المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(في ذكر من دعا منهم إلى المبايعة) - سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي - جـ ٤

[العصامي]

فهرس الكتاب

- ‌(بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم)

- ‌(الْبَاب الرَّابِع)

- ‌(فِي الدولة الأيوبية السُّنِّيّةِ السَّنيّة)

- ‌(السَّبَب فِي توردهم الديار المصرية)

- ‌(السُّلْطَان صَلَاح الدّين يُوسُف بن أَيُّوب)

- ‌(ثمَّ تولى ابْنه الْملك الْعَزِيز عُثْمَان)

- ‌(ثمَّ تولى ابْنه الْملك الْمَنْصُور مُحَمَّد)

- ‌(ثمَّ تولى الْملك الْعَادِل)

- ‌(ثمَّ تولى الْملك الْكَامِل مُحَمَّد)

- ‌(ثمَّ تولى ابْنه أَبُو بكر الْعَادِل)

- ‌(ثمَّ تولى الْملك الصَّالح نجم الدّين أَيُّوب ابْن الْملك الْكَامِل)

- ‌(ثمَّ تولى تورنشاه)

- ‌(ثمَّ تولت شَجَرَة الدّرّ)

- ‌(ثمَّ تولى الْملك عز الدّين أيبك التركماني)

- ‌(فَتَوَلّى الْملك الْأَشْرَف مُوسَى مظفر الدّين)

- ‌(الْبَاب الْخَامِس)

- ‌(فِي ذكر الدولة التركمانية)

- ‌(ثمَّ تولى ابْنه الْملك الْمَنْصُور نور الدّين عَليّ)

- ‌(ثمَّ تولى الْملك المظفر سيف الدّين قطز)

- ‌(ثمَّ تولى الْملك الظَّاهِر بيبرس)

- ‌(ثمَّ تولى ابْنه الْملك السعيد نَاصِر الدّين)

- ‌(ثمَّ تولى الْملك سلامش بن بيبرس)

- ‌(ثمَّ تولى الْملك المصنور قلاوون الألفي)

- ‌(ثمَّ تولى الْأَشْرَف صَلَاح الدّين خَلِيل بن قلاوون)

- ‌(ثمَّ تولى الْملك النَّاصِر مُحَمَّد)

- ‌ كتبغا

- ‌(ثمَّ تولى الْملك الْمَنْصُور حسام الدّين لاجين)

- ‌(ثمَّ عَاد الْملك النَّاصِر مُحَمَّد بن قلاوون)

- ‌ بيبرس الجاشنكير

- ‌(تمّ تولى الْأَشْرَف عَليّ كجك بن مُحَمَّد النَّاصِر بن قالوون)

- ‌(ثمَّ تولى الْملك النَّاصِر أَحْمد بن قلاوون)

- ‌(ثمَّ تولى الْملك الصَّالح إِسْمَاعِيل الْمَذْكُور ابْن مُحَمَّد قلاوون)

- ‌(ثمَّ تولى الْملك الْكَامِل شعْبَان بن مُحَمَّد بن قلاوون)

- ‌(ثمَّ تولى حاجي)

- ‌(تمّ تولى السُّلْطَان حسن بن مُحَمَّد بن قلاوون)

- ‌(من أَوْلَاد النَّاصِر مُحَمَّد بن قلاوون)

- ‌(ثمَّ تولى الْملك الصَّالح صَالح بن مُحَمَّد بن قلاوون)

- ‌(ثمَّ تولى مُحَمَّد ابْن الْملك المظفر حاجي)

- ‌(ثمَّ تولى الْملك شعْبَان بن حسن بن مُحَمَّد بن قلاوون)

- ‌(ثمَّ تولى بعده وَلَده عَليّ بن الْأَشْرَف شعْبَان)

- ‌(وتلقب بِالْملكِ الْمَنْصُور فِي عَام السَّبع وَالسبْعين والسبعمائة الْمَذْكُور)

- ‌(ثمَّ تولى أَخُوهُ حاجي بن شعْبَان الْأَشْرَف)

- ‌(الْبَاب السَّادِس)

- ‌(فِي ذكر الدولة الشركسية بِمصْر وَالشَّام وأعمالهما)

- ‌(السُّلْطَان الْملك الظَّاهِر سيف الدّين)

- ‌(أَبُو سعيد برقوق بن آنص العثماني كَذَا ذكره المقريزي فِي خططه

- ‌(ثمَّ تولى ابْنه الْملك النَّاصِر)

- ‌(ثمَّ ولي الْخَلِيفَة العباسي)

- ‌(ثمَّ تولى الْأَمِير شيخ المحمودي)

- ‌(ثمَّ تولى بعده وَلَده الْملك المظفر)

- ‌(ثمَّ تولى ططر)

- ‌(ثمَّ تولى بعده ابْنه الْملك مُحَمَّد بن الظَّاهِر ططر)

- ‌(ثمَّ تولى الْملك الْأَشْرَف برسباي الدقماقي)

- ‌(ثمَّ تولى بعده وَلَده يَوْم مَوته)

- ‌(الْملك الْعَزِيز يُوسُف بن برسباي وعمره أَرْبَعَة عشر عَاما)

- ‌(ثمَّ تولى بعده أَبُو السعادات فَخر الدّين عُثْمَان بن حقمق)

- ‌(ثمَّ تولى الْملك الْأَشْرَف سيف الدّين أَبُو النَّصْر أينال العلائي)

- ‌(ثمَّ تولى ابْنه أَحْمد الْمَذْكُور ابْن أينال ولقب بِالْملكِ الْمُؤَيد)

- ‌(ثمَّ تولى أتابكه الْملك الْعَادِل سيف الدّين خشقدم الناصري)

- ‌(ثمَّ تولى بعده فِي ذَلِك الْيَوْم أتابكه بلباي الْمُؤَيد)

- ‌(ثمَّ تولى مَكَانَهُ الْملك الظَّاهِر أَبُو سعيد تمريغا الظَّاهِرِيّ)

- ‌(ثمَّ تولى السلطنة أتابك العساكر يَوْمئِذٍ السُّلْطَان الْأَشْرَف قايبتاي)

- ‌(المحمودي الظَّاهِرِيّ الشركسي)

- ‌(ثمَّ تولى الْملك النَّاصِر أَبُو السعادات مُحَمَّد بن السُّلْطَان قايتباي)

- ‌(ثمَّ تولى بعده خَاله الْملك الظَّاهِر قانصوه)

- ‌(ثمَّ تولى بعده السلطنة أَمِير كَبِير جانبُلاط)

- ‌(ثمَّ تولى مَكَانَهُ الْملك الْعَادِل طومان باي)

- ‌(ثمَّ تولى قانصوه الغوري السلطنة)

- ‌(الْبَاب السَّابِع)

- ‌(فِي ذكر مُلُوك آل عُثْمَان)

- ‌(ثمَّ تولى السُّلْطَان أورخان الْغَازِي ابْن السُّلْطَان عُثْمَان خَان)

- ‌(ثمَّ تولى السُّلْطَان مُرَاد خَان الْغَازِي خدا وندكار)

- ‌(ابْن السُّلْطَان أورخان)

- ‌(ثمَّ تولى السُّلْطَان يلدرم با يزِيد ابْن السُّلْطَان مُرَاد الْغَازِي)

- ‌(ثمَّ تولى السُّلْطَان مُحَمَّد ابْن السُّلْطَان يلدرم)

- ‌(ثمَّ تولى السُّلْطَان مُرَاد الثَّانِي ابْن السُّلْطَان مُحَمَّد بن يلدرم)

- ‌(ثمَّ تولى السُّلْطَان مُحَمَّد خَان فاتح الْقُسْطَنْطِينِيَّة ابْن مُرَاد)

- ‌(ثمَّ تولى السُّلْطَان بايزيد ابْن السُّلْطَان مُحَمَّد)

- ‌(وَجلسَ فِي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة وافتتح الفتوحات)

- ‌(ثمَّ تولى السُّلْطَان سليم ابْن السُّلْطَان با يزِيد)

- ‌(كاسر الْعَجم وفاتح بِلَاد الْعَرَب)

- ‌ سنة سِتّ وَعشْرين وَتِسْعمِائَة

- ‌(ثمَّ تولى السُّلْطَان سُلَيْمَان بن سليم خَان)

- ‌(ثمَّ تولى السُّلْطَان سليم الثَّانِي ابْن سُلَيْمَان خَان)

- ‌(وَجلسَ على سَرِير السلطنة فِي سنة أَربع وَسبعين وَتِسْعمِائَة)

- ‌(ثمَّ تولى السُّلْطَان مُرَاد الثَّالِث ابْن السُّلْطَان سليم)

- ‌(ابْن السُّلْطَان سُلَيْمَان خَان)

- ‌(ثمَّ تولى السُّلْطَان مُحَمَّد ابْن السُّلْطَان مُرَاد)

- ‌(ابْن السُّلْطَان سُلَيْمَان ابْن السُّلْطَان خَان)

- ‌(ثمَّ تولى السُّلْطَان أَحْمد ابْن السُّلْطَان مُحَمَّد ابْن السُّلْطَان مُرَاد)

- ‌(ابْن سليم بن سُلَيْمَان بن سليم خَان)

- ‌(ثمَّ تولى السُّلْطَان مصطفى بن مُحَمَّد أَخُوهُ)

- ‌(ثمَّ تولى السُّلْطَان عُثْمَان بن أَحْمد خَان بن مُحَمَّد خَان)

- ‌(ثمَّ تولى السُّلْطَان مصطفى بن مُحَمَّد خَان)

- ‌(وَهَذِه هِيَ التَوْليَةُ الثَّانِيَة)

- ‌(ثمَّ تولى السُّلْطَان مُرَاد الْغَازِي ابْن أَحْمد)

- ‌(ابْن مُحَمَّد بن مُرَاد بن سليم بن سُلَيْمَان بن سليم خَان)

- ‌(ثمَّ تولى السُّلْطَان إِبْرَاهِيم بن السُّلْطَان أَحْمد)

- ‌(أَخُو السُّلْطَان مُرَاد الْمَذْكُور قبله)

- ‌(ثمَّ تولى السُّلْطَان مُحَمَّد خَان الْغَازِي الْمُجَاهِد)

- ‌(فِي ذكر نسب الطالبيين وَذكر الْمَشَاهِير من أَعْقَابهم)

- ‌(فِي ذكر من دَعَا مِنْهُم إِلَى الْمُبَايعَة وَذكر مَكَان دُعَائِهِ إِلَيْهَا وزمانه وَمَا جرى على كل قَائِم مِنْهُم من خَليفَة زَمَانه وتعدادهم من عَليّ بن أبي طَالب إِلَى يَوْمنَا هَذَا حَتَّى لَا تَخْلُو الأَرْض من قَائِم من آل مُحَمَّد يَدْعُو إِلَى الْحق وَإِلَى طَرِيق مُسْتَقِيم إِلَى أَن يظْهر مهديها المنتظر وَهَذَا على

- ‌(فِي ذكر من ولي مَكَّة المشرفة من آل أبي طَالب إِلَى يَوْمنَا هَذَا فَنَقُول وَبِاللَّهِ العون)

- ‌(الْبَاب الأول)

- ‌(فِي ذكر نسب الطالبيين وَذكر الْمَشَاهِير من أَعْقَابهم)

- ‌(الْبَاب الثَّانِي)

- ‌(فِي ذكر من دَعَا مِنْهُم إِلَى الْمُبَايعَة)

- ‌(الْبَاب الثَّالِث)

- ‌(من خَاتِمَة الْخَيْر)

- ‌(فِي ذكر من ولي مَكَّة المشرفة من آل أبي طَالب إِلَى يَوْم تَارِيخه)

- ‌(ولمع من أخبارهم ونوادر حوادث أيامهم)

- ‌(ذكر دولة السليمانيين)

- ‌(وَمِنْهُم آل أبي الطّيب)

- ‌(ذكر دولة الهواشم)

- ‌(ذكر بني قَتَادَة أُمَرَاء مَكَّة بعد الهواشم إِلَى وقتنا هَذَا)

- ‌(ثمَّ وَليهَا مَوْلَانَا الشريف أَبُو نمي)

الفصل: ‌(في ذكر من دعا منهم إلى المبايعة)

(الْبَاب الثَّانِي)

(فِي ذكر من دَعَا مِنْهُم إِلَى الْمُبَايعَة)

وَذكر مَكَان دُعَائِهِ وزمانه وَمَا جرى على كل قَائِم من خَليفَة زَمَانه وتعدادهم من لدن عَليّ بن أبي طَالب إِلَى يَوْمنَا هَذَا وَهَذَا على رَأْي غير الإمامية من الشيعهَ وهم الزيدية أما على رأى الإمامية فَلَا يجوزون الْإِمَامَة لغير الاثْنَي عشر الإِمَام الَّذين أَوَّلهمْ عَليّ بن أبي طَالب وَآخرهمْ الإِمَام مُحَمَّد الْمهْدي المنتظر وَسَيَأْتِي الدَّلِيل على تَصْحِيح جَوَازهَا لغير الاثْنَي عشر الإِمَام بل تعينه بِحَيْثُ لَا تَخْلُو الأَرْض من قَائِم من آل بَيت مُحَمَّد يهدي إِلَى الْحق وَإِلَى طَرِيق مُسْتَقِيم قد تقدم ذكر شيعَة أهل الْبَيْت لعَلي بن أبي طَالب وبنيه رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم وَمَا كَانَ من شَأْنهمْ بِالْكُوفَةِ ومؤاخذتهم الْحسن فِي تَسْلِيم الْأَمر لمعاوية واضطراب الْأَمر على زِيَاد ابْن أَبِيه بِالْكُوفَةِ من أَجلهم حَتَّى قتل المتولون كبر ذَلِك مِنْهُم حجر ابْن عدي وَأَصْحَابه ثمَّ استدعوا الْحُسَيْن بن عَليّ بعد وَفَاة مُعَاوِيَة فَكَانَ من قَتله ب كربلاء مَا هُوَ مَعْرُوف ثمَّ نَدم الشِّيعَة على قعودهم عَن مناصرته فَخَرجُوا بعد وَفَاة يزِيد وبيعة مَرْوَان وَخُرُوج عبيد الله بن زِيَاد عَن الْكُوفَة وَسموا أنفسهم التوابين وولوا عَلَيْهِم سُلَيْمَان بن صُرَد الْخُزَاعِيّ ولحقتهم جيوش ابْن زِيَاد بأطراف الشَّام فاستجموهم ثمَّ خرج الْمُخْتَار بن أبي عبيد بِالْكُوفَةِ طَالبا بِدَم الْحُسَيْن وداعيا لمُحَمد لن الْحَنَفِيَّة وَتَبعهُ على ذَلِك جموع من الشِّيعَة وَسَمَّاهُمْ شرطة الله وزحف عَلَيْهِ عبيد الله بن زِيَاد فَهَزَمَهُ الْمُخْتَار وَقَتله وَبلغ مُحَمَّد بن الحنفيه من أَحْوَال الْمُخْتَار مَا نقمه عَلَيْهِ فَكتب إِلَيْهِ بِالْبَرَاءَةِ مِنْهُ فَصَارَ الْمُخْتَار إِلَى الدُّعَاء لعبد الله بن الزبير ثمَّ استدعي الشِّيعَة من بعد ذَلِك زيد بن عَليّ بن الْحُسَيْن رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم إِلَى الْكُوفَة أَيَّام هِشَام بن عبد الْملك فَقتله صَاحب الْكُوفَة يُوسُف بن عمر وصلبه كَمَا سَيَأْتِي ذكر ذَلِك عِنْد ذكر قِيَامه بالدعوة وَخرج يحيى بن زيد بالجوزجان من خُرَاسَان فَقتل وصلب لذَلِك وطلت دِمَاء أهل الْبَيْت فِي كل نَاحيَة ثمَّ اخْتلفت الشِّيعَة وانقسمت مذاهبهم فِي مصير الْإِمَامَة إِلَى العلوية وذهبوا

ص: 154

طرائق مَعَ اتِّفَاقهم على تَفْضِيل عَليّ كرم الله وَجهه على جَمِيع الصَّحَابَة إِلَى الزيدية الْقَائِلين بإمامة بني فَاطِمَة لفضل عَليّ وبنيه على سَائِر الصَّحَابَة على شُرُوط يشترطونها وإمامة الشَّيْخَيْنِ عِنْدهم صَحِيحَة وَإِن كَانَ على أفضل مِنْهُمَا لأَنهم يجوزون إِمَامَة الْمَفْضُول مَعَ وجود الْأَفْضَل وَهُوَ مَذْهَب زيد وَأَتْبَاعه المسمين بالزيدية وهم جُمْهُور الشِّيعَة وأبعدهم عَن الانحراف والغلو وَإِلَى الرافضة وَسموا رافضة قَالُوا لِأَنَّهُ لما خرج زيد الشَّهِيد بِالْكُوفَةِ وَاخْتلفت عَلَيْهِ فرقة من الشِّيعَة وناظروه فِي أَمر الشَّيْخَيْنِ وَدعوهُ إِلَى الْبَرَاءَة مِنْهُمَا وأنهما ظلما عليا أنكر ذَلِك عَلَيْهِم وَامْتنع عَن الْبَرَاءَة مِنْهُمَا فَقَالُوا لَهُ وَأَنت أَيْضا لم يظلمك أحد وَلَا حق لَك فِي الْأَمر فَنحْن نرفضك فَقَالَ اذْهَبُوا فَأنْتم الرافضة فانصرفوا عَنهُ فسموا الرافضة وَأقَام مَعَه أَتْبَاعه الاخرون فسموا زيدية ثمَّ سَاق الرافضة الإمامهّ من عَليّ كرم الله وَجهه إِلَى ابْنه الْحسن ثمَّ إِلَى الْحُسَيْن ثمَّ إِلَى ابْنه زين العايدين ثمَّ إِلَى ابْنه مُحَمَّد الباقر ثمَّ إِلَى ابْنه جَعْفَر الصَّادِق كل هَؤُلَاءِ بِالْوَصِيَّةِ وهم سِتَّة أَئِمَّة لم يُخَالف فيهم أحد من الرافضة الْمَذْكُورين ثمَّ افْتَرَقُوا من هَهُنَا إِلَى فرْقَتَيْن إِلَى الاثْنَي عشرِيَّة واختصوا باسم الإمامية إِلَى هَذَا الْعَهْد ومذهبهم أَن الْإِمَامَة انْتَقَلت من جَعْفَر الصَّادِق إِلَى ابْنه مُوسَى الكاظم وَخرج دعاته بعد موت أَبِيه فَحَمله هَارُون الرشيد مَعَه من الْمَدِينَة وحبسه عِنْد عِيسَى بن جَعْفَر ثمَّ إشخاصه إِلَى بَغْدَاد وحبسه عِنْد ابْن شاهك وَيُقَال إِن يحيى بن خَالِد سمه فِي رطب فَتوفي سنة 183 ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَمِائَة وَزعم شيعته أَن الإِمَام بعده ابْنه عَليّ الرِّضَا وَكَانَ عَظِيما فِي بني هَاشم وَكَانَت لَهُ مَعَ الْمَأْمُون صُحْبَة وزوجه ابْنَته أم الْفضل وعهد لَهُ بِالْأَمر من بعده وَقد تقدم ذكرنَا لكتاب الْعَهْد فِي خلَافَة أبي بكر الصّديق رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ وَكَانَ عهد الْمَأْمُون لعَلي الرِّضَا بِالْأَمر سنة 201 إِحْدَى وَمِائَتَيْنِ عِنْد ظُهُور الدعاة للطالبيين فِي كل نَاحيَة وَكَانَ الْمَأْمُون ب خُرَاسَان لم يدْخل الْعرَاق بعد مقتل أَخِيه الْأمين فنكر ذَلِك عَلَيْهِ شيعَة العباسيين وَبَايَعُوا لِعَمِّهِ إِبْرَاهِيم بن الْمهْدي بِبَغْدَاد فارتحل الْمَأْمُون من الْعرَاق وَعلي الرِّضَا مَعَه فَهَلَك عَليّ الرِّضَا فِي طَرِيقه

ص: 155

سنة ثَلَاث وَمِائَتَيْنِ وَدفن ب طوس ثمَّ زَعَمُوا أَن الْأَمر بعده لِابْنِهِ مُحَمَّد التقي وَكَانَ لَهُ من الْمَأْمُون مَكَان وأصهر إِلَيْهِ فِي ابْنَته أم حبيب فأنكحه الْمَأْمُون إِيَّاهَا سنة خمس وَمِائَتَيْنِ ثمَّ هلك سنة عشْرين وَمِائَتَيْنِ وَدفن بمقابر قُرَيْش ثمَّ زَعَمُوا أَن الْأَمر من بعده إِلَى عَليّ ويلقبونه بالهادي وَمَات سنة أَربع وَخمسين وَمِائَتَيْنِ وقبره ب قُم وَزعم ابْن سعيد أَن المعتز سمه ثمَّ إِلَى ابْنه الْحسن العسكري ويلقب بذلك لِأَنَّهُ ولد ب سر من رأى وَكَانَت تسمى الْعَسْكَر وَجلسَ بهَا بعد أَبِيه إِلَى أَن هلك سنة سِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ وَدفن إِلَى جنب أَبِيه بالمشهد وَترك حملا ولد مِنْهُ ابْنه مُحَمَّد فاعتقل وَقيل دخل السرداب بدار أَبِيه قيل مَعَ أمه وَقيل وَأمه تنظر إِلَيْهِ ففقد فَزَعَمت شيعتهم أَنه الإِمَام بعد أَبِيه ولقبوه الْمهْدي وَالْحجّة وَزَعَمُوا أَنه حَيّ لم يمت وهم الْآن ينتظرونه ووقفوا عِنْد هَذَا الِانْتِظَار وَهَذَا هُوَ الثَّانِي عشر من ولد عَليّ وَلذَلِك سموا شيعته الاثْنَي عشرِيَّة وَهَذَا الْمَذْهَب بِالْمَدِينَةِ والكرخ وَالشَّام والحلة وَالْعراق قَالَ الْعَلامَة ابْن خلدون والسرداب بالحلة وهم حَتَّى الْآن على مَا بلغنَا يصلونَ الْمغرب فَإِذا قضوا الصَّلَاة قربوا مركبا إِلَى بَاب السرداب بجهازه وحليته وَنَادَوْا بِأَصْوَات متوسطة أَيهَا الإِمَام اخْرُج إِلَيْنَا فَإِن النَّاس منتظرون والخلق حائرون وَالظُّلم عَام وَالْحق مَفْقُود فَاخْرُج إِلَيْنَا نتعرف الرَّحْمَة من الله فِي آثارك ويكررون ذَلِك إِلَى أَن تبدو النُّجُوم ثمَّ يَنْصَرِفُونَ إِلَى اللَّيْلَة الْقَابِلَة هَكَذَا دأبهم وَرُبمَا يحتجون لِحَيَاتِهِ بِقصَّة الْخضر فسبحان عَالم الْحَقَائِق قلت ذكر غير ابْن خلدون أَن السرداب بِبَغْدَاد لَا بالحلة فَالله أعلم أيا كَانَ ذَلِك لَطِيفَة قَالَ ابْن الْعَرَبِيّ قَالَ أَصْحَابنَا النصرية بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى إِن شَيخنَا

