنبيلي وَغَيرهم مولده فِي أماسية سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَثَمَانمِائَة وَكَانَ عمره جَمِيعه أَرْبعا وَخمسين سنة وَلم تطل سلطنته لِأَنَّهُ كَانَ سفاكاً وَهَذِه عَادَة الله تَعَالَى فِي السلاطين والأمراء إِذا أَكْثرُوا من الْقَتْل وَكَانَ سُلْطَانا قهاراً ملكا جباراً يُغير زيه فِي لِبَاسه ويتجسس فِي اللَّيْل وَالنَّهَار ويطلع على الْأَخْبَار وَله عدَّة مصاحبين يدورون تَحت القلعة وَفِي الْأَسْوَاق والمحافل والجمعيات وَمهما سَمِعُوهُ ذَكرُوهُ لَهُ فَيعْمل بِمُقْتَضى مَا يسمعهُ وَله معرفَة باللسانين الرُّومِي والفارسي وَشعر رائق ونظم فائق وَرَأَيْت لَهُ بَيْتَيْنِ فِي الكوشك الَّذِي بني لَهُ لما فتح مصر وهما بالعربي بِخَطِّهِ قَوْله من الْبَسِيط
(ألمُلْكُ لِلَّهِ مَنْ يَظْفَرْ بِنَيْلِ مُنّى
…
يَتْرُكْهُ قَسْرًا ويَضْمَنْ بَعْدَهُ الدَّرَكَا)
(لَوْ كَانَ لِي أَوْ لِغَيْري قَدْر أُنْمُلَةٍ
…
فَوْقَ التُّرَابِ لَكَانَ الأَمْرُ مُشْتَرَكَا)
وتحتها مَا صورته كتبه سليم بذلك الْحَظ والقلم كَذَا ذكره الْعَلامَة قطب الدّين النَّهر والى عَن نَفسه فَهُوَ فَاعل رَأَيْت وسليم هَذَا هُوَ أول من ملك مصر من آل عُثْمَان سلاطين الزَّمَان أدام الله تَعَالَى دولتهم إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَمد على ملكهم فسطاط الإجلال والكرامة فَإِنَّهُم ظلّ الله تَعَالَى الْمَمْدُود على الأَرْض والقائمون بشعائر الْإِسْلَام من السّنة وَالْفَرْض كَانَ عَظِيم الهيبة سعيد الْحَرَكَة كثير المبرات دَائِم الْأَسْفَار مستيقظاً للأمور الجليلة نظره إِلَى معالي الْأُمُور لَو انتظم فِي سلكه كل لَحْظَة أعظم الْأَمْصَار هُوَ عِنْده فِي غَايَة الاحتقار والاستصغار ويكفيه فتح مصر أم الدُّنْيَا طَابَ ثراه فِي الْجنان الْعليا ولد السُّلْطَان سليم سنة خمس وَسبعين وَثَمَانمِائَة وَتَوَلَّى السلطنة بعد أَبِيه فِي حَيَاته بنزوله لَهُ عَن الْملك لأمر اقْتَضَاهُ الْحَال وَأما سَبَب ركُوبه ومقاتلته لإسماعيل شاه فَإِن إِسْمَاعِيل هَذَا طَغى وبغى وَصَارَ يقتل من ظفر بِهِ قتلا ذريعاً وَلَا يمسك شَيْئا من الخزائن بل يفرقها فِي الْحَال على عساكره إِلَى أَن ملك تبريز وأذربيجان وبغداد وعراق الْعَجم وخراسان وَكَانَ يَدعِي الربوبية وَكَانَ عسكره يَسْجُدُونَ لَهُ وَقتل خلقا لَا يُحصونَ ينيفون
