الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المَصْدَر:
قد علمتَ أن أبنية الفعل ثُلاثية، ورُباعية، وخُماسية، وسُداسية؛ ولكل بناء منها مصدر.
مصادر الثلاثي
قد تقدم أن للماضى الثلاثىِّ ثلاثةَ أوزان: فَعَل بفتح العين، ويكون متعدِّيًا كضربه، ولازمًا كقَعَد، وفَعِل: بكسر العين، ويكون متعديًا أيضًا كفَهِم الدَّرس، ولازمًا كرضِىَ، وفَعُل: بضم العين، ولا يكون إلا لازمًا.
1، 2: فأما فَعَل بالفتح، وفَعِل بالكسر المتعدِّيان، فقياس مصدرهما: فَعْل، بفتح فسكون، كضَرَبَ ضَرْبًا، وَرَدَّ رَدًّا، وفَهِمَ فَهْمًا، وأَمِنَ أَمْنًا، إلا إن دل الأول على حِرفة، فقياسه فِعَالَة بكسر أوَّله، كالخِياطة والحِياكة.
3 وأما فَعِلَ بكسر العين اللازم، فمصدرُه القياسىّ: فَعَل بفتحتين، كفَرَح فَرَحًا وجَوِيَ جَوَىً، وَشَلَّ شَلَلًا1؛ إلا إن دل على حِرفة أو وِلاية، فقياسه: فِعَالَة، بكسر الفاء، كوَلِيَ عليهم وِلَاية2. أو دلَّ على لون، فقياسه: فُعْلَة، بضم فسكون كحَوِيَ حُوَّة، وحِمِرَ حُمْرة، أو كان علاجًا ووصفُه على فاعل، فقياسه: الفُعول، بضم الفاء، كأزِف الوقت أزُوفا، وقدم من السفر قدُومًا، وصَعِد فى السُّلَمِ والدَّرج صُعُودًا.
4 وأما فَعَل بالفتح فقياس مصدره: فُعُول، بضم الفاء، كقَعَد قُعُودًا، وجَلَسَ جُلٌوسًا، ونَهَضَ نُهُوضًا، ما لم تعتلّ عينه، وإلا فيكون على فَعْل بفتح فسكون كسَيْر أو فُعَال كقِيَام، أو فِعَالة كنِيَاحة. وما لم يَدُلَّ على امتناعٍ، وإلا فقياس مصدره فِعَال بالكسر، كأبَى إباءً، ونَفَر نِفَارًا، وجَمَعَ جِمَاعًا، وأَبَقَ إِبَاقًا. أو على تقلُّب فقياس مصدره: فَعَلَان، بفتحات كجَالَ جَوَلَانًا، وغَلَى غَلَيَانًا. أو على داءٍ، فقياسه فُعَال
1 قوله: وشل شللا، بفك المصدر، ويجوز إدغامه، ويقال: شُلَّت يده وأُشِلَّت مجهولين، كما في القاموس وغيره.
2 الولاية من الحرف، فلذا استغنى عن التمثيل الثاني، وعدي بعلى، لصحة التمثيل.
بالضم كمَشَى بَطْنُه مُشَاء. أو على سير فقياسه: فَعِيل، كرَحَلَ رَحِيْلًا، وذَمَلَ ذَمِيْلًا. أو على صوت فقياسه: الفُعَال بالضَّم والفَعِيْل، كصَرَخَ صُرَاخًا، وعَوَىَ الكَلب عُواء، وصَهَل الفرس صَهيلاً، ونَهَقَ الحمار نَهِيْقًا، وزَأَرَ الأسد زَئِيْرًا. أو على حرفة أو وِلاية فقياس مصدره فِعَالَة بالكسر، كتَجَرَ تِجَارَة، وَعَرَفَ على القوم عِرَافَة: إذا تكلم عليهم، وسَفَرَ بينهم سِفَارَة: إذا أصلح.
5 وأما فَعُل بضم العين فقياس مصدره: فُعولة، كصعب الشيء صُعوبة، وعذُب الماء عُذوبة، وفعالة بالفتح، كبَلُغَ بَلَاغة، وفَصُحَ فَصَاحَة، وصَرُحَ، صَراحة.
