المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب) - سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي - جـ ٤

[العصامي]

فهرس الكتاب

- ‌(بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم)

- ‌(الْبَاب الرَّابِع)

- ‌(فِي الدولة الأيوبية السُّنِّيّةِ السَّنيّة)

- ‌(السَّبَب فِي توردهم الديار المصرية)

- ‌(السُّلْطَان صَلَاح الدّين يُوسُف بن أَيُّوب)

- ‌(ثمَّ تولى ابْنه الْملك الْعَزِيز عُثْمَان)

- ‌(ثمَّ تولى ابْنه الْملك الْمَنْصُور مُحَمَّد)

- ‌(ثمَّ تولى الْملك الْعَادِل)

- ‌(ثمَّ تولى الْملك الْكَامِل مُحَمَّد)

- ‌(ثمَّ تولى ابْنه أَبُو بكر الْعَادِل)

- ‌(ثمَّ تولى الْملك الصَّالح نجم الدّين أَيُّوب ابْن الْملك الْكَامِل)

- ‌(ثمَّ تولى تورنشاه)

- ‌(ثمَّ تولت شَجَرَة الدّرّ)

- ‌(ثمَّ تولى الْملك عز الدّين أيبك التركماني)

- ‌(فَتَوَلّى الْملك الْأَشْرَف مُوسَى مظفر الدّين)

- ‌(الْبَاب الْخَامِس)

- ‌(فِي ذكر الدولة التركمانية)

- ‌(ثمَّ تولى ابْنه الْملك الْمَنْصُور نور الدّين عَليّ)

- ‌(ثمَّ تولى الْملك المظفر سيف الدّين قطز)

- ‌(ثمَّ تولى الْملك الظَّاهِر بيبرس)

- ‌(ثمَّ تولى ابْنه الْملك السعيد نَاصِر الدّين)

- ‌(ثمَّ تولى الْملك سلامش بن بيبرس)

- ‌(ثمَّ تولى الْملك المصنور قلاوون الألفي)

- ‌(ثمَّ تولى الْأَشْرَف صَلَاح الدّين خَلِيل بن قلاوون)

- ‌(ثمَّ تولى الْملك النَّاصِر مُحَمَّد)

- ‌ كتبغا

- ‌(ثمَّ تولى الْملك الْمَنْصُور حسام الدّين لاجين)

- ‌(ثمَّ عَاد الْملك النَّاصِر مُحَمَّد بن قلاوون)

- ‌ بيبرس الجاشنكير

- ‌(تمّ تولى الْأَشْرَف عَليّ كجك بن مُحَمَّد النَّاصِر بن قالوون)

- ‌(ثمَّ تولى الْملك النَّاصِر أَحْمد بن قلاوون)

- ‌(ثمَّ تولى الْملك الصَّالح إِسْمَاعِيل الْمَذْكُور ابْن مُحَمَّد قلاوون)

- ‌(ثمَّ تولى الْملك الْكَامِل شعْبَان بن مُحَمَّد بن قلاوون)

- ‌(ثمَّ تولى حاجي)

- ‌(تمّ تولى السُّلْطَان حسن بن مُحَمَّد بن قلاوون)

- ‌(من أَوْلَاد النَّاصِر مُحَمَّد بن قلاوون)

- ‌(ثمَّ تولى الْملك الصَّالح صَالح بن مُحَمَّد بن قلاوون)

- ‌(ثمَّ تولى مُحَمَّد ابْن الْملك المظفر حاجي)

- ‌(ثمَّ تولى الْملك شعْبَان بن حسن بن مُحَمَّد بن قلاوون)

- ‌(ثمَّ تولى بعده وَلَده عَليّ بن الْأَشْرَف شعْبَان)

- ‌(وتلقب بِالْملكِ الْمَنْصُور فِي عَام السَّبع وَالسبْعين والسبعمائة الْمَذْكُور)

- ‌(ثمَّ تولى أَخُوهُ حاجي بن شعْبَان الْأَشْرَف)

- ‌(الْبَاب السَّادِس)

- ‌(فِي ذكر الدولة الشركسية بِمصْر وَالشَّام وأعمالهما)

- ‌(السُّلْطَان الْملك الظَّاهِر سيف الدّين)

