الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السادس: تفَعَلَى، كتسلقى.
والملحق بما زيد فيه حرفان، وزنان:
الأول: افعنلَلَ، كاقعنسَسَ.
والثانى: افعنلَى، كاسلنقى.
والفرق بين وزْنَي احرنجم واقعنسس، أن اقْعَنْسَسَ إحدى لامه زائدة للإلحاق، بخلاف احرنجم، فإنهما فيه أصليتان.
تنبيهان
الأول: ظهر لك مما تقدم أن الفعل باعتبار مادته أربعة أقسام: ثُلاثي، ورُباعي، وخُماسي، وسُداسى وباعتبار هيئته الحاصلة من الحركات والسُّكنَات سبعةٌ وثلاثون بابًا.
الثانى: لا يلزم فى كل مجرَّد أن يُستَعمل له مَزِيدٌ، ولا فى كل مَزيد أن يُستعمل له مُجَرَّد، ولا في ما استُعْمِل فيه بعضُ المَزيدات، أن يُستعمل فيه البعضُ الآخر، بل المدار في كل ذلك السَّماع. ويُسْتثنى من ذلك الثلاثيُّ اللازمُ، فَتَطَّرِدُ، زيادةُ الهمزة فى أوله للتعدية، فيقال فى ذهب أذهب، وفى خرج أخرج.
فصل فى معانى صيغ الزوائد
1-
أفْعَلَ
تأتى لعدَّة معان:
الأول: التَّعدية، وهي تصييرُ الفاعِ بالهمزةِ مفعولاً، كأقمتُ زيداً، وأقعدتُه، وأقرأته. الأصل: قام زيد وقعد وقرأ، فلما دخلت عليه الهمزة صار زيد مُقاما مُقْعَدًا مُقْرَأ، فإذا كان الفعل لازمًا بها متعديًا لواحد، وإذا كان متعدياً لواحد صار بها متعدياً لاثنين وإذا كان متعديًا لاثنين، صار بها متعديًا لثلاثة. ولم يُوجد في اللغة ما هو متعد لاثنين، صار بالهمزة متعديًا لثلاثة، إلاّ رَأى وَعَلِم، كرأى وعلم زيدٌ بكراً قائمًا، تقول: أريتُ أو أعلمتُ زيدًا بكرًا قائمًا.
الثاني: صيروة شيءٍ ذا شيءٍ، كألبنَ الرجلُ وأتمَر وأفلسَ: صار ذا لبَن وتمْر وفُلُوس.
الثالث: الدخول في شيء، مكانًا كان أو زمانًا، كأشأم وأعرقَ وأصبحَ وأمسى، أى دخل فى الشأم، والعراق، والصباح، والمساء.
الرابع: السَّلْب والإزالة، كأقذيتُ عينَ فلان، وأعجمتُ الكتابَ: أى أزلتُ القذَى عن عينه، وأزلت عجمةَ الكتاب بنقطِه.
الخامس: مصادفة الشيء على صفة، كأحمدتُ زيدًا: وأكرمتُه، وأبخلتُه، أي صادفته محمودًا، أو كريمًا، أو بخيلاً.
السادس: الاستحقاق، كأحصَدَ الزرع، وأزْوَجَتْ هند، أى استحق الزرع الحَصاد، وهند الزَّواج.
السابع: التعريض، كأرهنت المتاع وأبَعْتُهُ: أى عرّضته للرهن والبيع.
الثامن: أن يكون استفعل، كأعظمته: أى استعظمته.
التاسع: أن يكون مطاوعًا لفعّل بالتشديد، نحو: فطَّرته فأفطر وبشَّرته فأبشر.
العاشر: التمكين، كأحفرته النهرَ: أى مكنته من حَفْره.