وما جاء مخالفًا لما تقدَّم فليس بقياسى؛ وإنما هو سماعىّ، يُحفظ ولا يُقاس عليه.
فمن الأول: طَلَبَ طَلَبًا، ونَبَتَ نَبَاتًا، وكَتَبَ كِتَابًا، وحَرَسَ حِرَاسَة، وحَسَبَ حُسْبَانًا، وشَكَرَ شُكْرًا، وذَكَرَ ذِكْرًا، وكَتَم كِتْمَانًا، وكَذَبَ1 كَذِبًا، وغَلَبَ غَلَبَة، وحَمَى حِمَايَة، وغَفَرَ غُفْرَانًا، وعَصَى عِصْيَانًا، وقَضَى قَضَاءً، وهَدَى هِدَايَة، ورَأَى رُؤْيَة.
ومن الثانى: لَعِبَ لَعِبًا، ونَضِجَ نُضْجًا، وكَرِهَ كَرَاهِيَة، وسَمِنَ سِمَنًا، وقَوِى قُوَّة، وقَبِلَ قَبُولًا، وَرَحِمَ رَحْمَةً.
ومن الثالث: كَرُمَ كَرَمًا، وَعَظُمَ عِظَمًا، ومَجُدَ مَجْدًا، وحَسُنَ حُسْنًا، وحَلُمَ حِلْمًا، وجَمُلَ جَمَالًا.
مصادر غير الثلاثى: لكل فعل غير ثلاثىّ مصدرٌ قياسىّ:
1 فمصدر فَعَّل بتشديد العين: التفعيل، كطهَّر تطهيرًا2، ويَسَّر تيسيرًا، هذا إذا كان الفعل صحيح اللام. وأما إذا كان معتلَّها فيكون على وزن تَفْعِلَة، بحذف ياء التَفْعِيل، وتعويضها بتاء فى الآخر، كزكَّى تَزْكية، ورَبَّى تَرْبية، وندر مجيء الصحيح على
1 في الأصل: "كَذِب" وهو خطأ مطبعي. ن.
2 قال تعالى: {وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب: 33] .ن.
تفعلة، كجَرَّبَ تَجْرِبَة، وذَكَّرَ تَذْكِرَة، وبَصَّرَ تَبْصِرَةً، وفَكَّرَ تَفْكِرَةً، وكَمَّلَ تَكْمِلَة وفَرَّقَ تَفْرِقَةً، وكَرَّمَ تَكْرِمَةً. وقد يُعَامَلُ مهموز اللام معاملة معتلها فى المصدر، كَبرَّأ تبرئة، وجزَّأ تجزئة، والقياس تبريئًا وتجزيئًا.
وزعم أبو زيد أن ورُود تَفْعِيل فى كلام العرب مهموزًا أكثر من تَفْعِلة فيه، وظاهر عبارة سيبوبه يفيد الاقتصار إلى ما سُمِعَ، حيث لم يرد منه إلا نَبَّأ تنبيئًا.
2 ومصدر أفعَلَ: الإفعال كأكرم إكرامًا، وأحسن إحسانًا، هذا إذا كان صحيح العين، أما إذا كان معتلّها، فتنقل حركتها إلى الفاء، وتقلب ألفا، لتحركها بحسب الأصل، وانفتاح ما قبلها بحسب الآن، ثم تحذف الأَلف الثانية لالتقاء الساكنين، كما سيأتى، وتعوّض عنها التاء كأقام إقامَة، وأناب إنابة، وقد تحذف التاء إذا كان مضافًا، على ما اختاره ابن مالك، نحو {وَإِقَامِ الصَّلاةِ} [النور: 37] . وبعضهم يحذفها مطلقًا. وقد يجيء على فَعال بفتح الفاء، كأنبت نَباتًا1، وأعطى عَطاء، ويُسَمونه حينئذ اسم مصدر.