ص: 156

أَبَا الْفَتْح نصر بن إِبْرَاهِيم الْمَقْدِسِي اجْتمع برئيس من رُؤَسَاء الشِّيعَة فَشَكا إِلَيْهِ فَسَاد الْخلق وَأَن هَذَا الْأَمر لَا يصلح إِلَّا بِخُرُوج الإِمَام المنتظر فَقَالَ لَهُ نصر فَهَل لِخُرُوجِهِ مِيقَات مَعْلُوم أم لَا فَقَالَ الشيعي نعم إِذا فسد الْخلق فَقَالَ لَهُ نصر فَلم تحبسونه عَن الْخلق قد فسد جَمِيعهم إِلَّا أَنْتُم فَلَو فسدتم لخرج فَأَسْرعُوا بِهِ وأطلقوا من سجنه وعجلوا بِالرُّجُوعِ إِلَى مَذْهَبنَا لتفسدوا فَيخرج فبهت الشيعي انْتهى كَذَا فِي العواصم من القواصم وَإِلَى الإسماعليية وهم الَّذين نقلوا الْخلَافَة من جَعْفَر الصَّادِق إِلَى ابْنه إِسْمَاعِيل ثمَّ ساقوها فِي عقبه فَمنهمْ من أنهى بهَا إِلَى عبيد الله الْمهْدي أحد الْخُلَفَاء العبيديين ابْن مُحَمَّد الحبيب بن جَعْفَر الْمُصدق بن مُحَمَّد المكتوم بن إِسْمَاعِيل الإِمَام بن جَعْفَر الصَّادِق بن مُحَمَّد الباقر وهم الْفرْقَة الزاعمون أَن الإِمَام بعد جَعْفَر الصَّادِق ابْنه إِسْمَاعِيل وتوقى قبل أَبِيه وَكَانَ أَبُو جَعْفَر الْمَنْصُور طلبه فَشهد لَهُ عَامل الْمَدِينَة أَنه مَاتَ وَفَائِدَة النَّص عِنْدهم على إِسْمَاعِيل وَإِن كَانَ مَاتَ قبل أَبِيه بَقَاء الْإِمَامَة فِي وَلَده كَمَا نَص مُوسَى على هَارُون صلوَات الله وَسَلَامه على نَبينَا وَعَلَيْهِمَا وَمَات قبله وَالنَّص عِنْدهم لَا يرجع وَرَاءه لِأَن البداء على الله محَال وَيَقُولُونَ فِي ابْنه مُحَمَّد إِنَّه السَّابِع التَّام من الْأَئِمَّة الظاهرين وَهُوَ أول الْأَئِمَّة المستورين عِنْدهم الَّذين يستترون ويظهرون الدعاة وعددهم ثَلَاثَة وَلنْ تَخْلُو الأَرْض من إِمَام إِمَّا ظَاهر بِذَاتِهِ أَو مَسْتُور فَلَا بُد من ظُهُور حجَّته ودعاته وَالْأَئِمَّة يَدُور عَددهَا عِنْدهم على سَبْعَة سَبْعَة عدد الْأُسْبُوع وَالسَّمَاوَات وَالْكَوَاكِب وَأول الْأَئِمَّة المستورين عِنْدهم مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل الْمَذْكُور وَهُوَ مُحَمَّد المكتوم ثمَّ ابْنه جَعْفَر الْمُصدق ثمَّ ابْنه مُحَمَّد ثمَّ ابْنه عبيد الله الْمهْدي صَاحب الدولة بإفريقية جد الْخُلَفَاء العبيديين بهَا أَولا وب مصر ثَانِيًا الْمُتَقَدّم ذكرهم فِي الْبَاب الثَّالِث من الْمَقْصد الرَّابِع وَمِنْهُم من سَاقهَا إِلَى يحيى بن عبد الله بن مُحَمَّد المكتوم وَهَؤُلَاء طَائِفَة من القرامطة وَهَذَا من كذباتهم وَلَا يعرف لمُحَمد بن إِسْمَاعِيل ولد اسْمه عبد الله وَمن شيعَة آل الْبَيْت الكيسانية نِسْبَة إِلَى كيسَان وَهُوَ الْمُخْتَار بن أبي عبيد يذهبون إِلَى إِمَامَة مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة وبنيه من بعد الْحسن الْحُسَيْن وَمن هَؤُلَاءِ

ص: 157

كَانَت شيعَة بني الْعَبَّاس الْقَائِلُونَ بِوَصِيَّة أبي هَاشم عبد الله بن مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة إِلَى مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الله بن عَبَّاس بِالْإِمَامَةِ وانتشرت هَذِه الْمذَاهب وَهِي مَذْهَب الزيدية وَمذهب الرافضة المنقسمين إِلَى الإمامية الأثنى عشرِيَّة والى الإسماعيلية وَمذهب الكيسانية وهم شيعَة مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة الَّذين صَارُوا شيعَة لبني الْعَبَّاس بإيصاء أبي هَاشم عبد الله بن مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة إِلَى جدهم مُحَمَّد بن عبد الله بن الْعَبَّاس الْمَذْكُور وَكَانَ أَكثر الكيسانية بالعراق وخراسان بَين الشِّيعَة وافترق أهل كل مَذْهَب مِنْهَا إِلَى طرائق بِحَسب اخْتلَافهمْ // (من الوافر) //

(وكَلٌّ يَدَّعِى وصْلا بِليْلَى

)

وَاعْلَم أَن سَبَب انتصاب الْأَشْرَاف للْإِمَامَة وادعائهم لَهَا مَعَ مَا يشاهدونه من النكد والشدائد وَالْقَتْل وَالْحَبْس والمكائد بعد قتل عَليّ بن أبي طَالب لما تقلد الْخلَافَة وَالْعقد عليهِ إِجْمَاع أهل بدر وَاخْتِيَار أكَابِر الصَّحَابَة وَبَايَعُوهُ عَلَانيَة نازعه فِي الْخلَافَة مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان وتعلل بعلل كَثِيرَة لبلوغ المنى وكل مِنْهُمَا مُجْتَهد لَكِن مُعَاوِيَة مُجْتَهد مُخطئ قَالَ الإِمَام الْغَزالِيّ فِي قَوَاعِد العقائد وَلم يذهب لتخطئة عَليّ ذُو تَحْصِيل أصلا وَلَا شُبْهَة أَن الْحق مَعَ عَليّ وَأَن مُعَاوِيَة لَيْسَ مِمَّن يعادل أحد الْعشْرَة المبشرة بِالْجنَّةِ فضلا عَن أَن يعادل عليا وَأَيْنَ الحسام من المنجل وَأَيْنَ مُعَاوِيَة من على فَاشْتَبَهَ على الْعَامَّة أَمرهمَا وصاروا فريقين فَوَقَعت الْحَرْب بَينهمَا كَمَا قدره الله تَعَالَى مَا شَاءَ كَانَ وَمَا لم يَشَأْ لم يكن لَا يَقع فِي ملكه إِلَّا مَا أَرَادَ {لَا يُسئَلُ عَمَّا يَفعَلُ وَهُم يُسئَلُون} الْأَنْبِيَاء 23 فَلَمَّا اسْتشْهد عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ بعد ذَلِك قَامَ الْحسن بن عَليّ بعده وَقد سبق فِي خِلَافَته تَفْصِيل ذَلِك وَذكر صلحه مَعَ مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان فَلَمَّا سم وَمَات رضي الله عنه قَامَ أَخُوهُ الْحُسَيْن بن عَليّ تالياً {وَمَن قُتِلَ مَظلُوماً فَقَدَ جَعلَنا لوَلِيِّه سلطنا} الْإِسْرَاء 33 الْآيَة وَكَانَ قِيَامه زمن يزِيد بن مُعَاوِيَة فَقتل ب كربلاء عطشاناً سير عَلَيْهِ عبيد الله بن زِيَاد سَرِيَّة عَلَيْهَا عمر بن سعد بن أبي وَقاص وَكَانَ من أمره مَا شرح فِيمَا تقدم مِمَّا يجرح الْقُلُوب وَيجْرِي الْغُرُوب

ص: 158

ثمَّ قَامَ من بعده عَليّ زين العابدين ثمَّ قَامَ من بعده زيد بن عَليّ فَقتل وصلب ثمَّ قَامَ وَلَده يحيى بن زيد فَقتل ثمَّ هَلُمَّ جراً فَذهب الزيدية من الشِّيعَة أَن الْقيام افْترض عَلَيْهِم لطلب الْحق وَأَن إِظْهَار الدعْوَة وَالْقِيَام بِأَمْر الإمامه للْأمة وَاجِب عَلَيْهِم وَهَذَا مَكْتُوب فِي تواريخ الزيدية وَأما الشِّيعَة الإمامية الاثنا عشرِيَّة فَلَا يجوزون الْإِمَامَة لغير الاثْنَي عشر الإِمَام الَّذين أَوَّلهمْ عَليّ واخرهم الْمهْدي مُحَمَّد المنتظر صَاحب السرداب وَدَلِيل الزيدية على تَصْحِيح جَوَازهَا لغير الْأَئِمَّة الاثنى عشر أَو تعينه وَهُوَ مَا وعدنا بِهِ سَابِقًا هُوَ مَا أخرج أَبُو إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه فِي مُسْنده والدولابي فِي الذُّرِّيَّة الطاهرة أَن النبى

قَالَ إِنِّي تَارِك فِيكُم مَا إِن أَخَذْتُم بِهِ لن تضلوا كتاب الله طرف بِيَدِهِ وطرف بِأَيْدِيكُمْ وَأهل بَيْتِي وَرَوَاهُ الجعابي فِي الطالبيين وَلَفظه إِن رَسُول الله

قَالَ إِنِّي مخلف فِيكُم مَا إِن تمسكتم بِهِ لن تضلوا كتاب الله تَعَالَى طرف بيد الله وطرف بِأَيْدِيكُمْ وعترتي أهل بَيْتِي وَلنْ يفترقا حَتَّى يردا عليَّ الْحَوْض وَرَوَاهُ الْبَزَّار وَلَفظه إِنِّي مَقْبُوض وَإِنِّي قد تركت فِيكُم الثقلَيْن كتاب الله وعترتي أهل بَيْتِي وَإِنَّكُمْ لن تضلوا بعدهمَا وَفِي رِوَايَة وَالله

ص: 159

سَائِلكُمْ كَيفَ خلفتموني فِي كِتَابه وَأهل بَيْتِي وَأخرج مُحَمَّد بن جَعْفَر الرزاز عَن أم سَلمَة أَلا إِنِّي مخلف فِيكُم كتاب رَبِّي عز وجل وعترتي أهل بَيْتِي ثمَّ أَخذ بيد عَليّ فَرَفعهَا فَقَالَ هَذَا عَليّ مَعَ الْقُرْآن وَالْقُرْآن مَعَ عَليّ لَا يفترقان حَتَّى يردا على الْحَوْض فاسألهما مَا خلفت فيهمَا وَأخرج أَبُو سعد والملا فِي سيرته حَدِيث

اسْتَوْصُوا بِأَهْل بَيْتِي خيرا فَإِنِّي أخاصمكم عَنْهُم غَدا وَمن أكن خَصمه أخصمه وَمن أخصمه دخل النَّار قَالَ فِي جَوَاهِر الْعقْدَيْنِ وَلما كَانَ كل من الْقُرْآن الْعَظِيم والعترة الطاهرة معدناً للعلوم الدِّينِيَّة والأسرار وَالْحكم النفيسة الشَّرْعِيَّة وكنوز دقائقها واستخراج حقائقها أطلق عليه الصلاة والسلام عَلَيْهِمَا الثقلَيْن ويرشد لذَلِك حثه على الِاقْتِدَاء والتمسك والتعلم من أهل بَيته وَلَا شكّ أَن الَّذين وَقع الْحَث على التَّمَسُّك بهم من أهل الْبَيْت النَّبَوِيّ والعترة الطاهرة هم الْعلمَاء بِكِتَاب الله إِذا لَا يحث عليه الصلاة والسلام بالتمسك بغيرهم وهم الَّذين لَا يَقع بَينهم وَبَين الْكتاب اقتراب وَلِهَذَا قَالَ لَا تقدموها فَتَهْلكُوا وَلَا تقصرُوا عَنْهَا فَتَهْلكُوا وَقَالَ فِي طَرِيق آخر فِي عترته فَلَا تَسْبِقُوهُمْ فَتَهْلكُوا وَلَا تعلموهم فهم أعلم مِنْكُم فاختصوا بمزيد الْحَث عَن غَيرهم من الْعلمَاء لما تضمنته الْأَحَادِيث فِي ذَلِك وَلِحَدِيث أَحْمد ذكر عِنْد النبى

قَضَاء قضى بِهِ على فأعجب النَّبِي

وَقَالَ الْحَمد لله الَّذِي جعل فِينَا الْحِكْمَة أهل الْبَيْت وكل هَذَا يفهم وجوب من يكون أَهلا للتمسك بِهِ من أهل الْبَيْت والعترة الطاهرة فِي كل زمَان وجدوا فِيهِ إِلَى قيام السَّاعَة حَتَّى يتوجهَ الْحَث الْمَذْكُور على التَّمَسُّك بِهِ

ص: 160

كَمَا أَن الْكتاب الْعَزِيز كَذَلِك وَلِهَذَا كَانُوا أَمَانًا لأهل الأَرْض فَإِذا ذَهَبُوا أهل الأَرْض وَأما احتجاج الشِّيعَة لمنعهم ذَلِك بِالْحَدِيثِ يكون من أهل بَيْتِي اثْنَا عشر خَليفَة أَو كَمَا قَالَ

فَلَيْسَ لَهُم فِي ذَلِك حجَّة إِذْ مَفْهُوم الْعدَد غير مُعْتَبر دَلِيلا يبطل معنى الْحَث والتمسك إِذْ لَو لم نقل بِوُجُود ذَلِك التَّمَسُّك بِهِ لم يتعقل الْحَث على التَّمَسُّك بمعدوم وَأخرج أَبُو الْحسن بن المغازلي من طَرِيق مُوسَى بن الْقَاسِم عَن عَليّ بن جَعْفَر سَأَلت الْحسن عَن قَوْله تَعَالَى {كمشكوة فيِهاً مِصبَاح} النُّور 35 قَالَ الْمشكاة فَاطِمَة والشجرة الْمُبَارَكَة إِبْرَاهِيم لَا شرقية وَلَا غربية لَا يَهُودِيَّة وَلَا نَصْرَانِيَّة {يكَاد زيتها يضُئ وَلَو لَم تَمسَسهُ نَار نوُر عَلى نوُرِ} النُّور 35 قَالَ مِنْهَا إِمَام بعد إِمَام يهدي الله لنوره من يَشَاء قَالَ يهدي لولايتنا من يَشَاء وَقَوله مِنْهَا إِمَام بعد إِمَام يَعْنِي أَئِمَّة يقْتَدى بهم فِي الدّين ويتمسك بهم فِيهِ وَيرجع إِلَيْهِم وَهَذَا أوضح دَلِيل على صِحَة إِمَامَة غَيرهم بل تعينها وَهَهُنَا نقل غَرِيب وَهُوَ إِن كَانَ لَا تعلق لَهُ بِمَا نَحن فِيهِ من وَجه فَلهُ تعلق من وَجه آخر إِذْ هُوَ فِي شَأْن العترة الطاهرة الَّذين الْكَلَام فِي شَأْنهمْ عَليّ بن أبي طَالب كرم الله وَجهه وَنَصه روى الثَّعْلَبِيّ فِي تَفْسِيره أَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة رحمه الله سُئِلَ عَن قَوْله تَعَالَى {سَأَلَ سَائل بغذاب وَاقع} المعارج 1 فِيمَن نزلت فَقَالَ للسَّائِل سَأَلتنِي عَن مَسْأَلَة مَا سَأَلَني عَنْهَا أحد قبلك حَدثنِي أبي عَن جَعْفَر الصَّادِق عَن أَبِيه مُحَمَّد الباقر عَن آبَائِهِ عليهم السلام أَن رسوم الله

لما كَانَ بغدير خم فَنَادَى فِي النَّاس فَاجْتمعُوا فَأخذ بيد عَليّ وَقَالَ من كنت مَوْلَاهُ فعلي مَوْلَاهُ إِلَى آخر

ص: 161

الحَدِيث فشاع ذَلِك وطار فِي الْبِلَاد فَبلغ ذَلِك الْحَارِث بن النُّعْمَان الفِهري فَأتى رَسُول الله

على نَاقَة لَهُ فَنزل بِالْأَبْطح عَن نَاقَته وأناخها فَقَالَ يَا مُحَمَّد أمرتنا عَن الله أَن نشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَنَّك رَسُول الله فقبلناه مِنْك وأمرتنا أَن نصلي خمْسا فقبلناه مِنْك وأمرتنا بِالزَّكَاةِ فَقبلنَا وأمرتنا أَن نَصُوم شهرا فَقبلنَا وأمرتنا بِالْحَجِّ فَقبلنَا ثمَّ لم ترض بِهَذَا حَتَّى ترفع بضبعي ابْن عمك تفضله علينا وَقلت من كنت مَوْلَاهُ فعلي مَوْلَاهُ فَهَذَا شَيْء مِنْك أَو من الله عز وجل فَقَالَ رَسُول الله

وَالله الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ إِن هَذَا من الله عز وجل فولى الْحَارِث بن النُّعْمَان يُرِيد رَاحِلَته وَهُوَ يَقُول {اللهُمَ إِن كانَ هَذاً هُوَ اَلحَقَّ من عِندِكَ فَأَمطِر علينا حِجارَةً} الْأَنْفَال 32 الْآيَة فَمَا وصل إِلَى رَاحِلَته حَتَّى رَمَاه الله بِحجر فَسقط على هامته وَخرج من دبره فَقتله فَأنْزل الله عز وجل {سَأَلَ سَائل بِعَذابٍ وَاقعٍ} المعارج 1 كَذَا فِي جَوَاهِر الْعقْدَيْنِ فِي فضل الشرفين شرف الْعلم الْجَلِيّ وَشرف النّسَب الْعلي وَهَا أَنا أذكر من قَامَ مِنْهُم من لدن عَليّ بن أبي طَالب إِلَى زَمَاننَا الْيَوْم وَهُوَ عَام سبع وَتِسْعين وَألف فَأَقُول أَوَّلهمْ عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ وَبعده ابناه الْحسن فِي زمن مُعَاوِيَة ثمَّ الْحُسَيْن فِي زمن يزِيد وَقد سبق ذكرهمَا بِمَا لَا مزِيد عَلَيْهِ ثمَّ بعد الْحُسَيْن الْحسن بن الْحسن بن عَليّ بن أبي طَالب قَامَ فِي زمَان عبد الْملك بن مَرْوَان ثمَّ استتر فَلَمَّا ولي الْأَمر الْوَلِيد بن عبد الْملك شدد فِي طلبه فَلم يظفر بِهِ وَكَانَ مستتراً بالحجاز فَدس إِلَيْهِ من سقَاهُ السم فَمَاتَ مسموماً وَحمل إِلَى الْمَدِينَة المنورة وَدفن بِالبَقِيعِ وَكَانَ قِيَامه سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ ووفاته سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وعمره ثَمَان وَثَلَاثُونَ سنة قلت قد تقدم فِي الرِّوَايَة السَّابِقَة أَن الْحسن الْمثنى لم يدع الْإِمَامَة وَلم يدعُ إِلَى مبايعة وَلم يَدعهَا لَهُ أحد فعده هَهُنَا فِي الدعاة على غير تِلْكَ الرِّوَايَة ثمَّ قَامَ بالدعوة الإِمَام زيد بن عَليّ زين العابدين بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب رضي الله عنهم ظهر زيد بِالْكُوفَةِ خَارِجا على هِشَام بن عبد الْملك داعياُ للْكتاب وَالسّنة وَإِلَى

ص: 162

جِهَاد الظَّالِمين وَإِعْطَاء المحرومين وَالْعدْل فِي قسْمَة الْفَيْء ورد الْمَظَالِم وَنصر أهل الْبَيْت وَاخْتلف فِي سَبَب خُرُوجه فَقيل إِن يُوسُف بن عمر لما نكب خَالِد بن عبد الله الْقَسرِي كتب إِلَى هِشَام أَنه شيعَة لأهل الْبَيْت وَأَنه ابْتَاعَ من زيد أَرضًا بِالْمَدِينَةِ بِعشْرَة آلَاف دِينَار وَأَنه رد الأَرْض علية وَأَنه أودع زيدا وَأَصْحَابه مَالا وَكَانَ زيد قد قدم على خَالِد بالعراق هُوَ وَمُحَمّد بن عمر بن أبي طَالب وَدَاوُد بن عَليّ بن عبد الله بن عَبَّاس فأجازهم وَرَجَعُوا إِلَى الْمَدِينَة فبحث هِشَام عَنْهُم وسألهم فأقروا بالجائزة وحلفوا على مَا سوى ذَلِك فصرفهم هِشَام وَبعث إِلَى يُوسُف بن عمر فقابلوا خَالِدا وَصدقهمْ وعادوا إِلَى الْمَدِينَة ونزلوا الْقَادِسِيَّة وراسل أهل الْكُوفَة زيدا فَعَاد إِلَيْهِم وَقيل سَبَب ذَلِك أَن زيدا اخْتصم مَعَ ابْن عَمه جَعْفَر بن الْحسن الْمثنى فِي وقف عَليّ ثمَّ مَاتَ جَعْفَر فخاصم أَخُوهُ عبيد الله زيدا وَكَانَا يحْضرَانِ عِنْد عَامل خَالِد فَوَقَعت بَينهمَا فِي مَجْلِسه مشاتمات وَأنكر زيد من خَالِد إطالته للخصومة وَيسمع مثل هَذَا فأغلط لَهُ زيد وَسَار إِلَى هِشَام فحجبه ثمَّ أذن لَهُ بعد حِين فحاوره طَويلا ثمَّ عرض لَهُ بِأَنَّهُ يذكر الْخلَافَة وتنقصه ثمَّ قَالَ اخْرُج قَالَ نعم ثمَّ لَا أكون إِلَّا بِحَيْثُ تكره فَسَار إِلَى الْكُوفَة وَقَالَ لَهُ مُحَمَّد بن عمر بن عَليّ بن أبي طَالب ناشدتك الله الْحق بأهلك وَلَا تأت الْكُوفَة وَذكره بفعلهم مَعَ جده وجده فَأخذ يتظلم مِمَّا وَقع بِهِ وَأَقْبل إِلَى الْكُوفَة وَأقَام بهَا مستخفياً يتنقل فِي الْمنَازل وَاخْتلفت إِلَيْهِ الشِّيعَة وَبَايَعَهُ جماعات وناس من وُجُوه أهل الْكُوفَة يذكر لَهُم دَعوته ثمَّ يَقُول أَتُبَايِعُونَ على ذَلِك فَيَقُولُونَ نعم فَيَضَع يَده على أَيْديهم وَيَقُول عَلَيْك عهد الله وميثاقه وذمته وَذمَّة نبيه لتتبعني ولتقاتلن عدوي ولتنصحن لي فِي السِّرّ وَالْعَلَانِيَة فَإِذا قَالَ نعم مسح يَده على يَده ثمَّ قَالَ اللَّهُمَّ اشْهَدْ فَبَايعهُ على ذَلِك خَمْسَة عشر ألفا وَأمرهمْ بالاستعداد وشاع أمره فِي النَّاس وَبلغ الْخَبَر إِلَى يُوسُف ابْن عمر فَأخْرجهُ من الْكُوفَة ولحقه الشِّيعَة بالقادسية أَو الثعلبية وعذله دَاوُد بن عَليّ بن عبد الله بن عَبَّاس على الرُّجُوع مَعَهم وَذكره حَال جده الْحُسَيْن فَقَالَت