- ‌(أَبُو سعيد برقوق بن آنص العثماني كَذَا ذكره المقريزي فِي خططه

- ‌(ثمَّ تولى ابْنه الْملك النَّاصِر)

- ‌(ثمَّ ولي الْخَلِيفَة العباسي)

- ‌(ثمَّ تولى الْأَمِير شيخ المحمودي)

- ‌(ثمَّ تولى بعده وَلَده الْملك المظفر)

- ‌(ثمَّ تولى ططر)

- ‌(ثمَّ تولى بعده ابْنه الْملك مُحَمَّد بن الظَّاهِر ططر)

- ‌(ثمَّ تولى الْملك الْأَشْرَف برسباي الدقماقي)

- ‌(ثمَّ تولى بعده وَلَده يَوْم مَوته)

- ‌(الْملك الْعَزِيز يُوسُف بن برسباي وعمره أَرْبَعَة عشر عَاما)

- ‌(ثمَّ تولى بعده أَبُو السعادات فَخر الدّين عُثْمَان بن حقمق)

- ‌(ثمَّ تولى الْملك الْأَشْرَف سيف الدّين أَبُو النَّصْر أينال العلائي)

- ‌(ثمَّ تولى ابْنه أَحْمد الْمَذْكُور ابْن أينال ولقب بِالْملكِ الْمُؤَيد)

- ‌(ثمَّ تولى أتابكه الْملك الْعَادِل سيف الدّين خشقدم الناصري)

- ‌(ثمَّ تولى بعده فِي ذَلِك الْيَوْم أتابكه بلباي الْمُؤَيد)

- ‌(ثمَّ تولى مَكَانَهُ الْملك الظَّاهِر أَبُو سعيد تمريغا الظَّاهِرِيّ)

- ‌(ثمَّ تولى السلطنة أتابك العساكر يَوْمئِذٍ السُّلْطَان الْأَشْرَف قايبتاي)

- ‌(المحمودي الظَّاهِرِيّ الشركسي)

- ‌(ثمَّ تولى الْملك النَّاصِر أَبُو السعادات مُحَمَّد بن السُّلْطَان قايتباي)

- ‌(ثمَّ تولى بعده خَاله الْملك الظَّاهِر قانصوه)

- ‌(ثمَّ تولى بعده السلطنة أَمِير كَبِير جانبُلاط)

- ‌(ثمَّ تولى مَكَانَهُ الْملك الْعَادِل طومان باي)

- ‌(ثمَّ تولى قانصوه الغوري السلطنة)

- ‌(الْبَاب السَّابِع)

- ‌(فِي ذكر مُلُوك آل عُثْمَان)

- ‌(ثمَّ تولى السُّلْطَان أورخان الْغَازِي ابْن السُّلْطَان عُثْمَان خَان)

- ‌(ثمَّ تولى السُّلْطَان مُرَاد خَان الْغَازِي خدا وندكار)

- ‌(ابْن السُّلْطَان أورخان)

- ‌(ثمَّ تولى السُّلْطَان يلدرم با يزِيد ابْن السُّلْطَان مُرَاد الْغَازِي)

- ‌(ثمَّ تولى السُّلْطَان مُحَمَّد ابْن السُّلْطَان يلدرم)

- ‌(ثمَّ تولى السُّلْطَان مُرَاد الثَّانِي ابْن السُّلْطَان مُحَمَّد بن يلدرم)

- ‌(ثمَّ تولى السُّلْطَان مُحَمَّد خَان فاتح الْقُسْطَنْطِينِيَّة ابْن مُرَاد)

- ‌(ثمَّ تولى السُّلْطَان بايزيد ابْن السُّلْطَان مُحَمَّد)

- ‌(وَجلسَ فِي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة وافتتح الفتوحات)

- ‌(ثمَّ تولى السُّلْطَان سليم ابْن السُّلْطَان با يزِيد)

- ‌(كاسر الْعَجم وفاتح بِلَاد الْعَرَب)

- ‌ سنة سِتّ وَعشْرين وَتِسْعمِائَة

- ‌(ثمَّ تولى السُّلْطَان سُلَيْمَان بن سليم خَان)

- ‌(ثمَّ تولى السُّلْطَان سليم الثَّانِي ابْن سُلَيْمَان خَان)