وربما جاء المهموز كاصله، كسَرَى وأسْرَى، أو أعنى عن أصله لعدم وروده، كأفلح: أي فاز. وندر مجيء الفعل متعديًا بلا همزة، ولازمًا بها، كَنَسلْتُ ريشَ الطائر، وأنسلَ الريشُ، وعرَضْتُ الشيء: أظهرته، وأعرض الشيءُ: ظهر، وكَبْبتُ زيدًا على وجهه، وأكبَّ زيد على وجهه، وقَشَعتِ الريحُ السحاب، وأقشعَ السحابُ قال الشاعر:
كما أبْرَقَت قوْمًا عِطاشًا غَمامةٌ
…
فلما رأوها أقْشَعَتْ وَتَجلَّتْ وتَجلَّتِ
2-
فَاعَلَ
يكثر استعماله في معنين، أحدهما: التشارُك بين اثنين فأكثر، وهو أن يفعل أحدهما
بصاحبه فعلاً، فيقابله الآخر بمثله، وحينئذ فيُنْسَب للبادئ نسبة الفاعلية، وللمقابل نسبة المفعولية. فإذا كان أصل الفعل لازمًا صار بهذه الصيغة متعديًا، نحو ماشيته، والأصل مَشَيْت ومشى. وفى هذه الصيغة معنى المغالبة، ويُدَلُّ على غَلبَة أحدهما، بصيغة فَعَل من باب نَصرَ مالم يكن وَاوِىَّ الفاء، أو يائىّ العين أو اللام، فإِنه يَدُلُّ على الغلبة من باب ضرَب كما تقدم، ومتى كان فعلل للدلالة على الغلبة كان معتديًا، وإن كان أصله لازمًا، وكان من باب نصر أو ضرب على ما تقدم من أىّ باب كان.
وثانيهما: المُوالاة، فيكون بمعنى أفعل المتعدي، كواليت الصوم وتابعته، بمعنى أوليتُ، وأتبعتُ، بعضَه بعضًا.
وربما كان بمعنى فعَّل المضعف للتكثير، كضاعفت الشيء وضعَّفته، وبمعنى فَعَلَ، كدافع ودَفع، وسافر وسفَر، وربما كانت المفاعلة بتنزيل غير الفعل منزلته، كيُخادعون الله، جعلت معاملتهم لله بما انطوت عليه نفوسهم من إخفاء الكفر، وإظهار الإسلام، ومجازاته لهم، مخادعة.
3-
فَعَّلَ
يكثر استعمالها فى ثمانيةٍ معانٍ، تُشارك أفْعَلَ فى اثنين منها، وَهُما التعدية، كقوَّمت زيدا وقعَّدته، والإزالة كجَرَّبتُ البعيرَ وقشَّرْتُ الفاكهة، أى أزلت جَرَبَه، وأزلت قشره.
وتنفرد بستة:
أولها: التكثير فى الفعل، كجُوَّل، وطوَّف: أكثر الجَوَلان والطَّوفان، أو في المفعول، كغلَّقَتِ الأبواب، أو فى الفاعل، كموّتَتِ الإبلُ وبرَّكَتْ.
وثانيها: صيروة شيءٍ شبه شيءٍ، كقوَّس زيدٌ وحجَّر الطين: أى صار شبه القوس في الانحناء، والحجر في الجمود.
وثالثهما: نسبة الشيء إلي أصل الفعل، كفسَّقْت زبدًا، أو كفَّرته1: نسبته إلى
1 ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا كَفَّر الرَّجُلُ أخاه فَقَد باءَ بهما أحَدُهما" رواه مسلم عن ابن عمر رضي الله عنه. ن.
الفسق، أو الكفر.
ورابعها: التوجه إلى الشيء، كشرَّقتُ، أو غرَّبتُ1: توجهت إلى الشرق، أو الغرب.
وخامسها: اختصار حكاية الشيء، كهلَّل وسبَّح ولَبَّى وأمَّن: إذا قال لا إله إلا الله، وسبحان الله، ولَبّيْك، وآمين.
وسادسها قبول الشيء، كشفَّعت زيدًا: قبلت شفاعته.
وربما ورد بمعنى أصله، أو بمعنى تفعَّل، كولَّى وتولَّى وفكَّر وتفكَّر، وربما أغنى عن أصله لعدم وروده، كغيره إذا عابه، وعجّزت المرأة: بلغت السن العالية.