ص: 163

الشِّيعَة لزيد هَذَا إِنَّمَا يُرِيد الْأَمر لنَفسِهِ وَلأَهل بَيته فَرجع مَعَهم وَمضى دَاوُد إِلَى الْمَدِينَة وَلما أَتَى زيد الْكُوفَة جَاءَهُ مسلمة بن كهيل فصده عَن ذَلِك وَقَالَ أهل الْكُوفَة لَا يفون لَك وَقد كَانَ مَعَ جدك مِنْهُم أَضْعَاف من مَعَك وَلم يفوا لَهُ وَكَانَ أعز عَلَيْهِم مِنْك على هَؤُلَاءِ فَقَالَ لَهُ زيد قد بايعوني وَوَجَبَت الْبيعَة فِي عنقِي وعنقهم قَالَ فتأذن لي أَن أخرج من هَذِه الْبَلَد فَلَا آمن أَن يحدث حدث وَأَنا لَا آمن نَفسِي فَخرج إِلَى الْيَمَامَة وَكتب عبد الله الْمَحْض بن الْحسن الْمثنى إِلَى زيد يعذله ويصده فَلم يصغ إِلَيْهِ وَتزَوج نسَاء بِالْكُوفَةِ وَكَانَ يخلف إلَيْهِنَّ وَالنَّاس يبايعونه ثمَّ أَمر أَصْحَابه يَتَجَهَّزُونَ ونمى الْخَبَر إِلَى يُوسُف بن عمر فَطَلَبه وَخَافَ زيد فتعجل الْخُرُوج وَكَانَ يُوسُف بِالْحيرَةِ وعَلى الْكُوفَة الحكم بن الصَّلْت وعَلى شرطته عمر بن عبد الرَّحْمَن وَلما علم الشِّيعَة أَن يُوسُف يبْحَث عَن زيد جَاءَ إِلَيْهِ جمَاعَة مِنْهُم فَقَالُوا لَهُ مَا تَقول فِي الشَّيْخَيْنِ فَقَالَ زيد رحمهمَا الله وَغفر لَهما وَمَا سَمِعت أحدا من أهل بَيْتِي يذكرهما إِلَّا بِخَير وَغَايَة مَا أَقُول إِنَّا كُنَّا أَحَق بسُلْطَان رَسُول الله

من النَّاس فدفعونا عَنهُ وَلم يبلغ ذَلِك الْكفْر وَقد عدلا فِي النَّاس وَعَملا بِالْكتاب وَالسّنة قَالُوا فَإِذا كَانَ أُولَئِكَ لم يظلموك وَهَؤُلَاء لم يظلموك فَلم تدعونا إِلَى قِتَالهمْ فَقَالَ إِن هَؤُلَاءِ ظلمُوا الْمُسلمين أَجْمَعِينَ وَإِنَّا ندعوهم إِلَى الْكتاب وَالسّنة وَأَن نحيي السّنَن ونطفىء الْبدع فَإِن أَحْبَبْتُم سعدتم وَإِن أَبَيْتُم فلست عَلَيْكُم بوكيل فَقَالُوا إذَن نرفضك فَقَالَ اذْهَبُوا فَأنْتم الرافضة ففارقوه وَنَكَثُوا بيعَته وَقَالُوا سبق الإِمَام الْحق يعنون مُحَمَّدًا الباقر وَإِن جعفراً ابْنه إمامنا بعده فَمن ذَلِك سموا بِهَذَا الِاسْم

ص: 164

ثمَّ بعث يُوسُف بن عمر إِلَى الحكم بن الصَّلْت عَامل الْكُوفَة أَن يجمع أهل الْكُوفَة فِي الْمَسْجِد فَجمعُوا وطلبوا زيدا فِي دَار مُعَاوِيَة بن إِسْحَاق بن زيد بن حَارِثَة فَخرج مِنْهَا لَيْلًا وَاجْتمعَ عَلَيْهِ نَاس من الشِّيعَة الَّذين بقوا مَعَه وَلم يفارقوه وهم الْفرْقَة الْمَخْصُوصَة باسم الزيدية وأشعلوا النيرَان وَنَادَوْا يَا مَنْصُور حَتَّى طلع الْفجْر وَأصْبح جَعْفَر بن أبي الْعَبَّاس فلقي اثْنَيْنِ من أَصْحَاب زيد ينادون بشعاره فَقتل وَاحِدًا وأتى بِالْآخرِ إِلَى الحكم بن الصَّلْت فَقتله وغلق أَبْوَاب الْمَسْجِد على النَّاس وَبعث إِلَى يُوسُف بن عمر بالْخبر فَسَار من الْحيرَة وَقدم الريان بن سَلمَة الأراشي فِي أَلفَيْنِ خيالة وثلاثمائة مَاشِيَة وافتقد زيد النَّاس فَقيل لَهُ إِنَّهُم بالجامع محصورون وَلم يجد مَعَه إِلَّا مِائَتَيْنِ وَعشْرين رجلا وَخرج صَاحب شرطته فِي خيل فلقي نصر بن خُزَيْمَة الْعَبْسِي من أَصْحَاب زيد ذَاهِبًا إِلَيْهِ فَحمل عَلَيْهِ نصر وَأَصْحَابه فَقَتَلُوهُ وَحمل زيد على أهل الشَّام فَهَزَمَهُمْ وانْتهى إِلَى دَار أنس بن عَمْرو الْأَزْدِيّ مِمَّن بَايعه فناداه وَلم يجبهُ وَلم يخرج إِلَيْهِ ثمَّ سَار زيد إِلَى الكناسة فَحمل على أهل الشَّام فَهَزَمَهُمْ ثمَّ دخل الْكُوفَة والريان فِي اتِّبَاعه فَلَمَّا رأى زيد خذلان النَّاس قَالَ لنصر بن خُزَيْمَة أفعلتموها حسينية فَقَالَ نصر أما أَنا فوَاللَّه لأموتن مَعَك وَإِن النَّاس بِالْمَسْجِدِ فَامْضِ بِنَا إِلَيْهِم فجَاء زيد إِلَى الْمَسْجِد يُنَادي فِي النَّاس بِالْخرُوجِ إِلَيْهِ فَرَمَاهُ أهل الشَّام بِالْحِجَارَةِ من فَوق الْمَسْجِد وَانْصَرفُوا عِنْد الْمسَاء وَأرْسل يُوسُف بن عمر الْعَبَّاس بن سعد الْمُزنِيّ فِي أهل الشَّام فَجَاءَهُ فِي دَار الرزق وَقد كَانَ آوى إِلَيْهَا عِنْد الْمسَاء فَلَقِيَهُ زيد وعَلى مجنيته نصر بن خُزَيْمَة وَمُعَاوِيَة بن إِسْحَاق بن زيد بن ثَابت فَاقْتَتلُوا فَحمل نصر على أَصْحَاب الْعَبَّاس فَهَزَمَهُمْ زيد وَأَصْحَابه وعبأهم يُوسُف بن عمر من الْعشي ثمَّ سرحهم فكشفهم أَصْحَاب زيد وَلم تثبت خيلهم لخيله وَبعث إِلَيْهِ يُوسُف بن عمر بالناشبة وَاشْتَدَّ الْقِتَال وَقتل مُعَاوِيَة بن زيد ثمَّ رمي زيد عِنْد الْمسَاء بِسَهْم أثْبته فَرجع أَصْحَابه وَأهل الشَّام يظنون أَنهم تحاجزوا وَلما نزل النصل من جَبهته مَاتَ فدفنوه وأجروا عَلَيْهِ المَاء وَأصْبح الحكم يَوْم الْجُمُعَة يتتبع الْجَرْحى من الدّور ودله بعض الموَالِي على قبر زيد فاستخرجه وَقطع رَأسه وَبعث بِهِ إِلَى يُوسُف بن عمر بِالْحيرَةِ فَبَعثه إِلَى هِشَام فصلبه على بَاب دمشق وَأمر يُوسُف الحكم بن الصَّلْت

ص: 165

أَن يصلب جثة زيد بالكناسة وَنصر بن خُزَيْمَة وَمُعَاوِيَة بن إِسْحَاق ويحرسهم وَاسْتمرّ نَحوا من سنتَيْن أَو أَربع مصلوباً وَيذكر أَن العنكبوت نسجت على عَورَة زيد رضى الله تَعَالَى عَنهُ فَلَمَّا ولي الْوَلِيد أَمر بإحراقهم فأننا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون قلت كَانَ يُوسُف بن عمر هَذَا مُتَوَلِّي العراقين لهشام بن عبد الْملك ومروان وَهُوَ الْآمِر للْحكم بن الصَّلْت أَن يصلب جثة زيد بالكناسة مذموماً فِي عمله مخدوشاً فِي عقله متنطعا فِي حمقه حدث عَنهُ المداثنى قَالَ وزن يُوسُف بن عمر درهما فنقص حَبَّة فَكتب إِلَى صَاحب دَار الضَّرْب بالعراق فَضرب ألف سَوط وخطب فِي مَسْجِد الْكُوفَة فَتكلم إِنْسَان مَجْنُون فَقَالَ يَا أهل الْكُوفَة ألم أنهكم أَن تدخل مجانينكم الْمَسْجِد اضربوا عُنُقه فَضربت وتخلف عَنهُ يَوْمًا كَاتبه فَقَالَ لَهُ مَا حَبسك فَقَالَ اشتكيت ضرسي فَقَالَ تشتكى ضرسك وتعقد عَن الدِّيوَان فَدَعَا بالحجام وَأمره بقلع ضرسين من أَضْرَاسه وَعنهُ أَيْضا قَالَ حَدَّثَنى رَضِيع ليوسف بن عمر من بني عبس قَالَ كنت لَا أحجب عَنهُ وَلَا عَن حريمه فَدَعَا ذَات يَوْم بجوار لَهُ ثَلَاث ودعا بخصي لَهُ أسود يُقَال لَهُ خديج فَقرب إِلَيْهِ وَاحِدَة فَقَالَ لَهَا إِنِّي أُرِيد الشخوص فأخلفك أم أشخصك معي فَقَالَت صُحْبَة الْأَمِير أحب إِلَيّ وَلَكِن أَحسب أَن مقَامي وتخلفي أعفى عَلَيْهِ وأخف فَقَالَ أَحْبَبْت التَّخَلُّف للفجور اضربها يَا خديج فضربها حَتَّى أوجعها ثمَّ أمره بِأَن يَأْتِيهِ بِالْأُخْرَى فَقَالَ لَهَا إِنِّي أُرِيد الشخوص مثل قَوْله للاولى فَقَالَت وَقد رَأَتْ مَا لقِيت صاحبتها الْمُتَقَدّمَة مَا أعدل بِصُحْبَة الْأَمِير شَيْئا بل يخرجني مَعَه فَقَالَ أَحْبَبْت الْجِمَاع مَا تريدين أَن يفوتك اضربها يَا خديج فضربها حَتَّى أوجعها ثمَّ أمره أَن يَأْتِيهِ بالثالثة وَقد رَأَتْ مَا وَقع لأولتيها فَقَالَ لَهَا كَمَا قَالَ لَهما فَقَالَت الْأَمِير أعلم لينْظر أخف الْأَمريْنِ عَلَيْهِ فليفعله فَقَالَ لَهَا اخْتَارِي لنَفسك فَقَالَت مَا عِنْدِي لهَذَا اخْتِيَار فليختر الْأَمِير فَقَالَ هَل فرغت أَنا الْآن من كل عَمَلي وَلم يبْق عَليّ إِلَّا أَن أخْتَار لَك أوجعها يَا خديج ضربا فَقَالَ الرجل فَكَأَنَّمَا هُوَ يضربني فِي الثَّلَاث من شدَّة غيظي عَلَيْهِ وعَلى آمره فَوَلَّتْ الْجَارِيَة وتبعها الْخصي فَلَمَّا بَعدت قَالَت الْخيرَة وَالله فِي فراقك لَا تقر عين أحد بصحبتك فَلم يفهم

ص: 166

يُوسُف كَلَامهَا فَقَالَ مَا تَقول يَا خديج قَالَ قَالَت كَذَا وَكَذَا قَالَ يَابْنَ الخبيثة من أَمرك أَن تُخبرنِي يَا غُلَام خُذ السَّوْط من يَده فَارْجِع بِهِ رَأسه فَمَا زَالَ يضْربهُ حَتَّى اشتفيت مِنْهُ كَذَا فِي المحاسن والمساوى للبيهقي قلت فَانْظُر إِلَى هَؤُلَاءِ المتخلفين وَإِلَى من يولونه تَجِد الوصلة بَينهمَا قريبَة غير غَرِيبَة واستجار يحيى بن زيد بِعَبْد الْملك بن بشر بن مَرْوَان فَأَجَازَهُ حَتَّى سكن الطّلب ثمَّ سَار إِلَى خُرَاسَان فِي نفر من الزيدية فَقَامَ بالدعوة كَمَا سَيذكرُ كَانَ قَتله فِي شهر شعْبَان سنة 121 إِحْدَى وَعشْرين وَمِائَة وَقتل فِي صفر سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين عمره ثَلَاث وَأَرْبَعُونَ سنة ثمَّ قَامَ بالدعوة ابْنه الإِمَام يحيى بن زيد بن عَليّ زين العابدين بن عَليّ بن أبي طَالب وَذَلِكَ فِي أَيَّام الْوَلِيد بن يزِيد بن عبد الْملك بخراسان ثمَّ انْتقل إِلَى بيهق وَأظْهر دَعوته هُنَاكَ فقصدته جنود الْوَلِيد فَقَاتلهُمْ فضعف عَن الْمُقَاتلَة فَتوجه إِلَى جوزجان وَاجْتمعَ عَلَيْهِ الْجنُود فَقَاتلُوا فَأَصَابَهُ سهم آخر نَهَار الْجُمُعَة من شهر رَمَضَان سنة سِتّ وَعشْرين وَمِائَة فحز رَأسه وَحمل إِلَى الْوَلِيد ابْن يزِيد وصلبت جثته على جذع عِنْد بَاب جوزجان وَبَقِي مصلوباً إِلَى أَن ظهر أَبُو مُسلم الْخُرَاسَانِي صَاحب دَعْوَة العباسيين فأنزله من الْجذع وَصلى عَلَيْهِ وعمره ثَمَان وَعِشْرُونَ سنة فَهَؤُلَاءِ فِي دولة بني أُميَّة وَأما فِي دولة العباسيين فَكَانَ زمَان عبيد الله السفاح أول من ولي مِنْهُم زمَان صلح وسداد وبرمنه بهم مَا ظهر فِي زَمَانه أحد وَلَا دَعَا دَاع وَكَانُوا شَيْئا وَاحِدًا على مَا تَقْتَضِيه الْقَرَابَة واللحمة فَلَمَّا مَاتَ السفاح وَولي أَخُوهُ الْمَنْصُور عبد الله الدوانيقي قَامَ بالدعوه مُحَمَّد الملقب بِالنَّفسِ الزكية بن عبد الله الْمَحْض بن الْحسن الْمثنى بن الْحسن السبط بن عَليّ بن أبي طَالب وَسبب ذَلِك أَنه لما صَار أَمر بني أُميَّة إِلَى الِاخْتِلَاف واضطرب أَمر مَرْوَان بن مِحمد اجْتمع أهل الْبَيْت بِالْمَدِينَةِ الشَّرِيفَة وَتَشَاوَرُوا فِيمَن يعقدون لَهُ الْخلَافَة فاتفقوا على مُحَمَّد النَّفس الزكية بن عبد الله الْمَحْض بن الْحسن الْمثنى بن الْحسن

ص: 167

السبط وَبَايَعُوهُ سرا وَسلم لَهُ جَمِيعهم وَيُقَال إِنَّه حضر هَذِه الْبيعَة أَبُو جَعْفَر عبد الله الْمَنْصُور وَبَايع فِيمَن بَايع لَهُ من أهل الْبَيْت وَأَجْمعُوا على ذَلِك لتقدمه فيهم بِمَا علمُوا لَهُ من الْفضل عَلَيْهِم وَلِهَذَا كَانَ مَالك وَأَبُو حنيفَة رحمهمَا الله تَعَالَى يجنحان إِلَيْهِ حِين خرج من الْحجاز ويريان إِمَامَته أصح من إِمَامَة أبي جَعْفَر لانعقاد هَذِه الْبيعَة من قبل وَرُبمَا صَار إِلَيْهِ الْأَمر عِنْد الشِّيعَة بانتقال الْوَصِيَّة إِلَيْهِ من زيد بن عَليّ وَكَانَ أَبُو حنيفَة يَقُول بفضله ويجنح إِلَى حَقه فتأدت إِلَيْهِمَا المحنة بِسَبَب ذَلِك أَيَّام أبي جَعْفَر الْمَنْصُور حَتَّى ضرب مَالك على الْفتيا فِي طَلَاق الْمُكْره وَحبس أَبُو حنيفَة على الْقَضَاء وَلما حج الْمَنْصُور أَيَّام أَخِيه السفاح سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ تغيب عَنهُ مُحَمَّد هَذَا وَأَخُوهُ إِبْرَاهِيم وَلم يحضرا عِنْده مَعَ بني هِشَام فَسَأَلَ عَنْهُمَا فَقَالَ لَهُ زِيَاد بن عبيد الله الْحَارِثِيّ أَنا آتِيك بهما وَكَانَ مَعَه بِمَكَّة فَرده الْمَنْصُور إِلَى الْمَدِينَة وَلما صَارَت الْخلَافَة إِلَى أبي جَعْفَر الْمَنْصُور سعى عِنْده ببني حسن وَأَن مُحَمَّد ابْن عبد الله يروم الْخُرُوج وَأَن دعاته ظَهَرُوا بخراسان فَطَفِقَ يسْأَل عَن مُحَمَّد وَيخْتَص بني هَاشم بالسؤال سرا فكلهم يَقُول إِنَّك ظَهرت على طلبه بِهَذَا الْأَمر فخافك وَيحسن الْعذر عَنهُ إِلَّا الْحسن بن زيد بن الْحسن بن عَليّ فَإِنَّهُ قَالَ وَالله مَا آمن وثوبه عَلَيْك فَإِنَّهُ لَا ينَام عَنْك فَكَانَ مُوسَى الجون بن عبد الله الْمَحْض يَقُول بعد هَذِه اللَّهُمَّ اطلب الْحسن بن زيد بدمائنا ثمَّ إِن الْمَنْصُور حج سنة أَرْبَعِينَ وَمِائَة وألح على عبد الله بن حسن فِي إِحْضَار ابْنه مُحَمَّد فَاسْتَشَارَ عبد الله بن سُلَيْمَان بن عَليّ فِي إِحْضَاره فَقَالَ لَهُ سُلَيْمَان لَو كَانَ عافياً لعفا عَن عَمه فاستمر عبد الله على الكتمان ثمَّ اسْتعْمل الْمَنْصُور على الْمَدِينَة ريَاح بن عُثْمَان المري فِي رَمَضَان سنة أَربع وَأَرْبَعين فَقدم الْمَدِينَة وتهدد عبد الله الْمَحْض فِي إِحْضَار ابنيه مُحَمَّد وَإِبْرَاهِيم فَقَالَ لَهُ عبد الله إِنَّك لأزرق قيس الْمَذْبُوح فِيهَا كَمَا تذبح الشَّاة فاستشعر ذَلِك ووجم فَقَالَ لَهُ حَاجِبه أَبُو البخْترِي إِن هَذَا مَا اطلع على الْغَيْب فَقَالَ لَهُ وَالله مَا قَالَ هَذَا إِلَّا مَا سمع فَكَانَ كَذَلِك كَمَا سَيذكرُ

ص: 168

ثمَّ جد ريَاح فِي طلب مُحَمَّد فَأخْبر أَنه فِي شعاب رضوى من عمل يَنْبع وَهُوَ جبل جُهَيْنَة فَبعث عَامله فِي طلبه فَأَفلَت ثمَّ إِن ريَاح حبس بني حسن وقيدهم وهم عبد الله الْمَحْض وَإِخْوَته حسن وَإِبْرَاهِيم وجعفر وَابْنه مُوسَى الجون بن عبد الله الْمَحْض وَسليمَان وَعبد الله ابْني أَخِيه دَاوُد وَإِسْمَاعِيل وَإِسْحَاق ابْني إِبْرَاهِيم بن الْحسن وَلم يحضر مَعَهم أَخُوهُ على العابد ثمَّ حضر من الْغَد وَقَالَ جئْتُك لتحبسني مَعَ قومِي فحبسه وَكتب إِلَيْهِ الْمَنْصُور أَن يحبس مَعَهم مُحَمَّد بن عبد الله بن عَمْرو بن عُثْمَان بن عَفَّان الْمَعْرُوف بالديباجة وَكَانَ أَخا عبد الله الْمَحْض لأمه أمهما فَاطِمَة بنت الْحُسَيْن وَكَانَ عَامل مصر قد عثر على عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد الله الْمَحْض بَعثه أَبوهُ مُحَمَّد النَّفس الزكية إِلَى مصر يَدْعُو لَهُ فَأَخذه عاملها وَبعث بِهِ إِلَى الْمَنْصُور ثمَّ إِن الْمَنْصُور حج سنة أَربع وَأَرْبَعين فَلَمَّا قضى حجه وَخرج إِلَى الرَّبذة وَجَاء ريَاح بن عُثْمَان ليودعه أمره بأشخاص بني حسن وَمن مَعَهم إِلَى الْعرَاق فَأخْرجهُمْ فِي الْقُيُود والأغلال وأركبهم فِي محامل بِغَيْر وطاء وجعفر الصَّادِق يعاينهم من وَرَاء ستر ويبكي وَجَاء مُحَمَّد وَإِبْرَاهِيم مَعَ أَبِيهِمَا يسايرانه مستترين بزِي الْأَعْرَاب ويستأذنانه فِي الْخُرُوج فَيَقُول لَا تعجلا حَتَّى يمكنكما وَإِن منعتما أَن تعيشا كريمين فَلَا تمنعا أَن تموتا كريمين وانتهوا بهم إِلَى الزبذة وأحضر العثماني مُحَمَّد بن عبد الله بن عَمْرو بن عُثْمَان ابْن عَفَّان الْمَعْرُوف بالديباجة عِنْد الْمَنْصُور فَضَربهُ مائَة وَخمسين سَوْطًا بعد ملاحاة جرت بَينهمَا أغضبت الْمَنْصُور وَيُقَال إِن رياحاً أغرى الْمَنْصُور بِهِ وَقَالَ لَهُ إِن أهل الشَّام شيعته وَلَا يتَخَلَّف مِنْهُم عَنهُ أحد ثمَّ كتب أَبُو عون عَامل خُرَاسَان إِلَى الْمَنْصُور إِن أهل خُرَاسَان ينتظرون مُحَمَّد بن عبد الله الْمَحْض وَأَنه جفل مِنْهُم فَأمر الْمَنْصُور بقتل العثماني وَبعث بِرَأْسِهِ إِلَى خُرَاسَان وَبعث مَعَه من يحلف أَنه رَأس مُحَمَّد بن عبد الله الْمَحْض وَأَن أمه فَاطِمَة بنت رَسُول الله ثمَّ قدم الْمَنْصُور بهم الْكُوفَة وحبسهم بقصر ابْن هُبَيْرَة وَيُقَال إِنَّه قتل مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن حسن بنى عَلَيْهِ أسطوانة وَهُوَ حَيّ فَمَاتَ ثمَّ مَاتَ بعده عبد الله الْمَحْض ثمَّ عَليّ بن حسن وَيُقَال إِن الْمَنْصُور أَمر بهم فَقتلُوا وَلم ينج مِنْهُم إِلَّا سُلَيْمَان وَعبد الله ابْنا دَاوُد