3 وقياس مصدر ما أوله همزةُ وَصْلٍ قياسية كانطلق واقتدر، واصطفى واستغفر، أن يُكْسَر ثالث حرف منه، ويزاد قبل آخره ألف، فيصير مصدرًا، كانطلاق واقتدار، واصطفاء واستغفرار، فخَرَج نحو الطَّاير والطَّير، فمصدرها التَّفَاعُل والتَّفعُّل، لعدم قياسية الهمزة. وإنِ 2 استَفْعَلَ معتلَّ العين عُمِل فى مصدره ما عُمِل فى مصدر أفْعَلَ معتل العين، كاستقام استقامة، واستعاذ استعاذة.
4 وقياس مصدر ما بُدِئَ بتاء زائدة: أن يضم رابعه، نحو تَدَحْرَجَ تَدَحْرُجًا، وتَشَيْطَنَ تَشَيْطُنًا، وتَجَوْرَبَ تَجَوْرُبًا، لكن إذا كانت اللام ياءً كُسِر الحرف المضموم، ليناسب الياء، كتوانَى توانِيًا وتغالَى تغالِيًا.
5 وقياس مصدر فَعْلَل وما ألحق به: فَعْلَلَة، كدَحرج دَحْرجة وزَلْزَل زَلْزَلة،
1 نحو قوله تعالى: {وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنْ الأَرْضِ نَبَاتًا} [نوح: 17] .
2 وجدت في نسخة: "ثمَّ إن استَفْعَل" وعلى هذا تكون كلمة "معتلٌّ" مضمومة. ن.
ووَسْوَسَ وَسْوَسَة، وبَيْطَرَ بَيْطَرَة، وفِعْلَال بكسر الفاء، إن كان مضاعفًا، نحو زَلْزَلَ زَلْزَلة، ووَسْوَسَ وسوسًا؛ وهو فى غير المضعف سَماعىّ كسَرْهَف1 سِرْهَافًا، وإن فُتِحَ أول مصدر المضاعف، فالكثير أن يُراد به اسم الفاعل نحو قوله تعالى:{مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاس} [الناس: 4] أى المُوَسْوِس.
6 وقياس مصدر فاعل: الفِعَال بالسِّر والمُفَاعلة، كقاتل قتالاً ومُقاتلة، وخاصَم خِصامًا ومُخاصمة، وما كانت فاؤه ياء من هذا الوزن يمتنع فيه الفِعال، كيَاسَر مُياسرة، ويَامن مُيامنة، هذا هو القياس.
وما جاء على غير ما ذكر فشاذ، نحو كذَّبَ كَذَّابًا2، والقياس تكْذِيبًا، وكقوله:
باتَ يُنَزِّي دَلْوَهُ تَنْزِيّا
…
كَمَا تُنَزِّي شَهْلَةٌ صَبِيَّا3
والقياس: تَنْزِيَةً. وقولهم: تَحَمَّلَ تِحِمَّالًا بكسر التاء والحاء وشد الميم، والقياس تَحَمُّلا. وتَرامَى القَوم رِمِّيًّا، بكسر الراء والميم مشددة، وتشديد الياء، وآخره مقصور4. والقياس: تَرامِيًا. وحَوْقَلَ الرجل حِيْقَالًا: ضَعُفَ عن الجِمَاعِ، والقياس حَوْقَلَةً، واقْشَعَرَّ جِلْدُه قُشَعْرِيْرَة، بضم ففتح فسكون: أى: أخذته الرَّعْدَة، والقِيَاس اقْشِعْرارًا.
فائدة: كلُّ ما جاء على زنة تَفْعَال فهو بفتح التاء، إلا تِبْيَان، وتِلْقَاء، والتِّنْضَال، من المناضلة، وقيل هو اسم، والمصدر بالفتح.
تنبيهات
الأول: يصاغ للدلالة على المَرة من الفعل الثلاثي مصدر على وزن فَعْلَة بفتح فسكون، كجَلَسَ جَلْسَة، وأَكَلَ أَكْلَة. وإذا كان بناء مصدره الأصلي بالتاء، فيُدل على
1 سرهفت الصبي: أحسنت غذاءه.
2 نحو قوله تعالى: {وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّابًا} [النبأ: 28] .ن.
3 كذا روي البيت في التهايب والصحاح. وانظر هامش "اللسان: شهل".
4 يقال: كانت بين القوم رميًّا، أي مراماة، وألفه مقصورة التأميث.