- ‌(وَجلسَ على سَرِير السلطنة فِي سنة أَربع وَسبعين وَتِسْعمِائَة)

- ‌(ثمَّ تولى السُّلْطَان مُرَاد الثَّالِث ابْن السُّلْطَان سليم)

- ‌(ابْن السُّلْطَان سُلَيْمَان خَان)

- ‌(ثمَّ تولى السُّلْطَان مُحَمَّد ابْن السُّلْطَان مُرَاد)

- ‌(ابْن السُّلْطَان سُلَيْمَان ابْن السُّلْطَان خَان)

- ‌(ثمَّ تولى السُّلْطَان أَحْمد ابْن السُّلْطَان مُحَمَّد ابْن السُّلْطَان مُرَاد)

- ‌(ابْن سليم بن سُلَيْمَان بن سليم خَان)

- ‌(ثمَّ تولى السُّلْطَان مصطفى بن مُحَمَّد أَخُوهُ)

- ‌(ثمَّ تولى السُّلْطَان عُثْمَان بن أَحْمد خَان بن مُحَمَّد خَان)

- ‌(ثمَّ تولى السُّلْطَان مصطفى بن مُحَمَّد خَان)

- ‌(وَهَذِه هِيَ التَوْليَةُ الثَّانِيَة)

- ‌(ثمَّ تولى السُّلْطَان مُرَاد الْغَازِي ابْن أَحْمد)

- ‌(ابْن مُحَمَّد بن مُرَاد بن سليم بن سُلَيْمَان بن سليم خَان)

- ‌(ثمَّ تولى السُّلْطَان إِبْرَاهِيم بن السُّلْطَان أَحْمد)

- ‌(أَخُو السُّلْطَان مُرَاد الْمَذْكُور قبله)

- ‌(ثمَّ تولى السُّلْطَان مُحَمَّد خَان الْغَازِي الْمُجَاهِد)

- ‌(فِي ذكر نسب الطالبيين وَذكر الْمَشَاهِير من أَعْقَابهم)

- ‌(فِي ذكر من دَعَا مِنْهُم إِلَى الْمُبَايعَة وَذكر مَكَان دُعَائِهِ إِلَيْهَا وزمانه وَمَا جرى على كل قَائِم مِنْهُم من خَليفَة زَمَانه وتعدادهم من عَليّ بن أبي طَالب إِلَى يَوْمنَا هَذَا حَتَّى لَا تَخْلُو الأَرْض من قَائِم من آل مُحَمَّد يَدْعُو إِلَى الْحق وَإِلَى طَرِيق مُسْتَقِيم إِلَى أَن يظْهر مهديها المنتظر وَهَذَا على

- ‌(فِي ذكر من ولي مَكَّة المشرفة من آل أبي طَالب إِلَى يَوْمنَا هَذَا فَنَقُول وَبِاللَّهِ العون)

- ‌(الْبَاب الأول)

- ‌(فِي ذكر نسب الطالبيين وَذكر الْمَشَاهِير من أَعْقَابهم)

- ‌(الْبَاب الثَّانِي)

- ‌(فِي ذكر من دَعَا مِنْهُم إِلَى الْمُبَايعَة)

- ‌(الْبَاب الثَّالِث)

- ‌(من خَاتِمَة الْخَيْر)

- ‌(فِي ذكر من ولي مَكَّة المشرفة من آل أبي طَالب إِلَى يَوْم تَارِيخه)

- ‌(ولمع من أخبارهم ونوادر حوادث أيامهم)

- ‌(ذكر دولة السليمانيين)

- ‌(وَمِنْهُم آل أبي الطّيب)

- ‌(ذكر دولة الهواشم)

- ‌(ذكر بني قَتَادَة أُمَرَاء مَكَّة بعد الهواشم إِلَى وقتنا هَذَا)

- ‌(ثمَّ وَليهَا مَوْلَانَا الشريف أَبُو نمي)

الفصل: ‌(السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب)

إِلَى هَذَا الأوان وَهُوَ سنة سبع وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة وَذَلِكَ مِائَتَا سنة وثماني سِنِين كَمَا تقدم ذكر ذَلِك قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ وَقد ألفت فِي ذَلِك كتابا سميته النَّصْر على مصر فَهَذَا هُوَ سَبَب اسْتِيلَاء الدولة الأيوبية على مصر وَالشَّام وأعمالهما وَكَانَت وَفَاة نور الدّين الشَّهِيد فِي شَوَّال سنة تسع وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة فأولهم الْملك النَّاصِر