ص: 169

وَإِسْحَاق وَإِسْمَاعِيل ابْنا إِبْرَاهِيم بن حسن وجعفر بن حسن ثمَّ إِن الْمَنْصُور أرجع رياحاً إِلَى الْمَدِينَة وَأمره بإمعان الطّلب لمُحَمد فوصلها وألح فِي طلب مُحَمَّد وَهُوَ مختف ينْتَقل فِي اختفائه من مَكَان إِلَى مَكَان وَقد أرهقه الطّلب حَتَّى تدلى فِي بِئْر وانغمس فِي مَائِهَا وَحَتَّى سقط ابْنه من جبل فتقطع وَدلّ عَلَيْهِ ريَاح بِالْمَدِينَةِ فَركب فِي طلبه فاختفى عَنهُ وَلم يره وَلما اشْتَدَّ الطّلب عَلَيْهِ أجمع على الْخُرُوج وأغراه أَصْحَابه بذلك وَجَاء الْخَبَر إِلَى ريَاح بِأَنَّهُ اللَّيْلَة خَارج وَحضر الْعَبَّاس بن عبد الله بن الْحَارِث بن الْعَبَّاس وَمُحَمّد بن عمرَان بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد قَاضِي الْمَدِينَة وَغَيرهمَا وَقَالَ لَهُم أَمِير الْمُؤمنِينَ يطْلب مُحَمَّدًا شَرق الأَرْض وغربها وَهُوَ بَين أظْهركُم وَالله لَئِن خرج ليقتلنكم أَجْمَعِينَ فَأمر القَاضِي بإحضار عشيرته بني زهرَة فَجَاءُوا فِي جمع كثير وأجلسهم بِالْبَابِ ثمَّ أحضر نَفرا من العلويين فيهم جَعْفَر بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن وحسين بن عَليّ بن حُسَيْن بن عَليّ وَحسن بن عَليّ بن حُسَيْن بن عَليّ ورجالاً من قُرَيْش وبينما هم عِنْده سمعُوا التَّكْبِير وَقيل خرج مُحَمَّد فَقَالَ ابْن مُسلم بن عقبَة لرياح بن عُثْمَان أطعني وَاضْرِبْ أَعْنَاق هَؤُلَاءِ العلويين فَأبى فَأقبل مُحَمَّد النَّفس الزكية فِي مائَة وَخمسين رجلا وقصدوا السجْن وَأخرج مُحَمَّد بن خَالِد بن عبد الله الْقَسرِي وَابْن أَخِيه وَمن كَانَ مَعَهُمَا مَحْبُوسًا بالظلم وأتى دَار الْإِمَارَة وَهُوَ يُنَادي بالكف عَن الْقَتْل فَدَخَلُوا من بَاب الْمَقْصُورَة وقبضوا على ريَاح بن عُثْمَان عَامل الْمَدِينَة وأخيه عَبَّاس وَابْن مُسلم بن عقبَة وحبسهم ثمَّ خرج إِلَى الْمَسْجِد فَخَطب النَّاس وَذكر الْمَنْصُور بِمَا نقمه عَلَيْهِ ووعد النَّاس واستنصرهم وَاسْتعْمل على الْمَدِينَة عُثْمَان بن مُحَمَّد بن خَالِد بن الزبير وَعلي قَضَائهَا عبد الْملك بن عبد الْمطلب بن عبد الله المَخْزُومِي وَلم يتَخَلَّف عَن مُحَمَّد ابْن الْمَحْض من وُجُوه النَّاس إِلَّا نفر قَلِيل مِنْهُم خبيب بن ثَابت بن عبد الله بن الزبير واستفتى أهل الْمَدِينَة مَالِكًا فِي الْخُرُوج مَعَ مُحَمَّد وَقَالُوا فِي أعناقنا بيعَة الْمَنْصُور فَقَالَ الإِمَام مَالك إِنَّمَا بايعتم مكرهين فَتسَارع النَّاس إِلَى مُحَمَّد وَلزِمَ

ص: 170

مَالك بَيته وَأرْسل مُحَمَّد الْمَذْكُور إِلَى إِسْمَاعِيل عبد الله بن جَعْفَر يَدعُوهُ إِلَى بيعَته وَكَانَ شَيخا كَبِيرا فَقَالَ أَنْت وَالله يَابْنَ أخي مقتول فَكيف أُبَايِعك فَرجع النَّاس عَنهُ قَلِيلا قَلِيلا وأسرع بَنو مُعَاوِيَة بن عبد الله بن جَعْفَر إِلَى مُحَمَّد فَجَاءَت أختهم حمادة إِلَى عَمها إِسْمَاعِيل وَقَالَت يَا عَم إِن مَقَالَتك ثبطت النَّاس عَن مُحَمَّد وإخوتي مَعَه فأخشى أَن يقتلُوا فطردها فَيُقَال إِنَّهَا غَدَتْ عَلَيْهِ فَقتلته وَلما اسْتَوَى أَمر مُحَمَّد بن الْمَحْض الْمَذْكُور ركب رجل من آل أويس بن أبي سرح اسْمه الْحُسَيْن بن صَخْر وَجَاء إِلَى الْمَنْصُور فِي تسع وَخَبره الْخَبَر فَقَالَ أَنْت رَأَيْته قَالَ نعم وكلمته على مِنْبَر رَسُول الله

ثمَّ تتَابع الْخَبَر وأشفق الْمَنْصُور من أمره فَاسْتَشَارَ أهل بَيته ودولته فَبعث إِلَى عَمه عبد الله وَهُوَ مَحْبُوس يستشيره فَأَشَارَ عَلَيْهِ بِأَن يقْصد الْكُوفَة فَإِنَّهُم شيعَة أهل الْبَيْت فَيملك عَلَيْهِم أَمرهم ويحفها بالمسالح حَتَّى يعرف الدَّاخِل وَالْخَارِج ويستدعي سَالم بن قُتَيْبَة من الرّيّ فيحشد مَعَه كَافَّة أهل الشَّام ويبعثه وَأَن يثبت الْعَطاء فِي النَّاس فَخرج الْمَنْصُور إِلَى الْكُوفَة وَتَبعهُ عبد الله بن الرّبيع بن عبيد الله بن عبد المدان وَلما قد الْكُوفَة أرسل إِلَى بديل بن يحيى وَكَانَ السفاح يشاوره فَأَشَارَ عَلَيْهِ بِأَن يشحن الأهواز بالجنود وَأَشَارَ عَلَيْهِ جَعْفَر بن حَنْظَلَة البهراني بِأَن يبْعَث الْجند إِلَى الْبَصْرَة فَلَمَّا ظهر إِبْرَاهِيم أَخُو مُحَمَّد الْمَذْكُور بِتِلْكَ النَّاحِيَة تبين وَجه إشارتهما وَقَالَ الْمَنْصُور لجَعْفَر بن حَنْظَلَة كَيفَ خفت الْبَصْرَة قَالَ لِأَن أهل الْمَدِينَة لَيْسُوا أهل حَرْب حسبهم أنفسهم وَأهل الْكُوفَة تَحت قدمك وَأهل الشَّام أَعدَاء الطالبيين وَلم يبْق إِلَّا أهل الْبَصْرَة ثمَّ إِن الْمَنْصُور كتب إِلَى مُحَمَّد بن عبد الله الْمَحْض الْمَذْكُور كتاب أَمَان فَأجَاب عَنهُ بِالرَّدِّ والتعريض بِأُمُور فِي الْأَنْسَاب وَالْأَحْوَال فَأَجَابَهُ الْمَنْصُور بِمثل ذَلِك وانتصف كل مِنْهُمَا لنَفسِهِ بِمَا يَنْبَغِي الْإِعْرَاض عَنهُ مَعَ أَنَّهُمَا صَحِيحَانِ مرويان وذكرهما الْمبرد فِي كَامِله فَمن أَرَادَ الْوُقُوف عَلَيْهِمَا فليلتمسهما فِي أماكنهما ذكر جَمِيع هَذَا الْعَلامَة ابْن خلدون فِي كِتَابه الْمُسَمّى كتاب العبر وديوان الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر فِي دولة الْعَرَب والعجم والبربر قلت قد أَحْبَبْت ذكرهمَا تجميلأ للجامع

ص: 171

الْقَاصِر وتكميلاً يكون فِيهِ شِفَاء الخاطر قَالَ لِسَان الْأَدَب وترجمان الْعَرَب أَبُو الْعَبَّاس مُحَمَّد بن يزِيد الشهير بالمبرد فِي كِتَابه الْمُسَمّى الْكَامِل وَفِي سنة خمس وَأَرْبَعين وَمِائَة اشْتَدَّ الطّلب على مُحَمَّد النَّفس الزكية خرج بِالْمَدِينَةِ الشَّرِيفَة وَبعث أَخَاهُ إِبْرَاهِيم إِلَى الْبَصْرَة دَاعيا لَهُ فغلب عَلَيْهَا وعَلى الأهواز وَفَارِس وَبعث الْحسن بن مُعَاوِيَة أَو مُحَمَّد بن مُعَاوِيَة من أَوْلَاد جَعْفَر بن أبي طَالب إِلَى مَكَّة فملكها وَبعث عَاملا إِلَى الْيمن فملكه ودعا لنَفسِهِ وخطب على منبره عليه الصلاة والسلام وَكَانَ يَدعِي بِالنَّفسِ الزكية وتلقب بالمهدي وَحبس ريَاح بن عُثْمَان المري عَامل الْمَدِينَة للمنصور وَبلغ الْخَبَر إِلَى الْمَنْصُور بذلك فَكتب إِلَيْهِ كتابا نَصه بعد الْبَسْمَلَة من عبد الله عبد الله أَمِير الْمُؤمنِينَ إِلَى مُحَمَّد بن عبد الله أما بعد ف {إِنَّماً جزوا الذَّينَ يُحَارِبونَ اللَّهَ وَرَسُولَه وَيسَعونَ فِي اَلأرَضِ فَسَاداً} إِلَى {غَفُورٌ رحِيم} الْمَائِدَة 33: 34 وَلَك ذمَّة الله وَعَهده وميثاقه وَحقّ نبيه مُحَمَّد

إِن تبتَ من قبل أَن نقدر عَلَيْك أَن أؤمنك على نَفسك وولدك وإخوتك وَمن بَايَعَك وَجَمِيع شيعتك وَأَن أُعْطِيك ألف ألف دِرْهَم وأنزلك من الْبِلَاد حَيْثُ شِئْت وأقضى لَك مَا شِئْت من الْحَاجَات وَأطلق من فِي سجني من أهل بَيْتك وشيعتك وأنصارك ثمَّ لَا أتتبع أحدا مِنْكُم بمكروه وَإِن شِئْت أَن تتوثق لنَفسك فَوجه إِلَى من يَأْخُذ لَك الْمِيثَاق والعهد والأمان إِن أَحْبَبْت وَالسَّلَام فَأَجَابَهُ مُحَمَّد الْمهْدي بِكِتَاب نَصه بعد الْبَسْمَلَة من عبد الله مُحَمَّد الْمهْدي أَمِير الْمُؤمنِينَ إِلَى عبد الله بن مُحَمَّد أما بعد {طسم تِلْكَ ءايت الْكتب المُبِينِ نَتلُوا عَلَيكَ مِن نَّباً مُوسى وَفِرعَونَ بِالْحَقِّ لقوم يُؤمنُونَ إِن فِرْعَوْن علا فِي الأَرْض} إِلَى {يحذرون} الْقَصَص 1: 6 وَأَنا أعرض عَلَيْك من الْأمان مثل الَّذِي أَعْطَيْتنِي فقد تعلم أَن الْحق حَقنا وأنكم إِنَّمَا أعطيتموه بِنَا ونهضتم فِيهِ بشيعتنا وخطبتموه بفضلنا وَإِن أَبَانَا عليا عَلَيْهِ

ص: 172

السَّلَام كَانَ الْوَصِيّ وَالْإِمَام فَكيف ورثتموه دُوننَا وَنحن أَحيَاء وَقد علمْتُم أَنه لَيْسَ أحد من بني هَاشم يمت بِمثل فضلنَا وَلَا يفخر بِمثل قديمنا وحديثنا ونسبنا وسببنا وَإِنَّا بَنو أم رَسُول الله

فَاطِمَة بنت عَمْرو فِي الْجَاهِلِيَّة دونكم وَبَنُو ابْنَته فَاطِمَة فِي الْإِسْلَام من بَيْنكُم فَأَنا أَوسط بني هَاشم نسبا وَخَيرهمْ أما وَأَبا لم تلدني الْعَجم وَلم تعرق بِي أُمَّهَات الْأَوْلَاد وَإِن الله عز وجل لم يزل يخْتَار لنا فولدني من النَّبِيين أفضلهم مُحَمَّد

وَمن أَصْحَابه أقدمهم إسلاماً وأوسعهم علما وَأَكْثَرهم جهاداً عَليّ بن أبي طَالب وَمن نِسَائِهِ أفضلهن خَدِيجَة بنت خويلد أول من آمن بِاللَّه وَصلى إِلَى الْقبْلَة وَمن بَنَاته أفضلهن وسيدة نسَاء أهل الْجنَّة وَمن المولودين فِي الْإِسْلَام الْحسن وَالْحُسَيْن سيدا شباب أهل الْجنَّة ثمَّ قد علمت أَن هاشماً ولد عليا مرَّتَيْنِ وَأَن عبد الْمطلب ولد الْحسن مرَّتَيْنِ وَأَن رَسُول الله

ولدني مرَّتَيْنِ من قبل جدي الْحسن وَالْحُسَيْن سَيِّدي شباب أهل الْجنَّة فَمَا زَالَ الله يخْتَار لي حَتَّى اخْتَار لي فِي النَّار فولدني أرفع النَّاس دَرَجَة فِي الْجنَّة وأهون أهل النَّار عذَابا يَوْم الْقِيَامَة فَأَنا ابْن خير الْأَخْبَار وَابْن خير الأشرار وَابْن خير أهل الْجنَّة وَابْن خير أهل النَّار وَلَك عهد إِن دخلت فِي بيعتي أَن أؤمنك على نَفسك وولدك وكل مَا أصبته إِلَّا حدا من حُدُود الله تَعَالَى أَو حَقًا لمُسلم أَو معاهد فقد علمت مَا يلزمك فِي ذَلِك فَأَنا أوفى بالعهد مِنْك وَأَنت أَحْرَى بقبلول الْأمان مني إِلَيْك وَأما أمانك الَّذِي عرضت عَليّ فَأَي الْأَمَانَات هُوَ أَمَان ابْن هُبَيْرَة أم أَمَان عمك عبد الله بن عَليّ أم أَمَان أبي مُسلم الْخُرَاسَانِي وَالسَّلَام فَأَجَابَهُ الْمَنْصُور بقوله بعد الْبَسْمَلَة من عبد الله عبد الله أَمِير الْمُؤمنِينَ إِلَى مُحَمَّد بن عبد الله اْما بعد فقد أَتَانِي كتابك وَبَلغنِي كلامك فَإِذا جلّ فخرك بِالنسَاء لتضل بِهِ الجفاة والغوغاء وَلم يَجْعَل الله النِّسَاء كالعمومة وَلَا الْآبَاء كالعصبة والأولياء وَقد جعل الله الْعم أَبَا وَبَدَأَ بِهِ على الْوَلَد الْأَدْنَى فَقَالَ جلّ ثَنَاؤُهُ عَن نبيه عليه الصلاة والسلام {وَاتَّبَعت مِلَّة ءاباءى إِبْرَاهِيم وَإِسْحَق وَيَعقُوب} يُوسُف 38 وَلَقَد

ص: 173

علمت أَن الله تبارك وتعالى بعث مُحَمَّدًا

وعمومته أَرْبَعَة فَأَجَابَهُ اثْنَان أَحدهمَا أبي وَكفر اثْنَان أَحدهمَا أَبوك وَأما مَا ذكرت من النِّسَاء وقرابتهن فَلَو أعطين على قدَر الْأَنْسَاب وَحقّ الأحساب لَكَانَ الْخَيْر كُله لآمنة بنت وهب وَلَكِن الله يخْتَار لدينِهِ من يَشَاء من خلقه وَأما مَا ذكرت عَن فَاطِمَة بنت عَمْرو أم أبي طَالب فَإِن الله لم يهد أحدا من وَلَدهَا إِلَى الْإِسْلَام وَلَو فعل لَكَانَ عبد الله بن عبد الْمطلب أَوْلَادهم بِكُل خير فِي الْآخِرَة وَالْأولَى وأسعدهم بِدُخُول الْجنَّة وَلَكِن الله أَبى ذَلِك فَقَالَ {إنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَن يشاءُ} الْقَصَص 56 وَأما مَا ذكرت من فَاطِمَة بنت أَسد أم عَليّ بن أبي طَالب وَفَاطِمَة أم الْحسن وَالْحُسَيْن وَأَن هاشماً ولد عليا مرَّتَيْنِ وَأَن عبد الْمطلب ولد الْحسن مرَّتَيْنِ فَخير الْأَوَّلين والآخرين رَسُول الله

لم يلده هَاشم إِلَّا مرّة وَاحِدَة وَلم يلده عبد الْمطلب إِلَّا مرّة وَاحِدَة وَأما مَا ذكرت من أَنَّك ابْن رَسُول الله

فَإِن الله قد أَبى ذَلِك لَهُ فَقَالَ {مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِن رِجَالِكُمْ وَلَكِن رَسُول الله وَخَاتم النبين} الْأَحْزَاب 40 وَلَكِنَّكُمْ بَنو ابْنَته وَإِنَّهَا لقرابة قريبَة غير أَنَّهَا امْرَأَة لَا تحوز الميرات وَلَا يجوز أَن تؤم فَكيف تورث الْإِمَامَة من قبلهَا وَلَقَد طلب بهَا أَبوك من كل وَجه فأخرجها تخاصم ومرّضها سرا ودفنها لَيْلًا وأبى النَّاس إِلَّا تَقْدِيم الشَّيْخَيْنِ وَلَقَد حضر أَبوك وَفَاة رَسُول الله

فَأمر بِالصَّلَاةِ غَيره ثمَّ أَخذ النَّاس رجلا رجلا فَلم يَأْخُذُوا أَبَاك فيهم ثمَّ كَانَ فِي أَصْحَاب الشورى فَكل دَفعه عَنْهَا بَايع عبد الرَّحْمَن عُثْمَان وَقبلهَا عُثْمَان وَحَارب أَبَاك طَلْحَة وَالزُّبَيْر ودعا سَعْدا إِلَى بيعَته فأغلق بَابه دونه ثمَّ بَايع مُعَاوِيَة بعده وأفضى أَمر جدك إِلَى أَبِيك الْحسن فسلمه إِلَى مُعَاوِيَة بخرق ودراهم وَأسلم فِي يَدَيْهِ شيعته وَخرج إِلَى الْمَدِينَة وَدفع الْأَمر إِلَى غير أَهله وَأخذ مَالا من غير حلّه فَإِن كَانَ لكم فِيهَا شىء فقد يعتموه وَأما قَوْلك إِن الله أخْتَار لَك فِي الْكفْر فَجعل أَبَاك أَهْون أهل النَّار عذَابا فَلَيْسَ فِي الشَّرّ خِيَار وَلَا من عَذَاب الله هَين وَلَا يَنْبَغِي لمُسلم يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر أَن يفتخر بالنَّار وسترد فتعلم {وَسيعلَمُ اَلذينَ ظلَمُوا} الشُّعَرَاء 227 الْآيَة وَأما

ص: 174

قَوْلك لم تلدني الْعَجم وَلم تعرق فِيك أُمَّهَات الْأَوْلَاد وَأَنَّك أَوسط بني هَاشم نسبا وَخَيرهمْ أما وَأَبا فقد رَأَيْتُك فخرت على بني هَاشم طراً وقدمت نَفسك على من هُوَ خير مِنْك أولى وَأُخْرَى وأصلاً وفصلاً فخرت على إِبْرَاهِيم ابْن رَسُول الله

وعَلى والدِ وَلَده فَانْظُر وَيحك أَيْن تكون من الله غَدا وَمَا ولد فِينَا مَوْلُود بعد وَفَاة رَسُول الله

أفضل من عَليّ بن الْحُسَيْن وَهُوَ لأم ولد وَلَقَد كَانَ خيرا من جدك حسن بن حسن ثمَّ ابْنه مُحَمَّد بن عَليّ خير من أَبِيك عبد الله وجدته أم ولد ثمَّ ابْنه جَعْفَر الصَّادِق وَهُوَ خير مِنْك وَلَقَد علمت أَن جدك عليا حكم الْحكمَيْنِ وأعطاهما عهد الله وميثاقه على الرِّضَا بِمَا حكما بِهِ فأجمعا على خلعه ثمَّ خرج عمك الْحُسَيْن بن عَليّ فحاربه ابْن مرْجَانَة وَكَانَ النَّاس الَّذين مَعَه عَلَيْهِ حَتَّى قَتَلُوهُ ثمَّ أَتَوا بكم على الأقتاب كالسبي المجلوب إِلَى الشَّام ثمَّ خرج مِنْكُم غير وَاحِد فقتلتكم بَنو أُميَّة وحرقوكم بالنَّار وصلبوكم على جُذُوع النّخل حَتَّى خرجنَا عَلَيْهِم فَأَدْرَكنَا بثأركم إِذْ لم تدركوه ورفعنا أقداركم وأورثناكم أَرضهم وديارهم بعد أَن كَانُوا يلعنون أَبَاك فِي أدبار كل صَلَاة مَكْتُوبَة كَمَا تلعن الْكَفَرَة فعفناهم وكفرناهم وَبينا فَضله وأشدنا بِذكرِهِ فاتخذت ذَلِك علينا حجَّة وظننت أَنا بِمَا ذكرنَا من فضل عَليّ أَنا قدمْنَاهُ على حَمْزَة وَالْعَبَّاس وجعفر كل أُولَئِكَ مضوا سَالِمين مُسلما مِنْهُم وابتلي أَبوك بالدماء وَقد علمت أَن مآثرنا فِي الْجَاهِلِيَّة سِقَايَة الْحَاج الْأَعْظَم وَولَايَة زَمْزَم وَكَانَت للْعَبَّاس دون إخْوَته فنازعنا فيهمَا أَبوك إِلَى عمر فَقضى لنا عمر بهما وَتُوفِّي رَسُول الله

وَلَيْسَ أحد من عمومته حَيا إِلَّا الْعَبَّاس فَكَانَ وَارثه دون بني عبد الْمطلب وَطلب الْخلَافَة غير وَاحِد من بني هَاشم فَلم ينلها إِلَّا وَلَده فَاجْتمع للْعَبَّاس أَنه أَبُو رَسُول الله

