الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الميزان الصرفي
مقدمة
…
الميزان الصرفى
1-
لما كان أكثرُ كلماتِ اللغة العربية ثُلاثيًّا، اعتبر علماءُ الصرفِ أنَّ أصولَ الكلماتِ ثلاثةُ أحرف، وقابلوها عند الوزن بالفاء والعين واللام، مصوَّرة بصورةِ الموزون، فيقولون فى وزن قَمَر مَثَلًا: فَعَلْ، بالتحريك، وفي جمْل: فِعْل، بكسر الفاء وسكون العين، وفى كَرُمَ: فَعُل، بفتح الفاء وضم العين، وهَلُمَّ جَرَّا، ويُسمُّون الحرف الأوَّل فاء الكلمة، والثانى عين الكلمة، والثالث لام الكلمة.
2-
فإذا زادت الكلمة على ثلاثة أحرف:
فإن كانت زيادتُها ناشئة من أصل وَضْعِ الكلمة على أربعة أحرف أو خمسة، زدتَ فى الميزان لامًا1 أَو لامين على أحرف، ف ع ل، فتقول فى وزن دَحْرَجَ مثلاً: فَعْلَلَ، وفى وزن جَحْمَرِش أفْعَلِلَ.
وإن كانت ناشئة من تكرير حرف من أصول الكلمة، كرَّرْتَ ما يقابله فى الميزان، قتقول فى وزن قدَّم مثَلًا، بتشديد العين: فعَّلَ2، وفي وزن جَلْبتَ: فعْلل؛ ويقال له مضعَّف العين أو اللام.
وإن كانت الزيادة ناشئة من زيادة حرف أو أكثر من حروف سألتمونيها، التى هى حروف الزيادة، قابلتَ الأصول بالأصول، وعبّرْتَ عن الزائد بلفظه، فتقول فى وزن قائم مثَلاً: فاعِل، وفى وزن تقدَّمَ: تَفَعَّلَ، وفى وزن استخرج: استفعل، وفي وزن
1 زيادة لام واحدة عامة في الفعل والاسم، نحو دحرج وجعفر، وزيادة لامين: خاصة بالاسم، نحو سفرجل، وخصت اللام بالتكرير، لأنها أقرب. اهـ منه.
2 اعلم أنه لا يؤتى في الميزان بالحرف المزيد نفسه فلا يقال في "قَدَّمَ" إنَّه على زون "فَعدَل"، والغرض هنا هو التنبيه على أن الزيادة حصلت بتكرير حرفٍ أصلي هو العين. ن
مجتهد: مُفْتَعِل، وهكذا.
وفيما إذا كان الزائد مبدلا من تاء الافتعال، يُنْطَقُ بها نظرًا إلى الأصل، يقال مثلا فى وزن اضطرَب: افتعل، لا افطعل، وقد أجازه الرضىّ.
3-
وإن حصل حذف فى الموزون حُذِف ما يقابله فى الميزان، فتقول فى وزن قُلْ مثلاً: فُلْ1، وفى وزن قاضٍ: فعٍ، وفى وزن عِدَة: عِلَة.
4-
وإن حصَل قلبٌ فى الموزون، حصل أيضا فى الميزان، فيقال مثلاً فى وزن جاه: عَفَلَ، بتقديم العين على الفاء.
ويعرف بأمور خمسة:
الأول: الاشتقاق، كناءَ بالمد، فإن المصدر وهو النَّأي، دليل على أن ناء الممدود مقلوب نأي، فيقال وزن فَلَعَ، وكما فى جاه، فإن ورُود وَجْه ووُجْهة، دليل على أن جَاه مَقلوب وَجْه، فيقال: جاه على وزن عَفَل. وكما فى قسِي، فإِن ورود مفرده وهو قَوْس، دليل على أنه مقلوب قُووس، فقُدِّمت اللام في موضع العين، فصار قُسُوْوٌ على وزن فُلُوعٌ، فقلبت الواو الثانية ياءً لوقوعها طَرَفا، والواو الأولى، لاجتماعها مع الياء وَسَبْق إحداهما بالسكون، وكُسِرت السينُ لمناسبة الياء، والقاف لعُسر الانتقال من ضمٍّ إلى كسر، وكما فى حادِى أيضا، فإن ورود وحْدَة دليلٌ على أنه مقلوب واحد، فوزن حادى: عالف.
الثانى: التصحيح مع وجود مُوجِب الإعلال، كما فى أيسَ، فإِن تصحيحه مع وجود الموجِب، وهو تحريك الياء وانفتاح ما قبلها، دليل على أنه مقلوب يئِسَ، فيقال: أيسَ على وزن عَفِلَ. ويُعرَفُ القلبُ هنا أيضًا بأصله، وهو اليَأس.
الثالث: نُدْرَة الاستعمال، كآرام جمع رِئم، وهو الظبيْ، فإنَّ نُدْرَتَه وكثرة آرام،
1 وذلك لأن الماضي: "قال" والألف منقلبة عن "واو" فأصل الفعل: "قَوَلَ" على وزن "فَعَلَ" فلمّا حذفَتِ الواو في الأمر بقيت على وزن "فُلْ".ن
دليل على أنه: مقلوبُ أرآم، ووزن أرآم، أفعال: فقدِّمت العينُ التى هى الهمزة الثانية، فى موضع الفاء، وسُهِّلَتْ، فصارت آرام، فوزنه، أعْفال. وكذا آراء، فإِنه على وزن أعفال، بدليل مفرده، وهو الرأى1. وقال بعضهم: إن علامة القلب هنا ورودُ الأصل، وهو رئم ورأى.
الرابع: أن يترتَّب على عدم القلب وجود همزتين فى الطرف. وذلك فى كل اسم فاعل من الفعل الأجوف المهموز اللام، كجاء وشاء، فإِن اسم الفاعل منه على وزن فاعل.
والقاعدة أنه متى أعلَّ الفعل بقلب عينه ألفًا، أعلَّ اسم الفاعل منه، بقلب عينه همزة، فلو لم نقل بتقديم اللام فى موضع العين، لزم أن ننطِق باسم الفاعل من جاء جائي بهمزتين، ولذا لَزِمَ القولُ بتقديم اللام على العين، بدون أن تقلب همزة، فتقول: جائيٌ بوزن فالع، ثم يُعلُّ إعلال قاض فيقال جاء بوزن.
الخامس: أن يترتب على عدم القلب منع الصرف بدون مقتض، كأشياء، فإننا لو لم نقل بقلبها، لزم منع أفعال من الصرف بدون مقتض، وقد ورد مصروفًا. قال تعالى:{إِنْ هِيَ إِلًّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا} [النجم: 23] فنقول: أصل أشياء شيْأَاء على وزن فعْلاءَ قُدِّمَت الهمزة التى هى اللام فى موضع الفاء فصار أشياء على وزن لَفْعَاءَ، فَمنعها من الصرف نظرًا إلى الأصل، الذى هو فَعْلاء ولا شك أن فعلاء من موازين ألف التأنيث الممدودة، فهو ممنوع من الصرف لذلك، وهو المختار.
1 رَأى: على وزن "فَعل" والجمع "أرآي" = "أرأاي": على وزن: أفعال. ن