(السُّلْطَان صَلَاح الدّين يُوسُف بن أَيُّوب)

ابْن شاذي الْكرْدِي الروادي وهم خِيَار الأكراد الدويني وَمِنْهُم من يَقُول أَيُّوب بن شاذي بن مَرْوَان وَزَاد بَعضهم بعد مَرْوَان ابْن يَعْقُوب وَالَّذِي عَلَيْهِ جمهورهم أَنه لَا يعرف بعد شاذي أحد من نسبهم وَأغْرب بَعضهم فَزعم أَنهم من سلالة مَرْوَان بن مُحَمَّد الْجَعْدِي آخر خلفاء بني أُميَّة وَهَذَا لَيْسَ بِصَحِيح كَذَا قَالَه ابْن السُّبْكِيّ قلت وَالَّذِي انتسب هَذِه النِّسْبَة ادِّعَاء هُوَ الْملك أَبُو الْفِدَاء إِسْمَاعِيل بن طغتكين ابْن أَيُّوب بن شاذي وَيعرف بِابْن سيف الْإِسْلَام لِأَن سيف الْإِسْلَام لقب

ص: 8

ل طغتكين بن أَيُّوب أخي صَلَاح الدّين وَقد ملك إِسْمَاعِيل هَذَا بعد أَبِيه فتعاظم فِي نَفسه وادعي الْخلَافَة وتلقب بِالْإِمَامِ الْهَادِي بِنور الله الْمعز لدين الله أَمِير الْمُؤمنِينَ وَزعم أَنه أموي ومدحه الشُّعَرَاء وأطروه ولهجوا بذلك وَقَالَ هُوَ فِي نَفسه من الطَّوِيل

(وَإنِّي أَنَا الهَادِي الْخَلِيفَةُ والذِي

أَدُوسُ رِقَابَ الغلبِ بالضُّمَّرِ الجُرْدِ)

(وَلَا بُدَّ مِنْ بَغْدَادَ أَطْوِي رُبُوعَهَا

وأَنْشُرُهَا نَشر السِّمَاسِرِ للبردِ)

(وأَنْصِبُ أَعْلَامِي عَلَى شُرُفَاتِهَا

وأُحْيِي بِهَا مَا كَانَ أَسَّسَهُ جَدِّي)

(ويخطبُ لي فِيهَا على كلِّ منبرٍ

وأظِهْرُ دِينَ اللَّهِ فِي الغَورِ والنَّجْدِ)

وَهَذَا الادعاء لَيْسَ بِصَحِيح وَلَا أصل لَهُ فيعتمد عَلَيْهِ وَلَا مُسْتَند يسْتَند إِلَيْهِ وَكَانَ السُّلْطَان صَلَاح الدّين رحمه الله متقشفاً فِي ملبسه ومأكله وملبسه لَا يلبس إِلَّا الْكَتَّان والقطن وَالصُّوف وَلَا يعرف أَنه تخطى مَكْرُوها بعد أَن أنعم الله عَلَيْهِ بِالْملكِ بل كَانَ همه الْأَكْبَر ومقصوده الْأَعْظَم نصْرَة الْإِسْلَام وَكسر الْأَعْدَاء اللئام وَيعْمل فكره فِي ذَلِك ورأيه وَحده وَمَعَ من يَثِق بِرَأْيهِ لَيْلًا وَنَهَارًا هَذَا مَعَ مَا لَدَيْهِ من الْفَضَائِل والفواضل والفوائد والفرائد فِي اللُّغَة وَالْأَدب وَأَيَّام النَّاس حَتَّى قيل إِنَّه كَانَ يحفظ الحماسة بِتَمَامِهَا وَكَانَ مواظباً على الصَّلَوَات فِي أَوْقَاتهَا فِي جمَاعَة يُقَال لم تفته الْجَمَاعَة فِي صَلَاة قبل مماته بدهر طَوِيل حَتَّى فِي مرض مَوته وَكَانَ يتجشم الْقيام مَعَ ضعفه وَكَانَ يفهم مَا يُقَال بَين يَدَيْهِ من الْبَحْث والمناظرة ويشارك فِي ذَلِك مُشَاركَة حَسَنَة وَإِن لم يكن بالعبارة المصطلح عَلَيْهَا وَكَانَ يحفظ ويحفظ أَوْلَاده عقيدة جمعهَا لَهُ القطب النَّيْسَابُورِي وَكَانَ يحب سَماع الْقُرْآن الْعَظِيم ويواظب على سَماع الحَدِيث حَتَّى إِنَّه سمع فِي بعض المصافات جُزءاً وَهُوَ بَين الصفين وتبجح بذلك وَقَالَ هَذَا موقف لم يسمع فِيهِ أحد حَدِيثا وَكَانَ رَقِيق الْقلب سريع الدمعة عِنْد سَماع الْقُرْآن والْحَدِيث كثير التَّعْظِيم لشعائر الدّين وَكَانَ من خِيَار الْمُلُوك وأشجعهم وَأكْرمهمْ وَأَحْسَنهمْ فتح الفتوحات الَّتِي لَا تحصى