خَاتم النَّبِيين وَبَنوهُ القادة الْخُلَفَاء فقد ذهب بِفضل الْقَدِيم والْحَدِيث وَلَوْلَا أَن الْعَبَّاس أخرج إِلَى بدر كرها لمات عماك طَالب وَعقيل جوعا أَو يلحسا جفان عتبَة وَشَيْبَة ابْني ربيعَة فَأذْهب عَنْهُمَا الْعَار والشنار وَلَقَد جَاءَ الْإِسْلَام وَالْعَبَّاس يمون أَبَا طَالب للأزمة الَّتِي أَصَابَتْهُم ثمَّ فدى عقيلاً يَوْم بدر فقدمناكم فِي الْكفْر وفديناكم من الْأسر وورثنا دونكم خَاتم الْأَنْبِيَاء

ص: 175

وحزناً شرف الْآبَاء وأدركنا من ثأركم إِذْ عجزتم عَنهُ ومنعناكم حَيْثُ لم تمنعوا أَنفسكُم وَالسَّلَام ثمَّ عقد أَبُو جَعْفَر الْمَنْصُور على حربه لعيسى ابْن عَمه مُوسَى بن عَليّ بن عبد الله بن الْعَبَّاس فَسَار فِي الْجنُود وَمَعَهُ مُحَمَّد بن أبي الْعَبَّاس السفاح وَكثير بن حُصَيْن الْعَبْدي وَحميد بن قخطبة وهزار مرد وَغَيرهم وَهَؤُلَاء المذكورون كل رجل مِنْهُم مَذْكُور فِي مقاتلة ألف مَشْهُور مخبور وَقَالَ لَهُ إِن ظَفرت بِمُحَمد فأغمد سَيْفك وابذل لَهُ الْأمان وَإِن تغيب فَخدَّ أهل الْمَدِينَة بِهِ فَإِنَّهُم يعْرفُونَ مذاهبه وَمن لقيك من آل أبي طَالب فعرفني بِهِ وَمن لم يلقك فاقبض مَاله وَكَانَ جَعْفَر الصَّادِق فِيمَن تغيب فَقبض مَاله وَيُقَال إِن الْمَنْصُور لما قدم الْمَدِينَة بعد ذَلِك طلبه جَعْفَر بِالْمَالِ فَقَالَ الْمَنْصُور قَبضه مهديكم وَلما وصل عِيسَى بن مُوسَى إِلَى زيد كتب إِلَى نفر من أهل الْمَدِينَة يستدعيهم وَاسْتَشَارَ مُحَمَّد الْمهْدي أَصْحَابه فِي الْمقَام بِالْمَدِينَةِ ثمَّ فِي الخَنْدَق عَلَيْهَا فآثر ذَلِك اقْتِدَاء برَسُول الله

فحفر الخَنْدَق الَّذِي حفره عليه الصلاة والسلام للأحزاب وَنزل عِيسَى بن مُوسَى بالأعوص وَكَانَ مُحَمَّد قد منع النَّاس من الْخُرُوج فَخَيرهمْ فَخرج كثير مِنْهُم بأهليهم إِلَى الْجبَال وَبَقِي فِي شرذمة قَليلَة ثمَّ تدارك أمره وَأمر بردهمْ فأعجزوه وَنزل عِيسَى بن مُوسَى على أَرْبَعَة أَمْيَال من الْمَدِينَة وَبعث عسكراً إِلَى طَرِيق مَكَّة يعترضون مُحَمَّدًا أَن ينهزم إِلَى مَكَّة واْرسل إِلَيْهِ بِالْإِحْسَانِ وَالدُّعَاء إِلَى الْكتاب وَالسّنة ويحذره عَاقِبَة الْبَغي فَقَالَ إِنَّمَا أانا رجل فَرَرْت من الْقَتْل ثمَّ نزل عِيسَى ابْن مُوسَى بالجرف لثنتي عشرَة لَيْلَة خلت من رَمَضَان سنة خمس وَأَرْبَعين فَأَقَامَ يَوْمَيْنِ ثمَّ وقف على سلع ونادى بالأمان لأهل الْمَدِينَة وَأَن يخلوا بَينه وَبَين صَاحبه فَشَتَمُوهُ فَانْصَرف وَعَاد من الْغَد وَقد فرق القواد من سَائِر جِهَات الْمَدِينَة وبرز مَعَ أَصْحَابه ورايته مَعَ عُثْمَان بن مُحَمَّد بن خَالِد بن الزبير وأبلى مُحَمَّد الْمهْدي يَوْمئِذٍ بلَاء عَظِيما وَقتل بِيَدِهِ سبعين رجلا ثمَّ أَمر عِيسَى بن مُوسَى حميد بن قَحْطَبَةَ فَتقدم فِي مائَة من الرجالة إِلَى حَائِط دون الخَنْدَق فهدمه واجتاز الخَنْدَق وقاتلوا من وَرَائه وصابرهم أَصْحَاب مُحَمَّد

ص: 176

إِلَى الْعَصْر ثمَّ أَمر عِيسَى أَصْحَابه فردموا الخَنْدَق بالحقائب ونصبوا عَلَيْهِ الْأَبْوَاب وَجَازَت الْخَيل فَاقْتَتلُوا وَانْصَرف مُحَمَّد فاغتسل وتحنط ثمَّ رَجَعَ وَقَالَ لَهُ عبد الله بن جَعْفَر لَو أتيت الْحسن بن مُعَاوِيَة يَعْنِي عَامله الَّذِي أرْسلهُ إِلَى مَكَّة فَإِن مَعَه جلّ أَصْحَابك وَلَيْسَ لَك بهؤلاء طَاقَة فَقَالَ أترك أهل الْمَدِينَة يقتتلون وَالله لَا أفعل أَو أقتل وَأَنت مني فِي سَعَة فَمشى مَعَه قَلِيلا ثمَّ رَجَعَ وافترق عَنهُ جلّ أصجابه وَبَقِي فِي ثَلَاثمِائَة أَو نَحْوهَا فَقَالَ لَهُ بعض أَصْحَابه نَحن فِي عدَّة أهل بدر ثمَّ جمع بَين الظّهْر وَالْعصر وَمضى فَأحرق الدِّيوَان الَّذِي فِيهِ أَسمَاء من بَايعه وَجَاء إِلَى السجْن فَقتل ريَاح بن عُثْمَان عَامل الْمَدِينَة قبله من قبل الْمَنْصُور وأخاه عباساً وَتقدم مُحَمَّد إِلَى بطن سلع وَمَعَهُ بَنو شُجَاع من الحمس فعرقبوا دوابهم وكسروا جفون سيوفهم واستماتوا وهزموا أَصْحَاب عِيسَى مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا وَصعد نفر من أَصْحَاب عِيسَى الْجَبَل فانحدروا مِنْهُ إِلَى الْمَدِينَة وَرفع بعض نسْوَة آل الْعَبَّاس خماراً لَهُنَّ أسود على مَنَارَة الْمَسْجِد فَلَمَّا رَاه أَصْحَاب مُحَمَّد وهم يُقَاتلُون هربوا وَفتح بَنو غفار طَرِيقا لأَصْحَاب عِيسَى فَجَاءُوا من وَرَاء أَصْحَاب مُحَمَّد ودعا مُحَمَّد حميد بن قَحْطَبَةَ للبراز فَأبى ونادى ابْن خفير عَن أَصْحَاب مُحَمَّد بالأمان فَلم يصغ إِلَيْهِ وَكَثُرت فِيهِ الْجراحَة ثمَّ قتل وَقَاتل مُحَمَّد عَليّ شلوه يهذ النَّاس عَنهُ هَذَا حَتَّى ضرب فَسقط لركبته فطعنه ابْن قَحْطَبَةَ فِي صَدره ثمَّ أَخذ رَأسه فَأتى بِهِ عِيسَى فَبَعثه إِلَى الْمَنْصُور وَأرْسل مَعَه رُءُوس بني شُجَاع وَكَانَ قَتله منتصف رَمَضَان سنة خمس وَأَرْبَعين وَمِائَة وَأرْسل عِيسَى الألوية فَنصبت بِالْمَدِينَةِ بالأمان وصلب مُحَمَّد وَأَصْحَابه مَا بَين ثنية الْوَدَاع وَالْمَدينَة واستأذنت أُخْته فِي دَفنه فدفتته بِالبَقِيعِ وقبره مَشْهُور عَلَيْهِ قبَّة يزار بهَا رَحمَه الله تَعَالَى عمره اثْنَان وخسمون سنة وَقيل خمس وأريعون ثمَّ قَامَ أَخُوهُ إِبْرَاهِيم بن عبد الله الْمَحْض بن الْحسن الْمثنى بن الْحسن السبط وَكَانَ قِيَامه بِالْبَصْرَةِ قد أرْسلهُ أَخُوهُ مُحَمَّد النَّفس الزكية إِلَيْهَا فاستولى عَلَيْهَا فَبَلغهُ الْخَبَر بمقتل أَخِيه يَوْم الْعِيد غرَّة شهر شَوَّال سنة خمس وَأَرْبَعين فَخَطب النَّاس

ص: 177

ونعاه إِلَيْهِم وَأنْشد // (من الطَّوِيل) //

(سَأَبْكِيكَ بالِبيضِ القَوَاضِبِ والقَنَا

فَإنَّ بِهَا مَا يُدْرِكُ الطالبُ الوتْرا)

(ولَسْتُ كمَنْ يَبْكِي أَخَاهُ بعَبْرَةٍ

يُعَصِّرها مِنْ جَفْنِ مُقْلَتِهِ عَصْرا)

فَبَايعُوهُ بِالْإِمَامَةِ وَاسْتولى على وَاسِط والأهواز وكورها وَمَا والاها من بِلَاد فَارس ونهض لقِتَال الْمَنْصُور وَكَانَ يُلَاحظ آخرته أَكثر من دُنْيَاهُ فَالتقى الْجَمْعَانِ ب باخمر من أَرض الأهواز فَجَاءَهُ سهم غرب وَحمل عَلَيْهِ جند الْمَنْصُور وحزوا رَأسه وأرسلوه إِلَى الْمَنْصُور وَكَانَ قَتله غرَّة ذِي الْحجَّة من السّنة الْمَذْكُورَة وعمره ثَمَان وَسِتُّونَ سنة وَقيل وخسمون ثمَّ قَامَ إِبْرَاهِيم الْغمر بن الْحسن الْمثنى أَخُو عبد الله الْمَحْض بعد قتل ابْني أَخِيه مُحَمَّد وَإِبْرَاهِيم فعاجله الْمَنْصُور قبل أَن يستحكم أمره فَأسرهُ وحبسه مَعَ إخْوَته وَأهل بَيته وَمَات فِي الْحَبْس وَكَانَ قِيَامه آخر سنة خمس وَأَرْبَعين وَمِائَة عمره سبع وَسِتُّونَ سنة ثمَّ قَامَ الْحسن بن إِبْرَاهِيم بن عبد الله بن الْحسن الْمثنى بن الْحسن السبط فِي أَيَّام الْمَنْصُور أَيْضا وَكَانَ بِالْبَصْرَةِ مستتراً وَأرْسل دعاته مِنْهَا إِلَى كل نَاحيَة فسعى بِهِ إِلَى الْمَنْصُور قر بن جلال الْأَزْدِيّ فَأعْطَاهُ ثَلَاثَة آلَاف دِرْهَم وَأرْسل رجلا مَعَه يُقَال لَهُ مرعيد النَّصْرَانِي فِي جمَاعَة من الأعوان وَكتب إِلَى عَامله بالبصره بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَة فِيمَا يُشِير بِهِ مرعيد فَدخل فِي زِيّ أهل الصّلاح مظْهرا للتشيع وَالْعِبَادَة وَمضى قر إِلَى الْحسن وَأخْبرهُ بقدوم رجل صَالح فِي وَصفه ثمَّ عرف قرين بَين مرعيد وَبَين شيعَة الْحسن فَرَأَوْا نُسكه وصلاحه فأنسوا بِهِ وَجعل الشِّيعَة تصف صَلَاح حَاله لِلْحسنِ حَتَّى أحب لقاءه ومرعيد مَعَ ذَلِك يحسن صلَة الْحسن بالأموال وَيُرْسل الْجِيرَان يَسْتَعِين بهم فِي أمره وَوَصفه وَكلما كتب إِلَيْهِ الْحسن كتاباُ قبله وَوَضعه على رَأسه وَعَيْنَيْهِ وَأكل خَاتمه يظْهر أَنه يُرِيد التَّبَرُّك بِهِ إِلَى أَن قَالَت لَهُ الشِّيعَة إِن الْحسن يَشْتَهِي لقاءك فَقَالَ لَهُم أخْشَى من اشتهار أَمْرِي وَلَكِن أَنا فِي حجرَة فَلَو جَاءَنِي مَعَ هَذَا وَأَوْمَأَ إِلَى قرين رَجَوْت أَن يكون الْأَمر مَسْتُورا فأجابته الشِّيعَة إِلَى ذَلِك وَعمد مرعيد فَهَيَّأَ الْقَيْد وَالرِّجَال

ص: 178

فخبأهم فِي مَجْلِسه فَلَمَّا وصل قيدوه وَحمل بساعته إِلَى الْمَنْصُور فَلَمَّا أوصلوه إِلَيْهِ أَمر بحبسه وغيبه ثمَّ آل أمره إِلَى أَن مَاتَ بالسم فِي حَبسه سنة نَيف وَسِتِّينَ وَمِائَة ثمَّ قَامَ فِي أَيَّام الْمَنْصُور أَيْضا عبد الله الأشتر ابْن مُحَمَّد النَّفس الزكية بن عبد الله الْمَحْض بن الْحسن الْمثنى بن الْحسن السبط بن عَليّ بن أبي طَالب وَكَانَ ظُهُوره بالسند لِأَنَّهُ هرب بعد قتل أَبِيه إِلَيْهِ وَبَقِي بالسند بِأَرْض كابل يَدعُوهُم إِلَى الْإِسْلَام لأَنهم كَانُوا مشتركين فَأسلم على يَده خلق كثير وَكَانَ على السَّنَد من جِهَة الْمَنْصُور هِشَام بن عَمْرو التغلبي فَوَقع بَينهمَا قتال كثير قدر خمسين وقْعَة فِي سنة وَاحِدَة وَقتل هُنَاكَ ظلما وَكَانَ قِيَامه سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَمِائَة وَقتل سنة إِحْدَى وَخمسين وعمره ثَلَاث وَثَلَاثُونَ سنة ثمَّ قَامَ الْحسن بن إِبْرَاهِيم بن الْحسن الْمثنى بن الْحسن السبط فِي الْبَصْرَة أَيَّام الْمهْدي بن الْمَنْصُور وتوارى لقلَّة أَصْحَابه إِلَى أَن مَاتَ ثمَّ قَامَ عِيسَى بن زيد بن على زين العابدين فِي أَيَّام الْمهْدي فَبَايعهُ أهل الْكُوفَة وَأهل الْبَصْرَة والأهواز ووردت عَلَيْهِ بيعَة أهل الْحجاز وَهُوَ متوارٍ وَاشْتَدَّ الطّلب لَهُ من الْمَنْصُور وَأخذ النَّاس على الظنة فاستتر عِيسَى بالأهواز وَأكْثر مقَامه بهَا فِي زمن الْمَنْصُور فَلَمَّا ولي الْأَمر الْمهْدي أظهر نَفسه فَدس إِلَيْهِ الْمهْدي رجلا من أَصْحَابه قيل إِنَّه أعطَاهُ مِقْدَار مِائَتي ألف دِينَار فسمه فِي طَعَامه وَهُوَ بسواد الْكُوفَة مِمَّا يَلِي الْبَصْرَة فَمَاتَ فجر الْيَوْم الثَّالِث وَدفن سرا وَلَا يعرف قَبره وَكَانَ قِيَامه سنة سِتّ وَخمسين وَمِائَة ووفاته سنة سِتّ وَسِتِّينَ وَمِائَة عمره سِتّ وَأَرْبَعُونَ سنة ثمَّ قَامَ عَليّ بن الْعَبَّاس بن الْحسن الْمثنى بن الْحسن السبط فِي أَيَّام الْمهْدي أَيْضا بِبَغْدَاد فيايعه جمَاعَة سرا وهم بالانتقال من بَغْدَاد إِلَى غَيرهَا من الْبِلَاد ققبضه الْمهْدي قبل استحكام أمره وحبسه فَلم يزل فِي حَبسه إِلَى أَن وَفد عَلَيْهِ الْحُسَيْن بن عَليّ الفخي الْآتِي ذكره بعده فَكلم الْمهْدي فِيهِ واستوهبه مِنْهُ فوهبه لَهُ ثمَّ دس لَهُ شربة سم فَلم يزل يعْمل فِيهِ السم حَتَّى قدم الْمَدِينَة فتفسخ لَحْمه وتباينت أعضاؤه بعد دُخُول الْمَدِينَة بِثَلَاثَة أَيَّام وَمَات

ص: 179

ثمَّ قَامَ الْحُسَيْن بن عَليّ بن الْحسن المثلث بن الْحسن الْمثنى بن الْحسن السبط أَيَّام الْهَادِي بن الْمهْدي بن الْمَنْصُور سنة تسع وَسِتِّينَ وَمِائَة وَهُوَ بِالْمَدِينَةِ وجده الْحسن المثلث أَخُو عبد الله الْمَحْض بُويِعَ بِالْمَدِينَةِ وخطب على منبرها وهرب عاملها فَلَمَّا اسْتَقر أمره بِالْمَدِينَةِ وَصَارَ إِلَى مَكَّة كتب الْهَادِي إِلَى مُحَمَّد بن سُلَيْمَان بن عَليّ وَقد كَانَ قدم حَاجا من الْبَصْرَة فولاه حربه فَقتله بفخ على ثَلَاثَة أَمْيَال من مَكَّة بل دونهَا فتقاتلوا يَوْم التَّرويَة فَقتل الْحُسَيْن فِي أَكثر من مائَة من أَصْحَابه وَلم ينج مِنْهُم إِلَّا الْيَسِير كَانُوا بَين الْقَتْلَى إِلَى أَن جن عَلَيْهِم اللَّيْل هربوا وَدفن الْحُسَيْن وَأَصْحَابه هُنَالك وقبره مَشْهُور يزار إِلَى الْآن فِي بِنَاء على يَمِين الدَّاخِل إِلَى مَكَّة من وَادي مر وَحمل رَأسه إِلَى الْهَادِي مُوسَى بن الْمهْدي العباسي فَلم يحمد ذَلِك وَكَانَ الْحُسَيْن هَذَا شجاعاً جواداً كَرِيمًا يحْكى أَن الْمهْدي أعطَاهُ لما قدم عَلَيْهِ ألف دِينَار ففرقها فِي النَّاس بِبَغْدَاد والكوفة وَخرج لَا يملك مَا يلْبسهُ إِلَّا فَرْوَة لَيْسَ تحتهَا قَمِيص رحمه الله وَغفر لَهُ وَأعَاد علينا من بركاته روى أَبُو الْفرج الْأَصْبَهَانِيّ فِي مقَاتل الطالبيين بِإِسْنَادِهِ إِلَى النَّبِي

قَالَ

انْتهى رَسُول الله

إِلَى فخ فصلى بِأَصْحَابِهِ ثمَّة صَلَاة الْجَنَائِز ثمَّ قَالَ تقتل هَهُنَا رجال من أهل بَيْتِي وعصابة من الْمُسلمين تنزل لَهُم أكفان وحنوط من الْجنَّة تسبق أوراحهم إِلَى الْجنَّة أجسادَهم وَكَانَ عمره حِين قتل إِحْدَى وَأَرْبَعين سنة ثمَّ قَامَ يحيى بن عبد الله الْمَحْض بن الْحسن بن عَليّ بن أبي طَالب فِي زمَان الْهَادِي أَيْضا بعد أَن نجا من وقْعَة الفخ فجال فِي الْبلدَانِ وَلم يقر بمَكَان وَآخر الْأَمر اسْتَقر بجبل الديلم وَكَانَ إِذا ذَاك فِي زمَان هَارُون الرشيد فسرح الرشيد لحربه الْفضل بن يحيى الْبَرْمَكِي فَبلغ الْفضل إِلَى الطالقان وتلطف فِي استنزال يحيى بن عبد الله من بِلَاد الديلم على أَن يشْتَرط مَا أحب وَيكْتب لَهُ الرشيد بذلك خطه فتم بَينهمَا ذَلِك وَجَاء بِهِ الْفضل فوفي لَهُ الرشيد بِكُل مَا أحبه وأجرى لَهُ أرزاقاً سنية حَسَنَة ثمَّ توجه يحيى بِإِذْنِهِ إِلَى الْمَدِينَة ثمَّ استرجعه هَارُون الرشيد من الْمَدِينَة إِلَى بَغْدَاد بسعاية كَانَت فِيهِ من بعض آل الزبير فَيُقَال إِنَّه لما حلف الزبيرِي بِتِلْكَ الْيَمين الَّتِي فِيهَا الْبَرَاءَة من حول الله وقوته والالتجاء إِلَى الْحول وَالْقُوَّة وَمَات الزبيرِي بعد الثَّلَاثَة

ص: 180

الْأَيَّام أطلق الرشيد يحيى وَوَصله بِمَال ثمَّ بعد ذَلِك بمديدة أظهر لَهُ ذَلِك أَنه قد صَحَّ عِنْده أَنه يطْلب النَّاس سرّاً إِلَى بيعَته فَكلم الرشيد الْفُقَهَاء فِيمَا أعطَاهُ من الْأمان فَمنهمْ من أثْبته وَمِنْهُم من نقضه ثمَّ آخر الْأَمر أرْسلهُ الى الْحَبْس فَمَاتَ بعد شهر من اعتقاله فِي الْحَبْس وَاخْتلف فِي مَوته فَقيل خنقوه وَقيل بنوا عَلَيْهِ وَقيل سموهُ وَقيل قَتَلُوهُ بِالْجُوعِ وَيُقَال أطلقهُ الْفضل بن يحيى افتئاتاً على الرشيد فَكَانَ ذَلِك سَبَب نكبة البرامكة وَالله أعلم أيا كَانَ ذَلِك قلت ذكر المَسْعُودِيّ أَن هَذِه المباهلة بِهَذِهِ الْيَمين وَقعت مَعَ الزبير نَفسه منسوبة إِلَى مُوسَى الكاظم مَعَه وَالله أعلم من أَيهمَا كَانَت كَانَ قيام يحيى سنة سِتّ وَسبعين وَمِائَة ثمَّ قَامَ من بعده أَخُوهُ إِدْرِيس بن عبد الله الْمَحْض وَذَلِكَ أَنه لما أفلت وَنَجَا من وَاقعَة الْحُسَيْن الفخي لحق بِمصْر إِلَى الغرب وعَلى بريد مصر يَوْمئِذٍ وَاضح مولى صَالح بن الْمَنْصُور وَيعرف بالمسكين وَكَانَ يتشيع فَعلم بشأن إِدْرِيس وَهُوَ جد الأدارسة بالمغرب وَمِنْهُم طَائِفَة بِمَكَّة أَتَوا إِلَيْهَا وَأَتَاهُ إِلَى الْمَكَان الَّذِي كَانَ بِهِ مستخفياً وَحمله على الْبَرِيد إِلَى الْمغرب وَمَعَهُ رَاشد مَوْلَاهُ فَنزل بوليلي سنة ثِنْتَيْنِ وَسبعين وَبهَا يَوْمئِذٍ إِسْحَاق بن مُحَمَّد بن عبد الحميد أَمِير أورند من قبائل البربر وَكَبِيرهمْ فأجاره وأكرمه وَأجْمع البربر على الْقيام بدعوته وخلع الطَّاعَة العباسية وكشف القناع فَبَايعُوهُ وَقَامُوا بأَمْره وَكَانَ فيهم مجوس فَقَاتلهُمْ إِلَى أَن أَسْلمُوا وَملك الْمغرب الْأَقْصَى وَملك تلمسان سنة ثَلَاث وَسبعين وَدخلت مُلُوك زنانة أجمع فِي طَاعَته واستفحل ملكه وخافه إِبْرَاهِيم بن الْأَغْلَب صَاحب القيروان وراسل الرشيد يُخبرهُ فَدس إِلَيْهِ الرشيد مولى من موَالِي أَبِيه الْمهْدي اسْمه سُلَيْمَان بن جرير وَيعرف بالشماخ وأنفذه بِكِتَاب إِلَى ابْن الْأَغْلَب فَأَجَازَهُ وَلحق بِإِدْرِيس مظْهرا للنزوع إِلَيْهِ فِيمَن نزع من وحدان الْعَرَب ومتبرئاً من الدولة العباسية فاختصه الإِمَام إِدْرِيس وحلا بِعَيْنِه وَكَانَ قد تأبط سما فِي سنُون فَنَاوَلَهُ إِيَّاه عِنْد شكايته من وجع سنونه فَكَانَ فِيمَا زَعَمُوا حتفه