4-
انْفَعَلَ
يأتى لمعنى واحد، وهو المطاوعة، ولهذا لا يكون إلا لازمًا، ولا يكون إلا فى الأفعال العِلاجية. ويأتى لمطاوعة الثلاثى كثيراً، كقطعته فانقطع، وكسرته فانكسر؛ والمطاوعة غيره قليلا، كأطلقته فانطلق، وعدّلته -بالتضعيف- فانعدل، ولكونه مختصاً بالعِلاجيات، لا يقال: علَّمته فانعلم، ولا فهّمته فانفهم.
والمطاوعة: هى قبول تأثير الغير.
5-
افْتَعَلَ
اشتهر فى ستة معانٍ:
أحدها: الاتخاذ، كاختتم زيد، واختدم، اتخذ له خاتمًا، وخادمًا.
وثانيها: الاجتهاد والطلب، كاكتسب2، واكتتب3، أى اجتهد وطلب الكسب والكتابة.
1ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: "لا تَستَقبلوا القِبلَةَ ولا تستَدبروها ببولٍ ولا غائطٍ ولكن شَرِّقوا أو غَرِّبوا" رواه مسلم عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه. ن.
2 كما في قوله تعالى: {لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنْ الإِثْمِ} [النور: 11] . ن
3 كما في قوله: {وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا} [الفرقان: 5] . ن
وثالثها: التشارك، كاختصم زيد وعمرو: اختلفا1.
ورابعها: الإظهار، كاعتذار واعتظم، أى أظهر العُذر، والعَظَمة.
وخامسها: المبالغة فى معنى الفعل، كاقتدر وارتدّ، أى بالغ فى القدرة والردَّة.
وسادسها: مطاوعة الثلاثىّ كثيرًا، كعَدَلته فاعتدل، وجمَعته فاجتمع.
وربما أتى مطاوعًا للمضعَّف ومهموز الثلاثى، كقرَّبته فاقترب، وأنصفته فانتصف.
وقد يجيء بمعنى أصله، لعدم وروده، كارتجل الخطبة، واشتمل الثوب2.
6-
افْعلَّ
يأتى غالبًا لمعنى واحد، وهو قوة اللون أو العيب، ولا يكون إلا لازمًا، كاحمرَّ وابيضَّ واعورّ واعمشّ: قويت حمرته وبياضُه وعَوَرُه وعَمَشُه.
7-
تَفَعَّل
تأتى لخمسة معان:
أولها: مطاوعة فعَّل مضعف العين، كنَّبهته فتنَّبه. وكسَّرته فتكَسّر.
وثانيها: الاتخاذ، كتوسّد ثوبه: اتخذه وسادة.
وثالثها: التكلف، كتصبّر وتحلّم: تكلَّف الصبر والحلم.
ورابعها: التجنُّب كتحرّج وتهجّد3: تجنب الحَرَج والهُجود، أى النوم.
وخامسها: التدريج، كتجرّعت الماء، وتحفَّزت العلم: أى شربت الماء جرْعة بعد أخرى، وحفظت العلم مسألة بعد أخرى؛ وربما أغنت هذه الصيغة عن الثلاثىّ، لعدم وروده، كتكلّمَ وتَصدَّى.
1 كما في قوله تعالى: {لاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَاد} [الأنفال: 42] . ن
2 أي: تَلَقَّفَ. مختار الصِّحاح: يشمل. ن
3 التَهَجُّد: هو الصلاة في الليل، ويقال: هَجَدَ الرجلُ: إذا نام، وتَهَجَّد: إذا خَرَجَ من الهجود، وهو النوم بالصلاة كما يقال: تَحَنَّثَ وتأثَّم إذا اجتَنَبَ الحنث والإثم. ن.