ص: 9

من ممالك الْكفْر وَدَمرَ دِيَارهمْ واستلب أعمارهم وسبى نِسَاءَهُمْ وصغارهم وَكَانَ شَيخا كَرِيمًا حَلِيمًا ضحوك الْوَجْه كثير البِشر أحسن الْمُلُوك سيرة وأطهرهم سريرة يشبه بِالْملكِ الْعَادِل نور الدّين الشَّهِيد وَلم يتْرك فِي خزائنه سوى سِتَّة وَثَلَاثِينَ درهما وَقَالَ غير ابْن السُّبْكِيّ سَبْعَة وَأَرْبَعين درهما وَلم يتْرك عقارا وَلَا مزرعة وَلَا شَيْئا من أَنْوَاع الْأَمْلَاك لِكَثْرَة عطاياه وهباته وصدقاته وخيراته إِلَى أمرائه وفقرائه حَتَّى إِلَى أعدائه وَخلف من الْأَوْلَاد سَبْعَة عشر ذكرا وَابْنَة وَاحِدَة أكبرهم الْملك الْأَفْضَل نور الدّين عَليّ وَكَانَ قد قسم الْبِلَاد فِي حَيَاته بَين أَوْلَاده فالديار المصرية لوَلَده الْعَزِيز عُثْمَان وبلاد دمشق وَمَا حولهَا لوَلَده الْأَفْضَل الْمَذْكُور والديار الحلبية لوَلَده الظَّاهِر غَازِي والكرك والشوبك لِأَخِيهِ الْعَادِل أبي بكر ثمَّ شرعت الْأُمُور تضطرب وتختلف حَتَّى آل الْأَمر واستقرت الممالك وَاجْتمعت المحافل على أخي السُّلْطَان الْملك الْعَادِل وَصَارَت المملكة فِي أَوْلَاده الأماجد الأفاضل كَمَا ستراهم حِين تعدادهم وَاحِدًا بعد وَاحِد وَكَانَ سَبَب وَفَاته أَن اعترته حمى صفراوية لَيْلَة السبت سادس عشر صفر وتفاقم بِهِ الْحَال لَيْلَة الْأَرْبَعَاء السَّابِع وَالْعِشْرين من صفر سنة تسع وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة فَدخل عَلَيْهِ القَاضِي الْفَاضِل فِي الصُّبْح وَهُوَ باَخر رَمق فَلَمَّا قَرَأَ الْقَارئ قَوْله تَعَالَى {لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ توكلت} التَّوْبَة: 129 تَبَسم وتهلل وَجهه وَسلمهَا إِلَى ربه عز وجل وَله من الْعُمر سبع وَخَمْسُونَ سنة وَدفن بتربته عِنْد مدرسة أَنْشَأَهَا ب الْموصل وألحده وَلَده نور الدّين عَلِي الْأَفْضَل وَدفن مَعَه سَيْفه الَّذِي كَانَ يحضر بِهِ الْجِهَاد والجلاد وَذَلِكَ بِإِشَارَة القَاضِي الْفَاضِل وَقد عمل فِيهِ الشُّعَرَاء المراثي الْكَثِيرَة فَمن أحْسنهَا قصيدة الْعِمَاد الْكَاتِب وَهِي

ص: 10