ص: 181

وَدفن ببوليلى سنة سبع وَسبعين وَمِائَة ثمَّ قَامَ بالدعوة مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم طَبَاطَبَا بن إِسْمَاعِيل الديباج بن إِبْرَاهِيم بن الْحسن الْمثنى بن الْحسن السبط بن عَليّ بن أبي طَالب وَأَبوهُ إِبْرَاهِيم طَبَاطَبَا لقب بذلك للكنة كَانَت بِهِ صَغِيرا سَببهَا أَنه طلب يَوْمًا غُلَامه أَن يَأْتِيهِ بقباء فَلم يفهم مُرَاده فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيم طَبَاطَبَا يُرِيد قبا قبا فلقب بِهِ حَبسه الْمهْدي وَبَقِي فِي الْحَبْس إِلَى زمَان هَارُون وَمَات فِيهِ فَظهر ابْنه مُحَمَّد هَذَا وَسبب ظُهُوره أَنه لما بعث الْمَأْمُون الْحسن بن سهل وزيره إِلَى الْعرَاق وولاه مَا كَانَ افتتحه طَاهِر بن الْحُسَيْن من الْبِلَاد والأعمال تحدث النَّاس أَن الْحسن بن سهل غلب على الْمَأْمُون واستبد عَلَيْهِ وحجبه عَن أهل بَيته وقواده فَغضِبت بَنو هَاشم ووجوه النَّاس وأجهزوا على الْحسن بن سهل وهاجت الْفِتْنَة وَكَانَ أَبُو السَّرَايَا السّري بن مَنْصُور وَيذكر أَنه من بني شَيبَان من ولد هَانِئ بن قبيصَة بن هَانِئ بن مَسْعُود وَقيل من بني تَمِيم كَانَ بالجزيرة وَطلب ففر إِلَى شَرْقي الْفُرَات وَأقَام هُنَالك يخيف السابلة ثمَّ لحق بِيَزِيد بن مزِيد بأرمينية فِي ثَلَاثِينَ فَارِسًا فقوده أَي جعله قائداً وَقَاتل مَعَه الخرمية وَأثر فيهم وَأخذ مِنْهُم غُلَامه الْمُسَمّى أَبَا الشوك وَمَات يزِيد بن مزِيد فَكَانَ أَبُو السَّرَايَا مَعَ وَلَده أَسد كَذَلِك فعزل أَسد فَسَار أَبُو السَّرَايَا إِلَى أَحْمد بن مزِيد وَلما بعث الْأمين أَحْمد بن مزِيد لِحَرْب هرثمة بن أعين أحد قواد الْمَأْمُون بَعثه أَحْمد طَلِيعَة إِلَى عَسْكَر هرثمة فاستماله هرثمة فَمَال إِلَيْهِ فلحق بِهِ وقصده قومه بَنو سيبان من الجزيرة فَاجْتمع إِلَيْهِ مِنْهُم أَكثر من ألفي فَارس واستخرج لَهُم الأرزاق من هرثمة بن أعين فَلَمَّا قتل الْأمين نقص هرثمة من أَرْزَاقهم فَغَضب أَبُو السَّرَايَا وَاسْتَأْذَنَ فِي الْحَج فَأذن لَهُ هرثمة وَأَعْطَاهُ عشْرين ألف دِرْهَم فصرفها فِي أَصْحَابه وَمضى وأوصاهم باتباعه فَاجْتمع لَهُ مِنْهُم نَحْو مِائَتَيْنِ وَسَار بهم أَبُو السَّرَايَا إِلَى عين التَّمْر فَأخذُوا عاملها وقسموا مَاله ولقوا عَاملا آخر بِمَال موقر على ثَلَاثَة أبغال فَاقْتَسمُوهُ فَأرْسل هرثمة خَلفه فَهَزَمَهُمْ وَدخل الْبَريَّة وَلحق بِهِ من تخلف من أَصْحَابه فَكثر أَصْحَابه وَجمعه وَسَار نَحْو دقوقا وَعَلَيْهَا أَبُو ضرغامة الْعجلِيّ فِي سَبْعمِائة فَارس فَخرج وقاتله فَهَزَمَهُ أَبُو السَّرَايَا وَرجع أَبُو ضرغامة إِلَى الْقصر فحاصره أَبُو السَّرَايَا حَتَّى نزل على الْأمان وَأخذ

ص: 182

أَمْوَاله وَسَار إِلَى الأنبار وَعَلَيْهَا إِبْرَاهِيم الشروني مولى الْمَنْصُور عَاملا فَقتله وَأخذ مَا فِيهَا ثمَّ عَاد إِلَيْهَا عِنْد إِدْرَاك الغلال فافتتحها ثمَّ قصد الرقة وَمر بطوق بن مَالك التغلبي واستجاشه على قيس فَأَقَامَ عِنْده أَرْبَعَة أشهر يُقَاتل قيسا بعصبية ربيعَة حَتَّى انقادت قيس إِلَى طوق بن مَالك وَسَار أَبُو السَّرَايَا إِلَى الرقة فلقي مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم طَبَاطَبَا بن إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن الْحسن الْمثنى بن الْحسن السبط صَاحب التَّرْجَمَة فَدَعَاهُ إِلَى الْخُرُوج واتعدوا إِلَى الْكُوفَة فدخلاها وَبَايَعَهُ أَهلهَا على بيعَة الرِّضَا من آل مُحَمَّد وَنهب أَبُو السَّرَايَا قصر الْعَبَّاس بن مُوسَى بن عِيسَى وَأخذ مَعَه من الْأَمْوَال والجواهر مَا لَا يُحْصى وَذَلِكَ منتصف جُمَادَى الْآخِرَة سنة تسع وَتِسْعين وَلما ملك الْكُوفَة هرع النَّاس إِلَيْهِ والأعراب من النواحي وَبَايَعُوهُ وَأرْسل أَخَاهُ أَبَا الْقَاسِم بن إِبْرَاهِيم إِلَى مصر وَكَانَ على الْكُوفَة سُلَيْمَان بن مَنْصُور من قبل الْحسن بن سهل فَبعث إِلَيْهِ زُهَيْر بن الْمسيب الضَّبِّيّ فِي عشرَة آلَاف فَخرج إِلَيْهِ ابْن طَبَاطَبَا وَأَبُو السَّرَايَا فهزماه واستباحا عسكره وَأصْبح مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم طَبَاطَبَا من الْغَد مَيتا فنصب أَبُو السَّرَايَا مَكَانَهُ غُلَاما من العلويين وَهُوَ مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن زيد بن عَليّ بن الْحُسَيْن فَنَقُول ثمَّ قَامَ مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن زيد بن عَليّ بن الْحُسَيْن الْمَذْكُور واستبد عَلَيْهِ أَبُو السَّرَايَا وَبعث الْحسن بن سهل عيدروس بن مُحَمَّد بن خَالِد المروروذي فِي أَرْبَعَة آلَاف فَلَقِيَهُ أَبُو السَّرَايَا منتصف رَجَب وَقَتله وَلم يفلت من أَصْحَابه أحد كَانُوا بَين قَتِيل وأسير وَضرب أَبُو السَّرَايَا الدَّرَاهِم بِالْكُوفَةِ باسمه وَبعث جبوشا إِلَى الْبَصْرَة وواسط وَولى بِالْبَصْرَةِ الْعَبَّاس بن مُحَمَّد بن عِيسَى الْجَعْفَرِي وعَلى مَكَّة الْحُسَيْن الْأَفْطَس بن الْحُسَيْن بن عَليّ زين العابدين بن الْحُسَيْن وَجعل إِلَيْهِ الْمَوْسِم وعَلى الْيمن مُحَمَّد أَو إِبْرَاهِيم بن مُوسَى بن جَعْفَر الصَّادِق فَسَار أَبُو السَّرَايَا إِلَى الْبَصْرَة وَأخرج ابْن سهل ففر أمامهم فَبعث الْحسن بن سهل إِلَى هرثمة يستدعيه لِحَرْب أبي السَّرَايَا وَقد كَانَ سَار إِلَى خُرَاسَان مغاضباً لَهُ فَرجع بعد امْتنَاع وَسَار إِلَى الْكُوفَة وَبعث الْحسن بن سهل إِلَى الْمَدَائِن وواسط عَليّ بن سعيد فَبلغ الْخَبَر أَبَا السَّرَايَا وَهُوَ بقصر ابْن هُبَيْرَة بِالْكُوفَةِ فَوجه جَيْشًا إِلَى

ص: 183

الْمَدَائِن فملكوها فِي رَمَضَان وَتقدم فَنزل نهر صَرْصَر وعسكر هرثمة بإزائه غدْوَة وَسَار عَليّ بن سعيد فِي شَوَّال إِلَى الْمَدَائِن فَحَاصَرَهُمْ بهَا أَصْحَاب أبي السَّرَايَا فَرجع أَبُو السَّرَايَا من نهر صَرْصَر إِلَى قصر ابْن هُبَيْرَة وهرثمة فِي اتِّبَاعه ثمَّ حاصره هرثمة وَقتل جمَاعَة من أَصْحَابه فانحاز إِلَى الْكُوفَة فَوَثَبَ الطالبيون على دور العباسيين وشيعتهم فنهبوها وخربوها وأخرجوهم وَاسْتَخْرَجُوا ودائعهم عِنْد النَّاس وَأقَام هرثمة بنواحي الْكُوفَة يحاصرها واستدعي مَنْصُور بن الْمهْدي وَكَاتب رُؤَسَاء الْكُوفَة وَاشْتَدَّ الْحصار على أبي السَّرَايَا بِالْكُوفَةِ فهرب عَنْهَا فِي ثَمَانمِائَة فَارس وَمَعَهُ صَاحبه الَّذِي نَصبه وَهُوَ مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن زيد بن عَليّ بن الْحُسَيْن صَاحب التَّرْجَمَة ودخلها هرثمة منتصف محرم ابْتِدَاء سنة 200 مِائَتَيْنِ وَأقَام بهَا يَوْمًا وَولى عَلَيْهَا بعض قواده وَقصد أَبُو السَّرَايَا الْقَادِسِيَّة وَسَار مِنْهَا إِلَى السوس وَلَقي بخوزستان مَالا حمل من الأهواز فَقَسمهُ فِي أَصْحَابه وَكَانَ على الأهواز الْحسن بن عَليّ المأموني فَخرج إِلَى أبي السَّرَايَا فَهَزَمَهُ الْحسن وافترق أَصْحَاب أبي السَّرَايَا وَجَاء إِلَى منزله بِرَأْس عين زحلولا وَمَعَهُ صَاحبه الَّذِي نَصبه وَهُوَ مُحَمَّد بن مُحَمَّد صَاحب التَّرْجَمَة الْمَذْكُورَة وَغُلَامه أَبُو الشوك فظفر بهم حَمَّاد الكند غوش وَجَاء بهم إِلَى الْحسن بن سهل فِي النهروان فَقتل أَبَا السَّرَايَا وَبعث إِلَى الْمَأْمُون بِرَأْسِهِ وَبِمُحَمَّدٍ بن مُحَمَّد مَعَ الرَّأْس حَيا فحبسه الْمَأْمُون إِلَى أَن مَاتَ قيل مسموماً كَانَ قِيَامه فِي رَجَب سنة تسع وَتِسْعين وَمِائَة وَبعد موت مُحَمَّد بن مُحَمَّد هَذَا اسْتَقل كل وَاحِد من دعاته ودعا كل وَاحِد مِنْهُم إِلَى نَفسه وَسَار عَليّ بن سعيد الْحَرَشِي إِلَى الْبَصْرَة فملكها من يَد زيد بن مُوسَى بن جَعْفَر الصَّادِق وَكَانَ يُسمى زيد النَّار لِكَثْرَة مَا أحرق من دور العباسيين وشيعتهم فاستأمن إِلَيْهِ زيد فَأَمنهُ عَليّ وَأَخذه وَبعث المعتصم الجيوش العباسية إِلَى مَكَّة وَالْمَدينَة واليمن لقِتَال من بهَا من العلويين وَكَانَ إِبْرَاهِيم بن مُوسَى بن جَعْفَر لما ولاه أَبُو السَّرَايَا الْيمن سَار إِلَيْهَا وَبهَا إِسْحَاق بن مُوسَى بن عِيسَى فهرب إِسْحَاق إِلَى مَكَّة وَاسْتولى إِبْرَاهِيم على الْيمن وَكَانَ يُسمى الجزار لِكَثْرَة قَتله ثمَّ بعث رجلا من بني عقيل بن أبي طَالب إِلَى

ص: 184

مَكَّة ليحج بِالنَّاسِ وَقد جَاءَ لذَلِك أَبُو إِسْحَاق فِي جمَاعَة من القواد فيهم حَمْدَوَيْه بن عَليّ بن عِيسَى بن ماهان والياً على الْيمن من قبل الْحسن بن سهل فَحُمَّ الْعقيلِيّ عَن لقائهم وَاعْترض قافلة الْكسْوَة وَالطّيب فَأَخذهَا وَنهب أَمْوَال التُّجَّار وَدخل الحُجاج إِلَى مَكَّة عُرَاة فَبعث الجلودي من القواد فصبحهم وَهَزَمَهُمْ وَأسر مِنْهُم وتنقذ كسْوَة الْكَعْبَة وطيبها وأموال التُّجَّار وَضرب الأسرى كل وَاحِد عشرَة أسواط وأطلقهم وَحج بِالنَّاسِ تِلْكَ السّنة المعتصم العباسي قبل خِلَافَته وَفِي سنة مِائَتَيْنِ وَجه الْمَأْمُون رَجَاء بن أبي الضَّحَّاك ليشخص إِلَيْهِ عَليّ الرِّضَا بن مُوسَى الكاظم فوصل إِلَيْهِ عَليّ الرِّضَا فولاه الْعَهْد من بعده ولقبه الرِّضَا وَضرب الدَّرَاهِم باسمه وَكتب لَهُ بالبيعة إِلَى الْآفَاق وزوجه بابنته أم الْفضل وَصُورَة كتاب الْعَهْد قد ذَكرنَاهَا فِيمَا تقدم عِنْد ذكر خلَافَة الصّديق رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ ثمَّ قَامَ من بعده مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن مُوسَى بن جَعْفَر الصَّادِق وَكَانَ دَاعِيَة لمُحَمد ابْن مُحَمَّد الْمَذْكُور قبله فاستحكم أمره بِالْيمن وَكَانَ لَهُ بهَا وقائع ثمَّ انْتقل إِلَى خُرَاسَان فَقتل بهَا بجرجان بالسم ثمَّ قَامَ مُحَمَّد بن سُلَيْمَان بن دَاوُد بن الْحسن الْمثنى فخذلته أنصاره فتوارى بِالْمَدِينَةِ إِلَى أَن مَاتَ بهَا ثمَّ قَامَ إِدْرِيس بن إِدْرِيس بن عبد الله بن الْحسن الْمثنى فِي بِلَاد الْمغرب بعد أَبِيه واستفحل أمره ثمَّ بَقِي أَوْلَاده إِلَى الْآن أَمرهم قَائِم بالمغرب ثمَّ قَامَ الْقَاسِم الرسي بن إِبْرَاهِيم طَبَاطَبَا بن إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن الْحسن الْمثنى بن الْحسن السبط أَيَّام الْمَأْمُون أَيْضا وَكَانَ الْقَاسِم بِمصْر وَبث دعاته فِي الأقطار وحثوه على إِظْهَار دَعوته وَكَانَ مستتراً بِمصْر عشر سِنِين فَاشْتَدَّ طلب عبيد الله بن طَاهِر عَامل الْمَأْمُون على مصر لَهُ فانتقل إِلَى الْحجاز وَلم يزل مختفياً إِلَى أَن مَاتَ الْمَأْمُون وَولى أَخُوهُ المعتصم فَكثر طلب المعتصم لَهُ فَلم يتم أمره فاستأوى جبلا بالحجاز وَهُوَ الْمُسَمّى بالرس وتحصن بِهِ هُوَ وَأَوْلَاده وَسكن بِهِ إِلَى أَن مَاتَ فنسب إِلَيْهِ وَكَانَ يُقَال لَهُ نجم آل الرَّسُول وَكَانَ قِيَامه سنة عشْرين وَمِائَتَيْنِ وَتُوفِّي سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ فِي أَيَّام المتَوَكل بن المعتصم العباسي

ص: 185

ثمَّ قَامَ صَاحب الطالقان مُحَمَّد بن الْقَاسِم بن عَليّ بن عمر الْأَشْرَف بن عَليّ زين العابدين بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب وَكَانَت الْعَامَّة تسميه الصُّوفِي لاختياره لبس الصُّوف الْأَبْيَض وَكَانَ لَهُ وقعات من آل طَاهِر بن الْحُسَيْن أَيَّام المعتصم وَعظم أمره وَدخل بعْدهَا إِلَى نسأ وَبَقِي فِيهَا مستتراً ثمَّ أَخذ من نسأ فحبس ثمَّ هرب من الْحَبْس فَاخْتَلَفُوا فِي أمره فَقيل رَجَعَ إِلَى الطالقان وَقيل إِلَى وَاسِط فَدس المعتصم لَهُ سما فَمَاتَ بِهِ ثمَّ قَامَ مُحَمَّد بن جَعْفَر بن يحيى بن عبد الله بن الْحسن الْمثنى بن الْحسن السبط قِيَامه أَيَّام الواثق بن المعتصم غلب على هراة السُّفْلى وملكها وَأَوْلَاده بعده إِلَى سنة تسعين وَمِائَتَيْنِ ثمَّ قَامَ بعده مُحَمَّد بن صَالح بن عبد الله بن مُوسَى بن عبد الله بن الْحسن الْمثنى ابْن الْحسن السبط ظهر بسويقة قَرْيَة مَعْرُوفَة بِقرب الْمَدِينَة المنورة وَكَانَ أَبُو الساج المتولى للموسم من قبل الْخَلِيفَة المتَوَكل العباسي فِي جند كثيف فخودع مُحَمَّد بن صَالح حَتَّى لزمَه أَبُو الساج فحبس ب سر من رَأى إِلَى أَن مَاتَ فِي السجْن وَفِي زَمَانه انضوى أَكثر الْأَشْرَاف واستتروا وتوقفوا عَن إِظْهَار الدعْوَة ثمَّ قَامَ الْحسن بن زيد بن مُحَمَّد إِسْمَاعِيل بن الْحسن بن زيد بن الْحسن بن عَليّ بن أبي طَالب غلب على طبرستان ونواحي الديلم وملكها أَرْبَعِينَ سنة وَتُوفِّي سنة خمسين وَمِائَتَيْنِ ثمَّ قَامَ مُحَمَّد بن جَعْفَر بن الْحسن بن عمر بن عَليّ زين العابدين ابْن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي أبي طَالب كَانَ قِيَامه بِبِلَاد الْعَجم فِي زمَان المتَوَكل فَأسرهُ المتَوَكل أَيْضا وَقيل إِن من الطالبيين من قَامَ غير هَؤُلَاءِ فِي زمن المتَوَكل وَظهر من ظهر واستتر من استتر وَحبس من حبس وَقتل من قتل فَللَّه الْأَمر سُبْحَانَهُ ثمَّ قَامَ يحيى بن عمر بن يحيى بن الْحُسَيْن بن عَليّ زين العابدين ظهر بِالْكُوفَةِ وأحبه النَّاس حبا شَدِيدا كَانَ قِيَامه فِي خلَافَة المستعين ثمَّ قَامَ الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن حَمْزَة بن عبد الله بن الْحُسَيْن بن عَليّ زين العابدين

ص: 186

فَأسرهُ المستعين وحبسه وَمَات فِي الْحَبْس ثمَّ قَامَ مُحَمَّد بن جَعْفَر بن الْحسن بن جَعْفَر بن الْحسن بن الْحسن قِيَامه فِي أَيَّام المستعين بأرمينية وَقيل بِالْكُوفَةِ فخودع وَأسر فحبس وَمَات فِي الْحَبْس سنة خمسين وَمِائَتَيْنِ ثمَّ قَامَ الكوكبي أَحْمد بن عِيسَى بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن عَليّ زين العابدين قِيَامه بِالْكُوفَةِ فِي خلَافَة الْمهْدي سنة خمس وَخمسين وَمِائَتَيْنِ ثمَّ قَامَ أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الله بن إِبْرَاهِيم طَبَاطَبَا بن إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن الْحسن الْمثنى بن الْحسن السبط قِيَامه فِي خلَافَة الْمُعْتَمد وَكَانَت لَهُ حروب مَعَ ابْن طولون ثمَّ قتل على بَاب أسوان وَحمل رَأسه إِلَى الْمُعْتَمد ثمَّ قَامَ الدَّاعِي مُحَمَّد بن زيد بن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل بن الْحسن بن زيد بن الْحسن ابْن عَليّ بن أبي طَالب سنة سبع وَسبعين وَمِائَتَيْنِ فِي خلَافَة المعتضد وَله وقائع قتل فِي إِحْدَاهَا فِي بِلَاد جرجان ثمَّ قَامَ النَّاصِر الأطروش الْحسن بن عَليّ بن الْحسن بن عَليّ بن عمر الْأَشْرَف بن عَليّ زين العابدين قِيَامه فِي الجيل والديلم سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ واستفحل أمره إِلَى أَن مَاتَ فِي خلَافَة المقتدر سنة أَربع وثلاثمائة ثمَّ قَامَ الدَّاعِي الْحسن بن الْقَاسِم بن الْحسن بن عَليّ بن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم ابْن الْحسن بن زيد بن الْحسن بن عَليّ بن أبي طَالب كَانَ قِيَامه بعد النَّاصِر قبله فِي خلَافَة الراضي بِاللَّه العباسي وَكَانَ أَوْلَاد النَّاصِر قد تملكوا بعد النَّاصِر وقاتلوا الدَّاعِي الْمَذْكُور فاستفحل أَمر الدَّاعِي وَملك طبرستان ونيسابور والري ثمَّ توفوا فصفا لَهُ الْأَمر اثْنَتَيْ عشرَة سنة ثمَّ قَامَ وَلَده الْمهْدي مُحَمَّد بن الْحسن بن الْقَاسِم بن الْحسن وَكَانَ قِيَامه أَيَّام الْمُطِيع العباسي سنة ثَلَاث وَخمسين وثلاثمائة فَملك الجيل والديلم ثمَّ توفّي سنة سِتِّينَ وثلاثمائة ثمَّ قَامَ الثائر فِي الله جَعْفَر بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن الْحسن بن عَليّ بن