8-
تَفَاعَلَ
اشتهرت فى أربعة معان:
أولها: التشريك بين اثنين فأكثر، كل منهما فاعلاً فى اللفظ، مفعولاً فى المعنى، بخلاف فاعَلَ المتقدم، ولذلك إذا كان فاعَلَ المتقدم متعديًا لاثنين، صار بهذه الصيغة متعديًا لواحد، كجاذب زيد عَمرًا ثوبًا، وتجاذب زيد وعمرو ثوبًا. وإذا كان متعديًا لواحد صار بها لازمًا، كخاصم زيد عمرا، وتخاصم زيد وعمرو.
ثانيها: التظاهر بالفعل دون حقيقته، كتَنَاوَمَ وتغافل وتعامى: أي أظهر النوم الغفلة والعمى، وهى منتفية عنه، وقال الشاعر:
ليسَ الغَِبيُّ بسيِّدٍ فى قومِهِ
…
لكنَّ سيِّدَ قوْمِهِ المتغابى
وقال الحريرى1:
ولما تعامَى الدهرُ وهو أبو الوَرَى
…
عن الرُّشدِ فى أنحائِه ومقاصِدِه
تعاميْتُ حتى قِيلَ إنى أخو عَمى
…
ولا غَزْوَ أن يَحْذُو الفتَى حَذْوَ والِده
وثالثهما: حصول الشيء تدريجيًا، كتزايد النيلُ، وتواردت الإبل: أى حصلت الزيادة بالتدريج شيئًا فشيئًا.
ورابعها: مطاوعة فاعَلَ، كباعدته فتباعد.
9-
استَفْعَلَ
كثر استعمالها فى ستة معان:
أحدها: الطلب حقيقة، كاستغفرت الله: أى طلبت مغفرته، أو مجازًا كاستخرجت الذهب من المعدن، سُمِّيَتِ الممارسة فى إخراجه، والاجتهاد فى الحصول عليه طلبًا،
1 هذا الشعر ليس للحريري وإنما هو لرجل من "سروج" وهو بلد قرب حرّان، واسم الرجل:"أبو زيد" نقل ذلك الحريري في مقاماتِهِ البرقعيدية ص73 ومعنى أخو العمى: أعمى. ن
حيث لا يمكن الطلب الحقيقي.
وثانيها: الصيرورة حقيقة، كاستحجر الطين، واستحضن المُهْرُ: أى صار حَجَرًا وَحِصَانًا، أو مجازًا كما فى المَثَل: إن البُغاثَ بأرْضِنا يَسْتَنْسِرُ.
أى يصير كالنِّسر فى القوة. والبُغاثَ: طائر ضعيف الطيران، ومعناه: إن الضعيف بأرضنا يصير قويًّا، لاستعانته بنا.
وثالثها: اعتقاد صفة الشيء، كاستحسنتُ كذا واستصوبته، أى اعتقدت حسنه وصوابه.
ورابعها: اختصار حكاية الشيء كاسترجع، إذا قال: إِنَّا للَّهِ وَإِنَّآ إِلَيْهِ راجعون.
وخامسها: القوة، كاسْتُهْتِرَ واستكبر: أى قوى هِتْرُه وكِبره1.
وسادسها: المصادفة، كاستكرمت زيدًا أو استبخلته: أى صادفته كريمًا أو بخيلاً.
وربما كان بمعنى أفعَلَ، كأجاب واستجاب، ولمطاوعته كأحكمته فاستحكم، وأقمته فاستقام.
ثم إنّ باقى الصيغ تدل على قوة المعنى، زيادة على أصله، فمثلاً اعشوْشَب المكانُ يدل على زيادة عُشْبه أكثر من عَشب، واخشوشَنَ يدلّ على قوة الخشونة أكثر من خَشُن، واحمارَّ يدل على قوة اللون، أكثر من حَمُر واحمرَّ وهكذا.
1 "الكِبْر": بسكون الباء يعني: التكبّر والاستكبار.. "والكِبَرُ": بفتح الباء يعني تقدّم العمر والشيخوخة وسبب تعليقي: أني سمعت كثيرًا من الخطباء والوعّاظ لا يفرقون بين الكلمتين في أحاديثهم. ن.