على ألف ألف أَو يزِيدُونَ بِحَيْثُ لَا يعْهَد فِي الْإِسْلَام وَلَا فِي الْجَاهِلِيَّة مِقْدَار مَا قَتله شاه إِسْمَاعِيل هَذَا وَهُوَ من مُلُوك الْعَجم الموسومين بقزل باش وَكَانَ ركُوبه عَلَيْهِ سنة عشْرين وَتِسْعمِائَة فحاربهم الْحَرْب الشَّديد وانتصر عَلَيْهِم وَملك غَالب بِلَادهمْ مَعَ مزِيد قوتهم وعزتهم وَكَانَ قبل الْحَرْب كتب إِلَيْهِم كتابا فَلم يعبئوا بِهِ ثمَّ كتب إِلَيْهِم كتابا آخر أغْلظ عَلَيْهِم فِيهِ ووسمهم بالخوف والجبن عَن اللِّقَاء فاستهضهم بِهِ ليقضي الله أمرا كَانَ مَفْعُولا وَصُورَة الْكتاب الأول ليعلم إِسْمَاعِيل بهادر أصلح الله أحوالة أَن جَمِيع أهل الشَّرَائِع وَالْأَحْكَام وعلماء الدّين وَالْإِسْلَام المحبين لشريعة سيد الْأَنَام قد أفتوا بكفرك وفسادك وضلالك وعنادك لارتكابك العقائد الْفَاسِدَة والضلالات الكاسدة وَالْأَحْوَال الفظيعة والأقوال القبيحة الشنيعة وَمن اسْتحلَّ مَا حرم الله فَلَا شكّ فِي كفره فَلذَلِك نشرت الْأَعْلَام الإسلامية والرايات الدِّينِيَّة وسرتُ إِلَى بلادك لإمحاء رسمك ووجودك واضمحلال اسْمك وجنودك لَكِن لما كَانَ من سنة الدّين وَطَرِيق الْحق الْمُبين الْإِخْبَار والإعلام بالدعوة إِلَى اتِّبَاع شَرِيعَة الْإِسْلَام قبل الإلجاء بِالسَّيْفِ حِين لَا يُفِيد أَيْن وَلَا كَيفَ أرْسلت إِلَيْك مخبرا بأنك إِن أخلصت التَّوْبَة وصدقت فِي الأوبة وَرجعت عَن تِلْكَ العقائد القبيحة الفظيعة فقد فزت بالمقصد الْأَسْنَى وَلَك الْأمان مَعَ الزِّيَادَة فِي الْحسنى وَإِن لم ترجع فلتعلم أَنِّي قد سرت إِلَيْك بآيَات النَّصْر والتمكين ورايات الظفر الْمُبين عملا بقوله تَعَالَى {قتلوا الَذِين يُلونَكُم من الكفارِ} التَّوْبَة 123 لترمى بِالْعَذَابِ مجاهرة والنكال مباهرة وَالسَّلَام على من اتبع الْهدى فَلم يرتدع لذَلِك فَأرْسل إِلَيْهِ بِكِتَاب ثانٍ بديع اللَّفْظ والمعاني فَلم يرتدع لفرط العتو والطغيان فَسَار إِلَيْهِ السُّلْطَان سليم فتلاقيا فِي شالدران بِقرب تبريز وَأَرَادَ أَن يُقيم بتبريز لأخذ إقليم الْعَجم جَمِيعه فَمَا أمكنه ذَلِك لِكَثْرَة الغلاء والقحط وَسبب ذَلِك أَن القوافل الَّتِي كَانَ أعدهَا السُّلْطَان سليم لِأَن تتبعه بالميرة والعليق تخلفت عَنهُ فِي مَحل الِاحْتِيَاج إِلَيْهَا وَمَا وُجد فِي تبريز شَيْء من المأكولات والحبوب لِأَن إِسْمَاعِيل شاه حرقها عِنْد انكساره فَاشْتَدَّ الغلاء بِحَيْثُ بِيعَتْ العليقة بِنَحْوِ مِائَتي دِرْهَم والرغيف الْخبز بِمِائَة دِرْهَم فاضطر السُّلْطَان سليم إِلَى الْعود