ص: 187

عمر الْأَشْرَف بن عَليّ زين العابدين واستفحل أمره إِلَى أَن مَاتَ سنة سبع وَسِتِّينَ وثلاثمائة ثمَّ قَامَ وَلَده أَبُو الْحُسَيْن الْمهْدي بن جَعْفَر الثائر بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن فِي خلَافَة الْقَادِر بِاللَّه العباسي وَلم تطل أَيَّامه وَمَات بالجدري ثمَّ قَامَ من بعده أَخُوهُ الْحُسَيْن بن جَعْفَر الثائر فِي أَيَّام الْقَادِر بِاللَّه أَيْضا واستقام أمره إِلَى أَن مَاتَ ثمَّ قَامَ أَحْمد بن الْحُسَيْن بن هَارُون بن الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن هَارُون بن مُحَمَّد بن الْقَاسِم بن الْحسن بن زيد بن الْحسن بن عَليّ بن أبي طَالب قِيَامه فِي خلَافَة الْقَادِر أَيْضا سنة ثَمَانِينَ وثلاثمائة وَكَانَت لَهُ وقائع وَلم يزل على حَالَته فِي الحروب إِلَى أَن ملك طبرستان ثمَّ مَاتَ سنة إِحْدَى عشرَة وَأَرْبَعمِائَة وعمره تسع وَسَبْعُونَ سنة ثمَّ قَامَ من بعده أَخُوهُ النَّاطِق بِالْحَقِّ أَبُو طَالب يحيى بن الْحُسَيْن بن هَارُون بن الْحُسَيْن قِيَامه فِي زمَان الْقَائِم بِأَمْر الله العباسي واستقام لَهُ الْأَمر إِلَى أَن توفّي سنة أَربع وَعشْرين وَأَرْبَعمِائَة وعمره نَيف وَثَمَانُونَ سنة ثمَّ قَامَ من بعده العقيقي عَليّ بن جَعْفَر بن الْحسن بن عبد الله بن عَليّ بن أَحْمد بن على بن الْحُسَيْن بن عَليّ زين العابدين قِيَامه فِي خلَافَة الْقَائِم أَيْضا سنة أَربع وَأَرْبَعمِائَة ثمَّ قَامَ مانلديم سنديم أَحْمد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن الْحسن بن مُحَمَّد ابْن أَحْمد الْأَعرَابِي بن مُحَمَّد بن الْحسن بن عَليّ بن عمر الْأَشْرَف بن عَليّ زين العابدين وَكَانَ على منهاج سلفه كَانَ قِيَامه بأنجاشية سنة سبع عشرَة وَأَرْبَعمِائَة ووفاته فِي نَيف وَعشْرين وأريعمائة ثمَّ قَامَ النَّاصِر الْحُسَيْن بن جَعْفَر بن الْحُسَيْن بن الْحسن بن عَليّ بن النَّاصِر الأطروش سبق ذكره فِي جِهَات الديلم ثمَّ قَامَ الْمُوفق بِاللَّه الْحُسَيْن بن إِسْمَاعِيل بن زيد بن جَعْفَر بن الْحسن بن مُحَمَّد بن جَعْفَر بن عبد الرَّحْمَن ابْن الْقَاسِم بن الْحسن بن زيد بن الْحسن بن عَليّ بن أبي طَالب

ص: 188

ثمَّ قَامَ وَلَده المرشد بِاللَّه يحيى بن الْحُسَيْن بن إِسْمَاعِيل على منهاج سلفه ثمَّ قَامَ أَبُو طَالب يحيى بن أَحْمد بن الْآمِر أبي الْقَاسِم الْحُسَيْن بن الْمُؤَيد بِاللَّه أَحْمد بن الْحُسَيْن بن هَارُون الْمُتَقَدّم ذكره قِيَامه سنة نَيف وَتِسْعين وَأَرْبَعمِائَة فِي خلَافَة المستظهر العباسي بِالْجَبَلِ والديلم وَكَانَ حربه مَعَ الباطنية وَكَانَ بَنو الْعَبَّاس يظهرون الْمحبَّة إِلَيْهِ وَكَانَت وَفَاته سنة عشْرين وَخَمْسمِائة وَالَّذِي لم يعرف تاريخهم وزمان قيامهم الإِمَام مُحَمَّد بن أبي الْأَعرَابِي بن مُحَمَّد بن الْحسن بن عَليّ بن عمر الْأَشْرَف بن عَليّ زين العابدين وَالْإِمَام على الْعِرَاقِيّ بن الْحُسَيْن بن عِيسَى بن زيد بن زين العابدين وَالْإِمَام أَحْمد بن عِيسَى بن زيد بن زين العابدين وَالْإِمَام الْهَادِي بن الْمهْدي بن الْحسن بن عبد الله بن عَليّ بن الْحسن بن عَليّ بن أبي طَالب وَالْإِمَام الراضي بِاللَّه نَاصِر بن الْحُسَيْن بن زيد بن صَالح بن مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم بن الْحسن بن زيد بن الْحسن بن عَليّ بن أبي طَالب وَالْإِمَام زيد بن صَالح بن الْحسن بن زيد بن صَالح بن الْحسن بن زيد بن صَالح ابْن عمر النَّاصِر الْمَذْكُور وَالْإِمَام عَليّ بن محسن بن أَحْمد بن عبيد الله بن الْحسن السلق بن عَليّ بن مُحَمَّد ابْن الْحسن بن جَعْفَر بن الْحسن بن الْحسن بن عَليّ بن أبي طَالب وَالْإِمَام الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن عَليّ بن جَعْفَر بن عبيد الله بن السلق الْمَذْكُور وَأَخُوهُ الإِمَام الْحسن بن مُحَمَّد بن عَليّ الْمَذْكُور وَالَّذين لم تعرف كَيْفيَّة اتِّصَال أنسابهم الإِمَام أشرف بن زيد من ذُرِّيَّة زيد بن الْحسن بن عَليّ بن أبي طَالب مَاتَ سنة أَربع وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة وَالْإِمَام السَّيِّد الْأَزْرَقِيّ وَالْإِمَام أَبُو الرها الكيتمي وَهَؤُلَاء جَمِيعًا فِي جِهَات قزوين وطبرستان والجبل والديلم وجرجان والحجاز وَالْعراق وبالمغرب

ص: 189

أما الَّذين ظَهَرُوا بِالْيمن خَاصَّة فأولهم الإِمَام الْهَادِي إِلَى الْحق يحيى بن الْحُسَيْن ابْن الْقَاسِم بن إِبْرَاهِيم طَبَاطَبَا بن إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم طَبَاطَبَا بن إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم الْغمر بن الْحسن بن الْحسن بن عَليّ بن أبي طَالب مولده ب الرس سنة خمس وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ قِيَامه فِي صعدة من بِلَاد الْيمن سنة ثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ وَقَالَ فِي تَارِيخ الخزرجي قَامَ سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَدخل صنعاء فِي الْمحرم سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ فِي خلَافَة المعتضد العباسي فاجتمعت هَمدَان وَغَيرهَا من قبائل الْعَرَب فأخرجوه من صنعاء ثمَّ رَجَعَ إِلَى صعدة وَأَخذهَا وَكَانَ فِي زَمَنه قد تغلب عَليّ بن الْفضل القرمطي الْحِمْيَرِي يَنْتَهِي نسبه إِلَى سبأ الْأَصْغَر على الْيمن فِي سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ فَسَار على الْمَذْكُور بسيرة شنيعة وأعلن بالْكفْر والفجور وقهر الْعَالم وَأمرهمْ بارتكاب كل محرم ومحذور وَكَانَ عنوان كتبه إِذا أرسل إِلَى أحد من الْمُلُوك من باسط الأَرْض وداحيها ومزلزل الْجبَال ومرسيها عَليّ بن الْفضل إِلَى عَبده فلَان وَكَانَ مؤذنه يُؤذن فِي حَضرته وَأشْهد أَن على بن الْفضل رَسُول الله وَمن شعره مَا أنْشد الْخَبيث على مِنْبَر جَامع صنعاء قَوْله // (من المتقارب) //

(خُذي الدُّفَّ يَا هَذِهِ واضْرِبِي

وغَنِّى هَزَاريكِ ثُمَّ اطْربِي)

(تَولَّى نَبِيُّ بَنِي هَاشِمٍ

وَهَذَا نبيُّ بَنِي يَعْرُبِ)

(لِكُلِّ نَبِيِّ مَضَى شِرْعَةٌ

وهَاتَان شرْعَةُ هَذَا النَّبِي)

(فَقَدْ حَطَّ عَنَّا فُروضَ الصَّلاةِ

وَفَرْضَ الصِّيامِ وَلَمْ يُعْقِبِ)

(إذَا النَّاسُ صَلَّوْا فَلَا تَنْهَضِي

وإِن صَوَّمُوا فَكُلِي واشْرَبِي)

(وَلَا تَطْلُبِي السَّعْىَ عِندَ الصَّفَا

وَلَا زَوْرَةَ القَبْرِ فِي يَثْرِبِ)

وَهَذَا كَاف فِي بَيَان مزِيد كفره فحاربه الإِمَام الْهَادِي الْمَذْكُور إِلَى أَن مَاتَ ب صعدة مسموماً سنة ثَمَان وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ فِي خلَافَة المقتدر بِاللَّه العباسي ثمَّ قَامَ وَلَده المرتضى مُحَمَّد بن الْهَادِي يحيى بن الْحُسَيْن بن الْقَاسِم فِي بِلَاد صعدة فِي مَكَان أَبِيه زمن المقتدر العباسي أَيْضا فَأَقَامَ سنة وَاحِدَة ثمَّ تنحى عَن

ص: 190

الْإِمَامَة فَطلب الْفُقَهَاء الزيدية أَخَاهُ أَحْمد بن الْهَادِي يحيى بن الْحُسَيْن بن الْقَاسِم طلبوه من الرس ثمَّ توفّي مُحَمَّد سنة عشر وثلاثمائة وعمره اثْنَان وَثَلَاثُونَ سنة ثمَّ قَامَ أَخُوهُ النَّاصِر لدين الله أَحْمد بن الْهَادِي يحيى بعد أَن دَعَاهُ فُقَهَاء الزيدية من الرس كَمَا ذكر وَكَانَ قِيَامه فِي خلَافَة المقتدر أَيْضا سنة إِحْدَى وثلاثمائة ووفاته فِيهَا ب صعدة سنة خمس عشرَة وثلاثمائة ثمَّ قَامَ وَلَده الْمَنْصُور يحيى بن أَحْمد النَّاصِر بن الْهَادِي يحيى بن الْحسن بن الْقَاسِم وَكَانَ مقره صعدة إِلَى أَن توفّي سنة سِتّ وَسبعين وثلاثمائة ثمَّ قَامَ أَخُوهُ الْمُخْتَار الْقَاسِم بن أَحْمد النَّاصِر بن الْهَادِي يحيى بن الْحُسَيْن بن الْقَاسِم كَانَ قِيَامه فِي صعدة وَقَتله فِي زبيد ثمَّ قَامَ وَلَده الْمُنْتَصر مُحَمَّد بن الْقَاسِم بن أَحْمد النَّاصِر وَأكْثر وقائعه مَعَ هَمدَان وَهِي قَبيلَة كَبِيرَة بِالْيمن ثمَّ قَامَ الدَّاعِي يُوسُف بن الْمَنْصُور يحيى بن أَحْمد النَّاصِر بن الْهَادِي يحيى بن الْحُسَيْن بن الْقَاسِم فعانده فُقَهَاء مذْهبه وَأَرْسلُوا الإِمَام الْقَاسِم العياني وتعارضا كَانَ قِيَامه سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وثلاثمائة فِي خلَافَة الطائع لله العباسي مدَّته خمس وَثَلَاثُونَ سنة ثمَّ قَامَ الْمَنْصُور العياني بن عَليّ بن عبد الله بن مُحَمَّد بن الْقَاسِم بن إِبْرَاهِيم طَبَاطَبَا وَلما كَانَ فِي بيشة من بِلَاد رفيدة فراسله فُقَهَاء الزيدية فطلع إِلَى صعدة ثمَّ تقدم إِلَى صنعاء فضبطها وتعاقد الإِمَام يُوسُف الدَّاعِي فِي مُدَّة العياني وَكَانَ قيام العياني سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وثلاثمائة ووفاته سنة ثَلَاث وَتِسْعين وثلاثمائة وقبره فِي بَلْدَة يُقَال لَهَا العيَّان فِي طَرِيق صعدة من صنعاء ثمَّ قَامَ وَلَده الْحُسَيْن بن الْقَاسِم العياني وَكَانَ لَهُ وقائع مَعَ هَمدَان وَكَانَ قِيَامه سنة ثَلَاث وَتِسْعين وثلاثمائة

ص: 191

وَقتل فِي ريدة من البون سنة أَربع وَأَرْبَعمِائَة وَخلف الْحُسَيْن الْمَذْكُور ابْن أَخِيه وَيُسمى الْفَاضِل وَهُوَ الْقَاسِم بن جَعْفَر بن الْقَاسِم بن عَليّ العياني وَكَانَ بَينه وَبَين الصليحي وقعات وَلم يكن إِمَامًا ثمَّ قَامَ الإِمَام أَبُو هَاشم الْحسن بن عبد الرَّحْمَن بن يحيى بن عبد الله بن الْحُسَيْن ابْن الْقَاسِم بن إِبْرَاهِيم طَبَاطَبَا وَكَانَ قِيَامه فِي قَرْيَة الناعط فَوق البون وَدخل صنعاء قِيَامه سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَأَرْبَعمِائَة وَمَات بقرية الناعط ثمَّ قَامَ النَّاصِر الديلمي وَهُوَ أَبُو الْفَتْح النَّاصِر بن الْحسن بن مُحَمَّد بن عِيسَى ابْن مُحَمَّد بن عبد الله بن أَحْمد بن عبد الله بن عَليّ بن الْحسن بن زيد بن الْحسن بن عَليّ بن أبي طَالب دَعَا فِي الديلم ثمَّ خرج إِلَى أَرض الْيمن فاستولى على كثير من الْبِلَاد مذْحج وهمدان وخولان وَكَانَ وُصُوله من الديلم فِي سني الثَّلَاثِينَ وَأَرْبَعمِائَة وَكَانَت الْحَرْب تَدور بَينه وَبَين الصليحي فَقتله الصليحي بِنَجْد الْحَاج وقبره ب ردمان من بِلَاد عنس قبل سنة أَربع وَأَرْبَعين وَأَرْبَعمِائَة ثمَّ قَامَ عَليّ بن زيد بن إِبْرَاهِيم الْمليح بن الْمُنْتَصر بن مُحَمَّد الْمُخْتَار قَاسم بن النَّاصِر بن الْهَادِي يحيى وَتقدم إِلَى شظب لِحَرْب بني الصليحي فَقتل فِي شظب سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَخَمْسمِائة ثمَّ قَامَ أَحْمد بن سُلَيْمَان بن مُحَمَّد بن المطهر بن عَليّ بن النَّاصِر بن الْهَادِي يحيى وَولى صعدة ونجران والجوف وَصَنْعَاء وَقصد زبيد فَرجع بِغَيْر حُصُول مرامه فِي سنة ثَلَاث وَخمسين وَخَمْسمِائة مَاتَ بحيدان من مغارب صعدة وعمره سِتّ وَسِتُّونَ سنة ثمَّ قَامَ الْمَنْصُور بِاللَّه عبد الله بن حَمْزَة بن سُلَيْمَان بن حَمْزَة بن عَليّ بن حَمْزَة بن أبي هَاشم الْحسن بن عبد الرَّحْمَن بن يحيى بن عبد الله بن الْحُسَيْن بن الْقَاسِم بن إِبْرَاهِيم طَبَاطَبَا فَملك صعدة وَتقدم إِلَى صنعاء وَكَانَ يقف فِي كوكبان بعد مَا أَخْرجُوهُ من صنعاء ثمَّ خلطوا عَلَيْهِ فَمَاتَ فِيهَا قِيَامه سنة أَربع وَتِسْعين وَخَمْسمِائة ووفاته سنة أَربع عشرَة وسِتمِائَة

ص: 192

ثمَّ قَامَ الدَّاعِي يحيى بن المحسن بن مَحْفُوظ بن مُحَمَّد بن يحيى بن يحيى بن النَّاصِر بن الْحسن بن عبد الله بن الْمُنْتَصر مُحَمَّد بن الْمُخْتَار قَاسم بن النَّاصِر أَحْمد ابْن الْهَادِي قَامَ فِي بِلَاد خولان وصعدة وَفِي مَدِينَة صعدة ولد الْمَنْصُور مُحَمَّد بن الْمَنْصُور فحارب الدَّاعِي مَاتَ سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة ثمَّ قَامَ الْمهْدي أَحْمد بن الْحُسَيْن بن الْقَاسِم بن عبد الله بن الْقَاسِم بن أَحْمد بن إِسْمَاعِيل بن أَحْمد بن الْقَاسِم بن إِبْرَاهِيم طَبَاطَبَا قَامَ فِي حصن ثلا فحاربه وَلَده الْمَنْصُور ثمَّ اتفقَا ثمَّ تعاديا فتحاربا فَقتل الإِمَام وَكَانَ قِيَامه فِي صفر سنة سِتّ وَخمسين وسِتمِائَة وَكَانَت هَذِه السّنة هِيَ انْتِهَاء دولة بني الْعَبَّاس بالعراق لِأَنَّهَا هِيَ السّنة الَّتِي قتل التتار فِيهَا الْخَلِيفَة المستعصم العباسي كَمَا قدمت ذَلِك مُسْتَوْفِي فِي بابهم ثمَّ قَامَ الْمَنْصُور بدر الدّين مُحَمَّد بن أَحْمد بن يحيى السَّابِق ذكره فَقَامَ من هِجْرَة قطابر وَملك مغارب صعدة وَكَانَ بَينه وَبَين أَوْلَاد الْمَنْصُور محاربات فَقتل سنة سِتّ وَخمسين وسِتمِائَة ثمَّ قَامَ الْمهْدي بن إِبْرَاهِيم بن تَاج الدّين أَحْمد بن بدر الدّين مُحَمَّد بن أَحْمد بن يحيى بن يحيى قِيَامه سنة سبعين وسِتمِائَة أسره فحبسه الْملك المظفر الغساني فِي سنة أَربع وَسبعين وسِتمِائَة وَمَات فِي الْحَبْس سنة ثَمَانِينَ وسِتمِائَة ثمَّ قَامَ المتَوَكل المطهر بن يحيى بن المرتضى بن الْقَاسِم بن المطهر بن مُحَمَّد بن المطهر بن عَليّ بن أَحْمد بن الْهَادِي قِيَامه سنة سِتّ وَسبعين وَمَات سنة سبع وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة ثمَّ قَامَ وَلَده الْمهْدي بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن المطهر بن يحيى بن المرتضى بن الْقَاسِم قِيَامه سنة إِحْدَى وَسَبْعمائة مَاتَ سنة ثَمَان وَعشْرين وَسَبْعمائة ثمَّ قَامَ السراجي يحيى بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبيد الله بن سراج الدّين الْحسن بن مُحَمَّد بن عبد الله بن سراج الدّين الْحسن بن مُحَمَّد بن عبد الله بن الْحسن بن على

ص: 193

ابْن مُحَمَّد بن عبد الله بن الْحسن بن عَليّ بن مُحَمَّد بن جَعْفَر بن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم بن الْحسن بن زيد بن الْحسن بن عَليّ بن أبي طَالب ثمَّ قَامَ الْمُؤَيد يحيى بن حَمْزَة بن عَليّ بن إِبْرَاهِيم بن يُوسُف بن عَليّ بن إِبْرَاهِيم ابْن مُحَمَّد بن أَحْمد بن إِدْرِيس بن جَعْفَر بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُوسَى الكاظم بن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن عَليّ زين العابدين بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب قِيَامه سنة تسع وَعشْرين وَسَبْعمائة مَاتَ سنة تسع وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة عمره ثَمَانُون سنة ثمَّ قَامَ بعده عَليّ بن صَلَاح بن إِبْرَاهِيم بن تَاج الدّين أَحْمد بن بدر الدّين مُحَمَّد بن أَحْمد بن يحيى بن يحيى ثمَّ قَامَ بعده الواثق المطهر بن مُحَمَّد بن المطهر بن يحيى ابْن المرتضى بن الْقَاسِم بن المطهر بن مُحَمَّد بن المطهر من أَوْلَاده سَابق الذّكر ثمَّ قَامَ أَحْمد بن عَليّ بن مدافع بن مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن الديلمي سبق ذكر نسبه ثمَّ قَامَ الْمهْدي عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ بن يحيى بن مَنْصُور بن مفضل بن الْحجَّاج ابْن عبد الله بن عَليّ بن يحيى بن الْحُسَيْن بن الْقَاسِم بن إِبْرَاهِيم طَبَاطَبَا بن إِسْمَاعِيل ابْن إِبْرَاهِيم الْغمر بن الْحسن الْمثنى بن الْحسن السبط بن عَليّ بن أبي طَالب قِيَامه سنة خمس وَخمسين وَسَبْعمائة وَفَاته سنة أَربع وَسبعين وَسَبْعمائة عمره تسع وَسِتُّونَ سنة ثمَّ قَامَ من بعده وَلَده النَّاصِر صَلَاح الدّين بن الْمهْدي بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ قِيَامه سنة أَربع وَسبعين وَسَبْعمائة وَفَاته سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَسَبْعمائة ثمَّ قَامَ من بعده الْمهْدي أَحْمد بن يحيى بن المرتضى بن أَحْمد بن المرتضى بن مفضل بن الْحجَّاج قِيَامه سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَسَبْعمائة وَفَاته سنة أَرْبَعِينَ وَثَمَانمِائَة ثمَّ قَامَ من بعده الْهَادِي عَليّ بن الْمُؤَيد بن جِبْرِيل بن الْمُؤَيد بن أَحْمد بن يحيى بن أَحْمد بن يحيى بن يحيى سنة سِتّ وَتِسْعين وَسَبْعمائة وَفَاته سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة ثمَّ قَامَ من بعده المطهر بن مُحَمَّد بن حَمْزَة بن أبي هَاشم الْحسن بن عبد الرَّحْمَن

ص: 194

ابْن يحيى بن عبد الله بن الْحُسَيْن بن الْقَاسِم بن إِبْرَاهِيم بن إِسْمَاعِيل ثمَّ قَامَ من بعده صَلَاح بن عَليّ بن مُحَمَّد بن أبي الْقَاسِم بن مُحَمَّد بن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن الْحسن بن جَعْفَر بن الْحُسَيْن بن أَحْمد بن يحيى بن عبد الله بن يحيى بن الْمَنْصُور بن أَحْمد بن النَّاصِر بن الْهَادِي ثمَّ قَامَ النَّاصِر بن مُحَمَّد بن النَّاصِر بن أَحْمد بن المطهر بن يحيى بن المرتضى بن المطهر بن الْقَاسِم بن المطهر بن مُحَمَّد بن المطهر بن عَليّ بن أَحْمد بن الْهَادِي ثمَّ قَامَ الْهَادِي عز الدّين بن الْحسن بن عَليّ بن الْمُؤَيد بن جِبْرِيل بن الْمُؤَيد بن أَحْمد بن يحيى بن أَحْمد بن يحيى بن يحيى بن النَّاصِر بن الْحسن بن عبد الله بن مُحَمَّد بن الْقَاسِم بن النَّاصِر بن أَحْمد بن الْهَادِي يحيى قِيَامه سنة ثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة وَفَاته سنة تسع وَعشْرين وَتِسْعمِائَة عمره سبع وَسِتُّونَ سنة ثمَّ قَامَ وَلَده مجد الدّين بن الْحسن بن الْحسن بن عز الدّين بن الْحسن بن عَليّ بن الْمُؤَيد قِيَامه سنة تسع وَعشْرين وَتِسْعمِائَة وَفَاته سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَتِسْعمِائَة ثمَّ قَامَ الوشلي مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ بن أَحْمد بن يحيى بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الله بن سراج الدّين الْحسن بن مُحَمَّد بن عبد الله ابْن الْحسن بن عَليّ بن مُحَمَّد بن جَعْفَر بن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم بن الْحسن بن زيد ابْن الْحسن بن عَليّ بن أبي طَالب ثمَّ كَانَت دَعْوَة الإِمَام شرف الدّين يحيى بن شمس الدّين ابْن الإِمَام الْمهْدي أَحْمد ابْن يحيى بن المرتضى بن أَحْمد بن المرتضى بن الْمفضل بن الْحجَّاج بن عَليّ بن يحيى بن الْقَاسِم بن يُوسُف الدَّاعِي بن يحيى بن أَحْمد بن الْهَادِي يحيى بن الْحُسَيْن بن الْقَاسِم بن إِبْرَاهِيم بن إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن الْحسن بن الْحسن بن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم حادي عشر جُمَادَى الأولى سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَتِسْعمِائَة وَكَانَ أول ظُهُوره بجهات الْمغرب من جِهَات صنعاء وَمَا ساعدته الْقَبَائِل لقُوَّة سُلْطَان الْيمن إِذْ ذَاك عَامر بن عبد الْوَهَّاب فَلَمَّا انْقَضتْ دولته باستيلاء الشراكسة وتملكهم أَرض الْيمن كَانَت بِصَنْعَاء طَائِفَة من الشراكسة فكاتب أهل صنعاء الإِمَام شرف الدّين الْمَذْكُور وتكلفوا لَهُ بِإِدْرَاك

ص: 195

ذَلِك سنة أَربع وَعشْرين وَتِسْعمِائَة وَفِي شَوَّال قصد صنعاء فَلَمَّا وصل إِلَيْهَا مَال إِلَيْهِ أَهلهَا وَأخرج من كَانَ فِيهَا من الْجند الْمصْرِيّ بالأمان وَدخل صنعاء ودانت لَهُ الْبِلَاد إِلَى أَن كَانَت وَفَاته سنة خمس وَسِتِّينَ وَتِسْعمِائَة فِي دولة السُّلْطَان سُلَيْمَان خَان بن سليم خَان ثمَّ قَامَ الْهَادِي أَحْمد بن عز الدّين بن الْحسن بن عز الدّين بن الْحسن بن عَليّ بن الْمُؤَيد قِيَامه سنة ثَمَان وَخمسين وَتِسْعمِائَة ووفاته سنة سبع وَثَمَانِينَ وَتِسْعمِائَة ثمَّ قَامَ النَّاصِر الْحسن بن عَليّ بن دَاوُد بن الْحسن بن عَليّ بن الْمُؤَيد قِيَامه سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَتِسْعمِائَة ثمَّ قبض عَلَيْهِ الْوَزير حسن باشا سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَتِسْعمِائَة وأرسله إِلَى الْأَبْوَاب الْعَالِيَة سنة أَربع وَتِسْعين وَتِسْعمِائَة ثمَّ قَامَ المتَوَكل عبد الله بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن عز الدّين بن الْحسن بن عَليّ بن الْمُؤَيد قِيَامه سنة أَربع وَتِسْعين وَتِسْعمِائَة وَفَاته سنة سبع عشرَة وَألف ثمَّ قَامَ الْمَنْصُور بِاللَّه الْقَاسِم بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن الرشيد بن أَحْمد بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن يحيى بن مُحَمَّد بن يُوسُف الأشل بن الْقَاسِم بن مُحَمَّد بن يُوسُف الْأَكْبَر بن الْمَنْصُور بن يحيى بن النَّاصِر بن أَحْمد بن الْهَادِي إِلَى الْحق يحيى ابْن الْحُسَيْن بن الْقَاسِم بن إِبْرَاهِيم بن إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن الْحسن الْمثنى بن الْحسن بن عَليّ بن أبي طَالب نَشأ منشأ ابائه الْأَئِمَّة حَتَّى بذ بِعِلْمِهِ وبهر بجودة فهمه وَصَارَ فِي أَيَّام طلبه يشار إِلَيْهِ مَقْصُورَة خلال الْخلَافَة عَلَيْهِ كَانَت دَعوته فِي صفر الْخَيْر سنة سِتّ وَألف وَله وقائع فِي أَيَّامه مَشْهُورَة ومواطن مَعْرُوفَة مأثورة كَانَ آيَة فِي الْعُلُوم ومعجزة فِي المنظوق وَالْمَفْهُوم لَهُ التصانيف الْمَشْهُورَة وَالنّظم والنثر وَكَانَ محط رحال الأفاضل ومقصد الأكابر من كل قنة وساحل وَلم يزل قَائِما بأعياء الْخلَافَة حَتَّى توفاه الله تَعَالَى فِي شهر ربيع الأول عَام تسع وَعشْرين وَألف ثمَّ قَامَ من بعده وَلَده الإِمَام الْعَظِيم الْمُؤَيد بِاللَّه مُحَمَّد بن أَمِير الْمُؤمنِينَ الْمَنْصُور

ص: 196

بِاللَّه الْقَاسِم بن مُحَمَّد وَظَهَرت فضائله فِي الْبِلَاد وأذعن لفضله الْحَاضِر والباد وأوتي من الْإِحَاطَة بالعلوم وَصدق الفراسة وتنوير الْقلب وصفاء الخاطر مَا لم يُؤْت غَيره وَأَقْبَلت عَلَيْهِ الفتوحات من كل وجهة وَقَامَ بنصرته أَخَوَاهُ السيدان الإمامان الْحسن وَالْحُسَيْن وأخوهما شمس الْإِسْلَام أَبُو طَالب ابْن الإِمَام الْمَنْصُور وَفِي سنة خمس وَأَرْبَعين وَألف استولى الإِمَام الْمُؤَيد الْمَذْكُور على جَمِيع إقليم الْيمن مَا عدا زبيد والمخا وَذَلِكَ أَن الباشا قانصوه لما توجه إِلَى الْيمن عَام تسع وَثَلَاثِينَ بعد أَن قتل الشريف أَحْمد بن عبد الْمطلب وَولي مَسْعُود بن إِدْرِيس صَار كلما دخل قَرْيَة ظلم أَهلهَا ونهبهم أرسل إِلَى عابدين باشا وخنقه وَاسْتولى على خزائنه وعساكره وَنهب الْبَلَد وَنهب من يرد إِلَيْهِ من البنادر وَأرْسل أغربة فِي الْبَحْر يَأْخُذُونَ من ظفروا بِهِ واغتصب أَمَاكِن مأثورة وعمرها بزخارف فِي الصُّورَة فآلت أَمْوَاله إِلَى يَد العدى {وَلَا يظلم رَبُّكَ أحدا} الْكَهْف 49 والتقى عسكره مَعَ عَسْكَر الإِمَام الْمُؤَيد مُحَمَّد بن الْقَاسِم صَاحب التَّرْجَمَة وَعَلَيْهِم أَخُوهُ الإِمَام الْحُسَيْن بن الْقَاسِم وكمنوا لَهُ ثمَّ هجموا عَلَيْهِم وهم غَارونَ فَقتلُوا من عَسْكَر قانصوه أَكْثَرهم وَلم ينج مِنْهُم إِلَّا الْقَلِيل وتحصن هُوَ وَمن بَقِي بزبيد فتنزل عَلَيْهِ أَخُوهُ الآخر الإِمَام الْحسن بعساكره كَثِيرَة وحاصروا زبيد وَأنْفق قانصوه مَا حازه من الْأَمْوَال على عسكره ثمَّ صَارُوا يهددونه ويعزرونه لضيق أَرْزَاقهم فتعب لذَلِك وَكَاتب الإِمَام الْحسن على أَن يصل إِلَيْهِ آمنا فَأرْسل الْحسن لَهُ بالأمان فَركب هُوَ وخواصه وَأظْهر أَنه يُرِيد زِيَارَة بعض الْأَوْلِيَاء وهرب إِلَى محطة الإِمَام الْحسن فَأكْرمه وجهزه إِلَى مَكَّة فَرجع رَاضِيا من الْغَنِيمَة بالإياب لَا يملك إِلَّا مَا عَلَيْهِ من الثِّيَاب فوصل إِلَيْهَا فِي دولة مَوْلَانَا المرحوم الشريف زيد بن محسن وَمَعَهُ من أَتْبَاعه دون الْعشْرين وَنزل بحوش السُّلْطَان فِي الكوشك المطل على الْبركَة الْمَعْرُوفَة ببركة الشَّامي فَحصل من أَتْبَاعه نوع تَعدٍ إِلَى بعض الرعايا فألزمه مَوْلَانَا الشريف زيد بالرحيل من يَوْمه وأحضر لَهُ الرحلة فَلم تغرب عَلَيْهِ شمس ذَلِك الْيَوْم فِي مَكَّة وَلما تحقق عسكره فراره عَنْهُم بِتِلْكَ الْحِيلَة أَقَامُوا عَلَيْهِم أَمِيرا مِنْهُم يُقَال لَهُ مصطفى فضبط زبيد وَاسْتمرّ محاصراً فَوق سنتَيْن منتظراً المدد يَأْتِيهِ من مصر فَلم يصل إِلَيْهِ شَيْء وَلما سئم طلب الْأمان فَأعْطَاهُ الإِمَام الْأمان وجهزه بِعشْرين ألف قِرْش

ص: 197

فَخرج إِلَى مَكَّة سنة تسع وَأَرْبَعين وَألف وَمَعَهُ الْمحمل الْيَمَانِيّ السلطاني وَوضع بالقبة المبنية فِي مَحل سِقَايَة الْعَبَّاس بِالْمَسْجِدِ الْحَرَام قلت قد رَأَيْته كثيرا ملقى فِي الْقبَّة الْمَذْكُورَة عَام سبع وَسِتِّينَ وَألف وَهُوَ أكبر من الْمحمل الْمصْرِيّ شكلاً وَمن عامئذ استبدت الْأَئِمَّة الزيدية بالممالك اليمنية وقضت مَا فِي نَفسهَا من الأمنية فهم حَتَّى الْيَوْم ولاتها حزنا وسهلا ورؤساؤها فَتى وكهلا وأخرجوا جَمِيع الأورام مِنْهَا وَكفوا أكف المتغلبين عَنْهَا بعد أَن قتلوهم الْقَتْل الذريع وتركوهم بَين سليب وصريع وَفِي سنة ثَمَان وَأَرْبَعين كَانَت وَفَاة أَخِيه السَّيِّد الْحسن ابْن الإِمَام الْقَاسِم وَهُوَ وَالِد أَحْمد بن الْحسن وَكَانَ أَخُوهُ الإِمَام مُحَمَّد الْمُؤَيد صَاحب التَّرْجَمَة يقدمهُ على العساكر فِي الحروب كلهَا رحمه الله وَاسْتمرّ الإِمَام مُحَمَّد الْمُؤَيد إِلَى أَن حانت وَفَاته وَانْقَضَت أوقاته فِي سَابِع عشري رَجَب الْفَرد سنة أَربع وَخمسين وَألف ثمَّ قَامَ من بعده أَخُوهُ الإِمَام الشهير المتَوَكل على الله إِسْمَاعِيل ابْن الإِمَام الْمَنْصُور بِاللَّه الْقَاسِم بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن الرشيد بن أَحْمد وَقد تقدم بَقِيَّة نسبه إِلَى عَليّ بن أبي طَالب فِي تَرْجَمَة وَالِده الْمَنْصُور بِاللَّه الْقَاسِم كَانَت لَهُ الكرامات الظَّاهِرَة والمفاخر السائرة مَعَ الْإِحَاطَة بِجَمِيعِ الْعُلُوم وَأَقْبَلت الفتوحات إِلَيْهِ من كل أَوب وَجَاءَت إِلَيْهِ الْوُفُود من كل أَرض وَصوب أرخ ابْتِدَاء دَعوته السَّيِّد نَاصِر بن عبد الحفيظ بن عبد الله المهلا فَقَالَ // (من الْخَفِيف) //

(وتَوَكَّلْ عَلَى العَزِيزِ الرَّحِيمِ

عَزَّ تاريخُ دَعْوَةٍ مِنْ كَريمِ)

(آيةٌ يُعْرَفُ التَّوَكُّلُ مِنْهَا

مَعَهُ العِزُّ للإمامِ الكريمِ)

وأرخه أَيْضا نثراً فجَاء التَّارِيخ توكلت على الله وَحده أبدا وَفِي سنة سِتّ وَخمسين جهز ابْن أَخِيه أَحْمد بن الْحسن إِلَى حَضرمَوْت فوصل إِلَى الْجوف وَاسْتولى عَلَيْهِ الْخَوْف فَرجع مكسوراً وَفِي سنة ثَمَان وَخمسين استولى بدر بن عبد الله الكثيري على حَضرمَوْت وَقبض على عَمه السُّلْطَان بدر بن عَليّ وَسَببه أَنه ظلم وتعدى الْحُدُود فَأَشَارَ بعض السَّادة على بدر ابْن عبد الله بِالْقَبْضِ على عَمه فهجم عَلَيْهِ لَيْلًا وحبسه هُوَ وَأَوْلَاده

ص: 198

وَفِي سنة خمس وَسِتِّينَ جهز الإِمَام إِسْمَاعِيل ابْن أَخِيه الإِمَام أَحْمد بن الْحسن على حَضرمَوْت ونواحيها لكَوْنهم لم يخطبوا لَهُ فَالتقى هُوَ والأمير حُسَيْن الرصاص لكَون بَلَده أقرب الْبلدَانِ إِلَى دولة الإِمَام إِسْمَاعِيل وَحصل مِنْهُم قتال فَلَمَّا عجز الإِمَام أَحْمد بن الْحسن أرسل إِلَى قَبيلَة يافع وهم قبائل كَثِيرُونَ بالأموال خُفْيَة وَطلب مِنْهُم أَن يَكُونُوا مَعَه على الرصاص وَوَعدهمْ بأَشْيَاء كَثِيرَة فاغتروا بِكَلَامِهِ وتجهزوا على الرصاص وأتوه على غرَّة وَبَقِي الرصاص بَين الإِمَام أَحْمد وَبَين قبائل يافع فأبلى بلَاء شَدِيدا حَتَّى قتل شَهِيدا وَتَوَلَّى أَخُوهُ وَأرْسل أَحْمد بن الْحسن يرهبه ويرغبه وَالْتزم لَهُ بِجَمِيعِ مَا يَطْلُبهُ فَطلب أَشْيَاء كَثِيرَة فوفي لَهُ الإِمَام أَحْمد بهَا وَملك الْبِلَاد وقبيلة الرصاص مَشْهُورَة بالشجاعة وَالْكَرم والصدق وَلذَلِك كَانُوا مجللين محترمين وَاسْتولى الزيدية على غَالب حَضرمَوْت ثمَّ فِي سنة سبعين استولى على حَضرمَوْت كلهَا وَأمرهمْ أَن يزِيدُوا فِي الْأَذَان حَيّ على خير الْعَمَل وَترك الترضي عَن الشَّيْخَيْنِ وَمنع الدفوف واليراع فِي راتب السقاف وانتهت دولة آل كثير من تِلْكَ الديار وَقد انْتهى صعُود شرف آل كثير بالسلطان عبد الله بن عمر وَفِي الْمثل إِذْ تمّ شَيْء بَدَأَ نَقصه فَإِنَّهُ لما خلع نَفسه لعبادة ربه عَن الْملك الفاني وَصَارَ إِبْرَاهِيم بن أدهم ثَانِي وَتَوَلَّى أَخُوهُ بدر الدّين بن عمر وَفِي آخر دولته ظلم وطغى فهجم عَلَيْهِ ابْن أَخِيه بدر الدّين بن عبد الله وحبسه فدانت لَهُ الْعباد وعمرت بِهِ الْبِلَاد إِلَى أَن ظلم بالعدوان وصادر السَّادة والأعيان ففوقوا إِلَيْهِ سِهَام الدُّعَاء فَقدر الله أَن كتب عَمه الْمَحْبُوس بدر بن عمر وَهُوَ بِالْحَبْسِ إِلَى الإِمَام إِسْمَاعِيل وهون لَهُ أَمر حَضرمَوْت فَكتب الإِمَام إِسْمَاعِيل إِلَى السُّلْطَان بدر بن عبد الله بِإِخْرَاج عَمه بدر بن عمر من الْحَبْس فَأخْرجهُ ثمَّ اتَّصل بِالْإِمَامِ وَطلب مِنْهُ التَّجْهِيز على حَضرمَوْت وتكفل لَهُ بأَشْيَاء وساعده على ذَلِك الشَّيْخ عبد الله بن عبد الرَّحْمَن العمودي شيخ العموديين وَكَانَ وَالِده على أَكثر وَادي دوعن فكاتبوا مَشَايِخ الْعَرَب وَأَرْسلُوا لَهُم بالأموال وَصَارَ إِلَيْهِ أَحْمد بن الْحسن فَلَمَّا التقى الجيشان انْكَسَرَ جَيش السُّلْطَان بدر وَلم يُقَاتل مَعَه إِلَّا خواصه ثمَّ انهزم منكسراً وَولى مُدبرا إِلَى جبل أَخْوَاله فَطلب الْأمان لنَفسِهِ فَأعْطِيه وَلما لم يطب لِأَحْمَد بن الْحسن الْمقَام بحضرموت أَقَامَ

ص: 199

بهَا بدر بن عمر الكثيري وَرجع إِلَى عَمه الإِمَام إِسْمَاعِيل صَاحب التَّرْجَمَة ثمَّ لم يزل الإِمَام إِسْمَاعِيل قَائِما بأعباء الْإِمَامَة الْكُبْرَى إِلَى أَن توفاه الله تَعَالَى إِلَى رَحمته سنة 87 سبع وَثَمَانِينَ ثمَّ قَامَ بعده ابْن أَخِيه الإِمَام الشهير أَحْمد بن الْحسن ابْن الإِمَام الْقَاسِم ولقب الْمهْدي لدين الله فَقَامَ بِأَمْر الْخلَافَة أحسن قيام وانتظم بِهِ الْأَمر أتم نظام وَكَانَت حَضرته محط رحال الْعلمَاء الْأَعْلَام وَفِي أثْنَاء دَعوته دَعَا ابْن عَمه مَوْلَانَا علم الْإِسْلَام وَإِمَام عُلَمَاء الْآل الْكِرَام الْقَاسِم ابْن الإِمَام الْمُؤَيد بِاللَّه وخطب لَهُ على سابر الشرفين والأهنوم وشهارة وظليمة ولحج وَأكْثر التهائم وَبعد أُمُور كثير يطول شرحها حصل الِاتِّفَاق على إِمَامَة الْمهْدي لدين الله هَذَا وَهُوَ أيده الله من أَعْيَان العترة كرماً وشجاعة وتفقداً للْمَسَاكِين وتعظيماً للْعُلَمَاء ومستقره شهارة المحروسة وَاسْتمرّ إِلَى أَن كَانَت وَفَاته فِي شهر جُمَادَى الْأُخْرَى سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَألف ثمَّ قَامَ من بعده الإِمَام الْعَظِيم الْمُؤَيد بِاللَّه رب الْعَالمين مُحَمَّد الملقب بالغزى ابْن أَمِير الْمُؤمنِينَ المتَوَكل على الله إِسْمَاعِيل بن الْمَنْصُور بِاللَّه الْقَاسِم بن مُحَمَّد بن عَليّ ابْن مُحَمَّد بن الرشيد اتّفق على خِلَافَته رأى عُلَمَاء الْعَصْر وفضلاء الدَّهْر وغمر النَّاس برد ظلّ عدله وَسَار سيرة الْأَئِمَّة الهادين وَأمر بإحياء الْعُلُوم والمدارس مقرباً للْعُلَمَاء متعهداً لأحوال الْفُضَلَاء مُؤديا لحقوق الضُّعَفَاء مُتبعا فِي أمره وَنَهْيه لكتاب الله سُبْحَانَهُ وَسنة رَسُول

وَقَامَ من إخْوَته وَبني عَمه بنصرته عُظَمَاء كَالْإِمَامِ الْقَاسِم ابْن الإِمَام الْمُؤَيد بِاللَّه وكأخويه الْحسن ابْن الإِمَام المتَوَكل وعَلى ابْن الإِمَام المتَوَكل وَمن بني عَمه السيدان العظيمان جمال الْإِسْلَام مُحَمَّد ابْن الإِمَام أَحْمد الْمهْدي وَشرف الْإِسْلَام الْحُسَيْن ابْن الإِمَام الْمهْدي أيدهما الله تَعَالَى وَاسْتمرّ على سَرِير الْخلَافَة وَمَا اسْتَطَاعَ أحد خِلَافه إِلَى أَن ورد إِلَيْنَا خبر وَفَاته أواسط سنة 1097 سبع وَتِسْعين وَألف ثمَّ كثر الشجار فِي كل نَاحيَة وطلبها عدَّة أشخاص فِي أَمَاكِن متناحية وَوَقعت حروب وأهوال وفنيت أَمْوَال وأبطال حَتَّى اسْتَقر عَمُود رحاها وأٍ سفر بدر ديجور رجاها عَن جمال وجودهَا الأمجد أَمِير الْمُؤمنِينَ النَّاصِر لدين الله مُحَمَّد بن أَحْمد

ص: 200

فَهُوَ الْآن الْخَلِيفَة بِهَذَا الزَّمن فِي هَذَا الْقطر الشريف أَعنِي قطر الْيمن {إنَّ اَلأَرضَ لله يُورثهَا من يَشَاء من عباده والعقبة لِلمُتقِين} الْأَعْرَاف 128 // (من مجزوء الرجز) //

(سِلْسلَةٌ مِنْ ذَهَبِ

مَنُوطَةٌ بِالشُّهُبِ)

(أكْرِمْ بِهَا سِلْسِلَةً

بَيْنَ وَصِيِّ ونَبِي)

(قَدْ صَانَهَا رَبُّ السَّمَا

مِنْ شَائِبَاتِ النَّسَبِ)

وَصلى الله على من لَا نَبِي بعده خَاتم النَّبِيين وَآله الطيبين الطاهرين وَصَحبه الهداة المهتدين

ص: 201